المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الدنيويه .. ولكن تحديا لطموحات تلك الجماعة المدمرة للقيم والمباديء - لعنة جماعة الأمة القبطية

[أمجاد]

فهرس الكتاب

- ‌تأسيس جماعة الأمة القبطية

- ‌الصراع داخل الكنيسة

- ‌اختطاف البابا

- ‌الاستيلاء على كرسي البابوية

- ‌ البابا كيرلس السادس

- ‌السحر الأسود

- ‌تعميم السحر الأسود

- ‌ولاية البابا كيرلس السادس

- ‌الخيانة العظمى وظهور العذراء

- ‌العذراء تشاطرنا الأحزان

- ‌عودة الابن الضال

- ‌تمرد شنودة

- ‌الموت بالجملة

- ‌ولاية الأنبا شنودة وسيرته

- ‌مدارس الآحاد

- ‌من أين لك هذا وأشياء أخرى

- ‌اقتصاد الكنيسة

- ‌السادات والكنيسة

- ‌الدولة تترك العنان للكنيسة وتكبت الإسلاميين

- ‌وعن ميزانية الكنيسة وإنفاقاتها حدث ولا حرج

- ‌التمرد على الدجل والشعوذة والمشاليح

- ‌مطاريد الكنيسة والشلح

- ‌لعن الله من أيقظ الفتنة

- ‌أوتار الفتنة

- ‌ حادثة أبي قرقاص

- ‌ حادثة الكشح

- ‌ القتل العلني لمن يدخل في الإسلام

- ‌ حوادث ومسيرات قبطية

- ‌ إيواء الخارجين عن القانون

- ‌وعي المسلمين بما يحدث بديارهم واجب ديني وفرض عليهم

- ‌مُلحَقَات مُهِمَّة

- ‌التيار الانقلابي في الكنيسة المصرية .. إلى أين

- ‌مَسِيحِيُّو بلادنا ليسوا مصريين أصلاء

- ‌نقاء العنصر

- ‌كثرة اليهود والإغريق بمصر

- ‌أوضاع طبقات المجتمع المصري

- ‌الهوية الحقيقية لمسيحيِّي مصر

- ‌الغرباء يُكرهون أهل البلاد على ترك ديانتهم

- ‌ولكن .. كلمة أخيرة

- ‌مراجع الملحق رقم (2):

الفصل: الدنيويه .. ولكن تحديا لطموحات تلك الجماعة المدمرة للقيم والمباديء

الدنيويه .. ولكن تحديا لطموحات تلك الجماعة المدمرة للقيم والمباديء المسيحية واحترام العهود مع المسلمين من زمن الفتح الإسلامي لمصر .. وحفظا لأمانة المسئوليه عن مسيحي مصر من الأقباط النصارى .. وشهد له أقباط تلك الفترة حتَّى أعدائه بطيبته وصفائه مما زادته قوة رغم ضعف جسده وشيخوخته .. وزادت أعدائه من جماعة الأمة القبطية الإجرامية رهبة وخوف من المجرد المساس بشخصه ..

‌اختطاف البابا

تفاصيل الأحداث التالية لأحرج فترة في تاريخ الكنيسة القبطية منذ بداياتها .. فترة حكم الأنبا يوساب الثاني

تفاصيل تعجز الكلمات عن وصف أحداثها الإجرامية والدمويه بفظاعتها وقسوة منفذيها من أعضاء تلك الجماعة القبطية الضالة والمنحرفة عقائديًا وأخلاقيًا وقانونيا .. فترة صراع بين مردة تلك الجماعة وقيادات الكنيسة القبطية زادتها السرية عنفا وإجراما .. حيث حرص كل من الجانبين على تكتم تفاصيلها ..

