المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ مناقشة البحث الأول:: - كشف الغمة عن أدلة الحجاب في الكتاب والسنة

[أمل آل خميسة]

فهرس الكتاب

- ‌ المقدمة::

- ‌ توطئة::

- ‌ البحث الأول:: ــآية الجلباب: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌ مناقشة البحث الأول::

- ‌ مناقشة البحث الثاني::

- ‌ مناقشة البحث الثالث::

- ‌ البحث الرابع: الخمار والاعتجار::

- ‌ مناقشة البحث الرابع::

- ‌ مناقشة تتمة البحث الرابع::

- ‌ التقنع

- ‌ الاعتجار

- ‌ مناقشة البحث الخامس::

- ‌عورة المرأة الحرة

- ‌ مناقشة تتمة البحث الخامس (1)::

- ‌ هل يسوغ قياس عورة النظر على عورة المرأة في الصلاة

- ‌ هل نهي المرأة المحرمة عن النقاب ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ مناقشة تتمة البحث الخامس (2)::

- ‌ مناقشة البحث السادس::

- ‌ مناقشة البحث السابع::

- ‌ مناقشة تتمة البحث السابع (1)::

- ‌ نظر المرأة للرجال الأجانب

- ‌ الأدلة التي تشهد أن الحجاب المفروض على النساء الحرائر يقتضي تغطية الوجه::

- ‌ مناقشة البحث الثامن::

- ‌ مناقشة البحث التاسع::

- ‌ ما أثر عن الصحابة والتابعين في تفسير هذه الآية

- ‌ الخلاف القائم حول بعض متعلقات الآية

- ‌ عورة المرأة عند النساء والمحارم

- ‌ مناقشة البحث العاشر::

- ‌ خاتمة الكتاب::

الفصل: ‌ مناقشة البحث الأول::

ــ::‌

‌ مناقشة البحث الأول::

ــ

أولا: قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} الأحزاب: 59 أنكر الشيخ الألباني أن هذه الآية تقتضي تغطية الوجه محتجا على رأيه بالمعنى العام للإدناء عند أحد اللغويين وهو قول الراغب الأصبهاني في "المفردات": "دانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما إلى الآخر"! مع أن هذا القول ليس فيه نفي لدلالة هذه الآية على تغطية الوجه؛ فإن إدناء الشيء من الآخر هو تقريبه إليه؛ فإذا كان الجلباب على الرأس فوق الخمار فإلى أي شيء سيقرّب إن لم يقرّب إلى الوجه ويدنا عليه حتى يغطيه؟! ومع ذلك فإن هذا فقط ما احتج به الشيخ الألباني من أقوال أهل اللغة! فإنه قد ثبت عند من هم أئمة في اللغة بأن المراد بالإدناء في الآية تغطية الوجه:

- قال إمام العربية (إمام الكوفة في النحو واللغة) أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207) في كتابه معاني القرآن (2/ 337): والجلباب؛ الرداء. حدّثنا أبو العبّاس قال حدثنا محمد قال: حدّثنا الفرّاء، قال حدّثنى يحيى بن المهلّب أبو كدينة عن ابن عون عن ابن سيرين في قوله {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} هكذا: قال تغطّى إحدى عينيها وجبهتها والشّقّ الآخر، إلا العين.

ص: 29

- وقال إمام العربية أبو جعفر النحاس النحوي اللغوي المفسّر (ت 338 هـ) في كتابه إعراب القرآن (3/ 325): {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} أي يرخين على وجوههن منه.

- وقال الإمام البارع العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي الزمخشري في تفسيره الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (3/ 560): ومعنى (يدنين عليهن من جلابيبهن) يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. يقال: إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدنى ثوبك على وجهك.

- وقال نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري في تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان (5/ 476): ومعنى (يدنين عليهن) يرخين عليهن. يقال للمرأة إذا زل الثوب عن وجهها أدني ثوبك على وجهك. . . فأمرن بلبس الأردية والملاحف وستر الرأس والوجوه.

- وقال الإمام النحوي المفسر أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط (7/ 250): (يدنين عليهن) شامل لجميع أجسادهن، أو "عليهن" على وجههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.

- وجاء في معاني المعروف في القرآن/ 28: أمرها الإِسلام بوضع الخمار أو الجلباب عليها، لكي لا تُعرف فلا تُؤذى: قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا

ص: 30

يُؤْذَيْنَ} الأحزاب: 59 وفي الحديث الصحيح الوارد في قصة الإفك عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت. . . فخمرت وجهي بجلبابي. . . " الحديث.

وبذلك يتبين خطأ الشيخ الألباني ومخالفته لما عليه أهل اللغة في تأويلهم لمعنى (يدنين عليهن) بـ (يغطِّين وجوههن) وأنه لا يخالف معنى أصل هذه الكلمة: " الإدناء" لغة

(1)

!

(1)

دلالة هذه الآية على تغطية الوجه تتضح أيضا بالقرائن الآتية:

1) أن الله تعالى لم يقل (يتجلببن) وإنما قال (يدنين) فالأمر بإدناء الجلباب أمر زائد على لبس الجلباب، فإذا كانت المرأة ستلبس الجلباب بوضعه على رأسها فقط فأين الإدناء والتقريب؟! فإن هذا هو الذي سيكون إذا لبسته دون اختيار منها! وعلى ذلك لم يكن لهذا الأمر (يدنين عليهن) فائدة؟! فالمرأة مأمورة بفعل زائد على لبس الجلباب على رأسها وهو إدناءه عليها وإن لم يكن إدناءه على وجهها فعلام يكون إذاً!!

