الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النظافة؛ لقربه من الصلاة (1).
المسألة الثالثة: بداية وقت وجوب إخراج زكاة الفطر:
زكاة الفطر من رمضان فرض بإجماع أهل العلم؛ تجب على كل مسلم فضل عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة الفطر ويومه ما يؤدى في الفطرة، صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى، حرًا كان أو عبدًا، وتجب على اليتيم، ويخرج عنه وليه من ماله، في قول عامة أهل العلم (2).
قال ابن قدامة رحمه الله: لا نعلم أحدًا خالف في هذا إلا محمد بن الحسن، قال: ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة (3).
ودليل الجمهور: ما ثبت في الصحيحين (4) من حديث ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفكر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد
(1) انظر: المغني (3/ 258).
(2)
انظر: البحر الرائق (2/ 270) رد المحتار على الدر المختار (2/ 358، 359) عقد الجواهر الثمينة (1/ 336) البيان (3/ 350، 351) المجموع (6/ 61) المغني (4/ 283) الإنصاف (3/ 176).
(3)
المغني (4/ 281، 283) وانظر: الإجماع (13).
(4)
صحيح البخاري (366) كتاب الزكاة، باب فرض صدقة الفطر (1503) وصحيح مسلم (380) كتاب الزكاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير (984).
والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
وإذا تقرر هذا؛ فإن وقت وجوب إخراج زكاة الفطر من رمضان محل خلاف بين أهل العلم على قولين:
القول الأول: إن زكاة الفطر تجب بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ وإليه ذهب طائفة من فقهاء السلف، وهو إحدى الروايتين عن مالك، وأحد القولين عن الشافعي، ومذهب الحنابلة (1).
والقول الثاني: إن زكاة الفطر تجب بطلوع الفجر من يوم الفطر. وإليه ذهب بعض فقهاء السلف، وهو مذهب الحنفية، وإحدى الروايتين عن مالك، والقول القديم عن الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد اختارها بعض أصحابه (2).
استدل أصحاب القول الأول؛ على أن وقت وجوب زكاة الفطر هو غروب الشمس، من آخر يوم من رمضان بأدلة، منها.
(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة (1/ 336، 337) بداية المجتهد (2/ 136) البيان (3/ 365، 366) المجموع (6/ 84، 85) المغني (4/ 298، 299) الإنصاف (3/ 176).
(2)
انظر: البحر الرائق (2/ 274) رد المحتار على الدر المختار (2/ 367) عقد الجواهر الثمينة (1/ 336، 337) بداية المجتهد (2/ 136) البيان (3/ 365، 366) المجموع (6/ 84، 85) الإنصاف (3/ 176).
1 -
قول ابن عباس رضي الله عنهما: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر؛ طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات (1).
والوجه منه: أن الوجوب إنما يكون على من أدرك جزءًا من الصيام وبعد طلوع الفجر لا يكون مدركًا لذلك (2).
2 -
حديث ابن عمر السابق؛ وفيه «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان» (3).
والوجه منه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أضاف الصدقة إلى الفطر من رمضان، والفطر من رمضان إنما يكون إذا غابت الشمس من آخر يوم منه، فكانت مختصة وواجبة به؛ كزكاة المال (4).
واستدل أصحاب القول الثاني؛ على أن وقت وجوب
(1) أخرجه أبو داود في سننه (238، 239) كتاب الزكاة باب زكاة الفطر (1609) وابن ماجة في سننه (262) كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر (1827) والحاكم في كتاب الزكاة (1488) وصححه على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، المستدرك ومعه التلخيص (1/ 568) وأقره ابن حجر في بلوغ المرام (195، 196)(507).
وحسنه النووي في المجموع (6/ 85) والألباني في الإرواء (3/ 332)(843).
(2)
انظر: البيان (3/ 366).
(3)
انظر: تخريجه فيما سبق.
(4)
انظر: البيان (3/ 366) المغني (4/ 299).
زكاة الفطر هو طلوع الفجر من يوم الفطر بأدلة؛ منها:
1 -
ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر، وقال:«أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم» (1).
والوجه منه: أن المراد باليوم يوم الفطر، فدل هذا على أنه وقت الوجوب؛ لأن الإغناء لا يحصل بدفعها قبله (2).
ورد هذا الاستدلال: بأنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة (3).
2 -
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر .. وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة» (4).
والوجه منه: أنه صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل صلاة العيد، فدل هذا على أن وقت وجوبها بعد طلوع الفجر، وقبل صلاة العيد (5).
(1) أخرجه الدارقطني في سننه (3/ 89) كتاب زكاة الفطر (2133) والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 175) كتاب الزكاة.
وضعفه النووي في المجموع (6/ 85) وابن حجر في فتح الباري (3/ 439) والألباني في الإرواء (3/ 332)(844).
(2)
انظر: رد المحتار على الدر المختار (2/ 367) البيان (3/ 366).
(3)
انظر: المجموع (6/ 85) فتح الباري (3/ 439) المغني (4/ 298، 299).
(4)
انظر: تخريجه فيما سبق.
(5)
انظر: نيل الأوطار (4/ 213، 217).
ورد هذا: بأنه استدلال ضعيف؛ لأن الإضافة إلى الفطر لا تدل على وقت الوجوب، بل تقتضي إضافة هذه الزكاة إلى الفطر من رمضان، وأما وقت الوجوب فيطلب من أمر آخر (1).
3 -
ولأنها قربة وحق يتعلق بمال مخرج في يوم العيد، فوجب ألا يقدم وقتها يوم العيد؛ كالأضحية (2).
ورد هذا: بعدم التسليم بأنها تتعلق بيوم العيد، بل صرحت الأحاديث، كما في أدلة القول الأول، بأنها تتعلق بآخر يوم من رمضان، وما ذكروه من الأضحية لا يسلم لهم؛ فإن الأضحية لا تتعلق بطلوع الفجر (3).
والذي يظهر: والله تعالى أعلم، أن الراجح هو القول الأول، أن وقت وجوب زكاة الفطر من رمضان هو غروب الشمس من ليلة العيد؛ لقوة أدلة هذا القول، وصراحتها في الدلالة على المراد؛ وضعف أدلة القول الآخر.
هذا من حيث وقت الوجوب، وتعلقها في الذمة.
وأما وقت الجواز: فقد كان السلف رضي الله تعالى عنهم يخرجون زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ كما
(1) انظر: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (2/ 198) نيل الأوطار (4/ 213، 214).
(2)
انظر: بداية المجتهد (2/ 136) البيان (3/ 366) المغني (4/ 299).
(3)
انظر: المغني (4/ 299).