المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولاية البابا كيرلس السادس - لعنة جماعة الأمة القبطية

[أمجاد]

فهرس الكتاب

- ‌تأسيس جماعة الأمة القبطية

- ‌الصراع داخل الكنيسة

- ‌اختطاف البابا

- ‌الاستيلاء على كرسي البابوية

- ‌ البابا كيرلس السادس

- ‌السحر الأسود

- ‌تعميم السحر الأسود

- ‌ولاية البابا كيرلس السادس

- ‌الخيانة العظمى وظهور العذراء

- ‌العذراء تشاطرنا الأحزان

- ‌عودة الابن الضال

- ‌تمرد شنودة

- ‌الموت بالجملة

- ‌ولاية الأنبا شنودة وسيرته

- ‌مدارس الآحاد

- ‌من أين لك هذا وأشياء أخرى

- ‌اقتصاد الكنيسة

- ‌السادات والكنيسة

- ‌الدولة تترك العنان للكنيسة وتكبت الإسلاميين

- ‌وعن ميزانية الكنيسة وإنفاقاتها حدث ولا حرج

- ‌التمرد على الدجل والشعوذة والمشاليح

- ‌مطاريد الكنيسة والشلح

- ‌لعن الله من أيقظ الفتنة

- ‌أوتار الفتنة

- ‌ حادثة أبي قرقاص

- ‌ حادثة الكشح

- ‌ القتل العلني لمن يدخل في الإسلام

- ‌ حوادث ومسيرات قبطية

- ‌ إيواء الخارجين عن القانون

- ‌وعي المسلمين بما يحدث بديارهم واجب ديني وفرض عليهم

- ‌مُلحَقَات مُهِمَّة

- ‌التيار الانقلابي في الكنيسة المصرية .. إلى أين

- ‌مَسِيحِيُّو بلادنا ليسوا مصريين أصلاء

- ‌نقاء العنصر

- ‌كثرة اليهود والإغريق بمصر

- ‌أوضاع طبقات المجتمع المصري

- ‌الهوية الحقيقية لمسيحيِّي مصر

- ‌الغرباء يُكرهون أهل البلاد على ترك ديانتهم

- ‌ولكن .. كلمة أخيرة

- ‌مراجع الملحق رقم (2):

الفصل: ‌ولاية البابا كيرلس السادس

‌ولاية البابا كيرلس السادس

ما إن تولى البطريرك كيرلس السادس الكنيسة القبطية المصرية حتَّى استتب الأمر لجماعة الأمة القبطية لحكم الكنيسة .. فالبطريرك الجديد ما هو إلَّا واجهة لرهبان الجماعة يعمل بإخلاص على تنفيذ تعاليمهم والأخذ بكل ارشاداتهم .. وقام بتعيين تلامذه رهبان الجماعة في مناصب كهنوتية وكنائسية وقيادية .. ورويدا رويدا بدأ في احلال رهبان الجماعة القبطية والموالين لها من رجال الدين خلفا لحرس الكنيسة القديم من رجالها عهد بابا الأقباط النصارى يوساب الثاني

في البداية لم يكن الأمر باليسير حيث كانت هناك جبهات من رجال الكنيسة ورهبانها القدامى يرفضون منهجه وانتماءاته .. وكان صعبا عليهم المثول لأوامره وخططه في إدارة الكنيسة القبطية فلجأ إلى اعنف القرارات بعزل الكثير من المعارضين له ونفيهم للأديرة البعيدة والَّتِي تحت سلطان وإدارة رهبان الجماعة الإجرامية .. الذين كانوا لا يتورعون في التخلص من المعارضين لحكم الجماعة بالقتل أو النفي مدى الحياة في حجرات انفرادية بسراديب سرية ملحقة بالأديرة ..

لذا لم تكن وفاء قسطنطين ولا مثيلاتها هي الأولى الَّتِي طبق عليها هذا التصرف الإجرامي بنفيها إلى أحد الأديرة تحت سمع وبصر وتجاهل السلطات والحكومة بسبب اعتناقها الإسلام .. ولكن سبقها بعشرات السنين إلى تلك المجاهل البعيدة والأوكار الَّتِي تسمى بالأديرة الكثير من رجال الكنيسة القبطية ليس لأنهم اعتنقوا الإسلام بل لاعتناقهم المسيحية من منظور الكنيسة القبطية وتعاليمها والخروج عن فكر جماعة الأمة القبطية المرتدة عن قوانينها ..

