الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أخرجه مسلم وفيه أن النساء كن يحضرن الجماعة في المسجد).
دخول الحائض المسجد:
(3 - دخول الحائض لا سيما لحاجة لحديث عائشة رضي الله عنه قالت: قال لي رسول الله:
(ناوليني الخمرة من المسجد) فقلت: إني حائض فقال:
(إن حيضتك ليست في يدك)[فناولتها إياه]).
الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه والدارمي والطيالسي وأحمد من طريق الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد عنها. والزيادة للطيالسي وليس عنده: (من المسجد).
وقد تابعه عبد الملك بن حميد بن أبي غنية عن ثابت بن عبيد به.
أخرجه أحمد.
وهذه متابعة قوية عبد الملك هذا ثقة احتج به الستة. وقد أخرجه مسلم عنه وعن حجاج معا عن ثابت.
وله طريق أخرى:
أخرجه ابن ماجه عن أبي الأحوص والطيالسي عن سلام كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الله البهي عنها به.
وهذا إسناد صحيح.
وخالفهما إسرائيل فقال: عن أبي إسحاق عن البهي عن عبد الله بن عمر عنها.
أخرجه أحمد.
وكذلك رواه شريك عن أبي إسحاق.
رواه أحمد أيضا.
وخالفهم جميعا زهير فقال: عن أبي إسحاق عن البهي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة. . . الحديث
أخرجه أحمد.
فجعله من مسند ابن عمر لا من روايته عن عائشة، وأغلب الظن أن هذا الاختلاف إنما هو من أبي إسحاق نفسه لا من الرواة عنهم فإنه كان قد اختلط في آخر عمره.
ويترجح عندي أن الصواب رواية من قال عنه عن البهي عنها. فقد تابعه إسماعيل السدي.
أخرجه الدارمي وأحمد والعباس بن ذريح عند أحمد كلاهما عن البهي عنها به.
وفي رواية السدي: أنه عليه الصلاة والسلام كان في المسجد حين قال ذلك. لكن السدي هذا - وهو الكبير إسماعيل بن عبد الرحمن - وإن كان ثقة ففيه كلام وفي (التقريب):
(صدوق يهم).
فمثله إذا تفرد بزيادة دون جميع الرواة لا تطمئن النفس لثبوتها. أقول هذا وإن كانت هذه الزيادة قد صحت عن صحابي آخر وهو أبو هريرة كما
يأتي إلا أنه يحتمل أن تكون هذه قصة أخرى بل هذا هو الأقرب إلى ظاهر الرواية ولفظها.
عن أبي هريرة قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال:
(يا عائشة ناوليني الثوب) فقالت: إني حائض فقال:
(إن حيضتك ليست في يدك). فناولته.
أخرجه مسلم والنسائي وأحمد عن يحيى بن سعيد عن يزيد ابن كيسان عن أبي حازم عنه.
ويدلك أن الواقعة متعددة أن المطلوب في هذه هو: (الثوب) وفي تلك: (الخمرة) - وهي حصير أو نسيج خوص ونحوه من النباتات كما سبق - والقول بأنها واقعة واحدة يحتاج إلى كثير من التكلف كما بينه السندي في حاشيته على مسلم:
أولا: أن المطلوب في الأصل هو الخمرة والثوب معا لكن بعض الرواة اقتصر على ذكر أحدهما أو نسي. وهذا فيه توهيم الراوي ونسبته إلى القصور بدون أي دليل ولا يخفى ما فيه.
ثانيا: أن قوله: (من المسجد) ليس من صلب الحديث ولا من كلامه عليه الصلاة والسلام وإنما هو من قول عائشة فهو متعلق بقولها: قال. أفاده النووي في (شرح مسلم) نقلا عن القاضي.
فأصل الحديث عندهم هكذا: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد: (ناوليني الخمرة) وهذا خلاف ظاهر الحديث ويبعد جدا أن
يكون أصل الحديث ما ذكروا ثم يتفق جميع الرواة على روايته بصورة لا يتبادر إلى الذهن إلا أن قوله: (من المسجد) هو من قوله عليه الصلاة والسلام وأنه متعلق بقوله: (من المسجد) هو من قوله عليه الصلاة والسلام وأنه متعلق (ناوليني) يؤيد ما ذكرنا أن أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي ترجموا للحديث بما يدل عليه ظاهره فقالوا:
(باب الحائض تتناول الشيء من المسجد). وقال الترمذي:
(حديث عائشة حسن صحيح وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك: بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئا من المسجد). وقال الخطاب في (المعالم):
(وفي الحديث من الفقه أن للحائض أن تتناول الشيء بيدها من المسجد.
