الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمرد شنودة
وأصدر بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس تعليماته وأوامره بمنع الراهب أنطونيوس السرياني (بابا الأقباط النصارى شنودة حاليا) من إلقاء دروس الآحاد أو محاضرات في الكلية الإكليريكية والَّتِي كانت تخرج تلامذة ومعلمين لفكر جماعة الأمة القبطية ..
ولكن الراهب أنطونيوس السرياني أصر على وجوده في منصبه كأسقف للتعليم تنفيذا لأوامر رهبان الجماعة ورفض مغادرة قاعات التدريس في الكلية الإكليريكية أو التوقف عن دروس الآحاد وإصدار الجريدة القبطية الَّتِي كان يشرف على تحريرها ..
وازداد إصرار كيرلس السادس على إلزام الراهب أنطونيوس السرياني بتنفيذ أوامر بابا الكنيسة .. وتم إخراجه من القاعات بالقوة من قبل العاملين تنفيذا لأوامر بابا الكنيسة والذين كانوا يجهلون الكثير عن تفاصيل وسياسات رهبان تلك الجماعة .. ولكن الأخير كان أشدّ إصرارًا وتحديا لتعاليم بابا الأقباط النصارى وأكثر ولاءًا لرهبانه بالأديرة فخرج بتلاميذه إلى فناء الكلية واستكمل محاضراته خارج القاعات في تحدٍ سافر لتعاليم البطريرك .. وقاد جبهة معارضة قوية من قساوسة وبطانة كيرلس المواليين لفكر الجماعة وقاد تلك الحملة معه معلمه الراهب متَّى المِسكين ..
واشتدت حدة الصراع ومرة أخرى كاد أن يحدث شرخًا وانشقاقًا بالكنيسة .. وقام بابا الأقباط النصارى بكل تحدى وإصرار للقضاء على فكر تلك الجماعة المتطرفة وانتزاع شرورها وتواجدها من الكنيسة ..
ومحاولة منه لاستعادة صفاء ونقاء الكنيسة وأتباعها أصدر قرارات جريئة وغاية من القوة على إثرها جرد الراهب متَّى المِسكين وتلاميذه وعلى رأسهم الراهب أنطونيوس السرياني من مكانتهم الكهنوتية .. والذين لجأوا للإقامة مع بعض رهبان جماعة الأمة القبطية بمنطقة صحراء القلمون بالمنيا ..
ولم تكن لقيادات جماعة الأمة القبطية والَّتِي أتت بكيرلس السادس (الراهب مينا المتوحد سابقا) على رأس كنيسة الأقباط النصارى لينقلب عليهم .. ولم يكن لرهبانها ليتركوا له الحكم ولا أن يتراجعوا بعد أن حققوا تقدما وخطوات مصيرية في تاريخ الجماعة .. وبخطوات سريعة جادة أصدروا أوامرهم للموالين لهم والذين كانت لهم السطوة والأغلبية بين رجال الكنيسة .. أصدرت لهم الأوامر بالإمساك بمقاليد حكم الكنيسة وانتزاع سلطات البابا والاحتفاظ به كواجهة ورمزٍ فقط للكنيسة وعصيان أوامره وتنفيذ كل التوجيهات والتعليمات الَّتِي تصل لهم من رهبان جماعة الأمة القبطية المنحرفة ..
كما أصدرت الأوامر لكل الرهبان ورجال الكهنوت الموقوفين والمطرودين والمشلوحين من قبل بابا الأقباط النصارى بسرعة العودة إلى مناصبهم بالكنائس والإمساك بزمام الأمور .. وإعادة عزل ونفي الأساقفة ورجال الدين الذين عينوا من قبل كيرلس السادس ..