2) مجيء"مِنْ" التبعيضية قبل الجلابيب فقال تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} أي أن الإدناء المأمور به يكون بجزء من الجلباب، أما التجلبب ولبس الجلباب فيكون به كله لا ببعضه. قال الألوسي في تفسيره (22/ 89): المراد بالبعض جزءا منه وإدناء ذلك عليهن أن يتقنعن فيسترن الرأس والوجه بجزء من الجلباب مع إرخاء الباقي على بقية البدن.

3) قوله عز وجل عقب الأمر بإدناء الجلابيب {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} دل على أن الله تعالى شرع إدناء الجلابيب لصرف الأذى عنهن، ومجرد تغطية الرأس لا تمنع الأذية ولا تصرف نظر الفتنة، وإنما الذي يمنع من ذلك هو تغطية الوجه فتأمل ذلك. قال أبو حيان في تفسيره البحر المحيط (7/ 240):{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ} لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن ولا يلقين بما يكرهن لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها.

ص: 31

ثانيا: أن الشيخ الألباني أقرّ بأن إدناء الجلابيب يقتضي تغطية الوجه في كتابه جلباب المرأة المسلمة (ص: 152) حيث قال: (ومن هنا يظهر الضابط في نهيه صلى الله عليه وسلم عن تشبه الرجال بالنساء، وعن تشبه النساء بالرجال، وأن الأصل في ذلك ليس هو راجعا إلى مجرد ما تختاره الرجال والنساء ويشتهونه ويعتادونه، فإنه لو كان كذلك؛ لكان إذا اصطلح قوم على أن يلبس الرجال الخمر التي تغطي الرأس والوجه والعنق، والجلابيب التي تسدل من فوق الرءوس حتى لا يظهر من لابسها إلا العينان! وأن تلبس النساء العمائم والأقبية المختصرة ونحو ذلك أيكون هذا سائغا! فإن هذا خلاف النص والإجماع، فإن الله تعالى قال للنساء: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} النور: 31 وقال: {قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} الأحزاب: 59). اهـ

فكيف يسوغ إنكار الشيخ الألباني هنا لهذا المعنى وهو قد أقرّ به في كتابه!!

ثالثا: أن الشيخ الألباني قد احتج على قوله بالمعنى العام للإدناء عند أحد اللغويين؛ ولم يذكر ما اتفق عليه المفسرين في أكثر من أربعين كتابا في التفسير من تفسير هذه الآية بتغطية الوجه بناء على ما ورد فيها من أحاديث وآثار، ولم يتطرق لأي قول من أقوالهم في تفسير هذه الآية!! وقد كان من الأولى في تفسير آية من القرآن الرجوع إلى تأويلها في كتب التفسير، ثم الاستئناس بما يوافق هذا التفسير من كتب اللغة.

ص: 32

وسأنقل أقوال المفسرين في تفسير هذه الآية {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} الأحزاب: 59 ليتبين إتفاقهم على أن المراد بالإدناء في هذه الآية هو تغطية الوجه:

* قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ): يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق.

(1)

* قال الإمام نصر بن محمد أبو الليث السمرقندي (ت 367 هـ): فأمر الله تعالى المؤمنات أن يدنين عليهن من جلابيبهن وقال القتبي يلبسن الأردية، ويقال يعني يرخين الجلابيب على وجههن.

(2)

* قال الإمام أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص الحنفي (ت 370 هـ): في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن.

(3)

* قال الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (ت 399 هـ): يدنين عليهن من جلابيبهن والجلباب الرداء يعني يتقنعن به.

(4)

(1)

تفسير الطبري 22/ 46.

(2)

بحر العلوم 3/ 69.

(3)

أحكام القرآن 5/ 245.

(4)

تفسير االقرآن العزيز لابن أبي زمنين 3/ 412.

ص: 33

* قال الإمام أبو إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي النيسابوري (ت 427 هـ): أي يرخين أرديتهن وملاحفهن فيتقنعن بها ويغطين وجوههن ورؤوسهن.

(1)

* قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القرطبي المالكي (ت 437 هـ): أي قل لهن يرخين عليهن أرديتهن لئلا يشتبهن بالإماء في لباسهن إذا خرجن لحاجتهن فيكشفن شعورهن ووجوههن ولكن يدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق. قال ابن عباس في معناها: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن.

(2)

* قال الإمام علي بن أحمد الواحدي أبو الحسن (ت 468 هـ): قال المفسرون: يغطين رءوسهن ووجوهن إلا عينا واحدة.

(3)

* قال الإمام أبو المظفر منصور السمعاني (ت 489 هـ): أي يشتملن بالجلابيب والجلباب هو الرداء وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، قال عبيدة السلماني تتغطى المرأة بجلبابها فتستر رأسها ووجهها وجميع بدنها إلا إحدى عينيها.

(4)

(1)

الكشف والبيان 8/ 64.

(2)

الهداية الى بلوغ النهاية 9/ 5869

(3)

التفسير الوسيط 3/ 482.

(4)

تفسير السمعاني 4/ 306.

ص: 34

* قال الإمام الفقيه أبو الحسن عماد الدين علي بن محمد الطبري المعروف بـ "الكيا الهراس"

(1)

(ت 504 هـ): الجلباب: الرداء، فأمرهن بتغطية وجوههن ورؤوسهن،، ولم يوجب على الإماء ذلك.

