المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الردة: تعريفها: الردة: هي الرجوع في الطريق الذي جاء منه، وهي مثل - فقه السنة - جـ ٢

[سيد سابق]

فهرس الكتاب

- ‌الزواج

- ‌الترغيب في الزواج:

- ‌حكمة الزواج:

- ‌حكم الزواج

- ‌تقديم الزواج على الحج:

- ‌اختيار الزوجة:

- ‌اختيار الزوج:

- ‌الخطبة:

- ‌النظر إلى المخطوبة:

- ‌العدول عن الخطبة وأثره:

- ‌عقد الزواج:

- ‌شروط الإيجاب والقبول

- ‌ألفاظ الإنعقاد:

- ‌العقد بغير اللغة العربية:

- ‌عقد الزواج للغائب:

- ‌شروط صيغة العقد:

- ‌اشتراط التنجيز في العقد:

- ‌ زواج المتعة

- ‌العقد على المرأة وفي نية الزوج طلاقها:

- ‌زواج التحليل:

- ‌الزواج الذي تحل به المطلقة للزوج الأول:

- ‌صيغة العقد المقترنة بالشرط:

- ‌ الشغار:

- ‌شروط صحة الزواج:

- ‌حكم الاشهاد على الزواج:

- ‌ما يشترط في الشهود:

- ‌شهادة النساء:

- ‌عقد الزواج شكلي:

- ‌شروط نفاذ العقد:

- ‌شروط لزوم عقد الزواج:

- ‌متى يكون العقد غير لازم:

- ‌رأي الفقهاء في الفسخ بالعيب:

- ‌شروط سماع الدعوى بالزواج قانونا:

- ‌تحديد سن الزوجين لسماع دعوى الزواج:

- ‌تحديد سن الزواج لمباشرة عقد الزواج رسميا:

- ‌المحرمات من النساء:

- ‌الزنا والزواج:

- ‌زواج نساء أهل الكتاب:

- ‌الفرق بين المشركة والكتابية

- ‌زواج المسلمة بغير المسلم:

- ‌وجوب العدل بين الزوجات:

- ‌حق المرأة في اشتراط عدم التزوج عليها:

- ‌حكمة التعدد:

- ‌تاريخ تعدد الزوجات

- ‌الولاية على الزواج:

- ‌عضل الولي:

- ‌زواج اليتيمة:

- ‌انعقاد الزواج بعاقد واحد:

- ‌الوكالة في الزواج:

- ‌الكفاءة في الزواج:

- ‌الحقوق الزوجية:

- ‌المهر:

- ‌وجوب المتعة:

- ‌النفقة:

- ‌المرأة تسلم دون زوجها:

- ‌الحقوق غير المادية:

- ‌إتيان الرجل زوجته:

- ‌حرمة التكلم بما يجري بين الزوجين أثناء المباشرة:

- ‌إتيان الرجل في غير المأتى:

- ‌العزل وتحديد النسل

- ‌حكم إسقاط الحمل:

- ‌الإيلاء:

- ‌تجاوز الصدق بين الزوجين:

- ‌إمساك الزوجة بمنزل الزوجية:

- ‌الانتقال بالزوجة:

- ‌اشتراط عدم خروج الزوجة من دارها:

- ‌منع الزوجة من العمل:

- ‌خروج المرأة لطلب العلم:

- ‌تأديب الزوجة عند النشوز:

- ‌تزين المرأة لزوجها:

- ‌التبرج:

- ‌تزين الرجل لزوجته:

- ‌الخطبة قبل الزواج:

- ‌إعلان الزواج:

- ‌الغناء عند الزواج:

- ‌وصايا الزوجة:

- ‌الوليمة:

- ‌زواج غير المسلمين:

- ‌إسلام أحد الزوجين دون الآخر:

- ‌الطلاق:

- ‌الطلاق من حق الرجل وحده:

- ‌من يقع منه الطلاق:

- ‌الطلاق قبل الزواج:

- ‌الطلاق باللفظ:

- ‌الطلاق بالكتابة:

- ‌الإشهاد على الطلاق:

- ‌من ذهب إلى وجوب الاشهاد على الطلاق وعدم وقوعه بدون بينة:

- ‌التنجيز والتعليق صيغة الطلاق:

- ‌الطلاق السني والبدعي:

- ‌طلاق الحامل:

- ‌طلاق الآيسة والصغيرة والمنقطعة الحيض:

- ‌طلاق البتة:

- ‌الطلاق الرجعي والبائن:

- ‌التفويض والتوكيل في الطلاق:

- ‌ التطليق لعدم النفقة

- ‌التطليق للضرر:

- ‌التطليق لغيبة الزوج:

- ‌التطليق لحبس الزوج:

- ‌الخلع:

- ‌الخلع بتراضي الزوجين:

- ‌الشقاق من قبل الزوجة كاف في الخلع:

- ‌حرمة الاساءة إلى الزوجة لتختلع:

- ‌الخلع بين الزوج وأجنبي:

- ‌الخلع يجعل أمر المرأة بيدها:

- ‌جواز تزوجها برضاها:

- ‌خلع الصغيرة المميزة

- ‌خلع المحجور عليها

- ‌نشوز الرجل:

- ‌الشقاق بين الزوجين:

- ‌الظهار:

- ‌الفسخ:

- ‌اللعان:

- ‌العدة:

- ‌عدة الحائض:

- ‌أقل مدة للاعتداد بالاقراء:

- ‌عدة غير الحائض:

- ‌سن اليأس:

- ‌عدة الحامل:

- ‌عدة المتوفى عنها زوجها:

- ‌وجوب العدة في غير الزواج الصحيح:

- ‌طلاق الفار:

- ‌ انقضاء العدة

- ‌لزوم المعتدة بيت الزوجية:

- ‌حداد المعتدة:

- ‌نفقة المعتدة:

- ‌الحضانة:

- ‌الأم أحق بالولد من أبيه:

- ‌شروط الحضانة:

- ‌انتهاء الحضانة:

- ‌الطفل بين أبيه وأمه:

- ‌أحكام القضاء

- ‌الحدود:

- ‌جرائم الحدود:

- ‌عدالة هذه العقوبات:

- ‌سقوط الحدود بالشبهات:

- ‌الشبهات وأقسامها

- ‌مشروعية التستر في الحدود:

- ‌ستر المسلم نفسه:

- ‌الحدود كفارة للآثام:

- ‌إقامة الحدود في دار الحرب:

- ‌الخمر:

- ‌تشديد الإسلام في تحريم الخمر:

- ‌تحريم الخمر في المسيحية:

- ‌أضرار الخمر:

- ‌الخمر إذا تخللت:

- ‌المخدرات:

- ‌حد شارب الخمر:

- ‌بم يثبت الحد

- ‌شروط إقامة الحد:

- ‌التداوي بالخمر:

- ‌حد الزنا:

- ‌التدرج في تحريم الزنا:

- ‌الزنا الموجب للحد:

- ‌أقسام الزناة:

- ‌الجمع بين الجلد والتغريب:

- ‌شروط الإحصان:

- ‌المسلم والكافر سواء:

- ‌شروط الحد:

- ‌بم يثبت الحد:

- ‌من أقر بزنا امرأة فجحدت:

- ‌وقت إقامة الحد:

- ‌حضور الإمام والشهود والرجم:

- ‌شهود طائفة من المؤمنين الحد:

- ‌الضرب في حد الجلد:

- ‌هل للمجلود دية إذا مات

- ‌ عمل قوم لوط:

- ‌ الاستمناء:

- ‌ السحاق:

- ‌ إتيان البهيمة:

- ‌ الوطء بالاكراه:

- ‌ الخطأ في الوطء:

- ‌ الوطء في نكاح مختلف فيه:

- ‌ الوطء في نكاح باطل:

- ‌حد القذف:

- ‌شروط القاذف:

- ‌شروط المقذوف:

- ‌بم يثبت حد القذف:

- ‌كيفية التوبة:

- ‌هل يحد بقذف أصله

- ‌سقوط الحد:

- ‌الردة:

- ‌حكمة قتل المرتد:

- ‌مال المرتد:

- ‌لحوقه بدار الحرب:

- ‌هل يقتل الساحر:

- ‌الكاهن والعراف

- ‌شروط الحرابة:

- ‌سقوط الحدود بالتوبة قبل رفع الجناة إلى الحاكم:

- ‌حد السرقة:

