الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التقية
هذا المصطلح يرد في كتب الشيعة، وفي كتب أهل السنة خصوصاً إذا ردوا على الشيعة.
والتقية من عقائد الشيعة التي يدينونها.
وفيما يلي نبذة يسيرة عن هذا المصطلح.
-التقية في اللغة: التقية بفتح التاء وتشديدها، وكسر القاف، وفتح الياء وتشديدها _ تطلق في اللغة عدة اطلاقات، منها: الخوف، والحذر، والكتمان.
قال ابن منظور: "وقد تَوَقَّيتُ، واتقيت الشيء، وتَقَيْتُه أتَّقِيْه، وأَتْقيه تُقَىً وتَقيَّةً، وتقاءاً: حذرته"1.
وقال: "التقية والتقاة بمعنى، يريد أنهم يتقون بعضهم بعضاً، ويظهرون الصلح والاتفاق، وباطنهم بخلاف ذلك"2.
-التقية في الاصطلاح: أما التقية في اصطلاح الشيعة فهي كما عرفها شيخهم المفيد بقوله: "التقية كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا"3.
فالتقية _ عندهم _ هي كتمان الاعتقاد؛ خشية الضرر من المخالفين، والمخالفون في اصطلاحهم هم أهل السنة _ كما هو الغالب في إطلاق هذا اللفظ عندهم _.
1_ لسان العرب 15/402.
2_
لسان العرب 15/404.
3_
أصول مذهب الشيعة 2/805، نقلاً عن شرح عقائد الصدوق ص261.
فهم يظهرون مذهب أهل السنة _ الذي يرونه باطلاً _ ويكتمون مذهب الرافضة الذي يرونه حقاً.
والشيعة أعطوا التقية صفة التقديس والتعظيم، فجعلوها أساساً لدينهم، وأصلاً من أصولهم
…
وهم يزعمون أنهم يعتمدون في التقيَّة على قوله _ تعالى _: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلَاّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران: 28] .
فهم يفسرون هذه الآية تفسيراً يعضد مذهبهم، ويؤيد رأيهم.
ولا شك أن ذلك باطلٌ وتعدٍّ على الحق، وإخراج للمعنى عن أصله؛ ذلك أن تفسير الآية الصحيح هو أن يكون المؤمن بين الكفار وحيداً أو في حكم الوحيد، والكفار لهم الغلبة والدولة، فمباح له _ والحالة هذه _ أن يتقيهم حتى يجعل الله له منهم مخرجاً.
على ألا تكون التقيَّة بأن يدخل معهم في انتهاك محرم، أو استحلاله، بل التقية بالقول والكلام فحسب1.
وقد أجمع أهل العلم على أن التقيَّة رخصة في حال الضرورة.
قال ابن بطال تبعاً لابن المنذر: "أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل، فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان _ أنه لا يحكم عليه بالكفر"2.
1_ انظر الحركات الباطنية د. محمد الخطيب ص53.
2_
فتح الباري 12/329.
وهذه الرخصة إنما يأخذ بها المستضعفون الذين يخشون ألا يثبتوا على الحق، والذين ليسوا بموضع القدوة؛ فهؤلاء يأخذون بالرخصة.
أما أولوا العزم من الأئمة الهداة _ فإنهم يأخذون بالعزيمة، ويحتملون الأذى، ويثبتون على الحق1.
قال ابن بطال: "أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجراً عند الله ممن اختار الرخصة"2.
أما التقيَّة عند الشيعة فليست رخصة في حال الضرورة فحسب، بل إنها عندهم كما يلي:
1_
يرون أن التقية ركن من أركان الدين كالصلاة أو أعظم، قال ابن بابويه:"اعتقادنا في التقية أنها واجبةٌ مَنْ تَرَكَها بمنزلة من ترك الصلاة"3.
2_
بل جعلوا التقية تسعة أعشار الدين، جاء في أصول الكافي عن جعفر الصادق أنه قال:"إن تسعة أعشار الدين التقيَّة"4.
3_
بل زادوا في ذلك فجعلوها هي الدين كله: جاء في أصول الكافي أن جعفراً قال: "لا دين لمن لا تقية له"5.
