المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بل إن من هؤلاء المعدومين أنفسهم من أصبح في عهد - لعنة جماعة الأمة القبطية

[أمجاد]

فهرس الكتاب

- ‌تأسيس جماعة الأمة القبطية

- ‌الصراع داخل الكنيسة

- ‌اختطاف البابا

- ‌الاستيلاء على كرسي البابوية

- ‌ البابا كيرلس السادس

- ‌السحر الأسود

- ‌تعميم السحر الأسود

- ‌ولاية البابا كيرلس السادس

- ‌الخيانة العظمى وظهور العذراء

- ‌العذراء تشاطرنا الأحزان

- ‌عودة الابن الضال

- ‌تمرد شنودة

- ‌الموت بالجملة

- ‌ولاية الأنبا شنودة وسيرته

- ‌مدارس الآحاد

- ‌من أين لك هذا وأشياء أخرى

- ‌اقتصاد الكنيسة

- ‌السادات والكنيسة

- ‌الدولة تترك العنان للكنيسة وتكبت الإسلاميين

- ‌وعن ميزانية الكنيسة وإنفاقاتها حدث ولا حرج

- ‌التمرد على الدجل والشعوذة والمشاليح

- ‌مطاريد الكنيسة والشلح

- ‌لعن الله من أيقظ الفتنة

- ‌أوتار الفتنة

- ‌ حادثة أبي قرقاص

- ‌ حادثة الكشح

- ‌ القتل العلني لمن يدخل في الإسلام

- ‌ حوادث ومسيرات قبطية

- ‌ إيواء الخارجين عن القانون

- ‌وعي المسلمين بما يحدث بديارهم واجب ديني وفرض عليهم

- ‌مُلحَقَات مُهِمَّة

- ‌التيار الانقلابي في الكنيسة المصرية .. إلى أين

- ‌مَسِيحِيُّو بلادنا ليسوا مصريين أصلاء

- ‌نقاء العنصر

- ‌كثرة اليهود والإغريق بمصر

- ‌أوضاع طبقات المجتمع المصري

- ‌الهوية الحقيقية لمسيحيِّي مصر

- ‌الغرباء يُكرهون أهل البلاد على ترك ديانتهم

- ‌ولكن .. كلمة أخيرة

- ‌مراجع الملحق رقم (2):

الفصل: بل إن من هؤلاء المعدومين أنفسهم من أصبح في عهد

بل إن من هؤلاء المعدومين أنفسهم من أصبح في عهد شنودة من كبار أصحاب شركات المقاولات والصرافة وأسماء لامعة في عالم المال والاقتصاد المصرى .. وبعضهم لم يحصل على الابتدائية بل ويجهل حتَّى فك الخط

وكان كثير من الأسر المسلمة والمسيحية الغنية في الستينات يتقاسمون الإنفاق عليهم وخصص البعض لهم من أموال الزكاة

وكانت الأديرة والطرق المؤدية لها والكنائس قليلة وبحالة بسيطة جدا غير تلك الحالة الَّتِي عليها الآن ولا تلك الإمكانيات ..

بكل المقاييس أصبحت القفزة الاقتصادية القبطية المدوية عالميا بروادها ونجومها والَّتِي حققتها الكنيسة القبطية عهد شنودة الثالث تستحق أن تدخل بها الموسوعة العالمية للأرقام الفلكية .. بل تلك القفزة الاقتصادية الَّتِي رفعت من معدل الدخل المعيشى للأسر القبطية ليصبح بالملايين ومئات الأضعاف ما كانت عليه قبل عهد شنودة

والتصاعد الاقتصادي الرهيب في ميزانية الكنيسة ورعاياها تستحق أن يدرس في أكبر كليات الاقتصاد في العالم .. والذي صعد بدخل ومدخرات وأملاك الأسرة القبطية الواحدة ليعادل دخول ومدخرات أكثر من 20 أسرة أمريكية أو سويسرية أو كلاهما مجتمعين بل ويزيد دون أي مبالغة ..

هذا الارتفاع الاقتصادي القوي المفاجىء المدوي والمتواصل في الارتفاع لمنحنى الرسم البياني للأحوال الاقتصادية للكنيسة القبطية يستحق أن يمنح كل كهنتها الدكتوراة الفخرية من أكبر جامعات الاقتصاد بالعالم بل ويستحقوا أن يعينوا أساتذة لعلم الاقتصاد بها .. نستعرض بعض أسباب تلك القفزة الاقتصادية للكنيسة القبطية بعهد شنودة الثالث ودوافعها ومصادر وجهات الإنفاق ..

‌اقتصاد الكنيسة

تبنت الكنيسة كل خطة عمل ذكية لجلب الأموال وإنعاش اقتصادها .. وروج شنودة وبطانته بين الطبقات العلمانية وخاصة بين شباب تلك الفترة مفهوم العمل كجنود للرب لجلب كل منفعة من أجل بناء كنيسة قبطية عظيمة

وترسيخ تعاليم كنيسته (تعاليم جماعة الأمة القبطية العنصرية) الَّتِي تعتبر أرض مصر وثرواتها حق للأقباط المسيحين فقط دون غيرهم من المصريين الذين تحولوا إلى الإسلام أو أصحاب الملل المسيحية الأخرى ..

ص: 83

واعتبرت الكنيسة أن أقل عقاب لهؤلاء المصريين وذرياتهم هو حرمانهم من ثروات مصر واعتبار الأقباط النصارى المنتمين للكنيسة القبطية هم فقط الملاك الشرعيين لكنوز مصر وأراضيها .. راقت لقيادات الكنيسة تلك الفكرة الجهنمية وباركها كهول رهبان الجماعة بأديرة الصحراء ..

وبدأت الكنيسة تتبنى مشروع الاتجار بآثار مصر بكل أنواعها وعلى اختلاف العصور من الفراعنة لآثار الإغريق والرومان وحتى الإسلامية مع الاحتفاظ بكل الآثار القبطية القديمة بكنائسهم ومتاحفهم .. لم تكن تلك الفكرة جديدة فالمعروف أن معظم الأديرة القبطية كانت قد بنيت في أماكن لمعابد فرعونية أو إغريقية قديمة .. فقد كان مع بدايه الكنيسة القبطية وعصور اضطهاد الرومان المسيحيين لهم أن نشأت الرهبانية وهرب رهبان وكهنة الأقباط النصارى إلى الصحراء للاختفاء عن عيون الرومان في مغارات وقبور ومساكن ومعابد مهجورة من بقايا الفراعنة والإغريق وغيرهم من الحضارات الملعونة الَّتِي أبادها الله

ولكن لم تكن فكرة استخراج أو استخدام أو المتاجرة في تلك الآثار تلقى قبولًا بين المصريين .. حيث كان يعتقد الأقباط النصارى وكل المصريين بلعنة الفراعنة .. واستمر هذا الاعتقاد حتَّى إلى عهد ليس ببعيد ربما إلى الستينات وما زال إلى الآن ..

