الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
• وروي عنه بإسناد واهٍ، ومتن منكر:
رواه أبو أمية بن يعلى، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم فليقدُرهم بأضعفِهم، فإن فيهم الضعيف والصغير والحُبلى وذا الحاجة".
أخرجه أبو جعفر ابن البختري في الرابع من حديثه (151)(395 - مجموع مصنفاته).
وهذا حديث باطل؛ إسماعيل بن يعلى أبو أمية الثقفي البصري: متروك، أحاديثه منكرة [اللسان (2/ 182 و 186)]، وقد ذكرته تبعًا لذكر ما روي عن ابن عمر في الباب، ولاشتماله على زيادة منكرة.
• وقد تركت ذكر بعض ما ورد في الباب اختصارًا، كما تركت ذكر المراسيل، وما كان فيه ضعف، مثل حديث:"إن من الأئمة طرَّادين"؛ فإنه مرسل [انظر: سنن أبي داود (4904)، المراسيل لأبي داود (38)، مسند أحمد (2/ 45 و 106) و (3/ 158 و 254 و 340)، مسند الطيالسي (3/ 423/ 2022)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 405/ 4661)، السُّنَّة لابن أبي عاصم (373)، مسند أبي يعلى (3/ 333/ 795) و (3/ 334/ 1798) و (6/ 365/ 3694)، مسند علي بن الجعد (866)، مسند الشاشي (3/ 319/ 1424)، المعجم الأوسط للطبراني (4/ 108/ 3732) و (5/ 340/ 5492)، الكامل لابن عدي (2/ 314) و (7/ 70)، سنن الدارقطني (2/ 85)، غريب الحديث للخطابي (2/ 509)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1413/ 3572) و (4/ 1967/ 4944)، تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 17) و (2/ 598)، موضح أوهام الجمع والتفريق (2/ 299)، تاريخ بغداد (1/ 310)، الأحاديث المختارة (6/ 173/ 2178)، المطالب العالية (3/ 745/ 422)، إتحاف الخيرة المهرة (2/ 231/ 1588)].
• قال البغوي في شرح السُّنَّة (3/ 409): "وهذا قول عامة العلماء، اختاروا أن لا يطيلَ الإمامُ الصلاةَ مخافة المشقةِ على الضعيف، والإطالةِ على ذي الحاجة، فإن أراد القوم كلهم الإطالة، فلا بأس"[وانظر: فتح الباري لابن رجب (4/ 207)][وانظر فقه الحديث في الباب السابق، والله أعلم].
***
128 - باب ما جاء في نقصان الصلاة
796 -
. . . ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الرجل لينصرفُ وما كُتبَ له إلا عُشرُ صلاته، تُسعُها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها".
• حديث حسن.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 25)، والنسائي في الكبرى (1/ 316/ 615)،
وأحمد (4/ 321)، والبزار (4/ 251 - 252/ 1421)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (154)، والطحاوي في المشكل (3/ 136 - 138)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2072/ 5211)، والبيهقي في السنن (2/ 281)، وفي الشعب (3/ 136/ 3120)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 441)، والمزي في التهذيب (15/ 392).
• وقد اختلف في هذا الحديث على ابن عجلان:
أ- فرواه الليث بن سعد، وبكر بن مضر، وصفوان بن عيسى، وأبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وحيوة بن شريح التجيبي المصري [والراوي عنه: حجاج بن رشدين بن سعد؛ وفيه ضعف. اللسان (2/ 560)]، وسعيد بن أبي أيوب [والراوي عنه: إسماعيل بن مرزوق الكعبي: تكلم فيه الطحاوي. اللسان (2/ 176)، [وهم سبعة من الثقات، أكثرهم أثبات متقنون]:
عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر به، وتقدم.
ولفظ صفوان [عند أحمد]، وكذا أبي عاصم: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد فصلى، فأخفَّ الصلاة، قال: فلما خرج قمت إليه، فقلت: يا أبا اليقظان لقد خفَّفتَ، قال: فهل رأيتني انتقصت من حدودها شيئًا؟ قلت: لا، قال: فإني بادرت بها سهوة الشيطان؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها".
