الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متن الباب 39
باب: من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
وقول الله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: 32] .
وفي "صحيح البخاري" قال علي: "حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟ ".
وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: أنه رأى رجلاً انتفض -لما سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات، استنكاراً لذلك- فقال:"ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه" انتهى.
ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر: {الرَّحْمَنِ} أنكروا ذلك. فأنزل الله فيهم: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: 32] .
فيه مسائل:
الأولى: عدم الإيمان بجحد شيء من الأسماء والصفات.
الثانية: تفسير آية الرعد.
الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع.
الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلى تكذيب الله
ورسوله، ولو لم يتعمد المنكر.
الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئاً من ذلك، وأنه هلك.
شرح الباب 39
باب ما جاء في بيان أن من جحد شيئاً من الأسماء والصفات
التي تثبت بالكتاب والسنة يكفر بالاتفاق إن كان غبر مؤولٍ وإن كان مؤولاً فيه الاختلاف:
فالنوع الأول: قوله: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} . [الرعد: 32] . حكاية عن كفار قريش أنهم أنكروا على الرسول صلى الله عليه وسلم صفة الرحمن قالوا: أما الرحمن فلا نعرفه فقل مثل ما كنا نقول سبحانك اللهم. فالعالم العارف ينبغي أن يحدث الناس بما يدخل في عقولهم لئلا يكذبوا الله ورسوله ولا ينكروا شيئاً مما ثبت عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يأتي بما ينكروه إلا بعد مقدمات تنبيه وتوضحه لهم في صحيح البخاري قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله1.
والنوع الثاني: وروى عبد الرزاق عن معمر عن طاووس عن أبيه عن ابن عباس أنه رأى رجلاً انتفض لما سمع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال: ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه2 انتهى.
ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر: الرحمن أنكروا ذلك فأنزل الله {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} [الرعد: 32] .
ومن هؤلاء الجهمية، وفروخ الأشاعرة، والمعتزلة، ومن شابههم.
وقد ورد أن في الحديث محكم ومتشابه كما في القرآن محكم ومتشابه، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ
1 أخرجه البخاري (127) عن علي.
2 أخرجه عبد الرزاق (20895) بنحوه، وابن أبي عاصم (485) .
الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} . [آل عمران: 7] . فبين الله أن من الآيات محكمات هن أم الكتاب في اتخاذ الأمر والنهي منها والعمل بها وأخر متشابهات أنزلها الله لحكمة لا يعلمها إلا هو، فأما الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله أي المتشابه إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا أي أنهم يؤمنون بالكل أنه منزل من الله لكن المحكم يعملون به والمتشابه يكلونه إلى الله فكذلك الحديث ما هو محكم يلزم العمل به وما هو متشابه نؤمن به ونكل معناه إلى الله.