وبسرعة عاد الراهب أنطونيوس السرياني (شنودة حاليا) وأمسك بقوة بزمام الكنيسة وكانت تلك السنوات الأخيرة من حياة كيرلس السادس بابا الكنيسة شاهدة على خلافات حادة داخل الكنيسة يقال أنها شهدت تصفيات جسدية لبعض رموز الكنيسة بالستينيات بكثير من محافظات الوجه البحرى ومنها محافظة الدقهلية والَّتِي شيع أبنائها أحد رموز كنيستهم دون أن يدروا بتفاصيل تلك الخلافات الداخلية والصراعات المميتة بين الرهبان .. ورفض الراهب متَّى المِسكين العودة لمنصبة والدخول في صراعات لا يعرف مداها ولا يأمن على نفسه منها وخاصة أنه كان أكثرهم علما بمدى ذكاء معلمه كيرلس السادس وأكثرهم معرفة بطبيعته وإصراره وقوته وعناده في تحدى الظروف المحيطة بها للوصول إلى أهدافه .. وخاصة ان كيرلس السادس كان من أقوى أتباع جماعة الأمة القبطية إخلاصا لها وأكثرهم معرفة بأدق أسرارها وتفاصيلها .. لذا فضل الراهب متَّى المِسكين أن ينأى بنفسه بعيدا عن تلك الخلافات ويترقب التطورات عن بعد وينظر لمن ستميل كفة حكم الكنيسة له حرصا على أمنه وحياته .. وذهب معه من تبقى من تلاميذه ممن راق لهم موقفه وأسلوبه في التعامل مع الأحداث .. وانتقل بهم لوادي الريان بالفيوم بأحد أماكن الأقباط النصارى البعيدة عن العمران ..
ولم يستسلم كيرلس السادس واستغل التفاف شعبه من رعايا الكنيسة حولة ومخافة بطانته وأعوان الجماعة من افتضاح أمرهم .. وأرسل إلى متَّى المِسكين يحذره تحذيرا شديد اللهجة ملقبًا إياه بالراهب متى المسكون .. مطالبا إياه بالابتعاد
…
وتلاميذه عن الكنيسة ظنا منه أنه المخطط والمحرك الأساسي للراهب أنطونيوس السرياني (شنودة حاليا) .. ومؤكدا على ضرورة التزامهم وطاعتهم لأوامر بابا الكنيسة والعودة وتلاميذه إلى أحد الأديرة الَّتِي تحت إدارته .. وكان يطلق على الراهب متَّى المِسكين لفظ متى المسكون أي مسكون بالشياطين والشرور هذا اللقب الذي اطلق عليه عهد الأنبا يوساب الثاني ..
وكان كيرلس السادس يرى الشر كل الشر في الراهب متى المسكون وتلاميذه ويصفهم بأن الشياطين تلبست أجسادهم من فرط انعزالهم بالأماكن المهجورة والبعيدة عن الماء والطهارة وانقيادهم لرهبان جماعة الأمة القبطية الأكثر منهم قذارة ودناسة ..
وأمام رفض الراهب متَّى المِسكين الانقياد لأوامره والاحتماء برهبان جماعة الأمة القبطية .. قام كيرلس السادس بكل تحدى وإصرار بالتجريس بمتَّى المِسكين وتلاميذه ونشر قرار في جريدة الاهرام الصحيفة الاولى بمصر يجرد الراهب متَّى المِسكين وتلاميذه من رتبتهم الكهنوتية ومن انتمائهم إلى الرهبانية .. وكانت صفعة ذكية منه على وجوه رهبان جماعة الأمة
القبطية حتَّى يضيع على بطانته المواليين لهم فرصة تكتم الحقائق وإخفاء خبر تجريد هؤلاء الرهبان المواليين لهم عن رعايا الكنيسة .. الأمر الذي اخاف الراهب متَّى المِسكين وتلاميذه وبدعم من الجماعة قام بشراء 30 فدان بالساحل الشمالي والبعيدة عن عيون الكنيسة والإقامة بها .. وأمام إصرار كيرلس السادس على انقياد متى المسكون وتلاميذه لأوامره .. ظنا منه أنه ما زال المدبر الرئيسي لخطط ومؤامرات يتزعمها تلاميذه وعلى رأسهم أنطونيوس السرياني .. وزاده يقينا بحقيقة تلك المؤامرات الَّتِي يحيكها الراهب متى لمناصره أوليائة من رهبان الجماعة معرفة كيرلس السادس الجيدة لطبيعة وأغوار نفس الراهب متَّى المِسكين وتلاميذه حيث كان يومًا ما معلمهم وأدرى الناس فهما لطبيعة كل منهم
…
لذا لم يدخر الراهب متى جهدا وفضل الاستسلام وإظهار الطاعة والتوجه للإقامة بدير الأنبا مقار على أمل أن تتبدل الأحوال ومراقبا عن بعد كل التطورات الَّتِي تمر بها الكنيسة ..
بينما أظهر الراهب أنطونيوس السرياني (شنودة فيما بعد) كل التحدى لبابا الأقباط النصارى مما زاد من أسهمه وولائه لدى رهبان الجماعة .. وأصبح الممثل لزعامة حقيقية وأبرز نجوم المعارضين لكيرلس السادس والمنافسين له .. حتَّى أنه بجبهته القوية المعارضة لبابا الأقباط النصارى استطاع أن يسلبه الكثير من سلطاته ونفوذه .. وكعادته غير مهتم بما يقال أو يثار حوله .. المهم والأهم الوصول بالجماعة لتحقيق كل أهدافها ..
