المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌العقل ترد كلمة العقل كثيراً في كتب العقائد وغيرها، وفيما يلي - مصطلحات في كتب العقائد

[محمد بن إبراهيم الحمد]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الإلحاد

- ‌التعطيل، والتمثيل، والتشبيه، والتكييف

- ‌التفويض

- ‌التأويل

- ‌التأويل الباطني

- ‌الحلول والاتحاد

- ‌الصفات الثبوتية والمنفية والذاتية والفعلية والعقلية

- ‌الصفات السلبية والصفات الإضافية والصفات المركبة

- ‌الذات، والشيء، والماهية، والحقيقة

- ‌مسائل أحدثها المتكلمون

- ‌دراسة موجزة لبعض الكلمات المجملة

- ‌اللفظ والملفوظ

- ‌الاسم والمسمى

- ‌القول في أن الإيمان مخلوق أو غير مخلوق

- ‌الهَيولَى، والصورة، والجسم، والجواهر المفردة

- ‌علم الكلام وأهل الكلام

- ‌الزندقة

- ‌الفلسفة والفلاسفة

- ‌مدخل

- ‌أولاً: مفهوم الفلسفة:

- ‌ثانياً: نشأة الفلسفة ودخولها في ديار الإسلام:

- ‌ثالثا: أشهر المنتسبين إلى الإسلام

- ‌رابعا: غاية الفلسفة وموضوعاتها واقسامها

- ‌خامساً: نبذة عن افتراق الفلاسفة:

- ‌سادساً: مذهب متقدمي الفلاسفة في الإلهيات والشرائع:

- ‌سابعاً: معتقد الفارابي وابن سينا:

- ‌ثامناً: بيانُ علماءِ الإسلامِ ضلالَ الفلاسفة، وانحرافهم عن سواء الصراط:

- ‌تاسعاً: الأدلة على الاستغناء بما جاءت به الرسل عن أفكار الفلاسفة

- ‌السفسطة والقرمطة

- ‌الحادث، والمُحدِث، والحدوث، والقديم، والقدم

- ‌المقدمة والنتيجة

- ‌الواحد بالعين والواحد بالنوع

- ‌العقل

- ‌الروح

- ‌النقيضان، والضدان

- ‌الأحوال عند المتكلمين والصوفية

- ‌نظرية الكسب عند الاشاعة

- ‌طفرة النظَّام

- ‌أنواع الدلالة اللفظية الوضعية

- ‌معاني الكلام الخبر والإنشاء

- ‌مدخل

- ‌أولاً: الخبر:

- ‌ثانياً: الإنشاء:

- ‌القضاء والقدر

- ‌مدخل

- ‌أولاً: القضاء:

- ‌ثانياً: القدر:

- ‌ثالثا: القضاء والقدر في الاصطلاح الشرعي

- ‌رابعا: الفروق بين القضاء والقدر

- ‌موانع إنفاذ الوعيد

- ‌التوبة والاستغفار

- ‌الكبائر والصغائر

- ‌المجاز

- ‌المشترك

- ‌المتضاد

- ‌المترادف:

- ‌الفيبة والرجعة

- ‌مدخل

- ‌أولاً: الغيبة:

- ‌ثانياً: الرجعة:

- ‌ولاية الفقيه

- ‌التقية

- ‌البداء

- ‌عقيدة الطينة

الفصل: ‌ ‌العقل ترد كلمة العقل كثيراً في كتب العقائد وغيرها، وفيما يلي

‌العقل

ترد كلمة العقل كثيراً في كتب العقائد وغيرها، وفيما يلي وقفات حول العقل وذلك من خلال ما يلي:

أ _ تعريف العقل: العقل في الأصل مصدر عقلت البعير أَعْقِله عقلاً إذ منعته من الشرود بحبل يشد في ركبته.

وأما في الاصطلاح فهو _ كما يقول الفيروزبادي _: نور روحاني، به تدرك النفس العلوم الضرورية، والنظرية.

هذا تعريف العقل عند صاحب القاموس، وهو من أجمع التعاريف وأحسنها 1.

وعرفه الطوفي رحمه الله بقوله: "قوة غريزية يُتهيأ بها لإدراك المعلومات التصويرية، والتصديقية.

وقيل: علم من العلوم الضرورية.

وقيل: جوهر شفاف تدرك به المطالب العلمية"2.

ب _ ابتداء وجود العقل: يقول الفيروز بادي: "وابتداء وجوده عند اجتنان الولد، ثم لا يزال ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ"3.

ج _ من إطلاقات العقل: يطلق العقل على العلم، أو بصفات الأشياء من

1_ القاموس المحيط ص1336.