والاعتقاد السائد بلعنة الفراعنة لم يكن بالمفهوم الذي يروج له مفتشى وعلماء الآثار بأن الفراعنة يحمون آثارهم ومتعلقاتهم من اللصوص .. لا .. كان للعنه الفراعنه أساس ديني بالعهد القديم والتوراه واسفار الخروج .. حيث اعتقد المصريين بأن غضب الله ولعنته حلت على أجدادهم الفراعنة القدماء ودمرت مصر وجفت أنهارها وينابيعها وجناتها وتحولت إلى صحارى وهلكت معابد الوثنيين بعد خروج بني إسرائيل عهد موسى وغرق جيوش فرعون ..

وحتَّى رحلة السيدة العذراء وابنها المسيح عليه السلام وصفت على أنها كلما مرت بطريق به اصنام وتماثيل ومعابد من بقايا الفراعنة تحطمت تلك الآثار ..

وأكد القرآن الكريم على غضب الله ولعنته على الفراعنة في قوله سبحانه {وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ} كما وصف هول النكبات والكوارث الَّتِي حلت بالفراعنة بقوله {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} .. وظل المصريون على هذا الاعتقاد حتَّى أن مكتشفي الآثار من الفرنسيين والأمريكان وجدوا صعوبة في بداية الأمر لإقناع العمال البسطاء للعمل معهم ..

فقط الرهبان وكهنه الأقباط النصارى هم الذين كانوا يعتقدون بأحقيتهم في ميراث أجدادهم بل وكانوا مولعيين بكل ما يتعلق بالفراعنة وأنكر عليهم الرومان هذا التناقض والازدواجية في العقيدة فهم يدعون المسيحية والإيمان بوثنية الفراعنة

ص: 84

وما زالوا على انبهارهم وولعهم بتلك الحضارة الملعونة وحافظوا على الكثير من عاداتهم وأعيادهم ومعتقداتهم في مراسم الموت والاحتفال بالنيل وماكولاتهم بل ويحتمون بمعابدهم وقبورهم وأماكنهم المهجورة والملعونة ..

ومعظم الأديرة بنيت على أطلال تلك المعابد والمساكن القديمة ولكن لم يعرف عنهم المتاجرة بها حيث إن فكرة الرهبانية كانت تقوم على الزهد والبعد عن كل الأطماع الدنيوية كما أن قوانين الأديرة كانت لا تسمح بالنبش عن الكنوز وقيل أنه حدث لكن على أضيق الحدود ولم تلقَ استجابةً من الرهبان ..

ولكن رهبان وكهنة شنودة كانوا على شاكلته كلهم علمانيين المنشأ طموحاتهم وأهدافهم فوق أي منهج عقائدى .. أغلبهم من الجامعيين وخريجى مدارس اللغات ومن معتنقي تعاليم الجماعة العنصرية وضاربين بالتعاليم المسيحية عرض الحائط .. وأطماعهم في السلطة والشهرة والنفوذ والمال لا يتلائم ولا يتساوى مع هذا النهج المتواضع للرهبان والكهنة القدامى البسطاء في احلامهم والَّتِي لا تتعدى إقامة الصلوات والتوسلات للحصول على البركات .. وساعدهم على تنفيذ تلك الفكرة معرفتهم للغة القبطية وبعض لغات ورموز الحضارات المصرية القديمة واحتفاظهم بالخرائط والكتب الَّتِي توارثها الرهبان عبر العصور وتدارسوها واحتفظوا بها في أديرتهم وأماكنهم ..

وبالفعل تم حفر الكثير من السراديب بأرض الأديرة المتناثرة بكل ارجاء البلاد والبعيدة عن العيون والعمران والمحاطة بالسرية والأسوار العالية والاستحكامات الأمنية الَّتِي تفوق استحكامات القصور الرئاسية ..

وبالفعل تم استخراج الكثير من الآثار الَّتِي قامت عليها تجارة احتكرها الأقباط النصارى وفتحت البازارات لتجارة الأنتيكات المقلدة للسياح والَّتِي هي في حقيقتها منافذ لتسويق آثار مصر بكل أنواعها .. والَّتِي أصبحت هي الأخرى تجارة قائمة بذاتها .. ولكن الأمر تطلب من الكنيسة مزيدا من التوسع والتنظيم والتخصص والحماية أيضًا ..

جلبت تجارة الآثار في بداياتها الأموال الطائلة للكنيسة وأصبحت أحد منابع الخير الوفير .. اقتطعت منها جزءًا كبير لتمويلها والتوسع فيها بشكل أكثر تنظيما ودراسة .. لذا وجدت الكنيسة أن تقيم لها فريق متخصص أشبه بوزارة داخلها

ووضع خطط عمل واعية ومدربة والتوسع فيها لامتصاص الطاقات وتوفير فرص العمل وجلب الأموال والخيرات لدعم الكنيسة ورعاياها .. خصصت لهذا المجال أكبر مكتبات قبطية تضم أهم كتب ومخطوطات وخرائط الحضارات القديمة بمصر .. مكتبة ضخمة تحوي كتب قديمة وأثرية ومخطوطات ولوائح حجرية لكل عصور التاريخ واللغات الَّتِي مرت بها مصر احتفظ بها الرهبان عبر العصور توارثوها من الأقباط النصارى الذين نهبوا مكتبة الإسكندرية القديمة الَّتِي تعرضت عدة مرات للحرق والإتلاف ..

ص: 85

ولدراسة كل ما يتعلق بتلك التجارة اقيمت عدة مكتبات كبيرة خاصة في عدد من أديرة النصارى هي بحد ذاتها كنوز معرفية اختصتها الكنيسة لرعاياها وحرموا مصر وشعبها من غير الأقباط النصارى من الانتفاع بها .. وفتحت اقسام بالكليات اللاهوتية والإكليريكية للتعمق في دراسة تاريخ تلك الحضارات ومواقعها على أرض مصر .. وتم رصد كل مواقع بقايا المدن القديمة بكل مساكنها ومعابدها بالصحراء الغربية والشرقية وبأرض سيناء وحتى مناطق الجبال الجنوبية بالعوينات وغيرها ..

