الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبدأت الجماعة في ترسيخ كنيستها الجديدة بأفكارها وأساليبها الشيطانية بمراحل هادئة واعية مدبرة بمكر ودهاء رهبانها بالأديرة بعد أن اطمئنوا واستقرت لهم الأحوال ولنبدأ أولا بالتعرف على
البابا كيرلس السادس
الذي خلف البابا يوساب الثاني بعد حروب وصراعات طويلة طاحنة.
البابا كيرلس السادس
ولد بابا الأقباط النصارى رقم 116 والملقب بالأنبا كيرلس السادس في 8 أغسطس 1902 بإحدى قرى أبو حمص بمحافظة البحيرة بمصر وكان اسمه عازر يوسف عطا .. وكان ممن التحق بمدارس الإرساليات الأجنبية مع بعض أصدقائه من الأقباط النصارى واستفاد كثيرًا بإمكانياتهم وتعلمه للغات ..
لم يكن له اهتمامات دينية ولكن شأن كل الأقباط النصارى الذين يترددون على الأديرة مع عائلاتهم في الأعياد والمناسبات في رحلات تنظمها الكنائس لرعاياها للتواصل مع آبائهم من رهبان الأديرة لأخذ النصح والإرشادات والبركات وتقضية بعض الأوقات الَّتِي تربطهم روحانيا بكنيستهم ورجالها ..
في ذلك الوقت كانت هناك اختراقات محدودة لأفكار وأهداف جماعة الأمة القبطية اجتذبت عددًا قليلاً من رهبان الأديرة .. ولكن في نطاق السرية والحذر حيث كان كبار رهبان ومسئولى الأديرة على جانب كبير من الحزم في التعامل مع معتنقي ومروجي أفكار تلك الجماعة بطرده من سلك الرهبانية وأبعاده عن الدير .. لذا فإن عدد الموالين للجماعة كان لا يتعدى العدد القليل من الرهبان ببعض أديرة الوجه البحرى وخاصة محافظة أو مديرية البحيرة ذلك الوقت منشأ أفكار تلك الجماعة ..
وانبهر عازر يوسف عطا وبعض من زملائه من الشباب المتميز علميا وثقافيا بأفكار بعض الرهبان القليلين المنتمين روحانيا لفكر تلك الجماعة .. ووجدوا منهم صورة إيجابية طموحة غير هذا الشكل النمطى المستضعف من الرهبان والطبقة الكهنوتية ..
انجذبوا لآراء الرهبان المتمرسين في اتقانهم لفن إدارة الحوار والإقناع .. انسحروا بطموحاتهم وأفكارهم وأهدافهم الَّتِي تسعى لإنشاء كنيسة قبطية عظيمة للرب بأرض مصر ترضى طموحاتهم وتطلعاتهم المستقبلية .. سره ورفقائه أن يبادروا بالالتحاق بتلك الجماعة وحضور دروسهم ..
كانت تلك الزيارات للأديرة والالتقاء بمرشديهم ومعلميهم من الرهبان القليلين بصورة متقطعة غير متواصلة على فترات متباعدة .. حيث كان عازر يوسف عطا قد أنهى تعليمه والتحق بالعمل في مجال السياحة شركة كوكس للسياحة ..
وانقطعت لفترة صلته بمرشديه وآبائه الروحانيين ومعلميه من الرهبان القليلين الذين تأثروا بفكر تلك الجماعة المحظورة من قبل الكنيسة .. وروجوا لتعاليمها واستغلوا وجودهم بالأديرة وثقة الزائرين بهم لجذب عدد من الأقباط النصارى خاصة من المتعلمين الطموحين البعيديين عن الأمور الدينية والَّتِي يسهل عليهم إقناعهم والتأثير فيهم لجهل هؤلاء الشباب أمثال عازر يوسف بالمسائل الدينية ..
وعمل عازر يوسف عطا في إحدى كبرى شركات الملاحة المعروفة في ذلك الوقت ..