2_

شرح جواب ابن تيمية في القدر للطوفي ص24 مخطوط.

3_

القاموس المحيط 1336.

ص: 127

حسنها وقبحها، وكمالها ونقصانها.

أو العلم بخير الخيرين وشرِّ الشرَّين، أو مطلقٌ لأمور، أو لقوة بها يكون التمييز بين القبيح والحسن، ولِمَعَانٍ مجتمعة بمقدمات يستتب بها الأغراض والمصالح، ولهيئة محمودة للإنسان في حركاته وكلامه.

د _ مَنِ العاقل؟ هو الجامع لأمره، الذي يحبس نفسه عن هواها.

هـ _ لم سمي العقل بهذا الاسم؟ لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك، ويحجزها عما لا ينبغي من اعتقاد فاسد، أو فعل قبيح 1.

و_ منزلة العقل في الإسلام: لقد أعلى الإسلام منزلة العقل، ورفع مناره؛ فالعقل في الإسلام أساس التكليف، ومناط الأهلية.

والقرآن الكريم مليء بالأمر بالتعقل، والنظر، والتدبر، والثناء على من كانوا كذلك.

كما أنه مليء بذم الذين عطلوا عقولهم، وركنوا إلى التقليد الأعمى، واتبعوا ما ألفوا عليه آباءهم من غير ما بينة أو أثارة من علم.

ز _ وظيفة العقل: العقل نور أودعه الله في الإنسان؛ ليكشف به الأشياء، والحقائق الواقعة، وليفهم به عن الله ورسوله " ولينظر من خلاله في ملكوت السموات والأرض، وليدرك به أسرار الكون، ويتدبر في نفسه وآيات الله من حوله، ويصل من خلاله إلى كثير من أمور الاعتقاد في حدود طاقته، ويبحث من طريقه إلى ما يعود عليه بالنفع في دينه ودنياه.

1_ انظر لسان العرب 8/27، والقاموس المحيط ص1336.

ص: 128

هذه _ بإجمال _ وظيفة العقل.

ح _ حدود العقل: مع أن الإسلام ينظر تلك النَّظْرة العظيمة للعقل، ومع أن للعقل وظيفته العظمى _ كما مر _ إلا أن الإسلام يحدد مجال العقل، وذلك صوناً للطاقة العقلية أن تتشتت أو تتبدد وراء الأمور الغيبية التي لا يستطيع العقل إدراكها أو الوقوف على حقيقتها، كالذات الإلهية، والروح، والجنة، والنار، وكيفية صفات الله _ عز وجل _ وغيرها؛ ذلك أن العقل البشري له مجاله الذي يعمل فيه؛ فإذا ما حاول أن يتخطى هذا المجال فإنه سَيَضِل ويتخبط في متاهات لا قبل له بها؛ فمجال العقل كل ما هو محسوس.

أما الغيبيات التي لا تقع تحت مداركه فلا مجال للعقل أن يخوض فيها، ولا يخرج عما دلت عليه النصوص الشرعية في شأنها.

ط _ أهل السنة وسط في باب العقل بين الذين ألَّهوه والذين ألغوه: فالوسطية شأنهم في جميع أمورهم، ومن بينها العقل، فأهل السنة لا يُلْغُون العقل، ولا ينكرونه، ولا يحجرون عليه.

بل يعتقدون أن للعقل مكانة سامية، وأن الإسلام يقدر العقل، ويتيح له مجالات النظر والتفكير.

وفي الوقت نفسه لا يؤلهون العقل، ولا يجعلونه حاكماً على نصوص الشرع؛ بل يرون أن للعقل حدّاً يجب أن يقف عنده؛ لكي لا يكون وبالاً على صاحبه.

أما غيرهم فما بين مُفْرِط ومُفَرِّط في هذا الباب؛ فالمعتزلة، والفلاسفة، وأهل الكلام عموماً _ ألَّهوا العقل، وجعلوه مصدراً للتلقي؛ فما وافق العقل _ أو ما

ص: 129

يسمونه بالقواطع العقلية _ قبلوه، وما خالف ذلك ردوه أو أوَّلوه، مع أن عقولهم مختلفة، ومداركهم متفاوتة، بل إن الواحد منهم قد يختلف حتى مع نفسه.

وفي مقابل هؤلاء نجد أن أهل الدجل والخرافة قد ألغوا العقل، وقبلوا ما لا يقبل ولا يعقل.

وذلك كحال كثير من الخرافيين.

والمجال لا يتسع لذكر شيء من تلك الخرافات التي تنطلي على أولئك1.

