المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٨

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌109 - باب ما ينهي عنه من المرور بين يدي المصلي

- ‌110 - باب ما يقطع الصلاة

- ‌111 - باب سُترة الإمام سترةُ مَن خلفَه

- ‌112 - باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة

- ‌(1/ 462)].***113 -باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة

- ‌114 - باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة

- ‌115 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

- ‌أبواب تفريع استفتاح الصلاة

- ‌116 - باب رفع اليدين

- ‌117 - باب افتتاح الصلاة

- ‌118 - باب من ذكر أنَّه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

- ‌119 - باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌120 - باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌(13/ 496/ 14370)].***122 -باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك

- ‌123 - باب السكتة عند الافتتاح

- ‌124 - باب ما جاء في من لم ير الجهر بـ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

- ‌125 - باب ما جاء في من جهر بها

- ‌126 - باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث

- ‌127 - باب في تخفيف الصلاة

- ‌128 - باب ما جاء في نقصان الصلاة

- ‌(1/ 116/ 444)].***129 -باب ما جاء في القراءة في الظهر

الفصل: ‌121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

[وانظر: موطأ مالك (1/ 225/ 436)، المبسوط لمحمد بن الحسن (1/ 7)، مسائل إسحاق بن منصور الكوسج (211)، جامع الترمذي (252)، المدونة (1/ 74)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 358)، التمهيد (20/ 75)، شرح السُّنَّة (3/ 32)، المغني لابن قدامة (1/ 281)، المجموع شرح المهذب (3/ 257)، شرح مسلم للنووي (4/ 114)، الفتح لابن رجب (4/ 335)، رسالة "فتح الغفور في وضع الأيدي على الصدور"]، والله أعلم.

***

‌121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

760 -

. . . الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر، ثم قال:"وجَّهت وجهيَ للذي فطر السموات والأرض حنيفًا [مسلمًا]، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونُسُكي ومحيايَ ومماتي للّه رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ، وأنا أولُ المسلمين، اللَّهُمَّ أنتَ الملكُ لا إله لي إلا أنت، أنتَ ربي وأنا عبدُك، ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا؛ [أنه] لا يغفرُ الذنوب إلا أنتَ، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنتَ، واصرف عني سيِّئها، لا يصرف سيِّئها إلا أنت، لبَّيَك وسَعْدَيك، والخير كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعاليتَ، أستغفرك وأتوب إليك".

وإذا ركع، قال:"اللَّهُم لكَ ركعت، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظامي وعصبي".

وإذا رفع، قال:"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلءَ السموات والأرض، [ومِلءَ] ما بينهما، ومِلءَ ما شئتَ من شيء بعد".

وإذا سجد، قال:"اللَّهُمَّ لك سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، سجد وجهيَ للذي خلقه، وصوَّره فأحسن صورته، وشقَّ سمعه وبصره، وتبارك الله أحسنُ الخالقين".

وإذا سلَّم من الصلاة، قال:"اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنتَ أعلم به مني، أنتَ المقدمُ والمؤخَرُ، لا إله إلا أنت".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (771)، وغيره، ويأتي عند أبي داود برقم (1509) مختصرًا، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء برقم (79 و 86 و 94 و 109) وتحت الحديث رقم (90)، فانظره.

ص: 371

وتقدم تخريج بعض طرقه هنا في السنن عند الحديث رقم (744).

وهذا لفظ عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن عمه يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.

وجاء في رواية يوسف بن يعقوب الماجشون عن أبيه زيادة في آخره، في بيان موضع الذكر الأخير، قال: ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أسرفتُ، وما أنتَ أعلم به مني، أنتَ المقدمُ، وأنتَ والمؤخِّرُ، لا إله إلا أنت".

أخرجه مسلم (771)، وأبو عوانة (1/ 546/ 2041)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 367/ 1761)، والترمذي (3421 و 3422)، وقال:"حسن صحيح"، وابن خزيمة (723)، وابن حبان (5/ 297/ 1966)، وابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق (9)، والبزار (2/ 168/ 536)، وأبو يعلى (575)، والطبراني في الدعاء (494 و 526 و 549)، والبيهقي (2/ 32 و 109)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 34/ 572).

قال البزار: "وهذا الكلام قد روى نحوه وقريبًا منه: محمد بن مسلمة، وأبو رافع، وجابر، وأتمهم لهذا الحديث كلامًا وأصحه إسنادًا: حديث علي رضي الله عنه، وإنما احتمله الناس على صلاة الليل".

قلت: قد صح من حديث موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة، قال:

فذكره، وتقدم برقم (744).

• ويوسف وعبد العزيز: ثقتان، ورواية يوسف مفسِّرة لرواية عبد العزيز المجملة، فإن قوله:"إذا سلَّم" لا يلزم منه الخروج من الصلاة، بدلالة الرواية الأخرى، وإنما أراد قربه من التسليم، وأنه إذا أراد أن يسلِّم قال هذا الذكر، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتيتَ مضجعَك؛ فتوضأ

"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم الخلاءَ؛ فليقل:

"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لو أن أحدَكم إذا أتى أهلَه قال:

"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكم الجمعة فليغتسل"، ونحو ذلك؛ يعني: إذا أراد الإتيان؛ يعني: قبل الشروع في الفعل، لا بعد الشروع فيه، وهو هنا كذلك، إذا أراد أن يسلم، لا بعد السلام، والله أعلم.

• وما وقع عند ابن خزيمة (743)، وابن الجارود (179)، والبيهقي (2/ 185)، من طريق عبد العزيز، بلفظ:"إذا فرغ من صلاته فسلَّم"، فهي رواية شاذة، حيث رواه عن عبد العزيز جماعة من الثقات الحفاظ باللفظ السابق، والله أعلم.

***

761 -

. . . سليمان بن داود الهاشمي: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب،

ص: 372

عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وإذا وأراد أن يركع، ويصنعُه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيءٍ من صلاته وهو قاعدٌ، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ودعا، نحو حديث عبد العزيز في الدعاء، يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر:"والخير كله في يديك، والشر ليس إليك"، وزاد فيه: ويقول عند انصرافه من الصلاة: "اللَّهُمَّ اغفر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وأعلنتُ، أنت إلهي، لا إله إلا أنت".

• حديث صحيح.

تقدم تخريجه برقم (744)، وهو حديث صحيح.

***

762 -

. . . قال أبو داود: حدثنا عمرو بن عثمان: حدثنا شريح بن يزيد: حدثني شعيب بن أبي حمزة، قال: قال لي محمد بن المنكدر، وابنُ أبي فروة، وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلتَ أنتَ ذاك، فقل:"وأنا من المسلمين"؛ يعني قوله: "وأنا أول المسلمين".

• مقطوع بإسناد صحيح، والمرفوع منه لا يصح.

هكذا روى أبو داود هذا الحديث مختصرًا، مقتصرًا منه على هذا التأويل من قول ابن المنكدر وغيره، والحديث بتمامه هو شاهد لحديث علي بن أبي طالب، لكنه لا يثبت:

فقد روى النسائي في المجتبى (2/ 129/ 896)، وفي الكبرى (1/ 466/ 972)، قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد، قال: حدثنا شريح بن يزيد الحضرمي، قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة، قال: أخبرني محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة كبر، ثم قال:"إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين، اللهُمَّ اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت".

قال النسائي: "هو حديث حمصي، رجع إلى المدينة، ثم إلى مكة".

ورواه أيضًا من طريق عمرو بن عثمان بهذا الطرف:

الطبراني في مسند الشاميين (4/ 150/ 2974)، وفي الدعاء (499)، وأبو نعيم في صفة النفاق (7).

ص: 373

قال أبو نعيم: "ولا أعلم رواه عن شعيب غير أبي حيوة شريح بن يزيد".

• وروى النسائي منه الطرف الثاني: في المجتبى (2/ 192/ 1051)، وفي الكبرى (1/ 328/ 642)، قال: أخبرنا يحيى بن عثمان الحمصي، قال: حدثنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا ركع، قال:"اللَّهُمَّ لكَ ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وعليك توكلتُ، أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ودمي ولحمي، وعظمي وعصبي لله رب العالمين".

• ثم روى النسائي منه الطرف الثالث: في المجتبى (2/ 221/ 1127)، وفي الكبرى (1/ 358/ 716)، قال: أخبرنا يحيى بن عثمان، قال: أنبأنا أبو حيوة، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقول في سجوده:"اللَّهُمَّ لكَ سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشقَّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسنُ الخالقين".

هكذا فرَّقه النسائي أحاديث، وعمرو ويحيى ابنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصيان: صدوقان.

• وقد رواه سلم بن قادم البغدادي [صدوق. سؤالات ابن الجنيد (35)، الثقات (8/ 297)، تاريخ بغداد (9/ 145)، اللسان (4/ 110)]، ويزيد بن عبد ربه الزبيدي [حمصي، ثقة]، عن شريح به، فذكرا فيه مع المرفوع: قولَ ابن المنكدر:

قال يزيد: ثنا شريح بن يزيد أبو حيوة، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال:"إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ وأنا أول المسلمين، اللَّهُمَّ اهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقني سيئ الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت".

قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء أهل المدينة: إن قلتَ أنتَ هذا القول، فقل:"وأنا من المسلمين".

أخرجه الدارقطني (1/ 298)، ومن طريقه: ابن الجوزي في التحقيق (443).

قلت: لكنهما أبهما غيرَ ابنِ المنكدر، وصرح بواحد من هؤلاء الفقهاء: عمرو بن عثمان الحمصي، كما في رواية أبي داود، حيث قال في روايته: قال لي محمد بن المنكدر، وابنُ أبي فروة، وغيرهما من فقهاء أهل المدينة، وابن أبي فروة هو: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو: متروك.

• وقد اختلف في هذا الحديث على شعيب بن أبي حمزة:

أ- فرواه شريح بن يزيد أبو حيوة [حمصي، ثقة]، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله مرفوعًا، كما تقدم.