ورسمت خرائط تفصيلية مدون عليها أهم الأماكن الَّتِي يتوقع بنسبة كبيرة وجود كنوز بها اعتمادا على أماكن وجود تلك الحضارات القديمة والَّتِي تعرضت مدنها الغنية العظيمة لنكبات وكوارث مدونة بالتاريخ .. وادت تلك الكوارث المختلفة في العصور القديمة من زلازل وانزلاقات أرضية وبراكين بمناطق في الصحراء الشرقية وغيرها إلى هروب الناجيين تاركين خلفهم كل أموالهم ومساكنهم .. والَّتِي اعتبرتها كنيسة شنودة حقا للأقباط الذين تمسكوا بقبطيتهم وكنيستهم ولم يتحولوا عنها لا ينازعهم فيه خارج عنها ..

وتم على أساس تلك الخرائط الَّتِي دونت بدراسة وعناية رحلات للبحث .. واستخدمت الأديرة كأماكن للإقامة ومخازن .. وعمل الرهبان على تقديم الخدمات اللازمة بكل أنواعها وحتى العلاجية لرواد تلك الرحلات الَّتِي نسقتها الكنائس وأحاطتها بالسرية .. وأصبحت تلك الأحجار القديمة المتناثرة من بقايا المعابد والتماثيل والأبنية تمثل موارد مالية كبيرة للكنيسة القبطية عجزت الدولة عن حصرها والاستفادة منها في أزماتها الاقتصادية ..

ولم يكتفي الأمر على تجارة الآثار واستخراج الكنوز الَّتِي لها علم خاص يتقنه متخصصين من الأقباط النصارى والرهبان في كيفية تحديد أماكنه والأعماق الَّتِي عليها اكتسبوها من الخبرة والممارسة ودراسة الكتب والخرائط والمخطوطات الَّتِي تذخر بها مكتبات الرهبان .. بل وأدَّى البحث في هذا المجال والصحراء الشاسعة إلى النقب عن الأحجار الكريمة الَّتِي تذخر بها الجبال .. فمنافذ خيرات الأرض دائما تؤدى إلى بعضها ..

وتم رسم خريطة لمصر حددت فيها مواقع الأديرة والأماكن القبطية بكل ربوع مصر وصحرائها وجبالها وواحاتها .. وأضيفت إليها العشرات من أماكن إقامة الرهبان الذي لم يكن الأمر يمثل صعوبة لديهم وهم المؤهلين والمدربين في سلك الرهبانية على الإقامة بتلك الأماكن النائية .. ولم يعد الأمر يقتصر على الأديرة والصوامع الموثقة والمدونة والمعترف بها من قبل الدوله ولكن أضيف إليها الكثير من الأماكن الأثرية الخاصة بالرومان والفراعنة والَّتِي بمجاهل الصحراء وتم إنشاء كنائس وصوامع وأديرة قبطية من أحجارها القديمة المتناثرة وترميمها وادعاء زورا وبهتانا أنها أماكن أثرية لكنائس قبطية أثرية

ص: 86

ليضيفوا إلى الكنيسة القبطية أماكن نفوذ جديدة بشتَّى البقاع على أرض مصر .. وفي حقيقتها هي مراكز بنوها حديثا على اطلال المعابد الوثنية القديمة لاستخراج ثروات مصر المتناثرة في الصحارى البعيدة من كنوز أو أثريات أو أحجار كريمة ..

وبذلك أضيفت إلى الكنيسة موارد جديدة من خلال متاجرة الأقباط النصارى بالأحجار الكريمة والَّتِي فتحت لهم مجالات لتجارة ثمينة ثرية امتهنها عشرات المئات من الأقباط النصارى وما تبعها من معادن نفيسة كالذهب .. حيث تم إعادة صهر وتشكيل كميات كبيرة من التماثيل والمقتنيات الذهبية القيمة والثقيلة الَّتِي تركها الفراعنة في أغوار وبطون الصحراء ومنها توابيت رصعت بالأحجار الكريم وبها تماثيل بمئات الكيلو جرامات من الذهب الخالص ماثلت الجثمان المجاور لها في الحجم والتجسيم ..

وزادت أعداد محلات الصاغة والمجوهرات بصورة مذهلة .. أضعاف مضاعفة ما كانت عليه قبل عهد شنودة حتَّى أصبح الأقباط النصارى من أكبر محتكرى تجارة الذهب والمجوهرات بالمنطقة العربية بعد أن كانت كنيستهم إلى أواخر الستينات تتسول من حكومة عبد الناصر بضعة آلاف من الجنيهات لدفع رواتب العاملين بها .. وحتى أرض سيناء لاحقًا لم تسلم من عبثهم بأماكن الحروب القديمة والشلالات والأودية القديمة الَّتِي جفت من مئات السنين .. قفزت كنيسة شنودة قفزات اقتصادية في غفلة الحكومة والمسلمين عن حقوقهم وثرواتهم وخيرات بلادهم .. وفي غفلة القانون أيضًا عن قيادات الكنيسة والأقباط النصارى وأفعالهم .. وتمضى الكنيسة في خططها لطموحات اقتصادية لا يحدها هذا المجال الذي أصبح متواضعا لا يتلائم وأطماعها

نعم إلى أواخر الستينات لم يكن أقباط مصر وكنيستهم يملكون دفع رواتب قساوستهم والعاملين بكنائسهم .. لم تكن ميزانية كنيستهم بما فيها المخصصات المالية الخاصة بها تسمح بتغطية نفقاتها .. كانت كنيسة فقيرة محدودة بإمكانياتها .. حتَّى المجلس الملي والمشرفين على النواحي المادية للكنيسة لم يكن يتوفر لديهم الكثير غير إعانات من بعض الأسر القبطية الغنية المعروفة والمحدودة من بقايا البشوات والملاك والَّتِي سارت عليهم قوانين الإصلاح الزراعي والتأميم شأنهم شأن كل المصريين والعائلات المسلمة الغنية الذين طبق عليهم قوانين الثورة الخاص بشروط الملكية .. حتَّى أن الكنيسة تسولت من الحكومة أواخر الستينات بالضغط على عبد الناصر مبلغ عشرة آلاف جنيه لدعم ميزانيتها ..

