الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
122 /
ومن أذكار النوم
إنَّ من الأذكار العظيمة التي يُستَحبُّ للمسلم أن يحافظَ عليها كلَّ ليلة عندما يأوي إلى فراشه قراءةَ آية الكرسي، التي هي أعظم آية في القرآن الكريم، فقد جاء في السُّنَّة ما يدل على فضل ذلك، وأنَّ مَن قرأها إذا أوى إلى فراشه فإنَّه لَم يزل عليه من الله حافظ ولا يَقربه شيطان حتى يصبح.
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ وَقُلْتُ: وَاللهِ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالاً، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ـ وَذَكَرَ الحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ ـ: فَأَخَذْتُهُ ـ يَعْنِي فِي الثَّالِثَةِ ـ فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ تَزْعُمُ أَنَّكَ لَا تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ، قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُنَّ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} 1 حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! زَعَمَ أَنَّهُ يُعلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللهُ بِهَا،
1 سورة: البقرة، الآية (255) .
فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: مَا هِيَ قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ ـ وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ ـ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: لَا. قَالَ: ذَاكَ شَيْطَانٌ"1.
فهذا الحديثُ فيه فضلُ هذه الآية الكريمة، وعظمُ نفعها، وشدَّةُ تأثيرها في التحرُّز من الشيطان والوقاية من شَرِّه، وأنَّ مَن قرأها عند نومه حُفظ وكُفِيَ ولَم يَقْرَبه شيطان حتى يصبح؛ ذلك أنَّ هذه الآية الكريمة فيها من توحيد الله وتمجيده وتعظيمه وبيان تفرده بالكمال والجلال ما يحقق لِمَن قرأها الحفظَ والكفايةَ، ففيها من أسماء الله الحسنى خمسة أسماء، وفيها من صفات الله ما يزيد على العشرين صفة، وقد بُدئت بذكر تفرد الله بالألوهية وبطلان ألوهية كلِّ من سواه، ثم ذِكْرِ حياة الله الكاملة التي لا يلحقها فناء، وذِكْرِ قيوميَّته سبحانه أي: قيامه بنفسه وقيامه بتدبير أمور خلقه، وذكر تَنَزُّهَه سبحانه عن صفات النقص كالسِّنَة والنوم، وبيان سعة ملكه سبحانه وأنَّ جميع من في السماوات والأرض عبيدٌ له داخلون تحت قهره وسلطانه، وذَكَرَ من أدلَّة عظمته أنَّه لا يمكن لأحد من الخلق أن يشفع عنده سبحانه إلَاّ من بعد إذنه، وفيها إثباتُ صفة العلم لله سبحانه، وأنَّ علمَه سبحانه محيطٌ بكلِّ معلوم، فهو يعلم ما كان وما سيكون وما لَم يكن لو كان كيف يكون، وفيها بيانُ
1 صحيح البخاري (رقم:2311) .
عظمة الله سبحانه بذكر عظمة مخلوقاته، فإذا كان الكرسي وهو مخلوقٌ من مخلوقاته وسع السماوات والأرض فكيف بالخالق الجليل والرب العظيم، وفيها بيانُ عظمة اقتداره سبحانه، وأنَّه سبحانه من كمال قدرته لا يؤوده أي: لا يثقله حفظ السماوات والأرض، ثم ختمت الآية بذكر اسمين عظيمين لله وهما "العلي العظيم"، وفيهما إثباتُ علوِّ الله سبحانه ذاتاً وقدراً وقهراً، وإثباتُ عظمته سبحانه بالإيمان بأنَّ له جميع معاني العظمة والجلال، وأنَّه لا يستحق أحدٌ التعظيمَ والتكبير والإجلال سواه.
فهي آيةٌ عظيمةٌ فيها من المعاني الجليلة والدلالات العميقة والمعارف الإيمانية ما يدلُّ على عظمها وجلالة شأنها، وقد ثبت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّها أعظمُ آية في القرآن الكريم كما في الصحيح "أنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال لأُبَيِّ بن كعب: يا أبا المنذر أَتَدْرِي أيَّ آية في كتاب الله أعظم؟ فقال: الله ورسوله أعلم، فردَّدَها مراراً ثم قال أُبَيٌّ: هي آية الكرسي {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} فقال: لِيَهْنِكَ العلمُ أبا المنذر"1، أي: ليكن العلم هنيئاً لك.
ومِمَّا يُستحب للمسلم أن يحافظَ عليه عند ما يأوي إلى فراشه أن يقرأ سورةَ الكافرون، ويجعلها آخر ما يقرأ فإنها براءةٌ من الشرك.
