الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النبي صلى الله عليه وسلم بات بالمزدلفة هو وأصحابه الأقوياء الأصحاء إلى الفجر وقال لهم: «لتأخذوا عني مناسككم» (1)
وأذن صلى الله عليه وسلم للظعن والضعفة ومرافقيهم في الانصراف من المزدلفة بآخر الليل؛ ولو كان الحكم واحدًا للجميع، لما كان في الإذن للظعن والضعفة معنى، ولما قالت عائشة رضي الله عنها: "فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة (2)(3).
المسألة الرابعة: ابتداء وقت الوقوف بالمزدلفة لمن وجب عليه المبيت بها:
هذه المسألة فرع عن المسألة السابقة، والكلام فيها مبني على الخلاف في المسألة السابقة؛ فمن أجاز الدفع من مزدلفة قبل طلوع الفجر أجاز الوقوف فيها قبل ذلك، ومن لمن يجز الدفع منها قبل طلوع الفجر، لم يجز الوقوف قبله.
والذي سبق بيانه: أن الفقهاء متفقون على جواز تقديم دفع الظعن والضعفة ومرافقيهم من مزدلفة إلى منى بآخر الليل، فهؤلاء يجوز لهم الوقوف بالمزدلفة قبل طلوع الفجر (4).
(1) انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث.
(2)
انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث.
(3)
انظر: أضواء البيان (5/ 272) فتح الباري (3/ 616) المغني (5/ 284، 285) زاد المعاد (2/ 252) خالص الجمان (218، 219) مناسك الحج والعمرة، ابن عثيمين (82، 83) الحج أحكامه وصفته (99).
(4)
انظر: ما سبق من هذا البحث.
لما ثبت في الصحيحين من حديث سالم مولى ابن عمر قال: «كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام؛ بالمزدلفة بليل، فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يرجعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم مني لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم» (1).
وأما من ليس من الظعن والضعفة ولا مرافقًا لهم فإنه يبيت بالمزدلفة إلى طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر، صلى الفجر في أول وقتها؛ لفعله صلى الله عليه وسلم: فقد روي ابن مسعود رضي الله عنه قال: «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها» (2).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (406) كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل، فيقفون بالمزدلفة يدعون، ويقدم إذا غاب القمر، (1676) ومسلم في صحيحه (511) كتاب الحج باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس (1295).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه (407) كتاب الحج، باب متى يصلي الفجر بجمع (1682) ومسلم في صحيحه (509) كتاب الحج، باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة (1289).
وقوله: "قبل ميقاتها" المراد منه؛ قبل وقتها المعتاد، لا قبول طلوع الفجر؛ فإنه لا تجوز صلاة الفجر إلا بعد التحقق من طلوع الفجر الثاني بإجماع المسلمين. وهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم مبالغة في التغليس بصلاة الفجر يوم النحر؛ ليتفرغ الحاج لما بعدها من أعمال الحج (1).
ثم إذا صلى الفجر وقف عند المشعر الحرام (2) إن تيسر له ذلك، وإلا فالمزدلفة كلها موقف، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه وقف عند المشعر الحرام (3)، وقال:«وقفت ههنا، وجمع كلها موقف» (4).
(1) انظر: أضواء البيان (5/ 272) شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 413).
(2)
المشعر الحرام: اسم لقزح خاصة؛ وهو جبل بالمزدلفة، وهذا مذهب الفقهاء. ومذهب المفسرين وأهل السير: أنه جميع المزدلفة، وقد جاء في الأحاديث ما يدل لكلا المذهبين. وذكر بعض أهل العلم: أن مسجد مزدلفة مبني عليه الآن.
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/ 429)(شعر) شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 416، 417) المسالك في المناسك (1/ 540) البيان (4/ 325) مفيد الأنام (2/ 52) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/ 346).
(3)
انظر: تخريجه (3) من هذا البحث وانظر (66) من هذا البحث.
(4)
أخرجه مسلم في صحيحه (485) كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف (149)(1218).
وفي رواية: «وارتفعوا عن بطن محسر (1)» (2).
فيدعو ويذكر الله حتى يسفر الصبح جدًا؛ لقول الحق تبارك وتعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198] ثم يدفع إلى منى قبل طلوع الشمس (3).
والوقوف بالمزدلفة من جملة واجبات الحج عند الحنفية، من تركه من غير عذر وجب عليه دم (4)، لقوله صلى الله عليه وسلم لعروة بن مضرس، رضي الله تعالى عنه:«من صلى هذه الصلاة معنا، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه» (5).
والجمهور: على أن الوقوف بالمزدلفة سنة وليس
(1) محسر: واد بين يدي موقف المزدلفة مما يلي منى، وهو مسيل قدر رمية بحجر بين المزدلفة ومنى، انظر: المصباح المنير (74)(حسر) معجم البلدان (5/ 74) النهاية في غريب الحديث والأثر (4/ 275).
(2)
أخرجه ابن ماجة في سننه (436) كتاب المناسك باب الموقف بعرفات (3012) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (3/ 43)(2457).
(3)
انظر: المسالك في المناسك (1/ 530، 539 - 542) البيان (4/ 324، 325) منسك ابن جماعة (75) المغني (5/ 282، 283) منسك شيخ الإسلام ابن تيمية (76، 77) الشرح الممتع على زاد المستقنع (7/ 346 - 350).
(4)
انظر: المبسوط (4/ 63) المسالك في المناسك (1/ 542).
(5)
انظر: تخريجه والحكم عليه فيما سبق من هذا البحث.