(2)

* قال الإمام أبو الحسين البغوي (ت 516 هـ): قال جل ذكره {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} جمع الجلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، وقال ابن عباس وأبو عبيدة أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة.

(3)

* قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي الحنفي (ت 538 هـ): معنى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يرخينها

عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن

فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه، ليحتشمن ويهبن فلا يطمع فيهن طامع.

(4)

(1)

إلكيا: كلمة فارسية بمعنى الكبير القدر المقدم بين الناس، و"إلكيا الهراس" هو أبو الحسن علي بن محمد بن علي، الملقب بعماد الدين، ولد سنة (450 هـ) وتفقه على إمام الحرمين وهو من أجل تلاميذه بعد الغزالي.

(2)

أحكام القرآن للكيا الهراس 4/ 350.

(3)

معالم التنزيل 3/ 544.

(4)

الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل 3/ 560.

ص: 35

* قال القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله ابن العربي المالكي (ت 543 هـ): قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ} قيل معناه تغطي به رأسها فوق خمارها، وقيل تغطي به وجهها حتى لا يظهر منها إلا عينها اليسرى.

(1)

* قال الإمام أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي (ت 546 هـ): لما كانت عادة العربيات التبذل في معنى الحجبة وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكر فيهن أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأمرهن بإدناء الجلابيب.

(2)

* قال الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت 597 هـ): قوله {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} قال ابن قتيبة: يلبسن الأردية، وقال غيره: يغطين رؤوسهن ووجوههن.

(3)

* قال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي المالكي (ت 671 هـ): لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن.

(4)

(1)

أحكام القرآن 3/ 625.

(2)

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 4/ 399.

(3)

زاد الميسر في علم التفسير 6/ 422.

(4)

الجامع لأحكام القرآن 14/ 243.

ص: 36

* قال الإمام القاضي عبد الله بن عمر البيضاوي الشافعي (ت 685 هـ): {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة.

(1)

* قال الإمام عبد الله بن أحمد النسفي الحنفي (ت 710 هـ): {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن، يقال إذا زال الثوب عن وجه المرأة أدني ثوبك على وجهك.

(2)

* قال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني (ت 728 هـ): قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها ثم أنزل الله آية الحجاب بقوله {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} فحجب النساء عن الرجال، والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء

وقد حكى أبو عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها.

(3)

(1)

أنوار التزيل وأسرار التأويل 4/ 386.

(2)

مدارك التنزيل وحقائق التأويل 3/ 315.

(3)

مجموع الفتاوى 22/ 110.

ص: 37

* قال الإمام علاء الدين علي بن محمد الشيحي أبو الحسن البغدادي، الشهير بالخازن (ت 741 هـ): أي يرخين ويغطين {عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} قال ابن عباس: أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة.

(1)

* قال العلامة محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي المالكي (ت 741 هـ): كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء، وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال لهن، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن.

(2)

* قال الإمام النحوي المفسر محمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي (ت 745 هـ): أمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء بلبس الأردية والملاحف وستر الرؤوس والوجوه ليحتشمن ويهبن.

(3)

* قال أبو محمد بدر الدين حسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت 749 هـ): والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والأبدان كالإماء.

(4)

* قال الإمام الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي (ت 774 هـ): الجلباب هو الرداء فوق الخمار

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن

يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن

(1)

لباب التأويل في معاني التنزيل 3/ 437.

(2)

التسهيل لعلوم التنزيل 3/ 144.

(3)

تفسير البحر المحيط 7/ 240.

(4)

روح البيان 7/ 186.

ص: 38

بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة. قال محمد بن سيرين سألت عبيدة السلماني عن قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.

(1)

* قال الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي (ت 875 هـ): أي يرخين أرديتهن وملاحفهن فيتقنّعن بها ويغطين وجوههن ورؤوسهن.

(2)

* قال الإمام أبو حفص عمر بن علي ابن عادل الدمشقي الحنبلي (ت 880 هـ)"الجلابيب" جمع "الجلباب" وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار، قال ابن عباس وعبيدة على نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة.

(3)

* قال الإمام محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الحسني الحسيني الإيجي الشافعي (ت 905 هـ) الجلباب: رداء فوق الخمار تستر من فوق إلى أسفل، يعني يرخينها عليهن ويغطين وجههن وأبدانهن.

(4)

(1)

انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير 3/ 519.

(2)

الجواهر الحسان في تفسير القرآن 8/ 64.

(3)

اللباب في علوم الكتاب 15/ 589.

(4)

جامع البيان في تفسير القرآن 3/ 367.

ص: 39

* تفسير الجلالين المحلي والسيوطي (ت 911 هـ): {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عيناً واحدة.

(1)

* قال الشيخ أبو السعود محمد بن محمد العمادي (ت 951 هـ): وقيل هي الملحفة وكل ما يتستر به أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي.

(2)

* قال الإمام إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي (ت 1127 هـ): والمعنى يغطين بها وجوههن وأبدانهن وقت خروجهن من بيوتهن لحاجة ولا يخرجن مكشوفات الوجوه والأبدان.

(3)

* قال العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ): قال الواحدي: قال المفسرون يغطين وجوههن ورؤوسهن إلا عينا واحدة.

