المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الطلاق: (1) تعريفه: الطلاق: مأخوذ من الاطلاق، وهو الارسال والترك. تقول: أطلقت - فقه السنة - جـ ٢

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج

- ‌الترغيب في الزواج:

- ‌حكمة الزواج:

- ‌حكم الزواج

- ‌تقديم الزواج على الحج:

- ‌اختيار الزوجة:

- ‌اختيار الزوج:

- ‌الخطبة:

- ‌النظر إلى المخطوبة:

- ‌العدول عن الخطبة وأثره:

- ‌عقد الزواج:

- ‌شروط الإيجاب والقبول

- ‌ألفاظ الإنعقاد:

- ‌العقد بغير اللغة العربية:

- ‌عقد الزواج للغائب:

- ‌شروط صيغة العقد:

- ‌اشتراط التنجيز في العقد:

- ‌ زواج المتعة

- ‌العقد على المرأة وفي نية الزوج طلاقها:

- ‌زواج التحليل:

- ‌الزواج الذي تحل به المطلقة للزوج الأول:

- ‌صيغة العقد المقترنة بالشرط:

- ‌ الشغار:

- ‌شروط صحة الزواج:

- ‌حكم الاشهاد على الزواج:

- ‌ما يشترط في الشهود:

- ‌شهادة النساء:

- ‌عقد الزواج شكلي:

- ‌شروط نفاذ العقد:

- ‌شروط لزوم عقد الزواج:

- ‌متى يكون العقد غير لازم:

- ‌رأي الفقهاء في الفسخ بالعيب:

- ‌شروط سماع الدعوى بالزواج قانونا:

- ‌تحديد سن الزوجين لسماع دعوى الزواج:

- ‌تحديد سن الزواج لمباشرة عقد الزواج رسميا:

- ‌المحرمات من النساء:

- ‌الزنا والزواج:

- ‌زواج نساء أهل الكتاب:

- ‌الفرق بين المشركة والكتابية

- ‌زواج المسلمة بغير المسلم:

- ‌وجوب العدل بين الزوجات:

- ‌حق المرأة في اشتراط عدم التزوج عليها:

- ‌حكمة التعدد:

- ‌تاريخ تعدد الزوجات

- ‌الولاية على الزواج:

- ‌عضل الولي:

- ‌زواج اليتيمة:

- ‌انعقاد الزواج بعاقد واحد:

- ‌الوكالة في الزواج:

- ‌الكفاءة في الزواج:

- ‌الحقوق الزوجية:

- ‌المهر:

- ‌وجوب المتعة:

- ‌النفقة:

- ‌المرأة تسلم دون زوجها:

- ‌الحقوق غير المادية:

- ‌إتيان الرجل زوجته:

- ‌حرمة التكلم بما يجري بين الزوجين أثناء المباشرة:

- ‌إتيان الرجل في غير المأتى:

- ‌العزل وتحديد النسل

- ‌حكم إسقاط الحمل:

- ‌الإيلاء:

- ‌تجاوز الصدق بين الزوجين:

- ‌إمساك الزوجة بمنزل الزوجية:

- ‌الانتقال بالزوجة:

- ‌اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها:

- ‌منع الزوجة من العمل:

- ‌خروج المرأة لطلب العلم:

- ‌تأديب الزوجة عند النشوز:

- ‌تزين المرأة لزوجها:

- ‌التبرج:

- ‌تزين الرجل لزوجته:

- ‌الخطبة قبل الزواج:

- ‌إعلان الزواج:

- ‌الغناء عند الزواج:

- ‌وصايا الزوجة:

- ‌الوليمة:

- ‌زواج غير المسلمين:

- ‌إسلام أحد الزوجين دون الآخر:

- ‌الطلاق:

- ‌الطلاق من حق الرجل وحده:

- ‌من يقع منه الطلاق:

- ‌الطلاق قبل الزواج:

- ‌الطلاق باللفظ:

- ‌الطلاق بالكتابة:

- ‌الإشهاد على الطلاق:

- ‌من ذهب إلى وجوب الاشهاد على الطلاق وعدم وقوعه بدون بينة:

- ‌التنجيز والتعليق صيغة الطلاق:

- ‌الطلاق السني والبدعي:

- ‌طلاق الحامل:

- ‌طلاق الآيسة والصغيرة والمنقطعة الحيض:

- ‌طلاق البتة:

- ‌الطلاق الرجعي والبائن:

- ‌التفويض والتوكيل في الطلاق:

- ‌ التطليق لعدم النفقة

- ‌التطليق للضرر:

- ‌التطليق لغيبة الزوج:

- ‌التطليق لحبس الزوج:

- ‌الخلع:

- ‌الخلع بتراضي الزوجين:

- ‌الشقاق من قبل الزوجة كاف في الخلع:

- ‌حرمة الاساءة إلى الزوجة لتختلع:

- ‌الخلع بين الزوج وأجنبي:

- ‌الخلع يجعل أمر المرأة بيدها:

- ‌جواز تزوجها برضاها:

- ‌خلع الصغيرة المميزة

- ‌خلع المحجور عليها

- ‌نشوز الرجل:

- ‌الشقاق بين الزوجين:

- ‌الظهار:

- ‌الفسخ:

- ‌اللعان:

- ‌العدة:

- ‌عدة الحائض:

- ‌أقل مدة للاعتداد بالاقراء:

- ‌عدة غير الحائض:

- ‌سن اليأس:

- ‌عدة الحامل:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها:

- ‌وجوب العدة في غير الزواج الصحيح:

- ‌طلاق الفار:

- ‌ انقضاء العدة

- ‌لزوم المعتدة بيت الزوجية:

- ‌حداد المعتدة:

- ‌نفقة المعتدة:

- ‌الحضانة:

- ‌الأم أحق بالولد من أبيه:

- ‌شروط الحضانة:

- ‌انتهاء الحضانة:

- ‌الطفل بين أبيه وأمه:

- ‌أحكام القضاء

- ‌الحدود:

- ‌جرائم الحدود:

- ‌عدالة هذه العقوبات:

- ‌سقوط الحدود بالشبهات:

- ‌الشبهات وأقسامها

- ‌مشروعية التستر في الحدود:

- ‌ستر المسلم نفسه:

- ‌الحدود كفارة للآثام:

- ‌إقامة الحدود في دار الحرب:

- ‌الخمر:

- ‌تشديد الإسلام في تحريم الخمر:

- ‌تحريم الخمر في المسيحية:

- ‌أضرار الخمر:

- ‌الخمر إذا تخللت:

- ‌المخدرات:

- ‌حد شارب الخمر:

- ‌بم يثبت الحد

- ‌شروط إقامة الحد:

- ‌التداوي بالخمر:

- ‌حد الزنا:

- ‌التدرج في تحريم الزنا:

- ‌الزنا الموجب للحد:

- ‌أقسام الزناة:

- ‌الجمع بين الجلد والتغريب:

- ‌شروط الإحصان:

- ‌المسلم والكافر سواء:

- ‌شروط الحد:

- ‌بم يثبت الحد:

- ‌من أقر بزنا امرأة فجحدت:

- ‌وقت إقامة الحد:

- ‌حضور الإمام والشهود والرجم:

- ‌شهود طائفة من المؤمنين الحد:

- ‌الضرب في حد الجلد:

- ‌هل للمجلود دية إذا مات

- ‌ عمل قوم لوط:

- ‌ الاستمناء:

- ‌ السحاق:

- ‌ إتيان البهيمة:

- ‌ الوطء بالاكراه:

- ‌ الخطأ في الوطء:

- ‌ الوطء في نكاح مختلف فيه:

- ‌ الوطء في نكاح باطل:

- ‌حد القذف:

- ‌شروط القاذف:

- ‌شروط المقذوف:

- ‌بم يثبت حد القذف:

- ‌كيفية التوبة:

- ‌هل يحد بقذف أصله

- ‌سقوط الحد:

- ‌الردة:

- ‌حكمة قتل المرتد:

- ‌مال المرتد:

- ‌لحوقه بدار الحرب:

- ‌هل يقتل الساحر:

- ‌الكاهن والعراف

- ‌شروط الحرابة:

- ‌سقوط الحدود بالتوبة قبل رفع الجناة إلى الحاكم:

- ‌حد السرقة:

- ‌أنواع السرقة:

- ‌جحد العارية:

- ‌لنباش:

- ‌متى يقدر المسروق:

- ‌سرقة الجماعة:

- ‌الطرار:

- ‌المسجد حرز:

- ‌السرقة من الدار:

- ‌عقوبة السرقة:

- ‌الجنايات:

- ‌المحافظة على النفس كرامة الانسان:

- ‌القصاص بين الجاهلية والإسلام:

- ‌أنواع القتل:

- ‌أداة القتل:

- ‌ القود أو العفو

- ‌شروط وجوب القصاص:

- ‌الجماعة تقتل بالواحد:

- ‌ثبوت القصاص:

- ‌استيفاء القصاص

- ‌بم يكون القصاص:

- ‌هل يقتل القاتل في الحرم

- ‌القصاص فيما دون النفس:

- ‌شروط القصاص فيما دون النفس:

- ‌موت المقتص منه:

- ‌الدية:

- ‌على من تجب:

- ‌دية المرأة:

- ‌لمن تجب:

- ‌وجود قتيل بين قوم متشاجرين:

- ‌القتل بعد أخذ الدية:

- ‌اصطدام الفارسين:

- ‌ضمان صاحب الدابة:

- ‌ضمان القائد والراكب والسائق:

- ‌الدابة الموقوفة:

- ‌ضمان ما أتلفته الطيور:

- ‌ضمان ما أصابه الكلب أو الهر:

- ‌ما يقتل من الحيوان وما لا يقتل:

- ‌ما لا ضمان فيه:

- ‌ضمان ما أتلفته النار:

- ‌إفساد زرع الغير:

- ‌غرق السفينة:

- ‌ضمن الطبيب:

- ‌الرجل يفضي زوجته:

- ‌الحائط يقع على شخص فيقتله:

- ‌الإذن في أخذ الطعام وغيره:

- ‌القسامة:

- ‌التعزير:

- ‌السلام في الإسلام:

- ‌كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين:

- ‌الإعتراف بحق الفرد:

- ‌جريمة إهدار الحقوق:

- ‌الجهاد:

- ‌الاستنصار بالضعفاء:

- ‌فضل الجهاد:

- ‌الجهاد لا يعد له شئ:

- ‌فضل الشهادة:

- ‌الجهاد لاعلاء كلمة الله:

- ‌فضل الرمي بنية الجهاد:

- ‌الحرب في البحر أفضل من الحرب في البر:

- ‌صفات القائد:

- ‌الواجب على قائد الجيش:

- ‌وصية عمر رضي الله عنه:

- ‌واجب الجنود:

- ‌وجوب الدعوة قبل القتال:

- ‌الدعاء عند القتال:

- ‌وجوب الثبات أثناء الزحف:

- ‌الكذب والخداع عند الحرب:

- ‌الغارة على الأعداء ليلا:

- ‌انتهاء الحرب:

- ‌الهدنة:

- ‌عقد الذمة:

- ‌الأحكام التي تجري على أهل الذمة:

- ‌الجزية:

- ‌عقد الذمة للمواطنين وللمستقلين:

- ‌بم ينقض العهد

- ‌موجب النقض:

- ‌الغنائم:

- ‌من لا سهم له في الغنيمة:

- ‌الأجراء وغير المسلمين لا يسهم لهم:

- ‌الغلول:

- ‌الحربي يسلم:

- ‌أسرى الحرب:

- ‌معاملة الأسرى:

- ‌الاسترقاق:

- ‌معاملة الرقيق:

- ‌طريق التحرير:

- ‌أرض المحاربين المغنومة:

- ‌العجز عن عمارة الارض الخراجية:

- ‌ميراث الأرض المغنومة:

- ‌الفيء:

- ‌عقد الأمان:

- ‌نتيجة الأمان:

- ‌متى يتقرر هذا الحق:

- ‌عقد الأمان لجهة ما:

- ‌المستأمن:

- ‌العهود والمواثيق:

- ‌شروط العهود:

- ‌نقض العهود:

- ‌من معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌ ‌الطلاق: (1) تعريفه: الطلاق: مأخوذ من الاطلاق، وهو الارسال والترك. تقول: أطلقت

‌الطلاق:

(1)

تعريفه: الطلاق: مأخوذ من الاطلاق، وهو الارسال والترك.

تقول: أطلقت الاسير، إذا حللت قيده وأرسلته.

وفي الشرع: حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية.

(2)

كراهته: إن استقرار الحياة الزوجية غاية من الغايات التي يحرص عليها الاسلام.

وعقد الزواج إنما يعقد للدوام والتأبيد إلى أن تنتهي الحياة، ليتسنى للزوجين أن يجعلا من البيت مهدا يأويان إليه، وينعمان في ظلاله الوارفة، وليتمكنا من تنشئة أولادهما تنشئة صالحة.

ومن أجل هذا كانت الصلة بين الزوجين من أقدس الصلات وأوثقها.