ب- ورواه بشر بن شعيب بن أبي حمزة [حمصي، ثقة، الأظهر أنه لم يسمع من

ص: 374

أبيه، إنما يروي عنه إجازة، وكانوا يرون الإجازة تحديثًا]؛ أن أباه حدثه؛ أن محمد بن المنكدر أخبره؛ أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة قال:"سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له".

أخرجه البيهقي (2/ 35)، بإسناد صحيح إلى: إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني [ثقة حافظ]: ثنا عبد السلام بن محمد الحمصي [صدوق. الجرح والتعديل (6/ 48)، الثقات (8/ 427)، تاريخ الإسلام (17/ 252)، اللسان (5/ 178)]: ثنا بشر به.

قال الذهبي في تهذيب السنن (1/ 487/ 2116): "على غرابته سنده جيد".

قلت: هو شاذ بهذه الزيادة فيه، لما قيل من عدم سماع بشر من أبيه، وأنه إنما كان يروي عنه إجازة، ثم يستجيز بها السماع، وقد خالف بشر هنا من روى هذا الحديث عن شعيب، وانفرد بهذه الزيادة [انظر: مسائل أحمد لأبي داود (2055)، سؤالات ابن الجنيد (544)، الجرح والتعديل (2/ 359)، سؤالات البرذعي (747)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 434/ 1055 و 1056) و (2/ 716/ 2280 - 2284)، الميزان (1/ 318)، تحفة التحصيل (37)، التهذيب (1/ 228)، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (78)(1/ 157)].

ج - ورواه محمد بن حمير [حمصي، صدوق]، قال: حدثني شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر [زاد عند النسائي: وذكر آخر قبله]، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن محمد بن مسلمة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي [زاد عند النسائي: تطوعًا]، قال:"الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا مسلمًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ، وأنا أول المسلمين، اللَّهُمَّ أنت الملك لا إله إلا أنت، سبحانك وبحمدك"، ثم يقرأ.

فيقول إذا ركع: "اللَّهُمَّ لكَ ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وعليك توكلتُ، أنت ربي، ركع [وفي رواية النسائي: خشع] لك جميع سمعي وبصري، ولحمي ودمي، ومخي [زاد عند النسائي: وعصبي] لله رب العالمين".

ثم يرفع رأسه، فيقول:"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".

وإذا سجد قال: "اللَّهُمَّ لكَ سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، [زاد عند النسائي: اللَّهُمَّ] أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشقَّ سمعه وبصره، تبارك الله أحسنُ الخالقين".

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 898/131) و (2/ 192/ 1052) و (2/ 222/ 1128)، وفي الكبرى (1/ 328/ 643) و (1/ 359/ 717)، وابن أبي عاصم في الآحاد

ص: 375

والمثاني (4/ 46/ 1993)، وابن قانع في المعجم (3/ 15)، والطبراني في الكبير (19/ 231/ 515)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (166)(532 - المخلصيات).

قلت: فرجع الحديث بذلك إلى الأعرج.

قال النسائي: "هذا خطأ، والصواب حديث الماجشون"؛ يعني: حديث الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب [البدر المنير (3/ 615)، التلخيص الحبير (1/ 243)].

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 411): "والمحفوظ: عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أخرجه مسلم"، ثم قال:"ومحمد بن حمير: من رجال البخاري، لكنه شذ بقوله: عن محمد بن مسلمة، الله أعلم".

• قلت: قد بيَّن عوار هذه الرواية:

د - ما رواه إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي [مجهول الحال، قال الذهبي: "غير معتمد"، اللسان (1/ 355)]، والحسين بن إسحاق التستري [ثقة حافظ رحال. تاريخ دمشق (14/ 39)، طبقات الحنابلة (1/ 142)، السير (14/ 57)، تاريخ الإسلام (22/ 136)]:

قالا: حدثنا يحيى بن عثمان الحمصي: ثنا أبو حيوة شريح بن يزيد: ثنا شعيب بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده:"اللَّهُمَّ لكَ سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه، وصوَّره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسنُ الخالقين".

وإذا ركع قال: "اللَّهُمَّ لكَ ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، وعليك توكلتُ، أنت ربي، خشع سمعي وبصري، ودمي ومخي، وعظمي وعصبي لله رب العالمين".

ثم يرفع رأسه من الركوع، فيقول:"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".

أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 232/ 516)، وفي الدعاء (530 و 568)، وفي مسند الشاميين (4/ 299 و 300/ 3364 و 3365).

قلت: فظهر بذلك أن الحديث إنما هو حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة [وهو: متروك]، وأنه هو الواهم فيه.

وعاد الحديث بذلك إلى الأعرج، والمحفوظ عنه فيه: الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أخرجه مسلم.

وشعيب بن أبي حمزة متكلم في روايته عن ابن المنكدر، ذلك أن شعيبًا كان قد عرض على ابن المنكدر كتابًا فأمر بقراءته عليه، فعرف بعضًا وأنكر بعضًا، وقال لابنه أو ابن أخيه: اكتب هذه الأحاديث، فدوَّن شعيب ذلك الكتاب، وقد عُرض على أبي حاتم

ص: 376

الرازي بعض تلك الأحاديث؛ فرآها مشابهة لحديث إسحاق بن أبي فروة [انظر: العلل لابن أبي حاتم (2/ 173/ 2011) (5/ 320/ 2011 - ط د. سعد الحميد)، شرح علل الترمذي (2/ 862)، فتح الباري لابن رجب (3/ 463)، تخريج الذكر والدعاء (1/ 157 و 160)].

وعلى هذا فإن رواية شريح بن يزيد وبشر بن شعيب الأقرب فيها عندي أن الوهم فيها من شعيب نفسه، حيث تتابع اثنان من الثقات عن شعيب به بهذا الإسناد: محمد بن المنكدر عن جابر، ويكون الوهم دخل فيه على شعيب من هذا الكتاب [وانظر في هذا المعنى: الحديث السابق برقم (192)].

وقد بيَّنت روايةُ ابن حمير أن حديث شعيب هذا قد رجع إلى حديث الأعرج، والمحفوظ فيه: الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب.

ثم تبين لنا أن هذا الحديث إنما حمله شعيب عن إسحاق بن أبي فروة، وأن الحمل فيه عليه، قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 156/ 438):"سألت أبي عن حديث رواه ابن حمير، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي، قال: {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا} " إلى آخر الآية [الأنعام: 79]؟

قال أبي: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة، يُروَى: شعيب عن إسحاق بن أبي فروة".

وقد سئل الدارقطني عن الاختلاف في حديث جابر هذا؛ فقال: "يرويه شعيب بن أبي حمزة، واختلف عنه:

فرواه أبو حيوة شريح بن يزيد الحضرمي، عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وغيره يرويه عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن عبد الرحمن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.

والمحفوظ: عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب" [العلل (13/ 331/ 3207)، [وانظر أيضًا: العلل (14/ 12/ 3381)،.

وتصرُّف أبي داود هنا في السنن بعدم إيراد الحديث المرفوع فيه إشارة إلى إعلاله له، والله أعلم.

وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 863) بعد كلامٍ عن رواية شعيب عن ابن المنكدر: "ومصداق ذلك: ما ذكره أبو حاتم؛ أن شعيب بن أبي حمزة روى عن ابن المنكدر عن جابر: حديث الاستفتاح في الصلاة، بنحو سياق حديث علي.

وروي عن شعيب، عن ابن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة، فرجع الحديث إلى الأعرج.

ص: 377

وإنما رواه الناس عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب.

ومن جملة من رواه عن الأعرج بهذا الإسناد: إسحاق بن أبي فروة، وقيل: إنه رواه عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج.

وروي عن محمد بن حمير، عن شعيب بن أبي حمزة، عن ابن أبي فروة، وابن المنكدر، عن الأعرج، عن محمد بن مسلمة.

ورواه أبو معاوية، عن شعيب، عن إسحاق، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن محمد بن مسلمة.

فظهر بهذا أن الحديث عند شعيب عن ابن أبي فروة، وكذا قال أبو حاتم الرازي: هذا الحديث من حديث إسحاق بن أبي فروة، يرويه شعيب عنه.

وحاصل الأمر: أن حديث الاستفتاح رواه شعيب عن إسحاق بن أبي فروة وابن المنكدر، فمنهم من ترك إسحاق وذكر ابن المنكدر، ومنهم من كنى عنه، فقال: عن ابن المنكدر وآخر، وكذا وقع في سنن النسائي.

وهذا مما لا يجوز فعله، وهو أن يروي الرجل حديثًا عن اثنين: أحدهما مطعون فيه، والآخر ثقة، فيترك ذكر المطعون فيه، ويذكر الثقة.

وقد نص الإمام أحمد على ذلك، وعلَّله بأنه ربما كان في حديث الضعيف شيء ليس في حديث الثقة، وهو كما قال، فإنه ربما كان سياق الحديث للضعيف، وحديث الآخر محمولًا عليه.

فهذا الحديث يرجع إلى رواية إسحاق بن أبي فروة، وابن المنكدر، ويرجع إلى حديث الأعرج، ورواية الأعرج له معروفة عن ابن أبي رافع عن علي، وهو الصواب عند النسائي والدارقطني وغيرهما.

وهذا الاضطراب في الحديث: الظاهر أنه من ابن أبي فروة لسوء حفظه وكثرة اضطرابه في الأحاديث وهو يروي عن ابن المنكدر".

• واختلف في هذا الحديث على ابن المنكدر:

أ- فرواه شعيب بن أبي حمزة، على الوجوه السابق ذكرها، وحاصلها: أنه من حديث إسحاق بن أبي فروة.

ب - ورواه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي [متروك، كذبه جماعة]، قال: وحدثني ابن المنكدر، عن علي بن أبي طالب مثله.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 80/ 2567) و (2/ 164/ 2904).

