الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولكن كل دروب السحر ومدارسه .. وبمنتهى القوة اتخذت ادراة الدير بكبار رهبانها قرارات حازمة شديدة اللهجة بمراجعة الراهب مينا البراموسي ونهيه عن استخدام السحر باعتباره كفر ومخالف للتعاليم المسيحية ومدرسة شيطانية لا تليق براهب يبحث عن رضا الرب .. ومؤكدين على تحريم المسيح للسحر وخاصة بما يتعلق بالعين عندما رأى شرور اليهود تنفث من عيونهم .. وطالبوا الراهب مينا بالتوبة والتراجع عن استخدام تلك المهارات الشيطانية ..
ورغم إبدائه للاستجابة وأخذه بالنصيحه إلَّا أنهم لم يطمئنوا لمصداقيته واعتبروا محاولته استمرارا في المكر والخديعة للبقاء اطول وقت بالدير .. والَّتِي قد يكون لها الأثر السيء على قوانين ورهبان الدير .. تم إيقافه وعزله لفترة لمراجعة اتجاهاته والتوبة عن تلك السلوكيات المرفوضة عقائديًا .. ولم يكن قد استكمل الخمس سنوات الأولى في تاريخه الرهباني واللازمة لتقرير ما إذا كان يصلح للاستمرار في سلك الرهبانية أو استبعاده ..
وخرج الراهب مينا البراموسي من الدير لقضاء فترة عزلته هاربا إلى مكان مهجور بعيد عن الأعين في منطقة تل الطواحين بمصر القديمة لا يرتاده إلَّا الخارجون على القانون في المجتمع .. وتبعه عدد من الرهبان الموقوفين والمطرودين من الأديرة ..
السحر الأسود
لم تكن المرة الأولى الَّتِي يتهم فيها رجال ورهبان الكنيسة القبطية بممارسة السحر .. فقد سبق واتهم مسيحي الرومان الكاثوليك أقباط مصر بممارسة السحر وكان ذلك قبل الفتح الإسلامي لمصر .. واعتبر مسيحي الرومان المسيحية القبطية مزيج من المسيحية وطقوس الديانة الفرعونية الوثنية القديمة .. لذا وصلت حروب الرومان للأقباط لحد الإبادة .. وكانوا يرون الشر كل الشر في أتباع للكنيسة القبطية تحت اسم المسيحية ..
وكان المسيحيون الرومان يرون في الرهبان القدامى والمنتمين للديانة القبطية فئة ضالة وأن منشأ رهبانيتهم مؤسسها الشيطان حيث كانوا يسكنون قبور الفراعنة وبقايا معابدهم ومساكنهم ومغاراتهم القديمة .. وكان الرومان المسيحين يرون تلك الأماكن الوثنية ملعونة بنص العهد القديم منذ أن عاقب الله فراعنة مصر .. ويعتبرون بقاء الأقباط النصارى سواء رهبان أو قديسين أو غيرهم فترات طويلة في تلك الأماكن بعيدا عن توافر الماء للاستحمام والطهارة يجعل أبدانهم نجسة عرضة لالتباس الشياطين لهم .. وكانوا ينكرون على الأقباط النصارى حبهم وولعهم بكل ما يمت الفراعنة الوثنيين .. حتَّى
اختياراهم للأسماء الفرعونية والعادات والأعياد والمناسبات الفرعونية .. حتَّى احتفالاتهم بعروس النيل أسوة بأفعال الفراعنة وكلها أمور كان ينكرها مسيحيُّو الرومان وحرمها الإسلام منذ فتح مصر ..
ويرون في اختيار الأقباط النصارى للأسماء الملعونة مثل رمسيس وهو فرعون مصر عهد موسى وعدو الله وكذلك أسماء آلهة الفراعنة الوثنين مثل إيزيس وحورس وغيرهما جرأة على الله وتحدى له وحب للفراعنة يطغى على مسيحيتهم .. حتَّى أنهم كانوا يبنون الأديرة القبطية فوق المعابد الفرعونية وأماكن تواجدها .. ويحتفظون بالكثير عن أسرار السحر المتوارث عن الفراعنة وكذلك خرائطهم والنبش في قبورهم وإحياء لغتهم واستخدامها في التخاطب بينهم .. والتماس الرزق في العمل في آثارهم والتفاخر بالانتماء إلى الفراعنة الملعونين حتَّى أنهم استبدلوا كلمة مسيحيين بلفظ أقباط من فرط ولعهم بالفراعنة الكفرة والمشركين .. وما زال إلى الآن هذا المعتقد من مسيحي الكنائس المسيحية خارج مصر .. وما زالت تلك نظرة مسيحييهم لأقباط مصر وكنائسها.