لم تكن الأديرة برؤية قيادات تلك الجماعة المنحرفة غير سجون ومنفى وحجرات تعذيب لكل من خالفهم بعيدا عن سلطات الدولة ونفوذها .. حيث لا تخضع تلك الأديرة لأي نفوذ ولا تفتيش ولا متابعة من قبل الدولة ..

فهي دول داخل الدولة ..

لها إداراتها وقوانينها وسلطاتها المنفصلة وقضاتها وجلاديها وقبورها أيضًا ..

ليس هناك رادع لقياداتها إذا أرادت تنفيذ حكم القتل والإعدام لأي معارض لها ودفنه بأرض الدير .. كما فعل بكثير من البطاركة المعارضين من عهد كيرلس الخامس إلى يوساب الثاني ..

تلك الأوكار الإجرامية البعيدة عن السلطات والَّتِي في مجاهل الصحراء هي فوق أي قانون وكل قانون .. حتَّى إن أحد الرهبان المشلوحين حاليا والفارين منها والذي تحول إلى البروتستانت يتعجب بقوله .. ما حاجة رهبان تركوا الدنيا من

ص: 43

أجل الرب لتلك السراديب والحجرات الكثيرة بمداخل وأبواب سرية ملحقة بالدير تحتاج إلى خرائط لمعرفة مداخلها ومخارجها ولا يعلمها إلَّا قياداتها ..

ما حاجة رهبان زهدوا في متع الحياه لاحتكار كل تلك المساحات الشاسعة من الأراضي الملحقة بالدير .. وما الداعي للتنازع عليها وشراء المزيد وضمه إلى الدير إذا كانوا قد زهدوا من الأرض ويبحثون عن قصور لهم في ملكوت السماء .. حتَّى أصبحت المساحة الَّتِي تخص كل راهب تعادل المساحة الَّتِي يشغلها أكثر من ألف شخص أو يزيد .. وما تلك النفوذ الَّتِي يتمتع بها قيادات تل الأوكار والَّتِي تعطى لهم الحرية في التحكم في مصائر بعض الأشخاص المعارضين لهم أو المنشقين عنهم وإنهاء حياتهم إذا تطلب الأمر ..

وكان بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس (عازر يوسف عطا والذي سمي بالراهب مينا المتوحد) حريصا على وضع كل راهب من تلامذة الجماعة في المكان الذي يتناسب وقدراته .. حتى يستطيع أن يقدم أفضل ما عنده لخدمة الجماعة ..

وكان يفطن إلى قدرات الراهب أنطونيوس السرياني (البابا شنودة فيما بعد) في فن الإقناع والقدرة على سحر الآخرين بأقواله والتأثير عليهم وخاصة تلك الفئة من المثقفين والمتعلمين .. لذا عينه أسقفا للتعليم وأسند له مهمة تثبيت أهداف الجماعة المتطرفة وترسيخها في العقول .. وتخريج أجيال تشبعت بمباديء الجماعة العنصرية .. وتفريخ معلمين جدد على نفس نهجه في أساليب الإقناع لنشر وتعميم أفكار الجماعة ..

أنطونيوس السرياني أسقف التعليم (شنودة الثالث البابا الـ 117 فيما بعد) ينحني أمام (كيرلس السادس)؛ البَرَكة والبخور والتقديس!!!

ص: 44

واستطاع كيرلس السادس بمساعدة أعضاء الجماعة من ذوي المناصب المقربين والمدللين من الحكومة أن يعين الكثير من الأقباط النصارى في السلك الدبلوماسي والخارجية ..

ولم يكن الأمر بالصعب حيث سنحت لهم الفرص لأن تكون لهم الأولوية في العمل بقنصليات وسفارات الدول وخاصة تلك الَّتِي تستعين بهم للقيام بدور الوساطة مع الحكومة المصرية والَّتِي تحتفظ مع أعضاء الجماعة بصداقات قوية .. مما كان له أسوأ الأثر في توسيع الفجوة بين الحكومة والغرب .. وبالتالى الإضرار بصورة المسلمين لدى الغرب وكذلك تشويه صورة الغرب لدى المسلمين ..

فهم يعملون بازدواجية شيطانية .. التظاهر بالوطنية والولاء للمسلمين ..

ومن جهة الغرب يتظاهرون بمسيحيتهم المزيفة الَّتِي تجعلهم الأقرب لهم من المسلمين رغم كم العداء الذي تكنه الكنيسة القبطية للكنائس الغربية وتكفير كل منهم للآخر ..