4_
جعلوا ترك التقية ذنباً لا يغفر على حد الشرك بالله: قالت أخبارهم:
1_ انظر تعليق الشيخ محمد مال الله على الخطوط العريضة ص23، وانظر الشيعة الإمامية الاثنا عشرية في ميزان الإسلام ص80_81
2_
فتح الباري 12/332.
3_
اًصول مذهب الشيعة 2/807، نقلاً عن الاعتقادات ص114.
4_
الشيعة والسنة ص154، نقلاً عن أصول الكافي 2/219.
5_
أصول مذهب الشيعة 2/807، نقلاً عن أصول الكافي 2/219.
"يغفر الله للمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة، ما خلا ذنبين: ترك التقية، وتضييع حقوق الإخوان"1.
5_
التقية عندهم حالة مستمرة، وسلوك اجتماعي دائم: قال ابن بابويه في كتابه الاعتقادات: "والتقية واجبة لا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم؛ فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله _ تعالى _ وعن دين الإمامية، وخالف الله ورسوله والأئمة"2.
6_
يرون أن التقية ملازمة للشيعي في كل ديار المسلمين، حتى أنهم يسمون دار الإسلام دار تقية.
7_
يؤكدون أن تكون عِشْرَةُ الشيعة مع أهل السنة بالتقية.
8_
يرون أن من صلى خلف أهل السنة تقية _ كمن صلى خلف الأئمة.
9_
يرون أن التقية تجري حتى وإن لم يوجد ما يسوغها: فأخبارهم تحث الشيعي أن يأخذ بالتقية مع من يأمن جانبه؛ حتى تصبح سجية وطبيعة له؛ فيمكنه التعامل بها حينئذ مع من يحذره ويخافه بدون تكلف ولا تصنع3.
هذه هي التقية عند الشيعة، ليست سوى صورة من صور الكذب والنفاق الذي يخفون وراءه زيفهم وباطلهم، وهذا هو وصف المنافقين الذي بين الله _ عز وجل _ أوصافهم في آيات كثيرة من القرآن الكريم كما في قوله _ سبحانه _:
1_ المرجع السابق 2/807_808، نقلاً عن تفسير الحسن العسكري ص130 ووسائل الشيعة 11/474 وبحار الأنوار 75/415.
2_
أصول مذهب الشيعة نقلاً عن الاعتقادات ص114_115.
3_
انظر المرجع السابق 2/808_809.
وقوله: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ14} [البقرة] .
كما بين _ عز وجل _ مصير المنافقين بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً} [النساء] .
وبمقابل ذلك أثنى الله _ عز وجل _ على أهل الحق الذين يصدعون به، ولا يخافون لومة لائم، فقال عن صفوة خلقه وهم الأنبياء:{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَاّ اللَّهَ} [الأحزاب: 39] .
وقال _ عز وجل _ حاثاً على التصريح بإظهار الحق والصدع بإعلان العقيدة: {قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة] .
هذه هي صفات أهل الحق، يرفعون عقيدتهم به، ويدعون الناس إليه، صابرين على ما يصيبهم في سبيله، محتسبين الأجر والمثوبة عند الله _ عز وجل _.
فإذا كان التشيع حقاً _ فلماذا يحرص أصحابه على إخفائه؟!
فالتقية _إذاً_ ليست إلا صورة من صور النفاق الذي يتدثر به الشيعة؛ لإخفاء عوار مذهبهم، بل إن أصحاب هذه العقيدة _ كما يرى بعض أهل السنة _ شر من المنافقين؛ لأن المنافقين يعتقدون بطلان ما يبطنونه من كفر، ويتظاهرون
بالإسلام؛ خوفاً، وأما هؤلاء فيرون أن ما يبطنونه هو الحق، وأن طريقتهم هذه هي منهج الرسل والأئمة1.
غلو الشيعة في التقية:
أما غلو الشيعة في التقية فيرجع لأسباب عديدة منها2:
1_
أن الشيعة تعد إمامة الخلفاء الراشدين الثلاثة باطلة: وهم ومن بايعهم في عداد الكفار، مع أن علياً بايعهم، وصلى خلفهم، وجاهد معهم، وزوجهم، وتسرى من جهادهم، ولما ولي الخلافة سار على نهجهم، ولم يغير شيئاً مما فعله أبو بكر وعمر _ كما تعترف بذلك كتب الشيعة _.
