الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخيانة العظمى وظهور العذراء
لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية للعدو الصهيوني وإمداده بالمعلومات والخرائط والتفاصيل الخاصة بكل شئون وأحوال مصر بدافع حبها لليهود .. فالكنيسة القبطية أشدّ كراهية لليهود .. وخاصة قياداتها الممثلة لجماعة الأمة القبطية الَّتِي صنفت أعداءها ووضعت اليهود على رأس القائمة .. فهم يعتبرون اليهود هم المسئولون عن صلب المسيح ولم يعلنوا توبتهم عن فعلتهم ولم يعترفوا بمجيئه .. كما أنهم يتهمون اليهود بالكفر لعدم إيمانهم بالسيدة العذراء وإنجابها للمسيح .. ويجرمون أقوالهم الَّتِي تتهم السيدة العذراء بالفحش والزنا مع أحد جنود الرومان حاشا لله .. لعن الله اليهود واخرسهم فقد كرمها القرآن بقول الله تعالى عنها {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ} ..
لم تكن مساعدة الكنيسة لليهود بدافع الحب ولا الصداقة وهي الَّتِي أصدرت بيانا 1965 تؤكد أن شعب اليهود هم الذين طلبوا من بيلاطس حكما بصلب المسيح عهد الرومان .. وحاولت وقتها الكنيسة القبطية حشد الآراء لمشاركة أكبر عدد من الكنائس لها في هذا البيان والحصول على موافقتهم .. ولكن جميع الكنائس رفضوا مطلبهم واعتبروه يتنافى وروح المسيحية الَّتِي تدعوا إلى المحبة .. كما أن المسيحية الغربية لا ترى لليهود المعاصرين يدا فيما فعله الأجداد .. وترى كذلك أن هذا البيان يحوي في طياته نزعات عنصرية واتهام غير مبرر لأجيال من اليهود غير معاصرة لتلك الفعلة ..
واعادت قيادات الكنيسة عهد كيرلس السادس المحاولات مرارا للضغط على اليهود لإعلان توبتهم عن فعلتهم
…
أو تبرؤهم أو اعتذارهم عما فعل أجدادهم ..
وتنبه اليهود لمكر ودهاء الأقباط النصارى لأن مجرد الاعتذار أو التبرأ من فعل الأجداد يعني انتزاع اعتراف منهم بمجىء المسيح الذي ما زال ينكرون مجيئه إلى الآن .. ولم تفلح الكنيسة القبطية في ضم إحدى الكنائس خارج مصر إلى البيان غير كنيسة أنطاكية .. ولا تقف مشاعر كراهية الكنيسة القبطية لليهود عند هذا الحد بل إن فكر جماعة الأمة القبطية المتطرفة تدعو إلى مقاطعة الحج للقدس وهي تحت الوجود اليهودى أعداء المسيح وقتلته ..
ولم تلقى تلك الدعوة استجابة في بداياتها كما أنها كات سببا في انفصال الكنيسة الاثيوبية عن الكنيسة القبطية حيث انتابها القلق من أفكار الجماعة الَّتِي زادت نفوذها وصراعاتها مع الكنيسة عهد يوساب الثاني .. والذي كان يتفق مع الكنيسة الاثيوبية في نبذ فكرة الجماعة بمقاطعة الحج إلى القدس .. حيث ان تلك المقاطعة سوف تؤثر على نفوذ وتواجد الكنيسة القبطية بالأراضي المقدسة .. فالمسيحية في القدس لا تتمثل في كنيسة واحدة تجمع المسيحين .. كل طائفة لها إنجيلها وكنيستها
وصلاتها وطقوسها ومواعيد خاصة بأعيادها وشعائرها تختلف عن الكنيسة الأخرى .. وكل منهم تتدعي تمثيلها للمسيح والمسيحية .. بل ويكفر كل منهم الاخر ويتهمه بالتحريف والخروج عن تعاليم المسيح .. كما أن كلًّا منها لها نظرتها المستقلة في لاهوت السيد المسيح .. والمستوحاه من نصوص إنجيلها التابع لكنيستها ..