لهذا الحد كان الواقع الفعلي لميزانية الكنيسة الأقباط النصارى والمدون بدفاترهم وسجلاتهم .. وهي الَّتِي تعدت الآن أضعاف ميزانية مصر بكل مؤسستها .. بل وفاقت ميزانية أكثر من عشرة ولايات أمريكية مجتمعة .. إلى عام 1968 عهد

ص: 87

كيرلس السادس لم يكن آباء ساويرس وأبادير ومينا وكيروسيز وغيرهم ممن يحتكرون اقتصاد مصر يملكون تكاليف إنشاء كاتدرائية الأقباط النصارى بالقاهرة وهم الذين شاعت أسمائهم الآن في عالم الاقتصاد والمال والبورصات العالمية ..

لم يكن آباءهم واعمامهم وأجدادهم وكل عائلاتهم وعائلات جيرانهم وأقاربهم وأحبائهم وخلانهم يمتلكون حتَّى بضعة آلاف من الجنيهات للمساهمة ولو في ديكورات الكاتدرائية والَّتِي مولت تكاليف إنشائها حكومة عبد الناصر والذي استمر العمل بها سنوات إلى بداية السبعينيات عهد شنودة معلمهم وقدوتهم ..

وهم الآن الذين يقيمون مئات الكنائس العملاقة في بضع شهور والذي يبلغ تكاليف الواحدة منها عشرات الأضعاف ما أنفق على الكاتدرائية بل وفاقت في إمكانياتها وأثاثها ومفروشاتها وديكوراتها عشرات الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية الممولة من أعظم دول العالم الغربي ..

إلى الستينات كان إقامة دير بالساحل الشمالي على مساحة 50 فدان حدثا عظيما اثلج قلب الراهب متَّى المِسكين معلم شنودة والأب الروحي له وقد كان سعر الأرض بالملاليم ربما بضع عشرات من الجنيهات تدفع لواضعي اليد من العرب. . حيث لم تكن تلك الأماكن تجذب إليها أي استثمارات لبعدها عن العمران .. ولم يكن المصريين بطبيعتهم الاجتماعية يألفون تلك الأماكن البعيدة في ذلك الوقت ..

فقط في أقل من ثلاث عقود أضيف إلى الأديرة والكنائس الَّتِي يطلقون عليها أثرية زورا وبهتانا العشرات من الأديرة والأماكن القبطية الَّتِي بنوها على اطلال المعابد الوثنية الفرعونية والرومانية لزيادة مساحة نفوذ مسيحي مصر على أرضها وعلى حساب حقوق مسلمي مصر ..

اقتطعوا من أرض مصر مئات الألوف من الأفدنة الَّتِي تحيط بآثارها وأماكن ثرواتها وأماكنها الحيوية السياحية وأضافوها إلى أديرتهم وأقاموا عليها العشرات وربما المئات من الأديرة والأماكن الَّتِي أطلقوا عليها لفظ مناطق قبطية مسيحية أثرية والَّتِي كلفتهم في إقامتها وترميماتها وأسوارها أموالًا طائلة ..

بعض تلك العشرات الألوف من الأفدنة خصصت لهم من قبل الدولة وتحت الضغوط بأسعار زهيدة لا تذكر وعلى أقساط ولا تقارن بحقيقة سعرها وقيمتها والذي يقدر بأضعاف الرقم الذي دفع فيها .. والبعض الآخر من الأفدنة دفعت الكنيسة لواضعي اليد من الأعراب مبالغ ليست محل تجاهل ..

والكثير من المساحات الشاسعة ببطون الصحراء والجبال والواحات وأغوار ومجاهل مصر سيطرت عليها الكنيسة القبطية بوضع اليد وغياب السلطات والقانون وجعلتها كمراكز نفوذ أشبه بالمعسكرات يقطنها رهبان مؤهلين للإقامة بتلك

ص: 88

الأماكن النائية والَّتِي فاقت تدريباتهم وخبراتهم أقوى فرق الصاعقة بالجيش في فنون التكيف على الإقامة بتلك الأغوار البعيدة عن كل العمران ..

http://trutheye.com/mod.php?mod=vedio&modfile=item&itemid=470

http://www.youtube.com/watch\v\dlCsj7r0jcI

روابط ?يديو للبابا شنودة وهو يشرح خطة الاستيلاء على أراضي الدولة (سر المهنة - كما قال بالنصّ -): أحداث دير أبو فانا 2008.

[ملاحظة: رابط youtube يعرض مباشرة من دون الدخول على الموقع]

ويقال أن هؤلاء الرهبان المقيمون بتلك الأماكن الجديدة الَّتِي أنشئت عهد شنودة هم ليسوا برهبان حقيقيين دائمي الإقامة .. بل هم من تلامذة مدارس الآحاد والذين تربوا وترعرعوا على أفكار وتعاليم أسقفهم شنودة ممثل رهبان جماعة الأمة القبطية العنصرية والمتطرفة والمرتدة عن المسيحية .. وهؤلاء التلامذة نشئوا على نفس المفهوم أنهم جنود يسوع ولهم أدوارهم وواجباتهم تجاه تثبيت وبسط نفوذ كنيستهم على أرض مصر .. وهم يقسمون إلى مجموعات تتبادل الإقامة بكل المناطق الجديدة الخاضعة لنفوذ كنيسة الأقباط النصارى على فترات تتراوح من أسبوع وقد تصل إلى عدة شهور تبعا لظروف وإمكانية وقدرات كل فرد منهم .. ولا يخصص لكل منهم أماكن أو أديرة معينة ولكن تبعا للحاجة الَّتِي يتطلبها كل دير من عدد المقيمين به .. ويلبسون ملابس الرهبان داخل تلك الأماكن للتمويه ولإلباس الأمور على أي تواجد لدوريات جيش أو أعراب أو غيرهم .. وفي المناطق البعيدة جدا عن العيون والَّتِي يستحيل فيها أي تواجد بالقرب منها يبقون على حالهم بملابسهم وطبيعتهم ..