- ‌أنواع السرقة:

- ‌جحد العارية:

- ‌لنباش:

- ‌متى يقدر المسروق:

- ‌سرقة الجماعة:

- ‌الطرار:

- ‌المسجد حرز:

- ‌السرقة من الدار:

- ‌عقوبة السرقة:

- ‌الجنايات:

- ‌المحافظة على النفس كرامة الانسان:

- ‌القصاص بين الجاهلية والإسلام:

- ‌أنواع القتل:

- ‌أداة القتل:

- ‌ القود أو العفو

- ‌شروط وجوب القصاص:

- ‌الجماعة تقتل بالواحد:

- ‌ثبوت القصاص:

- ‌استيفاء القصاص

- ‌بم يكون القصاص:

- ‌هل يقتل القاتل في الحرم

- ‌القصاص فيما دون النفس:

- ‌شروط القصاص فيما دون النفس:

- ‌موت المقتص منه:

- ‌الدية:

- ‌على من تجب:

- ‌دية المرأة:

- ‌لمن تجب:

- ‌وجود قتيل بين قوم متشاجرين:

- ‌القتل بعد أخذ الدية:

- ‌اصطدام الفارسين:

- ‌ضمان صاحب الدابة:

- ‌ضمان القائد والراكب والسائق:

- ‌الدابة الموقوفة:

- ‌ضمان ما أتلفته الطيور:

- ‌ضمان ما أصابه الكلب أو الهر:

- ‌ما يقتل من الحيوان وما لا يقتل:

- ‌ما لا ضمان فيه:

- ‌ضمان ما أتلفته النار:

- ‌إفساد زرع الغير:

- ‌غرق السفينة:

- ‌ضمن الطبيب:

- ‌الرجل يفضي زوجته:

- ‌الحائط يقع على شخص فيقتله:

- ‌الإذن في أخذ الطعام وغيره:

- ‌القسامة:

- ‌التعزير:

- ‌السلام في الإسلام:

- ‌كفالة الحرية الدينية لغير المسلمين:

- ‌الإعتراف بحق الفرد:

- ‌جريمة إهدار الحقوق:

- ‌الجهاد:

- ‌الاستنصار بالضعفاء:

- ‌فضل الجهاد:

- ‌الجهاد لا يعد له شئ:

- ‌فضل الشهادة:

- ‌الجهاد لاعلاء كلمة الله:

- ‌فضل الرمي بنية الجهاد:

- ‌الحرب في البحر أفضل من الحرب في البر:

- ‌صفات القائد:

- ‌الواجب على قائد الجيش:

- ‌وصية عمر رضي الله عنه:

- ‌واجب الجنود:

- ‌وجوب الدعوة قبل القتال:

- ‌الدعاء عند القتال:

- ‌وجوب الثبات أثناء الزحف:

- ‌الكذب والخداع عند الحرب:

- ‌الغارة على الأعداء ليلا:

- ‌انتهاء الحرب:

- ‌الهدنة:

- ‌عقد الذمة:

- ‌الأحكام التي تجري على أهل الذمة:

- ‌الجزية:

- ‌عقد الذمة للمواطنين وللمستقلين:

- ‌بم ينقض العهد

- ‌موجب النقض:

- ‌الغنائم:

- ‌من لا سهم له في الغنيمة:

- ‌الأجراء وغير المسلمين لا يسهم لهم:

- ‌الغلول:

- ‌الحربي يسلم:

- ‌أسرى الحرب:

- ‌معاملة الأسرى:

- ‌الاسترقاق:

- ‌معاملة الرقيق:

- ‌طريق التحرير:

- ‌أرض المحاربين المغنومة:

- ‌العجز عن عمارة الارض الخراجية:

- ‌ميراث الأرض المغنومة:

- ‌الفيء:

- ‌عقد الأمان:

- ‌نتيجة الأمان:

- ‌متى يتقرر هذا الحق:

- ‌عقد الأمان لجهة ما:

- ‌المستأمن:

- ‌العهود والمواثيق:

- ‌شروط العهود:

- ‌نقض العهود:

- ‌من معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم:

الفصل: ‌ ‌الردة: تعريفها: الردة: هي الرجوع في الطريق الذي جاء منه، وهي مثل

‌الردة:

تعريفها:

الردة: هي الرجوع في الطريق الذي جاء منه، وهي مثل الارتداد، إلا أنها تختص بالكفر.

