الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - ما يتعلق بتصريف اللفظة
معرفة تصريف اللفظة وإرجاعها إلى أصلها يعين في بيان الراجح من الأقوال، ورد ما كان غير صواب.
ولا شك أن الألفاظ تختلف معانيها باختلاف تصريفها وإن كانت من مادة واحدة مثل (قسط وأقسط).
فقسط بمعنى جار، ولم يعدل، ومنه قوله تعالى:{وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: 15].
وأقسط بمعنى عدل، ومنه قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [المائدة: 42].
مثال: قوله تعالى: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71].
ذكر الزمخشري معنى (بإمامهم): أي بمن ائتموا به من نبي أو مقدم في الدين أو كتاب
…
ثم ذكر قولاً آخر قاله بعضهم، وهو: أن إمام جمع أمّ، ثم بدَّعه.
وعلق ابن المنيِّر على هذا القول الغريب بقوله: «قال أحمد: ولقد استبدع بدعاً لفظاً ومعنىً فإن جمع الأم المعروف أمهات» (1).
مثال: قوله تعالى: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف: 17].
قوله: {تَقْرِضُهُمْ} أصله من قرض بمعنى: قطع، والمعنى: تقطع لهم من ضوئها شيئاً.
(1)«الإنصاف بحاشية الكشاف» (2/ 369)، وانظر:«الإتقان في علوم القرآن» (4/ 186).
وقيل: تعطيهم من ضوئها شيئاً ثم تزول سريعاً؛ كالقرض يُسْتَردُّ، وعلى هذا يكون أصل «تقرضهم» أقرض، ولو كان أصلها أقرض لكان الفعل مضموم التاء «تُقرضهم» .
ولما كان الفعل مفتوحاً دل على أنه من الأول.
قال أبو حيان: «وقال أبو علي: معنى تقرضهم: تعطيهم من ضوئها شيئاً ثم تزول [107] سريعاً، كالقرض يُستردُّ، والمعنى عنده أن الشمس تميل بالغدوة، وتصيبهم بالعشي إصابة خفيفة انتهى.
ولو كان من القرض الذي يعطى ثم يسترد لكان الفعل رباعياً، فكان يكون تُقرضهم بالتاء مضمومة، لكنه من القطع، وإنما التقدير تَقرض لهم؛ أي: تقطع لهم من ضوئها شيئاً» (1). [108]
* * *
(1)«البحر المحيط» (6/ 108).