روى الإمام أحمد في مسنده عن فَروة بن نوفل الأشجعي عن أبيه رضي الله عنه قال: "دفع إليَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ابنة أم سلمة، وقال: إنَّما أنت ظئْري، قال: فمكثت ما شاء الله ثم أتيته، فقال: ما فعلت الجاريةُ أو الجويرية قال: قلت: عند أمِّها، قال: فمجيءُ ما جئتَ قال: قلت: تُعلِّمنِي ما أقول عند منامي،
1 صحيح مسلم (رقم:810) .
فقال: اقرأ عند منامك {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (ثم نَمْ على خاتِمَتِها فإنها براءةٌ من الشرك"1.
وقد دلَّ هذا الحديثُ على فضل هذه السورة، وفضل قراءتها عند النوم، والترغيب في أن ينامَ المسلمُ على خاتمتها، ليكون آخرَ ما نام عليه هو إعلانُ التوحيد والبراءةُ من الشرك، ولا ريب أنَّ مَن قرأها وفهم ما دلَّت عليه وعمل بما تقتضيه، فقد برئ من الشرك ظاهراً وباطناً، وقد كان بعض السَّلف يُسميها: المُقَشْقِشَة، يقال: قَشْقَشَ فلان، إذا برئ من مَرضه، فهي تبرئ صاحبها من الشرك.
وتُسَمَّى هي وسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بسورَتي الإخلاص؛ لأنَّ فيهما إخلاصُ التوحيد بنوعيه العلمي والعملي لله تبارك وتعالى.
وقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُواظب على قراءتهما في ركعتَي الفجر، فيفتَتِحُ بهما عملَ النهار، وكان يقرؤهما في سُنَّة المغرب فيختتمُ بهما عملَ النهار، وكان يوتر بهما فيكونان خاتمةَ عمل الليل، وسبق أن مرَّ معنا أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} إذا آوى إلى فراشه، وفي حديث نوفل هذا الترغيبُ في قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} عند النوم، فيكونان بذلك الخاتمةَ التي ينام عليها المسلم.
1 المسند (5/456) وصحَّحه الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب (رقم:604) .
123 / فضل قراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة كلَّ ليلة
لقد ثبت في السنة عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الترغيب في قراءة الآيتين اللَّتين خُتمت بهما سورة البقرة في كلِّ ليلة، وذكر في ذلك صلى الله عليه وسلم فضلاً عظيماً، ففي الصحيحين عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ"1.
وهما آيتان عظيمتان دلَّت الأولى منهما على إيمان الرسول والمؤمنين معه بالله وبكلِّ ما أمرهم سبحانه بالإيمان به، وانقيادهم وطاعتهم له سبحانه في جميع أوامره، حيث أخبَر فيها سبحانه أنَّهم آمنوا بالله وملائكته وكُتُبه ورسله، وهذا يتضمَّن الإيمان بجميع ما أخبر الله به عن نفسه وأَخبَرت به عنه رسُلُه
1 صحيح البخاري (رقم:5009)، وصحيح مسلم (رقم:808) .
2 سورة: البقرة، الآيتان (285 ـ 286) .
من صفات كماله ونعوت جلاله، وتَنْزيهه عن التمثيل والتعطيل وعن جميع صفات النَّقص، ويتضمَّن الإيمان بالملائكة الكرام، وبجميع ما ذكر عنهم في الوحي؛ من أسمائهم وأوصافهم وأعدادهم ووظائفهم، والإيمانُ بجميع الرُّسل عليهم السلام والكتب المنَزَّلة عليهم، وما تضمَّنته الكتبُ من الأخبار والأوامر والنواهي، وأنَّهم لا يفرِّقون بين أحد من رسل الله، بل يؤمنون بالجميع، ويقولون سمعنا ما أمرتنا به ونَهيتنا عنه، وأطعنا لك في ذلك، ويسألونه المغفرةَ على ما صدر منهم من تقصير أو إخلال، ويؤمنون بأنَّ مرجعَهم ومصيرَهم إليه سبحانه فيجازيهم بما عملوا من خير وشر، هذا خلاصةُ ما دلَّت عليه الآيةُ الأولى.
والآيةُ الثانية فيها الإخبار بأنَّ الله لا يكلِّف الناسَ ما لا يطيقون أو يشق عليهم فعله، بل كلَّفهم بما فيه غذاءُ أرواحهم، ودواءُ أبدانهم، وصلاحُ قلوبهم، وزكاءُ نفوسهم، وفيها الإخبارُ بأنَّ لكلِّ نفس ما كسبت من الخير وعليها ما اكتسبت من الشَّرِّ، ولَمَّا أخبر تعالى عن إيمان الرَّسول والمؤمنين معه وأنَّهم قابلوا أمرَ الله بالسمع والطاعة، وأنَّ كلَّ عامل سيُجَازَى بعمله، وكان الإنسانُ عرضةً للتقصير والخطأ والنسيان أخبر أنَّه لا يكلِّف العبادَ إلَاّ ما يطيقون، وأخبر عن دعاء المؤمنين بذلك {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} إلى آخر ما جاء في الآيات من دعوات مباركة، وقد أخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الله قال:"قد فَعَلتُ" أي: أجبتُ لِمَن دعا بهذه الدعوات.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: نعم"1.