ووصل الحد برهبان كنيسة شنودة وقيادات الأديرة إلى التنازع على الأراضي المحيطة بالأديرة وضمها بالقوة إلى أديرتهم .. منازعات وصلت بالكهنة إلى المحاكم ورفع القضايا لإثبات حيازتها ومن ثم ملكيتها

منازعات قادها زعيم الرهبان والكنيسة شنودة وبطانته ومن المفترض أنهم رهبان ادعوا زهدهم في الحياه وملكوت الأرض ويبحثون عن قصور بملكوت السماء ..

ولكن يبدو أن رهبان كنيسة شنودة واسياده من رهبان وادي النطرون (جماعة الأمة القبطية) وكذلك الأب الروحي له متَّى المِسكين لهم مفهوم آخر للرهبانية والزهد يخالف أسلافهم .. رهبانية وصلت بهم لحد الطمع والجشع والظلم

ص: 89

والسلب والاحتيال وبسط النفوذ .. رهبانية وصلت برهبان كنيسة الأقباط النصارى مدعي الزهد إلى المنازعات الدنيوية لحد القضايا والمحاكم .. رهبانية ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان:

{ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ}

عودة أخرى إلى مصادر تمويل الكنيسة والَّتِي انتعشت باعتلاء شنودة لكرسي البابوية والذي يدينون له بكل تلك الخيرات الَّتِي عمت الكنيسة ..

والَّتِي كانت إحداها وأبسطها تجارة الآثار والأحجار الكريمة وكنوز الحضارات القديمة وتماثيلها الذهبية والَّتِي قدرت بمئات الكيلو جرامات والَّتِي توارثوها وحرموا منها مسلمي مصر .. واحتكروا ملكية مصر وثرواتها واعتبروا انفسهم ورثتها وملاكها الشرعيين .. رغم أن مسلمي مصر لا يقلون عنهم أحقية في بلادهم بل وامتازوا عنهم .. فأقباط مصر المسيحيين كانوا من المصريين الوثنيين الذين اعتنقوا المسيحية .. ومسلمي مصر كانوا من المصريين الذين اعتنقوا المسيحية ثم أسلموا لله الواحد القهار الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .. هم امتازوا عنهم باتباعهم المسيحية بعد الكفر ثم اتباعهم للإسلام بعد الشرك .. ولكن لكنيسة شنودة وقوانين رهبانها تعاليم أخرى يستحق عليها المسلمون العقاب والحرمان من انتماءاتهم ومصرياتهم وثروات بلادهم .. هم فقط أحق بمصر وأرضها وخيراتها لاكتفائهم بالمسيحية .. ونستعرض باقي مصادر تمويل الجماعة والَّتِي فاقت تجارة الآثار والذهب ....

لم تكن بداية شنودة الثالث على وفاق مع بدايه السادات رغم تزامنهما والذي لم يفصل بين حكمهما غير بضعة أشهر ببداية السبعينات .. كان شنودة وسحرته كهنة الأديرة والمتمرسين في تحليل الشخصيات والذين برعوا وفاقوا الغجر وضاربي الودع في قراءة العين والنقب عن أغوارها على يقين بذكاء السادات وتميز إمكانياته وخبراته وتجاربه عن عبد الناصر .. هم على يقين أن وراء تلك الشخصية الضعيفة والمستكينة في مظهرها شخصية أخرى قوية عنيدة ذكية واعية لخطوات مدروسة اثقلتها الحياه العسكرية صلابة وصلادة وصبرا لذا آثر شنودة وكنيسته الابتعاد والاستكانه وأن يتحاشى أي صدامات أو طلبات أو لقاءات مع السادات ..

ولم يكن السادات أقل منهم دهاءا ومكرا مع اختلاف الديانة والأهداف والتوجهات .. بفطرته الذكية وفطنته لم يكن ليتجاهل أحداث التجسس الَّتِي أدينت فيها عناصر من كهنة ورعايا الكنيسة القبطية عهد كيرلس السادس وتورطها في إمداد

ص: 90

العدو الصهيوني وعناصر اجنبية بمعلومات ساهمت لحد بعيد في نكسة 1967 في فترة حكم عبد الناصر .. لم تكن أحداث الكنيسة عهد يوساب الثاني وحادثة اختطافة والتنكيل برجاله وظهور اسم جماعة الأمة القبطية لتمر عليه مر الكرام .. وبقدر محدودية المعلومات المخابرتية الَّتِي اتيحت له بخصوص تلك الجماعة الَّتِي احيطت بسياج من السرية والتعتيم من قبل أعضاءها وأيضًا أعدائها على سواء ..

ولكن السادات بحكم خبرته والمحطات الَّتِي مر بها في حياته واثقلته تجارب وسرعة بديهة لفك كثير من الرموز والألغاز .. لم يكن ليطمئن لشنوده ويقرأ بوضوح نزعاته الَّتِي فضحتها اجراءات ترشيحه وانتخابه بطريركا للأقباط .. كان يمقت معلم شنودة وأبيه الروحي الراهب متَّى المِسكين ولا يشير له باسمه بل بالراهب الشيوعي .. لذا كانت الكنيسة برهبان الأديرة على حذر من تورطهم في جرائم جديدة لعدم قدرتهم على تحديد رد فعل السادات والذي كانوا يبغضونه ويرهبون توجهاته الَّتِي شابها تاريخه وانضمامه إلى الإخوان المسلمين سابقا .. ألد أعداء الكنيسة .. كان الغموض الذي يحيط بالسادات يزيد من رهبتهم والذي لم يألفوه من سابقيه من الملوك إلى عبد الناصر الذي كانت كل أوراقه مكشوفة .. لذا كانت تجارة الآثار تتطلب منهم كثير من الوسطاء للابتعاد بالكنيسة وأديرتها ورهبانها عن أي شبهات .. بدايات لازمها الحذر لأبعد الحدود حتَّى لو كانت على حساب انخفاض أرباحها ..

ومن المؤكد فإن كثرة الوسطاء يؤثر على قيمة المكاسب وعلى السعر من المنبع (الدير والكنيسة) .. ولم تكن الكنيسة على تلك الحالة الَّتِي هي عليها الان من الجرأة والتبجح والتجارة العلنية للآثار الَّتِي يديرها الأقباط النصارى بمحلاتهم خارج البلاد وبصالات المزادات العلنية الَّتِي ذخرت بأسماء كثيرة من تجار الآثار الأقباط النصارى ..

