الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - (فَضَائِل زَيِدٍ بْنِ ثَابِتٍ) رضي الله عنه
-
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا كتب هذا العنوان في النسخة الّتي حقّقها الدكتور بشار، وكتب الشّيخ علي عبد الحميد في نسخته "فضائل صحابة آخرين"، ولم يشر أيّ منهما من أي نسخة أخذ العنوان، ووقع في النسخة الهنديّة هذا الحديث تحت العنوان السابق، "فضائل خباب"، فعلّق في الهامش: ما نصّه: ليس لهذا الحديث مناسبة بما قبله، ولا مطابقة بالترجمة، لعلّ ترجمة هذا سقط من بعض النسّاخ، "إنجاح"، انتهى.
وقد تقدّمت ترجمة زيد بن ثابت رضي الله عنه في 10/ 77، فراجعها تستفد، والله تعالى أعلم بالصواب.
وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:
154 -
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ في دِينِ الله عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْضَاهُمْ عَليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَاب الله أُبَيُّ بْنُ كعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَأَمِينُ هَذه الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجرَّاحِ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 -
(محمّد بن المثنى) الزَّمِن، أبو موسى البصريّ، ثقة ثبتٌ [10] 9/ 66.
2 -
(عبد الوهّاب بن عبد المجيد) الثقفيّ، أبو محمّد البَصْريُّ، ثقة تغيّر قبل موته بثلاث سنين [8] 2/ 17.
3 -
(خالد الحذّاء) -بفتح المهملة، وتشديد الذال المعجمة- هو: خالد بن مِهْران، مولى قريش، وقيل: مولى بني مجُاشع، أبو المنازل -بفتح الميم، وقيل: بضمها، وكسر الزاي- البصريّ، ثقة يرسل [5].
رَأَى أنس بن مالك، ورَوَى عن عبد الله بن شقيق، وأبي رجاء العُطَارديّ، وأبي عثمان النَّهْدي، وأبي قلابة، وأنس، ومحمد، وحفصة أولاد سيرين، وغيرهم.
ورَوَى عنه الحمادان، والثوري، وشعبة، وابن علية، وسعيد بن أبي عروبة، وخالد بن عبد الله الواسطي، وعبد الوهّاب الثقفي، وبشر بن المفضل، وغيرهم.
قال الأثرم عن أحمد: ثَبْت. وقال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وكذا قال النَّسائيُّ، وقال أبو حاتم: يُكتَب حديثه، ولا يحتج به. وقال العجلي: بصري ثقة.
وقال أبو الوليد الباجي: قرأت على أبي ذر الهروي في "كتاب الكنى" لمسلم: خالدٌ الحذاء أبو المنازل -بفتح الميم-، قال أبو الوليد: والضم أشهر.
وقال ابن سعد: لم يكن خالد بِحَذّاء، ولكن كان يجلس إليهم، قال: وقال فهد بن حَيّان: إنّما كان يقول: احْذُ على هذا النحو، فلُقِّب الحذاء، قال: وكان خالد ثقةً، مَهِيبًا، كثير الحديث، توفي سنة (141)، وكان قد استُعْمِل على العشور بالبصرة. وقال محمّد ابن المثنى عن قُريش بن أنس: مات سنة (142) أو أكثر، وذكره ابن حبّان في "الثِّقات"، وحكى القولين في تاريخ وفاته.
أخرج الجماعة، وله في هذا الكتاب (33) حديثًا.
4 -
(أبو قلابة) عبد الله بن زيد بن عمرو البصريّ، ثقة فاضل كثير الإرسال، فيه نصب يسير [3] 1/ 10.
5 -
(أنس بن مالك) الصحابيّ الجليل رضي الله عنه 3/ 24، والله تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
1 -
(منها): أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله.
2 -
(ومنها): أن رجاله كلهم رجال الصّحيح، بل رجال الجماعة.
3 -
(ومنها): أن شيخه أحد مشايخ الجماعة بلا واسطة.
4 -
(ومنها): أنه مسلسل بثقات البصريين.
5 -
(ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ: خالد الحذاء عن أبي قلابة.