(4)

* قال العلامة ومفتي بغداد أبو الفضل شهاب الدين الألوسي (ت 1270 هـ): والظاهر أن المراد ب"عليهن" على جميع أجسادهن وقيل على رؤوسهن أو على

(1)

قرة العينين على تفسير الجلالين 1/ 560.

(2)

إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم 7/ 115.

(3)

تفسير حقي 11/ 132.

(4)

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير 4/ 304.

ص: 40

وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه

وإدناء ذلك عليهن أن يتقنعن فيسترن الرأس والوجه بجزء من الجلباب.

(1)

* قال علامة الشام محمد جمال الدين القاسمي في محاسن التأويل (ت 1332 هـ): {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} يرخينها عليهن ويغطين بها وجوههن وأعطافهن.

(2)

* قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت 1376 هـ): هذه الآية هي التي تسمى آية الحجاب فأمر الله نبيه أن يأمر النساء عموما ويبدأ بزوجاته وبناته أن {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} وهن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة وخمار ورداء ونحوه أي يغطين بها وجوههن وصدورهن.

(3)

* قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي (ت 1393 هـ): من الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها قوله تعالى {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} فقال غير واحد من أهل العلم أنهن يسترن بها جميع وجوههن

(1)

روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني 22/ 89.

(2)

محاسن التأويل 8/ 113.

(3)

انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/ 672.

ص: 41

ولا يظهر منهن شيئاً إلا عيناً واحدة تبصر بها، وممن قال به ابن مسعود، وابن عباس وعبيدة السلماني.

(1)

* قال العلامة أبو الأعلى المودودي الحنفي (ت 1399 هـ): هذه الآية نزلت خاصة في ستر الوجه.

(2)

وقال: يتضح من هذه الأقوال جميعاً أنه من لدن عصر الصحابة إلى القرن الثامن للهجرة، حمل جميع أهل العلم هذه الآية على مفهوم واحد، هو الذي قد فهمناه من كلماتها، وإذا راجعنا بعد ذلك الأحاديث النبوية والآثار علمنا منها أيضاً أن النساء قد شرعن بلبس النقاب على العموم بعد نزول هذه الآية على العهد النبوي، وكن لا يخرجن سافرات. اهـ

(3)

.

* وبذلك تبين إجماع المفسرين ومنهم أئمة التفسير كالطبري والبغوي وابن الجوزي والقرطبي والبيضاوي والنسفي وابن كثير والشوكاني ومنهم أئمة في اللغة كالفراء والنحاس والزمخشري وأبي حيان ومنهم أئمة في الفقه كعماد الدين الطبري والجصاص وابن العربي والبيضاوي والشوكاني وغيرهم على اختلاف مذاهبهم؛ على تفسير هذا الأمر الرباني الموجه لنساء المؤمنين بتغطية الوجه.

(1)

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن 6/ 243.

(2)

الحجاب / 322. الطبعة الرابعة 1407 هـ، الدار السعودية للنشر بجدة.

(3)

الحجاب / 302.

ص: 42

ثانياً: استشهد الشيخ الألباني بقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه " تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به"

(1)

على أنه تفسير من ابن عباس لآية إدناء الجلابيب فقال: (وقد صح عن ابن عباس أنه قال في تفسير آية الجلابيب" تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به")!! والصحيح أن قول ابن عباس هذا لم يكن تفسيرا لآية إدناء الجلابيب كما ذكر الشيخ الألباني، ولم يستشهد به مطلقا أي أحد من المفسرين في تفسير هذه الآية! بل لم يرد له ذكر في كتب التفسير البتة!! لأن هذا القول من ابن عباس إنما كان لبيان كيفية تغطية وجه المرأة حال إحرامها، كما أن الشيخ الألباني لم يذكر رواية هذا الأثر بتمامها كما هي عند أبي داوود: قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد، في باب: ما تلبس المرأة في إحرامها (ص 110): "حدثنا أحمد، قال حدثنا يحيى وروح، عن ابن جريج، قال أخبرنا، قال عطاء، أخبرني أبو الشعثاء، أن ابن عباس رضي الله عنهما قال:(تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به، قال روح في حديثه: قلت: وما لا تضرب به؟ فأشار لي كما تجلبب المرأة، ثم أشار لي ما على خدها من الجلباب قال: تعطفه وتضرب به على وجهها، كما هو مسدول على وجهها) كما أخرجه الشافعي عن سعيد بن سالم ولفظه (تدلي عليها من جلبابها ولا تضرب به، قلت وما لا تضرب به فأشار إلى كما تجلبب المرأة ثم أشار إلى ما على خدها من الجلباب فقال لا تعطفه فتضرب به على وجهها فذلك الذي يبقى عليها ولكن تسدله على وجهها كما هو مسدولا ولا تقلبه ولا تضرب به ولا تعطفه)

(2)

وهذا يبين مراد ابن

(1)

أبو داود في (مسائله) ص /110، وصححه الألباني في الرد المفحم /51.

(2)

مسند الشافعي (1/ 118)، الأم (2/ 149).

ص: 43

عباس؛ وهو أن تغطية المرأة لوجهها حال إحرامها تكون بسدل الجلباب من فوق رأسها على وجهها، وليس لها رفع الثوب من أسفل وضربه على الوجه

(1)

للتلثم به والتبرقع، فالنهي متعلق بصفة التغطية وليس بالتغطية نفسها.