ج - ورواه عبد الله بن عامر الأسلمي [ضعفوه. التهذيب (2/ 364)، الميزان (2/ 449)]، عن محمد بن المنكدر، عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة قال: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا، وما أنا من المشركين، سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك، إن

ص: 378

صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمِرت، وأنا من [وفي رواية: أول] المسلمين".

أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 6)، والطبراني في الكبير (12/ 271/ 13324)، وفي الدعاء (500 و 508).

وهذا حديث منكر مقلوب؛ تفرد به عبد الله بن عامر الأسلمي، فجعله من مسند عبد الله بن عمر، والحديث مشهور من حديث علي بن أبي طالب، وقد أنكر عليه ابن حبان هذا الحديث، وقال فيه:"كان ممن يقلب الأسانيد والمتون، ويرفع المراسيل والموقوف"، وضعفه البيهقي في السنن (2/ 35)، والله أعلم.

• والحاصل: فإن هذا الحديث لا يصح من حديث ابن المنكر؛ وإنما هو حديث الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أخرجه مسلم، والله أعلم.

• وفي الباب أيضًا:

1 -

عن أبي هريرة: [عند: الشافعي في الأم (1/ 106)، وأبي العباس الأصم في جزء من حديثه برواية أبي الحسن الطرازي (69)، والدارقطني في الأفراد (2/ 309/ 5333 - أطرافه)][تفرد به: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة].

2 -

عن أبي رافع: [عند: ابن الأعرابي في المعجم (1/ 322/ 614)، والطبراني في الكبير (1/ 314/ 928)، وفي الدعاء (498)، والخطيب في الكفاية (330)][رجاله ثقات، وفي سنده اختلاف، ولا يصح لإرساله].

• قال البيهقي في المعرفة (1/ 500): "قال الشافعي في رواية أبي سعيد: وبهذا نقول، وآمر وأحب أن يؤتى به كما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يغادر منه شيء، ويجعل مكان: "وأنا أول المسلمين": "وأنا من المسلمين"، زاد في رواية حرملة: لأن "وأنا أول المسلمين" لا تصلح لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم"[وانظر: الأم (1/ 106)].

قال البيهقي: "وبذلك أمر محمد بن المنكدر وجماعة من فقهاء المدينة".

وقال ابن العربي في أحكام القرآن (2/ 299): "إذا قلنا: إنه يقولها في افتتاح الصلاة على الوجه المتقدم، فإنه يقول في آخرها: "وأنا من المسلمين"، ولا يقول: "وأنا أول المسلمين"؛ إذ ليس أحد بأولهم إلا محمد صلى الله عليه وسلم، فإن قيل: أو ليس إبراهيم قبله؟ قلنا: عنه أجوبة، أظهرها الآن: أنه أول المسلمين من أهل ملته، والله أعلم".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 394) بعد أن ذكر تصرف أبي داود بإيراد حديث عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وفيه:"وأنا أولُ المسلمين"، ثم ذكر بعده قول محمد بن المنكدر، وابن أبي فروة، وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلتَ أنتَ ذاك، فقل:"وأنا من المسلمين"، قال ابن حجر: "وهذا يشعر بأن المحفوظ في المرفوع على

ص: 379

وفق الآية، وأن من ذكره بلفظ:"من المسلمين، أراد المناسبة لحال من بعد النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال الشوكاني في نيل الأوطار (2/ 209): "قال في الانتصار: إن غير النبي صلى الله عليه وسلم إنما يقول: وأنا من المسلمين، وهو وهمٌ منشؤه توهُّم أن معنى "وأنا أول المسلمين": أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه، وليس كذلك، بل معناه بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)} [الزخرف: 81]، وقال موسى:{وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143][ونقله في عون المعبود (2/ 332)].

***

763 -

. . . حماد، عن قتادة وثابت وحميد، عن أنس بن مالك: أن رجلًا جاء إلى الصلاة وقد حفَزَه النَّفَسُ، فقال: الله أكبر، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال:"أيُّكم المتكلِّم بالكلمات؟ فإنه لم يقل بأسًا"، فقال الرجل: أنا يا رسولَ الله! جئتُ وقد حفزني النفس فقلتُها، فقال:"لقد رأيتُ اثني عشر ملكًا يبتدِرونها، أيُّهم يرفعُها".

وزاد حميد فيه: "وإذا جاء أحدُكم فليَمْشِ نحو ما كان يمشي، فليُصل ما أدرك، وليقضِ ما سبقه".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (600)، وأبو عوانة (1/ 430/ 1602 و 1603)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 197/ 1331)، والنسائي في المجتبى (2/ 132/ 901)، وفي الكبرى (1/ 467/ 976)، وابن خزيمة (1/ 237/ 466)، وابن حبان (5/ 57/ 1761)، وأحمد (3/ 167 و 252)، وأبو يعلى (5/ 294/ 2915)، وأبو العباس السراج في مسنده (887)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1108 و 1109 و 1588 و 1589)، والطبراني في الدعاء (511)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (108)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 193)، والخطيب في المبهمات (76)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 116 و 117/ 633 و 634)، وقال:"هذا حديث صحيح".

هكذا رواه عن حماد بن سلمة: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعفان بن مسلم، وأبو كامل مظفر بن مدرك، وحجاج بن المنهال، وبهز بن أسد، وهدبة بن خالد، وعبيد اللّه بن محمد العيشي، وعبد الرحمن بن سلام الجمحي، وسهل بن بكار [وهم ثقات].

ولفظ عفان عند مسلم، وأبي عوانة، وأحمد: أن رجلًا جاء فدخل الصفَّ وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته،

ص: 380

قال: "أيكم المتكلم بالكلمات؟ " فأرَمَّ القومُ، فقال:"أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا"[وفي رواية أحمد: "أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل إلا خيرًا"]، فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال:"لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها".

زاد عند أبي عوانة وأحمد: وزاد حميد، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جاء أحدكم فليمشِ على نحو ما كان يمشي، فليصل ما أدرك، وليقض ما سُبِقه".

قال أبو عبد الرحمن [يعني: عبد الله بن أحمد]: والإرمام: السكوت.

• هكذا روى هذا الحديث حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد، جمع الشيوخ على لفظ واحد، وقد تكلم النقاد مثل الإمام أحمد وغيره في حماد لكونه يجمع الشيوخ في إسناد واحد على لفظ واحد، ولا يبين مواطن الاختلاف بينهم [انظر: الإرشاد للخليلي (1/ 417)، شرح علل الترمذي (2/ 815)].

قلت: وحماد هو أثبت الناس في ثابت البناني وحميد الطويل، ولم يكن من الطبقة الأولى من أصحاب قتادة، مثل: شعبة وهشام وابن أبي عروبة، ويبدو لي -واللَّه أعلم- أن هذا هو لفظ حديث ثابت؛ فإن حماد بن سلمة كان شديد التثبت في حديثه، ولم أجده من غير هذا الطريق، وأما لفظ حميد فإنه مثله أو قريب منه، وقد بيَّن منه حماد موضع الزيادة وحررها:

• فقد رواه جماعة من الثقات عن حميد بنحو لفظ حماد بن سلمة:

رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وخالد بن الحارث، وعبد الله بن بكر السهمي، ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وزائدة بن قدامة، وسهل بن يوسف الأنماطي، وهشيم بن بشير، ومروان بن معاوية الفزاري، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وإبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية [وهم ثقات في الجملة]، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]:

عن حميد، عن أنس، قال: أقيمت الصلاة فجاء رجل يسعى، فانتهى وقد حفزه النفس، أو: انبهر، فلما انتهى إلى الصف، قال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال:"أيكم المتكلم؟ "، فسكت القوم، فقال:"أيكم المتكلم؟، فإنه قال خيرًا -أو: لم يقل بأسًا-"، قال: يا رسول الله! أنا، أسرعت المشي فانتهيت إلى الصف [وقد انبهرت، أو: حفزني النفس]، فقلتُ الذي قلتُ، قال:"لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يرفعها".

ثم قال: "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش على هِينته، فليصلِّ ما أدرك، وليقضِ ما سُبِقه"[لفظه عند أحمد (3/ 106)].

أخرجه أحمد (3/ 106 و 188 - 189)، وعبد الرزاق (2/ 77/ 2561) و (2/ 289/ 3406)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (2/ 329/ 1807 - إتحاف الخيرة)، وعلي بن حجر السعدي في حديث إسماعيل بن جعفر (70)، والبزار (13/ 156/ 6856)، وأبو يعلى

ص: 381

(6/ 468/ 3876)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1110 و 1111)، والطحاوي في المشكل (14/ 287/ 5624)، والطبراني في الأوسط (4/ 351/ 4405 و 4406)، وفي مسند الشاميين (3/ 361/ 2465 و 2466)، وفي الدعاء (509 و 510)، والبيهقي (3/ 228)، والخطيب في الموضح (2/ 27)، والضياء المقدسي في المختارة (6/ 45 - 47/ 2015 - 2018).

وقد تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (572).

• وأما حديث قتادة:

فقد رواه جماعة من الثقات، عن همام: حدثنا قتادة، عن أنس: أن رجلًا جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال:"أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ " فأرَمَّ القوم، حتى قالها ثلاثًا، فقال الرجل: يا رسول الله! أنا قلتُها، وما أردت [بها] إلا الخير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد ابتدرها اثنا عشر ملكًا، فما درَوْا كيف يكتبونها، حتى سألوا ربهم، فقال: اكتبوها كما قال عبدي".

أخرجه ابن خزيمة (466)، وأحمد (3/ 191 و 269)، والطيالسي (3/ 494/ 2113)، وعبد بن حميد (1195)، والبزار (13/ 446/ 7209)، وأبو يعلى (5/ 414/ 3100)، وأبو العباس السراج في مسنده (886)، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (1104 - 1107 و 1586 و 1587)، والطبراني في الدعاء (512).

قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن أنس إلا من حديث قتادة، ورواه عن قتادة: همام وحماد بن سلمة".

قلت: وكما يبدو هنا؛ فإن حماد بن سلمة قد حمل لفظ حديث قتادة على لفظ حديث ثابت وحميد، ولم يبين منه موضع الاختلاف بين قتادة، وبين ثابت وحميد في لفظ هذا الحديث، ففي حديث ثابت وحميد: وقع التنافس بين الملائكة في رفعها، بينما في حديث قتادة: ما دروا كيف يكتبونها حتى حكم الله بينهم، وقد ذكر مسلم في كتاب التمييز (218) أن حمادًا كان يخطئ إذا حدَّث عن غير ثابت، مثل قتادة وأيوب وغيرهما، والله أعلم.

• وأما ما رواه خلف بن خليفة، عن حفص ابن أخي أنس [حفص بن عمر بن عبد الله بن أبي طلحة]، عن أنس، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلقة؛ إذ جاءه رجل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى القوم، فقال: السلام عليكم، قال: فردَّ عليه السلام النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته"، فلما جلس الرجل قال: أحمد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى [وفي رواية: كما يحب ربُّنا أن يحمد، وينبغي له]، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"كيف قلت؟ " فردَّ على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريص على أن يكتبوها، فما دروا كيف يكتبونها، حتى رفعوها إلى ذي العزة، فقال: اكتبوها كما قال عبدي".

ص: 382

أخرجه النسائي في الكبرى (7/ 148/ 7671) و (9/ 135/ 10101)[النعوت (60)، وعمل اليوم والليلة (341)]، وابن حبان (3/ 125/ 845)، والضياء في المختارة (5/ 258 و 259/ 1886 و 1887)، وأحمد (3/ 158)، والبزار (13/ 94/ 6454)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (444)، وابن منده في التوحيد (2/ 149/ 300).

قال الضياء بعده: "وقد روى مسلم في صحيحه من رواية: قتادة وثابت وحميد، عن أنس؛ أن رجلًا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيكم المتكلم بالكلمات؟ " فأرَمَّ القوم.

ومرادنا: "لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها أيهم يرفعها"، وهذا الحديث غير الذي كتبناه".

قلت: وهذا هو الذي يظهر لي؛ أنهما حديثان؛ لاختلاف مخرجهما، وتباين سياقهما، والله أعلم.

وإسناده حسن؛ خلف بن خليفة: صدوق، اختلط في آخر عمره [التهذيب (1/ 547)، الميزان (1/ 659)، إكمال مغلطاي (4/ 201)].

وقد رواه عنه: الحسين بن محمد بن بهرام التميمي [المرُّوذي، نزيل بغداد: ثقة]، وقتيبة بن سعيد البغلاني [ثقة ثبت]، ومحمد بن معاوية بن مالج الأنماطي البغدادي [ثقة].

وخلف بن خليفة رئي مختلطًا سنة سبع وسبعين ومائة، والحسين قديم الموت، فهو ممن سمع من خلف قديمًا قبل الاختلاط، والله أعلم [انظر: الكواكب النيرات (20)].

وانظر أيضًا: ضعفاء العقيلي (3/ 140).

• وقد روي نحو حديث أنس من حديث:

1 -

وائل بن حجر:

رواه يونس بن أبي إسحاق، وابنه إسرائيل، وأبو الأحوص، وزيد بن أبي أنيسة [وهم ثقات]، وعبد الحميد بن أبي جعفر الفراء [شيخ، له أوهام]، وحُبيِّب [مصغَّر] بن حَبيب [واهي الحديث]: عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلًا يقول: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال:"من صاحب الكلمات؟ " قال: أنا يا رسول الله، والله ما أردت بها إلا الخير، قال:"لقد فتحت لها أبواب السماء، فما نهنهها شيء دون العرش". لفظ إسرائيل، وقال فيه الباقون -واللفظ لأبي الأحوص-: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلًا، وفي لفظ يونس شذوذ، وإسرائيل مقدَّم على هؤلاء في جده أبي إسحاق.

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (724)، رجاله ثقات، وفي سنده انقطاع؛ فإن عبد الجبار بن وائل بن حجر لم يسمع من أبيه، قال جماعة من الأئمة: ولد بعد موت أبيه بستة أشهر؛ فهو صالح في الشواهد.

ص: 383

2 -

أبي أيوب الأنصاري: [عند: البخاري في الأدب المفرد (691)، ومسدد (14/ 50/ 3384 - مطالب)، والهيثم بن كليب في مسنده (3/ 89/ 1147)، والطبراني في الكبير (4/ 184/ 4088)، وفي الدعاء (513)، والبيهقي في الشعب (4/ 93/ 4384)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 432 و 451) معلقًا][وفي سنده جهالة][انظر: العلل ومعرفة الرجال (1/ 440/ 981 و 982)، [وانظر: تخريج الذكر والدعاء (1/ 43/ 22)].

3 -

أبي ثعلبة الخشني: [عند: الطبراني في الأوسط (7/ 97/ 6965)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2250/ 5589)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (68/ 23)][وهو حديث منكر؛ مسلسل بالضعفاء].

• قال الخطابي في غريب الحديث (1/ 193): "قوله: حفزه؛ أي: جهده النفس، وعلاه البهر، وأصل الحفز: الحث والاستعجال، يقال: احتفزت للأمر؛ إذا انزعجت له".

***

764 -

. . . شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مُطعِم، عن أبيه؛ أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاةً -قال عمرو: لا أدري أيَّ صلاةٍ هي-، فقال:" [الله أكبر]، الله أكبر كببرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاثًا-، أعوذ بالله من الشيطان من نَفْخِه ونَفْثِه وهَمْزه"، قال: نفثُه الشِّعر، ونفخُه الكِبْر، وهمزُه المُوتَة.

• حديث ضعيف.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 488)، وابن ماجه (807)، وابن خزيمة (1/ 239/ 468)، وابن حبان (5/ 78 - 80/ 1779 و 1780) و (6/ 336/ 2601)، وابن الجارود (180)، والحاكم (1/ 235)، وأحمد (4/ 85)، والطيالسي (2/ 255/ 989)، وابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل (435)، والبزار (8/ 365/ 3445)، وأبو يعلى (13/ 393/ 7398)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 644/ 949 - مسند عمر)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 81/ 225)، وأبو القاسم البغوي في مسند علي بن الجعد (105)، والطبراني في الكبير (2/ 134/ 1568)، وفي الدعاء (522)، وابن حزم في المحلى (3/ 248)، والبيهقي في السنن (2/ 35)، وفي المعرفة (1/ 504/ 687)، وفي الشعب (3/ 141/ 3134)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 43/ 575)، وفي التفسير (3/ 84)، وعلقه ابن حبان في الثقات (7/ 258).

هكذا رواه عن شعبة: غندر محمد بن جعفر، وعبد الرحمن بن مهدي، وعلي بن الجعد، ووهب بن جرير، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو داود الطيالسي،

ص: 384

وآدم بن أبي إياس، ويزيد بن هارون، وشبابة بن سوار، وعمرو بن مرزوق.

وفي رواية غندر، وابن مهدي، وابن الجعد، وأبي الوليد الطيالسي، وشبابة: قال عمرو: نفخه الكبر، ونفثه الشعر، وهمزة الموتة.

قال شبابة: "قال شعبة: قال لي مسعر: إن عَمرًا روى هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم".

• خالف هؤلاء الثقات من أثبت أصحاب شعبة وغيرهم:

زيد بن الحباب [صدوق]، فرواه عن شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن رجل من عنزة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه؛ إلا أنه قال: قال عمرو: نفخه الكبر، وهمزه الجنون، ونفثه الشعر.

أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 644/ 950 - مسند عمر).

ورواية الجماعة بتسمية شيخ عمرو بن مرة عاصمًا هي الصواب.

***

765 -

. . . مسعر، عن عمرو بن مرة، عن رجلٍ، عن نافع بن جبير، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: في التطوع، ذكر نحوه. . . .

• حديث ضعيف.

أخرجه أحمد (4/ 80 و 80 - 81)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (4/ 48/ 3938 - إتحاف المهرة)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 644/ 951 و 952 - مسند عمر)، والطبراني في الكبير (2/ 134 - 135/ 1569)، والبيهقي في السنن (2/ 35)، وفي المعرفة (1/ 504/ 687)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 467).

هكذا رواه عن مسعر: يحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن بشر، وجعفر بن عون، ويزيد بن هارون، ومحمد بن عبد الوهاب القناد، ووكيع بن الجراح [وقال في روايته: عن رجلٍ من عنزة، ولم يذكر تثليث الذكر، وزاد في تفسير الهمز: يعني: يصرع، ولم يصرح برفع التفسير هو ويزيد بن هارون والقناد].

وقد أخرجه أبو داود من طريق يحيى القطان فلم يسق متنه، ولفظه بتمامه عند أحمد: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع: "الله أكبر كبيرًا -ثلاث مرار-، والحمد لله كثيرًا -ثلاث مرار-، وسبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاث مرار-، اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه"، قلت: يا رسول الله، ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال:"أما همزه: فالمُوتَة التي تأخذ ابن آدم، وأما نفخه: الكبر، ونفثه: الشعر".

هكذا وقع في رواية القطان ومحمد بن بشر وجعفر بن عون، فأدرج مسعر تفسير عمرو بن مرة في المرفوع، وفصله شعبة وحصين.

وانظر فيمن وهم فيه على مسعر: طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 310)، تاريخ أصبهان (1/ 254).

ص: 385

• وقد اختلف في هذا الحديث على عمرو بن مرة:

1 -

فرواه شعبة بن الحجاج [ثقة متقن، حافظ حجة، إمام]، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، مرفوعًا دون التفسير، فجعله من قول عمرو بن مرة مقطوعًا عليه.