وأن من حلف لا يدخل دارا أو مسجدا فإنه لا يحنث بإدخال يده أو بعض جسده فيه ما لم يدخله جميع بدنه).
وكلامه هذا يشير إلى أنه فهم من الحديث أن عائشة إنما أدخلت يدها فقط إلى المسجد، ولذلك استنبط منه ما ذكر من الحلف وهو فهم خفي وتقييد للحديث بما ليس فيه مما يدل عليه ،ولعل الخطابي ممن يرون أن ليس للحائض الدخول إلى المسجد لدليل قام عنده بذلك فقيد الحديث به. وهذا كان سائغا لو أن الدليل صح بذلك ولكنه لم يصح كما سيأتي فينبغي إبقاء الحديث على إطلاقه
وقد جاء ما يؤيد الإطلاق والعموم فقال الإمام: ثنا سفيان عن منبوذ عن أمه قالت:
كنت عند ميمونة فأتاها ابن عباس فقالت: يا بني ما لك شعثا رأسك؟ قال: أم عمار مرجلتي حائض. قالت: أي بني وأين الحيضة من اليد؟ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض ثم تقوم إحدنا بخمرتها فتضعها في المسجد. أي بنى وأين الحيضة من اليد؟
وأخرجه النسائي عن محمد بن منصور عن سفيان به مختصرا بلفظ:
(فتبسطها وهي حائض). قال الشوكاني:
(ومحمد بن منصور ثقة ومنبوذ وثقه ابن معين وقد أخرجه بنحو هذا اللفظ عنها عبد الرزاق وابن أبي شيبة والضياء في (المختارة).
وللحديث شواهد.
قلت: لكن أم منبوذ قال في (التقريب):
(مقبولة).
وكذلك قال في ابنها أنه:
(مقبول).
فالإسناد حسن في الشواهد.
ثم قال الشوكاني:
(فهو حجة لمن قال بجواز دخول الحائض المسجد للحاجة ومؤيد لتعليق الجار والمجرور في الحديث الأول بقوله: (ناوليني)؛ لأن دخولها المسجد لوضع الخمرة فيه لا فرق بينه وبين دخولها لإخراجها).
ومن شواهد الحديث التي أشار إليها الشوكاني فيما سبق:
عن ابن عمر:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة:
(ناوليني الخمرة من المسجد) قالت: إنها حائض قال:
(إنها ليست في كفك).
أخرجه أحمد من طريق ابن أبي ليلى عن نافع عنه.
ورجاله رجال الشيخين غير ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ
وقد خالفه عبيد الله بن عمر فرواه موقوفا على ابن عمر
(إنه كان يأمر جاريته أن تناوله الخمرة من المسجد فتقول: إني حائض. فيقول: إن حيضتك ليست في كفك. فتناوله).
هكذا أخرجه الدارمي: أخبرنا محمد بن عيينة عن علي بن مسهر عنه
وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عيينة وقد وثقه ابن حبان وروى عنه جماعة من الثقات. لكن الحديث وإن كان موقوفا فإنه من حيث المعنى مرفوع لأنه لا ينطبق إلا على النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
ومنها عن أبي بكرة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخادمه:
(ناوليني الخمرة من المسجد) فقالت: إني حائض فقال:
(ناوليني). قال في (المجمع):
(رواه الطبراني في (الكبير) ورجاله موثقون).
ومنها عن أم أيمن قالت:
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ناوليني الخمرة من المسجد). قلت: إني حائض قال:
(إن حيضتك ليست في يدك). قال الهيثمي:
(رواه الطبراني في (الكبير) وفيه أبو نعيم عن صالح بن رستم؛ فإن كان هو أبو نعيم الفضل بن دكين فرجاله ثقات كلهم وإن كان ضرار بن صرد فهو ضعيف).
وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود من طريق الأفلت بن خليفة قال: ثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة رضي الله عنه تقول:
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: (وجهوا هذه البيوت عن المسجد) ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن ينزل فيهم رخصة فخرج إليهم بعد فقال:
(وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب)(1)
…
.