وقد اختلف فيه على صفوان بن عيسى، فرواه عنه: أحمد بن حنبل به هكذا، وخالفه: محمد بن بشار، فرواه عن صفوان بن عيسى به إلا أنه قال في إسناده: عن عبد الرحمن، أو عبد الله بن عنمة.
أخرجه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (156).
ورواية من لم يشك من الحفاظ أولى مِن رواية مَن شكَّ ممن هو دونهم في الحفظ والعدد.
ب- ورواه سفيان بن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن رجل من بني سليم، عن عبد الله بن عنمة الجهني، أن رجلًا رأى عمار بن ياسر يصلي صلاةً أخفَّها، فلما انصرف قال له: أبا اليقظان! لقد صليت صلاةً أخففتها؟ فقال: هل رأيتني نقصتُ من ركوعها وسجودها شيئًا؟ قال: لا، قال: بادرتُ السهوَ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الرجل ليصلي الصلاة فينصرت وما كتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها".
أخرجه الحميدي (145).
هكذا أخطأ ابن عيينة حيث أبهم الراوي، ورواية من حفظ من الثقات الحفاظ أولى مِن رواية مَن أبهم، لا سيما مع كثرتهم، وشهرتهم بالحفظ والضبط.
ج- ورواه عبد الملك بن إبراهيم الجدي [صدوق]: حدثنا سفيان [يعني: الثوري]، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد؛ أن عمارًا صلى، فقال له رجل: لقد خففت الصلاة يا أبا اليقظان؟ قال: هل رأيتني نقصتُ من حدودها شيئًا، شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الرجل ليصلي ثم ينصرف ما كتب له إلا نصفها، ثلثها، ربعها، خمسها، سدسها، ثمنها، تسعها، عشرها".
أخرجه أبو يعلى (3/ 197/ 1628).
وهذا غريب من حديث الثوري؛ إن كان تفرد به الجدي عنه، والحكم لمن زاد في الإسناد من الثقات الحفاظ.
د- ورواه أبو خالد الأحمر: ثنا ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الرحمن بن عنمة، قال: رأيت عمار بن ياسر صلى صلاةً،
…
فذكر الحديث بنحوه.
أخرجه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (153).
وهِم فيه أبو خالد الأحمر، بقوله: عبد الرحمن بن عنمة، وإنما هو كما رواه جماعة الحفاظ: عبد الله بن عنمة، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان: كوفي صدوق، وليس بذاك الحافظ، وانظر فيما قلت في روايته عن ابن عجلان عند الحديث السابق برقم (698).
• واختلف فيه أيضًا على سعيد المقبري:
أ- فرواه ابن عجلان [مدني صدوق، مشهور بالرواية عن المقبري]، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر به مرفوعًا، كما تقدم في المحفوظ عنه.
ب- ورواه سعيد بن أبي هلال [مصري، أصله من المدينة: صدوق]، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن العبد ليصلي فما يُكتب له إلا عُشر صلاته، فالتسع، فالثمن، فالسبع، حتى تُكتب صلاته تامة".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 26)، والنسائي في الكبرى (1/ 317/ 617).
من طريق الليث بن سعد، قال: حدثنا خالد [يعني: ابن يزيد]، عن ابن أبي هلال به.
قال ابن رجب في الفتح في أحاديث الجهر بالبسملة (4/ 367): "وسعيد وخالد وإن كانا ثقتين، لكن قال أبو عثمان البرذعي في علله عن أبي زرعة الرازي، أنه قال فيهما: ربما وقع في قلبي من حُسن حديثهما، قال: وقال أبو حاتم: أخاف أن يكون بعضها مراسيل، عن ابن أبي فروة وابن سمعان. يعني: مدلَّسةً عنهما"[سؤالات البرذعي (361)، شرح علل الترمذي (2/ 867)].
قلت: وهذه الرواية فيها سلوك للجادة والطريق السهل؛ فإن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة: طريق مسلوكة، وجادة مألوفة، لا تحتاج إلى حافظ،
ولا يَعدِل عنها إلى غيرها إلا من كان ضابطًا متثبتًا، وهذا بخلاف: سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر، فهذه لا يضبطها إلا حافظ متقن.
