الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فانما تريد أنهم جاءوك واحدا واحدا أو اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة، أو عشرة عشرة.
وليس هذا المعنى في الاصل لانك إذا قلت: جاءني قوم ثلاثة ثلاثة، أو قوم عشرة عشرة، فقد حصرت عدة القوم بقولك ثلاثة وعشرة.
فإذا قلت جاءوني ثناء ورباع، فلم تحصر عدتهم، وإنما تريد أنهم جاءوك اثنين اثنين، أو أربعة أربعة، سواء كثر عددهم أو قل في هذا الباب.
فقصرهم كل صيغة على أقل مما تقتضيه بزعمهم تحكم. انتهى.
وجوب العدل بين الزوجات:
أباح الله تعدد الزوجات وقصره على أربع، وأوجب العدل بينهن في الطعام والسكن والكسوة والمبيت (1) ، وسائر ما هو مادي من غير تفرقة بين غنية وفقيرة، وعظيمة وحقيرة، فان خاف الرجل الجور وعدم الوفاء بحقوقهن جميعا حرم عليه الجمع بينهن، فان قدر على الوفاء بحق ثلاث منهن دون الرابعة حرم عليه العقد عليها.
فان قدر على الوفاء بحق اثنتين دون الثالثة حرم عليه العقد عليها.
وكذلك من خاف الجور بزواج الثانية حرمت عليه لقول الله تعالى: " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى ألا تعولوا ".
أي أقرب ألا تجوروا.
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل " رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجه.
ولا تعارض بين ما أوجبه الله من العدل في هذه الاية وبين ما نفاه الله في الاية الاخرى من سورة النساء وهي: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة "
(1) أي يبيت عند الواحدة مقدار ما يبيت عند الاخرى.
فان العدل المطلوب هو العدل الظاهر المقدور عليه وليس هو العدل في المودة والمحبة، فان ذلك لا يستطيعه أحد، بل العدل المبتغى هو العدل في المحبة والمودة والجماع.
قال محمد بن سيرين سألت عبيدة عن هذه الاية فقال هو الحب والجماع.
قال ابو بكر بن العربي: وصدق، فان ذلك لا يملكه أحد إذ قلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفه كيف يشاء، وكذلك الجماع فقد ينشط للواحدة مالا ينشط للاخرى، فإذا لم يكن ذلك بقصد منه فلا حرج عليه فيه، فانه مما لا يستطيعه، فلا يتعلق به تكليف.
وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول:" اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تلك ولا أملك " قال أبو داود: يعني القلب.
رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الخطابي في هذا دلالة على توكيد وجوب القسم بين الضرائر الحرائر، وإنما المكروه في الميل، هو ميل العشرة الذي يكون معه نجس الحق، دون ميل القلوب، فان القلوب لا تملك.
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي في القسم بين نسائه ويقول: " اللهم هذا قسمي " الحديث.
وفي هذا نزل قوله تعالى: " ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ".
وإذا سافر الزوج فله أن يصطحب من شاء منهن وان أقرع بينهن كان حسنا.
ولصاحبة الحق في القسم أن تنزل عن حقها، إذ أن ذلك خالص حقها، فلها أن تهيه لغيرها.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة (1) .
(1) قال الخطابي: فيه اثبات القرعة، وفيه ان القسم قد يكون بالنهار كما يكون بالليل. وفيه أن الهبة قد تجري في حقوق عشرة الزوجية كما تجري في حقوق الاموال. واتفق أكثر أهل العلم على أن المرأة التي يخرج بها في السفر لا تحتسب عليها تلك المدة للبواقي، ولا يقاص بما فاتهن من أيام الغيبة إذا كان خروجها بقرعة.
وزعم بعض أهل العلم ان عليه أن يوفي للبواقي ما فاتهن ايام غيبته حتى يساوينها في الحظ.
والقول الاول أولى لاجتماع عامة أهل العلم عليه، ولانها أنما أرفقت بزيادة الحظ لكان في ذلك مما يلحقها من مشقة السفر وتعب السير: والقواعد خليات من ذلك. فلو سوى بينها وبينهن العدول عن الانصاف