المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌17 - (فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه - مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه - جـ ٣

[محمد بن علي بن آدم الأثيوبي]

فهرس الكتاب

- ‌11 - (باب فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌12 - (فَضْلُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌13 - (فضل عثمان رضي الله عنه

- ‌14 - (فَضْلُ عَلِيِّ بن أبي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌15 - (فَضْلُ الزُّبَيْر رضي الله عنه

- ‌16 - (فَضْلُ طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه

- ‌17 - (فَضْلُ سَعْدٍ بن أبي وَقَّاص رضي الله عنه

- ‌18 - (فَضَائِلُ الْعَشرَةَ رضي الله عنهم

- ‌19 - (فَضْلُ أَبي عُبَيْدَةَ بْنِ الجَرَّاحِ رضي الله عنه

- ‌20 - (فَضْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه

- ‌21 - (فَضْلُ الْعَبَّاس بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌22 - (فَضْلُ الْحَسَنِ وَالْحُسيْنِ ابْنَي عَلِيٍّ بْنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنهم

- ‌23 - (فضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرِ رضي الله عنه

- ‌24 - (فَضْلُ سَلْمَان، وأبي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ) رضي الله عنهم

- ‌25 - (فَضَائلُ بِلَالٍ) رضي الله عنه

- ‌26 - (فَضَائلُ خَبَّابٍ) رضي الله عنه

- ‌27 - (فَضَائِل زَيِدٍ بْنِ ثَابِتٍ) رضي الله عنه

- ‌28 - (فَضْلُ أَبِي ذَرٍّ) رضي الله عنه

- ‌29 - (فَضْلُ سَعْدٍ بْنِ مُعَاذٍ) رضي الله عنه

- ‌30 - (فَضْلُ جَرِيرٍ بْنِ عَبْدِ الله الْبَجَلِيِّ) رضي الله عنه

- ‌31 - (فَضْلُ أَهْلِ بَدْرٍ) رضي الله عنه

- ‌31 (*) - (فَضَائِلُ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

- ‌32 - (فَضْلُ الأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌33 - (فَضْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما

- ‌34 - (بَابٌ في الْخَوَارِجِ)

الفصل: ‌17 - (فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

‌17 - (فَضْلُ سَعْدٍ بن أبي وَقَّاص رضي الله عنه

-)

هو: سعد بن أبي وقّاص، واسمه مالك بن وُهيب، ويقال: أُهيب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب بن مُرّة، يجتمع مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مُرّة، وعدد ما بينهما من الآباء متقارب، وأمه حَمْنَة بنت سفيان بن أُميّة بن عبد شمس لم تُسلم، أحد العشرة المبشّرين بالجنة، وآخر من مات منهم، وأول من رمى بسهم في سبيل الله، مات رضي الله عنه بالعقيق سنة (55)، وقيل: بعد ذلك إلى ثمانية وخمسين، وعاش نحوًا من ثمانين سنة. روى من الأحاديث (271) حديثًا، اتفق الشيخان على (15) وانفرد البخاريّ بخمسة، ومسلم بثمانية عشر حديثًا، والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

129 -

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: "ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي").

رجال هذا الإسناد: ستة:

1 -

(محمّد بن بشّار) بُنْدار البصريّ الحافظ الثبت [10] 1/ 6.

2 -

(محمّد بن جعفر) غُنْدَر البصريّ الحافظ الثقة [9] 1/ 6.

3 -

(شعبة) بن الحجاج الإمام الحافظ الحجة [7] 1/ 6.

4 -

(سعد بن إبراهيم) بن عبد الرّحمن بن عوف الزهريّ المدنيّ القاضي الثقة الفاضل العابد [5] 2/ 14.

5 -

(عبد الله بن شدّاد) بن الهاد الليثيّ، أبو الوليد المدنيّ، ثقة فقيه [2].

كان يأتي الكوفة، وأمه سَلْمى بنت عُميس الخثعمية، أخت أسماء، رَوَى عن أبيه، وعمر، ويعلى، وطلحة، ومعاذ، والعباس، وابن مسعود، وابن عبّاس، وابن عمر، وعبد الله بن جعفر، وخالته أسماء بنت عميس، وغيرهم.