وكذلك فلو كان الحديث عند سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، لما احتاج أن ينزل في الإسناد، وأن يُعرض عن ذكر أبيه إلى ذكر غيره، والله أعلم.
ج- ورواه يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن المبارك [وهم ثقات أثبات]، وجعفر بن الحارث النخعي الواسطي [صدوق، كثير الخطأ، وهو واسطي، دخل الشام][والراوي عنه: إسماعيل بن عياش]:
عن عبيد الله بن عمر [العمري المدني: ثقة ثبت]، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن [بن الحارث بن هشام]، عن أبيه؛ أن عمارًا صلى صلاةً ركعتين، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: لقد خففتهما؟ قال: هل رأيتني نقصت من ركوعها أو حدودها شيئًا؟ قال: لا، ولكنك خففتهما، قال: إني بادرت بها الوسواس، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الرجل ليصلي صلاة المكتوبة، ولعله ألا تكون له من صلاته إلا عشرها، وتسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها" حتى انتهى إلى آخر العدد. لفظ القطان.
زاد جعفر في آخره: قلت لعبيد الله بن عمر: بم ذلك؟ قال: لا يُتم القراءة فيها، ولا الركوع، ولا السجود.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 25)، والنسائي في الكبرى (1/ 316/ 614)، وابن حبان (5/ 210/ 1889)، وأحمد (4/ 319)، وابن المبارك في المسند (72)، وفي الزهد (1301) [وسقط من إسناده في الزهد قوله:"عن أبيه"]، وابن أبي شيبة في المسند (1/ 290/ 436)، والبزار (4/ 251/ 1420)، واللفظ له، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (152 و 155)، وأبو يعلى (3/ 189/ 1615) و (11/ 501 - 502/ 6624)، والطبراني في حديثه لأهل البصرة فيما انتقاه عليه ابن مردويه (40)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 441).
قال ابن حبان: "هذا إسناد يوهم من لم يُحكِم صناعةَ العلم أنه منفصل غير متصل، وليس كذلك؛ لأن عمر بن أبي بكر سمع هذا الخبر عن جده عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عمار بن ياسر، على ما ذكره عبيد الله بن عمر؛ لأن عمر بن أبي بكر لم يسمعه من عمار على ظاهره".
قال ذلك لأنه رواه بإسقاط أبي بكر بن عبد الرحمن من الإسناد، مع كونه رواه عن أبى يعلى، وأبو يعلى قد رواه بإثباته، فلا أدري كيف سقط على ابن حبان، والله أعلم.
• خالفهم: عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، فقال: حدثنا عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؛ أن
عمار بن ياسر دخل المسجد،
…
فذكر القصة، وفيه:"إن الرجل ليصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها، أو تسعها، أو ثمنها، أو سبعها، أو سدسها، أو خمسها، أو ربعها، أو ثلثها، أو نصفها". فلم يذكر: عن أبيه، في الإسناد.
أخرجه أبو يعلى (3/ 1649/211).
قلت: رواية جماعة الحفاظ هي المحفوظة بإثبات أبيه في الإسناد.
يبقى الترجيح بعد ذلك بين رواية ابن عجلان ورواية عبيد الله بن عمر، وذلك بعد استبعاد رواية ابن أبي هلال لما فيها من سلوكٍ للجادة.
وقبل الحُكم، فلنذكر أقوال الأئمة عن رواية ابن عجلان عن المقبري، فقد قال يحيى بن سعيد القطان: "سمعت محمد بن عجلان يقول: كان سعيد المقبري يحدث عن أبيه عن أبي هريرة، وعن أبي هريرة، فاختلط عليَّ، فجعلتُها كلَّها عن أبي هريرة، [العلل ومعرفة الرجال (1/ 334/ 602) و (1/ 350/ 658) و (2/ 22/ 1418)، جامع الترمذي (2747)، الثقات (7/ 386)، شرح علل الترمذي (2/ 670)].
وقال النسائي في عمل اليوم والليلة (92): "وابن عجلان اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري: ما رواه سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وسعيد عن أخيه عن أبي هريرة، وغيرهما من مشايخ سعيد، فجعلها ابن عجلان كلها عن سعيد عن أبي هريرة، وابن عجلان ثقة، والله أعلم".
وقال ابن حبان في الثقات (7/ 387): "وقد سمع سعيد المقبري من أبي هريرة، وسمع عن أبيه عن أبي هريرة، فلما اختلط على ابن عجلان صحيفته، ولم يميز بينهما، اختلط فيها، وجعلها كلها عن أبي هريرة، وليس هذا مما يهي الإنسان به؛ لأن الصحيفة كلها في نفسها صحيحة، فما قال ابن عجلان: عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة؛ فذاك مما حمل عنه قديمًا قبل اختلاط صحيفته عليه، وما قال: عن سعيد عن أبي هريرة؛ فبعضها متصل صحيح، وبعضها منقطع؛ لأنه أسقط أباه منها، فلا يجب الاحتجاج عند الاحتياط إلا بما يروي الثقات المتقنون عنه عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، وإنما كان يهي أمره ويضعَّف لو قال في الكل: سعيد عن أبي هريرة؛ فإنه لو قال ذلك لكان كاذبًا في البعض؛ لأن الكل لم يسمعه سعيد عن أبي هريرة، فلو قال ذلك لكان الاحتجاج به ساقطًا على حسب ما ذكرناه".
وحاصل هذا الكلام: أن الإسناد الذي يظهر لنا احتمال وهم ابن عجلان فيه، هو ما قال فيه: عن سعيد عن أبي هريرة، حيث يحتمل أن يكون أسقط الواسطة بين شيخه سعيد وبين أبي هريرة، أو يكون سمعه هكذا، فالذي يختلط إسنادُه على ابن عجلان ولم يضبطه يجعله: عن سعيد عن أبي هريرة، هذه أمارة الوهم من ابن عجلان في أحاديثه عن شيخه سعيد، فيما اختلط عليه ولم يضبطه.
أما حديثنا هذا، فقد قال فيه ابن عجلان: عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم،
عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر؛ فأي سلوك فيه للجادة، بل مثل هذا الإسناد الذي لا تُروى به إلا أحاديث يسيرة لا يحفظه ولا يضبطه إلا حافظ ضابط متثبت.
والليث بن سعد ممن روى هذا الحديث عن ابن عجلان، وهذا مما يقوي رواية ابن عجلان، فإن الليث من أثبت الناس في سعيد المقبري، فكونه يقبل النزول فيه، ويكون ثبته فيه ابن عجلان لمما يقوي رواية ابن عجلان، قال أحمد بن حنبل:"أصح الناس حديثًا عن سعيد المقبري: ليث بن سعد"، وقال ابن المديني:"الليث، وابن أبي ذئب: ثبتان في حديث سعيد المقبري "[العلل ومعرفة الرجال (1/ 334/ 602) و (1/ 350/ 659)، التهذيب (3/ 629)، شرح علل الترمذي (2/ 670)].
وعلى هذا فالأقرب عندي أن الحديث محفوظ عن سعيد المقبري على الوجهين، وأن ابن عجلان وعبيد الله بن عمر كلاهما حدث بما سمع من سعيد، والله أعلم.
• واختلف فيه أيضًا على عمر بن الحكم:
أ- فرواه سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار بن ياسر به، وتقدم.
ب- ورواه ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن ابن لاس الخزاعي، قال: دخل عمار بن ياسر المسجد،
…
فذكر الحديث.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (7/ 26)، وأحمد (4/ 264).
هكذا رواه عن ابن إسحاق: إبراهيم بن سعد، وهو: ثقة حجة، من أثبت الناس في ابن إسحاق.
وخالفه: زياد بن عبد الله البكائي [وهو ثقة ثبت في مغازي ابن إسحاق، وفيما عدا المغازي فهو: ليس بالقوي][وتقدم الكلام عليه تحت الحديث رقم (393)]، قال: نا ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم، قال: صلى بنا عمار صلاةً،
…
فذكر الحديث، ولم يذكر في إسناده ابن لاس.
أخرجه البزار (4/ 252/ 1422).
وعليه: فالمحفوظ رواية إبراهيم بن سعد.
ج- ورواه سعيد بن أبي هلال، عن عمر بن الحكم الأنصاري، عن أبي اليَسَر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"منكم من يصلي الصلاة كاملة، ومنكم من يصلي النصف، والثلث، والربع، والخمس"، حتى بلغ "العشر".
أخرجه النسائي في الكبرى (1/ 316/ 616)، وأحمد (3/ 427)، والبزار (6/ 274/ 2303)، والطحاوي في المشكل (3/ 138 و 139)، وابن قانع في المعجم (2/ 376).
من طرقٍ عن ابن وهب، قال: أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد به.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم أحدًا حدَّث به فقال: عن أبي اليَسَر؛ إلا ابن
وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر بن الحكم، وقد رواه غير واحد فقال: عن عمر بن الحكم عن عمار بن ياسر، فذكرنا هذا الحديث عن أبي اليسر وعن عمار، كان في حديث عمار زيادة، وحديث أبي اليسر قليل، فذكرناه ليعلم أن أبا اليسر رواه، وبينا العلة فيه".
وقال النووي في الخلاصة (1578)، وفي المجموع (3/ 475):"رواه النسائي بإسناد صحيح".
• قلت: هو حديث اضطرب في إسناده ابن أبي هلال، ولم بضبطه؛ فقد اختلف عليه فيه:
أ- فرواه عمرو بن الحارث [ثقة ثبت، حافظ فقيه]، عن سعيد بن أبي هلال به هكذا.
ب- ورواه خالد بن يزيد [الجمحي المصري: ثقة فقيه]، عن ابن أبي هلال، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن العبد ليصلي فما يكتب له إلا عشر صلاته، فالتسع، فالثمن، فالسبع، حتى تكتب صلاته تامة".
تقدم ذكره في الاختلاف على سعيد المقبري.
وعليه: فلا يصح من حديث أبي هريرة، ولا من حديث أبي اليَسَر، إنما هو حديث عمار بن ياسر، وابن أبي هلال وإن كان صدوقًا؛ إلا أن أحمد كان ينكر عليه تخليطه في الأحاديث [انظر: سؤالات أبي داود (254)، التهذيب (2/ 48)].
إذا ظهر هذا، يبقى الترجيح بين رواية المقبري ورواية ابن إسحاق، وقد كفانا ذلك إمام علم العلل: علي بن المديني:
قال المزي في التهذيب (15/ 393): "قال علي بن المديني في حديث عبد الله بن عنمة عن عمار: ورواه ابن عجلان، عن المقبري، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن عبد الله بن عنمة. ورواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي؛ يعني: عن عمار.
قال: وقد روى محمد بن إسحاق بهذا الإسناد حديثًا آخر في إبل الصدقة، فرواه عن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن أبي لاس الخزاعي، قال: حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة
…
الحديث، وفيه:"على ذروة كل بعير شيطان".
قال: فهذا رجل له صحبة، وهو مما يقوي حديث ابن عجلان في روايته عن المقبري عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن ابن عنمة.
قال: ولا ندري مَن ابن عنمة هذا؟ لم ينسب إلى قبيلة، وقال في حديث أبي لاس عن عمار: ولعل أبا لاس هو عبد الله بن عنمة، وأبو لاس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم روى:"على ذروة كل بعير شيطان"، وروى هذا عن عمار" [وانظر أيضًا: تهذيب التهذيب (2/ 397)، تحفة الأشراف (7/ 162/ 10359 - ط الغرب)].
