المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: إطلاق النفس على الله - مسائل العقيدة في كتاب التوحيد من صحيح البخاري

[يوسف الحوشان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌أهمية وأسباب اختيار الموضوع:

- ‌أهداف البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌خطة البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: حياة البخاري

- ‌المطلب الأول: اسمه ونسبه ومولده:

- ‌المطلب الثاني: نشأته وسيرته العلمية

- ‌المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه

- ‌المطلب الرابع: مؤلفاته

- ‌المطلب الخامس: شمائله

- ‌المطلب السادس: علمه وثناء الأئمة عليه:

- ‌المطلب السابع: محنة الإمام البخاري في [مسألة اللفظ]

- ‌المطلب الثامن: وفاته

- ‌المبحث الثاني: التعريف بالجامع الصحيح

- ‌المطلب الأول: اسمه وموضوعه

- ‌المطلب الثاني: سبب ومدة ومكان تأليفه

- ‌المطلب الثالث: منهجه في تصنيف صحيحه ومكانته

- ‌المطلب الرابع: قيمة كتاب التوحيد بين أبواب الجامع وعناية العلماء به

- ‌الباب الأول: مسائل العقيدة في كتاب التوحيد

- ‌الفصل الأول: التوحيد والرد على الجهمية

- ‌المطلب الأول: المؤلفات في التوحيد

- ‌المطلب الثاني: تعريف التوحيد

- ‌المطلب الثالث: تعريف الجهمية

- ‌الفصل الثاني: أول واجب على المكلفين

- ‌الفصل الثالث: الأسماء الحسنى

- ‌المبحث الأول: إثبات الأسماء الحسنى

- ‌المطلب الأول: إثباتها وأقسامها

- ‌المطلب الثاني: دلالة الأسماء الحسنى على الذات

- ‌المبحث الثاني: الاسم والمسمى

- ‌المبحث الثالث: عدّ الأسماء الحسنى وإحصاؤها

- ‌المبحث الرابع: الأسماء التي ذكرها البخاري

- ‌المبحث الخامس: اطلاق بعض النعوت على الله

- ‌المطلب الأول: إطلاق الذات على الله

- ‌المطلب الثاني: إطلاق النفس على الله

- ‌المطلب الثالث: إطلاق (الشيء) على الله

- ‌المطلب الرابع: إطلاق (الشخص) على الله

- ‌الفصل الرابع: من أحكام الأسماء الحسنى

- ‌المبحث الأول: السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها

- ‌المبحث الثاني: الحلف بأسماء الله

- ‌الباب الثاني الصفات الإلهية

- ‌تمهيد: تعريف الصفة وأقسام الناس فيها:

- ‌الفصل الأول: الصفات الذاتية

- ‌المبحث الأول: ما ورد في السمع والبصر

- ‌المبحث الثاني: ما ورد في العلم والقدرة

- ‌المطلب الأول: ما ورد في العلم

- ‌المطلب الثاني: ما ورد في القدرة

- ‌المبحث الثالث: ما ورد في المشيئة والإرادة

- ‌المبحث الرابع: الصفات (الخبرية)

- ‌المطلب الأول: ما ورد في الوجه

- ‌المطلب الثاني: ما ورد في العين

- ‌المطلب الثالث: ما ورد في اليدين والأصابع

- ‌الفصل الثاني: الصفات الفعلية

- ‌المبحث الأول: الصفات الاختيارية و [شبهة قيام الحوادث بذاته سبحانه وتعالى]

- ‌المبحث الثاني: ما ورد في الاستواء على العرش

- ‌المبحث الثالث: ما ورد في العلو

- ‌الفصل الثالث: ما ورد في الرؤية

- ‌الفصل الرابع: ما ورد في صفة الكلام

- ‌الفصل الخامس: ما ورد في أفعال العباد

- ‌ملحق في منهج البخاري رحمه الله في بيان مسائل العقيدة ورده على المخالفين

- ‌أولاً: تعظيمه للآثار

- ‌ثانياً: الاحتكام إلى اللغة العربية

- ‌ثالثاً: التمسك بالألفاظ الشرعية وبيان مراد المتكلم

- ‌رابعاً: الإيجاز في عرض الشبهة وجوابها

- ‌خامساً: الاحتجاج بموافقة العقل الصريح للنص الصحيح

- ‌الخاتمة

- ‌ويقترح الباحث في نهاية هذا البحث:

الفصل: ‌المطلب الثاني: إطلاق النفس على الله

‌المطلب الثاني: إطلاق النفس على الله

بوب له البخاري رحمه الله بقوله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} آل عمران 30، واستدل بآية {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} المائدة 116، والنفس في هذه النصوص يراد بها الله جل جلاله ولا يقصد ذات منفكة عن الصفات.

قال ابن خزيمة رحمه الله في أول كتاب التوحيد: فأول ما نبدأ به من صفات الله خالقنا جل وعلا في كتابنا هذا: ذكر نفسه، جل ربنا عن أن تكون نفسه كنفس خلقه، وعز أن يكون عدماً لا نفس له. قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:{وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة} الأنعام 54. فأعلمنا ربنا أن له نفساً كتب عليها الرحمة. (1)

والآيات والأحاديث في إطلاق النفس على الله تبارك وتعالى كثيرة فمن القرآن:

قوله تعالى: {واصطنعتك لنفسي} طه 41، وقوله {كتب ربكم على نفسه الرحمة} الأنعام 54، وقوله {ويحذركم الله نفسه} آل عمران 30، وقوله {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} المائدة 116.

ومن الأحاديث: الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) رواه البخاري. (2)

(1) كتاب التوحيد (1/ 11).

(2)

رواه البخاري ح (6970).

ص: 112

وحديث مسلم " قال عليه الصلاة والسلام لجويرية رضي الله عنها: قد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بهنّ لوزنتهنّ: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ومداد كلماته ورضى نفسه وزنة عرشه (1) ".

وفي حديث البخاري، قال عليه السلام: “ لما خلق الله الخلق كتب في كتابه وهو يكتب على نفسه وهو واضع عنده على العرش (إن رحمتي تغلب غضبي)(2) ”.

وقد أورد البخاري حديثاً في الباب هو: ” ما من أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من الله” فطريق هذا الحديث ليس فيه ذكر النفس، لكنه تقدم في كتاب التفسير من طريق آخر في تفسير سورة الأنعام وفيه: “ولا شيء أحب إليه المدح من الله ولذلك مدح نفسه”. (3)

وقال الحافظ رحمه الله: فذكر النفس ثابت في هذا الحديث وإن كان لم يقع في هذا الطريق، لكنه أشار إليه كعادته، فإنه رحمه الله كثيراً ما يترجم ببعض ما ورد في طرق الحديث الذي يورده.

قال ابن خزيمة رحمه الله فالله جل وعلا أثبت في آي كتابه أن له نفساً، وكذلك قد بين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن له نفساً، كما أثبت النفس في كتابه، وكفرت الجهمية بهذه الآي وهذه السنن وزعم بعض جهلتهم أن الله تعالى إنما أضاف النفس إليه على معنى إضافة الخلق

(1) مسلم ح (2627).

(2)

البخاري ح (3022).

(3)

البخاري ح (4358).

ص: 113

إليه وزعم أن نفسه غيره كما أن خلقه غيره، وهذا لا يتوهمه ذو لب وعلم فضلاً عن يتكلم به. (1)

وهذا واضح البطلان - أعني زعم الجهمية- الذين يزعمون أن الله لا يوصف بالضمير، وهو منفي عن الله كما نقل ذلك عنهم الإمام الدارمي رحمه الله حين رد على بشر المريسي، فقال: وادعى المعارض أن الله لا يوصف بالضمير والضمير منفي عن الله، وهي كلمة خبيثة قديمة من كلام جهم، عارض بها قوله تعالى:{تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} المائدة 76، يدفع بذلك أن يكون الله تعالى سبق له علم في نفسه من الخلق وأعمالهم قبل أن يخلقهم.

قال أبو سعيد: "وقول جهم هذا أصل كبير في تعطيل النفس والعلم السابق، ثم قال رحمه الله فإذا اجتمع قول الله وقول الرسولين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم فمن يكترث لقول جهم والمريسي وأصحابهما؟ فنفس الله هو الله والنفس مجمع الصفات كلها، فإذا نفيت النفس نفيت الصفات، وإذا نفيت الصفات كان لا شيء (2) ".

قال الراغب الأصفهاني (3) في مفرداته: "نفسه ذاته وهذا وإن كان قد حصل من حيث اللفظ مضاف ومضاف إليه يقتضي المغايرة وإثبات شيئين من حيث العبارة فلا

شيء من حيث المعنى سواه سبحانه عن الأثنوية من كل وجه (4) ".

(1) التوحيد 1/ 19.

(2)

عقائد السلف صـ 550 - 552.

(3)

الحسين بن محمد الأصفهاني، أديب من الحكماء، له عناية بغريب القرآن، (ت 502 هـ) الأعلام (2/ 255).

(4)

مفردات الأصفهاني صـ 511.

ص: 114

ونقل الحافظ رحمه الله عن ابن بطال في هذه الآيات والأحاديث إثبات النفس لله تعالى، وللنفس معانٍ والمراد بنفس الله تعالى ذاته وليس بأمر مزيد عليه، فوجب أن يكون هو (1) "

قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: " إن هذه المواضع المراد منها بلفظ النفس عند جمهور العلماء الله نفسه التي هي ذاته المتصفة بصفاته، وليس المراد بها ذاتاً منفكة عن الصفات ولا المراد بها صفة للذات، وطائفة من الناس يجعلونها من باب الصفات كما تظن طائفة أنها الذات المجردة عن الصفات وكلا القولين خطأ (2) ".

فبان أن البخاري رحمه الله يرى جواز إطلاق النفس على الله من باب الإخبار وليس من باب التسمية ومعلوم أن باب الإطلاق والإخبار أوسع من باب التسمية، فأوردها مصدراً لها بالآية الصريحة {ويحذركم الله نفسه} آل عمران 30.

(1) الفتح 13/ 384.

(2)

الفتاوى 9/ 292 - 293.

ص: 115