الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
111 - باب سُترة الإمام سترةُ مَن خلفَه
708 -
. . . هشام بن الغاز، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنيَّة أذاخِرَ، فحضرت الصلاة، فصلَّى -يعني: إلى جَدْرٍ [وفي نسخة: جِدار]- فاتخذه قبلةً ونحن خلفه، فجاءت بَهْمة تمرُّ بين يديه، فما زال يُدارِئُها حتى لصِق بطنُه بالجَدر [وفي نسخة: بالجِدار]، ومرَّت من ورائه.
• حديث حسن.
أخرجه أحمد (2/ 196)، والبزار (6/ 453/ 2494)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 380/ 1540)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 164)، والبيهقي (2/ 268) و (3/ 245) و (5/ 60)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 193).
هكذا رواه عن هشام بن الغاز: عيسى بن يونس، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج.
وقد رواه أبو المغيرة مطولًا [كما في مسند أحمد، والبزار، والشاميين]، ولفظه: هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر، فنظر [إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم]، فإذا عليَّ رَيطة مضرَّجة بعُصفُر، فقال:"ما هذه؟! فعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كرِهها، فأتيت أهلي وهم يَسجُرون تنورهم، فلففتها، ثم ألقيتها فيه، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما فعلت الريطة؟! فقلت: [قد] عرفتُ ما كرهتَ منها يا رسول الله، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم فألقيتها فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فهلا كسوتها بعض أهلك".
وذكر أنه حين هبط بهم من ثنية أذاخر، صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جَدْرٍ اتخذه قبلةً، فأقبلت بهمة تمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فما زال يدارئها، ويدنو من الجدر، حتى نظرت إلى بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لصق بالجدار، ومرت من خلفه.
ووقع عند البيهقي أيضًا هذه الرواية المطولة بطرفيها لعيسى بن يونس، لكن البيهقي اختصر الطرف موضع الشاهد منه.
وقد ذكرنا من أخرج الحديث إما بطرفيه معًا، أو بالطرف موضع الشاهد فقط.
• وأما طرف الريطة المعصفرة فأخرجه وحده:
أبو داود (4066)، وابن ماجه (3603)، والدولابي في الكنى (2/ 780/ 1352)، والبيهقي في الشعب (5/ 192/ 6323)، وفي الآداب (721).
وقد رواه بهذا الشطر عن هشام بن الغاز: عيسى بن يونس، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، وخلاد بن يزيد الباهلي الأرقط.
زاد عيسى بن يونس [عند أبي داود وابن ماجه]: "فإنه لا بأس به للنساء".
• ولم ينفرد بهذا الشطر هشام بن الغاز، فقد تابعه عليه أحد الضعفاء:
فقد روى محمد بن بشر العبدي [ثقة حافظ]، قال: حدثنا محمد [هو: ابن أبي حميد الأنصاري المدني: ضعفوه، وهو منكر الحديث]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أذاخر، فالتفت إليَّ وعليَّ ريطة مضرجة بالعصفر، فقال:"ما هذه؟ " فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد، فقال:"يا عبد الله! ما فعلت الريطة؟ " فأخبرته، فقال:"ألا كسوتها بعض أهلك؛ فإنه لا بأس بذلك للنساء".
أخرجه ابن أبي شيبة (5/ 159 / 24733)، ومن طريقه: ابن عبد البر في الاستذكار (8/ 301).
• وقد اختلف في حديث الباب على هشام بن الغاز:
أ- فرواه عيسى بن يونس [كوفي، نزل الشام، ثقة مأمون][بالشطرين معًا]، وأبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني [حمصي، ثقة][بالشطرين معًا]، وخلاد بن يزيد الباهلي الأرقط [بشطر الريطة المعصفرة]:
عن هشام بن الغاز، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال:
…
فذكره.
