الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ اَلنِّكَاحِ
تحريم مصافحة الأجنبية
226 -
" لأن يطعن في رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ".
…
[الصحيحة]
قال رحمه الله:
رواه الروياني في " مسنده "(227/ 2): أنبأنا نصر بن علي: أنبأنا، أبي، أنبأنا شداد ابن سعيد عن أبي العلاء قال: حدثنى معقل بن يسار مرفوعا.
قلت: وهذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شداد بن سعيد، فمن رجال مسلم وحده، وفيه كلام يسير لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن، ولذلك فإن مسلما إنما أخرج له في الشواهد وقال الذهبي في " الميزان ":" صالح الحديث "
وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطىء ".
وأبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير.
والحديث قال المنذري في " الترغيب "(3/ 66):
" رواه الطبراني، والبيهقي، ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح ".
وقد روي مرسلا من حديث عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لأن يقرع الرجل قرعا يخلص إلى عظم رأسه خير له من أن تضع امرأة يدها على رأسه لا تحل له، ولأن يبرص الرجل برصا حتى يخلص البرص إلى عظم ساعده خير له من أن تضع امرأة يدها على ساعده لا تحل له ".
أخرجه أبو نعيم في " الطب "(2/ 33 - 34) عن هشيم عن داود بن عمرو أنبأ عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي.
قلت: وهذا مع إرساله أو إعضاله، فإن هشيما كان مدلسا وقد عنعنه.
(المخيط) بكسر الميم وفتح الياء: هو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما.
وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة لا تحل له، ففيه دليل على تحريم مصافحة النساء لأن ذلك مما يشمله المس دون شك، وقد بلي بها كثير من المسلمين في هذا العصر وفيهم بعض أهل العلم، ولو أنهم استنكروا ذلك بقلوبهم، لهان الخطب بعض الشيء، ولكنهم يستحلون ذلك، بشتى الطرق والتأويلات، وقد بلغنا أن شخصية كبيرة جدا في الأزهر قد رآه بعضهم يصافح النساء، فإلى الله المشتكى من غربة الإسلام.
بل إن بعض الأحزاب الإسلامية، قد ذهبت إلى القول بجواز المصافحة المذكورة، وفرضت على كل حزبي تبنيه، واحتجت لذلك بما لا يصلح، معرضة عن الاعتبار بهذا الحديث، والأحاديث الأخرى الصريحة في عدم مشروعية المصافحة.
529 -
" إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة ".
[الصحيحة]
قال رحمه الله:
أخرجه مالك (2/ 982 / 2) وعند النسائي في " عشرة النساء " من " السنن الكبرى " له (2/ 93 / 2) وكذا ابن حبان (14) وأحمد (6/ 357) عن محمد ابن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة نبايعه على الإسلام، فقلن: يا رسول الله نبايعك على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيما استطعتن وأطقتن قالت: فقلن: الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
وأخرجه النسائي في " المجتبى "(2/ 184) والترمذي (1/ 302) وابن ماجه (2874) وأحمد والحميدي في مسنده (341) من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر به إلا أن الحميدي والترمذي اختصراه وزاد هذا بعد قوله: " هلم نبايعك ": " قال سفيان: تعني صافحنا " وهي عند أحمد بلفظ: " قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا؟ ".
وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
قلت: وإسناده صحيح. وتابعهما محمد بن إسحاق: حدثني محمد ابن المنكدر به.
وزاد في آخره: " قالت: ولم يصافح رسول الله صلى الله عليه وسلم منا امرأة "
أخرجه أحمد والحاكم (4/ 71) بسند حسن.
