المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من أقر بزنا امرأة فجحدت: - فقه السنة - جـ ٢

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج

- ‌الترغيب في الزواج:

- ‌حكمة الزواج:

- ‌حكم الزواج

- ‌تقديم الزواج على الحج:

- ‌اختيار الزوجة:

- ‌اختيار الزوج:

- ‌الخطبة:

- ‌النظر إلى المخطوبة:

- ‌العدول عن الخطبة وأثره:

- ‌عقد الزواج:

- ‌شروط الإيجاب والقبول

- ‌ألفاظ الإنعقاد:

- ‌العقد بغير اللغة العربية:

- ‌عقد الزواج للغائب:

- ‌شروط صيغة العقد:

- ‌اشتراط التنجيز في العقد:

- ‌ زواج المتعة

- ‌العقد على المرأة وفي نية الزوج طلاقها:

- ‌زواج التحليل:

- ‌الزواج الذي تحل به المطلقة للزوج الأول:

- ‌صيغة العقد المقترنة بالشرط:

- ‌ الشغار:

- ‌شروط صحة الزواج:

- ‌حكم الاشهاد على الزواج:

- ‌ما يشترط في الشهود:

- ‌شهادة النساء:

- ‌عقد الزواج شكلي:

- ‌شروط نفاذ العقد:

- ‌شروط لزوم عقد الزواج:

- ‌متى يكون العقد غير لازم:

- ‌رأي الفقهاء في الفسخ بالعيب:

- ‌شروط سماع الدعوى بالزواج قانونا:

- ‌تحديد سن الزوجين لسماع دعوى الزواج:

- ‌تحديد سن الزواج لمباشرة عقد الزواج رسميا:

- ‌المحرمات من النساء:

- ‌الزنا والزواج:

- ‌زواج نساء أهل الكتاب:

- ‌الفرق بين المشركة والكتابية

- ‌زواج المسلمة بغير المسلم:

- ‌وجوب العدل بين الزوجات:

- ‌حق المرأة في اشتراط عدم التزوج عليها:

- ‌حكمة التعدد:

- ‌تاريخ تعدد الزوجات

- ‌الولاية على الزواج:

- ‌عضل الولي:

- ‌زواج اليتيمة:

- ‌انعقاد الزواج بعاقد واحد:

- ‌الوكالة في الزواج:

- ‌الكفاءة في الزواج:

- ‌الحقوق الزوجية:

- ‌المهر:

- ‌وجوب المتعة:

- ‌النفقة:

- ‌المرأة تسلم دون زوجها:

- ‌الحقوق غير المادية:

- ‌إتيان الرجل زوجته:

- ‌حرمة التكلم بما يجري بين الزوجين أثناء المباشرة:

- ‌إتيان الرجل في غير المأتى:

- ‌العزل وتحديد النسل

- ‌حكم إسقاط الحمل:

- ‌الإيلاء:

- ‌تجاوز الصدق بين الزوجين:

- ‌إمساك الزوجة بمنزل الزوجية:

- ‌الانتقال بالزوجة:

- ‌اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها:

- ‌منع الزوجة من العمل:

- ‌خروج المرأة لطلب العلم:

- ‌تأديب الزوجة عند النشوز:

- ‌تزين المرأة لزوجها:

- ‌التبرج:

- ‌تزين الرجل لزوجته:

- ‌الخطبة قبل الزواج:

- ‌إعلان الزواج:

- ‌الغناء عند الزواج:

- ‌وصايا الزوجة:

- ‌الوليمة:

- ‌زواج غير المسلمين:

- ‌إسلام أحد الزوجين دون الآخر:

- ‌الطلاق:

- ‌الطلاق من حق الرجل وحده:

- ‌من يقع منه الطلاق:

- ‌الطلاق قبل الزواج:

- ‌الطلاق باللفظ:

- ‌الطلاق بالكتابة:

- ‌الإشهاد على الطلاق:

- ‌من ذهب إلى وجوب الاشهاد على الطلاق وعدم وقوعه بدون بينة:

- ‌التنجيز والتعليق صيغة الطلاق:

- ‌الطلاق السني والبدعي:

- ‌طلاق الحامل:

- ‌طلاق الآيسة والصغيرة والمنقطعة الحيض:

- ‌طلاق البتة:

- ‌الطلاق الرجعي والبائن:

- ‌التفويض والتوكيل في الطلاق:

- ‌ التطليق لعدم النفقة

- ‌التطليق للضرر:

- ‌التطليق لغيبة الزوج:

- ‌التطليق لحبس الزوج:

- ‌الخلع:

- ‌الخلع بتراضي الزوجين:

- ‌الشقاق من قبل الزوجة كاف في الخلع:

- ‌حرمة الاساءة إلى الزوجة لتختلع:

- ‌الخلع بين الزوج وأجنبي:

- ‌الخلع يجعل أمر المرأة بيدها:

- ‌جواز تزوجها برضاها:

- ‌خلع الصغيرة المميزة

- ‌خلع المحجور عليها

- ‌نشوز الرجل:

- ‌الشقاق بين الزوجين:

- ‌الظهار:

- ‌الفسخ:

- ‌اللعان:

- ‌العدة:

- ‌عدة الحائض:

- ‌أقل مدة للاعتداد بالاقراء:

- ‌عدة غير الحائض:

- ‌سن اليأس:

- ‌عدة الحامل:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها:

- ‌وجوب العدة في غير الزواج الصحيح:

- ‌طلاق الفار:

- ‌ انقضاء العدة

- ‌لزوم المعتدة بيت الزوجية:

- ‌حداد المعتدة:

- ‌نفقة المعتدة:

- ‌الحضانة:

- ‌الأم أحق بالولد من أبيه:

- ‌شروط الحضانة:

- ‌انتهاء الحضانة:

- ‌الطفل بين أبيه وأمه:

- ‌أحكام القضاء

- ‌الحدود:

- ‌جرائم الحدود:

- ‌عدالة هذه العقوبات:

- ‌سقوط الحدود بالشبهات:

- ‌الشبهات وأقسامها

- ‌مشروعية التستر في الحدود:

- ‌ستر المسلم نفسه:

- ‌الحدود كفارة للآثام:

- ‌إقامة الحدود في دار الحرب:

- ‌الخمر:

- ‌تشديد الإسلام في تحريم الخمر:

- ‌تحريم الخمر في المسيحية:

- ‌أضرار الخمر:

- ‌الخمر إذا تخللت:

- ‌المخدرات:

- ‌حد شارب الخمر:

- ‌بم يثبت الحد

- ‌شروط إقامة الحد:

- ‌التداوي بالخمر:

- ‌حد الزنا:

- ‌التدرج في تحريم الزنا:

- ‌الزنا الموجب للحد:

- ‌أقسام الزناة:

- ‌الجمع بين الجلد والتغريب:

- ‌شروط الإحصان:

- ‌المسلم والكافر سواء:

- ‌شروط الحد:

- ‌بم يثبت الحد:

- ‌من أقر بزنا امرأة فجحدت:

- ‌وقت إقامة الحد:

- ‌حضور الإمام والشهود والرجم:

- ‌شهود طائفة من المؤمنين الحد:

- ‌الضرب في حد الجلد:

- ‌هل للمجلود دية إذا مات

- ‌ عمل قوم لوط:

- ‌ الاستمناء:

- ‌ السحاق:

- ‌ إتيان البهيمة:

- ‌ الوطء بالاكراه:

- ‌ الخطأ في الوطء:

- ‌ الوطء في نكاح مختلف فيه:

- ‌ الوطء في نكاح باطل:

- ‌حد القذف:

- ‌شروط القاذف:

- ‌شروط المقذوف:

- ‌بم يثبت حد القذف:

- ‌كيفية التوبة:

- ‌هل يحد بقذف أصله

- ‌سقوط الحد:

- ‌الردة:

- ‌حكمة قتل المرتد:

- ‌مال المرتد:

- ‌لحوقه بدار الحرب:

- ‌هل يقتل الساحر:

- ‌الكاهن والعراف

- ‌شروط الحرابة:

- ‌سقوط الحدود بالتوبة قبل رفع الجناة إلى الحاكم:

- ‌حد السرقة:

- ‌أنواع السرقة:

- ‌جحد العارية:

- ‌لنباش:

- ‌متى يقدر المسروق:

- ‌سرقة الجماعة:

- ‌الطرار:

- ‌المسجد حرز:

- ‌السرقة من الدار:

- ‌عقوبة السرقة:

- ‌الجنايات:

- ‌المحافظة على النفس كرامة الانسان:

- ‌القصاص بين الجاهلية والإسلام:

- ‌أنواع القتل:

- ‌أداة القتل:

- ‌ القود أو العفو

- ‌شروط وجوب القصاص:

- ‌الجماعة تقتل بالواحد:

- ‌ثبوت القصاص:

- ‌استيفاء القصاص

- ‌بم يكون القصاص:

- ‌هل يقتل القاتل في الحرم

- ‌القصاص فيما دون النفس:

- ‌شروط القصاص فيما دون النفس:

- ‌موت المقتص منه:

- ‌الدية:

- ‌على من تجب:

- ‌دية المرأة:

- ‌لمن تجب:

- ‌وجود قتيل بين قوم متشاجرين:

- ‌القتل بعد أخذ الدية:

- ‌اصطدام الفارسين:

- ‌ضمان صاحب الدابة:

- ‌ضمان القائد والراكب والسائق:

- ‌الدابة الموقوفة:

- ‌ضمان ما أتلفته الطيور:

- ‌ضمان ما أصابه الكلب أو الهر:

- ‌ما يقتل من الحيوان وما لا يقتل:

- ‌ما لا ضمان فيه:

- ‌ضمان ما أتلفته النار:

- ‌إفساد زرع الغير:

- ‌غرق السفينة:

- ‌ضمن الطبيب:

- ‌الرجل يفضي زوجته:

- ‌الحائط يقع على شخص فيقتله:

- ‌الإذن في أخذ الطعام وغيره:

- ‌القسامة:

- ‌التعزير:

- ‌السلام في الإسلام:

- ‌كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين:

- ‌الإعتراف بحق الفرد:

- ‌جريمة إهدار الحقوق:

- ‌الجهاد:

- ‌الاستنصار بالضعفاء:

- ‌فضل الجهاد:

- ‌الجهاد لا يعد له شئ:

- ‌فضل الشهادة:

- ‌الجهاد لاعلاء كلمة الله:

- ‌فضل الرمي بنية الجهاد:

- ‌الحرب في البحر أفضل من الحرب في البر:

- ‌صفات القائد:

- ‌الواجب على قائد الجيش:

- ‌وصية عمر رضي الله عنه:

- ‌واجب الجنود:

- ‌وجوب الدعوة قبل القتال:

- ‌الدعاء عند القتال:

- ‌وجوب الثبات أثناء الزحف:

- ‌الكذب والخداع عند الحرب:

- ‌الغارة على الأعداء ليلا:

- ‌انتهاء الحرب:

- ‌الهدنة:

- ‌عقد الذمة:

- ‌الأحكام التي تجري على أهل الذمة:

- ‌الجزية:

- ‌عقد الذمة للمواطنين وللمستقلين:

- ‌بم ينقض العهد

- ‌موجب النقض:

- ‌الغنائم:

- ‌من لا سهم له في الغنيمة:

- ‌الأجراء وغير المسلمين لا يسهم لهم:

- ‌الغلول:

- ‌الحربي يسلم:

- ‌أسرى الحرب:

- ‌معاملة الأسرى:

- ‌الاسترقاق:

- ‌معاملة الرقيق:

- ‌طريق التحرير:

- ‌أرض المحاربين المغنومة:

- ‌العجز عن عمارة الارض الخراجية:

- ‌ميراث الأرض المغنومة:

- ‌الفيء:

- ‌عقد الأمان:

- ‌نتيجة الأمان:

- ‌متى يتقرر هذا الحق:

- ‌عقد الأمان لجهة ما:

- ‌المستأمن:

- ‌العهود والمواثيق:

- ‌شروط العهود:

- ‌نقض العهود:

- ‌من معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌من أقر بزنا امرأة فجحدت:

لزوم الحد اعترافه به مرة واحدة.

لما رواه أبو هريرة وزيد بن خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها ".

فاعترفت، فرجمها، ولم يذكر عددا.

وعند الاحناف: أنه لابد من أقارير أربعة مرة بعد مرة في مجالس متفرقة.