ولم تكن أيضًا المرة الأولى الذي يتهم فيها الأقباط النصارى ذاتهم رهبان آخريين منهم بممارسة السحر .. فقد سبق واتهم الأقباط النصارى أنفسهم مؤسس الرهبانية الأب أنطونيوس في القرن الثالث والرابع الميلادي بأنه كان أول من ابتدع مبدأ لاهوت المسيح وأدخله ضمن عقيدة الكنيسة ..
حيث كانت هناك مذاهب مسيحية لاتؤمن بفكرة لاهوت المسيح وكانت لهم أناجيلهم وكانوا يسمون بالمسيحين المصريين الآريوس - الأرِيسِيِّيِن - وكانوا يحكمون كنيسة الإسكندرية ..
وباختراق أتباع الراهب أنطونيوس قديما للكنيسة تم نقل فكرة لاهوت المسيح عنه وترسيخها على الاعتقاد الذي عليه كنيسة الأقباط النصارى إلى الآن .. حيث طلب أساقفة الإسكندرية من الراهب أنطونيوس عام 350 م أن يخرج من عزلته ومغارته ويحضر إلى الإسكندرية للحديث إلى الأقباط النصارى وإقناعهم بلاهوت السيد المسيح .. وهذا ما فعله فخرج من مغارته بالصحراء وكان عمرة مائة عام واستقبله أتباعه بالإسكندرية الذين كانوا يترددون عليه ومهدوا له ومكث أيام قليلة بالإسكندرية .. قيل أنه سحر الناس بخطبه وكلامه وأقنعهم بلاهوت المسيح على المفهوم القبطي الآن .. وأن مرجعيته لم تكن اعتمادا على الإنجيل بل من كل كلمة خرجت منه واعتبروها قيلت بروح القدس على لسانه واتخذوها دستورا لحياتهم وكنيستهم إلى الآن .. وأنه كان سببا في انقسام الكنيسة وقتها وانشقاق كنائس أخرى أرثوذكسية رفضت مقولته وتعاليمه ..
وعودة للراهب مينا البراموسي (عازر يوسف عطا سابقا) .. والمسمى بالأنبا كيرلس فيما بعد بعهد عبد الناصر.
ترك الراهب مينا البراموسي (عازر يوسف عطا سابقا) الدير .. واختار مكانا مهجورا معزولا عن الناس بعيدا عن اعين السلطات والمتلصصين والمتطفلين
…
مكانا يسمى تل الطواحين بمصر القديمة .. وهذا المكان كان لا يرتاده إلَّا الخارجين عن القانون في ذلك الوقت .. هرب إليه الراهب مينا وأقام به مع مجموعة من الرهبان الموقوفين والمطرودين من الأديرة ..
وأصبح أتباعه يترددون عليه واجتذب إليه مجموعة من شباب الجامعات وظل على التواصل مع أعضاء الجماعة والالتقاء بمعلميه من قيادات جماعة الأمة القبطية المنحرفة عقائديًا الذين كانوا يقومون بزيارات سرية له وزملائة ومدهم بالتوجيهات والتعليمات .. وأصبح لكل من الراهب مينا وزملائه تلامذه ومريدين افتتنوا بأعمال السحر الشيطانية وتأثيراتهم على النفوس .. حتَّى ذاع صيت المكان بوجود رهبان يقيمون وأصبح كثير من الأقباط النصارى يترددون على المكان مفتتنين بأقوالهم وأفعالهم .. وكان من المترددين من خريجى الجامعات افتتنوا بفكر الراهب مينا وأهداف الجماعة وأصبحوا من تلاميذه ومن أشدّ المنتمين والمخلصين لأهداف الجماعة ومنهم القمص مكارى السرياني فيما بعد .. والأنبا مينا الصموئيلى فيما بعد .. والراهب متَّى المِسكين وجميعهم من أشهر شخصيات الكنيسة القبطية واعمدة هامة في استبدال تعاليم وقوانين الكنيسة القبطية واستبدالها بتعاليم جماعة الأمة القبطية المنحرفة عقائديًا والعنصرية المتطرفة .. وجميعهم بذلوا الجهد بكل الأساليب الشيطانية للاستحواذ على عقول وقلوب أقباط مصر وترسيخ مفاهيم وتعاليم جماعة الأمة القبطية ليصبح الأقباط النصارى أكثر انتماءا لها عن انتمائهم للمسيحية ..