قلت: حديث ابن لاس أو أبي لاس الذي ذكره ابن المديني أخرجه بهذا الإسناد، من طريق ابن إسحاق:
ابن خزيمة (4/ 73/ 2377) و (4/ 142/ 2543)، والحاكم (1/ 444)، وأحمد (4/ 221)، وابن سعد في الطبقات (4/ 297)، والعباس بن محمد الدوري في تاريخ ابن معين (3/ 55/ 216)، وأبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (1/ 249)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 303 - 304/ 2328)، والدولابي في الكنى (1/ 184/ 355)، ودعلج في المنتقى من مسند المقلين (16 و 17)، والطبراني في الكبير (22/ 334/ 837 و 838)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3051/ 7063)، والبيهقي في السنن (5/ 252)، وفي الآداب (940)، وابن عبد البر في التمهيد (5/ 302)، والمزي في التهذيب (34/ 398)، وعلقه البخاري في الصحيح بصيغة التمريض قبل الحديث رقم (1468)، فقال:"ويُذكَر عن أبي لاس: حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج"، وكذا ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 329).
ولفظه: حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبلٍ من إبل الصدقة صِعابٍ [وفي رواية: ضِعاف] للحج، فقلنا: يا رسول الله! [إن هذه الإبل ضعاف] ما نرى أن تحملنا هذه! فقال: "ما من بعير إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتم عليها كما آمركم، ثم امتهنوها لأنفسكم؛ فإنما يحمل الله عز وجل".
قال فيه محمد بن عبيد الطنافسي، وعبد الله بن الأجلح: عن أبي لاس، وقال إبراهيم بن سعد: عن ابن لاس، وصرح فيه ابن إسحاق بالسماع في رواية إبراهيم.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
سبق أن نبهت على أن مسلمًا لم يخرج لابن إسحاق في الأصول، وإنما أخرج له في المتابعات والشواهد.
وقال ابن حجر في الفتح (3/ 332): "ورجاله ثقات؛ إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق، ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته".
وقال في التعليق (3/ 25) معلقًا على عدم جزم البخاري به: "وإنما لم يجزم به لعنعنة ابن إسحاق، والله أعلم".
قلت: قد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع عند أحمد وغيره، فثبت الحديث، والحمد لله، لكن قال الدارقطني:"ابن لاس الخزاعي: مجهول، لا يُعرف"[سؤالات البرقاني (609)]، قلت: لعله قال ذلك لقلة روايته، وقلة من روى عنه، وإلا فقد أثبت له الصحبة: ابن المديني والبخاري ومسلم وأبو حاتم وابن حبان، وغيرهم ممن صنف في الصحابة [كنى البخاري (81)، كنى مسلم (2870)، الجرح والتعديل (9/ 456)، الثقات (3/ 456)].
وقد ذهب الطبراني إلى أن اسم أبي لاس: محمد بن الأسود، وتبعه على ذلك: أبو
نعيم الأصبهاني، وقال ابن عبد البر:"قيل: اسمه عبد الله، وقيل: اسمه زياد"، ولم أجد لهم حجة على ذلك، وقال ابن حجر:"والحق أنه لا يعرف اسمه"[الاستيعاب (4/ 1739)، الإصابة (4/ 201) و (7/ 349)].
قلت: خلاصة ما ذهب إليه الإمام الجهبذ علي بن المديني، أنه إما أن يكون الإسنادان محفوظين:
سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار.
ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن ابن لاس الخزاعي، عن عمار.
فيكون لعمر بن الحكم بن ثوبان شيخان في هذا الحديث عن عمار، وإما أن يكونا شخصًا واحدًا، سماه مرة: عبد الله بن عنمة، وكناه أخرى، فقال: عن أبي لاس، أو: ابن لاس، لكن يشكل على هذا القول: أن عبد الله بن عنمة: مزني، وأبو لاس: خزاعي، ولا يجتمعان، ولو لم ينسب ابن عنمة لأمكن أن يكون هو نفسه أبو لاس.
وعلى هذا: فإما أن نقول بأن كلا الإسنادين محفوظ، أو نرجح أحدهما على الآخر، وظاهر كلام ابن المديني يدل على أنه اعتمد الإسنادين جميعًا، ولم يرجح أحدهما على الآخر، بل قواهما ببعض، فقال بعد أن ساق حديث ابن إسحاق عن أبي لاس:"فهذا رجل له صحبة، وهو مما يقوي حديث ابن عجلان في روايته عن المقبري عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن ابن عنمة".