وله شاهد من حديث أسماء بنت يزيد مثله مختصرا. أخرجه الحميدي (368) وأحمد (6/ 454، 459) والدولابي في " الكنى "(2/ 128) وابن عبد البر في " التمهيد "(3/ 24 / 1) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان "(1/ 293) من طريق شهر بن حوشب عنها. وفيه عند أحمد: " فقالت له أسماء: ألا تحسر لنا عن يدك يا رسول الله؟ فقال لها إني لست أصافح النساء ". وشهر ضعيف من قبل حفظه وهذه الزيادة تشعر بأن النساء كن يأخذن بيده صلى الله عليه وسلم عند المبايعة من فوق ثوبه صلى الله عليه وسلم، وقد روي في ذلك بعض الروايات الأخرى ولكنهامراسيل كلها ذكرها الحافظ في " الفتح "(8/ 488)، فلا يحتج بشيء منها لاسيما وقد خالفت ما هو أصح منها كذا الحديث والآتي بعده وكحديث عائشة في مبايعته صلى الله عليه وسلم للنساء قالت:" ولا والله ما مست يده صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله: قد بايعتك على ذلك "
أخرجه البخاري. وأما قول أم عطية رضي الله عنها: " بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا أن لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأة يدها، فقالت: أسعدتني فلانة .... ".
الحديث أخرجه البخاري.
فليس صريحا في أن النساء كن يصافحنه صلى الله عليه وسلم ، فلا يرد بمثله النص الصريح من قوله صلى الله عليه وسلم هذا وفعله أيضا الذي روته أميمة بنت رقيقة وعائشة وابن عمر كما يأتي. قال الحافظ:" وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية، فعند ابن خزيمة وابن حبان والبزار والطبري وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة، قال: فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت، ثم قال: اللهم أشهد. وكذا الحديث الذي بعده حيث قالت فيه " قبضت منا امرأة يدها، فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن
ويمكن الجواب عن الأول بأن مد الأيدي من وراء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة. وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول، أو كانت المبايعة تقع بحائل، فقد روى أبو داود في " المراسيل " عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال: لا أصافح النساء .... ". ثم ذكر بقية الأحاديث بمعناه وكلها مراسيل لا تقوم الحجة بها. وما ذكره من الجواب عن حديثي أم عطية هو العمدة على أن حديثها من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن ليس بالقوي لأن إسماعيل هذا ليس بالمشهور وإنما يستشهد به كما بينته في " حجاب المرأة المسلمة " (ص 26 طبع المكتب الإسلامي).
وجملة القول: أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صافح امرأة قط حتى ولا في المبايعة فضلا عن المصافحة عند الملاقاة، فاحتجاج البعض لجوازها بحديث أم عطية الذي ذكرته مع أن المصافحة لم تذكر فيه وإعراضه عن الأحاديث الصريحة في تنزهه صلى الله عليه وسلم عن
المصافحة لأمر لا يصدر من مؤمن خلص، لاسيما وهناك الوعيد الشديد فيمن يمس امرأة لا تحل له كما تقدم في الحديث (229).
ويشهد لحديث أميمة بنت رقيقة الحديث الآتي. وبعد كتابة ما تقدم رأيت إسحاق بن منصور المروزي قال في " مسائل أحمد وإسحاق "(211/ 1): " قلت (يعني لأحمد): تكره مصافحة النساء قال: أكرهه. قال إسحاق: كما قال، عجوز كانت أو غير عجوز إنما بايعهن النبي صلى الله عليه وسلم على يده الثوب ".
ثم رأيت في " المستدرك "(2/ 486) من طريق إسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن ابن عجلان عن أبيه عن فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
" أن أبا حذيفة بن عتبة رضي الله عنه أتى بها وبهند بنت عتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه، فقالت: أخذ علينا، فشرط علينا، قالت: قلت له: يا ابن عم هل علمت في قومك من هذه العاهات أو الهنات شيئا؟ قال أبو حذيفة: إيها فبايعنه، فإن بهذا يبايع، وهكذا يشترط. فقالت: هند: لا أبايعك على السرقة إني أسرق من مال زوجي فكف النبي صلى الله عليه وسلم يده وكفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان، فتحلل لها منه، فقال أبو سفيان: أما الرطب فنعم وأما اليابس فلا ولا نعمة! قالت: فبايعناه ثم قالت فاطمة: ما كانت قبة أبغض إلي من قبتك ،ولا أحب أن يبيحها الله وما فيها، وو الله ما من قبة أحب إلي أن يعمرها الله يبارك وفيها من قبتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيضا والله لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ".