الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل آخر على أن إزالة النجاسة ليس شرطا لصحة الصلاة وهو الحق إن شاء الله تعالى كما سبق بيانه.
وبالجملة فحديث عائشة الذي نحن في صدد الكلام عليه ليس المراد منه نفي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في لحف النساء وثيابهن مطلقا بل المراد نفي دوامه عليه الصلاة والسلام على ذلك هذا ما يفيده مجموع الأحاديث الواردة في هذا الموضوع وطريقة الجمع بينها. والله أعلم
[الثمر المستطاب 1/ 324 - 346]
ذهاب المرأة إلى المسجد وشروطه
2 -
إتيانه من النساء بشرطين:
الأول: أن يخرجن غير متطيبات ولا متبرجات بزينة لقوله عليه الصلاة والسلام:
(إذا شهدت إحداكن المسجد (وفي لفظ: (العشاء) فلا تمس طيبا)
الحديث من رواية زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه مسلم والنسائي وأبو عوانة وأحمد واللفظ الثاني له من طريق محمد بن عجلان: ثني بكير بن عبد الله ابن الأشج عن بسر بن سعيد عنها.
وهذا سند حسن.
وقد تابعه محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام عن بكر به باللفظ الثاني
أخرجه أحمد والطيالسي وكذا النسائي وتابعه عنده الليث بن سعد باللفظ الأول.
وأخرجه مسلم من طريق مخرمة عن أبيه عن بسر بن سعيد به.
وفي الباب عن أبي هريرة وغيره كما يأتي:
(والثاني: أن يستأذن أزواجهن وعليهم الإذن لقوله صلى الله عليه وسلم:
(لا تمنعوا نساءكم المساجد [بالليل] إذا استأذنكم إليها [ولكن ليخرجن تفلات] [وبيوتهن خير لهن]).
الحديث من رواية ابن عمر رضي الله عنه عنهما.
وله عنه طرق:
1 -
الزهري عن سالم بن عبد الله عنه.
أخرجه البخاري ومسلم والدارمي وأحمد من طرق عنه. واللفظ لمسلم وأحمد والزيادة الأولى للبخاري وزاد مسلم:
فقال بلال بن عبدالله: والله لنمنعهن قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته سب مثله قط وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن؟
وهي عند أحمد أيضا دون قوله:
(سبًّا. . .) ألخ. (1)
(1) 1 - وزاد في رواية: قال: وكانت امرأة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصلي في المسجد فقال لها: إنك لتعلمين ما أحب فقالت: والله لا أنتهي حتى تنهاني. قال: فطعن عمر وإنها لفي المسجد. وأخرجه في مسند عمر (1/ 40) من طريق يحيى بن أبي إسحاق عن سالم بن عبد الله قال: كان عمر رجلا غيورا. فكان إذا خرج إلى
2 -
مجاهد عنه بنحوه وفيه الزيادة الأولى.
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
والطيالسي وأحمد من طرق عنه. وزادوا جميعا إلا البخاري:
(فقال ابن لعبد الله بن عمر: لا ندعهن يخرجن فيتخذنه دغلا. قال: فزبره ابن عمر قال: أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: لا ندعهن؟).
وفي رواية لمسلم وأحمد:
(فلطم في صدره).
وزاد أحمد في رواية أخرى:
(فما كلمه عبد الله حتى مات).
وإسنادها صحيح.
وعنده في رواية رابعة الزيادة الثانية من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد.
وليث ضعيف لكن هذه الزيادة صحيحة لورودها في أحاديث أخرى كما يأتي.
الصلاة اتبعته عاتكة ابنة زيد فكان يكره خروجها ويكره منعها وكان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكر الحديث. ورجاله ثقات رجال الستة غير أنه منقطع كما في (الفتح)(2/ 306) فإن سالما لم يسمع من عمر كما قال شيخه في (المجمع)(2/ 33).
3 -
نافع عنه بلفظ:
(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)
أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وأحمد من طرق عنه. وزاد البخاري في أوله:
(كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء في الجماعة في المسجد فقيل لها: لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.