لكن الشيخ الألباني أشار إلى هذه الزيادة في أثر ابن عباس في آخر موضع استشهد فيه بهذا الأثر في رده المفحم في هامش الصفحة قائلا:

(وهذه زيادة شاذة لا تصح)

(2)

!! والصحيح أن هذه الزيادة محفوظة غير شاذة؛ لأن الشذوذ مصطلح يطلق على زيادة تفرد بها ثقة خالف بها غيره، ولا يطلق على ما رواه ولم يروه غيره:

قال العلامة محمد جمال الدين القاسمي في قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث (ص: 100): الشذوذ أن يخالف الثقات فيما رووه، فيشذ عنهم بروايته، فأما إذا روى الثقة حديثًا منفردًا به لم يرو الثقات خلافه فإن ذلك لا يسمى

(1)

الضرب هو الشد والإلصاق، كما جاء في تفسير الضرب في قوله تعالى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) النور: 31 قال ابن عبدالبر في الكافي (1/ 153): قال سعيد بن جبير (وليضربن) يعني وليشددن. وفي فتح القدير (4/ 23): مبالغة في الإلقاء الذي هو الإلصاق. وفي إعراب القرآن (3/ 134): وليلصقن.

(2)

قال الشيخ الألباني في الرد المفحم هامش (ص 51): رواه أبو داوود عن أحمد عن شيخين له: يحيى بن سعيد وروح، واللفظ ليحيى وخالفه روح فزاد زيادة لما سئل: وما " ولا تضرب به "؟ فقال: " تعطفه وتضرب به على وجهها كما هو مسدول على وجهها " وهذه زيادة شاذة لا تصح لأن يحيى جبل في الحفظ قال أحمد: " إليه المنتهى في التثبت في البصرة " فإذا قابلت هذه الشهادة منه بقوله وفي روح: " لم يكن به بأس " عرفت الفرق بينهما ولم تقبل زيادته على يحيى. اهـ

ص: 44

شاذًّا

قال الشافعي رحمه الله: "وليس الشاذ أن ينفرد الثقة برواية الحديث بل الشاذ أن يروي خلاف ما رواه الثقات"

وقال الحافظ ابن حجر في نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر (ص: 82): زيادة راويهما أي: الصحيح والحسن مقبولة، ما لم تكن منافية لرواية من هو أوثق ممن لم يذكر تلك الزيادة؛ لأن الزيادة:

1 ـ إما أن تكون لا تنافي بينها وبين رواية من لم يذكرها فهذه تقبل مطلقاً لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره.

2 ـ وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الراوية الأخرى فهذه التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها فيقبل الراجح ويرد المرجوح. اهـ

وقال أبو العباس أحمد بن فرح الإشبيلي في الغرامية في مصطلح الحديث (ص: 104): لابد من توفر شرطين في الشاذ هما: التفرد والمخالفة.

وزيادة روح بن عبادة ليست منافية ولا مخالفة لرواية يحيى بن سعيد حتى يحكم عليها بالشذوذ!! بل هي بمثابة الزيادة المفسرة لها، فلا يصح أن توصف بالشذوذ! بل إن الإنصاف أن تقبل مطلقا كما قال ابن حجر لأنها في حكم الحديث المستقل الذي ينفرد به الثقة ولا يرويه عن شيخه غيره.

ص: 45

وروح يعد من الثقات وقول الإمام أحمد الذي نقله عنه الشيخ الألباني لا يعد جرحا له، وقد وثقه البزار والخليل وابن سعد وابن معين

(1)

والعجلي في ثقاته وابن حجر في التقريب، وحديثه مخرج في الصحيحين.

كما أن هذه الزيادة لم يتفرد بها روح فقد شاركه فيها سعيد بن سالم كما في مسند الشافعي، ولها شواهد من حديث عائشة رضي الله عنها

(2)

، وعمل بها الأئمة

(3)

.

بل إن الشيخ الألباني نفسه قد أقرّ بمعناها فقال في الرد المفحم (ص:

(1)

انظر تهذيب التهذيب (3/ 253 - 254).

(2)

وذلك ما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (تسدل المحرمة جلبابها من فوق رأسها على وجهها) وقالت (ولا تتبرقع ولا تَلَثَّم وتسدل الثوب على وجهها) وفي رواية (سدلنا الثوب على وجوهنا من خلفنا ولم يجئ من ها هنا يعني من قبل خديها فإذا جاوزنا نزعناه) وسيأتي تخريجها.

(3)

كما جاء في الفروع (3/ 333): وقال أحمد: إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل ومعناه عن ابن عباس رواه الشافعي.

وقال الإمام الشافعي في الأم (2/ 162): ويكون للمرأة إذا كانت بارزة تريد الستر من الناس أن ترخي جلبابها أو بعض خمارها أو غير ذلك من ثيابها من فوق رأسها وتجافيه عن وجهها حتى تغطي وجهها متجافيا كالستر على وجهها ولا يكون لها أن تنتقب ـ ثم ساق أثر ابن عباس ثم قال ـ ولا ترفع الثوب من أسفل إلى فوق.

وفي التفريع في فقه الإمام مالك (1/ 200): ولا بأس أن تسدل ثوبها على وجهها ليسترها عن غيرها، وتسبله من فوق رأسها، ولا ترفعه من تحت ذقنها، ولا تشد على رأسها. اهـ

وهذا مقتضى قول ابن عباس فلم يرد عن أحد من الأئمة أنه قال بجواز كشف وجه المرأة المحرمة إذا كانت على مرأى من رجال أجانب بناء على قول ابن عباس ولا غيره من الآثار كما سيأتي زيادة بيان ذلك وتفصيله في تتمة مناقشة البحث الخامس.

