الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقيدة الطينة
هذا المصطلح يرد في كتب الشيعة، وهو إحدى عقائدهم التي يدينون بها.
وهذه العقيدة من العقائد السرية عندهم، وهي تقول: بأن حسنات أهل السنة هي للشيعة، وموبقات الشيعة هي على أهل السنة.
فهذه المقالة تجعل الشيعي يعتقد بأن كل بائقة يرتكبها فذنبها على أهل السنة، وكل عمل صالح يعمله أهل السنة فثوابه للشيعة.
ولذلك فشيوخ الشيعة يتواصون بكتمان هذه العقيدة عن عامتهم؛ حتى لا يتجرؤوا على ارتكاب المعاصي والمفاسد والمخالفات؛ إذا علموا أن وزرها على غيرهم1.
"وملخص ذلك يقول: بأن الشيعي خلق من طينة خاصة، والسني خلق من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاصٍ وجرائم هو من تأثره بطينة السني، وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي؛ فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة، وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة.
وعلى هذا المعنى تدور أكثر من ستين رواية من رواياتهم"2.
أما عن سبب قولهم بتلك العقيدة _ فيمكن أن يستنبط من كثرة الأسئلة للأئمة، والشكاوى الموجهة إليهم، والتي تنم عن شكوى بعض الصادقين
1_ انظر أصول مذهب الشيعة 2/956_ 3/1285، والشيعة وصكوك الغفران ص157.
2_
أصول مذهب الشيعة 2/956.
الشيعة من انغماس قومهم بالموبقات والكبائر، وسوء المعاملة فيما بينهم، ومن الهم والقلق الذي يجدونه ولا يعرفون سببه.
ولنستمع إلى بعض هذه الأسئلة المثيرة التي تكشف شيئاً من واقع المجتمع الشيعي:
روى ابن بابويه القمي بسنده عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر _ عليه السلام _: يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر1 إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني؟ قال: "اللهم لا"، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: "لا"، قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال: "لا"، قلت: يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر، ويقطع الطريق، ويخيف السبيل، ويزني، ويلوط، ويأكل الربا، ويرتكب الفواحش، ويتهاون بالصلاة، والزكاة، ويقطع الرحم، ويأتي الكبائر؛ فكيف هذا ولِمَ هذا؟
قال: يا إبراهيم: هل يختلج في صدرك شيء غير هذا؟ قلت: نعم يا بن رسول الله أخرى أعظم من ذلك، فقال: وما هو يا أبا إسحاق؟ قال، فقلت: يا ابن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم2 من يكثر من الصلاة والصيام، ويخرج الزكاة، ويتابع بين الحج والعمرة، ويحرص على الجهاد، ويأثر _ كذا _ على البر وصلة الأرحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر، والزنا، واللواط، وسائر الفواحش فما ذاك؟ ولِمَ ذاك؟
1_ يعني الشيعي.
2_
يعني أهل السنة.
فَسِّرْه لي يا بن رسول الله، وبرهنه، وبينه، فقد _ والله _ كثر فكري، وأسهر ليلي، وضاق ذرعي"1.
هذا واحد من الأسئلة التي تكشف عن انزعاج الشيعة من واقعهم، الذي يعج بالمعاصي مقارنة بواقع سلف الأمة، وأئمة أهل السنة، ومعظم عامتهم، وما فيهم من صلاح وتقى.
"وقد أجيب هذا السائل بمقتضى عقيدة الطينة، وهي أن المعاصي الموجودة عند الشيعة هي بسبب طينة أهل السنة، والأعمال الصالحة التي تسود المجتمع السني بسبب طينة الشيعي"2.
وهكذا تكثر أسئلة الشيعة وشكاواهم عما يجدونه في أنفسهم، ومجتمعاتهم، فمن سائل يشكو سوء معاملة أصحابه، وجفاء طبعهم، وقلة وفائهم على حين عكس ذلك عند أهل السنة، إلى سائل يشكو خبث ألسنة أصحابه، وخبث خلطتهم، وقلة وفائهم بالميعاد، على حين يجد في أهل السنة حسن السمت، والوفاء بالميعاد.
إلى آخر يشكو من قلق في نفسه، ولا يجد له حلاً، ولا يعرف له تفسيراً، على حين يجد عند أهل السنة من الراحة، والطمأنينة، والسكينة بحسب قربهم من الله.
والإجابة الصحيحة عن هذه الأسئلة _ هي فساد عقيدة القوم، وعدم
1_ أصول مذهب الشيعة 2/957، نقلاً عن علل الشرائع ص606_607، وبحار الأنوار 2/228_229.
2_
المرجع السابق 2/957_958.
وضوحها واستقرارها، وإلا فالعقيدة الصحيحة تزكي النفس، وتجلب الراحة، والسكينة، والأنس، وتضبط سلوك معتنقها.
والانحراف في السلوك إنما هو ثمرة للانحراف في العقيدة؛ فالإنسان تحكمه عقيدته.
وإزاء هذه الأسئلة المحيرة من عامة الشيعة _ اخترع شيوخ الشيعة عقيدة الطينة؛ محاولة منهم للخروج من تلك الأسئلة المحرجة، والشكاوي المحيرة القاتلة1.
1_ انظر الشيعة وصكوك الغفران ص127_160.