فهو حديث مختلف فيه ولا يصح لاضطرابه ولتفرد جسرة بنت دجاجة به وهي ليست بالمشهورة فرواه أفلت عنها هكذا.
(1) 1 - وأخرجه البيهقي (2/ 442 - 443) وزاد: إلا لمحمد وآل محمد. وأشار إلى ضعف الحديث.
ورواه محدوج الذهلي عنها قالت: أخبرتني أم سلمة به مختصرا بلفظ:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته:
(إن المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض).
أخرجه ابن ماجه وابن أبي حاتم في (العلل) كلاهما من طريق أبي نعيم: ثنا ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج به. وزاد في (العلل): (إلا للنبي ولأزواجه وعلي وفاطمة بنت محمد). قال في (الزوائد):
(إسناد ضعيف: محدوج لم يوثق وأبو الخطاب مجهول).
وكذلك قال ابن حزم في أبي الخطاب وقال في (محدوج) أنه:
(ساقط يروي المعضلات عن جسرة). ثم قال ابن أبي حاتم:
(قال أبو زرعة: يقولون: عن جسرة عن أم سلمة. والصحيح عن عائشة).
وفيه إشارة إلى أن محدوجا لم ينفرد به وهو كذلك فقد قال ابن حزم:
(رويناه عن عبد الوهاب عن عطاء الخفاف عن ابن أبي غنية عن إسماعيل عن جسرة بنت دجاجة عن أم سلمة به وفيه الزيادة). ثم رده ابن حزم بقوله:
(عطاء الخفاف هو عطاء بن مسلم: منكر الحديث وإسماعيل مجهول)
قلت: كذا في (المحلى):
(عبد الوهاب عن عطاء الخفاف). وعلى هامشه:
(في اليمنية: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف وهو خطأ).
قلت: وما في النسخة اليمنية هو الموافق لما نقله ابن القيم في (تهذيب السنن) عن ابن حزم ولتعقبه عليه من حيث قال:
(ثم رواه (يعني ابن حزم) من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف. قال ابن حزم: عبد الوهاب بن عطاء منكر الحديث وإسماعيل مجهول. وليس الأمر كما قال أبو محمد (يعني ابن حزم) فقد قال ابن معين: إنه ثقة وقال صالح بن محمد: أنكروا على الخفاف حديثا رواه لثور بن يزيد عن مكحول عن كريب عن ابن عباس في فضل العباس وما أنكروا عليه غيره. . وأما إسماعيل؛ فإن كان إسماعيل بن رجايء بن رشد الزبيدي فإنه ذكر في ترجمة ابن أبي عتبة (كذا ولعل الأصل: غنية كما في (المحلى) وإن كان وقع في نقل ابن القيم أيضا عنه عتبة كما هنا والله أعلم) أنه روى عن إسماعيل هذا ولم يذكر في شيوخه إسماعيل غيره فهو ثقة روى له مسلم في (الصحيح). وبعد فهذا الاستثناء (يعني الزيادة المتقدمة) باطل موضوع من زيادة بعض غلاة الشيعة ولم يخرجه ابن ماجه في الحديث).
والخلاصة: أن ابن حزم إنما ألان القول في (عطاء بن مسلم الخفاف) كما صريح كلامه المذكور آنفا وابن القيم ظن أنه إنما عنى به ولده عبد الوهاب بن عطاء فشرع في الرد على ابن حزم ونقل أقوال الأئمة في الثناء عليه وهو بلا شك أحسن حالا من أبيه عطاء كما يتبين ذلك بمراجعة أقوال الأئمة فيهما. وفي (التقريب):
(عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ) وقال في ترجمة والده عطاء:
(صدوق يخطيء كثيرا).