زاد يقين قيادات الكنيسة القبطية بمشاعر السادات تجاههم وعدم ثقته بهم عندما أخفى عن الأقباط النصارى العاملين بالجيش موعد الضربات الأولى لحرب 1973 بل واستبعد أغلبهم عن ساحة القتال في إجازات خلال ذلك الوقت تجنبا لتكرار ما حدث بالستينيات .. وكان نصر 1973 ..

ولكن الخطأ الكبير الذي استدرج به السادات هو ثقته بالمحيطين به من العلمانيين الأقباط النصارى العاملين بالسلك الديبلوماسي واعتماده هو الاخر عليهم في الوساطة مع الغرب ..

كان بطبيعته حريصا في كثير من الأمور ولكن برؤيته الَّتِي جانبها الصواب في هذا الشأن فصل بين العلمانيين والاشتراكيين وأصحاب التيارات الفكرية من الأقباط النصارى وبين رجال الكنيسة من السلك الكهنوتي والرهبان .. خانته فطنته في مجرد تصور أن الانتماءات واحدة لفكر عنصرى متطرف واحد وأن هؤلاء الأقباط النصارى امثال بطرس غالي

ص: 91

وأقباط الأحزاب السياسية والأدباء والفنانين ما هم إلَّا واجهة واعمدة هامة يوكل إليهم مهام صعبة لخدمة كنيسة جماعة الأمة القبطية ..

كما كانت جيهان السادات هي المدخل الرئيسي الَّتِي اعتمدت عليه كنيسة شنودة في أهم مراحلها لبناء اقتصاد قوي للكنيسة .. فقد عرف عنها ولعها بالحياه والثقافة الغربية الَّتِي توارثتها عن أمها الإنجليزية .. كما عرف عنها تعاليها الشديد على كل مظهر يشير للانتماء الإسلامي واعتبارها إياه من مظاهر التخلف والرجعية ..

وعن طريق زوجات الطبقة القبطية العلمانية من الأثرياء وأصحاب المناصب العليا المقربين من السلطة ومن جيهان السادات بذلت الكنيسة الجهد لإدخال الجمعيات الصهيونية والماسونية المشبوهة إلى أرض مصر من أوسع الأبواب عن طريق إعانات مالية قدمت إلى جيهان السادات لإنشاء جمعيات الأمل للمعاقين وغيرها من الجمعيات الَّتِي مولت بأموال الصهاينة بعد الحرب إرضاءا لغرور سيدة مصر الأولى وحبها للإعلام والتباهي والظهور وتعاليها عن ذكر أي تمويلات إسلامية قد تفوق تلك الأموال الأجنبية عشرات الأضعاف ولكنها هي المولعة بكل مظاهر العلمانية والسفور والمناهج الغربية في المجاملات بين الرجال والنساء والَّتِي شهدت بها الفقرات الراقصة على النمط الغربي في الحفلات الديبلوماسية الَّتِي جمعتها برؤساء الغرب وتبادل قبلات التحية مع الرؤساء الأجانب عند استقبالهم علنا وعلى المرئيات ..

وتدفقت أموال الجمعيات والمؤسسات الماسونية والصهيونية إلى مصر بمباركة ومساندة ووساطة كنيسة الأقباط النصارى الَّتِي حظت بالكثير من العمولات ووظائف الوساطة والَّتِي ساهم في ادخالها بعض الجاليات القبطية المقيمة خارج البلاد بالدول الغربية .. مما استرعى انتباه شنودة إلى أهمية توطيد لوبي قبطي لخدمة الكنيسة من المهاجرين الأقباط النصارى خارج مصر والذي دعمهم بأموال طائلة ممولة من كنيسة الأقباط النصارى بمصر لرعاياها خارج البلاد .. ورغم حجم الاستفادة المادية الَّتِي حققتها الكنيسة ولكن كانت جميعها تستنفذ لبناء صرح قوي للكنيسة يدعم نفوذها داخل وخارج البلاد .. وظلت معظم الأحوال الاقتصادية للأسر القبطية وخاصة من الطبقة المتوسطة تشهد انتعاشا محدودا جدا إلى أواخر الثمانيات حيث كانت هي الأخرى تقتطع من دخولها لدعم توجهات الكنيسة ..

واستمرت كنيسة شنودة تخطط لمراحل أكثر إضرارا بالمصلحة العليا للبلاد في سبيل إنعاش اقتصادها وبسط نفوذها والذي نلمسة بوضوح تلك السنوات ..

ربما كان من الصعب على الكثير تصور تلك الأحداث الَّتِي بدأت مع حكم شنودة الثالث إلى يومنا هذا ..

ص: 92

أحداث أبطالها جميعهم من الشمامسة والمطارنة ونخبة من تلامذة شنودة من الكهنة ومن العلمانيين (من غير الطبقة الكهنوتية) وتلامذة مدارس الآحاد جنود يسوع كما يسميهم .. نخبة نشأت على تعاليم وتوجيهات اسياده من رهبان الجماعة بأديرة وادي النطرون والواحات ..

من هؤلاء الأبطال سابقا والمشلوحين حاليا (المطرودين الذين تم تجريدهم من المناصب الكهنوتية في خلال السنوات الأخيرة) من لعبوا أدوارا هامة في ترسيخ كنيسة شنودة وبناء اقتصادها وتمردوا عليه وانشقوا عن أفكار وتعاليم الجماعة العنصرية .. من هؤلاء من أسند إليهم مهام غاية في السرية والأهمية مع بداية حكمه للكنيسة .. كانوا جميعهم من أشدّ المخلصين في ولائهم لشنودة والذي اعتمد عليهم في أمور لم يكن يصلح للقيام بها غيرهم .. فالأمور مع بداية حكم شنودة كانت وما زالت تجرى بنظام وتوزيع واعي للأدوار الَّتِي يقوم بها أصحابها .. كل في مكانه المناسب الذي يتلائم وإمكانياته وقدراته ومهاراته والخدمات الَّتِي يستطيع تقديمها للكنيسة من خلال مكانته الكهنوتية أو موقعه الوظيفي والاجتماعي من غير الكهنة ..

الكل جنود لكنيسة الرب كما يعتقدون .. ويجب عليهم إعطاء وبذل كل ما يستطيعون تمهيدا لإنشاء كنيسة قبطية عظيمة استعدادا لاستقبال يسوع الرب في الأيام الأخيرة كما يعتقدون ويأملون .. ومن الذين لعبوا أهم الأدوار الَّتِي خططت لها كنيسة شنودة وجماعة الأمة القبطية كان بطرس غالي وبعض الأقباط النصارى العلمانيين من الإعلاميين والمقربين من السلطة بمتابعة كهنة من الكنيسة بعضهم من المشلوحين حاليا (المطرودين من الكنيسة) باشروا معهم الخطوات الَّتِي رسمتها الكنيسة في سرية تامة.