2 -

ورواه مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن عمرو بن مرة، عن رجل، عن نافع بن جبير، عن أبيه مرفوعًا، وأدرج التفسير في المرفوع.

3 -

ورواه حصين بن عبد الرحمن السلمي [ثقة، ساء حفظه في آخر عمره]، عن عمرو، واختلف عليه:

أ- فرواه عبد الله بن إدريس [ثقة ثبت]، وعبثر بن القاسم [ثقة]، ومحمد بن فضيل [صدوق، [وعنه بهذا الوجه: هارون بن إسحاق، وعلي بن المنذر، وهما ثقتان]:

عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن عبَّاد بن عاصم [العنزي]، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة، قال:"الله أكبر كبيرًا -ثلاثًا-، الحمد لله كثيرًا -ثلاثًا-، سبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاثًا-، اللَّهُمَّ اني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه".

قال حصين: همزه الموتة التي تأخذ صاحب المَسِّ، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر.

كذا في رواية ابن إدريس، وفي رواية ابن فضيل: قال عمرو بن مرة: همزه الموتة، ونفخه الكبر أو الكبرياء، ونفثه الشعر.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 489)، وعلقه في موضع آخر (6/ 37)[وفي الموضعين تصحيف]، وابن خزيمة (1/ 239/ 469 - ط المكتب الإسلامي)(1/ 531/ 469 - ط ماهر الفحل)(4/ 21/ 3903 - الإتحاف)، وأحمد (4/ 83)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 83)، وابن أبي شيبة (1/ 209/ 2396) و (1/ 215/ 2460) و (9/ 16/ 29142)، والبزار (8/ 366/ 3446)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 642/ 948 - مسند عمر)، والطبراني في الكبير (2/ 135/ 1570) [ووقع عنده: عن عمار بن عاصم، لكنه من رواية يحيى بن عبد الحميد الحماني عن ابن إدريس].

ب- ورواه خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، وأبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري [ثقة ثبت]:

عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن عمار بن عاصم العنزي، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه؛ أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى، فقال:"الله أكبر كبيرًا -ثلاث مرات-، والحمد لله كثيرًا -ثلاث مرات-، وسبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاث مرات-"، ثم قال:"اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه".

قال: همزه الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر.

ص: 386

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (6/ 488)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (142 - مختصره)، والطبراني في الكبير (2/ 135/ 1571).

ج- ورواه ابن فضيل [وعنه بهذا الوجه: أبو بكر بن أبي شيبة، وهو: ثقة حافظ]، عن حصين، عن عمرو بن مرة، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى،. . . فذكر مثل حديث ابن إدريس. هكذا فلم يذكر أحدًا بين عمرو وابن جبير.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 209/ 2397)(2/ 399/ 2412 - ط عوامة)(2/ 56/ 2409 - ط الرشد)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 426/ 3321)، ولم يذكر عن ابن فضيل غير هذا الوجه.

قلت: خالد الواسطي وأبو عوانة أقدم وفاة من ابن إدريس وابن فضيل، وابن فضيل أصغرهم، فلعل رواية الواسطي وأبي عوانة أقرب إلى الصواب من رواية الأخيرين، لا سيما وقد أخرج الشيخان لحصين من رواية الواسطي وأبي عوانة عنه، لكن يُشكل عليه أن عبثر بن القاسم الكوفي مكثر عن بلديِّه حصين، وقد أخرج له الشيخان من روايته عن حصين أيضًا [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 739)، الكواكب النيرات (14)]، وهو أقدم وفاة من خالد الواسطي، وقد تابع ابنَ إدريس وابنَ فضيل على قولهما: عباد بن عاصم، كذلك فإن البخاري لم يترجم لعمار بن عاصم، وإنما ترجم لعباد بن عاصم، وعاصم بن عمير العنزي، وتبعه على ذلك ابن أبي حاتم وغيره [التاريخ الكبير (6/ 37 و 488)، الجرح والتعديل (6/ 84 و 349)، الثقات (7/ 159 و 258)].

وبناء على ذلك فإن قول البخاري: "وهذا لا يصح" يمكن أن يتوجه إلى آخر مذكور بدلالة اسم الإشارة، وهي رواية أبي عوانة عن حصين، والتي قال فيها: عن عمار بن عاصم، ويكون بذلك البخاري قد مال إلى أحد القولين الآخرين: قول شعبة: عن عاصم العنزي، وقول عبثر وابن إدريس عن حصين: عن عباد بن عاصم، والله أعلم.

هذا وجه، والوجه الآخر: أن يكون حصين قد حدَّث بهذا الحديث بعدما تغير حفظه، فاضطرب فيه، وعلى هذا يحمل ترجيح الدارقطني لرواية شعبة على غيره، حيث قال في العلل (13/ 427/ 3321):"والصواب من ذلك قول من قال: عن عاصم العنزي عن نافع بن جبير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وهذه رواية شعبة.

4 -

ورواه زيد بن أبي أنيسة [ثقة]، عن عمرو بن مرة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: صلينا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة جهر فيها بالقراءة، فلما صفَّ الناس، كبر نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال:"الله أكبر كبيرًا -ثلاثًا-، وله الحمد -ثلاثًا-، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلًا -ثلاثًا-"، ثم قال:"اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه".

أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/ 645/ 954 - مسند عمر)، قال:

ص: 387

حدثني هلال بن العلاء [بن هلال بن عمر الباهلي مولاهم، أبو عمر الرقي: صدوق]: حدثنا أبي [العلاء بن هلال الرقي: منكر الحديث. التهذيب (3/ 349)، الميزان (3/ 106)، الكامل (5/ 223)]: حدثنا عبيد الله [بن عمرو الرقي: ثقة]، عن زيد به.

قلت: فلا يصح هذا عن زيد بن أبي أنيسة، والمعروف عنه في هذا: ما رواه عن عمرو بن مرة، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، ويأتي.

لكن عزاه ابن حجر في النكت (2/ 769) للإسماعيلي في مسند زيد بن أبي أنيسة، قال ابن حجر:"بسنده الصحيح إليه، عن عمرو بن مرة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة يجهر فيها بالقراءة، فلما صفَّ الناسُ، كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"، ثم قرأ بفاتحة الكتاب، ولم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم".

ويبدو أن هذه الرواية هي التي ذكرها الدارقطني في العلل (13/ 426) عن زيد، فيدل على ثبوتها عنه، والله أعلم.

• قال البخاري بعد أن أورد الاختلاف في هذا الحديث: "وهذا لا يصح"، وسبق توجيه قوله.

وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا جبير بن مطعم، ولا نعلم له طريقًا إلا هذا الطريق، وقد اختلفوا في اسم العنزي الذي رواه عن نافع بن جبير، فقال شعبة: عن عمرو عن عاصم العنزي، وقال ابن فضيل: عن حصين عن عمرو عن عباد بن عاصم، وقال زائدة: عن حصين عن عمرو عن عمار بن عاصم.

والرجل: ليس بمعروف، وإنما ذكرناه لأنه لا يروي هذا الكلام غيره عن نافع بن جبير عن أبيه، ولا عن غيره يُروى أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم".

وقال ابن خزيمة: "وعاصم العنزي وعباد بن عاصم: مجهولان، لا يُدرى من هما، ولا يُعلم الصحيح: ما روى حصين أو شعبة".

وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 88): "وحديث جبير بن مطعم: رواه عباد بن عاصم، وعاصم العنزي، وهما مجهولان، لا يُدرى من هما".

قلت: ولا يلزم من قولهما هذا أنهما ظناهما اثنين، وإنما هو رجل واحد، وقع الاختلاف في تسميته، فلا يُدرى أي القولين هو الصواب، ثم أيًا كان فهو رجل مجهول؛ إذ الاختلاف في اسمه مما يشعر بجهالته، مع عدم معرفته عند أهل الحديث، وقد نص على جهالته: البزار وابن خزيمة وابن المنذر، ونقل ابن رجب في الفتح (4/ 385) عن الإمام أحمد أن قال فيه:"لا يُعرف".

وقال ابن الجارود: "وقال مسعر: عن عمرو بن مرة عن رجل من عنزة، واختُلف عن حصين عن عمرو بن مرة: فمنهم من قال: عن عمار بن عاصم، ومنهم من قال: عُمارة، وقال ابن إدريس: عن حصين عن عمرو عن عبَّاد بن عاصم".

ص: 388

وقال ابن حبان في الثقات (7/ 258): "كذا قال شعبة: عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي، وقال مسعر: عن عمرو بن مرة عن رجل من عنزة، وقال ابن إدريس: عن حصين عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم عن نافع بن جبير، وقال عباد بن العوام: عن حصين عن عمرو بن مرة عن عمار بن عاصم عن نافع بن جبير، وهو عند ابن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب عن عبد الرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بطوله، ونفخه الكبر، وهمزه الموتة، ونفثه الشعر".

قلت: هذه الرواية الأخيرة التي ذكرها هنا ابن حبان، لعلها تصحفت، فقد أسندها الطبراني في مسند الشاميين (2/ 281/ 1343)، قال: حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم الدمشقي [صدوق. التقريب (47)]: ثنا سليمان بن عبد الرحمن [التميمي الدمشقي، ابن بنت شرحبيل: صدوق يخطئ]: ثنا إسماعيل بن عياش [روايته عن أهل الشام مستقيمة، لكنه المتفرد بالرواية عن شيخه هنا]، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن عمرو بن مرة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قام بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن خلفه، فافتتح الصلاة، فسمعته يقول حين كبر:"الله أكبر، الله أكبر -ثلاث مرات-، والحمد لله -ثلاث مرات-، وسبحان الله بكرة وأصيلًا -ثلاث مرات-"، ثم قال:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه"، ثم قرأ، فلما انصرف قال:"تدرون ما همزه؟ " قلنا: لا، قال:"الجنون من المس، ونفثه الكبر، ونفخه الشعر".

قلت: وهي رواية ساقطة؛ عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب الحمصي: متروك، منكر الحديث، لم يرو عنه غير إسماعيل بن عياش [التهذيب (2/ 590)، الميزان (2/ 632)، الكامل (5/ 285)]، ورواية إسماعيل هنا عن أهل بلده، فالبلية ليست منه، وإنما من شيخه بلديه.

وقال الدارقطني في العلل (13/ 427/ 3321) بعد أن ذكر الاختلاف في هذا الحديث بأكثر مما تقدم: "والصواب من ذلك قول من قال: عن عاصم العنزي عن نافع بن جبير عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم "[وانظر: أمالي الحافظ العراقي (70)، ذيل الميزان (453)].

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

وقال الحافظ العراقي في أماليه "المستخرج على المستدرك" ص (67): "هذا حديث حسن، مشهور من رواية عمرو بن مرة".

وقال (70): "وما ذُكر في آخر الحديث في تفسير نفخه ونفثه وهمزه: هو مدرج فيه، وهو من قول عمرو بن مرة".

قلت: هو حديث ضعيف؛ لأجل جهالة شيخ عمرو بن مرة، سواء أكان عاصمًا العنزي، أو عباد بن عاصم، وقد خرجته في الذكر الدعاء تحت الحديث رقم (81)(1/ 161)، والله أعلم.

• وله شاهد بمعناه من حديث أبي أمامة:

ص: 389

يرويه حماد بن سلمة [ثقة]: أنا يعلي بن عطاء [ثقة]؛ أنه سمع شيخًا من أهل دمشق؛ أنه سمع أبا أمامة الباهلي يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة من الليل: كبَّر ثلاثًا، وسبَّح ثلاثًا، وهلَّل ثلاثًا، ثم يقول:"اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه وشركه".

أخرجه أحمد (5/ 253)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (68/ 121).

ورواه شريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ، والراوي عنه: إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، من قدماء أصحاب شريك. انظر: المدرج للخطيب (1/ 454)]، عن يعلى بن عطاء، عن رجل حدثه؛ أنه سمع أبا أمامة الباهلي، يقول: كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة: كبَّر ثلاث مرات، ثم قال:"لا إله إلا الله" ثلاث مرات، و"سبحان الله وبحمده" ثلاث مرات، ثم قال:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه".

أخرجه أحمد (5/ 253).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل الشيخ المبهم، ولا يشهد لحديث جبير بن مطعم؛ لاختلاف ذكر الافتتاح.

• ومن حديث أبي سعيد الخدري:

رواه جعفر بن سليمان الضبعي، عن علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة من الليل كبر، ثم يقول:"سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك"، ثم يقول:"لا إله إلا الله" ثلاث مرات، ثم يقول:"الله أكبر كبيرًا" ثلاث مرات، ثم يقول:"أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه"، ثم يقرأ.

وهو حديث لا يصح، صوابه عن الحسن مرسلًا، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 153) تحت الحديث رقم (78)، ويأتي فيه مزيد بيان في موضعه من السنن قريبًا إن شاء الله تعالى برقم (775).

• والصحيح في هذا الذكر أنه ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من إقراره:

فقد روى أبو الزبير، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عمر، قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من القائل كلمة كذا وكذا؟ "، قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال:"عجِبتُ لها، فُتِحتْ لها أبواب السماء".

قال ابن عمر: فما تركتُهنَّ منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

وفي رواية يزيد بن زريع [عند أبي يعلى]: حدثنا حجاج، قال: حدثني أبو الزبير، عن عون بن عبد الله بن عتبة؛ حدثهم عن ابن عمر.

أخرجه مسلم (601)، وأبو عوانة (1/ 431/ 1604)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 197/ 1332)، والترمذي (3592)، والنسائي في المجتبى (2/ 125/ 886)، وفي الكبرى

ص: 390

(1/ 462/ 962)، وأحمد (2/ 14 و 97)، وأبو يعلى (10/ 95/ 5728)، وأبو العباس السراج في مسنده (888)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (1113 و 1590)، وابن حبان في الثقات (9/ 134)، والطبراني في الدعاء (516)، وأبو الشيخ في أحاديث أبي الزبير عن غير جابر (39 و 40)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 264)، والبيهقي (2/ 16)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (47/ 61).

قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه، وحجاج بن أبي عثمان هو: حجاج بن ميسرة الصواف، ويكنى أبا الصلت، وهو: ثقة عند أهل الحديث".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث عون، لم يروه عنه إلا أبو الزبير، وهو محمد بن مسلم بن تدرس: تابعي من أهل مكة، تفرد به عنه الحجاج، وهو الصواف البصري".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 389): "هذا حديث صحيح".

قلت: لم ينفرد به حجاج عن أبي الزبير، تابعه: ابن لهيعة [عند أحمد (4/ 97)]، قال: ثنا أبو الزبير: أنا عون بن عبد الله؛ أنه سمع عبد الله بن عمر، يقول:. . . فذكره بنحوه، وفي آخره: وقال عون: ما تركتُها منذ سمعتُها من ابن عمر.

• ولم ينفرد به أبو الزبير أيضًا:

فقد رواه محمد بن سلمة [الحراني: ثقة]، عن أبي عبد الرحيم [خالد بن أبي يزيد الحراني: ثقة]، قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة [ثقة]، عن عمرو بن مرة [ثقة]، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، قال: قام رجل خلف نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"من صاحب الكلمة؟ "، فقال رجل: أنا يا نبي الله، فقال:"لقد ابتدرها اثنا عشر ملكًا".

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 125/ 885)، وفي الكبرى (1/ 461/ 961)، وأبو عوانة (1/ 431/ 1605) [ووقع عنده: اثنا عشر ألف ملك، وأظنه وهمًا].

وهذا إسناد صحيح إلى عون بن عبد الله.

• قال ابن حبان: [الحديث منقطع؛ لأن عون بن عبد الله لم ير ابن عمر".

قلت: لم أجد من نصَّ على ذلك غير ابن حبان، وتصرف مسلم والترمذي والنسائي يدل على اتصاله، فإن الترمذي لما أخرج لعَونٍ عن عم أبيه عبد الله بن مسعود (261)، قال:"حديث ابن مسعود ليس إسناده بمتَّصل؛ عون بن عبد الله بن عتبة لم يلْقَ ابن مسعود"، وقال في موضع آخر (1270):"هذا حديث مرسل؛ عون بن عبد الله لم يدرك ابن مسعود"، وأما في هذا الحديث الذي رواه عون عن ابن عمر، فقال فيه:"هذا حديث حسن صحيح، غريب من هذا الوجه"، فلو كان عنده منقطعًا لما صححه، ولما أغفل ذلك، ولصرح بانقطاعه مثلما صرح به في روايته عن ابن مسعود، وصنيع مسلم يدل على ذلك أيضًا، فإن مسلمًا إنما أخرج لعون عن ابن مسعود بواسطة أبيه (3027 و 3030)، بخلاف صنيعه هنا.

ص: 391

هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن البخاري قد صرح في تاريخه الكبير (7/ 13) بسماع عون من أبي هريرة، فقال:"سمع أبا هريرة"، وقال ابن المديني:"قال عون: صليت خلف أبي هريرة"[التهذيب (3/ 339)]، وأبو هريرة أقدم وفاة من ابن عمر بما لا يقل عن (14) سنة، فسماع عون من ابن عمر أولى، فكيف يقال بأنه لم يره؟!

ثم إن ابن حبان نفسه لما ترجم لعونٍ في ثقاته (5/ 263)، قال بعدما شكَّك في سماع عون من أبي هريرة:"وقد أدرك ابنَ أبي أوفى وأبا جحيفة"، ووفاة أبي جحيفة قريبة جدًّا من وفاة ابن عمر إن لم يكونا في عام واحد، فكيف يُثبِت إدراكه لأبي جحيفة، وينفيه عن ابن عمر؟!

ورواية ابن لهيعة -والتي فيها إثبات السماع- يستأنس بها في ذلك، تقوي هذا المعنى وتعضده؛ فإن ابن لهيعة وإن كان ضعيفًا إلا أن حديثه يكتب في الشواهد والمتابعات، مع كونه لا يصلح حجة بنفسه في إثبات السماع، والله أعلم.

ويقطع ذلك: ما نقله ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/ 384) عن أبيه في ترجمة عون بن عبد الله، حيث قال:"سمع أبا هريرة وابن عمرا، ويبدو لي -والله أعلم- أنه سقط ذكر ابن عمر من بعض نسخ تاريخ البخاري، فإنه من المعلوم أن ابن أبي حاتم إنما ينقل أصل ترجمة الراوي من التاريخ الكبير للبخاري، ثم يزيد عليها من كلام أبيه وأبي زرعة، وغيرهما من الأئمة، ومن كلامه أيضًا، ويؤكد ما قلته: أن ابن حجر قد نقل في التهذيب (3/ 339) عن البخاري قوله: "سمع أبا هريرة وابن عَمرو"، لكن يبدو لي أن الواو زائدة، وإنما هو: ابن عُمر، كما في الجرح والتعديل، والله أعلم.

وبتصريح أبي حاتم هذا -مع ما سبق ذكره من دلائل- فقد ثبت اتصال الحديث، وعدم انقطاع، خلافًا لما ذهب إليه ابن حبان، والله أعلم.

• وله إسناد آخر عن ابن عمر:

يرويه: معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أتى رجل والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فقال حين وصل إلى الصف: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته قال:"من صاحب الكلمات؟ " فقال الرجل: أنا يا رسول الله! [والله] ما أردت بهن إلا الخير، فقال:"لقد رأيت أبواب السماء تفتح لهن".

قال ابن عمر رضي الله عنه: فما تركتهن بعدما سمعتهن.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 76/ 2559)، وعنه: ابن أبي عمر العدني في مسنده (4/ 51/ 463 - مطالب)(2/ 330/ 1810 - إتحاف الخيرة).

وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم، وهي متابعة صالحة.