ص: 46

39): (فلكونها معتمرة فلا يجوز لها أن تلثم به كما قالت آنفا فتغطيتها لوجهها بالسدل فعل منها نقول به) فلا وجه إذن للطعن في هذه الزيادة والحكم عليها بالشذوذ، لأنه لا شذوذ هنا، ولا دليل عليه، بل هي زيادة ثقة يروي ما لم يرو غيره، فتكون مقبولة محتجا بها.

ثالثا: (1) استشهد الشيخ الألباني بما جاء في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (1/ 452) قال "الصحيح من المذهب أن الوجه ليس من العورة" على أن مراده عورة النظر! والصحيح أن مراد المرداوي عورة المرأة في الصلاة.

(1)

(1)

ولا يسوغ قياس عورة النظر على عورة الصلاة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 115): فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا.

وفي مغني المحتاج (3/ 129): وقال السبكي إن الأقرب إلى صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة.

وفي الثمر الداني (1/ 163): ويجوز أن تظهر وجهها وكفيها في الصلاة خاصة.

وفي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (1/ 241): قال الكمال وصحح بعضهم أنه ليس بعورة في الصلاة لا خارجها، ولا تلازم بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه.

وسيأتي زيادة توضيح وبيان لذلك في تتمة مناقشة البحث الخامس.

ص: 47

وهذا نص ما ذكره المرداوي في الإنصاف (1/ 452 - 453): (قوله"والحرة كلها عورة إلا الوجه"

(1)

الصحيح من المذهب أن الوجه ليس بعورة وعليه الأصحاب وحكاه القاضي إجماعا وعنه الوجه عورة أيضا قال الزركشي أطلق الإمام أحمد القول بِأن جميعها عورة وهو محمول على ما عدا الوجه أو على غير الصلاة انتهى. وقال بعضهم الوجه عورة وإنما كشف في الصلاة للحاجة قال الشيخ تقي الدين والتحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة وهو عورة في باب النظر إذا لم يجز النظر إليه انتهى

وقوله " وفي الكفين روايتان " إحداهما: هما عورة. وهي المذهب وعليه الجمهور قال: وهو ظاهر كلام أحمد وجزم به الخرقي .... واختار الشيخ تقي الدين: أن القدمين ليسا بعورة أيضا. قلت: وهو الصواب) اهـ

فإن ما ذكره المرداوي في الكفين من أن المذهب وظاهر قول أحمد أنهما عورة، وما رجحه من أن القدمين أيضا ليسا بعورة؛ يكشف أن مراد المرداوي عورة المرأة في الصلاة لا عورتها في النظر، أما رأيه في عورة المرأة في النظر؛ فيتبين بما ذكره في كتابه "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" عن حكم النظر للأمة التي لم يُفرض عليها الحجاب (8/ 27) حيث قال: الصواب أن الجميلة تنتقب،

(1)

هذا من المتن الذي يشرحه المرداوي في الإنصاف وهو المقنع في فقه الإمام أحمد لابن قدامة المقدسي (ص: 44): كتاب الصلاة، باب ستر العورة: وهو الشرط الثالث. وسترها عن النظر بما لا يصف البشرة واجب. وعورة الرجل

والحرة كلها عورة إلا الوجه وفي الكفين روايتان. وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة وعنه كالحرة. ويستحب للرجل أن يصلي في ثوبين

)

ص: 48

وأنه يحرم النظر إليها كما يحرم النظر إلى الحرة الأجنبية

فلا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدا وهو صحيح وهو المذهب. أهـ

(2)

ومثل ذلك ما نقله الشيخ الألباني عن ابن قدامة المقدسي في المغني قائلا: وهو اختيار ابن قدامة المقدسي في "المغني"(1/ 637) واستدل لاختياره بنهيه صلى الله عليه وسلم المحرمة عن لبس القفازين والنقاب "لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء". وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه "العمدة" اهـ.

فإن مراد ابن قدامة؛ عورة المرأة في الصلاة، وهذا نص ما قال ابن قدامة في المغني (1/ 637):(جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور: 31 قال الوجه والكفين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء). اهـ

وتوضيح ما ذكر ابن قدامة بأمرين:

ص: 49

الأول: علل ابن قدامة وغيره من الفقهاء كون الوجه والكفين ليسا بعورة من المرأة في الصلاة؛ بأن المرأة منهية حال إحرامها من لبس القفازين والنقاب

(1)

؛ وهذا ليس فيه حجة على جواز كشف وجه المرأة أمام الرجال الأجانب!

لأن المراد نهي المرأة من تغطية وجهها إذا لم تكن بارزة أمام رجال أجانب، ومما يشهد لذلك؛ قول ابن قدامة في المغني (3/ 154): فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها روي ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وإسحاق ومحمد بن الحسن ولا نعلم فيه خلافا. . . ولأن بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم عليها ستره على الإطلاق كالعورة.

- قال النووي (ت 676 هـ) في المجموع (8/ 75): قال الشافعي والأصحاب؛ يستحب للمرأة أن تسعى في الليل لأنه أستر وأسلم لها ولغيرها من الفتنة، فان طافت نهارا جاز وتسدل على وجهها ما يستره.