وروى عنه سعد بن إبراهيم، أبو إسحاق الشيباني، ومعبد بن خالد، والحكم بن

ص: 261

عتيبة، وذَرّ بن عبد الله المُرْهبي، ورِبْعِيّ بن حِرَاش، وغيرهم.

قال الميموني: سئل أحمد أسمع عبد الله بن شداد من النّبيّ صلى الله عليه وسلم شيئًا؟ قال: لا. وقال ابن المديني: شَهِد مع علي يوم النَّهْرَوان. وقال العجلي والخطيب: هو من كبار التابعين وثقاتهم. وقال أبو زرعة والنَّسائيّ: ثقة. وقال ابن سعد: كان عثمانيا (1) ثقة في الحديث، تُوُفِّي في ولاية الحجاج على العراق.

وقال الواقدي: خرج مع القراء أيّام بن الأشعث على الحجاج، فقُتل يوم دُجَيل، وكان ثقة، فقيهًا، كثير الحديث، متشيعًا. وقال ابن نُمير: قُتل بدُجيل سنة (81). وقال يحيى بن بُكير وغير واحد: فُقِد ليلة دُجيل سنة (82). وقال الثّوريّ: فُقد ابن شدّاد، وابنُ أبي ليلى بالجماجم، وكذا قال العجلي، وزاد: اقتَحَمَ بهما فرساهما الماء فذهبا. وقال ابن حبّان في "الثِّقات": غَرِقَ بدُجَيل. وقال ابن عبد البرّ في "الاستيعاب": وُلد على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وقال يعقوب بن شيبة في "مسند عمر": كان يتشيع. أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب سبعة أحاديث فقط برقم 129 و 653 و 958 و 1028 و 2734 و 3512 و 3951.

6 -

(عليّ) رضي الله عنه تقدّم قريبًا، والله تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

1 -

(منها): أن من سداسيات المصنّف رحمه الله.

2 -

(ومنها): أن نصفه الأوّل مسلسلٌ بالبصربين، والثّاني بالمدنيين.

3 -

(ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ.

4 -

(ومنها): أن صحابيه أحد الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشّرين بالجنة، صاحب المناقب الجمة رضي الله عنه، والله تعالى أعلم.

(1) هكذا قال في "تهذيب الكمال"، وتعقّبه الحافظ في "تهذيب التهذيب" بأن فيه نظرًا فإن يعقوب بن شيبة قال: وكان يتشيّع. انتهى.

ص: 262

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَدَّاد، عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه قَالَ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم جَمَعَ أَبَوَيْهِ لِأَحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ) وفي هذا الحصر نظر؛ لما تقدّم في ترجمة الزُّبير صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم جمع له أبويه يوم الخندق، ويُجمَع بينهما بأن عليًّا رضي الله عنه لم يطلع على ذلك، أو مراده بذلك بقيد يوم أحد. قاله في "الفتح"(1)(فَإِنَّهُ) رضي الله عنه (قَالَ لَهُ) أي لسعد رضي الله عنه (يَوْمَ أُحُدٍ) أي يوم وقعة أحد (ارْمِ سَعْدُ) بالضم؛ لأنه علم مفرد منادى بحذف حرف النِّداء، أي يا سعد (فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي) مبتدأ وخبره، وفي رواية ابن المسيَّب قال: سمعت سعد بن أبي وقّاص يقول: نَثَلَ لي النبيّ صلى الله عليه وسلم كنانته يوم أحد، قال:"ارم فداك أبي وأمّي"، متّفق عليه.

وأخرج مسلم من طريق بُكير بن مِسْمَار، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ له أبويه يوم أحد، قال: كان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"ارم فداك أبي وأمي"، قال: فَنزعت له بسهم ليس فيه نَصْلٌ، فأصبت جنبه، فسقط فانكشفت عورته، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى نظرت إلى نواجذه.