ب- ورواه خلاد بن يزيد الباهلي الأرقط [بصري، قال أبو حاتم: "شيخ"، ولم أره في ثقات ابن حبان، وكان نبيلًا، قال ابن حجر في التقريب (184): "صدوق جليل"، انظر: الجرح والتعديل (3/ 367)، الفهرست لابن النديم (156)، اقتضاء العلم العمل (133)، التهذيب (1/ 558)]، قال: حدثنا هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام إلى جدار، وقمنا خلفه، فجاءت بهيمة تمر بين يديه، فجعل يذبها، حتى رأيته ألصق بطنه بالجدار، ومرت خلفه.
أخرجه المحاملي في الأمالي (6/ 339 - النكت الظراف بحاشية التحفة)، والطبراني في مسند الشاميين (2/ 379/ 1539)، وابن عبد البر في التمهيد (4/ 192).
قلت: وهذا وهم، وفيه سلوك للجادة، فإن هشام بن الغاز كثير الرواية عن نافع عن ابن عمر، وليس له عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلا اليسير، أو لعله دخل له حديث في حديث [انظر: تحفة الأشراف (5/ 630/ 8514 و 8515 - ط دار الغرب)، الإتحاف (9/ 366/ 11444 - 11446)، مسند الشاميين (1531 - 1538)، وغيرها].
والمحفوظ: ما رواه الثقتان عيسى بن يونس، وأبو المغيرة، عن هشام بن الغاز، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وهذا إسناد حسن؛ لأجل ما قيل في سلسلة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [وانظر الكلام عليها مفصلًا عند الحديث رقم (135)].
قال النووي في الخلاصة (1755): "رواه أبو داود بإسناد صحيح".
• قال ابن رجب في الفتح (2/ 614) معلقًا على هذا الحديث: "وهذا يدل على أن
المرور بين الإمام وسترته محذور، بخلاف المرور بين يدي من خلفه، إذا كانت سترة الإمام محفوظة".
• ومن غريب الحديث:
البهمة: قيل: هي من أولاد الضأن، وهي اسم للمذكر والمؤنث، والسِّخال: أولاد المِعْزَى، والواحدة سَخْلة، للمؤنث والمذكر، وقيل: البهمة: السخلة، والذكر والأنثى فيه سواء، قال أبو زيد: يقال لأولاد الغنم ساعة توضع -من الضأن والمعز، ذكرًا كان أم أنثى-: سخلة، وجمعه سخال، ثم هي البهمة، للذكر والأنثي وجمعها بهم، وقيل غير ذلك [تهذيب اللغة (6/ 179)، الزاهر (269)، غريب الحديث للخطابي (1/ 164)، النهاية (1/ 169)].
قوله: يدارئها: أراد يدافعها، من الدرء مهموزًا، وليس من المداراة التي تجري مجرى الرفق والمساهلة في الأمور [غريب الحديث للخطابي (1/ 164)، إصلاح غلط المحدثين (30)، النهاية (2/ 110)].
***
709 -
. . . شعبة، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فذهب جديٌ يمرُّ بين يديه فجعل يتَّقَيه.
• إسناده منقطع، ورجاله ثقات، وهو حديث حسن لغيره.
أخرجه أحمد (1/ 291 و 341)، والطيالسي (4/ 471/ 2877)، وابن أبي شيبة (1/ 253/ 2917)، وأبو يعلى (4/ 310/ 2422)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (91)، والعقيلي في الضعفاء (9/ 1504 - ط الصميعي)(4/ 396 - ط العلمية)، وتمام في الفوائد (836).
وهذا لفظ سليمان بن حرب، وحفص بن عمر الحوضي.
ولفظ غندر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فجعل جدي يريد أن يمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتقدم ويتأخر حتى درأ الجديَ [وفي رواية ابن أبي شيبة: حتى نزا الجديُ] [عند أحمد وابن أبي شيبة].
وقال عفان: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو، قال: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباس -ولم يسمعه منه-: أن جديًا أراد أن يمر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فجعل يتقيه [عند أحمد].
