الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ــ::
مناقشة تتمة البحث الخامس (2)::
ــ
أولا: أن ما ذكره ابن مفلح في كتابه الآداب الشرعية؛ فهو عن حكم الإنكار على من لم يجب عليهن ستر وجوههن وهن الإماء، وليس عن حكم كشف الحرائر! ولذا قال: ينبني (الجواب) على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها أو يجب غض النظر عنها؟ أي: أيُّ الأمرين واجب في هذه الحال، ستر وجه الأمة أم غض البصر عنها، فذكر أن في المسألة قولان؛ فاستشهد بما نقله النووي من قول القاضي عياض في هذه المسألة، ثم زاد في البيان فاستشهد بماء جاء في المغني من منع عمر رضي الله عنه الإماء تغطية وجوههن؛ وحديث المكاتب الذي فيه جواز نظر العبيد للحرائر من النساء، وهذا مما أسقط من قول ابن مفلح! ولذلك أجاب ابن مفلح بأنه يرى أنه لا يسوغ الإنكار عليهن إذا كشفن وجوههن لأن الحجاب ليس واجبا عليهن في هذه الأحوال.
وهذا قول ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/ 296): هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق، ينبني على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها أو يجب غض البصر عنها، أو في المسألة قولان، قال القاضي عياض في حديث جرير رضي الله عنه قال "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري" أخرجه مسلم قال العلماء رحمهم الله تعالى وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي، ذكره الشيخ محيي الدين النووي ولم يزد عليه، وقال في المغني عقيب إنكار عمر رضي
الله عنه على الأمة التستر وقوله "إنما القناع للحرائر" قال: ولو كان نظر ذلك محرما لما منع من ستره بل أمر به،
وكذلك احتج هو وغيره على الأصحاب وغيرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان لإحداكن مكاتب فملك ما يؤدي فلتحتجب منه) - ثم ذكر ابن مفلح القول الآخر - وقال الشيخ تقي الدين وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز، ولمن اختار هذا أن يقول حديث جرير لا حجة فيه لأنه إنما فيه وقوعه ولا يلزم منه جوازه، فعلى هذا هل يشرع الإنكار؟ ينبني على الإنكار في مسائل الخلاف وقد تقدم الكلام فيه، فأما على أقوالنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم أن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة فلا ينبغي أن يسوغ الإنكار. اهـ
فكلام ابن مفلح كما أسلفنا عن حكم النظر حال جواز الكشف، ولذلك كان جوابه أنه لايسوغ الإنكار، أما رأيه في حكم النظر إلى الحرائر من النساء ممن يجب عليهن الاحتجاب منه فقد كان من الأولى بالشيخ الألباني أن يأخذ رأيه في هذه المسألة من كتبه في الأحكام الفقهية؛ لا من كتابه الآداب الشرعية!
فقد قال ابن مفلح في كتابه الفروع (5/ 109 - 112): وجوَّز جماعة وذكره شيخنا رواية نظر رجل من حرة ما ليس بعورة صلاة والمذْهب لا؛ نقل أبو طالب (ظفر المرأة عورة فإذا خرجت فلا يبين منها شيء ولا خفُّها فإن الخُفَّ يصف القدم وأحب إليَّ أن تجعل لكمِّها زرًّا عند يدها لا يبين منها شيء)
ويجوز غير عورة صلاة من أمة ومن لا تشتهى. وذكر الشيخ ينظر من أمة ومن لا تشتهى ما يظهر غالبا، ونقل حنبل إن لم تختمر الأمة فلا بأس، وقيل الأمة
والقبيحة كالحرة والجميلة. نقل المروذي: لا ينظر إلى المملوكة، كم من نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء. ونقل ابن منصور: لا تنتقب الأمة. ونقل أيضا تنتقب الجميلة. اهـ
ثانيا: أما قول القاضي عياض تعليقا على حديث نظر الفجأة " قال العلماء: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي" اهـ فمراده الإماء المملوكات، لأن الحجاب لم يفرض عليهن، فلا يجب عليهن ستر وجوههن عند ملاقاة الرجال في الطرقات، وعلى الرجل أن يغض بصره عنها سواء كانت حسناء أو شوهاء، وسواء كان نظره بشهوة أو بغير شهوة، فلا يحل له النظر إليها إلا لعذر شرعي من شهادة ونحوها، فالقاضي عياض ممن يرى منع النظر حال جواز الكشف. ولهذا نقل النووي قول القاضي عياض في هذه المسألة ولم يزد عليه.
ومما يشهد لذلك ما جاء في إكمال المعلم للقاضي عياض (2/ 610): وقيل: فيه دليل على خروج النساء للمساجد، ومبادرة خروجهن قبل الرجال عند تمام الصلاة لئلا يزاحمن الرجال، أو ليستترن منهم، ولاغتنام ظلمة الغلس.
وقال في موضع آخر منه عن مبيت العبيد المملوكين ونحوهم في البيوت (7/ 60): وفى الحديث: " لا يبيتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم ": خص الثيب دون الأبكار؛ إذ العادة احتجاب الأبكار عن الرجال، فكيف أن يدخل عليهن أو يبات عندهن.
ــ:: البحث السادس:: ــ
تعطيلهم الأحاديث الصحيحة المخالفة لهم
قال الشيخ الألباني تحت هذا العنوان: قد جاءت أحاديث كثيرة في كشف النساء لوجوههن وأيديهن يبلغ مجموعها مبلغ التواتر المعنوي عند أهل العلم
…
فلا أقل من ذكر بعض النماذج منها:
الحديث الأول: حديث الخثعمية وفيه أنها كانت حسناء وضيئة وفيه: " فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها"
…
ولذلك قال ابن بطال: " لم يحول النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها لإعجابه بها
…
"ـ