فمنهم من يعبده كإله ومنهم من يعبده كابن للإله ويشركه في الألوهيه .. ومنهم من يعتبر الآب إله السماء والابن إله الأرض .. وكنائس أخرى تعتبره ابن البشر (مريم) ولا يرتقي لمرتبه الألوهية .. وآراء كثيرة مختلفة في صلب العقيدة والَّتِي لا تقل في جوهرها عن خلافاتهم مع الإسلام .. غير أن الجميع يدعي المسيحية .. وهكذا نظرتهم للسيدة العذراء اختلفت نظرة تلك الكنائس لها فمنهم من اعتبرها إلهة أم للإله ومن اعتبرها بشر أم للرب .. ومنهم من اعتبرها أم لابن الرب .. وهكذا اختلف جوهر العقيدة بينهم وكذلك صلواتهم وأعيادهم ومواقيت قداس كل منهم .. لذا كانت نظرة الكنيسة الاثيوبية لفكرة مقاطعة الذهاب إلى القدس مرفوضة حتَّى لا يضيع نفوذ وسلطان الكنيسة المتواجدة بالقدس والممثلة لهم .. واتفق معهم جميع الآباء المطارنة إلى عهد يوساب الثاني .. وكان يستشهد بتمسك المسلمين بالأقصى على مدى العصور حتَّى أثناء وقوعه تحت أيدي الصليبين ..
لم تكن مساعدة الكنيسة القبطية لليهود في الستينات نابعة عن حب وصداقة ولكن كراهية لهم وللمسلمين .. وهم العاملين بمبدأ الجماعة (اطعن عدوك بعدو لكما) .. فكان لابد من طعن المسلمين بخنجر اليهود .. لا يهم من المنتصر والمهزوم المهم إلحاق خسائر بالاثنين مهما تفاوتت حجم الخسائر
…
وبينما بكت مصر أبناءها ومصيبتها وخسارتها الفادحة .. هللت الجماعة وكنيستها القبطية وتبادلوا التهاني في سرية إعلانا بفرحتهم لانتكاسة المسلمين آملين دخول اليهود للعمق بالأراضي المصرية ..
بل وأعلنت بعض الكنائس عن فرحتها بدق الأجراس والَّتِي لم يفهم المسلمون مغزاها.
خرجت مصر من النكسة تجر أذيال الهزيمة وتنعي أبناءها ورجالها وتضمد جراحها إثر هزة وصدمة عنيفة هزت كيان مصر كلها بل والأمة العربية وافقدت المصريين الثقة في أنفسهم وفي قادتهم المضللين وزعامتهم الواهية وأجهزة إعلام بارعة في سرد الأوهام والأكاذيب ..
لطمة قوية افاقت مصر من سكرتها بعد أن سادتها الأهواء والشعارات والحفلات والفن .. لم تكن مجرد هزيمة عسكرية بل مهزلة بكل المقاييس .. الوضع لا يحتمل السكوت على تفاصيلها. . أصبحت الدولة بلا جيش .. بلا حماية .. عارية بلا غطاء .. والعدو على بضع كيلو مترات من العاصمة أوقفه الحذر من التوغل والزحف وسط تكدس سكاني قد
يعرض جنوده للخطر .. قيادات العدو تخشى على جنودها من سكان ومواطنين عزل وتضع احتمال تعرض جنودها لمخاطر الاندساس وسط تجمعات وبلاد تعداد سكانها كبير .. وقيادات الحكومة والجيش المصرى ألقت بفلذة اكبادها من خيرة شبابها ورجالها وجنودها العسكريين في جحيم دون حرب أو قتال أو حتَّى اطلاق رصاصة .. في ستة أيام قضى العدو على جميع المطارات والمنشآت العسكرية الهامة والفرعية وكثير من المؤسسات الهامة .. بل ودمرت بلاد وهجر مواطنيها وسلبت الأراضي بلا حرب وشرد الآلاف من أبنائنا في مجاهل الصحراء بلا عتاد ولا مأوى ولا قيادة حكيمة ..
قيادات انشغلت بجوائز الفنانين والأدباء والشعارات والخطابات والثقافة الاشتراكية وحفلات أضواء المدينة عن مسئولياتها وأماناتها ..
فاقت هزيمة مصر في الخسائر البشرية والإنشائية والأراضي كل التوقعات وفاقت حتَّى أحلام العدو وكل التصورات ..
دخل الحزن والنواح كل بيت وغرقت العيون بالدموع كما غرقت البلاد بدماء آلاف القتلى بلا حرب .. كل تلك الأحداث وما زالت بعض أجراس الكنائس تقرع .. من فرط سعادتها لا تستطيع تأجيل مشاعر الفرح والشماتة ..
ووسط استغراب المواطنين الذين لم يألفوا هذا المسلك والذي فسر بمكر ودهاء قيادات الكنيسة على أنه تعبير عن الحزن ..
ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولحفظ ماء الوجه قامت الحكومة المصرية بحملة عزل ومحاكمات لبعض أجهزة الدولة في الجيش والمخابرات .. والَّتِي كشفت عن كم هائل من الفساد وانحراف تلك الأجهزة الهامة لحماية البلاد وانشغالها بساقطات الفن وحفلات ماجنة .. حيث تفرغ كبير مسئولى المخابرات للإعداد لتلك الحفلات للترفيه عن القادة الهمام وزوارهم .. وذاعت أسماء المتورطين في هذا الفساد من القائد الأعلى للجيش عبد الحكيم عامر وبطانته إلى صلاح نصر وقيادات مخابرات الدولة وأسماء محظوظيهم من الفنانات برلنتي عبد الحميد ووردة واعتماد خورشيد الَّتِي فضحت أحوال البلاد تلك الفترة في شهادتها أثناء المحاكمات وكذلك في كتابها الذي طبع بالثمانينات .. بل وأزلفت أسماء كبار الفن في العالم العربي مثل كوكب الشرّ أم كلثوم وحفلاتها المكثفة الَّتِي سبقت الهزيمة بأيام وسكرت قادة جيوش مصر وحكومتها ..
حدثت تغيرات بأجهزة الدولة وعينت لها قيادات جديدة للمخابرات بدأت بكل همة فك رموز وشفرات الهزيمة وكل ما يتعلق بها أسبابها ودوافعها وتحليل مجريات أحداثها .. وتبين أن الأهداف العسكرية والمدنية الَّتِي ضربت شملت مواقع ومنشآت لا يمكن رصدها ولا علمها إلَّا بعيون كثيرة متواجدة داخل البلاد .. ولا يكفي للحصول على المعلومات الخاصة بها حفنة من العملاء والجواسيس. .
فالضربات تعدت سيناء والقناة إلى العمق الاستراتيجى للبلاد متوجهه إلى الأهداف بطلعات جوية واعية مؤكدة لها الأهداف دون أي احتمال للخطأ .. بل إن توقيت الضربات كان يتزامن مع حفلات وانشغالات خاصة بقادة النظام والجيش لا يلم بتفاصيلها إلَّا عيون كثيرة للعدو من المقربين للسلطة .. كما أن بعض المنشآت الَّتِي ضربت كانت في عمق وتواجد داخل البلاد لا يكشفها ولا يميزها عن المنشآت المحيطة بها أي مسح جوي مهما كانت دقة خرائطه إلَّا إذا كان على وعي تام بالمكان من مصادر أرضية تحدد له مكان الهدف ..
كثرت الألغاز ووضعت الشكوك محل اهتمام ودراسة .. فلإحداث هزيمة بهذا الحجم والدقة في إصابة الأهداف لابد أن يحتاج الأمر لمجموعات كبيرة العدد منظمة ومنتشرة داخل البلاد ..
درست أجهزة المخابرات بعناية ردود فعل الهزيمة في الشارع المصرى .. ورفعت تقييم عن ملامح الحزن على الوجوه .. والذين كشف عن مشاعر زائفة للحزن على وجوه نسبة ليست محل تجاهل من الأقباط النصارى تسبقها نظرات فرح وشماتة تنطلق من العيون وتكاد تنطق بها الشفاه بل وتتناقلها الهمسات في المجتمعات القبطية كلما اثيرت مواضيع تتعلق بالهزيمة ..
وضعت الكنائس على اختلاف الملل وأماكن العبادة الخاصة بالأقليات بما فيهم اليهود تحت المراقبة الشديدة .. وقد كانت كنائس الأجانب واليهود ورعاياهم موضوعة تحت المراقبة الشديد ةخاصة بعد قيام الثورة الَّتِي اتخذت موقفا معاديا للاتجاه الغربي وحفاظا على أمنها لاعتقادها بولاء بقايا الأجانب ورعايا الكنائس التبشيرية للاستعمار ..
الجديد الذي أضيف للمراقبة هو الكنائس القبطية الأرثوذكسية والمناطق الأثرية وغيرها الخاصة بهم ..
ومع استمرار الضربات الجوية المتقطعة للعدو واستهدافها لمنشآت حيوية بعمق البلاد أزاحت أجهزة المخابرات الغموض وكشفت عن تواجد أجهزة تجسس بكنائس بالعاصمة وعدد من كنائس المحافظات بالوجه البحرى ومنها المنصورة وطنطا والقليوبية والزقازيق ..
وتبين استخدام رجال تلك الكنائس للأجهزة بحجرات خاصة ومواضع بالكنيسة وصفت على أنها مقدسة لا يدخلها العامة؛ فقط رجال الكنيسة ..
وقبض على بعض رجال الكنائس القبطية في حالة تلبس وسجلت ترددات الأجهزة ..
وعلى إثر اعتقالهم والقبض عليهم تناثرت الأخبار وطافت كل مصر وتناولت الصحافة بعضها ..
وصدم المسلمون المصريون صدمة شديدة كان لها الأثر السيء في رؤيتهم للأقباط حيث تبدلت مفاهيم الثقة واستبدل بالشك والحذر ..
وذهل أيضًا كثير من الأقباط النصارى من تورط رجال الكنيسة في تلك الأمور ..
ولم يتصور بعضهم أن يصل الحال بالكنيسة لهذا الحد ..
واستنكر كثير من المتدينين والمعترضين على سياسة البابا تورط كهنة وآباء من المفترض أنهم يعملون لخدمة الرب في جرائم تصل لحد الخيانة وهذا لا يليق بالتعاليم المسيحية الَّتِي يؤمنون بها ويؤتمنون عليها .. ووضع كثير من الأقباط النصارى في موقف حرج وأسف لأفعال بعض آبائهم بالكنيسة والَّتِي وصفت على أنها أفعال غبية غير مسئولة تضر بمصالح الأقباط النصارى قبل المسلمين ..
وزاد الطين قطران ثبوت تورط بعض الأقباط النصارى العاملين بالجيش والخارجية في إمداد العدو بمعلومات لم يكن لتتاح له إلَّا من خلال مواقع هؤلاء الأقباط النصارى الوظيفية وضبطت بحوزتهم على أجهزة تصوير واستخدامات بغرض التجسس والتواصل مع العدو ..
وتلك الأمور والأخطاء الجسيمة الَّتِي وقعت بها الدولة الغير ملتزمة دينيًا وألحقت بالبلاد الخراب والدمار تجنبها السلف الصالح من ولاة أمور المسلمين في عهد الخلافة .. بحظر إلحاق غير المسلمين بالجيش والمراكز والمناصب الهامة بالبلاد تجنبا لحدوث مثل تلك الأعمال الَّتِي قد تدمر البلاد .. والاكتفاء بتولى المسلمين أمور حماية البلاد وإعفاء أهل الكتاب منها مقابل دفعهم الجزية اتباعا لمنهج الله والتزاما بشريعته وهو سبحانه الاعلم بأمور خلقه ..
وبسرعة البرق تناثرت الأقوال وزادتها الشائعات قصص وروايات جسمت من هول الصدمة ..
الوضع أصبح مؤسف وصدمة لا يحتملها مجتمع عاش أبنائه مسلمين ونصارى في وئام ومودَّة ..
تغييرات وتطورات لم يعهدها المسلمون من الأقباط النصارى على مدى قرون طويلة جمعتهم الجيرة والصحبة والأفراح والأحزان ومعايش وأعمال وتجارات ومعاملات مشتركة على مر تلك السنين ..
الوضع مؤسف ومخجل ومريب وصدمة للأقباط الملتزمين قبل المسلمين والذي وصل بالبعض إلى الهجرة خارج البلاد على أن يظل في جيرة وصحبة محل شكوك واتهام ..
ولأول مرة تحدث بداية حقيقية لتصدع في كيان المجتمع المصرى قد يصل بالبلاد إلى حدوث فتنه بين المسلمين والأقباط النصارى .. الأمر الذي تطلب تدخلا سريعا من أجهزة الدولة والكنيسة لتدارك الموقف وإصلاح الأمور ..