وهذا يبطل مذهب الشيعة من أساسه، فحاولوا الخروج من هذا التناقض بالقول بالتقية، وأن علياً إنما فعل ذلك تقية.
2_
أنهم ادعوا العصمة للأئمة: وهذه الدعوى خلاف ما هو معلوم من حالهم، حتى أن روايات الشيعة المنسوبة للأئمة مختلفة متناقضة، بحيث لا يوجد خبر منها إلا وبإزائه ما يناقضه، وهذا يناقض مبدأ العصمة من أصله؛ فكان أن قالوا بالتقية؛ لتسويغ هذا التناقض.
3 _
تسهيل مهمة الكذابين على الأئمة، ومحاولة التعتيم على حقيقة مذهب أهل البيت: بحيث يوهمون الأتباع أن ما يفعله واضعوا مبدأ التقية عن الأئمة _ هو حقيقة مذهبهم، وأن ما اشتهر، وذاع عنهم، وما يقولونه، وما يفعلونه أمام المسلمين _ لا يمثل مذهبهم، وإنما يفعلونه تقيةً؛ فيسهل عليهم بهذه الحيلة ردُّ
1_ انظر أصول مذهب الشيعة 2/805.
2_
انظر أصول مذهب الشيعة 2/811_818.
أقوالهم، والدس عليهم، وتكذيب ما يروى عنهم من حق.
4_
عزل الشيعة عن المسلمين: لذلك جاءت أخبارهم في التقية على النمط، يقول إمامهم أبو عبد الله:"ما سمعت مني يشبه كلام الناس ففيه التقية، وما سمعت مني لا يشبه كلام الناس فلا تقية فيه"1.
وهذا مبدأ خطير؛ إذ إن تطبيقه يخرج الشيعة من الإسلام رأساً، وينظمهم في سلك الملاحدة والزنادقة؛ لأنهم جعلوا مخالفة المسلمين هي القاعدة، فتكون النتيجة أنهم يوافقون الكافرين، ويخالفون المسلمين.
هذا هو مفهوم التقية، وهذه بعض أسبابها.
ولما كانت التقية لا تعني سوى الكذب والنفاق وهو مما تكرهه النفوس السليمة، وتنكره الفطر القويمة، وتأباه العقول الراشدة _ حاولت روايات الشيعة أن تحببهما للأتباع، وتغريهم بالتزامها؛ فزعموا أنها عبادة الله، بل هي أحب العبادات إليه، إلى غير ذلك مما ساقوه في فضائلها مما مر آنفاً.
ولهذا فالشيعة تطبق مبدأ التقية، وكلما أوغل الإنسان منهم في التشيع كان أشد أخذاً بها.
ولذلك لو تقدمت إلى أي شيعي وسألته عن معتقده لأجابك على الفور بأن الرب واحد، والدين واحد، والنبي واحد، ولا فرق بين المسلمين، ونحن إخوة ويجب أن نكون كذلك، وهكذا
…
ومن الأمثلة على التقية عندهم "ما لوحظ في جميع أدوار التأريخ على
1_ المرجع السابق 2/814، نقلاً عن بحار الأنوار 2/252.
جماهير الشيعة، ومواقفهم مع الحكومات الإسلامية _ أن أي حكومة إسلامية إذا كانت قوية راسخة يتملقونها بألسنتهم، عملاً بعقيدة التقية؛ ليمتصوا خيراتها، ويتبوؤوا مراكزها؛ فإذا ضعفت أو هوجمت من عدو انحازوا إلى صفوفه، وانقلبوا عليها، وهكذا كانوا أواخر الدولة الأموية، عندما ثار على خلفائها بنو عمهم العباسيون، بل كانت ثورتهم بتسويل الشيعة، وتحريضهم، ودسائسهم.
ثم كانوا في مثل هذا الموقف الإجرامي عندما كانت مهددة باجتياح هولاكو والمغول الوثنيين لخلافة الإسلام، وعاصمة عزِّه ومركز حضارته وعلومه.
فبعد أن كان حكيم الشيعة وعالمها النصير الطوسي ينظم الشعر في التزلف للخليفة العباسي المستعصم _ ما لبث أن انقلب في سنة 655هـ محرضاً عليه متعجلاً نكبة الإسلام في بغداد"1.
1_ الخطوط العريضة لمحب الدين الخطيب ص73.