ومذهب أحمد وإسحاق مثل الاحناف، إلا أنهم لا يشترطون المجالس المتفرقة، والمذهب الاول هو الارجح.

الرجوع عن الاقرار يسقط الحد: ذهبت الشافعية، والحنفية، وأحمد (1) إلى أن الرجوع عن الاقرار يسقط الحد لما رواه أبو هريرة عند أحمد والترمذي:" أن ما عزا لما وجد مس الحجارة يشتد فر حتى مر برجل معه لحي (2) جمل، فضربه به، وضربه الناس حتى مات. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هلا تركتموه!؟ ". قال الترمذي إنه حديث حسن.

وقد روي من غير وجه عن أبي هريرة. انتهى.

وأخرج أبو داود والنسائي من حديث جابر نحوه، وزاد " إنه لما وجد مس الحجارة صرخ: يا قومن ردوني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن قومي قتلوني وغروني من نفسي، وأخبروني أن رسول الله غير قاتلي.

فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه قال: فهلا تركتموه وجئتموني به!!؟ ".

‌من أقر بزنا امرأة فجحدت:

إذا أقر الرجل بزنا امرأة معينة، فجحدت فإنه يقام عليه الحد وحده،

(1) وقال مالك: إن رجع إلى شبهة قبل رجوعه، وإن رجع إلى غير شبهة فقيل.

يقبل، وهي الرواية المشهورة عنه، والثانية أنه لا يقبل جوعه.

(2)

اللحى: عظم الحنك.

ص: 416

ولاتحد هي.

لما رواه أحمد وأبو داود عن سهل بن سعد: " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد زنا بامرأة سماها، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فدعاها، فسألها فأنكرت، فحده وتركها ".

وهذا الحد هو حد الزنا الذي أقر به، لاحد قذف المرأة كما ذهب إليه مالك والشافعي.

وقال الاوزاعي وأبو حنيفة: يحد للقذف فقط، لان إنكارها شبهة، واعترض على هذا الرأي بأن إنكارها لا يبطل إقراره.

وذهبت الهادوية، ومحمد، ويروى عن الشافعي، أنه يحد للزنا والقذف، لما رواه أبو داود والنسائي عن ابن عباس: " أن رجلا من بكر بن ليث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات، فجلده مائة - وكان بكرا - ثم سأله البينة على المرأة.

فقالت: كذب يا رسول الله، فجلده حد الفرية ثمانين (1) ".

ثبوته بالشهود: الاتهام بالزناسئ الاثر في سقوط الرجل والمرأة، وضياع كرامتهما، وإلحاق العار بهما وبأسرتيهما وذريتهما.

ولهذا شدد الاسلام في إثبا ت هذه الجريمة حتى يسد السبيل على الذين يتهمون الابرياء - جزافا أو لادنى حزازة - بعار الدهر وفضيحة الابد، فاشترط في الشهادة على الزنا الشروط الآتية:

(أولا) أن يكون الشهود أربعة - بخلاف الشهادة على سائر الحقوق - قال الله تعالى: " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم.

فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا " (2) ولقوله: " والذين يرمون المحصنات، ثم لم يأتوا بأربعة شهداء " (3) فإن كانوا أقل من أربعة لم تقبل.

(1) قال النسائي هذا حديث منكر، وقال ابن حبان بطل الاحتجاج به.

(2)

سورة النساء: الآية 15.

(3)

سورة النور: الآية 4.

ص: 417

وهل يحدون إذا شهدوا؟: قال الاحناف، ومالك، والراجح من مذهب الشافعي، وأحمد: نعم.

الان عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة.

وهم: أبو بكرة ونافع وشبل ابن معبد.

وقيل لا يحدون حد القذف، لان قصدهم أداء الشهادة لاقذف المشهود عليه.

وهو المرجوح عندالشافعية والحنفية ومذهب الظاهرية.

(ثانيا) البلوغ: لقول الله تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ".

(1)

فإن لم يكن بالغا فلا تقبل شهادته، لانه ليس من الرجال، ولا ممن ترضى شهادته، ولو كانت حاله تمكنه من أداء الشهادة على وجهها، ولقول الرسول

صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق ".

لصبي ليس أهلا لان يتولى حفظ ماله، فلا يتولى الشهادة على غيره، لان الشهادة من باب الولاية.