الجماعة تمارس كل الضغوط لعزل البابا والانفراد برهبانها المنشقين لحكم الكنيسة .. مستعرضين كل قواهم ونفوذهم السياسية والمالية وإلحاق الأكاذيب والشائعات المغرضة برجال الكنيسة وخاصة عدوهم اللدود الراهب ملك كبير مساعدى الأنبا يوساب .. محاولين بكل الوسائل اجتذاب الأقباط النصارى وصرفهم عن الولاء للأنبا يوساب ورجاله .. واتهموا رجاله بالفساد ومخالفات مالية رغم أن أعضاء المجلس المِلِّي المتحكم في الشئون المالية للكنيسة أغلبهم من العلمانيين المنتمين قلبا وقالبا لجماعة الأمة القبطية المتطرفة ..

ولم يستطيعوا أن ينالوا من صفات الأنبا يوساب ولا من شخصه لعلمهم بمكانته الروحانية الكبيرة في نفوس الأقباط النصارى .. ولم يجدوا غير أن يتهموه بالضعف في إدارة الكنيسة والتهاون في حقوقها .. رغم أنه كان من أقوى البطاركة الأقباط النصارى الذين تصدوا لأفكار تلك الجماعة وأخلصهم للأقباط .. وظل على نهجه في تطهير الكنائس والأديرة من هؤلاء المغرضين وكان أن جرد القمص سرجيوس من رتبته الكهنوتية وهو أشهر أقطاب تلك الجماعة والشهير بمشاركته في ثورة 1919 .. والذي حصل على حكم قضائى في الخمسينات الصادر من المحكمة برئاسة الدكتور السنهورى لصالحه بإلغاء

ص: 15

قرار الأنبا يوساب .. حيث استغل حرج الكنيسة وتكتمها على أسباب تجريدها له من صفته الكهنوتية حتَّى لا يفتضح أمر تلك الجماعة ونزاعاتها مع الكنيسة ..

وكانت السرية والتعتيم هي نقطة ضعف الكنيسة وغلطة كبيرة تحملت بسببها الكثير من المعاناه وادت بتلك الجماعة المتطرفة لمزيد من التطرف والتمرد والقوة .. وكان رجال الأنبا يوساب المخلصين لتعاليم الكنيسة يصفون سلوكيات جماعة الأمة القبطية على أنها خروج صريح عن تعاليم المسيح .. ومدمرة لقيم المسيحية .. ووصفوا دعوتهم بأنها دعوة لانتزاع المحبة من القلوب واستبدالها بالعداوة والكراهية .. فبدلا من أن يحبوا أعداءهم .. عادوا أحبائهم وسعوا لاستبدال المحبة والوئام مع المسلمين بالعداوة والبغضاء .. وبدلا من أن يحسنوا إلى مبغضيهم .. بغضوا محسنيهم من الأجانب بعد أن استفادوا من أموال ومدارس وإمكانيات إرساليات الأجانب الذين أحسنوا إليهم ليطعنوهم من ظهورهم ..

وتطورت الأحداث فيستبعد الأنبا يوساب الراهب متَّى المِسكين (معلم البابا شنودة والأب الروحي له) بعد أن كان عينه وكيلا للبطريركية بالإسكندرية فور علمه بحقيقة انتماءاته لتلك الجماعة .. حتَّى أن رجال الدين كانوا يطلقون عليه لقب الراهب متى المسكون وليس المسكين من فرط انحراف أفكاره .. وتم إعدام بعض كتبه والَّتِي وصفها الكثير بأنها أقرب للشيوعية منها للمسيحية .. والَّتِي تطورت لتكون أقرب للعنصرية لاعتناقه أفكار تلك الجماعة .. وفي خمس شهور فقط من وقت عزل الراهب متَّى المِسكين تمر الأحداث ساخنة طويله موجعة ..

