الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لانه عقد يعتبر فيه النية، ولا يشترط في صحته اعتبار اللفظ المخصوص، بل المعتبر فيه أي لفظ اتفق إذا فهم المعنى الشرعي منه: أي إذا كان بينه وبين المعنى الشرعي مشاركة، لان النبي صلى الله عليه وسلم زوج رجلا امرأة فقال:(قد ملكتكها بما معك من القرآن) .
رواه البخاري.
ولان لفظ الهبة انعقد به زواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك ينعقد به زواج أمته، قال الله تعالى:(يأيها النبي إنا أح للنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن) إلى قوله: (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) .
ولانه أمكن تصحيحه بمجازه، فوجب تصحيحه، كايقاع الطلاق بالكنايات.
وذهب الشافعي وأحمد وسعيد بن المسيب وعطاء إلى أنه لا يصح إلا بلفظ التزويج أو الانكاح وما اشتق منهما، لان ما سواهما من الالفاظ كالتمليك والهبة لا يأتي على معنى الزواج، ولان الشهادة عندهم شرط في
الزواج، فإذا عقد بلفظ الهبة لم تقع على الزواج.
العقد بغير اللغة العربية:
اتفق الفقهاء على جواز الزواج بغير اللغة العربية إذا كان العاقدان أو أحدهما لا يفهم العربية.
واختلفوا فيما إذا كانا يفهمان العربية ويستطيعان العقد بها: قال ابن قدامة في المغني: ومن قدر على لفظ النكاح بالعربية لم يصح بغيرها، وهذا أحد قولي الشافعي.
وعند أبي حنيفة ينعقد، لانه أتى بلفظه الخاص فانعقد به، كما ينعقد بلفظ العربية.
ولنا: انه عدل عن لفظ الانكاح والتزويج مع القدرة فلم يصح كلفظ الاحلال.
فأما من لا يحسن العربية فيصح منه عقد النكاح بلسانه، لانه عاجز عما سواه فسقط عنه: كالاخرس، ويحتاج أن يأتي بمعناهما الخاص بحيث يشتمل على معنى اللفظ العربي، وليس على من لا يحسن العربية تعلم ألفاظ النكاح بها.
وقال أبو الخطاب: عليه أن يتعلم، لان ما كانت العربية شرطا فيه لزمه أن يتعلمها مع القدرة، كالتكبير.
ووجه الاول أن النكاح غير واجب، فلم يجب تعلم أركانه بالعربية كالبيع بخلاف التكبير.
فان كان أحد المتعاقدين يحسن العربية دون الاخر أتى الذي يحسن العربية بها، والاخر يأتي بلسانه.
فان كان أحدهما لا يحسن لسان الاخر احتاج أن يعلم أن اللفظة التي أتى
بها صحبه لفطة الانكاح ان يخبره بذلك ثقة يعرف اللسانين جميعا.
والحق الذي يبدو لنا أن هذا تشدد، ودين الله يسر، وسبق أن قلنا: إن الركن الحقيقي هو الرضا.
والايجاب والقبول ما هما إلا مظهران لهذا الرضا ودليلان عليه.
فإذا وقع الايجاب والقبول كان ذلك كافيا، مهما كانت اللغة التي أديا بها.
قال ابن تيمية: انه (أي النكاح) وان كان قربة، فانما هو كالعتق والصدقة، لا يتعين له لفظ عربي ولا عجمي.
ثم ان الاعجمي إذا تعلم العربية في الحال ربما لا يفهم المقصود من ذلك اللفظ، كما يفهم من اللغة التي اعتادها.
نعم لو قيل: تكره العقود بغير العربية لغير حاجة، كما يكره سائر أنواع الخطاب بغير العربية لغير حاجة، لكان متوجها.
كما روي عن مالك وأحمد والشافعي ما يدل على كراهية اعتياد المخاطبة بغير العربية لغير حاجة.