الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: شيوخه وتلاميذه
قَدّمنا كلامه رحمه الله في تعداد كثرة شيوخه، ويمكن تعدادهم ونسبتهم باعتبار الأقاليم والأمصار التي رحل إليها وجمع من علمائها.
فأول سماعه ببخارى من عبد الله بن محمد الجعفي ومحمد بن سلام وجماعة وعمرو بن عبدان بن عثمان وعلي بن شفيق وهكذا من بالكوفة وبغداد، ويمكن تقسيمهم كما ذكر الإمام النووي وابن حجر باعتبار طبقاتهم.
قال النووي: روينا عن أبي الفضل المقدسي (1) قال: الذين حدث عنهم البخاري في صحيحه خمس طبقات:
الأولى: من حدثه عن التابعين مثل محمد بن عبد الله الأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وأبو عاصم النبيل وعبيد الله بن موسى وأبي نعيم وغيرهم.
والثانية: من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين كآدم ابن أبي إياس وأبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر وسعيد بن أبي مريم وأمثالهم.
الثالثة: وهي الوسطى من مشايخه، وهم من لم يلق التابعين بل أخذ من كبار تبع الأتباع كسليمان بن حرب وقتيبة بن سعيد ونعيم بن حماد وعلي بن المديني ويحيى بن معين وأحمد بن
(1) أبي الفضل المقدسي: محمد بن طاهر بن علي رحَّالة مؤرخ من حفاظ الحديث، كثير التصنيف ت 507 هـ الأعلام (6/ 171).
حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة وأمثالهم (وقد شاركه مسلم في الأخذ عنهم).
الرابعة: رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلاً كمحمد بن يحيى الذهلي وأبي حاتم الرازي ومحمد بن عبد الرحيم الملقب بـ (صاعقة) وعبد بن حميد وقد أخرج من هؤلاء ما فاته عن مشايخه أو لم يجده عند غيرهم.
الخامسة: قوم في عداد طلبته سناً وإسناداً ووفاةً سمع منهم للفائدة، كعبد الأعلى وحسين المقدسي وابن أبي العاص الخوارزمي وغيرهم.
قال المقدسي: ونبهنا بهذه الطبقات المختصرة لئلا يظن من لا معرفة له إذا حدث البخاري عن مكي عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة ثم حدث في موضع آخر عن قتيبة عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه أن الإسناد الأول سقط منه شيء وعلى هذا سائر الأحاديث. (1)
قال الحافظ وعمل في الرواية عنهم مما روى عثمان بن أبي شيبة عن وكيع قال: لا يكون الرجل عالماً حتى يحدث عمن هو فوقه وعمن هو مثله. وروى المقدسي هذا عن البخاري نفسه رحمه الله. (2)
(1) شرح النووي صـ 9.
(2)
المصدر السابق صـ 10.
تلاميذه:
يصعب الإحاطة بتلاميذ البخاري وبمن أخذ عنه، فقد تصدر للتحديث وهو صغير فكثر الآخذون عنه.
فأهل البصرة أول ما قدم عليهم، كانوا يَعْدون في الطرقات خلفه في طلب الحديث حتى يغلبوه على نفسه ويجلسوه في بعض الطريق فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه وهو إذ ذاك شاب لم يخرج وجهه (1)، ومرة أخرى يقدم البصرة فينادي المنادي يا أهل العلم قد قدم محمد بن إسماعيل، فيقومون فيرون شاباً لم يكن في لحيته شيء من البياض يصلي خلف الأسطوانة في جامع البصرة، ويسألونه الإملاء، فيجلس لهم بالغداة وقد حضر الفقهاء والمحدثون والحفاظ والنظار حتى اجتمع قريب من كذا وكذا ألف. (2)
وفي بغداد يذكر مستمليه: صالح بن محمد البغدادي فيقول: كنت استملي له ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألف، ويذكر نحو هذا محمد بن يوسف بن عاصم، فيقول: رأيت لمحمد بن إسماعيل ثلاثة مستملين ببغداد وكان قد اجتمع في مجلسه زيادة على عشرين ألف رجل. (3)
قال محمد بن يوسف الفربري (4): سمع الصحيح من البخاري تسعون ألف رجل فما بقي أحد يروي عنه غيري. (5)
(1) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 2/ 15.
(2)
المصدر السابق.
(3)
تاريخ بغداد 2/ 40.
(4)
محمد بن يوسف الفربري: ابو عبدالله محمد بن يوسف بن مطر، سمع من البخاري الصحيح مرتين، شارك البخاري ومسلم في الرواية (ت 320 هـ) شرح النووي صـ 10.
(5)
المصدر السابق 2/ 9.
وسنقتصر على من روى عنه من الأعلام رحمهم الله جميعاً.
فمنهم: الإمام مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح (ت 261 هـ).
والإمام أبو عيسى الترمذي محمد بن عيسى بن سورة صاحب السنن (ت 279 هـ).
وأبو عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب (ت 303 هـ)، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان (ت 277 هـ).
والإمام أبو إسحاق إبراهيم الحربي (1) صاحب الإمام أحمد.
وصالح بن محمد (جزرة)(2)، وإمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة (ت 311 هـ).
والإمام يحيى بن محمد بن صاعد (3) وغيرهم من الأئمة.
(1) أبواسحاق إبراهيم بن اسحاق الحربي: شيخ الإسلام أبواسحاق، تفقَّه على الإمام أحمد وكان من أكبر أصحابه، (ت 285 هـ) الأعلام (1/ 32).
(2)
صالح بن محمد (جزرة) من أئمة أهل الحديث لم يكن في خراسان في عصره أحفظ منه، (ت 293 هـ) الأعلام (3/ 195).
(3)
يحيى بن محمد بن صاعد الهاشمي من اعيان حفاظ الحديث ببغداد كان عالماً بالرجال والعلل (ت 318) الأعلام (8/ 164).