المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌18 - (فضائل العشرة رضي الله عنهم - مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه - جـ ٣

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌11 - (باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - (فَضْلُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌13 - (فضل عثمان رضي الله عنه

- ‌14 - (فَضْلُ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌15 - (فَضْلُ الزُّبَيْر رضي الله عنه

- ‌16 - (فَضْلُ طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه

- ‌17 - (فَضْلُ سَعْدٍ بن أبي وَقَّاص رضي الله عنه

- ‌18 - (فَضَائِلُ الْعَشرَةَ رضي الله عنهم

- ‌19 - (فَضْلُ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ رضي الله عنه

- ‌20 - (فَضْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه

- ‌21 - (فَضْلُ الْعَبَّاس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌22 - (فَضْلُ الْحَسَنِ وَالْحُسيْنِ ابْنَي عَلِيٍّ بْنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنهم

- ‌23 - (فضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرِ رضي الله عنه

- ‌24 - (فَضْلُ سَلْمَان، وأبي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ) رضي الله عنهم

- ‌25 - (فَضَائلُ بِلَالٍ) رضي الله عنه

- ‌26 - (فَضَائلُ خَبَّابٍ) رضي الله عنه

- ‌27 - (فَضَائِل زَيِدٍ بْنِ ثَابِتٍ) رضي الله عنه

- ‌28 - (فَضْلُ أَبِي ذَرٍّ) رضي الله عنه

- ‌29 - (فَضْلُ سَعْدٍ بْنِ مُعَاذٍ) رضي الله عنه

- ‌30 - (فَضْلُ جَرِيرٍ بْنِ عَبْدِ الله الْبَجَلِيِّ) رضي الله عنه

- ‌31 - (فَضْلُ أَهْلِ بَدْرٍ) رضي الله عنه

- ‌31 (*) - (فَضَائِلُ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

- ‌32 - (فَضْلُ الأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌33 - (فَضْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

- ‌34 - (بَابٌ في الْخَوَارِجِ)

الفصل: ‌18 - (فضائل العشرة رضي الله عنهم

‌18 - (فَضَائِلُ الْعَشرَةَ رضي الله عنهم

-)

أي: الصّحابة العشرة المبشّرين بالجنّة الذين ذُكروا في سياق حديث واحد، وإلا فالمبشّرون أكثر من العشرة بكثير، ثمّ إن الذين ذُكروا في حديث الباب تسعة، لا عشرة، فكأنه أراد بالعشرة غالبهم، أفاده السنديّ.

والعاشر هو: أبو عبيدة بن الجرّاح رضي الله عنه، وقد ورد ذكر العشرة كاملًا في حديث أخرجه النَّسائيّ في "الفضائل" من "الكبرى" من طريق عبد الرّحمن بن حميد، عن أبيه، أن سعيد بن زيد حدّثه في نفَر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"عشرة في الجنَّة، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرّحمن، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وسعد ابن أبي وقّاص"، قال: فعدّ هؤلاء التسعة، ثمّ سكت عن العاشر، فقال القوم: ننشُدُك الله يا أبا الأعور، أنت العاشر؟ قال: إذ نشدتمُوني بالله، أبو الأعور في الجنّة.

وأخرجه الترمذيّ من حديث عبد الرّحمن بن عوف رضي الله عنهم أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "أبو بكر في الجنّة، وعمر في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وعليّ في الجنّة، وطلحة في الجنّة، والزبير في الجنّة، وعبد الرّحمن بن عوف في الجنّة، وسعد بن أبي وقّاص في الجنّة، وسعيد بن زيد في الجنّة، وأبو عُبيدة بن الجرّاح في الجنّة"(1). والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المُتَّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

133 -

حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّار، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ المُثَنَّى، أَبُو المُثّنَّى النَّخَعِيُّ، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ بْنِ الحارِثِ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نفيْلٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَاشِرَ عَشَرَةٍ، فَقَالَ:"أَبُو بَكْرٍ في الجنَّةِ، وَعُمَرُ في الجنَّةِ، وَعُثْمانُ في الجنَّةِ، وَعَليٌّ في الجنّةِ، وَطَلْحَةُ في الجنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ قِي الجنَّةِ، وَسَعْدٌ في الْجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ في الجنَّةِ"، فَقِيلَ لَهُ مَنِ التَّاسِعُ؟ قَالَ:"أَنَا").