وفي مرسل ابن عائذ عن الوليد بن مسلم، عن يحيى بن حمزة قال: قال سعد: "رميت بسهم، فردّ عليّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سهمي أعرفه، حتّى واليت بين ثمانية أو تسعة، كلّ ذلك يردّه عليّ، فقلت: هذا سهم دم، فجعلته في كنانتي لا يُفارقني"، وعند الحاكم لهذه القصّة بيان سبب، فأخرج من طريق يونس بن بُكير، وهو في المغازي روايته من طريق عائشة بنت سعد، عن أبيها قال: "لما جال النّاسُ يوم أحد تلك الجَوْلة تنحّيت، فقلت:

أذود عن نفسي، فإما أن أنجو، وإما أن أُستشهَد، فإذا رجل محمرّ وجهه، وقد كاد المشركون أن يركبوه، فملأ يده من الحمى، فرماهم، وإذا بيني وبينه المقداد، فأردت أن أسأله عن الرَّجل، فقال لي: يا سعد هذا رسول الله يدعوك، فقمت وكأنه لم يُصبني شيء من الأذى، وأجلسني أمامه، فجعلت أرمي

" فذكر الحديث (2)، والله تعالى أعلم

(1)"الفتح" 7/ 105.

(2)

راجع "الفتح" 8/ 105 "كتاب الغازي" رقم (4060 و 4063).

ص: 263

بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عليّ رضي الله عنه هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (17/ 122) فقط، وأخرجه (البخاريّ) في (الجهاد والسير)(20905) و"المغازي"(4058 و 4059) و"الأدب"(6184) و (مسلم) في "فضائل الصّحابة"(2411) و (الترمذيّ) في "الأدب"(2755) و"المناقب"(3686 و 3688) و (أحمد) في "مسنده"(671 و 968 و 1090 و 1286)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثّالثة): في فوائده:

1 -

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضل سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه.

2 -

(ومنها): جواز التفدية بالأبوين، وبه قال جماهير العلماء، وكرهه عمر بن الخطّاب، والحسن البصريّ رضي الله عنهما، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه، والصّحيح الجواز مطلقًا؛ لأنه ليس فيه حقيقة فداء، وإنما هو كلام إلطاف، وإعلام بمحبته له، ومَنْزِلته عنده، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقًا.

قال له النووي رحمه الله (1).

3 -

(ومنها): فضيلة الرمي، والحثّ عليه، والدعاء لمن فعل خيرًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

(1) راجع "شرح مسلم" 15/ 184.

ص: 264

وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

130 -

(حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أَنْبَأَنَا اللِّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ح وحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَإِسماعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَحْيىَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُوُل: لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: "ارْمِ سَعْدُ، فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي").

رجال هذا الإسناد: ثمانية:

1 -

(محمّد بن رُمح) بن المهاجر التُّجيبيّ مولاهم المصريّ، ثقة ثبت [10] 2/ 15.

2 -

(هشام بن عمّار) الدمشقيّ المذكور قبل باب.

3 -

(اللَّيث بن سعد) بن عبد الرّحمن الفهميّ، أبو الحارث المصريّ الثقة الثبت الفقيه الإمام المشهور [7] 2/ 15.

4 -

(حاتم بن إسماعيل) الحارثيّ مولاهم، أبو الحارث المدنيّ، كوفيّ الأصل، صدوق يَهِم، صحيح الكتاب [8].

روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري، ويزيد بن أبي عبيد، وهشام بن عروة، والجعيد بن عبد الرّحمن، وغيرهم.

وروى عنه ابن مهدي، وابنا أبي شيبة، وسعيد بن عمرو الأشعثي، وقتيبة، وإسحاق بن راهويه، وإبراهيم بن موسى الرَّازيُّ، وهناد بن السري، ويحيى بن معين، وأبو غريب، وجماعة.

قال أحمد: هو أحب إلي من الدَّرَاوردي، وزعموا أن حاتِمًا كان فيه غفلة، إِلَّا أن كتابه صالح. وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من سعيد بن سالم. وقال النَّسائيُّ: ليس به بأس. وقال ابن سعد: كان أصله من الكوفة، ولكنه انتقل إلى المدينة فنزلها، ومات بها سنة (186)، وكان ثقةً مأمونًا كثير الحديث. وقال البخاريّ، عن "أبي ثابت المديني: مات سنة (87)، وكذا قال ابن حبّان، وزاد: ليلة الجمعة لتسع ليال مضين من جمادى

ص: 265

الأولى، كذا قال في "الثِّقات"، وكذا عند البخاريّ أيضًا في "التاريخ الكبير"، وفي "الأوسط" أيضًا. وقال العجلي: ثقة. وكذا قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين.

وقال ابن المديني: روى عن جعفر، عن أبيه، أحاديث مراسيل أسندها.

وذكر الذهبي في "الميزان" أن النَّسائيُّ قال: ليس بالقوي، انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لعلّ للنسائيّ فيه قولين، والله تعالى أعلم.

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب عشرون حديثًا.

5 -

(إسماعيل بن عياش) بن سُليم الْعَنْسيّ، أبو عُتْبَة الحمصيّ، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلّط في غيرهم [8] 9/ 74.

6 -

(يحيى بن سعيد) الأنصاريّ، أبو سعيد القاضي المدنيّ، ثقة ثبت [5] 3/ 29.

7 -

(سعيد بن المُسَيِّب) القرشيّ المخزوميّ الإمام الحجة الثبت الفقيه المشهور، من كبار [3] 12/ 104.

8 -

(سعد بن أبي وقّاص) الصحابيّ المشهور رضي الله عنه تقدّم 3/ 29.

وقوله: "جمع لي إلخ" ذكره لبيان جواز ذلك شرعًا، أو لمدحه نفسه في مقام اقتضى ذلك شرعًا، قاله السنديّ، وتمام شرح الحديث يُعلم ممّا سبق قبله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (17/ 130) فقط، وأخرجه (البخاريّ) في "المغازي"(4055 و 4056 و 4057) و"المناقب"(3725) و (مسلم) في "فضائل الصّحابة"(2412) و (الترمذيّ) في "الأدب"(2755 و 2756) و"المناقب"(3686 و 3687) و (أحمد) في "مسنده"(1413)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو

ص: 266

حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

131 -

(حَدَّثَنَا عَليُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ، وَخَالي يَعْلَى، وَوَكيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، يَقُولُ: إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ الله).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

1 -

(علي بن محمّد) الطنافسيّ المذكور في الباب الماضي.

2 -

(عبد الله بن إدريس) الأَوْديّ الكوفيّ، ثقة فقيه عابدٌ [8] 7/ 52.

3 -

(يعلى) بن عبيد بن أبي أُميّة الطنافسيّ، أبو يوسف الكوفيّ خال علي الراوي عنه هنا، ثقة إِلَّا في حديثه عن الثوريّ، ففيه لينٌ، من كبار [9] 10/ 89.

4 -

(وكيع) بن الجرّاح الإمام المشهور المذكور في الباب الماضي.

5 -

(إسماعيل) بن أبي خالد الْبَجليّ الأحمسيّ الكوفيّ، ثقة ثبت [4] 13/ 113.

6 -

(قيس) بن أبي حازم البجليّ الأحمسيّ، ثقة مخضرم [2] 13/ 113، والصحابيّ سبق قريبًا، والله تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

1 -

(منها): أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله.

2 -

(ومنها): أنه مسلسل بثقات الكوفيين.

3 -

(ومنها): أن فيه رواية تابعيّ عن تابعي مخضرم.

4 -

(ومنها): أن قيس هو التابعيّ الّذي تفرد بالرواية عن العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم. والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ قَيْس) بن أبي حازم رحمه الله، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ) رضي الله عنه (يَقُولُ: إِنّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ) التعريف فيه للجنس، وقوله:(رَمَى) جملة في محل جرّ صفة له

ص: 267

على حدّ قوله:

وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي

فَمَضَيْتُ ثُمَّتَ قُلْتُ لَا يَعْنِينِي

ذكره الطيبيّ، وحاصله أن "رمى" صفة "أول"، أي أول عربيّ رمى، واللام في "العرب" للجنس المحمول على العهد الذهنيّ. قاله القاري (1).

وقوله: (بِسَهْمٍ) متفق بـ "رمى"، وكذا قوله:(في سَبِيلِ الله) كان ذلك في سريّة عُبيدة بن الحارث بن المطّلب، وكان القتال فيها أولَ حرب وقعت بين المشركين والمسلمين، وهي أولُ سريّة بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم السنة الأولى من الهجرة، بَعَثَ ناسًا من المسلمين إلى رابغ لِيَلْقَوْا عِيرًا لقريش، فترامَوْا بالسهام، ولم يكن بينهم مسايفةٌ، فكان سعد رضي الله عنه أولَ من رَمَى، ذكر ذلك الزُّبير بن بكّار بسند له، وقال فيه عن سعد: إنّه أنشد يومئذ [من الوافر]:

أَلَا هَل أتَى (2) رَسُولَ اللهِ أَنِّي

حَمَيْتُ صَحَابَتِي بصُدُورِ نَبْلِي

وذكرها يونس بن بُكير في زيادة المغازي من طريق الزهريّ نحوه، وابن سعد من وجه آخر عن سعد رضي الله عنه:"أنا أول من رمى بسهم، ثمّ خرجنا مع عُبيدة بن الحارث ستين راكبًا"(3).

[تنبيه]: هذا الحديث في رواية المصنّف مختصر، وقد ساقه البخاريّ مطوّلًا، فقال:

3728 -

حَدَّثَنَا عمرو بن عون، حَدَّثَنَا خالد بن عبد الله، عن إسماعيل، عن قيس، قال سمعت سعدًا رضي الله عنه يقول: "إنِّي لأول العرب رَمَى بسهم في سبيل الله، وكنا نغزو مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وما لنا طعام إِلَّا ورق الشجر، حتّى إن أحدَنا لَيَضَع كما يَضَعُ البعير أو الشاة، ما له خِلْطٌ (4)، ثمّ أصبحت بنو أَسَد تُعَزِّرني (5) على الإسلام، لقد خِبْتُ إِذًا

(1) راجع "المرقاة" 10/ 486 - 487.

(2)

بنقل حركة الهمزة إلى لام "هل"، ودرجها للوزن.

(3)

راجع "الفتح" 7/ 106 "كتاب فضائل الصّحابة" رقم (3729).

(4)

بكسر المعجمة، وسكون اللام: أي لا يختلط بعضه ببعض من شدّة جفافه وتفتّته.

(5)

أي تؤدّبني، وتعلمني الصّلاة، أو تعيّرني بأني لا أُحسنها.

ص: 268

وضَلَّ عملي، وكانوا وَشَوْا به إلى عمر، قالوا: لا يُحْسِنُ يصلّي"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (17/ 131) فقط، وأخرجه (البخاريّ)(3728 و 5412 و 6453) و (مسلم)(2966) و (التّرمذيّ)(2365 و 2366) و (النَّسائيّ) في "الكبرى"(8161) و (أحمد) في "مسنده"(1498) و"ابن حبّان" في "صحيحه"(6989)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثّالثة): في فوائده:

1 -

(منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله، وهو بيان فضل سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه.2 - (ومنها): فضل السبق في فعل الخير، وكونه أوّل الناس.

3 -

(ومنها): فضل الرمي في سبيل الله.

4 -

(ومنها): جواز التحدّث بما فعله الإنسان لله تعالى؛ فلا ينافي الإخلاص، إذا دعت الحاجة إليه، فإن سعدًا رضي الله عنه إنّما ذكر هذا لكون أهل الكوفة اتّهموه حتّى رموه بأنه لا يُحسن يُصلّي، فأراد دفع التهم عن نفسه بأنه أول من أعتنق هذا الإسلام، وأخذ تعاليمه من النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل كثير من النَّاس، فكيف يتهمه أهل الكوفة الذين ما دخلوا في الإسلام إِلَّا على يديه؟، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

ص: 269

وبالسند المُتّصل إلى الإمام ابن مَاجَه رحمه الله في أول الكتاب قال:

132 -

(حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ المُرْزُبَانِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدةَ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِم، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقُولَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: "مَا أَسْلَمَ أحَدٌ في الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ، وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ الْإِسْلَامِ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

1 -

(مسروق بن المُرْزُبَانِ) -بسكون الراء، وضم الزاي، بعدها موحّدة- ابن مسروق ابن معدان الكنديّ، أبو سعيد بن أبي النعمان الكوفيّ، صدوقٌ له أوهام [10].

رَوَى عن أبيه، وأبي الأحوص، وعبد السّلام بن حرب، وأبي بكر بن عَيّاش، وحفص بن غياث، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وابن فضيل، وعِدّة.

وروى عنه ابن ماجة، وأبو زرعة، وابن أبي عاصم، وعبدان الأهوازي، ومحمد ابن عمان بن أبي شيبة، وغيرهم.

قال أبو حاتم: ليس بالقويّ، يُكتَب حديثه. وقال في أبي هِشَام الرِّفاعيّ: هو مثل مسروق بن المرزُبان. وقال صالح بن محمّد: صدوق. وذكره ابن حبّان في "الثِّقات"، وقال: مات سنة أربعين ومائتين، أو قبلها بقليل، أو بعدها بقليل.

تفردّ به المصنّف، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، برقم (132) و (2016) حديث:"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلّق حفصة، ثمّ راجعها".

2 -

(يحيى بن أبي زائدة) هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، واسمه خالد بن ميمون ابن فَيْرُوز الهمْدانيّ الوادعي مولاهم، أبو سعيد الكوفيّ، ثقة متقن، من كبار [9].

رَوَى عن أبيه، والأعمش، وابن عون، وعاصم الأحول، وهشام بن عروة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وداود بن أبي هند، وهاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقّاص، وجماعة.

ورَوَى عنه يحيى بن آدم، وأبو داود الحْفَرِيّ، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وابنا أبي شيبة، وعلي بن المديني، وداود بن رُشَيد، ويحيى بن يحيى النيسابوري،

ص: 270

وإبراهيم بن موسى، وأبو كريب، وآخرون.

قال إبراهيم بن موسى عن أبي خالد الأحمر: كان جَيِّد الأخذ، وقال عمرو الناقد عن ابن عيينة: ما قَدِمَ علينا مثلُ ابن المبارك ويحيى بن أبي زائدة. وقال الحارث بن سُرَيج عن يحيى القطان: ما خالفني أحد بالكوفة أشد علي من ابن أبي زائدة. وقال أحمد وابن معين: ثقة.

وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: إسماعيل بن زكريا أحب إليك، أو يحيى ابن أبي زائدة؟ قال: يحيى أحب إلي، قلت: هما أخوان عندك؟ قال: لا. وقال ابن المديني: هو من الثقات، وقال أيضًا: لم يكن بالكوفة بعهد الثّوريّ أثبت منه، وقال انتهى العلم إليه في زمانه. وقال ابن نمير: كان في الإتقان أكثر من ابن إدريس. وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث، ثقة، صدوق.

وقال النَّسائيُّ: ثقة ثبت. وقال العجلي: ثقة وهو ممّن جُمِع له الفقه والحديث، وكان على قضاء المدائن، ويُعهدّ من حُفّاظ الكوفيين للحديث متقنًا ثبتًا صاحب سنة. ووكيع إنّما صَنّف كُتبه على كُتب يحيى بن أبي زائدة. وذكر ابن أبي حاتم أنه أول من صنف الكتب بالكوفة.

وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى. وقال ابن شاهين في "الثِّقات": قيل ليحيى ابن معين: إن زكريا بن عدي لم يحدث عنه، قال: هو خير من زكريا بن عدي، ومن أهل قريته.

قال علي بن المديني: مات سنة اثنتين وثمانين ومائة. وقال ابن سعد وغيره: مات بالمدائن، وهو قاض بها سنة ثلاث وثمانين، وفيها أرّخه غير واحد، زاد يعقوب بن شيبة: وبلغ من السن يوم مات ثلاثا وستين سنة، وقال خليفة، وابن حبّان: مات سنة ثلاث أو أربع، وقال ابن قانع: مات سنة أربع.

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (19) حديثًا.

3 -

(هاشم بن هاشم) بن عتبة بن أبي وقّاص الزهريّ المدنيّ، ويقال: هاشم بن

ص: 271

هاشم بن هاشم، وهو أصح؛ لأن هاشم بن عتبة قُتِل بِصِفِّين سنة سبع وثلاثين، فيبعد أن يكون صاحبُ التّرجمة ابنَهُ؛ لبعد ما بين وفاتيهما، ثقة [6].

رَوَى عن سعيد بن المسيَّب، وعامر، وعائشة ابني سعد بن أبي وقاص، وعبد الله ابن وهب بن زَمْعة، وعبد الله بن نِسْطَاس، وإسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة، وأبي صالح مولى السعديين.

وروى عنه مالك، والدِّرَاوردي، ويحيى بن أبي زائدة، وموسى بن يعقوب الزمعي، وأبو أُسامة، وأبو ضمرة، وشجاع بن الوليد، وعبد الله بن نمير، وغيرهم.

قال صالح بن أحمد عن أبيه: ليس به بأس. وقال ابن معين والنَّسائيّ: ثقة. وقال العجليّ: هاشم بن هاشم بن عُتبة: عدني ثقة. وقال البزار: ليس به بأس. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: مات سنة أربع وأربعين ومائة. وقال البخاريّ عن مكي: سمعت منه سنة أربع. وقال أحمد بن حنبل عن مكي: سمعت منه سنة سبع وأربعين.

أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب حديثان فقط، برقم (132) و (2325) حديث: "من حلف بيمين آثمة عند منبري

" الحديث.

والباقيان سبقا قريبًا، والله تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

1 -

(منها): أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله.

2 -

(ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، غير شيخه، فإنّه من أفراده، وقد وُثّق.

3 -

(ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين من هاشم، والباقيان كوفيّان.

4 -

(ومنها): أن فيه ابن المسيّب أحد الفقهاء السبعة، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ) بن هاشم بن عتبة، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقُول: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ) رضي الله عنه (مَا أَسْلَمَ أَحَدٌ في الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمْتُ فِيهِ) هكذا رواية المصنّف، ولا إشكال فيها؛ إذ معناه أنه لم يشاركه أحد في الإسلام يوم أسلم، لكن

ص: 272

وقع رواية البخاريّ بلفظ: "ما أسلم أحدٌ إِلَّا في اليوم الّذي أسلمت فيه"، بزيادة "إِلَّا"، وفيها إشكال، لكن يمكن حمله على أنه قال ذلك على حسب علمه.

[تنبيه]: من الغريب أن الحافظ رحمه الله عزا رواية المصنّف هذه إلى ابن منده مع أن عزوها إلى المصنِّف هو الأولى، ولفظه: وقد رأيت في "المعرفة" لابن منده من طريق أبي بدر، عن هاشم، بلفظ:"ما أسلم أحد في اليوم الّذي أسلمتُ فيه"، وهذا لا إشكال فيه؛ إذ لا مانع أن لا يشاركه أحد في الإسلام يوم أسلم، لكن أخرجه الخطيب من الوجه الّذي أخرجه ابن منده، فأثبت فيه "إِلَّا" كبقية الروايات، فتعين الحمل على ما قلته. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن رواية المصنّف تؤيّد ما في "المعرفة"، فلا بدّ من تأويل رواية البخاريّ بما ذُكر، والله تعالى أعلم.

(وَلَقَدْ مَكَثْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَإِنِّي لَثُلُثُ) بضمته، أو بضم فسكون، ويقال: أيضًا ثَلِيث، بفتح، فكسر (الْإِسْلَامِ) قال الطيبيّ: يعني يوم أسلمت كنت ثالث من أسلم، فأكون ثلث أهل الإسلام، وبقيتُ على ما كنت عليه سبعة أيّام، ثمّ أسلم بعد ذلك من أسلم. انتهى (1).

وإنّما قال ذلك بحسب اطلاعه، والسبب فيه أنّ من كان أسلم في ابتداء الأمر، كان يُخفِي إسلامه، ولعلّه أراد بالاثنين الآخرين: خديجة وأبا بكر، أو النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر، وقد كانت خديجة أسلمت قطعًا فلعلّه خَصّ الرجال، وقد ثبت في حديث عمار رضي الله عنه: رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وما معه إِلَّا خمسة أعبد، وأبو بكر، وهو يعارض حديث سعد رضي الله عنه هذا، والجمع بينهما هو ما سبق من أنه قاله بحسب اطّلاعه، أو يُحْمَل قول سعد على الأحرار البالغين؛ ليخرُج الأعبدُ المذكورون، وعلي رضي الله عنه أو لم يكن اطّلع على أولئك، ويدلُّ على هذا الأخير أنه وقع عند الإسماعيلي من رواية يحيى بن سعيد الأموي، عن

(1)"الكاشف عن حقائق السنن" 10/ 3896.

ص: 273

هاشم، بلفظ:"ما أسلم أحد قبلي"، ومثله عند ابن سعد من وجه آخر، عن عامر بن سعد، عن أبيه، وهذا مقتضى رواية الأصيلي، وهي مشكلة؛ لأنه قد أسلم قبله جماعة، لكن يُحمَل ذلك على مقتضى ما كان اتصل بعلمه حينئذ، قاله في "الفتح"(1) وهو بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه هذا متفقٌ عليه.

(المسألة الثّانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا (17/ 132) فقط، وأخرجه (البخاريّ) في "المناقب" 3736 (و 3727، و 3858)، وفوائده تعلم ممّا سبق، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88].

(1) راجع "الفتح" 7/ 105 - 106 "كتاب فضائل الصّحابة" رقم (3725 - 3728).

ص: 274