(ثالثا) العقل: فلا تقبل شهادة مجنون ولامعتوه للحديث السابق، وإذا كانت شهادة الصبي لاتقبل لنقصان عقله فأولى ألا تقبل شهادة المجنون والمعتوه.

(رابعا) العدالة: لقول الله تعالى: " وأشهدوا ذوي عدل منكم "(2) وقوله: " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا، أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "(3) .

(1) سورة البقرة الآية: 282.

(2)

سورة الطلاق الآية: 2 (3) سورة الحجرات الآية: 6

ص: 418

(خامسا) الاسلام: سواء كانت الشهادة على مسلم أو غير مسلم، وهذا متفق عليه بين الائمة.

(سادسا) المعاينة: أي أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها كالميل في المكحلة والرشا في البئر لان الرسول صلى الله عليه وسلم قال لما عز: " لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت "؟ فقال: لا يا رسول الله.

فسأله صلوات الله وسلامه عليه باللفظ الصريح لا يكني.

قال: نعم. قال: " كما يغيب المرود في المكحلة والرشا في البئر "؟ قال: نعم.

وإنما أبيح النظر في هذه الحالة للحاجة إلى الشهادة، كما أبيح للطبيب، والقابلة ونحوهما.

(سابعا) التصريح: وأن يكون التصريح بالايلاج لا بالكناية كما تقدم في الحديث السابق.

(ثامنا) اتحاد المجلس: ويرى جمهور الفقهاء أن من شرط هذه الشهادة اتحاد المجلس بأن لا يختلف في الزمان ولا في المكان، فإن جاءوا متفرقين لا تقبل شهادتهم.

ويرى الشافعية، والظاهرية، والزيدية، عدم اشتراط هذا الشرط.

فإن شهدوا مجتمعين أو متفرقين في مجلس واحد أو في مجالس متفرقة، فإن شهادتهم تقبل، لان الله تعالى ذكر الشهود ولم يذكر المجالس، ولان كل شهادة مقبولة تقبل إن اتفقت، ولو تفرقت في مجالس، كسائر الشهادات.

(تاسعا) الذكورة: ويشترط في شهود الزنا أن يكونوا جميعا من الرجال ولاتقبل شهادة النساء في هذا الباب.

ويرى ابن حزم أنه يجوز أن يقبل في الزنا شهادة امرأتين مسلمتين عدل مكان كل رجل، فيكون الشهود ثلاثة رجال وامرأتين - أو رجلين وأربع نسوة - أو رجلا واحدا وست نسوة - أو ثمان نسوة لارجال معهم.

(عاشرا) عدم التقادم: لقول عمر رضي الله عنه: أيما قوم شهدوا على حد، لم يشهدوا عند حضرته فإنما شهدوا عن ضغن، ولا شهادة لهم.

فإذا شهد الشهود على حادث الزنا بعد أن تقادم فإن شهادتهم لا تقبل عند الاحناف، ويحتجون لهذا بأن الشاهد إذا شهد الحادث مخير بين أداء

ص: 419

الشهادة حسبة، وبين التستر على الجاني، فإذا سكت عن الحادث حتى قدم عليه العهد دل بذلك على اختيار جهة الستر، فإذا شهد بعد ذلك فهو دليل على أن الضغينة هي التي حملته على الشهادة.

ومثل هذا لاتقبل شهادته، للتهمة والضغينة، كما قال عمر، ولم ينقل أن أحدا أنكر عليه هذا القول، فيكون إجماعا.

وهذا ما لم يكن هناك عذر يمنع الشاهد من تأخير الشهادة، فإن كان هناك عذر ظاهر في تأخير الشهادة، كبعد المسافة عن محل التقاضي، وكمرض الشاهد أو نحو ذلك من الموانع، فإن الشهادة تقبل حينئذ ولا تبطل بالتقادم.

والاحناف الذين قالوا بهذا الشرط لم يقدروا له أمدا، بل فوضوا الامر للقاضي يقدره تبعا لظروف كل حالة لتعذر التوقيت، نظرا لاختلاف الاعذار.

وبعض الاحناف قدر التقادم بشهر، وبعضهم قدره بستة أشهر.