(1) حديث صحيح أخرجه الترمذيّ في "المناقب" رقم (6118)، وأحمد في "مسنده" رقم (1675).

ص: 275

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 -

(هشام بن عمّار) المذكور في الباب الماضي.

2 -

(عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق السبيعيّ الكوفيّ، ثقة مأمون [8] 9/ 69.

3 -

(صدقة بن المثنّى، أبو المثنّى النخَعيّ) ثقة [6].

رَوَى عن جده، وعنه عيسى بن يونس، وعبد الواحد بن زياد، وحفص بن غياث، وأبو أُسامة، ويحيى القطان، ومحمد بن عبيد، ومحمد بن فضيل، ومحمد بن بِشْر الْعَبْديّ، وجماعة.

قال أحمد: شيخ صالح. وقال الآجري عن أبي داود: ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثِّقات". ووثقه العجلي.

أخرج له أبو داود، والنَّسائيّ، والمصنّف، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

4 -

(جدّه رياح -بكسر الراء، ثمّ التحتانيّة- ابن الحارث) النخعيّ، أبو المثنّى الكوفيّ، ثقة [2].

يقال: إنّه حَجّ مع عمر، ورَوَى عن ابن مسعود، وعلي، وسعيد بن زيد، وعمار ابن ياسر، والحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والأسود بن يزيد.

وروى عنه ابنه جرير، وحفيده صدقة بن المثنى بن رِيَاح، والحسن بن الحكم النخعي، وأبو جَمْرَة الضُّبَعي، وعدة.

قال العجليّ: كوفي تابعي ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات".

أخرج له أبو داود، والنَّسائيّ، والمصنّف، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.

5 -

(سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل) بن عبد الْعُزَّي العَدَويّ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأمه فاطمة بنت بَعْجَة بن مُلَيح الْخُزَاعية، كانت من السابقين إلى الإسلام، أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر، وشَهِد أُحدًا، والمشاهد بعدها، ولم يكن بالمدينة زمانَ بدر، فلذلك لم يشهدها.

رَوَى عنه من الصّحابة ابنُ عمر، وعمرو بن حريث، وأبو الطفيل، ومن كبار

ص: 276

التابعين أبو عثمان النَّهْديّ، وابن المسيَّب، وقيس بن أبي حازم، وغيرهم.

ذَكَرَ عروةُ وابن إسحاق وغيرهم في المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ له بسهمه يوم بدر؛ لأنه كان غائبًا بالشام، وعن عروة أنه ممّن ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمه وأجرَه في بدر هو وطلحة، وكان بعثهما يتجسّسان له أمر عِير قريش، فلم يحضُرا بدرًا.

وكان إسلامه قديمًا قبل عمر، وكان إسلام عمر عنده في بيته؛ لأنه كان زوج أخته فاطمة؛ ورَوَى البخاريّ من طريق قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد قال: لقد رأيتني، وإن عمر لموثقي على الإسلام. وقد شَهِد سعيد بن زيد الْيَرْمُوك، وفتحَ دمشق.

وقال سعيد بن حبيب: كان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرّحمن بن عوف مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم واحدًا، كانوا أمامه في القتال، وخلفه في الصّلاة.