والأخير الراهب متَّى المِسكين أخلص تلامذه الراهب مينا البراموسي .. هو (سعد عزيز) خريج كلية الصيدلة وكان يملك صيدلية بمدينة دمنهور .. وكان قبل تأثره بفكر الجماعة وتتلمذه على يد الراهب مينا البراموسي من أشدّ المولعين بالفكر الشيوعي .. والراهب متَّى المِسكين هو الذي سيصبح معلم نظير جيد (الأنبا شنودة البابا الحالى) .. والأب الروحي له ..
ويستمر الراهب مينا البراموسي الذي عوقب بإيقافه لفترة عن الاستمرار كراهب بالأديرة هو وزملائه وتلاميذه في التأثير على مريديهم واجتذاب أتباع وأعضاء جدد لجماعة الأمة القبطية .. وظلو فترة بهذا المكان الذي ذاع صيته وأصبح إلى الآن مزار للأقباط ..
ساهم الرهبان داخل الأديرة وخارجها والمنتمين لفكر جماعة الأمة القبطية العنصرية في زيادة عدد الأعضاء والتأثير على الكثير من الأقباط النصارى .. كما أصبح منهم من يتقلد مناصب إدارية وقيادية داخل الأديرة ..
وأيضًا تأثر بعض رجال الدين من ذوي المكانة الكهنوتية الكنائسية بفكر تلك الجماعة الضالة مما كان له تأثير كبير على أتباعهم .. وأصبح لهم نفوذ داخل الكنيسة بمساعدة أصحاب النفوذ من العلمانيين المسيطرون على المجلس المِلِّي والشئون المالية للكنيسة .. ومارسوا كل الضغوط على قيادات الكنيسة حتَّى أصبحوا يتحكمون في عزل البطاركة ونفيهم إلى الأديرة كما فعل أوائل رهبان الجماعة القدامى عندما نفوا بابا الأقباط النصارى كيرلس الخامس إلى دير البراموس التابع لهم بوادي النطرون ومساعده الأنبا يؤانس إلى دير الأنبا بولا بالصحراء الشرقية .. ثم إعلان العصيان بقيادة القمص سورجيوس أحد اعمدة الجماعة على البطريرك يؤانس وعدم الاعتراف به عهد الملك فؤاد .. ثم ترشيح الأنبا مكاريوس والانقلاب عليه عندما رفض تطبيق تعاليمهم ولكنه لم يتحمل ضغوطهم فترك البطريركية واعتزلها إلى الدير .. وقيل أنهم ارغموه على التنازل عن كرسي البابوية ونفوه اجباريا إلى الدير .. ثم جاءت مرحلة البطريرك الجديد الأنبا يوساب الثاني ..
ووضحت ملامح اختراق فكر جماعة الأمة القبطية للكنائس من الدروس التحريضية لنشر مفهوم العداء والكراهية لكل من هو غير منتمي لكنيستهم .. والتربص بمصائب الآخرين والفرح بالمكاره الَّتِي تحل عليهم مثلما يحدث الآن عندما تقرع الأجراس فرحا كلما حلت مصيبة أو سوء بالمسلمين وصدق الله تعالى في قوله:
لم تعد تكفيهم أن تقرع أجراسهم يوم الأحد .. بل كلما نزل بالمسلمين السوء تجدهم من شدة غبطتهم وفرحهم يزغردون بأجراسهم في أي يوم وبأي وقت .. غير قادرين على إخفاء أو تأجيل مشاعر الشماتة والحقد {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ..