وليس أدل على قدسيتها من أن الله سبحانه سمى العهد بين الزوج وزوجته بالميثاق الغليظ، فقال:" وأخذن منكم ميثاقا غليظا (1) ".

وإذا كانت العلاقة بين الزوجين هكذا موثقة مؤكدة، فإنه لا ينبغي الاخلال بها، ولاالتهوين من شأنها.

وكل أمر من شأنه أن يوهن من هذه الصلة، ويضعف من شأنها، فهو بغيض إلى الاسلام، لفوات المنافع وذهاب مصالح كل من الزوجين.

فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أبغض الحلال

إلى الله عز وجل الطلاق (2) .

" وأي إنسان أراد أن يفسد ما بين الزوجين من علاقة فهو في نظر الاسلام خارج عنه، وليس له شرف الانتساب إليه.

(1) سورة النساء آية 21 (2) رواه أبو داود والحاكم وصححه.

ص: 241

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من خبب (1) امرأة على زوجها (2) ".

وقد يحدث أن بعض النسوة يحاول أن يستأثر بالزوج ويحل محل زوجته، والاسلام ينهى عن ذلك أشد النهي.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها (3) ولتنكح، فإنما لها ما قدر لها ".

والزوجة التي تطلب الطلاق من غر سبب ولا مقتض، حرام عليها رائحة الجنة.

فعن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة (4) ".

(3)

حكمه: اختلفت آراء الفقهاء في حكم (5) الطلاق، والاصح من هذه الآراء، رأي الذين ذهبوا إلى حظره إلا لحاجة، وهم الاحناف والحنابلة.

واستدلوا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " لعن الله كل ذواق، مطلاق ".

ولان في الطلاق كفرا لنعمة الله، فإن الزواج نعمة من نعمه، وكفران النعمة حرام.

فلا يحل إلا لضرورة.

ومن هذه الضرورة التي تبيحه أن يرتاب الرجل في سلوك زوجته.

أو أن يستقر في قلبه عدم اشتهائها، فإن الله مقلب القلوب، فإن لم تكن هناك حاجة تدعو إلى الطلاق يكون حينئذ محض كفران نعمة الله، وسوء أدب من الزوج، فيكون مكروها محظورا.

وللحنابلة تفصيل حسن، نجمله فيما يلي:

(1) خبب: أفسد.

(2)

رواه أبو داود والنسائي.

(3)

أي لتخلي عصمة أختها من الزواج ولتحظى بزوجها.

ولها أن تتزوج زوجا آخر.

(4)

رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي.

(5)

أي الوصف الشرعي له.

ص: 242

فعندهم قد يكون الطلاق واجبا، وقد يكون محرما، وقد يكون مباحا، وقد يكون مندوبا إليه.

فأما الطلاق الواجب: فهو طلاق الحكمين في الشقاق بين الزوجين، إذا رأيا أن الطلاق هو الوسيلة لقطع الشقاق.

وكذلك طلاق المولي بعد التربص، مدة أربعة أشهر لقول الله تعالى:" للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم (1) ".

وأما الطلاق المحرم:

فهو الطلاق من غير حاجة إليه، وإنما كان حراما، لانه ضرر بنفس الزوج، وضرر بزوجته، وإعدام للمصلحة الحاصلة لهما من غير حاجة إليه.

فكان حراما، مثل إتلاف المال، ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر ولا ضرار ".

وفي رواية أخرى أن هذا النوع من الطلاق مكروه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق ".

وفي لفظ: " ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق "(2) وإنما يكون مبغوضا من غير حاجة إليه - وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم حلالا - ولانه مزيل للنكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها، فيكون مكروها.

وأما الطلاق المباح: فإنما يكون عند الحاجة إليه، لسوء خلق المرأة، وسوء عشرتها، والتضرر بها، من غير حصول الغرض منها.

وأم المندوب إليه: فهو الطلاق يكون عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها، مثل الصلاة ونحوها، ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون غير عفيفة.

قال الامام أحمد رضي الله عنه لا ينبغي له إمساكها، وذلك لان فيه نقصأ لدينه، ولا يأمن إفساد هـ لفراشه، وإلحاقها به ولدا ليس هو منه، ولا بأس بالتضييق عليها في هذه الحال، لتفتدي منه، قال الله تعالى: " ولا تعضلوهن

(1) البقرة الآية 125 - 126 (2) رواه أبو داود

ص: 243

لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة (1) ".

قال ابن قدامه: ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب.

