المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم من علم بنجاسة وهو في الصلاة: - أحكام النساء - مستخلصا من كتب الألباني

[أبو مالك بن عبد الوهاب]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَة

- ‌نجاسة دم الحيض:

- ‌باب الحيض والنفاس والاستحاضة

- ‌حكم مكث الجنب في المسجد

- ‌متى تبلغ الجارية مبلغ النساء

- ‌النفاس

- ‌غسل المستحاضة لكل صلاة

- ‌نقض المرأة شعرها في الغسل

- ‌كِتَابُ اَلصَّلَاةِ

- ‌عورة المرأة

- ‌حكم الصلاة بدون خمار

- ‌حكم الثياب الشفافة في الصلاة

- ‌في كم تطيل ثيابها

- ‌من شروط الصلاةطهارة البدن والثوب والمكان

- ‌حكم من علم بنجاسة وهو في الصلاة:

- ‌أحوال تجوز الصلاة فيها:

- ‌ذهاب المرأة إلى المسجد وشروطه

- ‌دخول الحائض المسجد:

- ‌إمامة المرأة

- ‌أين تقف المرأة في الصف

- ‌كِتَابُ اَلْجَنَائِزِ

- ‌صفة كفن المرأة

- ‌زيارة القبور

- ‌كِتَابُ اَلصِّيَامِ

- ‌حكم الحامل والمرضع

- ‌اعتكاف المرأة

- ‌كِتَابُ اَلزَّكَاةُ

- ‌هل في الحلي زكاة

- ‌عدم عطية المرأة إلا بإذن زوجها

- ‌كِتَابُ اَلْحَجِّ

- ‌ما يجوز فعله للمحرمة وما لا يجوز

- ‌عمرة الحائض

- ‌التلبية

- ‌حكم تغطية الوجه

- ‌بحث قيم في هذه المسألة:

- ‌كِتَابُ اَللِّبَاسِ وَالزِينَة

- ‌الحرير مباح للنساء

- ‌أحكام الشعر

- ‌صفة لباس المرأة

- ‌مشروعية ستر الوجه:

- ‌كِتَابُ اَلنِّكَاحِ

- ‌تحريم مصافحة الأجنبية

- ‌جواز كلام النساء مع الرجال

- ‌تحريم نكاح المتعة

- ‌تحريم نكاح الرجل ابنته من الزنى

- ‌الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها

- ‌النظر إلى المخطوبة

- ‌لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها

- ‌الكفاءة في الزواج

- ‌صداق المرأة

- ‌هل لولي المرأة أن يشترط لنفسه شيئا من المال

- ‌الصداق إذا لم يدخل بها

- ‌آداب الجماع

- ‌كِتَابُ اَلطَّلَاقِ

- ‌حكم الطلاق

- ‌جواز تطليق الرجل لزوجته ولو كانت صوّامة قوّامة:

- ‌الطلاق بلفظ ثلاثًا

- ‌طلاق الحائض

- ‌حكم طلاق الهازل

- ‌أحكام الخلع

- ‌فرق اللعان إنما هي فسخ

- ‌أحكام العدة والإحداد

- ‌معتدة الوفاة تحدُّ بالسواد ثلاثًا فقط:

- ‌لا زينة للمحدة:

- ‌باب الحضانة

- ‌باب العتق

الفصل: ‌حكم من علم بنجاسة وهو في الصلاة:

ثم احتج النووي لما ذهب إليه الجمهور بالآية السابقة الذكر وبالأوامر الواردة في الأحاديث المتقدمة، ولا يخفى أن غاية ما تفيده هذه الأوامر هو الوجوب، والوجوب لا يستلزم الشرطية؛ لأن كون الشيء شرطا حكم شرعي وضعي لا يثبت إلا بتصريح الشارع بأنه شرط أو بتعليق الفعل به بأداة الشرط أو ينفي الفعل بدونه (1) نفيا متوجها إلى الصحة لا إلى الكمال أو بنفي الثمرة ولا يثبت بمجرد الأمر به كما قال الشوكاني رحمه الله. فالحق أن إزالة النجاسة ليست شرطا لصحة الصلاة وهو قول الشافعي في القديم وإنما هي واجبة لهذه الأوامر يأثم مخالفها فمن صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة كان تاركا لواجب وأما إن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت. ويدل لذلك حديث أبي سعيد الآتي:

‌حكم من علم بنجاسة وهو في الصلاة:

(3 - ومن علم وهو يصلي بأنه يحمل نجسا، فعليه أن يزيله ويستمر في صلاته ويبني على ما كان قد صلى قبل الإزالة وصلاته صحيحة. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ذات يوم فلما كان في بعض صلاته خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى الناس ذلك خلعوا نعالهم فلما قضى صلاته قال: (ما بالكم ألقيتم نعالكم؟) قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا - أو قال أذى وفي رواية: خبثا - فألقيتهما. فإذا

(1) ثم لاحظ بعض الإخوان أن حديث ابن سمرة يوجد فيه نفي الفعل أي ترك الصلاة إذا رأى شيئا وحينئذ يلزم إثبات شرطية طهارة الثوب. وهذا أمر ظاهر لأول وهلة فليتأمل ثم ليحرر.

ص: 77

جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى فيهما قذرا - أو قال: أذى وفي رواية: خبثا - فليمسحها وليصل فيهما).

هو من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم. . . إلخ.

أخرجه أبو داود والدارمي والحاكم والبيهقي وكذا الطحاوي في (شرح المعاني) والطيالسي وأحمد والسياق له والرواية الأخرى في الموضعين هي رواية له ورواية غيره أخرجوه كلهم عن حماد بن سلمة إلا أبا داود فعن حماد بن زيد كلاهما عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عنه. وقال الحاكم:

(صحيح على شرط مسلم) ووافقه الذهبي وابن الوزير في (الروض الباسم) وهو كما قالوا وصححه النووي أيضا في (المجموع)

وأخرجه ابن خزيمة أيضا وابن حبان وأما البيهقي فقد ضعفه أو حاول تضعيفه بقوله:

(حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة كل واحد منهم مختلف في عدالته).

كذا قال وثلاثتهم ثقات احتج بهم مسلم ووثقهم الحافظ في (التقريب)

وقد رد على البيهقي قوله هذا ابن التركماني في (الجوهر النقي) وأطال في ذلك وأحسن ثم إن حماد بن سلمة لم يتفرد به بل تابعه ابن زيد كما سبق على أن البيهقي نفسه روى له شاهدا من حديث أنس وقال:

(وإسناده لا بأس به).

ص: 78

أخرجه من طريق الحاكم - وهو في (المستدرك) - موسى ابن إسماعيل وإبراهيم بن الحجاج قالا: ثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخلع نعليه في الصلاة إلا مرة فخلع الناس فقال (مالكم؟) قالوا: خلعت فخلعنا فقال:

(إن جبريل عليه السلام أخبرني أن فيهما قذرا).

قال البيهقي:

(تفرد به عبد الله بن المثنى).

قلت: وهو من رجال البخاري وكذلك ثمامة فهو صحيح على شرطه (1)

وإن كان ابن المثنى قد تكلم فيه من قبل حفظه حتى قال في (التقريب):

(صدوق كثير الغلط).

قلت: فحديثه في الشواهد لا بأس به وقد أورده الهيثمي في (المجمع) وقال:

(رواه الطبراني في (الأوسط) ورجاله رجال الصحيح ورواه البزار باختصار).

وله شاهد آخر مرسل أخرجه أبو داود: ثنا موسى - يعني ابن إسماعيل-: ثنا أبان: ثنا قتادة: ثني بكر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا قال: فيهما خبث وفي الموضعين: (خبث).

(1) وكذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 79

وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين.

وله شواهد أخرى موصولة في أسانيدها ضعف، فليراجعها من شاء في (التلخيص)

وبالجملة فالحديث بهذه الشواهد صحيح حجة لا شبهة فيه، وقد صححه من عرفت من الأئمة

والحديث دليل واضح لما احتججنا له وفي الباب عن عائشة وسيأتي في خاتمة الكلام على المسألة الرابعة. وقد قال الخطابي في (المعالم:

(قلت: فيه من الفقه أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه).