قال ابن رجب في الفتح (2/ 611): "والظاهر: أن ذلك من قول شعبة".
ووقع عند العقيلي من رواية الصائغ [كذا]، عن شعبة به، مثل رواية عفان، ثم قال في آخره:"ولم يسمعه يحيى من ابن عباس".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (2/ 384/ 384) متعقبًا عبد الحق الإشبيلي: "سكت عنه، وخفي عليه انقطاعه، وذلك أنه عند أبي داود، من رواية يحيى بن الجزار، عن ابن
عباس، وهو لم يسمع منه، وإنما بينه وبينه أبو الصهباء، وقد نص على ذلك ابن أبي خيثمة في نفس إسناد هذا الحديث، فقال: حدثنا عفان: حدثنا شعبة: أنبأني عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن ابن عباس -ولم أسمعه-: أن جديًا مر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم . . . الحديث".
وفي جامع التحصيل للعلائي (869): "قال ابن أبي خيثمة: قيل: لم يسمعه من ابن عباس رضي الله عنهما[وانظر: تحفة التحصيل (342)، النكت الظراف بحاشية التحفة (5/ 267)، التهذيب (4/ 345)].
قلت: فهذا إسناد رجاله ثقات، غير أن يحيى بن الجزار لم يسمع هذا الحديث من ابن عباس، كما جاء مصرحًا به في رواية عفان، فهو منقطع.
• فإن قيل: قد روي متصلًا، والحكم للزائد إن كان ثقة:
فيقال: هذا الحديث رواه عن شعبة به هكذا: غندر محمد بن جعفر، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وحجاج بن محمد المصيصي، وحفص بن عمر الحوضي، وسليمان بن حرب، وعبد السلام بن مطهر بن حسام [وهم ثمانية من ثقات أصحاب شعبة].
وخالفهم في إسناده: يحيى بن أبي بكير، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن صهيب البصري، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فأراد جدي أن يمر بين يديه، فجعل يتقيه.
أخرجه البيهقي (2/ 268).
هكذا زاد ابن أبي بكير عن شعبة في هذا الإسناد: صهيبًا، وهذه زيات شاذة تفرد بها يحيى بن أبي بكير، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه متأخر الطبقة في شعبة عن هؤلاء المذكورين ممن لم يأت بهذه الزيادة من أصحاب شعبة، فإن محمد بن جعفر، وأبا داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وحجاج بن محمد المصيصي، وحفص بن عمر الحوضي، كل هؤلاء مقدَّم في شعبة على يحيى بن أبي بكير، وقد ذكر ابن المديني ومسلم: يحيى بن أبي بكير في الطبقة الرابعة من أصحاب شعبة الغرباء الثقات [رجال عروة بن الزبير (682)، إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي (6/ 201)، [وانظر: العلل لابن أبي حاتم (1/ 90/ 241)].
• وقد روى عن شعبة بهذا الإسناد أيضًا:
علي بن الجعد، وعفان بن مسلم، وابن أبي عدي، وعبد الوهاب بن عطاء:
قال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت يحيى بن الجزار، عن ابن عباس، قال: جئت أنا وغلام من بني هاشم على حمار، فمررنا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فنزلنا، وتركنا الحمار يأكل من بقل الأرض، أو قال: من نبات الأرض، فدخلنا معه في الصلاة. قال رجل لشعبة: كان بين يديه عنزة؟ قال: لا.
وفي رواية عفان: مررت أنا وغلام من بني هاشم على حمار، وتركناه يأكل من بقل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينصرف، وجاءت جاريتان تشتدان، حتى أخذتا بركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينصرف.
أخرجه أحمد (1/ 250 و 254)، وأبو يعلى (4/ 311/ 2423)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (463 - الجزء المفقود)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (90).
قال ابن القطان في بيان الوهم (2/ 385/ 385): "ينبغي أن يكون منقطعًا".
قلت: فلم يجمع أحد من هؤلاء -الذين رووا الحديث عن شعبة- بين هذه الأطراف الثلاثة في حديث واحد، وإنما أفردوا قصة الجدي عن قصة الحمار والجاريتين، وهكذا هو في بقية طرق هذا الحديث عن يحيى بن الجزار، عن صهيب، عن ابن عباس [على ما سيأتي تفصيله -إن شاء الله تعالى- عند الحديث رقم (716 و 717)]، إلا ما سيأتي بيانه لاحقًا.
ومن ثم فسوف نحكم على قصة الجدي مستقلة عن قصة الحمار والجاريتين، وننظر عندئذ في متابعاتها وشواهدها بعيدًا عن النظر في حديث الحمار والجاريتين أيضًا، وقد وقفت من ذلك على ما سيأتي:
أ- روى موسى بن إسماعيل، وعفان بن مسلم، والهيثم بن جميل [وهم ثقات]، وعمرو بن حكَّام [ضعيف. اللسان (6/ 200)]، وعثمان بن مطر الشيباني الرهاوي [ضعيف. التهذيب (3/ 79)، الميزان (3/ 53)]:
عن جرير بن حازم، عن يعلى بن حكيم، والزبير بن خريت، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فمرت شاة بين يديه فساعاها إلى القبلة، حتى ألصق بطنه بالقبلة.
أخرجه ابن خزيمة (2/ 20/ 827)، وابن حبان (6/ 134/ 2371)، والحاكم (1/ 254)، والضياء في المختارة (11/ 387 و 388/ 405 و 406)، والبزار (2/ 165 - الأحكام الكبرى)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 99/ 2460)(5/ 88/ 2445 - ط دار الفلاح)، والطبراني في الكبير (11/ 338/ 11937).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلًا إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد".
قلت: قد رُوي من غير وجه، لكن منقطعًا، ولم يُرو متصلًا إلا من هذا الوجه، كما قال البزار.
وهو حديث صحيح على شرط البخاري [انظر: التحفة (4/ 571 و 635 - ط دار الغرب)]، كما قال الحاكم، ورجاله رجال الشيخين، وقد صححه: ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء، واحتج به ابن المنذر.
وبهذه المتابعة تعتضد رواية يحيى بن الجزار عن ابن عباس، فتصير من قبيل الحسن لغيره، والله أعلم.
• وحديث جرير بن حازم هذا، قلب أحد المتروكين إسناده، فجعله عن ابن المنكدر عن جابر، وزاد فيه ما ليس منه:
قال الطبراني في الأوسط (7/ 377/ 7774): حدثنا محمد بن يعقوب [الخطيب الأهوازي: روى عنه جماعة من المصنفين الحفاظ، مثل: ابن حبان، والطبراني، وأبي بكر ابن المقرئ، وأبي الشيخ، والرامهرمزي، وغيرهم. زوائد رجال صحيح ابن حبان (5/ 2352)، وغيره]: نا حفص بن عمرو الربالي [ثقة]: نا يحيى بن ميمون: نا جرير بن حازم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا يصلي، فذهبت شاة تمر بين يديه فساعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ألزقها بالحائط، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يقطع الصلاة شيء، وادرؤوا ما استطعتم".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن محمد بن المنكدر إلا جرير بن حازم، تفرد به: يحيى بن ميمون".
قال الهيثمي في المجمع (2/ 62): "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن ميمون التمار، وهو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في الثقات".
قلت: هو حديث باطل، يحيى بن ميمون بن عطاء أبو أيوب التمار: متروك، منكر الحديث، كذبه الفلاس والساجي [التهذيب (4/ 394)، الميزان (4/ 411)]، وقد حدث بأحاديث بواطيل، وهذا منها.
ب- وروى يحيى بن ميمون الضبي أبو المعلى العطار [ثقة]: حدثنا الحسن العرني، قال: ذُكر عند ابن عباس: يقطع الصلاةَ الكلبُ والحمارُ والمرأةُ، قال: بئسما عدلتم بامرأةٍ مسلمةٍ كلبًا وحمارًا، لقد رأيتني أقبلت على حمارٍ، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، حتى إذا كنت قريبًا منه مستقبله نزلت عنه، وخليت عنه، ودخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته، فما أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، ولا نهاني عما صنعت، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس، فجاءت وليدة تخلل الصفوف، حتى عاذت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، ولا نهاها عما صنعت، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مسجد، فخرج جدْيٌ من بعض حجرات النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب يجتاز بين يديه، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: أفلا تقولون: الجدي يقطع الصلاة؟!.
وفي رواية: عن ابن عباس؛ أنه ذُكر عنده ما يقطع الصلاة، فقال: ما تقولون في الجَدْي؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي، فمرَّ جَدْيٌ بين يديه، فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة، ولقد صَلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا، وإن حمارةً للفضل بن عباس ترعى بين يديه.
أخرجه ابن ماجه (953)، وأحمد (1/ 247)، والطبراني في الكبير (12/ 138 و 140/ 12696 و 12704).
• ورواه سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس، بمعناه.
أخرجه أحمد (1/ 308 و 343)، والدارقطني في الأفراد (1/ 427/ 2313 - أطرافه)، والطبراني في الكبير (12/ 140/ 12703)، والبيهقي (2/ 277).
قال الدارقطني: "تفرد به: أبو حمزة السكري، عن رقبة بن مصقلة، عن سلمة بن كهيل عنه".
قلت: رواه الثوري عن سلمة، وقد اشتهر عن الثوري، وكفى به.
• وخالف الثوريَّ من لا يعدله في إمامته وحفظه وإتقانه:
فرواه أشعث بن سوار، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: مرت شاة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الصلاة بينه وبين القبلة، فلم يقطع صلاته.
أخرجه أبو يعلي (5/ 60/ 2652)، والطبراني في الكبير (12/ 41/ 12415).
وأشعث بن سوار: ضعيف، وقد جوَّد إسناده، وسلك به الجادة والطريق السهل، والمحفوظ ما رواه الثوري، والله أعلم.
قال البخاري: "ولم يسمع الحسن من ابن عباس"، وكذا قال أحمد وابن معين [العلل ومعرفة الرجال (31)، التاريخ الأوسط (1/ 296/ 1441)، المراسيل (155)، الجرح والتعديل (3/ 45)، تحفة التحصيل (77)].
وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه بين الحسن العرني وابن عباس، وسيأتي الكلام عن طرق هذا الحديث في موضعه من السنن -إن شاء الله تعالى- برقم (716 و 717)، وقد تقدم تحت الحديث رقم (704).
وهذه متابعة صالحة لحديث يحيى بن الجزار في قصة مرور الجدي، والله أعلم.
كما يشهد لحديث ابن عباس هذا: حديث عبد الله بن عمرو المتقدم قبله، والله أعلم.
• ومما يشهد لأحاديث القطع، وأن سترة الإمام سترة لمن خلفه:
حديث أبي جحيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة، وهو بالأبطح، وبين يديه عنزة، يمر من ورائها الكلب والمرأة والحمار [وهو حديث متفق عليه، تقدم برقم (520 و 688)].
فهو دال على المسألتين معًا: أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، وإلا للزم كل مصلٍّ خلف الإمام أن يتخذ لنفسه سترة غير سترة الإمام، وكذلك يدل على أن هذه الثلاث المذكورة تقطع الصلاة، وإلا لما استتر منها النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان لذكر الصحابي لها معنى، قال ابن رجب في الفتح (2/ 622):"وقوله: يمر بين يديه المرأة والحمار: مما يستدل به على أن مرورهما بين يدي المصلي إلى غير سترة يقطع عليه صلاته، ولولا ذلك لم يكن لتخصيص المرأة والحمار بمرورهما بين يديه من وراء السترة معني".
***