وتمضى الأحداث لمراحل أكثر عدوانية وشراسة وإصرارًا من بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس على تصحيح ما يمكن إصلاحه في الكنيسة وتدارك الأخطاء الَّتِي أدت إلى هجرة أعدادًا من الأقباط النصارى الأرثوذكس خارج مصر .. وحفاظا على رعايا الكنيسة خارجها والَّتِي يطلقون عليها أقاصى المسكونة ببلاد المهجر أنشأ الكنائس ومنها أول كنيسة قبطية بأستراليا في يناير 1969 .. ولم تشفع له إنجازاته لدى جماعة الأمة القبطية الَّتِي حققها أثناء حكمه للكنيسة لصالحها ومنها إنشاء الأديرة مثل دير مار مينا على مساحة 50 فدان ..
ومرة أخرى وكالعادة كلما اصطدمت مصالح الجماعة مع الكنيسة اشتدت النزاعات والصراعات بين رهبان جماعة الأمة القبطية والَّتِي تمثلت في المواليين لها من كهنة الكنيسة يتزعمهم الراهب أنطونيوس السرياني وبين بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس المرتد عن فكر ومنهج جماعة الأمة القبطية والذي بذل الجهد آخر سنواته للتكفير عما اقترفه في حق آباء الكنيسة السابقين له ونفيه للكثير منهم وتحويل الأديرة إلى سجون ومعتقلات وإقامات جبرية لأعداء فكر جماعة الأمة القبطية ولكل مخالف لسياسة إدارته للكنيسة بدعمه للجماعة .. وكذلك مما اقترفه في حق الكنيسة والأقباط النصارى من استبدال تعاليم الكنيسة بتعاليم الجماعة القبطية الفاسدة والعنصرية وتخريج أجيال ومعلمين متشبعين بالعنصرية والأفكار المرتدة عن المسيحية ونشرها بين الأجيال وتعيين ثلاثة أساقفة لها؛ أشهرهم عنصرية ومكر ودهاء وخروجا عن تعاليم المسيح الراهب
أنطونيوس السرياني (الأنبا شنودة الحالى) .. والذي أصبح فيما بعد ألد أعدائه ويد وعقل رهبان الجماعة القبطية للإطاحة به والاستيلاء على كرسي البابوية لصالحها ..
ولم تسعف الأيام بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس ولا العمر للتكفير عما اقترفه في حق مصر من خيانة رعاياه وعمالتهم مع الصهاينة أعداء الوطن إرضاءا لكنيستهم والَّتِي أدَّت بمصر إلى نكسة 1967 .. وتشهد أيامه الأخيرة كم من الحزن والإحساس بالذنب انتابته ووحدة وغربة عن كنيسته والمحيطين به .. وتشهد الأحداث تغيرات مفاجئة بإعلان وفاة عبد الناصر وانتقال السلطة إلى نائبه محمد أنور السادات .. وكان لهذا الخبر وقع الصاعقة على رهبان وقيادات جماعة الأمة القبطية المسيطرة على الكنيسة .. حيث كان عبد الناصر سندا ودعما لهم بتجاهل سلطاته المتعمد لكل ما ارتكبوه من مخالفات قانونية لانتزاع شرعية الكنيسة من بابا الأقباط النصارى يوساب الثاني بأوائل الخمسينات .. وكذلك دعمه لأصحاب النفوذ والمناصب من الأقباط النصارى المقربين منه والمواليين لفكر الجماعة قلبا وقالبا ..
(كيرلس) و (عبد الناصر) والصليب في الخلفية؛ من احتفال تدشين الكاتدرائية بالعباسية وعودة جزء من رفات (مرقص) إلى مصر.
بموت عبد الناصر فقدت الكنيسة بقيادات الجماعة زعيما سلمها مناصب هامة بالدولة وخاصة بالخارجية وائتمنهم على أسرارها ليمارسوا عليه الضغوط وابتزازه لتقديم دعما ماليًا لها اقتطعه عبد الناصر من خزينة الدولة لتمويل وبناء كاتدرائيتهم القبطية الفاخرة وإنشاء كنائس واقتطاع الآلاف من الأفدنة ومنحها لهم لإقامة الأديرة ..