لكن لم يتبين لي هل راوي الحديث عن ابن أبي غنية هو الوالد أو الولد نظرا لاختلاف النسخ كما سبق. وإن كان المعلق على (المحلى) وهو القاضي أحمد محمد شاكر جزم بالأول وخطأ النسخة المخالفة ولعل حجته في ذلك كلام ابن حزم على عطاء دون عبد الوهاب وعليه يرد هذا السؤال: من يكون عبد الوهاب هذا؟ فإن قيل: إنه ابن عطاء المذكور قلنا بأنا لم نجد من ذكره في الرواة عن أبيه وإن كان غيره فلم أعرفه. والله أعلم
وعلى كل حال فمدار هذا الحديث على جسرة كما في الذين قبله وهي ليست مشهورة بالثقة والعدالة بحيث تطمئن النفس بالاحتجاج بخبرها استقلالا ولم يوثقها أحد من المتقدمين ممن توثيقهم حجة بل قد غمزها البخاري كما يأتي ولذلك ضعف حديثها جماعة من المحدثين أشار إليهم الخطابي في (المعالم) وقال أبو محمد عبد الحق:
(لا يثبت من قبل إسناده).
وتعقبه ابن القطان بما لا يكفي ولا يشفي حيث قال: كما في (نصب الراية):
(وجسرة بنت دجاجة تابعية وقول البخاري في (تاريخه الكبير):
(عندها عجائب) لا يكفي في إسقاط ما روت روى عنها أفلت وقدامة ابن عبد بن عبده العامري).
قلت: فكان ماذا؟ وقدامة هذا ليس بالمشهور أيضا وفي (التقريب):
(قيل هو فليت العامري مقبول).
وذكر في (التهذيب) في الرواة عنه: محدوجا ،وهو مجهول كما سبق وعمر بن عمير بن محدوج ولم أجد له ترجمة.
وبالجملة: فكل من روى عن جسرة غير معروف بالعدالة - حاشا أفلت- فيكف تجعل روايته عنها توثيقا لها. نعم قد صرح بتوثيقها العجلي وابن حبان حيث ذكرها في (الثقات) وتساهله في التوثيق وكذا العجلي معروف لدى من يتبع كلامهما في الرواة المختلف فيهم.
ولذلك ترى الحافظ لم يعتمد على توثيقهما بالرغم من نقله ذلك عنهما في (التهذيب) فقال في (التقريب):
(إنها مقبولة).
يعني أن حديثها ضعيف إذا تفردت كما ذكر في المقدمة وهو قوله:
(السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله وإليه الإشارة بلفظ: (مقبول) حيث يتابع وإلا فلين الحديث).
ومما سبق بيانه تعلم أن قول الشوكاني أن الحديث صحيح تبعا لابن خزيمة غير صحيح وقوله:
(قال ابن سيد الناس: ولعمري إن التحسين لأقل مراتبه لثقة رواته ووجود الشواهد له من خارج).
ففيه نظر أيضا؛ لأن هذه الشواهد كَلا شواهد؛ لأن مدارها على جسرة كما سبق. فلم يرد الحديث من غير طريقها من وجه مقبول وإلا لذهبنا إليه
نعم رواه ابن حزم من طريق محمد بن الحسن بن زبالة عن سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن أذن لأحد أن يجلس في المسجد ولا يمر فيه وهو جنب إلا علي بن أبي طالب.
ثم قال:
(ومحمد بن الحسن مذكور بالكذب وكثير بن زيد مثله)
كذا قال وكثير بن زيد هو الأسلمي السهمي ولم ينحط إلى هذه المنزلة ولم يتهم بالكذب، وإنما هو مختلف فيه وثقه بعضهم وضعفه آخرون وفي (التقريب):
(صدوق يخطئ).
وقال في ابن زبالة:
(كذبوه).
فهو علة الحديث.
والمطلب بن عبد الله هو المخزومي وهو كثير التدليس والإرسال كما قال الحافظ فالحديث مرسل أيضا.
وأخرجه الترمذي والبزار أيضا كما في (تخريج الكشاف) من طريق سالم بن أبي حفصة عن عطية عن أبي سعيد مرفوعا:
(يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك). وقال:
(حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وسمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث فاستغربه).
قلت: وهذا سند ضعيف لأن عطية هو العوفي ضعيف.
وسالم بن أبي حفصة صدوق في الحديث إلا أنه شيعي غال كما في (التقريب) وقال البزار:
(كان شيعيا لكنه لم يترك ولم يتابع على هذا)(1).
ثم رواه البزار من رواية الحسن بن زياد عن خارجة بن سعد عن أبيه سعد مثله سواء وقال:
(لا نعلمه عن سعد إلا بهذا الإسناد).