أما جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والظاهرية، والشيعة الزيدية فإن التقادم عندهم لايمنع من قبول الشهادة مهما كانت متأخرة.

وللحنابلة رأيان: رأي مثل أبي حنيفة، ورأي مثل الجمهور.

هل للقاضي أن يحكم بعلمه؟: يرى الظاهرية أنه فرض على القاضي أن يقضي بعلمه في الدماء، والقصاص والاموال، والفروج، والحدود، سواء علم ذلك قبل ولايته أو بعد ولايته، وأقوى ما حكم بعلمه، لانه يقين الحق، ثم بالاقرار، ثم بالبينة، لان الله تعالى يقول:" يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله "(1) .

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

" من رأى منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ".

فصح أن القاضي عليه أن يقوم بالقسط، وليس من القسط أن يترك الظالم

(1) سورة النساء الآية: 135.

ص: 420

على ظلمه لا يغيره، وصح أن فرضا على القاضي أن يغير كل منكر علمه بيده وأن يعطي كل ذي حق حقه، وإلا فهو ظالم.

وأما جمهور الفقهاء فإنهم يرون أنه ليس للقاضي أن يقضي بعلمه.

قال أبو بكر رضي الله عنه: " لو رأيت رجلا على حد لم أحده حتى تقوم البينة عندي "، ولان القاضي كغيره من الافراد لا يجوز له أن يتكلم بما شهده ما لم تكن لديه البينة الكاملة.

ولو رمى القاضي زانيا بما شهده منه، وهو لا يملك على ما يقول البينه الكاملة لكان قاذفا يلزمه حد القذف، وإذا كان قد حرم على القاضي النطق بما يعلم، فأولى أن يحرم عليه العمل به، وأصل هذا الرأي قول الله سبحانه:" فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون "(1) هل يثبت الحد بالحبل؟: ذهب الجمهور إلى أن مجرد الحبل لا يثبت به الحد، بل لابد من الاعتراف أو البينة.

واستدلوا على هذا بالاحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات.

وعن علي رضي الله عنه أنه قال لامرأة حبلى: " استكرهت؟ " قالت: لا.

قال: " فلعل رجلا أتاك في نومك ".

قالوا: وروى الاثبات عن عمر أنه قبل قول امرأة ادعت أنها ثقيلة النوم

وأن رجلا طرقها ولم تدر من هو بعد.

وأما مالك وأصحابه فقالوا: إذا حملت المرأة ولم يعلم لها زوج ولم يعلم أنها أكرهت فإنها تحد: قالوا: فإن ادعت الاكراه فلابد من الاتيان بأمارة تدل على استكراهها، مثل أن تكون بكرا فتأتي وهي تدمي، أو تفضح نفسها بأثر الاستكراه.

وكذلك إذا ادعت الزوجية، فإن دعواها لاتقبل إلا أن تقيم على ذلك البينة

(1) سورة النور الآية: 13

ص: 421

واستدلوا لمذهبهم بقول عمر: " الرجم واجب على كل من زنا من الرجال والنساء إذا كان محصنا: إذا كانت بينة، أو الحمل، أو الاعتراف ". وقال علي. " يا أيها الناس إن الزنا زنيان: زنا سروزنا علانية. فزنا السر أن يشهد الشهود، فيكون الشهود أول من يرمي. وزنا العلانية أن يظهر الحبل، والاعتراف ". قالوا: هذا قول الصحابة، ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم، فيكون إجماعا.

سقوط الحد بظهور ما يقطع بالبراءة: إذا ظهر بالمرأة أو بالرجل ما يقطع بأنه لم يقع من أحد منهما زنا، كأن تكون المرأة عذراء لم تفض بكارتها أو رتقاء مسدودة الفرج، أو يكون الرجل مجبوبا أو عنينا سقط الحد.

وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا لقتل رجل كان يدخل على إحدى النساء، فذهب فوجده يغتسل في ماء، فأخذ بيده فأخرجه من الماء ليقتله، فرآه مجبوبا، فتركه ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك.

الولد يأتي لستة أشهر: إذا تزوجت المرأة وجاءت بولد لستة أشهر منذ تزوجت فلا حد عليها.

قال مالك: بلغني أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها.

إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ". (1)

(1) سورة الاحقاف الآية: 15

ص: 422