• وعندئذ إذا نظرنا إلى المحفوظ من أسانيد حديث عمار هذا وجدناها كالآتي:
أ- ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المزني، عن عمار.
ب- عبيد الله بن عمر العمري، عن سعيد المقبري، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن عمار.
ج- ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، عن ابن لاس الخزاعي، عن عمار.
أما الإسناد الأول: فرجاله مدنيون ثقات معروفون؛ غير عبد الله بن عنمة المزني، ويحتمل أن يكون هو المذكور في الصحابة ممن شهد فتح الإسكندرية، فكلاهما يقال له: عبد الله بن عنمة، وكلاهما مزني [انظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1588)، المؤتلف لعبد الغني (2/ 552/ 1637)، الإكمال لابن ماكولا (6/ 144)، الإكمال لمغلطاي (8/ 104)، توضيح المشتبه (6/ 387)، الإصابة (4/ 201) و (5/ 94)، التهذيب (2/ 397)].
وأما الإسناد الثاني: فرجاله مدنيون ثقات مشهورون؛ غير عمر بن أبي بكر المخزومي المدني، وقد روى عنه جماعة من ثقات المدنيين وغيرهم، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (3/ 216)].
وأما الإسناد الثالث: فهو إسناد جيد؛ وقد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع، وابن لاس، أو: أبو لاس: صحابي تقدم الكلام عليه.
• والحاصل: فإن حديث عمار بن ياسر هذا: حديث حسن، ولم أقل: صحيح؛ لأجل هذا الاختلاف الشديد الذي وقع في أسانيده، حتى قال فيه ابن ناصر الدين في التوضيح (6/ 387):"وفي إسناد حديثه اضطراب".
والحديث احتج به أبو داود، وصححه ابن حبان.
• ومما روي عن عمار في هذا موقوفًا:
أ- روى أسود بن عامر [شاذان: ثقة]: حدثنا شريك، عن أبي هاشم الرماني: ثقة]، عن أبي مجلز، قال: صلى عمار صلاةً فجوَّز فيها، فسئل، أو: فقيل له، فقال: ما خرمت من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه أحمد (4/ 264).
أبو مجلز لاحق بن حميد: تابعي ثقة، روايته عن عمار مرسلة [انظر: تهذيب الكمال (31/ 178)، الميزان (4/ 356)، تحفة التحصيل (340)]، وشريك بن عبد الله النخعي: صدوق، سيئ الحفظ، يخطئ كثيرًا.
ب- وروى أبو بكر بن عياش [ثقة]، وشريك بن عبد الله النخعي:
عن عاصم، عن زر، قال: صليت خلف عمار فصلى صلاة خفف فيها، فقلت: يا أبا اليقظان خففت؟ قال: إني بادرت الوسواس.
أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 288/ 502)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (43/ 441).
وهذا موقوف بإسناد حسن، زر بن حبيش: ثقة جليل مخضرم، وعاصم بن بهدلة: صدوق.
ج- وروى ابن المبارك، قال: أخبرنا شريك، عن جابر، عن أبي جعفر، عن عمار بن ياسر، قال: لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه.
أخرجه ابن المبارك في الزهد (1300).
وهذا موقوف بإسناد واهٍ؛ لأجل جابر بن يزيد الجعفي، وهو: متروك، يكذب.
د- وروى الثوري، عن نسير بن ذعلوق، عن خليد الثوري، قال: سمعت عمار بن ياسر، يقول: احذفوا هذه الصلاة قبل وسوسة الشيطان.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 198)، وعبد الرزاق (2/ 367/ 3728)، ومسدد في مسنده (2/ 415/ 2004 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي شيبة (1/ 406/ 4667) (3/ 555/ 4701 - ط عوامة) [زيد في إسناده خطأ: قيس بن الربيع، وانظر: الفتح لابن رجب (4/ 215)].
وهذا موقوف بإسناد فيه جهالة؛ خليد الثوري: لا يُعرف، روى عنه اثنان، وذكره ابن