أبادت كهنتهم المحبة والمسيحية من قلوبهم وكنائسهم .. أخرسهم الله وأخرس أجراسهم وسلط عليهم جنود أولى بأس شديد
…
اللهم آمين
وما أن ارتقى رهبان تلك الجماعة العنصرية مناصب قيادية بالأديرة حتَّى فتحوا أبوابها لعودة جميع مواليهم من الرهبان الموقوفين والمطرودين .. وتم ترسيم رهبان جدد من اعضائهم .. فدخل الراهب مينا البراموسي وتلاميذه أحد الأديرة .. وتم قبول وترسيم تلاميذه رهبان بالدير .. ثم انتقل وتلاميذه إلى دير مار مينا بمصر القديمة وكان أن اطلق على نفسه الراهب مينا المتوحد (واسم مينا هو أحد ملوك الفراعنة الوثنيين الأوائل وهو مينا موحد القطريين) .. وأصبح يمارس كامل حريته في تلقين الرهبان دروس عن فكر تلك الجماعة وينمي قدراتهم المعنوية للتأثير على العامة من الأقباط النصارى .. وتدريبهم عن كيفية استخدام إمكانياتهم للوصول بالجماعة إلى تحقيق أهدافها .. وزادت زيارات قادة الجماعة من الرهبان القدامى من معلمي
الراهب مينا للدير لإلقاء دروس توعية بما يخص خطط الجماعة وهيكلتها ونشر تعاليمها .. وأخرى تخصصية في سبل وطرق التأثير على العامة واجتذابهم للانضمام لهم .. وأيضًا في كتب السحر من متوارثات اليهود والعهد القديم .. ولكن الأنبا يوساب وقف لهم بكل ما استطاع من قوة وقام بسحب الاعتراف بدير مار مينا بمصر القديمة ..
وانتقل الراهب مينا مع تلاميذه ومن بينهم الراهب متَّى المِسكين والذي كان يسمى وقت رسامته الراهب متى الصموئيلى إلى دير الأنبا صموئيل بوادي القلمون بجوار مدينة مغاغة بالمنيا .. حيث أشدّ حصون وقلاع جماعة الأمة القبطية المتطرفة والَّتِي يظهر ملامحها العنصرية إلى الآن بمحافظة المنيا خاصة .. حيث منهم جماعة جنود يسوع .. وتم إيقاف هذا الدير أيضًا من قبل الأنبا يوساب الثاني .. وكان قد انضم إلى تلامذه الراهب متَّى المِسكين نظير جيد (الأنبا شنودة حاليا) .. وكان ومعلمه أقرب التلاميذ إلى الراهب مينا (عازر يوسف عطا) .. حيث فاق نظير جيد معلميه في كل أساليب المكر والدهاء والعنصرية .. مما جعله يحظى بشخصية مميزة لدى جماعة الأمة القبطية مثلما يحظى بتلك المكانة معلميه الراهب متَّى المِسكين والراهب مينا المتوحد .. ويحاول نظير جيد الاعتراف به كراهب ويفشل في الحصول على موافقة قيادات الكنيسة الَّتِي علمت بحقيقة انتمائه للجماعة ورفضهم لمسلك معلميه المتطرف .. وتجرى الصراعات والنزاعات والحروب بين أتباع تلك الجماعة الإجرامية وبين قيادات الكنيسة القبطية المو اليين للبابا يوساب .. وتمضى الأحداث كما استعرضناها أبان حكم البابا يوساب للكنيسة وتنتهي فترته بنهاية مأساوية له .. وتجرى تفاصيل اختيار البابا الجديد خلفا ليوساب الثاني وكما استعرضناها .. حتَّى يتم ترشيح الراهب مينا (عازر يوسف عطا سابقا) من قبل الأنبا أثناسيوس أحد اعمدة جماعة الأمة القبطية .. ويتم تنصيب الراهب مينا المتوحد بطريركا للكنيسة القبطية بعد فترة طويلة من الصراعات ويصبح البطريرك رقم 116 للكنيسة القبطية ويلقب بالبابا كيرلس السادس ..
وتبدأ جماعة الأمة القبطية بحكم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر من عهد عبد الناصر بالخمسينات إلى يومنا هذا .. لتمر بأخطر مراحلها وأعمالها الإجرامية بالمكر والوقيعة وإشعال الفتن بين أعدائهم وإلحاق الضرر بهم والشماتة في مصائبهم .. وأحداث لا يمكن تصور مدى خطورتها وإجرامها إلى يومنا هذا.