قال: ومن المندوب إليه، الطلاق في حال الشقاق.

وفي الحال التي تخرج المرأة إلى المخالعة لتزيل عنها الضرر.

قال ابن سينا في كتاب الشفاء: " ينبغي أن يكون إلى الفرقة سبيل ما، وألا يسد ذلك من كل وجه، لان

حسم أسباب التوصل إلى الفرقة بالكلية يقتضي وجوها من الضرر والخلل.

منها: أن من الطبائع ما لا يألف بعض الطبائع، فكلما اجتهد في الجمع بينهما زاد الشر، والنبو (أي الخلاف) وتنغصت المعايش.

ومنها: أن من الناس من يمنى (أي يصاب) بزوج غير كفء.

ولا حسن المذاهب في العشرة، أو بغيض تعافه الطبيعة، فيصير ذلك داعية إلى الرغبة في غيره، إذ الشهوة طبيعة، ربما أدى ذلك إلى وجوه من الفساد، وربما كان المتزاوجان لا يتعاونان على النسل، فإذا بدلا بزوجين آخرين تعاونا فيه، فيجب أن يكون إلى المفارقة سبيل، ولكنه يجب أن يكون مشددا فيه ".

الطلاق عند اليهود (2) :

الذي دون في الشريعة عند اليهود وجرى عليه العمل أن الطلاق يباح بغير عذر، كرغبة الرجل بالتزوج بأجمل من امرأته، ولكنه لا يحسن بدون عذر، والاعذار عندهم قسمان:(الاول) عيوب الخلقة، ومنها: العمش، والحول، والبخر، والحدب، والعرج، والعقم.

(الثاني) وعيوب الاخلاق.

! وذكروا منها: الوقاحة، والثرثرة، والوساخة، والشكاسة، والعناد، والاسراف، والنهمة، والبطنة، والتأنق في المطاعم، والفخفخة، والزنا أقوى الاعذار عندهم، فيكفي فيه الاشاعة، وإن لم تثبت، إلا أن المسيح عليه السلام لم يقر منها إلا علة الزنا،

(1) النساء الآية 19: أي لا تمسكوهن لتضيقوا عليهن.

(2)

من كتاب " نداء للجنس اللطيف ".

ص 97.

ص: 244

وأما المرأة فليس لها أن تطلب الطلاق مهما تكن عيوب زوجها، ولو ثبت عليه الزنا ثبوتا.

الطلاق في المذاهب المسيحية:

ترجع جميع المذاهب المسيحية التي تعنقها أمم الغرب المسيحي إلى ثلاثة مذاهب:

1 -

المذهب الكاثوليكي.

2 -

" الارثوذكسي.

3 -

" البروتوستنتي.

فالمذهب الكاثوليكي، يحرم الطلاق تحريما باتا، ولا يبيح فصم الزواج لاي سبب مهما عظم شأنه، وحتى الخيانة الزوجية نفسها لاتعد في نظره مبررا للطلاق، وكل ما يبيحه في حالة الخيانة الزوجية، هو التفرقة الجسمية، بين شخصي الزوجين، مع اعتبار الزوجية قائمة بينهما من الناحية الشرعية، فلا يجوز لواحد منهما في أثناء هذه الفرقة أن يعقد زواجه على شخص آخر، لان ذلك يعتبر تعددا للزوجات، والديانة المسيحية لا تبيح التعدد بحال.

وتعتمد الكاثوليكية في مذهبها هذا على ما جاء في إنجيل مرقص على لسان المسيح، إذ يقول:

" 8 ويكون الاثنان جسدا واحدا، إذن ليسا بعد اثنين، بل جسد واحد، 9 فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان (1) ".

والمذهبان المسيحيان الآخران، الارثوذكسي، والبروتوستنتي، يبيحان الطلاق في بعض حالات محدودة، من أهمها الخيانة الزوجية، ولكنهما يحرمان على الرجل والمرأة كليهما أن يتزوجا بعد ذلك، وتعتمد المذاهب المسيحية التي تبيح الطلاق في حالة الخيانة الزوجية على ما ورد في إنجيل متى، على لسان المسيح، إذ يقول:" من طلق امرأته إلا لعلة الزنا يجعلها تزني (2) ".

(1) مرقص إصحاح 10 آيتي 8 و 9

(2)

إنجيل متى: الاصحاح الخامس 21 - 22 (3) إنجيل مرقس: الاصحاح العاشر: 11

ص: 245