وباحتكار الأقباط النصارى لتلك الوظائف الهامة والحساسة بالخارجية والقنصليات والسفارات الأجنبية بالإضافة إلى مشاعر العنصرية والكراهية للحكومة والغرب جعلتهم يقومون بدور العمالة الجاسوسية المزدوجة لنقل المعلومات الهامة وتسريب الأسرار السياسية والخاصة بشئون البلاد وكذلك السفارات ..

وبمكر وخبث شديد وسرية تامة ألم أعضاء الجماعة وقياداتها بكل الوثائق والأوراق الهامة وتمكنوا من التحكم في حجم ونوعية الأسرار الَّتِي يجب تسريبها في الوقت المناسب لإشعال الفتن والحروب بين البلاد والغرب ..

ولم تكن تلك الجماعة العنصرية لتسمح بتقريب وجهات النظر بين الحكومة والجهات الغربية حتَّى لا ينتهي دورها وأهميتها بالنسبة للجهتين وحاجة كل منهما لخدمات أعضائها للقيام بهمزة الوصل والوساطة ..

وبضغوط من أعضاء الجماعة ومكافئة من الحكومة لهم أعلن الرئيس عبد الناصر عام 1961 أن الأقباط النصارى الأرثوذكس هم فقط الذي يحق لهم تمثيل مسيحي مصر في المؤتمرات الكنسية العالمية خارج البلاد .. دون غيرهم من الكنائس والملل المسيحية الأخرى بمصر .. وكان هذا مكسبا كبيرا حققه بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس .. رفع من أسهمه ومحبة الأقباط النصارى له .. وأحزن الكنائس المسيحية الأخرى بمصر كالكاثوليكية والإنجيليه وغيرها .. واعتبر ظلم من الدولة وتجاهل منها لحقوق تلك الكنائس المسيحية واقتصار الاعتراف على الكنيسة القبطية خارج البلاد .. مما كان له أسوأ الأثر في تباعد الدولة والغرب الكاثوليكي والبروتوستانتي وكذلك الأرثوذكسي من الطوائف الأخرى .. واتساع فجوة العداء بينهما .. وتحقيق مكاسب للأقباط على حساب المصلحة العليا للبلاد.

ص: 45

كان على بابا الأقباط النصارى كيرلس السادس بعد أن استتبت الأمور لجماعة الأمة القبطية بتولى مقاليد حكم الكنيسة القبطية تحت زعامته الصورية أن يبدأ بمحو كلمة جماعة الأمة القبطية من الذاكرة .. لاداعي ولا مبرر للفصل بين الجماعة والكنيسة بعد أن أصبحت الكنيسة تدار بفكر وتعاليم الجماعة .. ولم يدخر جهدا ولا وقتا بمعاونة مساعدية لبسط نفوذ تلك الجماعة الإجرامية على كنائس مصر ..

وكأنهم كانوا جميعًا في سباق مع الزمن لتحقيق أكبر إنجازات لصالح أهداف الجماعة ..

وبفعل السحر تمكنت تلك البطانه الكهنوتية من حاشية كيرلس السادس من محو اسم الجماعة وحتى أسماء البابوات السابقين وصورهم وكل ما يتعلق في أذهان رعايا الكنيسة الأقباط النصارى من ذكريات لكل الفترة السابقة للبابا كيرلس السادس .. وكأن تاريخ الكنيسة القبطية يبدأ من عهد توليه حكم الكنيسة ..

وكان مفعول السحر أقوى من أي ذاكرة حتَّى لم يعد أحد يردد أي اسم أو ذكرى أو صورة للبابا يوساب الثاني رغم كل الولع والمحبة الَّتِي ملأت قلوبهم عهد ولايته .. وبرغم كل البكاء والنواح الذي ودعوه به ..

والغريب في الأمر إنه إلى الآن يعرف الصغار قبل الكبار من الأقباط النصارى من هو البابا كيرلس السادس ولا يخلو بيت من بيوت الأقباط النصارى الحاليين من صورة لكيرلس السادس وأخرى للأنبا شنودة .. ومع ذلك فإن الأقباط النصارى الذين تعدوا الخمسين ليس لديهم أي معلومة عن اسم أو صورة بابا الكنيسة قبل كيرلس السادس ..