قلت: والحسن بن زياد هو اللؤلؤي تلميذ أبي حنيفة وقد كذبه جماعة الأئمة كابن معين وغيره
فتبين مما تقدم أنه لا يثبت أي حديث في تحريم دخول الحائض وكذا الجنب إلى المسجد والأصل الجواز فلا ينقل عنه إلا بناقل صحيح تقوم به الحجة. لا سيما وقد صح ما يؤيد هذا الأصل وهو قوله عليه الصلاة والسلام المذكور في الاصل: (ناوليني الخمرة من المسجد) وغيره مما يأتي:
قال ابن حزم:
(1) 1 - ثم رأيت ابن كثير قال في (التفسير)(1/ 501): (إنه حديث ضعيف لا يثبت سالم هذا متروك وشيخه عطية ضعيف).
(وجائز للحائض والنفساء أن يتزوجا وأن يدخلا المسجد وكذلك الجنب؛ لأنه لم يأتي نهي عن شيء من ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن لا ينجس) وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جماعة كثيرة ولا شك في أن فيهم من يحتلم فما نهوا قط عن ذلك.
وقال قوم: لا يدخل المسجد الجنب والحائض إلا مجتازين. هذا قول الشافعي وذكروا قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء / 43] فادعوا أن زيد بن أسلم أو غيره قال: معناه: لا تقربوا مواضع الصلاة.
قال ابن حزم: ولا حجة في قول زيد ولو صح أنه قاله لكان خطأ منه لأنه لا يجوز أن يظن أن الله تعالى أراد أن يقول: لا تقربوا مواضع الصلاة. فيلبس علينا قوله فيقول: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ} وروي أن الآية في الصلاة نفسها عن علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة.
وقال مالك: لا يمر فيه أصلا.
وقال أبو حنيفة وسفيان: لا يمرا فيه فإن اضطرا إلى ذلك تيمما ثم مرا فيه واحتج من منع ذلك بحديث. . .)
قلت: فساق حديث عائشة وأم سلمة والمطلب بن عبد الله المتقدم آنفا وقال:
(وهذا كله باطل).
ثم بين عللها بنحو ما سبق ثم ما روى من طريق البخاري بسنده عن عائشة أم المؤمنين:
أن وليدة سوداء كانت لحي من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش. قال ابن حزم:
(فهذه امرأة ساكنة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمعهود من النساء الحيض فما منعها عليه الصلاة والسلام من ذلك ولا نهى عنه وكل ما لم ينه عليه الصلاة والسلام عنه فمباح). قال:
(ولو كان دخول المسجد لا يجوز للحائض لأخبر بذلك عليه الصلاة والسلام عائشة إذ حاضت فلم ينهها إلا عن الطواف بالبيت فقط ومن الباطل المتيقن أن يكون لا يحل لها دخول المسجد فلا ينهاها عليه الصلاة والسلام عن ذلك ويقتصر على منعها من الطواف. وهذا قول المزني وداود وغيرهما)
وفي (تفسير القرطبي):
(ورخصت طائفة في دخول الجنب المسجد واحتج بعضهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المؤمن ليس بنجس) قال ابن المنذر: وبه نقول).
قلت: وتوسط بعضهم فقال بجواز الدخول إذا توضأ ففي (تفسير العماد ابن كثير):
(وذهب الإمام أحمد إلى أنه متى توضأ الجنب جاز له المكث في المسجد لما روى هو وسعيد بن منصور في (سننه) بسند صحيح: أن
الصحابة كانوا يفعلون ذلك. قال سعيد بن منصور: ثنا عبد العزيز بن محمد - هو الدراوردي - عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة. وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. والله أعلم).
قلت: ورواه الدارمي من حديث جابر بلفظ:
(كنا نمشي في المسجد ونحن جنب لا نرى بذلك بأسا).
أخرجه من طريق ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عنه.
ورجاله ثقات. لكن ابن أبي ليلى سيء الحفظ.
وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه.
وقد رواه عنه هشيم أيضا بنحوه.
أخرجه البيهقي.
ولعل الوضوء مستحب لعمل الصحابة. والله أعلم
وبالجملة فلا دليل على تحريم دخول الحائض وكذا الجنب المسجد والأصل الجواز وقد اقترن به ما يؤيده كما سبق. والله تعالى ولي التوفيق.
[الثمر المستطاب 2/ 728 - 755].