فبينما فاجأ السادات رجاله ووزراءه وإعلامه وشعبه وبحضور ياسر عرفات ومجلس الشعب في خطبة بثتها الوكالات العالمية والمرئيات على الهواء عن استعداده للذهاب إلى إسرائيل من أجل السلام .. خطبة اذهلت وفاجأت أقرب المقربين له .. كان بطرس غالي المخطط لها والمتابع لكل الاجراءات وحوارات الوساطة بين السادات وقيادات الحكومة الإسرائيلية على علم مسبق بمضمون الخطاب التاريخي المؤسف .. لقاءات وحوارات ورحلات وساطة قام بها بطرس غالي عدة مرات في رحلات لخارج مصر وبعضها مباشرة إلى إسرائيل التقى فيها بالإسرائيليين بعد نصر أكتوبر مباشرة واستمرت إلى وقت إعلان السادات لهذا الخبر المشؤم .. وساطة تكتم أخبارها وأحداثها السادات وبطرس غالي وبعلم كهنة الكنيسة المتابعين لتلك الخطوة مع بطرس غالي دون علم السلطات والسادات .. والذين مهدوا لإجراءات كثيرة شارك فيها بعض الأقباط النصارى المقيمين بخارج البلاد .. الأمر لم يكن غريبا ولا مفاجئا لبعض الأقباط النصارى الذين تناقلوا الخبر قبل إعلانه في همسات داخل الكنيسة بقرب إعلان مصر وإسرائيل السلام ..

ص: 93

وربما يعجب البعض من قيام بطرس غالي بمساندة بعض أفراد عائلته بهذا الدور الذي أقنع السادات به وحرضه للتصالح مع إسرائيل في سبيل تحقيق امتيازات ومكانة زعامية عالمية يسجلها تاريخ مصر .. ومن يعرف من هو بطرس غالي لا يستعجب ولا يستبعد الأمر ..

بطرس غالي هذا من عائلة مارست العمالة الأجنبية لحساب التواجد الاستعمارى بمصر بكل جنسياته على مدى العصور .. عملت أسرة غالي لحساب الفرنسيين والبريطانيين والتواجد الإيطإلي وأيضًا اليهودى وساهمت في كثير من الخدمات الَّتِي ساعدت هذا التواجد الاستعمارى على البقاء بأرض مصر ..

بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق - الجد -؛ الذي كان وزير العدل المؤقت حين صدَّق على إعدام الفلاحين المسلمين البسطاء ذوي النخوة إبان حادثة دنشواي.

بل واخترقت القصور الملكية ومنهم هذا الذي غرر بالأميرة فتحية اخت فاروق وبأمها الملكة نازلي وهرب بهما خارج مصر إلى الولايات الأمريكية إحراجًا للنظام الملكي ولشعب مصر ..

تميزت تلك العائلة الحاقدة على الإسلام والمسلمين بخبرات طويلة صقلتها التجارب وإتقانهم للغات الَّتِي مكنتهم من التواصل واحتكار أدوار الوساطة بين نظم الحكم بمصر والسلطات الاستعمارية على مدى عقود طويلة قبل الثورة ..

مهنة قوامها العمالة والخيانة توارثتها أسرة غالي على مر العصور ونشأ أفرادها عليها منذ نعومة أظفارهم وتابع فيها الآباء بحرص شديد اتقان أولادهم للغات الَّتِي تعينهم على حرفة العمالة الأجنبية القذرة وخصصوا لهم أفضل المدرسين والمعلمين الأجانب للإلمام بكل جوانب تلك المهنة غير اللغات .. مهنة نافستها فيها بعض الأسر القبطية من زعماء الأحزاب

ص: 94

السياسية والمحاميين الأقباط النصارى ولكن أسرة غالي المتمرسة في مهارات الخداع والمكر والحيل الشيطانية تميزت وبرعت في هذا المجال ..

فمنهم من قام بإدارة أموال اليهود الصهاينة بمصر من شركات ومحالج ومحال تجارية كبيرة فور هجرة هؤلاء اليهود الملاعين في أواخر الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات إلى أرض فلسطين استعدادًا لإقامة دولتهم المغتصبة إسرائيل وبعد حرب 1948 .. تركوا إدارة أملاكهم للأقباط الموالين لهم والذين كانوا يرسلون لهم عائدات تلك الممتلكات إلى إسرائيل والَّتِي استخدمت في تمويل العمليات الإجرامية الَّتِي مكنت الصهاينة من أرض فلسطيننا الإسلامية .. والذين ما زالوا يحتفظون معهم ومع ذرياتهم بعلاقات صداقة عرفانا بالجميل .. علاقات قوامها الانتفاع وتبادل المصالح والارتقاء على أجساد ودماء المسلمين ..

نعم لم يكن أمر عمالة بطرس غالي في الوساطة بين السادات وإسرائيل بالأمر الجديد عليه فقد تشرب تلك المهنة وتجرع سمومها من ابائه وأعمامه وأجداده المواليين لجماعة الأمة القبطية العنصرية والذين سيطروا على زعامة المجلس الملي قبل يوساب الثاني ومارسوا كافة الضغوط على مطارنة الكنيسة للانضمام لفكر تلك الجماعة ..

وظل بطرس غالي مخلصا لتلك المهمة الَّتِي تابعت الكنيسة معه خطواتها دون علم السادات واستمر محرضا عليها حتَّى وصوله إلى كامب ديفيد والَّتِي كانت لقاءاته شاهدة عن كم الصداقة والولاء والمحبة وحرارة اللقاء والمصافحة الَّتِي جمعت بطرس غالي والصهاينة ..

(بطرس غالي)؛ الذي تمت مكافئته بالأمانة العامة للأمم المتحدة؛ بعد حرب الخليج الأولى وأثناء إحكام الحصار الشامل الذي دمَّر العراق قبل الغزو!! .. الرجل المناسب في المكان المناسب؛ ألم يكن مهندس السلام والتطبيع مع إسرائيل!!!