• وله شاهد من حديث ابن أبي أوفى:

يرويه عبيد الله بن إياد بن لقيط [ثقة]، عن أبيه [تابعي ثقة]، عن عبد الله بن سعيد

ص: 392

الهمداني، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: جاء رجل ونحن نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في الصلاة، ثم قال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، فرفع القوم رؤوسهم، واستنكروا الرجل، وقالوا: من هذا الذي يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم! فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من هذا العالي الصوت؟ "، فقالوا: هو هذا، فقال:"لقد رأيت كلامه يصعد في السماء حتى يفتح له باب فيدخل فيه"، وفي رواية لأحمد:"والله! لقد رأيت كلامك يصعد في السماء حتى فتح باب منها فدخل فيه".

أخرجه أحمد (4/ 355 و 356)، وابنه عبد الله في زيادات المسند (4/ 355)، والحارث بن أبي أسامة (2/ 332/ 1815 - إتحاف الخيرة)(171 - بغية الباحث)، والطبراني في الدعاء (515)، واللفظ له، وابن بشران في الأمالي (1120)، وابن عبد البر في التمهيد (16/ 198)، وفي الاستذكار (2/ 519).

وهذا إسناد ضعيف؛ عبد الله بن سعيد الهمداني: مجهول، لم يرو عنه غير إياد بن لقيط؛ ولا يُعرف له سماع من ابن أبي أوفى [التاريخ الكبير (5/ 103)، الجرح والتعديل (5/ 70)، الثقات (5/ 27)].

وهو شاهد صالح لحديث ابن عمر، والله أعلم.

***

766 -

. . . معاوية بن صالح: أخبرني أزهر بن سعيد الحرازي، عن عاصم بن حُمَيد، قال: سألتُ عائشة: بأيِّ شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحدٌ قبلك.

كان إذا قام كبَّر عشرًا، وحمد الله عشرًا، وسبَّح عشرًا، وهلَّل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال:"اللَّهُمَّ اغفر لي، واهدني، وارزقني، وعافني"، ويتعوَّذ من ضيق المقام يوم القيامة.

قال أبو داود: ورواه خالد بن معدان، عن ربيعة الجُرَشي، عن عائشة نحوه.

• حديث حسن غريب.

سبق تخريجه في الذكر والدعاء (3/ 1190) برقم (630)، وتحت الحديث رقم (82)(1/ 164)، وهو حديث حسن، غريب من هذا الوجه، تفرد به معاوية بن صالح.

***

767 -

. . . عمر بن يونس: حدثنا عكرمة: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سألتُ عائشة: بأيِّ شيء كان نبيِّ اللَّه صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل كان يفتتح

ص: 393

صلاته: "اللَّهُمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ، فاطرَ السماوات والأرض، عالمَ الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِف فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مسيقيم".

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (770)، والترمذي (3420)، وقال:"حسن غريب"، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 160) برقم (80).

***

768 -

. . . أبو نوحٍ قُرَادٌ: حدثنا عكرمة، بإسناده بلا إخبارٍ ومعناه، قال: كان إذا قام كبَّر، ويقول.

• حديث صحيح.

سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 160) برقم (80)، وهو في صحيح مسلم (770)، وهو عند: أحمد (6/ 156) من هذا الوجه.

***

769 -

قال أبو داود: حدثنا القعنبي، قال: قال مالك، قال: لا بأس بالدعاء في الصلاة؛ في أوَّله وأوسطه وفي آخره، في الفريضة وغيرها.

• صحيح عن مالك قوله.

هو في موطأ القعنبي (368 م) بلفظ: "سُئِل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة، في أولها وأوسطها؟ فقال: لا بأس بالدعاء في الصلاة المكتوبة".

ورواه يحيى بن يحيى الليثي في موطئه (1/ 299/ 579 م)، قال:"وسُئِل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة؟ فقال: لا بأس بالدعاء فيها".

ورواه أبو مصعب الزهري في موطئه (1/ 248/ 629)، قال:"وسُئِل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة، في أولها وأوسطها وآخرها؟ فقال: لا بأس بذلك".

وقال ابن وهب عن مالك: "لا بأس بالدعاء في الصلوات المكتوبة، في أولها، وفي أوسطها وآخرها"[مختصر اختلاف العلماء (1/ 218)].

وانظر أيضًا: الموطأ برواية سويد بن سعيد الحدثاني (205 م).

وفي المدونة (1/ 102): "قال مالك: ولا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه في المكتوبة؛ حوائج دنياه وآخرته، في القيام والجلوس والسجود، قال: وكان يكرهه في الركوع".

ص: 394

• قال ابن المنذر بعد إيراد كلام مالك هذا: "وهذا مذهب: الأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور"[الأوسط (3/ 244)].

وقال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 540): "وأما قول مالك: لا بأس بالدعاء في الصلاة المكتوبة، فهو أمرٌ مجمعٌ عليه؛ إذا لم يكن الدعاءُ يشبه كلامَ الناس، وأهل الحجاز يجيزون الدعاء فيها بكل ما ليس بمأثم من أمور الدين والدنيا".

قلت: لكن الذي يظهر لي -والله أعلم- أن إيراد أبي داود لقول مالك في هذا الموضع، وهو أدعية الاستفتاح، لأجل الرد على ما نُقِل عن مالك قوله:"ومن كان وراء الإمام، ومن هو وحده، ومن كان إمامًا: فلا يقل: سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ولكن يكبروا، ثم يبتدؤوا القراءة"[المدونة (1/ 62)].

قال في عون المعبود (2/ 334) معلِّقًا على رواية أبي داود: "هذا نص صريح من الإمام مالك رحمه الله على أنه لا بأس عنده بقراءة دعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة، لكن المشهور عنه خلافه"[وانظر: الفتح لابن حجر (2/ 230)].

***

770 -

. . . مالك، عن نُعيم بن عبد اللَّه المُجْمِر، عن علي بن يحيى الزُّرَقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي، قال: كنا يومًا نصلِّي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفعَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم رأسَه من الركوع، قال:"سمع الله لمن حمده"، قال رجلٌ وراءَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، فلما انصرفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن المتكلِّم بها آنفًا؟ "، فقال الرجلُ: أنا يا رسولَ اللَّه، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدِرونها أيُّهم يكتبُها أوَّلُ".

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري (799)، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 174) برقم (89).

***

771 -

. . . مالك، عن أبي الزبير، عن طاووس، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة مِن جَوْف الليل، يقول: "اللَّهُمَّ لك الحمدُ، أنتَ نورُ السموات والأرض، ولك الحمدُ، أنتَ قَيامُ السموات والأرض، ولك الحمدُ، أنتَ ربُّ السموات والأرض ومَن فيهنَّ، أنتَ الحق، وقولُك الحقُّ، ووعدُك الحق، ولقاؤك حق، والجنةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ، والساعةُ حقٌّ، اللَّهُمَّ لك أسلمتُ، وبك

ص: 395

آمنتُ، وعليك توكلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدَّمتُ وأخرَّتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، أنت إلهي، لا إله إلا أنت".

• حديث صحيح، متفق عليه من حديث سليمان الأحول عن طاووس.

أخرجه مسلم (769) من هذا الوجه من حديث مالك.

وأخرجه البخاري (1120 و 6317 و 7385 و 7442 و 7499)، ومسلم (769)، من حديث سليمان بن أبي مسلم الأحول عن طاووس به، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 162) برقم (82).

رواه عن سليمان الأحول: ابن جريج، وابن عيينة.

قال مسلم في صحيحه: "أما حديث ابن جريج: فاتفق لفظه مع حديث مالك، لم يختلفا إلا في حرفين، قال ابن جريج مكان: قيَّام: قيِّم، وقال: وما أسررت، وأما حديث ابن عيينة: ففيه بعض زيادةِ، ويخالف مالكًا وابنَ جريج في أحرُفٍ".

قلت: لفظ حديث ابن عيينة من رواية: أحمد بن حنبل [ثقة حجة، حافظ إمام][في المسند (1/ 358)، ومن طريقه: الخطيب في المدرج (1/ 573)]، والحميدي [ثقة ثبت، حافظ إمام][في المسند (1/ 440/ 503 - ط حسين أسد)، ومن طريقه: البيهقي (3/ 4)]، وسعيد بن منصور [ثقة ثبت، حافظ][عند: الخطيب في المدرج (1/ 574)]، وأبي خيثمة زهير بن حرب [ثقة ثبت، حافظ][عند أبي يعلى (4/ 292/ 2404)، والخطيب في المدرج (1/ 573)][وهم من أثبت الناس في ابن عيينة]، وعبد الرزاق بن همام [ثقة حافظ] [عند: عبد الرزاق (2/ 79/ 2565)، ومن طريقه: الطبراني في الكبير (11/ 43/ 10987)]:

رووه عن سفيان بن عيينة، عن سليمان بن أبي مسلم، سمعه من طاووس، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام يتهجد من الليل، قال:"اللَّهُمَّ لك الحمد، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت قيِّم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت مَلِك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحقُّ، ووعدك حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، والساعة حقٌّ، ومحمد حقٌّ، والنببون حقٌّ، اللَّهُمَّ لك أسلمت، وبك أمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدِّم، وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت" أو قال: "لا إله غيرك".

وقد اختلف أصحاب ابن عيينة ممن روى عنه هذا الحديث [وهم جماعة كثر]، اختلفوا عليه في ألفاظه، بالزيادة والنقصان، وغير ذلك، ولعل هذا اللفظ أقربها، والله أعلم [وانظر: صحيح البخاري (1120 و 6317)].

