الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السادسة: أول وقت طواف الإفاضة:
طواف الإفاضة ويسمى: طواف الزيارة، وطواف الفرض؛ ركن من أركان الحج التي لا يتم الحج إلا بها بإجماع أهل العلم (1).
قال الله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29].
فهو أمر للحجيج بالطواف بالبيت؛ قال مجاهد رحمه الله: «يعني: الطواف الواجب يوم النحر» (2).
ولهذا الطواف وقتان: وقت فضيلة، ووقت إجزاء (3).
فأما وقت الفضيلة: فضحى يوم النحر، بعد الرمي والحلق؛ لفعله صلى الله عليه وسلم في حجته؛ حيث روى مسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رمى جمرة العقبة ضحى، وذبح، وحلق:«ركب فأفاض إلى البيت، فصلى بمكة الظهر» (4).
ولا خلاف في هذا بين أهل العلم (5).
وأما وقت الجواز: فمحل خلاف بين أهل العلم
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 347) الإجماع (23) البيان (4/ 354) المجموع (8/ 196 - 198) المغني (5/ 311).
(2)
تفسير القرآن العظيم (5/ 418).
(3)
انظر: البيان (4/ 345) المغني (5/ 312، 313).
(4)
انظر تخريجه فيما سبق من هذا البحث.
(5)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 347) المسالك في المناسك (1/ 592) البيان (4/ 345) المغني (5/ 312).
والخلاف فيه مبني على الخلاف في مسألتي: الدفع من مزدلفة، ورمي جمرة العقبة (1)؛ وقد مضى الكلام في ذلك مفصلا في المسألتين السابقتين، مما يغني عن إعادة يطول بها البحث.
ولكن من باب الاختصار الذي يحصل به المقصود دون إطالة.
ذهب الشافعية والحنابلة: إلى أن أول وقت لطواف الإفاضة: هو بعد نصف الليل من ليلة النحر (2) استدلالا بالأدلة الدالة على أن الدفع من مزدلفة يجوز بعد نصف ليلة النحر؛ وأصرحها في هذا: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني عندها» (3).
وذهب الحنفية والمالكية: إلى أن أول وقت لطواف الإفاضة: هو طلوع الفجر من يوم النحر (4)؛ استدلالا بأن الدفع
(1) أقوالاً وأدلة؛ كما ذكر ذلك جمع من أهل العلم منهم: العمراني في البيان (4/ 345) وابن قدامة في المغني (5/ 313).
(2)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (3/ 347) البيان (4/ 345، 346) المغني (5/ 313).
(3)
انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث.
(4)
انظر: هذه الأدلة وبيان القول الراجح في المسألة فيما سبق من هذا البحث.
من مزدلفة إنما هو بعد طلوع الفجر؛ لما سبق من الأدلة (1).
والذي تقتضيه الأدلة الصحيحة: التي سبق بيانها في مسألتي الدفع من مزدلفة، ورمي جمرة العقبة: التفريق بين الضعفة والنساء، والأقوياء الأصحاء:
فالضعفة والنساء: يجوز لهم أن يطوفوا بالبيت بعد طلوع الفجر؛ لإذنه صلى الله عليه وسلم لضعفه أهله وللظعن بالدفع من مزدلفة آخر الليل (2).
وأما الأصحاء الأقوياء: فلم يدل الدليل على الإذن لهم بالدفع من مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر، ولم يؤذن لهم في رمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس؛ بل دل الدليل على أن الذي ينبغي لهم هو البقاء في المزدلفة حتى يصلوا الفجر بها، ثم يقفوا بها كما وقف المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم يدفعوا إلى منى قبل طلوع الشمس، ويرموا الجمرة ضحى يوم النحر، ثم يحلقوا، وينحر من معه الهدي هديه، ثم يفيضوا إلى مكة لطواف الإفاضة.
هذا هو الذي دل عليه الدليل الصحيح، وفعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال لأمته «خذوا عني مناسككم» (3).
(1) انظر: البحر الرائق (2/ 247، 330) رد المحتار (2/ 518) مواهب الجليل (2/ 829 أسهل المدارك (1/ 292).
(2)
انظر: ما سبق من هذا البحث.
(3)
انظر: تخريجه فيما سبق من هذا البحث، وانظر: أضواء البيان (5/ 279، 280) زاد المعاد (2/ 252).