الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون - إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة، فهل أنتم منتهون "(1) فنهاهم فانتهوا.
وكان هذا التحريم بعد غزوة الاحزاب.
وعن قتادة أن الله حرم الخمر في سورة المائدة بعد غزوة الاحزاب، وكانت غزوة الاحزاب سنة أربع أو خمس هجرية.
وذكر إبن اسحاق أن التحريم كان في غزوة بني النضير وكانت سنة أربع هجرية على الراجح.
وقال الدمياطي في سيرته: كان تحريمها عام الحديبية سنة ست هجرية.
تشديد الإسلام في تحريم الخمر:
وتحريم الخمر يتفق مع تعاليم الاسلام التي تستهدف إيجاد شخصية قوية في جسمها ونفسها وعقلها، وما من شك في أن الخمر تضعف الشخصية وتذهب بمقوماتها، ولا سيما العقل، يقول أحد الشعراء: شربت الخمر حتى ضل عقلي كذاك الخمر تفعل بالعقول وإذا ذهب العقل تحول المرء إلى حيوان شرير، وصدر عنه من الشر والفساد ما لا حد له، فالقتل، والعدوان، والفحش، وإفشاء الاسرار، وخيانة الاوطان من آثاره.
وهذا الشر يصل إلى نفس الانسان، وإلى أصدقائه وجيرانه، وإلى كل من يسوقه حظه التعس إلى الاقتراب منه.
فعن علي كرم الله وجهه: أنه كان مع عمه حمزة وكان له شارفان " أي ناقتان مسنتان " أراد أن يجمع عليهما الاذخر، وهو نبات طيب الرائحة، مع صائغ يهودي ويبيعه للصواغين،
(1)" فهل أنتم منتهون ".
لما علم عمر رضي الله عنه أن هذا وعيد شديد زائد على معنى (انتهوا)، قال: انتهينا.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادي في سكك المدينة: ألا إن الخمر ققد حرمت.
فكسرت الدنان وأريقت الخمر حتى جرت في سكك المدينة.
ليستعين بثمنه على وليمة فاطمة رضي الله عنها عند إرادة البناء بها - وكان عمه حمزه يشرب الخمر مع بعض الانصار، ومعه قينة تغنيه، فأنشدت شعرا حثته به على نحر الناقتين، وأخذ أطايبهما ليأكل منها، فثار حمزة وجب (1) أسنمتهما وأخذ من أكبادهما.
فلما رأى علي ذلك تألم ولم يملك عينيه، وشكا حمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فدخل النبي على حمزة ومعه علي وزيد بن حارثة فتغيظ عليه وطفق يلومه - وكان حمزة ثملا قد احمرت عيناه.
فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ولمن معه: وهل أنتم إلا عبيد لابي.
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ثمل، نكص على عقبيه القهقرى، وخرج هو ومن معه.
هذه هي آثار الخمر حينما تلعب برأس شاربها وتفقده وعيه، ولهذا أطلق عليها الشرع أم الخبائث.
فعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الخمر أم الخبائث.
وعن عبد الله بن عمرو قال: " الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر، ومن شرب الخمر ترك الصلاة، ووقع على أمه وخالته وعمته ".
رواه الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو، وكذا من حديث ابن عباس بلفظ " من شربها وقع على أمه ".
وكما جعلها أم الخبائث أكد حرمتها، ولعن متعاطيها وكل من له بها صلة، واعتبره خارجا عن الايمان.
فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لعن في الخمر عشرة:
عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشترى له ".
رواه ابن ماجه والترمذي. وقال: حديث غريب.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزني
(1) جب: قطع.