1 صحيح مسلم (رقم:125) .
فتضمَّنت الآيتان إيمان المؤمنين بالله، ودخولهم تحت طاعته وعبوديته واعترافهم بربوبيته، واضطرارهم إلى مغفرته، واعترافهم بالتقصير في حقِّه، وإقرارهم برجوعهم إليه، واستشعارهم لمجازاته إياهم على أعمالهم، ودعائهم إيَّاه سبحانه، وسؤالهم العفو والمغفرة والرحمة والنصر على الأعداء، وهي بلا ريب معان عظيمة تدلُّ على كمال إيمانهم وتمام قبولهم وصدق انقيادهم لله رب العالمين.
ولهذا أخبر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم أنَّ من قرأهما في ليلة كفتاه، قال الشوكاني رحمه الله:"أي: أغنتاه عن قيام تلك الليلة بالقرآن، أو أجزأتاه عن قراءته القرآن، أو أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملت عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً، أو وَقَتاه من كلِّ سوء ومكروه، أو كفتاه شر الشياطين، أو شر الثقلين أو شر الآفات كلِّها، أو كفتاه بما حصل له من ثواب غيرها، ولا مانع من إرادة هذه الأمور جميعها، ويؤيد ذلك ما تقرر في علم المعاني والبيان من أنَّ حذف المتعلق مشعرٌ بالتعميم، فكأنه قال: كفتاه من كل شر أو من كل ما يخاف، وفضل الله واسعٌ"1 اهـ كلامه رحمه الله.
وقد اختار ابن القيم رحمه الله أنَّ معنى كفتاه أي: من شر ما يؤذيه فقال في كتابه الوابل الصيب: "الصحيح أنَّ معناها: كفتاه من شر ما يؤذيه، وقيل: كفتاه من قيام الليل، وليس بشيء"2 اهـ.
فحريٌ بالمسلم أن يحافظَ على قراءة هاتين الآيتين كلَّ ليلة؛ لينال هذا الموعود الكريم بأن يُكْفَى من كلِّ شَرٍّ يؤذيه، وقد ورد عن علي بن أبي
1 تحفة الذاكرين (ص:99) .
طالب رضي الله عنه أنَّه قال: " ما أرى أحداً يعقل بلغه الإسلامُ ينامُ حتَّى يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة، فإنَّها من كنْز تحت العرش"1.
وقوله صلى الله عليه وسلم "فإنَّها من كنْز تحت العرش " ثبت مرفوعاً إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث، منها ما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ خواتيم سورة البقرة مِن كَنْز تحت العرش"2.
وفي المسند أيضاً عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة، فإنِّي أُعْطِيتُهما من تحت العرش"3.
ومِمَّا ورد في فضل هاتين الآيتين ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بينما جبريل قاعدٌ عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذ سَمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: "هذا بابٌ فُتح اليوم لَم يُفتَح قَطُّ إلَاّ اليوم، فنَزَل منه مَلَكٌ فقال: هذا مَلَكٌ نزل إلى الأرض لَم يَنْزِل قَطُّ إلَاّ اليوم فسَلَّمَ، وقال: أَبْشِر بنُورَيْن أُوتِيتَهُما لَم يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تَقرَأَ بِحرف منها إلَاّ أُعْطِيتَه"4.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "اعلم أنَّ الله سبحانه أعطى نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم وبارك ـ خواتيم سورة البقرة من كَنْز تحت العرش، لَم يُؤْتَ منه نَبِيٌّ قبله، ومن تدَبَّر هذه الآيات وفهم ما تضمَّنته من
1 أورده ابن كثير في تفسيره (1/507)، وأورده النووي في الأذكار (ص:89) بلفظ آخر وقال: "إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم".
2 المسند (5/180)، وصحَّحه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (رقم:1060) .
3 المسند (4/147)، وصحَّحه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (رقم:1172) .
4 صحيح مسلم (رقم:806) .
حقائق الدِّين، وقواعد الإيمان الخمس، والرد على كلِّ مُبْطِل، وما تضمنته من كمال نِعَم الله تعالى على هذا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وأمَّته، ومحبة الله سبحانه لهم وتفضيله إيَّاهم على من سواهم فلْيَهْنِه العلم"1، ثم ذكر رحمه الله كلاماً نفيساً في بيان معناها.
وفي كلامه رحمه الله حثٌ على العناية بهاتين الآيتين حفظاً وقراءة وتَدَبُّراً وتحقيقاً، والله المرغوبُ أن يوفِّقَنا وإيَّاكم لذلك ولكلِّ خير.
1 مجموع الفتاوى (14/129) .