وكان سعيد من فضلاء الصّحابة، وقصته مع أروى بنت أُنيس مشهورة في إجابة دعائه عليها، أخرجها البخاريّ ومسلم وغيرهما. ورَوَى أبو نعيم في "الحلية" في ترجمته من طريق أبي بكر بن حزم أن سعيدًا، قال: اللَّهُمَّ إنها قد زعمت أنها ظُلِمَت، فإن كانت كاذبة فأعمِ بصرها، وألقها في بئرها، وأظهر من حقي نورًا بين المسلمين أني لم أظلمها، قال: فبينما هم على ذلك إذ سأل العقيقُ سيلًا لم يَسِلْ مثله قط، فكُشف عن الحدّ الّذي كانا يختلفان فيه، فإذا سعيد بن زيد في ذلك قد كان صادقًا، ثم لم تَلْبَث إِلَّا يسيرًا حتّى عَمِيَتْ فبينما هي تطوف في أرضها تلك سقطت في بئرها، قال: فكنا ونحن غلمان نسمع الإنسان يقول للآخر: إذا تخاصما أعماك الله عَمَى أروى، فكنا نظن أنه يريد الوحشية، وهو كان يريد ما أصاب أروى بدعوة سعيد بن زيد.

قال الواقدي: تُوُفِّي بالعقيق، فحُمل إلى المدينة، وذلك سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين، وعاش بضعًا وسبعين سنة، وكان طوالًا آدمَ أشعَرَ، وهذا هو القول الأصحّ، وزعم الهيثم بن عدي أنه مات بالكوفة، وصلّى عليه المغيرة بن

ص: 277

شعبة، قال: وعاش ثلاثًا وسبعين سنة (1).

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب خمسة أحاديث فقط، برقم 133 و 134 و 398 و 2580 و 3454. والله تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

1 -

(منها): أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله.

2 -

(ومنها): أن رجاله كلهم ثقات، وشيخه، وإن تكلّم فيه بالتغيّر، إِلَّا أنه موثّق.

3 -

(ومنها): أنه مسلسل بالكوفيين، غير شيخه، فدمشقيّ.

4 -

(ومنها): أن فيه رواية الراوي عن جدّه.

5 -

(ومنها): أن صحابيّه أحد العشرة المبشّرين بالجنّة، ومن السابقين إلى الإسلام، ومن البدريين، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ رِيَاحِ) بكسر الراء، وتخفيف التحتانيّة (ابْنِ الحُارِثِ) النخعي، أنه (سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ) رضي الله عنه (يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَاشِرَ عَشَرَةٍ) أي واحدًا من عشرة (فَقَالَ) صلى الله عليه وسلم (أَبُو بَكْرٍ) الصّديق، مبتدأ خبره قوله:(في الجَنَّةِ) وكذا ما بعده (وَعُمَرُ) بن الخطّاب (في الجَنَّةِ، وَعُثْمانُ) بن عفّان (في الجنَّةِ، وَعَليٌّ بن أبي طالب في الجنَّةِ، وَطَلْحَةُ) بن عبيد الله (في الجَنَّةِ، وَالزُّبَيْرُ) بن العوّام (في الجنَّةِ، وَسَعْدٌ) ابن أبي وقّاص (في الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ) بن عوف (في الجنَّةِ، فَقِيلَ لَهُ) أي لسعيد بن زيد رضي الله عنه (مَنِ التَّاسِعُ؟ قَالَ: "أَنَا") مبتدأ خبره محذوف، أي أنا تاسعهم، ولعلّ سكوته عن ذكر اسمه تواضعًا؛ لئلا يزكّي نفسه، وفي رواية النَّسائيّ من طريق يحيى القطّان، عن صدقة ابن المثنّى، قال: حدثني جدّي رياح بن الحارث أن سعيد بن زيد قال: أشهد على رسول

(1) راجع "الإصابة" 2/ 87 - 88.

ص: 278

الله صلى الله عليه وسلم بما سمعته أُذناي، ووعاه قلبي، وإني لم أكن لأروي عليه كذبًا يسألني عنه إذا لقيته، أنه قال: أبو بكر في الجنّة، وعمر في الجنّة، وعثمان في الجنّة، وطلحة في الجنّة، والزبير في الجنّة، وعبد الرّحمن بن عوف في الجنّة، وسعد بن مالك في الجنَّة، وتاسع المؤمنين لو شئتُ أن أُسمّيه لسمّيته، فرَجّ أهل المسجد يُناشدونه، يا صاحب رسول الله من التّاسع؟ قال: ناشدتموني بالله العظيم، أنا تاسع المؤمنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم العاشر.