والمقصود بها هنا: رجوع المسلم، العاقل، البالغ، عن الاسلام إلى الكفر باختياره دون إكراه من أحد - سواء في ذلك الذكور والإناث - فلا عبرة بارتداد المجنون ولا الصبي (1) لانهما غير مكلفين.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل ".

رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي.

وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.

والاكراه على التلفظ بكلمة الكفر لا يخرج المسلم عن دينه ما دام القلب مطمئنا بالايمان.

وقد أكره عمار بن ياسر على التلفظ بكلمة الكفر فنطق بها، وأنزل الله سبحانه في ذلك:" من كفر بالله من بعد إيمانه، إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، ولكن من شرح بالكفر صدرا، فعليهم غضب من الله، ولهم عذاب عظيم ".

(2)

قال ابن عباس: أخذه المشركون، وأخذوا أباه وأمه سمية، وصهيبا وبلالا، وخبابا، وسالما، فعذبوهم، وربطت سمية بين بعيرين، وجئ

قبلها بحربة، وقيل لها:

(1) وإن كان إسلام الصبي يصح وعبادته تقبل منه (2) سورة النحل.

الآية: 106

ص: 450

إنك أسلمت من أجل الرجال، فقتلت وقتل زوجها، وهما أول قتيلين في الاسلام.

وأما عمار فأعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرها - فشكا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: " كيف تجد قلبك؟ " قال مطمئن بالايمان.

فقال الرسول: " إن عادوا فعد ".

هل انتقال الكافر من دين إلى دين كفري آخرى يعتبر ردة؟: قلنا: إن المسلم إذا خرج عن الاسلام كان مرتدا، وجرى عليه حكم الله في المرتدين، ولكن هل الردة قاصرة على المسلمين الخارجين عن الاسلام، أو أنها تتناول غير المسلمين إذا تركوا دينهم إلى غيره من الاديان الكافرة؟.

الظاهر أن الكافر إذا انتقل من دينه إلى دين آخر من أديان الكفر فإنه يقر على دينه الذي انتقل إليه ولا يتعرض له لانه انتقل من دين باطل إلى دين يماثله في البطلان، والكفر كله ملة واحدة، بخلاف ما إذا انتقل من الاسلام إلى غيره من الاديان، فإنه انتقال من الهدى ودين الحق إلى الضلال والكفر.

والله يقول (1) : " ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه ".

(2)

وفي بعض طرق الحديث: " من خالف دينه دين الاسلام فاضربوا عنقه ".

أخرجه الطبراني عن ابن عباس مرفوعا.

وللشافعي قولان: (أحدهما) لا يقبل منه بعد انتقاله إلا الاسلام أو القتل.

وهذا يوافق إحدى الروايتين عن أحمد.

والرواية الاخرى تقول.

إنه إن انتقل إلى مثل دينه أو إلى أعلى منه أقر، وإن انتقل إلى أنقص من دينه لم يقر.

فإذا انتقل اليهودي إلى النصرانية أقر، لان اليهودية مثل النصرانية

(1) هذا مذهب مالك وأبي حنيفة.

(2)

سورة آل عمران.

الآية: 85

ص: 451

من حيث كونهما دينين سماويين في الاصل، دخلهما التحريف ونسخهما الاسلام.

وكذلك يقر المجوسي إذا انتقل إلى اليهودية أو النصرانية لانه انتقال إلى ما هو أعلى.

وإذا جاز الانتقال إلى الدين المماثل، فالانتقال إلى ما هو أعلى أحق وأولى.

وإذا انتقل اليهودي أو النصراني إلى المجوسية لم يقر، لانه انتقال إلى ما هو أنقص.

لا يكفر مسلم بالوزر: الاسلام عقيدة وشريعة.

والعقيدة تنتظم الايمان:

1 -

بالالهيات.

2 -

والنبوات.

3 -

والبعث، والجزاء.

والشريعة تنتظم:

1 -

العبادات من: صلاة، وصيام، وزكاة، وحج

2 -

والآداب والاخلاق من: صدق، ووفاء، وأمانة.

3 -

والمعاملات المدنية من: بيع، وشراء

الخ.

4 -

والروابط الاسرية من: زواج وطلاق.

5 -

والعقوبات الجنائية: قصاص، وحدود.

6 -

والعلاقات الدولية من: معاهدات، واتفاقات.

وهكذا نجد أن الاسلام، منهج عام، ينتظم شئون الحياة جميعا.

وهذا هو المفهوم العام للاسلام كما قرره الكتاب والسنة وكما فهمه المسلمون على العهد الاول، وطبقوه في كل مجال من المجالات العامة والخاصة، وكان كل فرد يدين بالولاء لهذا الدين يعتبر عضوا في الجماعة المسلمة، ويصبح فردا من أفراد الامة الاسلامية تجري عليه أحكام الاسلام وتطبق عليه تعاليمه.

إلا أن من الناس الذكي والغبي، والضعيف والقوي، والقادر والعاجز، والعامل والعاطل، والمجد والمقصر.

ص: 452

فهم يختلفون اختلافا بينا في قواهم البدنية ومواهبهم النفسية والعقلية والروحية وتبعا لهذا الاختلاف فمنهم من يقترب من الاسلام، ومنهم من يبتعد عنه حسب حال كل فرد وظروفه وبيئته.

يقول الله سبحانه: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله "(1) ، إلا أن هذا الابتعاد عنه لا يخرج المقصر عن دائرته ما دام يدين بالولاء لهذا الدين، فإذا صدر من المسلم لفظ يدل على الكفر لم يقصد إلى معناه، أو فعل ظاهره مكفر لم يرد به فاعله تغيير إسلامه، لم يحكم عليه بالكفر.

ومهما تورط المسلم في المآثم واقترف من جرائم، فهو مسلم لا يجوز اتهامه بالردة.

روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم ".

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين من أن يقذف بعضهم بعضا بالكفر، لعظم خطر هذه الجناية، فقال فيما رواه مسلم عن ابن عمر:" إذا كفر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما ".

متى يكون المسلم مرتدا: إن المسلم لا يعتبر خارجا عن الاسلام، ولا يحكم عليه بالردة إلا إذا انشرح صدره بالكفر، واطمأن قلبه به، ودخل فيه بالفعل، لقول الله تعالى:" ولكن من شرح بالكفر صدرا ".

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى "، ولما كان ما في القلب غيبا من الغيوب التي لا يعلمها إلا الله، كان لابد من صدور ما يدل على كفره دلالة قطعية لا تحتمل التأويل، حتى نسب إلى الامام مالك أنه قال:

(1) سورة فاطر الآية: 32

ص: 453

" من صدر عنه ما يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجها، ويحتمل الايمان من وجه، حمل أمره على الايمان ".

ومن الامثلة الدالة على الكفر:

1 -

إنكار ما علم من الدين بالضرورة. مثل إنكار وحدة الله وخلقه للعالم وإنكار وجود الملائكة، وإنكار نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأن القرآن وحي من الله، وإنكار البعث والجزاء، وإنكار فرضية الصلاة والزكاة، والصيام والحج.

2 -

استباحة محرم أجمع المسلمون على تحريمه، كاستباحة الخمر، والزنا، والربا، وأكل الخنزير، واستحلال دماء المعصومين وأموالهم (1) .

3 -

تحريم ما أجمع المسلمون على حله " كتحريم الطيبات ".

4 -

سب النبي أو الاستهزاء فيه، وكذا سب أي نبي من أنبياء الله.

5 -

سب الدين، والطعن في الكتاب والسنة، وترك الحكم بهما، وتفضيل القوانين الوضعية عليهما.

6 -

ادعاء فردمن الافراد أن الوحي ينزل عليه.

7 -

إلقاء المصحف في القاذورات، وكذا كتب الحديث، استهانة بها واستخفافا بما جاء فيها.

8 -

الاستخفاف باسم من أسماء الله، أو أمر من أوامره، أو نهي من نواهيه، أو وعد من وعوده، إلا أن يكون حديث عهد بالاسلام، ولا يعرف أحكامه، ولا يعلم حدوده، فإنه إن أنكر منها جهلا به لم يكفر.

وفيه مسائل أجمع المسلمون عليها، ولكن لا يعلمها إلا الخاصة، فإن منكرها لا يكفر، بل يكون معذورا بجهله بها، لعدم استفاضة علمها في العامة، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وأن القاتل عمدا لا يرث، وأن للجدة السدس، ونحو ذلك.

ولا يدخل في هذا الوساوس التي تساور النفس فإنها مما لا يؤاخذ الله بها.

فقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(1) إلا إذا كان ذلك بتأويل - مثل تأويل الخوارج - فإنهم استحلوا دماء الصحابة وأموالهم - ومثل تأويل قدامة بن مظعون شرب الخمر، ومع ذلك - فجمهور الفقهاء على أنهم غير كافرين.

ص: 454

" إن الله عز وجل تجاوز لامتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو يتكلم به " وروى مسلم عن أبي هريرة قال: " جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقالوا: انا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم.

قال: ذلك صريح الايمان (1) ".

وروى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: (هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟) فمن وجد من ذلك شيئا، فليقل: آمنت بالله ".

عقوبة المرتد: الارتداد جريمة من الجرائم التي تحبط ما كان من عمل صالح قبل الردة، وتستوجب العذاب الشديد في الآخرة.

يقول الله سبحانه: " ومن يرتدد منكم عن دينه، فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة، وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "(2) .

ومعنى الآية: أن من يرجع عن الاسلام إلى الكفر ويستمر عليه حتى يموت كافرا، فقد بطل كل ما عمله من خير، وحرم ثمرته في الدنيا، فلا يكون له ما للمسلمين من حقوق، وحرم من نعيم الآخرة، وهو خالد في العذاب الاليم، وقد قرر الاسلام عقوبة معجلة في الدنيا للمرتد، فضلا عما توعده به من عذاب ينتظره في الآخرة، وهذه العقوبة هي القتل (3) .

روى البخاري ومسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من بدل دينه فاقتلوه ".

وروي عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث:

(1) أي استعظام الكلام به خوفا من النطق به، فضلا عن اعتقاده دليل على كمال الايمان.

(2)

سورة البقرة. الآية: 217 (3) لو قتله مسلم من المسلمين لا يعتبر مرتكبا جريمة القتل، ولكن يعزر لافتياته على الحاكم.

ص: 455

كفر بعد إيمان، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس بغير نفس ".

وعن جابر رضي الله عنه: " أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يعرض عليها الاسلام: فإن تابت، وإلا قتلت.

فأبت أن تسلم، فقتلت ".

أخرجه الدارقطني والبيهقي (1) .

وثبت أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قاتل المرتدين من العرب حتى رجعوا إلى الاسلام.

ولم يختلف أحد من العلماء في وجوب قتل المرتد.

وإنما اختلفوا في المرأة إذا ارتدت.

فقال أبو حنيفة: إن المرأة إذا ارتدت لا تقتل، ولكن تحبس، وتخرج كل يوم فتستتاب، ويعرض عليها الاسلام، وهكذا حتى تعود إلى الاسلام، أو تموت، لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء.

وخالف ذلك جمهور الفقهاء فقالوا: إن عقوبة المرأة المرتدة كعقوبة الرجل المرتد، سواء بسواء، لان آثار الردة وأضرارها من المرأة كآثارها وأضرارها من الرجل، ولحديث معاذ الذي حسنه الحافظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم

قال له لما أرسله إلى اليمن: " أيما رجل ارتد عن الاسلام فادعه، فإن عاد، وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها، فإن عادت، وإلا فاضرب عنقها ".

وهذا نص في محل النزاع.

وأخرج البيهقي، والدارقطني، أن أبا بكر استتاب امرأة يقال لها " أم قرفة " كفرت بعد إسلامها، فلم تتب، فقتلها.

وأما حديث النهي عن قتل النساء فذلك إنما هو في حال الحرب، لاجل ضعفهن وعدم مشاركتهن في القتال.

ولهذا كان سبب النهي عن قتلهن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة، فقال:" ما كانت هذه لتقاتل ".

ثم نهى عن قتلهن.

والمرأة تشارك الرجل في الحدود كلها دون استثناء.

فكما يقام عليها حد الرجم إذا كانت محصنة، فكذلك يقام عليها حد الردة، ولافرق.

(1) والاسناد ضعيف.

ص: 456