الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشبهات وأقسامها
(1) :
تحدت الاحناف والشافعية عن الشبهات، ولكل منهما رأي نجمله فيما يأتي: رأي الشافعية: يرى الشافعية أن الشبهة تنقسم أقساما ثلاثة:
1 -
شبهة في المحل: أي محل الفعل - مثل: وطء الزوج الزوجة الحائض أو الصائمة، أو إتيان الزوجة في دبرها، فالشبهة هنا قائمة في محل الفعل المحرم.
إذ أن المحل مملوك للزوج، ومن حقه أن يباشر الزوجة، وإذا لم يكن له أن يباشرها وهي حائض أو صائمة أو أن يأتيها في الدبر، إلا أن ملك الزوج للمحل وحقه عليه يورث شبهة.
وقيام هذه الشبهة يقتضي درء الحد، سواء اعتقد الفاعل بحل الفعل أو بحرمته، لان أساس الشبهة ليس الاعتقاد والظن، وإنما أساسها محل الفعل وتسلط الفاعل شرعا عليه.
2 -
شبهة في الفاعل: كمن يطأ امرأة زفت إليه على أنها زوجته، ثم تبين له أنها ليست زوجته.
وأساس الشبهة ظن الفاعل واعتقاده بحيث يأتي الفعل وهو يعتقد أنه لا يأتي محرما، فقيام هذا الظن عند الفاعل يورث شبهة يترتب عليها درأ الحد - أما إذا أتى الفاعل الفعل وهو عالم بأنه محرم فلا شبهة.
3 -
شبهة في الجبهة: ويقصد من هذا الاشتباه في حل الفعل وحرمته، وأساس هذه الشبهة الاختلاف بين الفقهاء على الفعل، فكل ما اختلفوا على حله أو جوازه كان الاختلاف فيه شبهة يدرأ بها الحد، فمثلا يجيز أبو حنيفة الزواج بلا ولي ويجيزه مالك بلا شهود، ولا يجيز جمهور الفقهاء هذا الزواج، ونتيجة هذا الزواج أنه لا حد على الوطء في هذا الزواج المختلف في صحته، لان الخلاف يقوم شبهة تدرأ الحد، ولو كان الفاعل يعتقد بحرمة الفعل، لان هذا الاعتقاد في ذاته ليس له أثر ما دام الفقهاء مختلفين على الحل والحرمة.
رأي الاحناف: أما الاحناف فإنهم يرون أن الشبهة تنقسم قسمين:
(1) التشريع الجنائي الاسلامي.
1 -
شبهة في الفعل: وهي شبهة في حق من اشتبه عليه الفعل دون من لم يشتبه عليه.
وتثبت هذه الشبهة في حق من اشتبه عليه الحل والحرمة، ولم يكن ثمت دليل سمعي يفيد الحل، بل ظن غير الدليل دليلا، كمن يطء زوجته المطلقة ثلاثا أو بائنا على مال في عدتها، وتعليل ذلك، أن النكاح إذا كان قد زال في حق الحل أصلا لوجود المعطل لحل المحلية، وهو الطلاق، فإن النكاح قد بقي في حق الفراش، والحرمة على الازواج فقط، ومثل هذا الوطء حرام، فهو زنا يوجب الحد - إلا إذا ادعى الواطئ الاشتباه وظن الحل - لانه بنى ظنه على نوع دليل، وهو بقاء النكاح في حق الفراش وحرمة الازواج، فظن أنه بقي في حق الحل أيضا - وهذا وإن لم يصلح دليلا على الحقيقة، لكنه لما ظنه دليلا اعتبر في حقه درءا لما يندرئ بالشبهات.
ويشترط - لقيام الشبهة في الفعل - ألا يكون هناك دليل على التحريم أصلا، وأن يعتقد الجاني الحل، فإذا كان هناك دليل على التحريم، أو لم يكن الاعتقاد بالحل ثابتا، فلا شبهة أصلا.
وإذا ثبت أن الجاني كان يعلم بحرمة الفعل وجب عليه الحد.
2 -
الشبهة في المحل: ويسمونها الشبهة الحكمية، أو شبهة الملك: وتقوم هذه الشبهة على الاشتباه في حكم الشرع بحل المحل، فيشترط في هذه وتقوم هذه الشبهة على الاشتباه في حكم الشرع بحل المحل، فيشترط في هذه الشبهة أن تكون ناشئة عن حكم من أحكام الشريعة - وهي تتحقق بقيام دليل شرعي ينفي الحرمة - ولا عبرة بظن الفاعل، فيستوي أن يعتقد الفاعل الحل، أو يعلم الحرمة، لان الشبهة ثابتة بقيام الدليل الشرعي، لا بالعلم وعدمه.
من يقيم الحدود؟: اتفق الفقهاء على أن الحاكم أو من ينيبه عنه هو الذي يقيم الحدود.
وأنه ليس للافراد أن يتولوا هذا العمل من تلقاء أنفسهم.
روى الطحاوي عن مسلم بن يسار أنه قال: كان رجل من الصحابة يقول:
" الزكاة، والحدود، والفئ، والجمعة إلى السلطان ".
قال الطحاوي: لا نعلم له مخالفا من الصحابة (1) .
(1) تعقبه ابن حزم، فقال: إنه خالفه اثنا عشر صحابيا