فتبيّن في هذه الرِّواية أن العاشر هو النبيّ صلى الله عليه وسلم، وفي رواية عبد الرّحمن بن حميد السابقة، أن العاشر هو أبو عبيدة، ويُجمع بأنه يمكن أن يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم أخبر في مجلسين، ففي مجلس جعل العاشر نفسه، وفي مجلس جعله أبا عبيدة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه هذا صحيح.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنِّف) هنا (18/ 133) فقط، وأخرجه (أبو داود)(4648 و 4649 و 4650) و (الترمذيّ)(3748 و 3757) و (النَّسائيّ) في "فضائل الصّحابة"(8137) و (أحمد) في "مسنده"(1629) و (ابن حبّان) في "صحيحه"(6993 و 6996)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المُتَّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

134 -

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ ظَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زيدٍ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ الله أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اثْبُتْ حِرَاءُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ، وَعَدَّهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ").

ص: 279

رجال هذا الإسناد: سبعة:

1 -

(محمّد بن بشّار) بُندار أبو بكر البصريّ، ثقة حافظ [10] 1/ 6.

2 -

(ابن أبي عديّ) هو: محمّد بن إبراهيم بن أبي عديّ، ويقال: إن كنيةَ إبراهيم أبو عَدِيّ السُّلَميّ مولاهم، الْقَسْمَلِيّ نزل فيهم، أبو عمرو البصريّ، ثقة [9].

رَوَى عن سليمان التيمي، وحميد الطَّويل، وابن عون، وداود بن أبي هند، وعثمان ابن غياث، وشعبة، وسعيد بن أبي عروبة، وجماعة.

ورَوَى عنه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعمرو بن عليّ، وابنا أبي شيبة، وأبو موسى، وبندار، وقتيبة بن سعيد، وغيرهم.

قال عمرو بن عليّ: سمعت عبد الرّحمن بن مهدي، وذَكَرَ ابنَ أبي عدي، فأحسن الثّناء عليه، وسمعت معاذ بن معاذ يُحسن الثّناء عليه. وقال أبو حاتم والنسائي: ثقة.

وقال: ابن سعد: كان ثقة، مات بالبصرة سنة أربع وتسعين ومائة، وذكره ابن حبّان في "الثِّقات"، وقال: يوم الاثنين لعشر بقين من ربيع الآخر منها، وقال: أبو موسى محمّد ابن المثنى: مات سنة (92)، وقال: الْقَرّاب: في وفاته اختلافٌ، وفي سنة أربع أكثر. وفي "الميزان": قال: أبو حاتم مرّة: لا يحتج به، وقال رُسْته: سمعت معاذ بن معاذ يقول: ما رأيت أحدًا أفضل من ابن أبي عدي.

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (34) حديثًا.

3 -

(شعبة) بن الحجاج الإمام الحجة الثبت المشهور [7] 1/ 6.

4 -

(حُصين) بن عبد الرّحمن السُّلَميّ، أبو الْهُذيل الكوفيّ، ابن عم منصور، ثقة تغيّر حفظه في الآخر [5].

رَوَى عن جابر بن سمرة، وعمارة بن رُوَيبة، وعن زيد بن وهب، وعمرو بن ميمون، ومُرّة بن شَرَاحيل، وهلال بن يساف، وأبي وائل، والشعبي، وغيرهم.

وروى عنه شعبة، والثوري، وزائدة، وجرير بن حازم، وسليمان التيمي، وخلف ابن خليفة، وجرير بن عبد الحميد، وخالد الواسطي، وغيرهم.

