الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب ـ ومن المشترك المتضاد الذي يمتنع حمل الآية على معنييه، بل يلزم من القول بأحدهما نفي الآخر لفظة (قرء) في قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فقد ورد في لغة العرب بمعنى: الطهر، وبمعنى: الحيض.
روي المعنى الأول عن زيد بن ثابت وابن عمر وعائشة والزهري. [64]
وروي المعنى الثاني عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي موسى، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وعكرمة، والضحاك، وسفيان الثوري، والسدي (1).
وفي هذا المثال يمتنع حمل الآية على المعنيين معاً؛ لأن القول بأحدهما يستلزم نفي الآخر، فالمطلوب من المرأة أن تتربص؛ إما ثلاثة أطهار، وإمَّا ثلاث حيض.
جـ ومن المشترك الذي ليس من أحرف التضاد ـ وهو كثير ـ لفظ (العتيق) من قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، فقيل: العتيق بمعنى: القديم، وهو قول الحسن، وابن زيد.
وقيل: العتيق المعتق من الجبابرة، بمعنى: أنه محرر لا يملكه أحد، وبه قال مجاهد، وقتادة، وابن الزبير (2)، وهذا مما يجوز حمل الآية على معنييه.
والاشتراك قد يكون في الأسماء؛ كقسورة: للأسد والرامي. والصريم: للنهار والليل. وقد يكون في الأفعال؛ كظن: للشك واليقين.
2 - الاختلاف في مفسر الضمير
، وهو أنواع:
الأول: أن يكون في الآية ضمير يحتمل عوده إلى أكثر من مذكور.
ومثاله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: 6].
(1) انظر أقوالهم في: «تفسير الطبري» (2/ 439) وما بعدها.
(2)
انظر: «تفسير الطبري» (17/ 151).
قيل: تلاقي ربك.
وقيل: تلاقي عملك (1).
وكلاهما صحيح محتمل؛ لأن الإنسان سيلاقي ربه، وعمله.
ومثله قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات: 7] ففي مرجع هاء الكناية قولان:
القول الأول: أن مرجعها إلى الله، وبه قال ابن عباس، وابن جريج.
القول الثاني: أن مرجعها إلى الإنسان الكنود، روي هذا عن ابن عباس (2). [65]
الثاني: أن يكون في الآية ضميران، وكل واحد منهما يرجع إلى مرجع لا يرجع إليه الآخر، فيكون للآية أكثر من معنى، فينص كل واحد من المفسرين على أحد هذه المعاني.
مثاله: قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: 10].
ففي قوله: «يرفعه» ضميران، وكل واحد منهما يرجع إلى مرجع لا يرجع إليه الآخر:
الأول: الضمير الظاهر، وهو الهاء، وهو في محل نصب مفعول به، ويعود على الكلم الطيب، ويكون المعنى: والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب.
الثاني: الضمير المستتر، وهو في محل رفع فاعل، يعود على الله سبحانه، ويكون المعنى: والعمل الصالح يرفعه الله، وبه قال قتادة، والسدي.
(1) انظر: «معاني القرآن» للزجاج (5/ 304).
(2)
انظر: «تفسير الماوردي» (4/ 502)؛ و «زاد المسير» (8/ 279).