غسلت العقول ومسحت منها كل ذكريات الكنيسة .. وتابع بابا الأقباط النصارى حملته في عزل رجال الكنيسة القدامى ونفيهم إلى الأديرة بالقوة وفي استمرار غياب القانون جاهلا ومتجاهلا .. وبمؤازرة أتباع الكنيسة من ذوي النفوذ والعلاقات المتينة مع الحكومة .. واستبدل نسبة كبيرة رجال الكنيسة بآخريين من الرهبان والشمامسة والقسيسين المواليين للبابا الجديد وجماعته ..

واستمر بكل إخلاص في تنفيذ كل أوامر وتعاليم قياداته من رهبان الجماعة المتطرفة والمرتدة عن التعاليم المسيحية والمقيمين بأديرة وادي النطرون والواحات .. والذين يديرون الكنيسة إلى الآن بتوجيهاتم وتعاليمهم ..

ولكن استعصى صعيد مصر بكنائسه وأديرته على البابا ما عدا المنيا وسوهاج واسيوط والَّتِي لم تستسلم كلها لإدارة البابا الممثل لجماعة الأمة القبطية .. وما زال إلى الآن وإلى وقت قريب ترفض بعض الكنائس والأديرة بصعيد مصر الخضوع لأوامر الأنبا شنودة والولاء له ..

وهذا ما يفسر خوف بابا الأقباط النصارى شنودة من القيام بجولات داخل الصعيد وزيارة أديرتها .. وهو الذي يطوف بكنائس الأقباط النصارى بكل بلدان العالم حتَّى الصغيرة منها في جميع أنحاء المعمورة كما يسميها خارج مصر ..

ص: 46

وعودة إلى الستينات عهد كيرلس السادس حيث حاول جاهدا استمالة رجال الكنيسة بالصعيد وضمهم إليه .. ولكنه فشل فشلا ذريعا في اختراق الصعيد والسيطرة عليه واخضاعه لأهواء التعاليم المستجدة الَّتِي حلت محل تعاليم وقوانين الكنيسة القبطية والَّتِي دامت مئات السنين منذ أن صاغها الراهب أنطونيوس والراهب اثناسيوس في أواخر القرن الثالث والرابع الميلادي ..

كان كهنة الأقباط النصارى بالصعيد يرون أن تلك الجماعة نذير شؤم على الأقباط النصارى ..

ولم يكونوا ليقبلوا بتعاليمهم العنصرية .. امتنانا من أقباط الصعيد النصارى لجيرانهم من المسلمين الذين ضمنوا لكنائسم وأديرتهم الحماية ومنعوا أي اختراق أو بناء للكنائس الغربية بصعيد مصر ..

فلم تجرؤ الإرساليات على النزوح إلى الصعيد لقوة نفوذ العائلات المسلمة الَّتِي تصدت لأي تواجد لهم بكل قوة مما حفظ للكنيسة القبطية مكانتها المنفردة في الصعيد .. وأيضًا عرفانا بالجميل للمسلمين الذين تولوا حماية الأفراد الأقباط النصارى على مر العصور من بطش الغزاه .. حيث كان كثير من أقباط الصعيد تحت ولاية الأسر الكبيرة المسلمة الَّتِي وفرت لهم سبل الحماية والأمان وأيضًا رعايه فقرائهم وخصصت لهم جزء من أموال الزكاة .. حيث كان أغلب الأقباط النصارى بالصعيد من الفقراء وليسوا على الحال من الغنى الذي هم عليه الآن .. حتَّى إنه إلى وقت ليس ببعيد كان القبطي في الريف الصعيدى ينادي المسلم بلقب (عَمِّي) ..

لذا استعصى الصعيد بأصالته وطيبة أبنائه وشهامة رجالة أن يقتنع بأساليب المكر والنفاق والخداع الملازمة والمميزة لأفكار تلك الجماعة وأعضاءها ..

ولجأ بابا الأقباط النصارى كيرلس بمحأولة اختراق كنائس وأديرة الصعيد عن طريق أتباعه ممن لهم انتماءات وجذور قرابة بالصعيد ولكنهم جميعًا طردوا وكان الأسقف مينا بجرجا والكثير غيره ممن تصدوا لكل محاولات اختراق تلك الجماعة لكنائسهم وأديرتهم ورفضوا الولاء للكنيسة لحد التهديد بقتل كل من يجرؤ من تلك الجماعة وأتباع البابا الجديد على الاقتراب من مناطقهم غير معترفين بكيرلس السادس ولا كنيسته ..

وفضل كيرلس أن ينحي مشاكل الصعيد جانبا إلى أن ينتهي من تثبيت أمور كنيسته الجديدة.

ص: 47