4 -
عبد الله بن يزيد المقرئ: ثنا سعيد بن أبي أيوب: ثنا كعب بن علقمة عن بلال بن عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا بلفظ:
(لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد إذا استأذنوكم) فقال بلال: والله لنمنعهن فقال له عبد الله: أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أنت: لنمنعهن؟
5 -
حبيب بن أبي ثابت عنه وفيه الزيادة الأخيرة وهو بلفظ:
(لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن)
أخرجه أبو داود والحاكم وأحمد عن يزيد بن هارون: أنا العوام بن حوشب: أخبرني حبيب به وقال الحاكم:
(صحيح على شرطهما). ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة أيضا كما في (الفتح) ، وكذلك صححه النووي في (المجموع) والعراقي في (التقريب).
6 -
عمرو بن دينار عنه:
(لا تمنعوا النساء أن يأتين المساجد. فقال ابنه: والله لنمنعهن فقال ابن عمر: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا؟).
أخرجه الطيالسي: ثنا هشام الدستوائي عن عمرو.
وهذا إسناد صحيح على شرط الستة.
وللحديث شواهد:
منها عن أبي هريرة مرفوعا:
(لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات)
أخرجه أبو داود والدارمي وأحمد من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه.
وهذا سند حسن وسكت عليه المنذري في (مختصره) ورواه ابن خزيمة أيضا كما في (الفتح) وعزاه العراقي في (التقريب) لمسلم وهو وهم.
ومنها عن يزيد بن خالد الجهني مرفوعا مثله.
أخرجه أحمد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام عن بسر بن سعيد عنه. وفي (المجمع):
(رواه أحمد والبزار والطبراني في (الكبير) وإسناده حسن)
كذا قال ورجال أحمد رجال مسلم غير محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام قال في (الخلاصة):
(روى عن بكير بن الأشج وعنه إبراهيم بن سعد وثقه ابن حبان).
وفي (التقريب):
(إنه مقبول).
والحديث رواه ابن حبان أيضا كما في (الفتح).
ومنها عن عائشة مثله.
أخرجه أحمد: ثنا الحكم: ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال فقال أبي يذكره عن أمه عنها به. قالت عائشة:
(ولو رأى حالهن اليوم منعهن).
وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير عبد الرحمن بن أبي الرجال وهو صدوق ربما أخطأ كما في (التقريب).
وأم أبي الرجال اسمها عمرة بنت عبد الرحمن.
وقد رواه عنها يحيى بن سعيد مقتصرا على قول عائشة بلفظ:
(لو أدرك رسول الله ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعه نساء بني إسرائيل)
أخرجه مالك ومن طريقه البخاري وكذا أبو داود ورواه مسلم وأحمد من طرق عن يحيى به.
ولأبي هريرة حديث آخر في الباب بلفظ:
(أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة).
أخرجه مسلم وأبو داود (1) من طريق بسر بن سعيد عنه.
ثم رواه هو وابن ماجه من طريق عاصم بن عبيد الله عن عبيد مولى أبي رهم عن أبي هريرة قال:
لقيته امرأة وجد منها ريح الطيب ولذيلها إعصار فقال: يا أمة الجبار جئت من المسجد؟ قالت: نعم قال: وتطيبت: قالت: نعم قال: إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول:
(لا تقبل صلاة لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة).
وهذا سند ضعيف.
عاصم بن عبيد الله ضعيف.
وشيخه عبيد مولى أبي رهم - وهو ابن أبي عبيد - مقبول كما في (التقريب).
ومن هذا الوجه أخرجه الطيالسي وأحمد ثم أخرجه من طريق زائدة عن ليث عن عبد الكريم عن مولى أبي رهم به نحوه.
وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف.
وشيخه عبد الكريم هذا غير معروف كما في (التعجيل).
وقد جاء من طريق أخرى خير من هذه مختصرا:
(1) 1 - ورواه أيضا النسائي (2/ 283) وأحمد (2/ 304).
(إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة).