حيث اتخذ رهبان تلك الجماعة المنشقة قرارا بتنحية وعزل بابا الكنيسة بالقوة .. وترحيله إلى أحد الأديرة مع أعوانه والاستيلاء على مقاليد الحكم بالكنيسة .. وتم اقتحام عدد من شباب تلك الجماعة للمقر البابوي وتصدى لهم رجاله العزل وتعرض بعض رجال الكنيسة للإصابات واستعان رجال الكنيسة بالسلطات .. وتكررت تلك المحاولات ولكنها باءت جميعها بالفشل حيث كانت تنتاب المختطفين حالة من الرهبة عند الوصول للأنبا يوساب ورغم شيخوخته وضعفه لم يهتز ولم يستسلم .. مما كان يضطرهم لمحاولة إقناعه باللين بالتنحي عن منصبه أو الإبقاء عليه وترك إدارة الأمور لهم وهو على ثباته وقناعته ألَّا يترك الشياطين لتحكم وتجلب الخراب .. وأظهر رجاله قدر كبير من الإخلاص والولاء له .. ولأول مرة تبلغ السلطات والنيابة بتلك الأحداث حيث قام رجال الدين بإبلاغ الشرطة والسلطات عن تلك الجماعة .. ولأول مرة يتم الإعلان صراحة عن اسم تلك الجماعة (جماعة الأمة القبطية) .. ولم تكن الجماعة لتتراجع عن عزمها على خلع البابا ..

واستغل بعض رهبان تلك الجماعة المنشقة من كبار السن والمعاصرين للأنبا يوساب حين كان راهبا معرفتهم بطباعه وشخصه .. وبذلوا الجهد لتشجيع وتدريب بعض شباب تلك الجماعة لكسر حاجز الرهبة والخوف من المساس به ..

ص: 16

وتكررت محاولة اقتحام المقر البابوي وتم اختطاف الأنبا يوساب بقوة السلاح .. ويقال أن مختطفيه احسوا بتلك الرهبة وكانت الخطة قتلة وإزاحته عن كرسي البابوية .. ولم يستطيعوا خوفا من أن تلحقهم اللعنات وتم اختطافه إلى أحد الأديرة قيل أنه دير المحرق باسيوط حيث تم احتجازه لحين الانتهاء من تنصيب أحد رهبان الجماعة لمنصب البطريرك خلفا عنه ليرحلوه إلى أحد الأديرة الأخرى أو مكان غير معلوم من الأماكن القبطية .. وتسعى السلطات لحل الأزمة .. وتتزايد الضغوط على الحكومة من قبل أعضاء الجماعة (جماعة الأمة القبطية) من ذوي المناصب في الخارجية مستغليين نفوذهم وعلاقتهم القوية بها .. محاولين إقناعها لتفض يدها عن المشكلة وتعتبرها أمور كنائسية خاصة بالأقباط النصارى .. مما جعل الحكومة تتغاضى عن كثير من المخالفات القانونية حرصا منها على الاحتفاظ بصداقة ومساعدة تلك الفئة الَّتِي تقوم بدور الوسيط وهمزة الوصل مع الجهات الغربية والخارجية .. وكادت أن تقترب الجماعة من تحقيق الهدف وتولى المنصب وتجرى الرياح بما لا تشتهي السفن .. ليفاجئوا بعودة الأنبا يوساب إلى مقره البابوي بعد عدة أيام من اختطافه حيث تأثر بعض رهبان الدير كثيرًا وطلبوا منه العفو واطلقوا صراحه واعادوه معززا مكرما إلى مقره ليتولى منصبه وسط ذهول الجميع .. ووسط بكاء ونواح رعايا الكنيسة المحبين له واستفساراتهم عن حقيقة ما يحدث داخل الكنيسة.

لم يكن أمر عزله بتلك السهولة حيث أن مكانة البابا هي مكانة روحانية كبيرة وعالية جدا في قوانين الكنيسة لا يستطيع أحد أن ينتزعها أو أن يجبر البابا على التخلى عنها .. ولم ييأس أعضاء الجماعة واعادوا الكرة بصيغة قانونية أضافوها إلى قوانين الكنيسة وكانت أول محاكمة لأحد البطاركة في تاريخ الكنيسة القبطية منذ انشائها .. وهو الأمر الذي لم يحدث إلَّا للبابا يوساب الثاني بطريرك الأقباط النصارى .. حيث اجتمع عدد من الأساقفة ومن المجمع المقدس وأعضاء من المجلس المِلِّي العلمانيين والأراخنة ومنهم عدد من المعزولين وبمباركة قادتهم من رهبان جماعة الأمة القبطية وقاموا بإبعاده عن منصبه وعزله واستبداله بتشكيل لجنة لإدارة الكنيسة وكان ذلك عام 1954 وتمضى الأحداث أكثر سخونة.

جرت كل تلك الأحداث بعلم وصمت السلطات والحكومة تحت استمرار ضغوط ومساومات أعضاء تلك الجماعة القبطية المنحرفة من ذوي النفوذ والَّتِي تعتمد عليهم حكومة الثورة في قيامهم بدور الوساطة في أسوأ فترات علاقاتها الخارجية مع الغرب. .مما جعلتها تتغاضى عن كثير من المخالفات القانونية والإجرامية لتلك الجماعة القبطية تلبية لرغبة وطلب حلفائها من أعضاء تلك الجماعة .. ولا نلتمس لحكومة الثورة العذر ولكن كما ذكرنا فهي حكومة غير دينية ولا تعنيها الأمور الدينية حتَّى لو كانت بصدد الإسلام والمسلمين فما بالك بغيرهم .. ورغم استنجاد رجال الكنيسة وأعوان البابا بها إلَّا

ص: 17

أنها خذلتهم وتركت الأمور للأقباط لفض المنازعات فيما بينهم بالأساليب الَّتِي يحددونها على اعتبار أنها مشاكل كنائسية على أن يسعوا للوصول إلى استقرار الكنيسة ..

واختزلت السلطات أعمال تلك الجماعة الإجرامية في قصر القضية على حفنة من الشباب الأقباط النصارى المتورطين في حادث اختطاف بابا الأقباط النصارى يوساب الثاني والذي لا يتعدى عددهم أصابع اليد .. وصدرت الأوامر للصحف بعدم تناولها لتلك الأحداث وأغلق ملف جماعة الأمة القبطية .. وكأن اعضائها والمنتمين لأفكارها الَّتِي وصل عددهم لما يقارب نصف عدد أقباط مصر في ذلك الوقت أي ما يقارب المليون قد تبخروا وانتهوا بمحاكمة تلك الحفنة من الشباب المتورطين .. وورد اسم الراهب متَّى المِسكين (معلم البابا شنودة والأب الروحي له في ذلك الوقت) ضمن الأسماء الَّتِي ورد ذكرها في التحقيقات باعتباره من المدبرين لحادث اقتحام المقر البابوي واختطاف الأنبا يوساب والرأس المحرك لهم .. وقيل أنه شارك بنفسه في العملية الأخيرة مع بعض تلاميذه.

وكانت قيادات تلك الجماعة قد استوعبت الدرس ولم يعد بمقدورها أن تعيد الكرة وترسل الأنبا يوساب لأحد الأديرة حتَّى لا تتكرر مأساة عودته لمقره البابوي مرة أخرى بالتأثير على رهبان الدير .. فقامت بإرساله إلى المستشفى القبطي وهو سليما معافى واحتجزته في جناح خاص أعد لإقامته بالمستشفى تحت حراسة مشددة من رهبان وأعضاء من تلك الجماعة بزعم أنه بحاجة إلى العلاج للتغطية على مجريات الأمور وفي غياب القانون جاهلا أو عن عمد .. ولكن وقفت قوانين الكنيسة عقبه والَّتِي لا تسمح بتنصيب بطريركا جديدا في وجود البطريرك السابق على قيد الحياة إلَّا في حالة اعتزاله عن كرسي البابوية بإرادته ودون أي ضغوط .. كما تصدى أتباع الكنيسة من الأقباط النصارى بقوة لأي محاولة لتنصيب بابا جديد في حياة الأنبا يوساب والَّتِي تربطهم به علاقة ومحبة روحانية كبيرة ..

