الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - ما يتعلق بالتقديم والتأخير
الأصل في الكلام تقديم ما حقه التقديم، وتأخير ما حقه التأخير، ولا يعدل عن هذا الأصل إلا بحجة يجب التسليم لها.
قال أبو جعفر النحاس: «التقديم والتأخير إنما يكون إذا لم يجز غيرهما» (1).
وقال أبو عمرو الداني: «التقديم والتأخير لا يصح إلا بتوقيف أو بدليل قاطع» (2).
وقال شيخ الإسلام: «والتقديم والتأخير على خلاف الأصل، فالأصل إقرار الكلام على نظمه وترتيبه لا تغيير ترتيبه، ثم إنما يجوز فيه التقديم والتأخير مع القرينة، أما مع اللبس فلا يجوز؛ لأنه يلتبس على المخاطب» (3).
مثال: قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى *فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} [الأعلى: 4، 5].
الأحوى: شديد السواد، أو الأخضر الضارب إلى السواد من شدة الخضرة.
والغثاء: الهشيم اليابس.
وفي معنى الآية قولان:
الأول: أن الله أخرج المرعى أخضر، ثم جعله من بعد الخضرة هشيماً متكسراً، مائلاً إلى السواد من القدم.
الثاني: أن الله أخرج المرعى أحوى؛ أي: أخضر شديد الخضرة، مائلاً بشدة خضرته إلى السواد، ثم جعله هشيماً متكسراً، ويكون على هذا القول (أحوى) مؤخراً حقه التقديم.
قال ابن جرير الطبري معلقاً على هذا القول: «وهذا القول وإن كان غير مدفوع أن يكون ما اشتدت خضرته من النبات قد تسميه العرب أسود، غير صواب عندي، بخلاف تأويل أهل التأويل في أن الحرف إنما يحتال لمعناه المجرد بالتقديم والتأخير إذا لم يكن له وجه مفهوم إلا بتقديمه عن موضعه، أو تأخيره، فأمَّا وله في موضعه وجه صحيح فلا وجه لطلب الاحتيال لمعناه بالتقديم والتأخير» (1). [109]
* * *
(1)«تفسير الطبري» (30/ 153)، وانظر:(1/ 462).