أخرجه النسائي من طريق إبراهيم بن سعد قال: سمعت صفوان بن سليم - ولم أسمع من صفوان غيره - يحدث عن رجل ثقة عن أبي هريرة مرفوعا به. وقال النسائي عقبه:
(مختصر).
ورجاله ثقات كلهم غير الرجل الذي لم يسم فإنه مجهول عندنا ولعله عبيد مولى أبي رهم المسمى في الطريق الأولى.
وفي الحديث دليل على جواز حضور النساء المساجد للصلاة بالشروط المذكورة ،ومع ذلك فصلاتهن في بيوتهن خير لهن كما قال عليه الصلاة والسلام في الزيادة الأخيرة وفي معناها أحاديث أخرى لعلها تأتي إن شاء الله تعالى في (صلاة الجماعة).
وفي (الفتح):
(قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث عام في النساء إلا أن الفقهاء خصوه بشروط: منها أن لا تتطيب وهو في بعض الروايات: (وليخرجن تفلات). قلت: هو بفتح المثناة وكسر الفاء أي: غير متطيبات ويقال: امرأة تفلة إذا كانت متغيرة الريح. قال: ويلحق بالطيب ما في معناه لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال. وفرق كثير من الفقهاء المالكية وغيرهم بين الشابة وغيرها وفيه نظر لأنها إذا عريت مما ذكر وكانت مستترة حصل الأمن عليها. ولا سيما إذا كان ذلك بالليل وقد ورد
في بعض طرق الحديث وغيره ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد)
قلت: فذكر الزيادة الأخيرة وما في معناها مما أشرنا إليه ثم قال:
(ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة ومن ثم قالت عائشة ما قالت وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقا. وفيه نظر إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم لأنها علقت على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته فقالت: لو رأى لمنع. فيقال عليه: لم ير ولم يمنع. فاستمر الحكم حتى إن عائشة لم تصرح بالمنع ،وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع ،وأيضا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما أوحى إلى نبيه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى ،وأيضا فالإحداث إنما وقع من بعض النساء لا من جميعهن. فإن تعين المنع فليكن لمن أحدثن والأولى أن ينظر إلى ما يخشى منه الفساد فيجتنب لإشارته صلى الله عليه وسلم إلى ذلك بمنع التطيب والزينة وكذلك التقييد بالليل كما سبق)
قلت: وهذا التقييد يدل على أن الإذن إنما يؤمر به الرجال الأزواج إذا كان طلب الخروج منهن إلى المسجد ليلا وأما إن كان نهارا فلا يؤمرون به فإن شاؤوا أذنوا وإن شاؤا منعوا. قال الحافظ في (شرح التقريب):
(قال ابن بطال: وفي هذه الرواية دليل على أن النهار بخلاف ذلك لنصه على الليل قال: وهذا الحديث يقضي على المطلق، ألا ترى إلى قول عائشة: ما يعرفهن أحد من الغلس).
(وشرط ثالث: وهو أن ينصرفن إلى بيوتهن فور سلامهن مع الإمام الذي يمكث في مكانه ومن وراءه من الرجال حتى يخرجن منه ف (إن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله [وكانوا يرون أن ذلك كيما ينفذ النساء قبل [أن يدركهن] الرجال] [فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم] فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال).
الحديث من رواية أم سلمة.
أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وأحمد من طرق عن ابن شهاب: أخبرتني هند بنت الحارث الفراسية أن أم سلمة أخبرتها به والسياق للبخاري والنسائي وأحمد. والزيادة الأولى لأبي داود والبيهقي وأحمد. وللبخاري نحوها وفيها زيادة:
(أن يدركهن).
والزيادة الأخيرة له أيضا.
قال الحافظ:
(وفي الحديث مراعاة الإمام أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحذور، وفيه اجتناب مواضع التهم وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلا عن البيوت ومقتضى التعليل المذكور أن المأمومين إذا كانوا رجالال فقط أن لا يستحب هذا المكث وعليه حمل ابن قادمة حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لم يقعد إلا مقدار