وخوفا من أن تفقد جماعة الأمة القبطية شعبيتها في المجتمع القبطي فقد فضلوا أن يبقى الحال على ما هو عليه وتستمر إدارة الكنيسة باللجنة الكنائسية الَّتِي تم تشكيلها لحين شفاء البابا حسب مزاعمهم

وتمضى الأيام طويلة ثقيلة على قيادات الأمة القبطية. . والأنبا يوساب بصحة جسمانية ونفسية جيدة .. والأوضاع تسير برؤية مستقبلية غامضة وخطوات مشلولة

ظل الأنبا يوساب متحفظا عليه في جناح أعد له بالمستشفى القبطي .. أعزل وحيدا تحت اجراءات مشددة من قبل رهبان جماعة الأمة القبطية ومنع مساعديه وكثير من رعايا الكنيسة وحتى أطباء وهيئة التمريض بالمستشفى من التردد عليه

ص: 18

إلَّا قلة من الموالين للجماعة وبحضور الرهبان .. مما دفع الكثير للاستفسار عن طبيعة مرضه وعن كل تلك الحراسة والقيود والَّتِي فسرت لهم على أنها من اجراءات الحماية اللازمة للبابا خاصة بعد الأحداث المروعة الَّتِي تعرض لها .. ولم تكن تلك التفسيرات مقنعة للكثير من رعاياه وخاصة أن اجراءات الحراسة لم تكن من قبل سلطات أمنية ولا قانونيه .. كما أنه المفترض أن تلك الإجراءات المشددة من قبل الرهبان لا تفي بغرض الحماية حيث أن أغلب القائمين بها من الرهبان ورجال الدين المعروفين للكثير .. والمفترض أن تلك الطبقة الكهنوتية غير مسلحة فكيف لها أن تقوم بدور أمني لحماية البابا ..

ومرت الأيام بطيئة وليالى طويلة حالكة الظلمة لأسوأ الفترات التاريخية الَّتِي مرت بها الكنيسة القبطية وأكثرها غموضا .. البابا في عزلته الاجبارية .. تحت حراسة أعدائه .. لا يعلم ما يدور بأذهانهم ونواياهم .. وفي غياب اجراءات أمنية من قبل السلطة تؤمن له سلامته وتحميه من بطش هؤلاء المجرمين به .. لم تكن العزلة ولا الوحدة بالشيء الجديد عليه فلقد اعتاد عليها في حياة الرهبانية ولكن ليست تحت تلك الظروف المستجدة والغريبة .. وسط بكاء رعاياه المشفقين عليه من أحداث مجهولة المعالم لا يستطيعون فهمها ولا تتبع مجراها .. التعتيم على الحقائق سمة لها .. حتَّى فقدوا التمييز بين رجاله والمنشقين عليه .. الإشاعات تملأ الكنائس وتتضارب التفسيرات والانقسامات .. والأنبا على حاله متماسك رافض لأجراءات عزلة الظالمة الباطلة متهما أعدائة بالقسوة والعدوان .. ورافضا لعودته كرمز للكنيسة تاركا لهم شئون إدارتها بأفكارهم وأهدافهم المدمرة الهدامة والمخالفة لجوهر المسيحية والمرتدة عن قوانين الكنيسة .. غير مبالى بتهديدات ولا إغراءات .. آملا أن تفتضح نواياهم وتهدم جماعتهم في أوج مجدها

ولا يزال بصحة جسمانية ونفسية جيدة لم ينل منها أعدائه الذين كانوا يأملون في تدهور حالته للتخلص منه سريعا .. وخابت ظنونهم ..

وظلت الأحوال كما هي عليها .. البابا في منفاه الأجبارى بالمستشفى القبطي .. والكنيسة على حالها خاوية من أكبر رموزها الدينية تدار بتلك اللجنة الكنائسية .. وكرسي البطريركية خاليا في المقر البابوي ينتظر عودة صاحبة أو تنصيب من يعتليه .. ورعايا أقباط كاليتامى يأملون عودة أبيهم .. وقيادات الأمة القبطية مشلولة الفكر تبحث عن حيلة لتحريك الأوضاع لتغيير الأحوال .. والأمور على ما هي عليه لا جديد .. ما زالت الكنيسة منقسمة برهبانها وكهنتها وجميع رموزها الكنائسية من رجال الدين .. والأوضاع تسير للأسوأ .. ونذير شؤم لجماعة الأمة القبطية يحيطها من كل الاتجاهات ويهددها بانتكاسة لخطواتها للوراء وخسائر لنجاحاتها إذا استمرت الأمور دون حراك .. والكل بالكنيسة يترقب حدوث تحريك للأحداث ..

ص: 19

بدأت أنظار العاملين بالمستشفى القبطي من الأقباط النصارى الأرثوذكس تغتنم الفرصة للأطلاع على أحوال البابا وتفقد أحواله .. ويؤكد كبار السن المعاصرين لتلك الفترة أن الكثير من الأطباء وهيئة التمريض الَّتِي سنحت لهم الفرصة لرؤيته يؤكدون على أن أحواله الصحية كانت جيدة لا تستدعي كل تلك الفترة من الإقامة .. وأن نظراته كانت بها كثير من الحزن والألم والعتاب وإحساس كبير بالظلم حتَّى أن بعضهم طالب بعودته إلى مقره البابوي .. وأن السكوت على أمرة قد يصيبهم باللعنات

مؤكدين أن حالته لا تتطلب إقامة بالمستشفى ويمكن تقديم الخدمات العلاجية له بمحل إقامته بالمقر البابوي إذا تطلب الأمر .. ورفض هذا الطلب من قبل القائمين عليه من رجال الدين .. ومارست إدارة المستشفى الضغوط على بعض الاطباء الشباب بالكف عن تلك المطالب وترك الأنبا لقيادات الكنيسة الحاليه حيث مكانته الدينية تحتاج لتلك الرعاية الكهنوتية الَّتِي تعمل لصالحه وأمنه .. ورغم أن تلك المبررات لم تكن بالكافية ولا المفهومة ولكن احتراما من الأقباط النصارى لقيادات الكنيسة أظهروا الطاعة والولاء للكنيسة وقياداتها تجنبا لحدوث مزيدا من الاضطرابات والانقسامات داخلها والَّتِي هي بغني عنها في تلك الأوقات العصيبة ..

ولم يكن لجماعة الأمة القبطية بعد مرور عدة شهور قليلة أن تقبل باستمرار هذا الوضع دون أن تضع له حد ونهاية .. لابد للأمور أن تتحرك وتتبدل الأحوال والسكوت على تلك الأوضاع سوف يزيد القيل والقال والشائعات الَّتِي قد تزيد أحوال الكنيسة سوءا .. كما أن الأطماع والمنازعات بدأت تظهر بقوة بين أعضاء اللجنة الكنائسية المشكلة .. وخاصة بين من هم منتمون للجماعة وبين رجال الحرس القديم من أتباع الأنبا يوساب والذي يلقى الدعم من أبناء الكنيسة ورعاياها الأقباط النصارى ..

ودون مقدمات لأي تدهور في صحة البابا يوساب الثاني .. فوجىء العاملين بإعلان وفاته وسط ذهول الجميع .. ماذا حدث وكيف .. وتناثرت الأقاويل والشائعات تؤكد مقتله بالتصفية الجسدية مقتولا أو مسموما .. وأن المرافقين له حرصوا على إبعاد الجميع عن رؤيته في بداية الأمر معللين ذلك بإقامة مراسم وصلوات خاصة بمكانته الدينية استعدادا لنقله لمقره البابوي لإلقاء النظرة الأخيرة عليه من قبل رعاياه والمحبين له .. بينما أكد بعض الذين أختلسوا النظرة الأولى بالمستشفى على أنه كان أشبه بالمخدر (ببنج كلى) وأن مظهره ليس على حالة الموتى ولا حرارة جسده حتَّى بعد انقضاء الساعات الأولى من وفاته ويصرون على أنها كانت أشبه بحالة غيبوبة وفقدان وعي بفعل فاعل .. بل وأكد البعض أن المرافقين له والذين توافدوا حرصوا على أن يحيطوه بعيدا عن الأنظار .. وأن نظراتهم كانت خالية من أي ورع أو مفاجئة أو حتَّى فزع .. وكانت أحزانهم تبدوا مفتعلة بمشاعر أقرب للقسوة لا تليق برجال دين فقدوا رمز محبتهم ..