وأما زيادة: "ولا حول ولا قوة إلا بالله" في آخره، من حديث ابن عيينة، فلا تصح؛ إنما هي من رواية أبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو مجمع على ضعفه، وقال

ص: 396

النسائي والدارقطني: متروك، وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله:"ضعيف"، وفي رواية أبي طالب:"ليس هو بشيء، شبه المتروك"[التهذيب (2/ 603)، الميزان (2/ 646)، الجرح والتعديل (6/ 60)][انظر: صحيح البخاري (1120)، مسند الحميدي. مسند الدارمي (1/ 415/ 1486)، صحيح ابن خزيمة (1151)، صحيح ابن حبان (6/ 332/ 2597)، الحلية لأبي نعيم (4/ 17)، المدرج للخطيب (1/ 573 - 577)].

***

772 -

. . . عمران بن مسلم؛ أن قيس بن سعد حدَّثه، قال: حدثنا طاووس، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في التهجد يقول بعدما يقول:"الله أكبر"، ثم ذكر معناه.

• حديث صحيح.

أخرجه مسلم (769)، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 162) برقم (82).

لم يسُق مسلم لفظه، وإنما قال:"واللفظ قريب من ألفاظهم"؛ يعني: من لفظ مالك وابن جريج وابن عيينة.

وساقه بتمامه: النسائي في التفسير من الكبرى (10/ 202/ 11300)، وأبو عوانة (2/ 39/ 2232)، وابن خزيمة (2/ 185/ 1152)، وابن حبان (6/ 334/ 2599)، وابن نصر في قيام الليل (139 - مختصره)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 83/ 1270) و (5/ 152/ 2573)، والطبراني في الكبير (11/ 50/ 11012)، وفي الدعاء (757)، وابن منده في التوحيد (2/ 166/ 312)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 181):

ولفظه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل [للتهجد]، كبَّر ثم قال:"اللَّهُمَّ لك الحمد، أنت قيَّام السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد، أنت ربُّ السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحقُّ، وقولك حقٌّ، ووعدك حقٌّ، ولقاؤك حقٌّ، والجنة حقٌّ، والنار حقٌّ، والساعة حقٌّ، اللَّهُمَّ لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، أنت ربنا وإليك المصير، ربِّ اغفر لي ما أسررت وما أعلنت، وما قدَّمت وما أخَّرت، أنت الله [وفي رواية: أنت إلهي]، لا إله إلا أنت".

رواه عن عمران بن مسلم القصير بألفاظ متقاربة: خالد بن الحارث، وبشر بن المفضل، ومهدي بن ميمون [واللفظ له]، وحماد بن مسعدة [وهم ثقات]، ومحمد بن راشد الخزاعي [صدوق].

***

ص: 397

773 -

. . . رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع، عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه، قال: صلَّيتُ خلفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فعطس رفاعة -لم يقل قتيبة: رفاعة-، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فلمَّا صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فقال:"مَن المتكلِّم في الصلاة؟ "، ثم ذكر نحو حديث مالك، وأتم منه.

• حديث حسن.

سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 175)، تحت الحديث رقم (89)، وهو حديث حسن.

وقتيبة هو ابن سعيد، أحد رواة الحديث عن رفاعة، وقد رواه أيضًا: بشر بن عمر الزهراني، فقال مثله:"فعطست"، وسعيد بن عبد الجبار الكرابيسي هو الذي قال فيه:"فعطس رفاعة".

وأما بقية لفظ الكرابيسي: قال رفاعة: ودِدْتُ أني غرِمْتُ غُرَّةً من مالٍ، وأني لم أشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة، حين قال:"أين المتكلم؟ " فقلت: أنا يا رسول الله، قال:"كيف قلت؟ " قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعًا وثلاثون ملكًا أيهم يصعد بها"، ووقع عند الطبراني والبيهقي في أوله: أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، فعطس رفاعة [المعجم الكبير للطبراني (5/ 41/ 4532)، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 95)، شعب الإيمان للبيهقي (4/ 93/ 4383)].

ولفظ قتيبة [عند النسائي (2/ 145/ 931)]: صلَّيتُ خلف النبي صلى الله عليه وسلم فعطستُ، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال:"من المتكلم في الصلاة؟ "، فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية:"من المتكلم في الصلاة؟ "، [زاد عند الترمذي (404): ثم قالها الثالثة: "من المتكلم في الصلاة؟ "]، فقال رفاعة بن رافع ابن عفراء: أنا يا رسول الله، قال:"كيف قلت؟ " قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكًا، أيُّهم يصعد بها".

ولفظ الزهراني [عند: أبي علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 343/ 387)، وابن حزم في المحلى (4/ 164)]: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم[وفي رواية المحلى: صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب] فعطست، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من المتكلم في الصلاة؟ "، ردَّها مرَّتين، وكان إذا تكلم الثالثة تكلَّم صاحبُها، فقلت: أنا يا رسول الله، فقال: "كيف

ص: 398

قلت؟ "، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ومباركًا عليه، كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، فقال: "والذي نفسي بيده! لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكًا، أيُّهم يكتبها، ويصعد بها إلى السماء".

• وقد قيل بأن هذا الحديث معارض لحديث مالك المتقدم برقم (770)، قلت: لا تعارض بينهما؛ لاختلاف المخرج، ولكون كل راوٍ قد حفظ ما لم يحفظه الآخر، وقد جمع بين الحديثين ابن حجر، حيث قال في الفتح (2/ 286):"والجواب: أنه لا تعارض بينهما، بل يحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن يكني عن نفسه لقصد إخفاء عمله، أو كُني عنه لنسيان بعض الرواة لاسمه، وأما ما عدا ذلك من الاختلاف فلا يتضمن إلا زيادة لعل الراوي اختصرها".

***

774 -

قال أبو داود: حدثنا العباس بن عبد العظيم: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: عطَسَ شابٌّ من الأنصار خلفَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، حتى يرضى ربُّنا، وبعدما يرضى من أمر الدنيا والآخرة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"من القائل الكلمة؟ "، قال: فسكت الشابُّ، ثم قال:"من القائل الكلمة؟ فإنه لم بقل بأسًا"، فقال: يا رسول اللَّه، أنا قلتُها لم أُرِدْ بها إلا خيرًا، قال:"ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى".

• حديث منكر.

أخرجه من طريق أبي داود: البغوي في شرح السُّنَّة (3/ 727/241).

هكذا رواه العباس بن عبد العظيم [العنبري، وهو ثقة حافظ]: حدثنا يزيد بن هارون به هكذا.

وخالفه في متنه: ابن الأصفهاني [محمد بن سعيد بن سليمان بن الأصبهاني، الملقب حمدان، وهو: ثقة ثبت]، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: عطس رجلٌ خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حتى يرضى ربُّنا، وبعد ما يرضى، فلما انصرف قال:"من القائل الكلمة؟ "، قال: أنا يا رسول الله، وما أردت بهن إلا خيرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيُّهم يرفعها أولًا".

أخرجه ابن عدي (4/ 12 - 13)(5/ 18 - 19 - ط العلمية)، قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي [روى عنه جماعة، منهم أبو سعيد بن الأعرابي وابن عدي، ونعته الذهبي بالقاضي الإمام. تاريخ دمشق (36/ 232)، السير (14/ 230)، تاريخ الإسلام

ص: 399

(23/ 190)]: ثنا محمد بن إبراهيم بن مسلم [بن سالم الخزاعي، أبو أمية الطرسوسي، بغدادي الأصل: صدوق، يخطئ إذا حدَّث من حفظه. التهذيب (3/ 493)، الميزان (3/ 447)]: ثنا ابن الأصفهاني به.

• وقد اختلف فيه على أبي أمية الطرسوسي:

فرواه ابن السني في عمل اليوم والليلة (263)، قال: حدثني محمد بن بشير الزبيري: ثنا محمد بن إبراهيم بن مسلم، قال: أنبأنا ابن الأصبهاني محمد بن سعيد: ثنا شريك به.

هكذا بإسقاط يزيد بن هارون من الإسناد.

قلت: وهذه الرواية أولى بالصواب، فإن ابن الأصبهاني مشهور بالرواية عن شريك، ولا يُعرف بالرواية عن يزيد بن هارون، وشيخ ابن السني قد تصحف على الناسخ أو الطابع، وإنما هو: أبو بكر محمد بن بشر بن بطريق الزُّبَيري، وقيل: الزَّنْبَري، العَكَري المصري، وهو: صدوق [الإكمال لابن ماكولا (4/ 243)، توضيح المشتبه (4/ 281) (6/ 317)، السير (15/ 314)، تاريخ الإسلام (25/ 79)، المقفى الكبير (5/ 452)، تبصير المنتبه (2/ 656) و (3/ 1017)، اللسان (7/ 13)]؛ فروايته أولى بالصواب من رواية شيخ ابن عدي، والله أعلم.

• وبناءً على ذلك: فإن يزيد بن هارون [ثقة متقن]، قد روى هذا الحديث عن شريك بن عبد الله النخعي [وهو: صدوق، سيئ الحفظ]، بهذا اللفظ:"ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى".

وخالفه في لفظه عن شريك: شاذان الأسود بن عامر [ثقة]، ومحمد بن سعيد بن سليمان بن الأصبهاني، الملقب حمدان [ثقة ثبت]، ومحمد بن الطفيل بن مالك النخعي [صدوق]، ومعلي بن منصور [ثقة]، أو: علي بن قادم [صدوق][الشك من محمد بن عبد الرحيم صاعقة]، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [حافظ؛ إلا أنه اتهم بسرقة الحديث]:

رووه عن شريك، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: عطس رجل خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، حتى يرضى ربُّنا، وبعد الرضى [زاد الحماني: والحمد لله على كل حال]، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من صاحب الكلمات؟ "، فقال رجل: أنا يا رسول الله، فقال:"لقد رأيت اثني عشر ملكًا يبتدرونها، أيهم يكتبها". لم يذكر شاذان ولا معلى بن منصور، أو علي بن قادم: العطس.

أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المسند (4/ 54/ 464 - مطالب)(2/ 331/ 1814 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (1/ 252/ 325)، والبزار (9/ 272/ 3819)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (263)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 180)، والضياء في المختارة (8/ 189/ 215).

ص: 400