ي _ العقل في مجال العقيدة: لا يجوز تعطيل العقل في مجال العقيدة وغيرها؛ إلا أنه لا يجوز للعقل _كما مر_ أن يتجاوز وظيفته، ويجنح في أودية الخيال الفاسد، ويتيه مع الأوهام الكاذبة؛ فالخيال والوهم لا يصلحان أساساً للعقيدة والمعرفة الصحيحة.

والعقيدة الإسلامية حقيقة ثابتة دلَّ عليها الشرع بالقواطع من الأدلة النقلية.

والعقل السليم لا يعارضها على القاعدة التي تقول:

" العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح ".

فإذا كان العقل هو الذي دلنا على معرفة الله _ عز وجل _ وعلى أن محمداً رسول الله حقاً _ فإن أي معارضة تُفْرَض بين العقل وما جاء في الكتاب والسنة، أو رَدّ خبر الله، وخبر رسوله؛ بحجة مخالفتها للعقل _ تعد مناقضة صريحة لما دل عليه العقل نفسه2.

1_ انظر عقيدة أهل السنة والجماعة للكاتب ص 63_65.

2_

انظر العقل والنقل عند ابن رشد، د. محمد أمان 12_15.

ص: 130

وهذا ما سيتبين في الفقرة التالية.

ك: بين العقل والنقل: القاعدة العريضة العامة المشهورة تقول: "العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح".

والعقل الصريح: هو الخالي من الشبهات والشهوات، والنقل الصحيح: هو السالم من العلل والقوادح.

القاعدة الأخرى تقول: "إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل".

قال شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: "فلا يُتَصور أن يتعارض عقل صريح ونقل صحيح أبداً"1.

وقال: "إذا تعارض العقل والنقل وجب تقديم النقل؛ لأن الجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع النقيضين، وتقديم العقل ممتنع؛ لأن العقل دل على صحة السمع، ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ".

فلو أبطلنا النقل لكنا أبطلنا دلالة العقل، ولو أبطلنا دلالة العقل لم يصح أن يكون معارضاً للنقل؛ لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضة شيء من الأشياء؛ فكان تقديم العقل موجباً عدم تقديمه؛ فلا يجوز تقديمه.

وهذا بيِّنٌ واضح؛ فإن العقل هو الذي دل على صدق السمع وصحته، وأَنَّ خبره مطابق لمخبره؛ فإن جاز أن تكون الدلالة باطلة لبطلان النقل لزم أن لا يكون العقل دليلاً صحيحاً، وإذا لم يكن دليلاً صحيحاً لم يجز أن يتبع بحال، فضلاً عن أن يقدم؛ فصار تقديم العقل على النقل قدحاً في العقل.

1_ شرح العقيدة الطحاوية ص199 ـ200.

ص: 131

فالواجب كمالُ التسليم لرسول الله " والانقياد لأمره، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولاً، أو نحمِّله شبهة أو شكَّاً، أو نقدم عليه آراء الرجال، وزبالة أذهانهم؛ فنوَحِّده بالتحكيم والتسليم والإذعان كما نوَحِّد المُرْسِل بالعبادة، والخضوع، والإنابة، والتوكل"1.

ل: معنى بدائه العقول، أو بداهة العقول، أو العلم الضروري، أو بضرورة العقل: هذه ألفاظ متقاربة في المعنى، وترد كثيراً في كتب العقائد، وغالباً ما يكون ذلك في مقامات الرد والإلزام، وبيان أن المسائل أو القضايا المتنازع فيها واضحة معلومة تعرف بادي الرأي، وأول النظر دون إعمال فكر، أو إطالة تأمل.

جاء في المزهر للسيوطي: "العلم الضروري: هو الذي بينه وبين مدلوله ارتباط معقول، كالعلم الحاصل من الحواس الخمس: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس"2.

وقال الكفوي: "الضروري: الذي يقابل الاستدلالي، وهو ما يحصل بدون فكرٍ ونظرٍ في دليل"3.

وقال: "البداهة: هي المعرفة الحاصلة ابتداءاً في النفس لا بسبب الفكر، كعلمك بأن الواحد نصف الاثنين.

والبديهي أخص من الضروري؛ لأنه ما لا يتوقف حصوله على نظر وكسب سواء احتاج لشيء آخر من نحو حَدْسٍ أو تجربة أو لا كتصور الحرارة،

1_ المرجع السابق.

2_

المزهر للسيوطي 1/113.

3_

الكليات للكفوي ص576.

ص: 132

والبرودة، والتصديق بأن النفي والإثبات لا يجتمعان، ولا يرتفعان.

والأوليات: هي البديهيات بعينها سميت بها؛ لأن الذهن يُلْحق محمول القضية بموضوعها لا بتوسط شيء آخر"1.

1_ الكليات ص248.

ص: 133