ص: 20

وأمام إصرار بعض من الاطباء الشباب على التحقق من حالته وتصعيد الموقف إذا استدعى الأمر لجأ الكهنة بمساندة إدارة المستشفى إلى حيلة بادعاء أن الأمر يتطلب نقله إلى مقره البابوي حتَّى لو كان في حالة احتضار لاجراء المراسم التكريمية والدينية الَّتِي تليق بمكانته الدينية .. بينما عم الحزن كل الأقباط النصارى من رعايا الكنيسة ونقل الأنبا يوساب ليعيدوه جالسا ميتا على كرسي البابوية الذي انتزع منه انتزاعا ..

ويؤكد البعض أنه فور انقضاء مدة إلقاء النظرة عليه وإقامة الصلوات والقداس وغيرها من الشعائر تم أخذه للداخل بصحبة عدد قليل من الكهنة والرهبان وتم إخفاء الجثمان فترة .. ثم خرج الصندوق محمولا لاستكمال مراسم دفنه .. وحتى المشهد الأخير تناثرت عليه الأقاويل فمن رجال الدين المواليين له أكدوا على أن المرافقين له من أعضاء تلك الجماعة بالمستشفى لم تكن لديهم الجراة على تصفيته جسديا وكان أن لجأوا مع بعض الأطباء المواليين للجماعة إلى تخديره وبعد انقضاء المراسم نقل إلى منفاه الأخير بأحد الأديرة البعيدة جدا بالبحر الأحمر والخاصة برهبان الجماعة .. وأشار بعض رجال الدين المشلوحين حاليا أنه ما زال إلى الآن على قيد الحياه وأنه من المعمرين تعدى المائة بسنوات .. . ومؤكدين أيضًا على أن الكثير من رهبان جماعة الأمة القبطية وقياداتها الذين يديرون الكنيسة الحالية في الخفاء ما زال بعضهم على قيد الحياه أيضًا يقيمون بأديرة الصحراء الغربية البعيدة وليس فقط وادي النطرون والبعض منهم بأديرة الواحات .. مؤكدين على أن أحدا من قيادات الكنيسة الحالية لا يستطيع اتخاذ قرارات إلَّا بالرجوع إليهم .. وهذا يفسر هروب الأنبا شنودة واختفائه في أديرة وادي النطرون والصحراء الغربية وقت الأزمات ..

وبنهاية فترة حكم الأنبا يوساب الثاني بتلك النهاية المأساوية .. تتوالى الأحداث الأكثر غرابة بتتطورات سريعة متلاحقة أبطالها جميعًا من أعضاء تلك الجماعة .. وممن هم أعداء البابا يوساب والذي اتخذ بشأنهم قرارات بعزلهم وطردهم من الأديرة وسحب الاعتراف بالأديرة الخاصة بهم .. وظهرت نفوذ تلك الجماعة بقوة .. فلفقت الأوراق وسحبت المستندات والأقوال وتم تبرئة الراهب متَّى المِسكين من قضية خطف البابا وحذف اسمه ..

وليشهد عام 1954 عقب حادثة أختطاف البابا يوساب دخول نظير جيد سلك الرهبانية ليتخذ اسم الراهب أنطونيوس السرياني بعد أن منع طيلة السنوات الماضية في فترة حكم الأنبا يوساب من الموافقة على الاعتراف به كراهب أو قبوله بأحد الأديرة .. والذي حارب من أجل الحصول عليه ليتهيأ لدور رسمته له جماعة الأمة القبطية في المستقبل حيث لا تسمح قوانين الكنيسة بتعيين العلمانيين لمناصب كنائسية قيادية إلَّا بعد أن يمكثوا عدد من السنوات في سلك الرهبانية بأحد الأديرة .. وهذا ما لم يمكنه له الأنبا يوساب طيلة فترة ولايته .. حيث سيصبح نظير جيد خريج كلية الآداب قسم التاريخ

ص: 21