ص: 280

قال أبو حاتم عن أحمد: حصين بن عبد الرّحمن الثقة المأمون من كبار أصحاب الحديث. وقال ابن معين: ثقة. وقال العجلي: ثقة ثبت في الحديث، والواسطيون أروى النَّاس عنه. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فقال: ثقة، قلت: يُحتج بحديثه؟ قال: إي والله. وقال أبو حاتم: صدوق ثقة في الحديث، وفي آخر عمره ساء حفظه. وقال هشيم: أَتَى عليه (93) سنة، وكان أكبر من الأعمش.

وقال علي بن عاصم عن حصين: جاءنا قتل الحسين، فمكثنا ثلاثًا كأن وجوهنا طُلِيت رمادًا، قلت: مثل من أنت يومئذ؟ قال: رجلٌ مُنَاهِد. وقال أسلم بن سهل في "تاريخ واسط": ثنا أحمد بن سنان، سمعت عبد الرّحمن يقول: هشيم عن حصين أحب إلي من سفيان، وهشيم أعلم النَّاس بحديث حصين. وقال علي بن عاصم: قَدِمُت الكوفة يوم مات منصور، فاشتد عليّ، فلقيت حصينًا -يعني وأنا لا أعرفه- فقال: أدلك على مَنْ يذكر يومَ أُهدِيت أم منصور إلى أبيه؟ قلت: مَنْ هو؟ قال: أنا. قال أسلم: قال هشيم: رَوَى حصين عن ستة من الصّحابة، قال أسلم: واتصل بنا أنه رَوَى عن ثمانية وامرأتين، فذكر أبا جحيفة، وعمرو بن حريث، وابن عمر، وأنسًا، وعُمارة بن رُويبة، وجابر بن سمرة، وعُبيد الله بن مُسلم الحضرمي، وأم عاصم امرأة عتبة بن فَرْقد، وأم طارق مولاة سعد، كذا قال، قال الحافظ: وفيه بعض ما فيه.

وقال النَّسائيُّ: تغير، وذكره الْعُقيلي، ولم يذكر إِلَّا قول يزيد بن هارون: إنّه نَسِيَ. وقال الحسن -يعني الحلواني- عن يزيد بن هارون: اختلط، وأنكر ذلك ابن المديني في "علوم الحديث"، فقال: ما اختلط، ولكن تغير. وقال ابن عدي: له أحاديث، وأرجو أنه لا بأس به. وذكر ابن أبي خيثمة عن يزيد بن هارون قال: طلبت الحديث، وحصين حَيّ يُقرأ عليه بالمُبَارك (1)، وقد نَسِي. وقال ابن حبّان بها أتباع التابعين من "الثِّقات" له: يقال: إنّه سمع من عُمارة بن رُوَيبة، فإن صحّ ذلك فهو من التابعين، وكان قد ذكر في

(1) اسم موضع.

ص: 281

التابعين حُصين بن عبد الرّحمن السُلَميّ سَمِع عمارة بن رويبة، رَوَى عنه أهل العراق، مات سنة (163) قال الحافظ: فكأنه ظنّ غيرَ هذا، وهو، هو، وإنّما لمّا وقع له الغلط في تاريخ وفاته ظنه آخرَ، والصواب في وسنة فاته -كما قاله مطين- أنه سنة (136).

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب عشرة أحاديث، برقم 134 و286 و 899 و 1004 و 1270 و 1735 و 2305 و 3238 و 3513 و 3839.

5 -

(هلال بن يساف) -بكسر التحتانيّة، ثمّ فاء- ويقال: ابن إساف الأشجعي مولاهم الكوفيّ، ثقة [3].

رَوَى عن الحسن بن علي، وأبي الدرداء، وأبي مسعود الأنصاري، وسعيد بن زيد، وسمرة بن جندب، وسالم بن عُبيد الأشجعي، وعبد الله بن ظالم، وغيرهم.

وروى عنه أبو إسحاق السبيعي، والأعمش، وسلمة بن كهيل، وعبدة بن أبي لبابة، ومنصور، وعلي بن مدرك، وعبد الأعلى بن ميسرة، وحصين بن عبد الرّحمن، وغيرهم. قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة. وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة. وقال ابن سعد في الطبقة الثّانية من أهل الكوفة: وكان ثقة، كثير الحديث. وذكره ابن حبّان في "الثقات".