- قال أبو بكر ابن العربي المالكي (ت 543 هـ) في عارضة الأحوذي (4/ 56): ستر وجه المرأة بالبرقع فرض إلا في الحج؛ فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها.

- قال صدر الدين عليّ بن عليّ ابن أبي العز الحنفي (ت 792 هـ): في التنبيه على مشكلات الهداية (3/ 1006): فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمرأة كشف الوجه

(1)

لما ثبت عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) صحيح البخاري 2/ 653 (1741)، وسيأتي أنه موقوف على ابن عمر.

ص: 50

للرجال في الإحرام ولا غيره خصوصًا عند خوف الفتنة، وإنما جاء النص بالنهي عن النقاب خاصًا.

- قال ابن نجيم الحنفي (ت 970 هـ) في البحر الرائق (2/ 381): ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة. . . وهو يدل على أن هذا الإِرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجب عليها. اهـ

وسيأتي زيادة تفصيل وبيان لهذه المسألة في مناقشة البحث الخامس إن شاء الله.

وكذلك كون وجه المرأة ليس بعورة في الصلاة؛ لا يعني جواز كشف المرأة لوجهها إذا كانت تصلي على مرأى من رجال أجانب عنها، كما بيّن ذلك بعض الفقهاء على اختلاف مذاهبهم:

كما في سبل السلام (1/ 132): والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي.

وفي شرح العمدة (4/ 268): يكره للمرأة ستره في الصلاة

إلا إن تكون بين رجال أجانب.

وفي الإقناع للشربيني (1/ 124): إلا أن تكون في مكان وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر إليها فلا يجوز لها رفع النقاب.

ص: 51

وفي التاج والإكليل (1/ 502): قال مالك إن صلت الحرة منتقبة لم تعد

وكذا المتلثمة وقال اللخمي يكرهان، وتسدل على وجهها إن خشيت رؤية رجل.

وفي الدر المختار (1/ 405): قال في فصل شروط الصلاة: وستر عورته وهي للرجل ما تحت سرته إلى ما تحت ركبته. . . وللحرة جميع بدنها خلا الوجه والكفين والقدمين، وتمنع من كشف الوجه بين الرجال لخوف الفتنة.

الثاني: أن قول ابن قدامة "ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء" فهو الذي علل به الفقهاء أمرين:

1 -

كشف الإماء وجوههن وعدم احتجابهن، لأن الأمر بالحجاب مختص بالحرائر دون الإماء

(1)

في قوله تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} الأحزاب: 59 وسيأتي تفصيل ذلك وتأصيله في مناقشة البحث الخامس.

(1)

قال ابن قدامة المقدسي في الكافي في فقه ابن حنبل (3/ 6): وأما عبد المرأة فليس بمحرم لها لأنها لا تحرم عليه على التأبيد لكن يباح له النظر إلى ما يظهر منها غالبا لقوله تعالى (ما ملكت أيمانهن). أخرج عبد الرزاق في مصنفه 8/ 412 (15742) عن مجاهد قال "كان العبيد يدخلون على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم " وأخرج البيهقي في سننه الكبرى 7/ 95 (13324) عن سليمان بن يسار عن عائشة رضي الله عنها قال استأذنت عليها فقالت من هذا فقلت سليمان قالت كم بقي عليك من مكاتبتك قال قلت عشر أواق قالت" أدخل فإنك عبد ما بقي عليك درهم" صححه الألباني في إرواء الغليل 6/ 183، والعمل على ذلك. اهـ

ص: 52

2 -

عدم احتجاب النساء الحرائر من الرقيق ونحوهم، ممن أجاز لهم الشرع الدخول على المرأة دون حجاب

(1)

لقوله تعالى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} النور: 31 فالمراد من قول ابن قدامة "ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء"؛ الحاجة للأخذ والإعطاء مع من يحل له الدخول عليهن والنظر إليهن من العبيد ونحوهم، وكذلك الحاجة لكشف وجوه الإماء لأنهن سلعة تباع وتشترى وبالناس حاجة إلى النظر إلى وجهها عند الشراء. فالمراد هو الحاجة للمعاملة مع من لم يضرب دونهم الحجاب؛

وهم العبيد المملوكون، ومن لم يؤمرن بحجاب وهن الإماء

(2)

. وليس المراد معاملة المرأة الحرة مع الرجال الأحرار الأجانب الذين ضرب دونهم الحجاب ومنعوا من النظر إليها والمعاملة معها بقوله تعالى {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}

الأحزاب: 53

(1)

(2)

. وهم من وصفهم الله تعالى في كتابه بالطوافين لكثرة دخولهم البيوت لخدمة مواليهم فقال {الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} إلى قوله {

} النور: 58

ص: 53

ومما يشهد لما ذكرنا من أن المراد؛ المعاملة مع هؤلاء:

قول ابن عبد البر (ت 463 هـ) في الاستذكار (8/ 542): وإنما كره عمر للإماء أن يتهيأن بهيئة الحرائر لئلا يظن أنهن حرائر فيضاف إليهن التبرج والمشي وينسب ذلك منهن إلى ما وقع الظن عليهن فيأثم بذلك الظان، ومعلوم أن الإماء ينصرفن في خدمة ساداتهن فيكثر خروجهن لذلك وتطوافهن.