وإلى هذا ذهب الشافعي في القديم كما قال البيهقي ،وعليه يدل عمل ابن عمر رضي الله عنه فقد روى البيهقي عن يزيد بن هارون: أنبأ محمد بن مطرف عن زيد بن مسلم قال: رأيت ابن عمر يصلي في ردائه وفيه دم فأتاه نافع فنزع عنه ردائه وألقى عليه رداءه ومضى في صلاته.

وعن عبد الرزاق: أنبأ معمر عن الزهري عن سالم أن ابن عمر بينما هو يصلي رأى في ثوبه دما فانصرف فأشار إليهم فجاؤوه بماء فغسله ثم أتم ما بقي على ما مضى من صلاته ولم يعد.

قلت: وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد قال في (باب اجتناب النجاسة) من الاختيارات العلمية):

(ومن صلى بالنجاسة ناسيا أو جاهلا فلا إعادة عليه وقاله طائفة من العلماء لأن من كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله مخطئا أو ناسيا فلا تبطل العبادة به).

ص: 80

وقال ابن القيم في (إغاثة اللهفان):

(ومن ذلك - يعني مما سهل فيه النبي صلى الله عليه وسلم وشدد فيها الموسوسون - ما أفتى به عبد الله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي وإبراهيم النخعي والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري والحكم والأوزاعي ومالك وإسحاق بن راهويه وأبو ثور والإمام أحمد في أصح الروايتين وغيرهم: أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة لم يكن عالما بها أو كان يعلمها لكنه نسيها أو لم ينسها لكنه عجز عن إزالتها أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه)

ونسب النووي القول بذلك إلى جمهور العلماء ثم قال في (المجموع):

(قال ابن المنذر: وبه أقول وهو مذهب ربيعة ومالك وهو قوي في الدليل وهو المختار).

وإذا صح ما ذهبنا إليه؛ فالحديث دليل على أن إزالة النجاسة ليس شرطا لصحة الصلاة لأنه عليه الصلاة والسلام بنى على ما كان صلى قبل الخلع.

فلو كانت شرطا لاستأنف الصلاة لأن الشرط يؤثر عدمه في عدم المشروط كما تقرر في الأصول قال الشوكاني:

(والحديث استدل به القائلون بأن إزالة النجاسة من شروط صحة الصلاة وهو كما عرفناك عليهم لا لهم؛ لأن استمراره على الصلاة التي صلاها قبل خلع النعل وعدم استئنافه لها يدل على عدم كون الطهارة شرطا وأجاب الجمهور عن هذا بأن المراد بالقذر هو الشيء المستقذر كالمخاط والبصاق ونحوهما ولا يلزم من القذر أن يكون نجسا وبأنه يمكن أن يكون

ص: 81

دما يسيرا معفوا عنه وإخبار جبريل له بذلك لئلا تتلوث ثيابه بشيء مستقذر ويرد هذا الجواب بما قاله في (البارع) في تفسيره قوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [المائدة / 6] أنه كنى بالغائط عن القذر. وقول الأزهري: النجس القذر الخارج من بدن الإنسان. فجعله المستقذر غير نجس أو نجس معفو عنه تحكم وإخبار جبريل في حالة الصلاة بالقذر الظاهر أنه لما فيها من النجاسة التي يجب تجنبها في الصلاة لا لمخافة التلوث لأنه لو كان لذلك لأخبره قبل الدخول في الصلاة لأن القعود حال لبسهما مظنة للتلوث بما فيها على أن هذا الجواب لا يمكن مثله في رواية الخبث المذكورة في الباب للاتفاق بين أئمة اللغة وغيرهم أن الأخبثين هما البول والغائط).

وقال ابن القيم رحمه الله في (إغاثة اللهفان) بعد أن ساق الحديث:

(وتأويل ذلك على ما يستقذر من مخاط أو نحوه من الطاهرات لا يصح لو جوه:

أحدها: أن ذلك لا يسمى خبثا.

الثاني: أن ذلك لا يؤمر بمسحه عند الصلاة فإنه لا يبطلها.

الثالث: أنه لا تخلع النعل في الصلاة فإنه عمل لغير حاجة فأقل أحواله الكراهة.

الرابع: أن الدارقطني روى في (سننه) في حديث الخلع من رواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما دم حلمة) والحلم كبار القراد).

ص: 82