6 -
(ومنها): أن صحابيّه هو المشهور بخدمة النبيّ صلى الله عليه وسلم خدمه عشر سنين، وأنه أحد المكثرين السبعة، روى (2286) حديثًا، وأنه آخر من مات من الصّحابة رضي الله عنهم-
بالبصرة، مات سنة (2) أو (93) سنة، وأنه من المعمّرين، عاش أكثر من مائة سنة رضي الله عنه، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ) رضي الله عنه (أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: أَرْحَمُ) أي أكثرهم رحمة (أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ في دِينِ الله) أي أَقواهم في دين الله كما في رواية (عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً) أي أكثرهم حياءً، فإن الأكثر حياءً يكون أدقّ في إظهار آثاره (عُثْمانُ، وَأَقْضَاهُمْ) قيل: هذه منقبة عظيمة؛ لأن القضاء بالحقّ، والفصل بينه وبين الباطل يقتضي علمًا كثيرًا، وقوّةً في النفس (1)(عَليُّ بْنُ أَبِي طَالِب، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ الله) أي أرجحهم، وأعلمهم بقراءة القرآن (أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحلَالِ وَالحرَام مُعاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ) أي أكثرهم علمًا بالفرائض (زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا) أي مبالغًا في الأمانة (وَأَمِينُ هَذ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْد بْنُ الجرَّاحِ) رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
قال الطحاويّ رحمه الله في "شرح مشكل الآثار": ما حاصله: إن سأل سائل عن المراد بما ذُكر به كلُّ واحد من أُبيّ، وزيد، ومعاذ في هذا الحديث، وهل يوجب ذلك له أن يكون في معناه الّذي ذُكر به فوق الخلفاء الراشدين المهديين، ومن سواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين؟ فكان جوابنا له في ذلك أن من جَلَّت رتبته في معنى من المعاني جاز أن يقال: إنّه أفضل النَّاس في ذلك المعنى، وإن كان فيهم من هو مثله، أو من هو فوقه. انتهى كلام الطحاويّ رحمه الله (2).
وقال البغويّ رحمه الله في "شرح السنّة": قال أبو حاتم السجستانيّ: هذه ألفاظ أُطلقت بحذف "من"، يريد من أرحم أُمَّتي، ومن أشدّهم، ومن أصدقهم، ومن أفرضهم، وأقرئهم، يريد أن هؤلاء من جماعة فيهم تلك الفضائل، كقوله صلى الله عليه وسلم للأنصار:
(1)"شرح السنديّ" 1/ 102.
(2)
"شرح مشكل الآثار" 2/ 280 - 281 رقم الحديث (808 - 810).
"أنتم أحبّ النَّاس إليّ"، أي من أحبّ النَّاس. انتهى (1).
وقال السنديّ رحمه الله: هذا الحديث صريحٌ في تعدّد جهات الخير في الصّحابة رضي الله عنهم، واختصاص بعضها ببعض، لكن الفضيلة بمعنى كثرة الثّواب عند الله على التّرتيب، وذلك شيء آخر. (2)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه هذا صحيح.
(المسألةُ الثّانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا (26/ 154) بهذا السند، والسند التالي 26/ 155، وأخرجه (الترمذيّ) في "المناقب"(3790 و 3791) و (الطيالسيّ) في "مسنده"(2096) و (أحمد) في "مسنده" 3/ 184 رقم (12904) و (النَّسائيّ) في "فضائل الصّحابة"(8185) و (8229) و (ابن حبّان) في "صحيحه"(7131) و (7137) و (7252) و (الطحاويّ) في "مشكل الآثار"(808) و (أبو نعيم) في "الحلية" 3/ 122 و (الحاكم) في "المستدرك " 3/ 422 و (البيهقيّ) في "السنن الكبرى" 6/ 210 و (البغويّ) في "شرح السنة"(3930)، وقال الترمذيّ: حديث حسنٌ صحيح، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(1)"شرح السنة" 14/ 132 رقم (3930).
(2)
"شرح السنديّ" 1/ 102.
وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:
155 -
(حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ خَالِدٍ الحذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، مِثْلَهُ عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ في حَقِّ زَيْدٍ: "وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ").
رجال هذا الإسناد خمسة، وهم ثقات، وقد تقدّموا إلى سفيان في الباب الماضي، والباقيان ذُكروا في السند الماضي.
وقوله: "مثله" أي مثل حديث عبد الوهّاب بن عبد المجيد.
وقوله: "غير أنه يقول إلخ" الضمير لسفيان، وهو الثوريّ، أي يقول في روايته بدل قوله:"وأفرضهم وأعلمهم بالفرائض".
[تنبيه]: وقع في النسخة الّتي حققها محمّد فؤاد عبد الباقي، وتبعه الدكتور بشّار بعد قوله:"عن أبي قلابة مثله": ما نصّه: "عِنْدَ ابْنِ قُدَامَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ في حَقِّ زَيْدٍ: "وَأَعْلَمُهُمْ بِالْفَرَائِضِ"، ولا يوجد في النسخة الهنديّة، ولا في النسخة الّتي حقّقها الشّيخ علي حسن، وهو غلطٌ فاحشٌ دون شكّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.