الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أين تقف المرأة في الصف
؟
917 -
" أخروهن من حيث أخرهن الله. يعني النساء ".
[السلسلة الضعيفة والموضوعة]
قال رحمه الله:
لا أصل له مرفوعا. وقد أشار إلى ذلك الحافظ الزيلعي في " نصب الراية "(2/ 36) بقوله: " حديث غريب مرفوعا. وهو في " مصنف عبد الرزاق "موقوف على ابن مسعود فقال: أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة (لها الخليل) تلبس القالبين فتقوم عليهما، تقول بهما لخليلها، فألقي عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول: أخروهن من حيث أخرهن الله. قيل: فما القالبان؟ قال: أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد، ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في (معجمه) ".
قلت: ورواه الطبراني في " المعجم الكبير "(3/ 36 / 2) من طريق زائدة أيضا عن الأعمش به، إلا أنه لم يذكر أبا معمر في سنده. ثم ذكر الزيلعي أن بعض الجهال (كذا) من فقهاء الحنفية كان يعزوه إلى " مسند رزين " و " دلائل النبوة " للبيهقي. قال:" وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا موقوفا ".
وأفحش من هذا الخطأ أن بعضهم عزاه للصحيحين كما نبه عليه الزركشي، ونقله السخاوي (41) وغيره عنه، ونقل الشيخ علي القاريء في " الموضوعات " عن ابن الهمام أنه قال في شرح الهداية ": لا يثبت رفعه، فضلا عن شهرته، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود كما في " كشف الخفاء " (1/ 67). قلت: والموقوف صحيح الإسناد، ولكن لا يحتج به لوقفه، والظاهر أن القصة من الإسرائيليات.
ومن العجائب أن الحنفية أقاموا على هذا الحديث مسألة فقهية خالفوا فيها جماهير العلماء، فقالوا: إن المرأة إذا وقفت بجانب الرجل أو تقدمت عليه في الصلاة أفسدت عليه صلاته، وأما المرأة فصلاتها صحيحة، مع أنها هي المعتدية! بل ذهب بعضهم إلى إبطال الصلاة ولو كانت على السدة فوقه محاذية له! وقد استدلوا على ذلك بالأمر في هذا الحديث بتأخيرهن، ولا يدل على ما ذهبوا إليه البتة، وذلك من وجوه:
أولا: أن الحديث موقوف فلا حجة فيه كما سبق.
ثانيا: أن الأمر وإن كان يفيد الوجوب فهو لا يقتضي فساد الصلاة، بل الإثم كما سيأتي عن الحافظ.
ثالثا: أنه لو اقتضى فساد الصلاة فإنما ذلك إذا خالف الرجل الأمر ولم يؤخر المرأة أو لم يتقدم عليها، أما إذا دخل في الصلاة ثم اعتدت المرأة ووقفت بجانبه، أو تقدمت عليه، فلا يدل على بطلان صلاته بوجه من الوجوه، بل لو قيل ببطلان صلاة المرأة في هذه الحالة لم يبعد، لو كان صح رفع الحديث، ومع ذلك فهم لا يقولون ببطلان صلاتها!
وهذا من غرائب أقوال الحنفية التي لا يشهد لصحتها أثر ولا نظر! نعم من السنة أن تتأخر المرأة في الصلاة عن الرجال كما روى البخاري وغيره عن أنس بن مالك قال: " صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، أنا ويتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا ".
قال الحافظ في " شرحه "(2/ 177): " وفيه أن المرأة لا تصف مع الرجل، وأصله ما يخشى من الافتتان بها، فإذا خالفت أجزأت صلاتها عند الجمهور.
وعن الحنفية: تفسد صلاة الرجل دون المرأة، وهو عجيب، وفي توجيهه تعسف، حيث قال قائلهم، دليله قول ابن مسعود هذا، والأمر للوجوب، وحيث ظرف مكان، ولا مكان يجب تأخرهن فيه إلا مكان الصلاة، فإذا حاذت الرجل فسدت صلاة الرجل، لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها! وحكاية هذا تغني عن تكلف جوابه. والله المستعان، فقد ثبت النهي عن الصلاة في الثوب المغصوب، وأمر لابسه أن ينزعه، فلو خالف فصلى فيه ولم ينزعه أثم وأجزأته صلاته، فلم لا يقال في الرجل الذي حاذته المرأة ذلك، وأوضح منه لوكان لباب المسجد صفة مملوكة فصلى فيها شخص بغير إذنه مع اقتداره على أن ينتقل عنها إلى أرض المسجد بخطوة واحدة صحت صلاته وأثم، وكذلك الرجل مع المرأة التي حاذته، ولاسيما إن جاءت بعد أن دخل في الصلاة فصلت بجنبه ".