الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إذا عرض بلفظ محتمل ولم تدل قرينة حال ولا مقال على أنه قصد الرمي بالزنا، فلا شئ عليه، لانه لا يسوغ إيلامه بمجرد الاحتمال ".
بم يثبت حد القذف:
الحد يثبت بأحد أمرين:
1 -
إقرار القاذف نفسه.
2 -
أو بشهادة رجلين عدلين.
عقوبة القاذف الدنيوية: يجب على القاذف - إذا لم يقم البينة على صحة ما قال - عقوبة مادية، وهي ثمانون جلدة.
وعقوبة أدبية، وهي رد شهادته وعدم قبولها أبدا والحكم بفسقه لانه يصبح غير عدل عند الله وعند الناس.
وهاتان العقوبتان هما المقررتان في قول الله سبحانه وتعالى: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا، وأولئك هم الفاسقون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا، فإن الله غفور رحيم ".
وهذا متفق عليه بين العلماء إذا لم يتب القاذف.
بقي هنا مسألتان اختلف فيهما العلماء:
(المسألة الاولى) هل عقوبة العبد مثل عقوبة الحر أو لا؟ (المسألة الثانية) إذا تاب القاذف، هل يرد له اعتباره وتقبل شهادته أولا؟.
أما المسألة الاولى فهي أنه إذا قذف العبد الحر المحصن وجب عليه الحد، ولكن هل حده مثل حد الحر، أو على النصف منه؟.
لم يثبت حكم ذلك في السنة، ولهذا اختلفت أنظار الفقهاء، فذهب أكثر أهل العلم إلى أن العبد إذا ثبتت عليه جريمة القذف، فعقوبته أربعون جلدة، لانه حد يتنصف بالرق، مثل حد الزنا.
يقول الله سبحانه: " فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب "(1)
(1) سورة النساء.
الاية: 25.
قال مالك: " قال أبو الزناد سألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك.
فقال: أدركت عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، والخلفاء، وهلم جرا، فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين ".
وروي عن ابن مسعود، والزهري، وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب، والاوزاعي، وابن حزم، أنه يجلد ثمانين جلدة.
لانه حد وجب، حقا للادميين، إذ أن الجناية وقعت على عرض المقذوف، والجناية لا تختلف بالرق والحرية.
قال ابن المنذر: والذي عليه الامصار القول الاول، وبه أقول.
وقال في المسوى: " وعليه أهل العلم ".
وقد ناقش صاحب الروضة الندية الرأي الاول، وقال مرجحا الرأي الثاني:
الاية الكريمة عامة يدخل تحتها الحر والعبد، والغضاضة بقذف العبد للحر أشد منها بقذف الحر للحر، وليس في حد القذف ما يدل على تنصيفه للعبد، لا من الكتاب ولا من السنة.
ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعالى في حد الزنا: " فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ".
ولا يخفى أن ذلك في حد آخر غير حد القذف.
فإلحاق أحد الحدين بالاخر فيه إشكال، لا سيما مع اختلاف العلة وكون أحدهم حقا لله محضا، والاخر مشوبا بحق آدمي.
أما المسألة الثانية: فقد اتفق الفقهاء على أن القاذف لا تقبل شهادته ما دام لم يتب، لانه ارتكب ما يستوجب الفسق، والفسق يذهب بالعدالة، والعدالة شرط في قبول الشهادة، وأنه لم يتب من فسقه هذا، والجلد، وإن كان مكفرا للاثم الذي ارتكبه ومخلصا له من عقاب الاخرة، إلا أنه لا يزيل عنه وصف الفسق الموجب لرد الشهادة.
ولكن إذا تاب وحسنت توبته، فهل يرد له اعتباره وتقبل شهادته أم لا؟.
اختلف الفقهاء في ذلك إلى رأيين:
(الرأي الاول) يرى قبول شهادة المحدود في قذف إذا تاب توبة نصرحا