ولنشاطه وطموحه استطاع في سن صغيرة أن يكسب ثقة رؤسائه في الشركة وأن يحتل مركزا مرموقا ومكانة متميزة في السلك الوظيفي بين زملائه ورؤسائه بشركة الملاحة الكبرى .. حتَّى تمكن في فترة قصيرة أن يستحوذ على ثقة المسئوليين الكبار بالشركة الذين بدورهم اعتمدوا عليه في كثير من الأمور الإدارية بها من فرط ثقتهم في قدرته وإلمامه بخبايا العمل وإدارة الشركة .. وهي مهارات قيادية اكتسبها وبرزت أيضًا في شخصيته .. وركزت اهتمامات قيادات الجماعة وعيونهم عليه والمتابعين لأحواله وأحوال أعضاء الجماعة من الشباب العلمانيين .. ورغم انشغاله بتبعات ومسئوليات الشركة الَّتِي أخذت الكثير من وقته لكن أفكار تلك الجماعة وعلاقاته القوية بمعلميه كانت قد استحوذت على كثير من فكره وقناعاته .. فأصبح يغتنم الفرصة في الإجازات القليلة للتردد على مرشديه ومعلميه من رهبان الأديرة المنتمين لتلك الجماعة
وكانت تلك اللقاءات تتم بصورة انفرادية بعيدا عن سمع كبار مسئولى الأديرة حتَّى لا تتسرب إليهم وشايات تؤدى إلى طرد الرهبان .. فكانت تلك الدروس محاطة بسرية تامة حتَّى تشبع بمناهج وتعاليم وأساليب قيادات جماعة الأمة القبطية للوصول إلى أهدافها .. وفي أثناء تلك الفترة حدث كثير من التغيرات في سلوكيات حياته اليومية حيث أصبح يميل إلى العزلة والحد من الاختلاط والعلاقات الاجتماعية مع زملائه بالعمل ..
وامتدت بوادر مرحلة الاعتزال لتصل إلى منزله فأصبح لا يميل للحديث ومخالطة أهله وأقربائه والمقربين منه .. ويفضل الوحدة عن الجلوس معهم .. وكانت تظهر من بعض تعليقاته نقد أو رفض بعض الأمور الخاصة بالكنيسة والأقباط النصارى .. وحتى لا يلفت إليه الأنظار فضل الصمت .. حيث لمس بفطرته الذكية عدم استجابة المحيطين به من الأهل والأصدقاء لآراء تلك الجماعة الَّتِي كانت تتناثرها الألسن على أنها غريبة ومرفوضة عقائديًا وغير مقبولة من أقباط ذلك الوقت ..
وحتى لا يثير الشبهات عن اعتناقه لتلك الأفكار كان يفضل الوحدة والابتعاد عن مجالسة المحيطين به حتَّى لا تستفزه الآراء بالإدلاء بمكنون صدره من تغيرات في منهجه العقائدى ..
استمر سنوات قليلة على هذا النهج .. ليقرر فجأة الرحيل إلى حياة الرهبانية والصحراء طالبا الوحدة والعزلة .. تاركا موقعه المرموق في الشركة وسط ذهول كل من عرفه وحسده على تلك المكانة الَّتِي كان يتمتع بها في هذا السن الصغير .. وتلك الفرص والحظوظ الرائعة الَّتِي لازمته ..
ولم تستطع معه المحاولات من أهله ورفقاء العمل أن تثنيه عن قراره .. ويمضى تاركا وظيفته ومكانته وبيته وكل من عرفهم وذهلوا وفوجئوا بقراره وليودعوه لحياه جديدة اختارها في سبيل أهداف وأفكار تملكت من كل كيانه ..
ويمضى ليقضى عاما داخل أسوار الدير .. ليتم ترسيمه في كنيسة السيدة العذراء الأثرية الملحقة بدير السيدة العذراء في 25 فبراير 1928 .. وصلوا عليه صلاة التجنيز (الصلاة الجنائزية الخاصة بالأموات والرهبان) لتنتهي حياته السابقة .. ويحذف اسم عازر يوسف عطا ليصبح اسمه الراهب مينا البراموسي وتنقطع صلته بحياته الأولى ..
البطاقة الشخصية لعازر يوسف عطا (مينا البراموسي) ثم (مينا المتوحد) ثم (كيرلس السادس) البطريرك الـ 116 فيما بعد.
مضى الراهب مينا البراموسي (عازر يوسف عطا سابقا) ثلاث سنوات في الدير أظهر فيها ولاءا كبيرا وطاعة لقوانين الرهبنة والتزام كبير لإدارة الدير وقياداته .. واستطاع أن يجمع بشخصيته القيادية عددا كبيرا من رهبان الدير حوله .. وتسلل الي عقولهم بأفكار جماعة الأمة القبطية العنصرية ولكن في سرية تامة لمن يطمئن لهم كلية بذكائه الفطرى .. حتَّى اجتذب حوله مجموعة من الرهبان في لقاءات واجتماعات انفرادية ليلقنهم دروس في تحليلات وشرح أفكار الأمة القبطية حول الكنيسة وأحوال الأقباط النصارى وأهدافها .. كما كان حريصا على الالتقاء ببعض الشباب وخاصة المثقف البعيد عن الأمور الدينية من زوار الأديرة مع عائلاتهم كما حدث معه سابقا ..
وبثقافته وتميزه العلمي عن كثير من الرهبان في العلوم الدنيوية الَّتِي تلقاها في مدارس الإرساليات وكذلك العلوم الدينية الَّتِي تلقاها في الأديرة استطاع أن يؤثر بقوة في عدد من زوار الدير من العلمانيين بفطرته الذكية وشخصيته المؤثرة في الآخرين وحيث أنه الأقرب والأكثر فهما لهم ولطموحاتهم عن غيره من رهبان الدير البسطاء .. حتَّى أصبح له مريدين داخل وخارج الدير .. الأمر الذي استوقف إدارة الدير .. ورغم محاولته الظهور بمظهر الزاهد في الأمور الدنيوية الملتزم بقوانين الدير وعدم إعطاء الفرصة لأن يمسك أحد من مرشديه عليه أي أخطاء أو إدانة ..
الا أن إدارة الدير لمست في تلك الشخصية القيادية طموحات خفية لا تتناسب وحياة الرهبنة .. لذا رأت أن ترشيحه أسقفا تتناسب وشخصيته لما يتمتع به من صفات قيادية ومؤثرة في الآخرين .. وبالفعل تم ترشييحه ورسامته لدرجة كهنوتية في يوم 18 يوليو 1931 .. وحاول معه الأنبا يؤانس أسقف البحيرة والغربية تكرارا إقناعه لقبول منصب أسقف إلَّا أنه رفض بشدة المناصب القيادية الكنائسية .. مصرا ومفضلا عليها حياة الرهبنة .. الأمر الذي أوقع الكثير في حيره من أمره
…
لكن لم يختلف عليه أحد ولم ينكر عليه تميزه وإخلاصه للكنيسة القبطية وهذا الأمر الأهم والأجدى .. وفشلت معه المحاولات المتكررة من قياديّ الكنيسة في إقناعه بمنصب أسقف والذي يتمناه من هم أكبر منه سنا ومكانه كهنوتية .. وكعادته أصر على رفضه فهو أعلم منهم بحاله وقناعاته وطموحاته وانتماءاته الفكرية لجماعة الأمة القبطية المتطرفة والَّتِي لا يستطع البوح بها في تلك الظروف ..
ولكن إدارة الدير رفضت عودته تحت إدارتها حيث غلبت شخصيته القيادية في التأثير على مجموعة ليست بالقليل من رهبان الدير اتخذوه أبا روحيا لهم أكثر من انجذابهم وولائهم لمرشديهم ومعلميهم من رهبان الدير .. كل تلك الأحداث ولم تنقطع صلته ولا تلقيه التعليمات من معلميه ومرشديه من رهبان جماعة الأمة القبطية والَّتِي كان يغتنم الفرص لرؤيتهم والالتقاء بهم وتلقي أوامرهم وإطلاعهم على أحواله مع زملائه بالدير وإبلاغهم عن الأعضاء الجدد من رهبان الدير المنضمين لأفكار الجماعة .. وكان ذلك أثناء زيارات أحدهم أو أتباعهم للدير وفي المناسبات الدينية ..
ورغم رفض إدارة الدير عودته وعدم التراجع عن قرارها .. لكنه كان أكثر إصرارًا منهم على أن يستمر في سلك الرهبانيه .. ولم ييأس وقرر الانتقال إلى أحد أديرة سوهاج .. ليبدأ ويعيد الكرة من جديد بإظهار الولاء والطاعة لقيادات الدير والالتزام بقوانينه .. لتكون تلك الفترة بدير سوهاج من العلامات الهامة في حياته .. حيث استطاع بعض رهبان الدير من قياداته المتمرسين في الأمور الكهنوتية وأسرارها وبحكم خبرتهم وعلمهم أن يكشفوا عن الكثير من ملامحه الشخصية المستترة وتعرية حقيقته والكشف عن بعض انتماءاته الفكرية
في سوهاج تكررت نفس تفاصيل تجربة الراهب مينا البراموسي (عازر يوسف عطا سابقا) في دير السيدة العذراء .. حيث اعيدت الكرة بتفاصيلها وإذا بالراهب مينا يجمع حوله مجموعة من الرهبان في جلسات وحوارات أشبه بالسرية .. وكان أن حدثت العديد من المشاكل داخل دير السيدة العذراء لرفض إدارة الدير عودة الراهب مينا .. الأمر الذي أثار الكثير من علامات الاستفهام حول شدة ولاء تلك المجموعة من الرهبان له لدرجة تمردهم على قرارات الدير بشأن الراهب مينا ..
وإذا بمجموعة من الرهبان بدير سوهاج (دير الأنبا شنودة المسمى باسم أحد الرهبان القدامى والذي اختار الأنبا شنودة حاليا نفس الاسم) يلتفون حول الراهب مينا مظهرين ولاءا شديدا له ..
الأمر الذي أخذ بمسئولى الدير لمحاولة تحليل مقومات هذا التأثير الذي يتمتع به الراهب مينا .. ولم يكن بالعسير على كبار رهبان الدير بسوهاج المتمرسين في المسائل الكهنوتية وأسرارها ومداخلها ومخارجها وخباياها على كشف سر استحواذ الراهب مينا البراموسي على عقول ونفوس تلك المجموعة من الرهبان حتَّى باتوا مطيعين منفذين لكل أوامره في فترة وجيزة ..
ومن خلال جلسات انفرادية له مع قياديّ الدير وتفحصهم لأسلوبه في الحوار والردود والاستماع وجدوه على درجة عالية جدا من التدريب على درب من دروب السحر .. وهو استخدام العين في التأثير على المتلقي والمستمع .. والنفوذ الي نفسه والاستحواذ عليه وإضعافه للتمكن منه والسيطرة على فكره وقراراته دون أن يشعر بتلك المراحل .. وهي طريقة معروفة في السلك الكهنوتي واستخدمها كهنة اليهود قديما وما زالوا .. ولها علومها وخطواتها وتدريباتها .. وهي الَّتِي استخدمها الراهب راسبوتين في السيطرة على الكنيسة الأرثوذكسية لقيصرة روسيا وحتى على قصورها .. وهي من كتب السحر المتوارثة عن اليهود وكهنة المعابد الوثنييين حيث لهم عدة طرق من دروب السحر في السيطرة على أتباعهم .. وأيضًا سحرة التنويم المغناطيسي ..
بين (كريلس السادس) و (راسبوتين)؛ عيون نافِذة ومسيطرة حَكَمُوا بِها الحُكَّام.
واستخدام العين في السحر هو مدرسة من مدارس إبليس عندما يعجز على تشويه الحقائق والتصدى لها .. وهي إحدى محاولات الشعوذة في تزيين الباطل والتلبيس على العامة في رؤيتهم للأمور ..
وتقتصر على نوعية معينة من الأشخاص القليلين جدا لهم صفات شخصية وقدرات معينة لا تتوافر في الآخرين ..
وهناك أشخاص معروفين تاريخيا برزت قدراتهم الشخصية في استخدام العين للتأثير على المحيطين بهم .. وإصباغ هالة من الرهبة والخوف من صاحبها .. ولا تملك النفس غير الطاعة والانسياق لأوامره ليس بدافع الحب ولا الولاء لمبادئه ولا الاقتناع بأفكاره ولا لدماثة صفاته وكرم خلقه .. وإنما ضعفا من النفوس فتساق معصوبة الأعين لاترى إلَّا من خلال هذا الشخص .. حتَّى تبدو كلماته وكأنها تخرج من عينه فتبعث في النفس خوف ورهبة تتملك منها وتعميها عن رؤية الحقائق .. ولا يكون له نفس التأثير على الذين لم يروه أو يعاصروه .. وينتهي هذا التأثير بمجرد انقطاع هذا الشخص وغيابه أو اختفائه ..
ومن هؤلاء الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات خاصة لها تأثير السحر ومميزة لشخصياتهم .. جمال عبد الناصر وهتلر والراهب راسبوتين والأنبا شنودة الحالى .. نظراتهم تسبق أقوالهم في التأثير .. وتحيط المستمع لهم بسلاسل حتَّى يصبح كالمشلول نفسيا لا يملك إلَّا الاقتناع والطاعة دون الخوض في السؤال عن تفاصيل الموضوع المطروح أو إبداء استفسارات تعرقل مسيرة هذا الاقتراح أو الهدف المعلن ..
وكان الراهب مينا البراموسي (عازر يوسف عطا) قد تلقى تدريبات في هذا المجال من السحر على أيدي رهبان جماعة الأمة القبطية المتقنيين لكل علوم السحر المتوارثة عن اليهود ومن كتب العهد القديم والمتمرسين في كافة أنواعها وما زالوا .. ولهم مراجع في هذا الشأن وأكاديميات لتعليمها بالأديرة الحالية لرجال الكنيسة القبطية الحاليين .. ليس في مجال العين فقط