أخرج له البخاريّ في التعاليق، ومسلم، والأربعة، وله في هذا الكتاب سبعة أحاديث فقط، برقم 134 و 406 و 451 و 1004 و 1257 و 3811 و 3839.

6 -

(عبد الله بن ظالم) التيميّ المازنيّ، صدوقٌ، ليّنه البخاريّ [3].

رَوَى عن سعيد بن زيد حديث: "عشرةٌ في الجنَّة"، وعنه سماك بن حرب، وعبد الملك بن ميسرة، وهلال بن يساف، وفلان ابن حيان، وقيل: حيان بن غالب. قال العجلي: ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثِّقات"، وقال البخاريّ: ليس له إِلَّا هذا الحديث، وحديث "بِحَسْبِ أصحابي القتلُ"، وقال غيره: روى حديثًا ثالثًا عن أبي هريرة: "إن فساد أُمَّتي على يدي غِلْمة من قريش"، زاد في حديث أبي هريرة: قيل: فيه عبد الله بن

ص: 282

ظالم، وقيل: مالك بن ظالم، فلعلّه عند البخاريّ غير هذا، لكن صحح عمرو بن علي الفلاس أنه عبد الله بن ظالم، لا مالك بن ظالم، فالله أعلم، وحديثه على الوجهين عند أحمد بن حنبل في "مسنده"، والحاكم في "مستدركه"، وقال العقيليّ: عبد الله بن ظالم عن سعيد بن زيد، كوفي لا يصح حديثه، وكذا ذكره ابن عدي عن البخاري.

أخرج له الأربعة، وله في هذا الكتاب هذا الحديث فقط، والصحابيّ تقدّم في السند الماضي، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ سَعِيدِ بْنِ زيدٍ) رضي الله عنه، أنه (قَالَ: أَشهَدُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اثْبُتْ) بضمّ الموحّدة، أمر من الثبات، وهو الاستقرار، يقال: ثبتَ الأمر من باب نصر ثُبُوتًا: إذا دام واستمرّ (حِرَاءُ) بحذف حرف النِّداء، أي يا حراء، قال في "القاموس": حِرَاءٌ ككتاب، وكَعَلَى، ويؤنّثُ، ويُمنع -أي من الصّرف-: جَبَلٌ بمكة، فيه غارٌ تحَنَّثَ فيه النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.

وفي حديث أنس رضي الله عنه: فضربه برجله، وقال:"اثبُت"، ونداؤه وخطابه يحتمل المجاز، وحمله على الحقيقة أولى. قاله في "الفتح".

وفي حديث أنس رضي الله عنه عند البخاريّ: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم صَعِدَ أُحُدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثَمان، فَرَجَفَ بهم، فقال:"اثبُت أُحُدُ، فإنّما عليك نبيّ، وصدّيقٌ، وشهيدان".

قال الحافظ رحمه الله: قوله: "صَعِدَ أحدًا" هو الجبل المعروف بالمدينة، ووقع في رواية لمسلم (1) وأبي يعلى "حراء" والأول أصحّ، ولولا اتّحاد المخرج لجوّزتُ تعدد القصّة، ثمّ ظهر لي أن الاختلاف فيه من سعيد، فإني وجدته في مسند الحارث بن أبي

(1) قال الشّيخ الألبانيّ رحمه الله: الحديث من رواية أنس لم أجده في مسلم، ولم يعزه إليه السيوطيّ في "زيادة جامع الصغير". انتهى. قلت: الظّاهر أن ما قاله الشّيخ هو الحقّ. والله تعالى أعلم.

ص: 283

أُسامة عن روح بن عبادة، عن سعيد -يعني ابن أبي عروبة- فقال فيه:"أحدًا، أو حراء" بالشكّ، وقد أخرجه أحمد من حديث بُريدة بلفظ:"حراء"، وإسناده صحيح، وأخرجه أبو يعلى من حديث سهل بن سعد بلفظ "أحد"، وإسناده صحيح، فقوي احتمال تعدّد القصة، ووقع عند البخاريّ من حديث عثمان رضي الله عنه، وفيه "حراء"، وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة صلى الله عليه وسلم يؤيّد تعدد القصة، فذكر أنه كان على حراء، ومعه المذكورون هنا، وزاد معهم غيرهم. انتهى كلام الحافظ (1).

وقال في موضع آخر: يمكن الجمع بالحمل على التعدّد، ثمّ وجدت ما يؤيّده، فعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه "قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير، فتحرّكت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" فذكره، وفي رواية له "وسعد"، وله شاهد من حديث سعيد بن زيد عند التِّرمذيِّ، وآخر عن عليّ عند الدارقطنيّ. انتهى (2).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: تبيّن بهذا كلّه أن هذه القصّة وقعت مرّتين، مرّة بحراء، ومرّة بأحد. والله تعالى أعلم.

(فَمَا عَلَيْكَ) الفاء للتعليل؛ لأنه ليس عليك (إِلَّا نَبِيٌّ) يعني نفسه رضي الله عنه (أَوْ صِدِّيقٌ) يعني أبا بكر رضي الله عنه (أَوْ شَهِيدٌ) زاد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم: ما نصّه: "وعليه النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقّاص".

قال في "الفتح": "أو" للتنويع، و"شهيد" للجنس. انتهى.

وقال: القرطبيّ رحمه الله: "أو" هي الّتي للتقسيم والتنويع، فالنبيّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصدّيق أبو بكر، والشهيد من بقي رضي الله عنهم. انتهى (3).

وفي حديث أنسٌ عند البخاريّ بلفظ: "فإنما عليك نبيّ، وصدّيقٌ، وشهيدان" بالواو.

(1)"فتح" 7/ 47.

(2)

"فتح" 7/ 72.

(3)

"المفهم" 6/ 290 - 291.

ص: 284

وقوله: (وَعَدَّهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) أي عدّ صلى الله عليه وسلم المبشّرين بالجنّة، فقال: هم ("أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعِليٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدٌ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ") رضي الله تعالى عنهم أجمعين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه هذا صحيح.

[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفيه عبد الله بن ظالم، وقد تكلّم فيه البخاريّ، وساق له الحديث، وقال: لا يصحّ، وذكره العقيليّ في "الضعفاء": حدثني آدم بن موسى، قال: سمعت البخاريّ قال: عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يصحّ، وساق له العقيليّ هذا الحديث بعدّة طرق، وبيّن عللها، وذكره ابن عديّ في "الكامل"، ونقل كلام البخاريّ المذكور؟.

[قلت]: إنّما صحّ لأمور:

(أحدهما): أن عبد الله بن ظالم روى عنه جماعة، ووثقه العجليّ، وابن حبّان، وكلام البخاريّ في حديثه هذا، فأقلّ أحواله أن يكون حسن الحديث.

الثّاني: أنه لم ينفرد به فقد تابعه عبد الرّحمن بن الأخنس -وقد روى عنه اثنان، ووثقه ابن حبّان- عن سعيد بن زيد، فقد أخرجه النَّسائيّ (8100) قال: أَخْبَرَنَا عبدة ابن عبد الله، والقاسم بن زكريّا، عن حسين، عن زائدة، عن الحسن بن عبيد الله، عن الحرّ بن صيّاح، عن عبد الرّحمن بن الأخنس، عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، قال: اهتزّ حراءٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اثبُت حراء، فليس عليك إِلَّا نبيّ، أو صدّيق، أو شهيد"، وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ، وطلحة، والزبير، وعبد الرّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقّاص، وأنا، وقال الترمذيّ: حديث حسن، وهو كما قال، فإن ابن الأخنس حسن الحديث. والله تعالى أعلم.