وكذلك ما جاء في المبسوط للسرخسي 10/ 158 (ت 483 هـ): وحديث أم سلمة رضي الله عنها (إذا كان لإحداكن مكاتب

(1)

وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه)

(2)

محمول على الاحتجاب لمعنى زوال الحاجة فإن قبل ذلك تحتاج إلى المعاملة معه بالأخذ والإعطاء فتبدي وجهها وكفها له وقد زال ذلك بالأداء فلتحتجب.

وما جاء في قواطع الأدلة في الأصول لأبي المظفر السمعاني 2/ 82 (ت 489 هـ):

فإن الجارية سلعة تباع وتشترى وبالناس حاجة إلى النظر إلى وجهها وشعرها عند المعاملات فأعرض الشرع عن خوف الفتنة لوقوع الحاجة، بخلاف الحرة فإن الأصل أنها عورة فالشرع حرم النظر سواء كانت شوهاء أو حسناء حسما للباب وسدا له وزيادة احتياط للأمور.

(1)

(المكاتب) هو الذي تعاقد مع سيده على مبلغ من المال إذا أداه أصبح حرا.

(2)

سنن أبي داود 4/ 21 (3928) جامع الترمذي 3/ 562 (1261) وقال حسن صحيح.

ص: 54

كما إن من أهل العلم من أنكر إطلاق جواز الكشف والنظر للإماء للبيع والشراء:

كما في مواهب الجليل لشرح مختصر خليل (3/ 405): ومقتضى كلام القباب في مختصر أحكام النظر لابن القطان أنه لا يجوز النظر إليهن للبيع والشراء.

قال ابن القطان في أحكام النظر/193: (حكم نظر من يريد شراء أمة يقلبها)

مسألة؛ ليس من الضرورات احتياجها إلى أن تبيع وتبتاع أو تستصنع وقد روي عن مالك أنه قال: أرى أن يتقدم إلى الصناع في قعود النساء إليهم ولا تترك الشابة تجلس إلى الصناع، وأما المتجالة والخادم الدون ومن لا يتهم على القعود عنده فلا بأس بذلك، وهذا كله صواب من القول، فإن أكثر هذه ليست بضرورات مبيحة للتكشف، فقد تستصنع وتتصرف بالبيع والشراء وغير ذلك وهي مستترة. ولا يمنعن - الإماء - من الخروج والمشي في حاجاتهن ولو كن معتدات وإلى المساجد، وإنما يمنعن من التبرج والتكشف والتطيب للخروج والتزين، بل يخرجن وهن تفلات ولا يتوسطن في المشي الطرقات بل يلصقن بالجدران

وقال القاضي أبو بكر بن الطيب: أما بروزهن للتهمة والنظر والتعرض للفساق

فيجب إنكاره والمنع منه، وأما خروجهن للحوائج والمهمات، وعلى غير وجه التعرض للفساد، فإنه غير منكر لأنه غير مطلق لهن، وقد يخرجن لسماع الوعظ وتعلم العلم والفضيلة من صلاة أو غير ذلك ونحوه لمن أمن الافتتان بهن من العجائز وأما الشواب منهن فيجب إنكار اختلاطهن بالرجال في المساجد ومجمع القصاص إلا أن يكون من وراء حجاب بحيث لا يراهن الرجال. انتهى كلامه بنصه وهو صواب كما ذكر. اهـ

ص: 55

ولذلك فلا حجة في هذا القول على جواز كشف وجه المرأة الحرة لمن ضرب دونهم الحجاب من الرجال الأحرار الأجانب.

(3)

أما قول الشيخ الألباني (وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه "العمدة") فهو أيضا عن عورة المرأة في الصلاة؛ وهذا نص قول ابن قدامة من كتابه (العمدة):

(باب شروط الصلاة) وهي ستة: (أحدها) الطهارة من الحدث، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ"(الشرط الثاني) الوقت، ووقت الظهر. . . (الشرط الثالث) ستر العورة بما لا يصف البشرة، وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة، والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة. ومن صلى في ثوب مغصوب. . . اهـ

وبذلك يتبين أن ما استشهد به الشيخ الألباني عن ابن قدامة من كتابيه المغني والعمدة لم يكن عن عورة المرأة بالنسبة للنظر، وإنما كان عن عورة المرأة في الصلاة، أما قول ابن قدامة في عورة المرأة بالنسبة للنظر إليها فهو قوله في المغني (7/ 78): فأما نظر الرجل إلى الأجنبية من غير سبب فإنه محرم إلى جميعها في ظاهر كلام أحمد.

ص: 56

ــ:: البحث الثاني:: ــ

: هل (الجلباب) المأمور به في آية الأحزاب هو معنى (الحجاب) المذكور في الآية {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

قال الشيخ الألباني: يزعم كثير من المخالفين أن (الجلباب) المأمور به في آية الأحزاب هو معنى (الحجاب) المذكور في الآية الأخرى: {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} الأحزاب: 53 وهذا خلط عجيب، حملهم عليه علمهم بأن الآية الأولى لا دليل فيها على أن الوجه والكفين عورة، بخلاف الأخرى، فإنها في المرأة وهي في دارها، إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا مختمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافاً لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن، وقد نبَّه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في" الفتاوى" (15/ 448):" فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن" قلت: فليس في أي من الآيتين ما يدل على وجوب ستر الوجه والكفين؛ أما الأولى فلأن الجلباب هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها- وليس على وجهها-وعلى هذا كتب اللغة قاطبة، ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة. وقد صح عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها:"تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به". أخرجه أبو داود في "مسائله"(ص 110) وأما الآية الأخرى، فلما ذكرت آنفاً.

ص: 57