ص: 95

وبعض من رفقائه الأقباط النصارى من غير المشهوريين إعلاميا والذين مهدوا للتواصل مع إسرائيل لارتباطهم بعلاقات وطيدة مع بعض زعماء الصهاينة عهد إقامتهم بمصر قبل الثورة والذين أصبحوا من القادة البارزين في إسرائيل وعليهم قامت تلك الدولة الملعونة .. وصدق الله العظيم في قوله:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ..

وباستكمال معاهدة كامب ديفيد دخلت أموال الصهاينة وشركاتهم إلى أرض مصر تحت مسمى الانفتاح الاقتصادي .. الكثير منها مستتر تحت أسماء اجنبية أو شراكة اجنبية مصرية اختص الأقباط النصارى منها النصيب الأكبر والذين لعبوا أيضًا دور الوساطة وتقديم التسهيلات لدخول تلك الأموال والحصول على ضمانات لها .. وهطلت الأموال على الكنيسة القبطية والَّتِي إلى ذلك الحين لا تكفي وطموحات شنوده وكهنته واسياده رهبان الجماعة العنصرية المتطرفة (الأمة القبطية) ..

وتستمر خطط الكنيسة ومعها نرصد خطواتها ..

ساهمت معاهدة كامب ديفيد الَّتِي تبناها بطرس غالي بتحريض من الكنيسة في انتعاش اقتصادها وتدفق أموال الصهاينة الإسرائيلين والأجانب من باب الانفتاح الاقتصادي والذي كان بداية لسيطرة اليهود والنصارى على اقتصاد مصر واحتكار أسواقها برعاية كنيسة شنودة القبطية .. واستخدمت تلك الأموال في ترسيخ وتدعيم لوبي قبطي من المهاجرين خارج البلاد ..

كانت أحوال الأقباط النصارى المهاجرين إلى بلاد الغرب في الستينيات والسبعينات شأن أحوال كل المهاجرين الجدد .. صادفتهم الكثير من المتاعب بشأن اللغة والإقامة والدراسة والبحث عن عمل وغيرها من المشاكل الَّتِي تواجه المهاجرين من مختلف الجنسيات .. لذا كانت أحوالهم الاقتصادية متواضعة جدا ببلاد المهجر والدول الأوروبية .. ولم تكن لديهم من الإمكانيات الَّتِي تؤهلهم للارتقاء للوظائف الَّتِي يتمتع بها مواطني تلك الدول إلَّا بعد رحلة كفاح تتطلب منهم الجهد والسنوات والإنفاق الكثير للوصول للحد المناسب للحياه الكريمة المتوسطة ..

إلى منتصف الثمانيات وحتى أوائل التسعينيات لم تكن من أسماء الأقباط النصارى خارج أو داخل مصر مثل ما هي عليه الآن من الشهرة في عالم الاقتصاد والمال ..

لذا فإن فكرة إنشاء لوبي قبطي بالخارج عهد السادات كانت منتهى آمال كنيسة شنودة للوصول بكنيسته إلى أطماعها المرجوة ..

ص: 96

قام شنودة بتخصيص الجزء الأكبر من ميزانية الكنيسة وارباحها وأموالها الَّتِي حققتها بمصر لدعم الأقباط النصارى بالخارج ولم شملهم وبناء الكنائس ومراكز لخدمة الأقباط النصارى بالخارج ودعم مشاريعهم وترسيخ وجودهم ونفوذهم لاستخدامهم مستقبلا لخدمة الكنيسة ..

وبالفعل بدأ بثلاث مراكز أساسية للأقباط:

أحدهم بألمانيا وتحديدًا مدينة فرانكفورت واختصت بأحوال الأقباط النصارى بعدد من الدول الأوروبية حيث كانت فرانكفورت تتوسط مركز التقاء الخطوط وخصص لها بعض الكهنة والأقباط النصارى المساعدين لهم من المقيمين بألمانيا كلجنة كنائسية مهمتها الإشراف والتواصل مع الأقباط النصارى ببعض الدول الأوروبية وتقديم الإعانات والتسهيلات لهم لإنشاء مشاريع معظمها تمثلت في شركات للسياحة وبازارات ومحلات تجارية وكذلك دعم الراغبين بالدراسة من الأقباط النصارى ..

والمركز الثانى بتورنتو بكندا واختص بمهاجرين أمريكا الشمالية .. وعلى نفس النهج خصص له لجنة كنائسية من كهنة تلامذة شنودة وبعض العلمانين المخلصين لكنيسته من الأقباط النصارى المهاجرين بكندا المساعدين لهم والمتقنين للغة وقامت بتقديم الخدمات للأقباط والإشراف ومتابعة أحوالهم حتَّى هؤلاء من المقيمين بالمدن والولايات البعيدة بكندا والولايات المتحدة ..

والمركز الثالث بأستراليا والذي اقيم بها أول كنيسة عهد كيرلس السادس في 22 يناير 1969 واعتبرت من أهم المراكز القبطية الَّتِي قدمت الكثير من الخدمات وساعدت في ترسيخ نفوذ الأقباط النصارى بأستراليا .. وأصبحت تلك المؤسسات الكنائسية القبطية خارج مصر مراكز جذب للأقباط المهاجرين وربطهم بكنيستهم الام بمصر وتقديم الدعم والتمويلات اللازمة لهم لإنشاء المشاريع الَّتِي اقتطع جزءا من ارباحها لخدمة الكنيسة بالداخل والخارج ..

ولم تبخل كنيسة شنودة على دعم وتوسيع نفوذها بالخارج بإنشاء مراكز ومؤسسات كنائسية ومنها دير الأنبا أنطونيوس بكاليفورنيا وكنائس بإنجلترا ودول أوروبية أخرى مولت جميعها بأموال من داخل مصر وأشرف علي تنفيذها مساعدين من أقرب المقربين لشنودة والذي انقلب على عدد منهم بعد ذلك وأطاحهم ..

بل وجردهم من مكانتهم الكهنوتية ووصل الأمر به إلى حرمان البعض من الصلاة الجنائزية عند الموت ممن كانوا من أقرب المواليين والمخلصين له والذين ساهموا بجهد كبير ورحلات خارج البلاد وتحملوا الكثير من المخاطرة والإشراف على تهريب الملايين من الأموال والعملات الصعبة خارج مصر لترسيخ الكنيسة القبطية وتوسيع نفوذ رعاياها بدول أوروبا ودول المهجر بكندا وأمريكا وأستراليا ..

ص: 97