(الثّالث): أن الحديث مرويّ عن سعيد بن زيد بطرق متعدّدة، ولذا قال

ص: 285

الترمذيّ: حديث حسنٌ صحيح.

(الرّابع): أن الحديث ورد من رواية جماعة من الصّحابة رضي الله عنهم، منهم: عثمان بن عفّان رضي الله عنه عند التِّرمذيِّ، وابن حبّان، وقال التّرمذيّ: حديث حسن صحيح، ومن رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند البخاريُّ في "صحيحه"، ومن رواية بُريدة بن الحصيب رواه عبد الله بن أحمد عن أبيه بسند صحيح، ومن رواية أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم وغيره، وقد استوفى تخريج هذه الروايات الشّيخ الألبانيّ رحمه الله في "الصحيحة" 2/ 558 - 562 رقم الحديث (875) فراجعه تستفد، والله تعالى وليّ التوفيق.

والحاصل أن الحديث صحيح؛ لما ذكرناه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: ذكر النَّسائيّ في "الكبرى" أن هلال بن يساف لم يسمع هذا الحديث من عبد الله بن ظالم، ثمّ أخرجه بسنده عن منصور، عن هلال بن يِساف، عن ابن حيّان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد

" الحديث.

وقال في "التقريب": ابن حبَّان شيخ لهلال بن يساف لا يُعرف، من السّادسة، يقال: اسمه حيّان بن غالب. انتهى.

ولكن مثل هذه الجهالة لا تضرّ بصحّة الحديث؛ لما سمعتَ من الشواهد الكثيرة له، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (18/ 134) فقط، وأخرجه (الطيالسيّ) (235) و (الحميديّ) في "مسنده" (84) و (أحمد) في "مسنده" (1/ 187 و 188 و 189) و (أبو داود) (4648) و (الترمذيّ) (3757) وقال: حديث حسنٌ صحيح، والظاهر أنه صححه مع أن شيخه البخاريّ ضعّفه لشواهده، كما يدلُّ عليه قوله بعدُ: وقد روي من غير وجه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وأخرجه (النَّسائيّ) في "فضائل الصّحابة" من "الكبرى"(8134) و (8136) و (ابن حبّان) في "صحيحه"(6996) و (الحاكم) في "مستدركه" 3/ 450 و (البغويّ)

ص: 286

في "شرح السنة"(3927).

وأخرجه (الترمذيّ)(3748) و (النَّسائيّ) في "الفضائل"(8139) من طريق حميد بن عبد الرّحمن، عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، وقال الترمذيّ: سمعت محمدًا -يعني البخاريّ- يقول: هو أصحّ من الحديث الأوّل، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثّالثة): في فوائده:

1 -

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضائل العشرة رضي الله عنهم.

2 -

(ومنها): أن فيه علمًا من أعلام النبوّة، حيث أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن هؤلاء شهداء، فماتوا كلهم غير النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر شهداء، فإن عمر وعثمان، وعليًّا، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم قُتلوا ظلمًا شُهداء، فأمّا عمر، فقتله الْعِلْج، وأما عثمان، فقتل مظلومًا، وأما عليّ فقُتل غِيلةً، وأما طلحة والزبير، فقُتلا يوم الجمل منصرفين عنه تاركين له، وأما أبو عبيدة فمات في الطّاعون، والموت فيه شهادة (1)، والمراد شهداء في أحكام الآخرة، وعظيم ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيُغسلون، ويُصلّى عليهم.

[فإن قلت]: في الحديث ذكر عبد الرّحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقّاص، وهما لم يُقتلا. [قلت]: أجاب عن هذا بعضهم بأنهما إنّما سميا شهيدًا لأنهما مشهود لهما بالجنّة. والله تعالى أعلم.

3 -

(ومنها): جواز التزكية والثناء على الإنسان في وجهه إذا لم يُخَف عليه فتنة بإعجاب ونحوه (2)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

(1) راجع "المفهم" 6/ 291.

(2)

راجع "شرح النوويّ على مسلم" 15/ 190.

ص: 287