الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَاخْتِيَارُهُ لِخَصْلَةٍ مِنْ ذَلِكَ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ مَقَادِيرِ التَّعْزِيرَاتِ لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ فِيهِ أَوْ وَقَعَ مِنْهُ فِعْلٌ، فَالتَّعْزِيرُ بِحَسَبِ عِظَمِهِ وَحَقَارَتِهِ، وَكَذَلِكَ اخْتِيَارُهُ لِخَصْلَةٍ مِنْ عُقُوبَةِ الْمُحَارَبِينَ إنْ وُجِدَ مِنْ الْمُحَارَبِينَ الْقَتْلُ وَعَيَّنَ الْإِمَامُ الْقَتْلَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ إنْشَاءَ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ.
وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ الْقَتْلَ فِي مُحَارَبٍ لَمْ يَقْتُلْ، بَلْ عَيَّنَ الْقَتْلَ لِعِظَمِ رَأْيِهِ وَذَهَابِهِ وَأَنَّ قَتْلَهُ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ، فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَمْنَعُ قَتْلَ الْمُحَارَبِ إلَّا إذَا قَتَلَ وَلَا يَقْطَعُهُ إلَّا إذَا سَرَقَ، فَتَصِيرُ هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ الْأَسْرَى، فَتَتَعَيَّنُ خَصْلَةٌ مِنْ خِصَالِ عُقُوبَةِ الْمُحَارَبِ، وَيَكُونُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ، وَكَذَلِكَ تَعْيِينُ أَرْضِ الْعَنْوَةِ لِلْبَيْعِ أَوْ الْقَسْمِ أَوْ الْوَقْفِ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ.
النَّوْعُ السَّابِعَ عَشَرَ: الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْجُنَاةِ وَرَدْعِ الطُّغَاةِ إذَا لَمْ يُنَفِّذْ هُوَ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ وَقَتْلِ الزَّنَادِقَةِ، فَإِنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْقَتْلَ وَحَكَمَ بِهِ كَانَ هَذَا إنْشَاءَ حُكْمٍ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ، بِخِلَافِ قِتَالِ الْبُغَاةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
النَّوْعُ الثَّامِنَ عَشَرَ: عَقْدُ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لَيْسَ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، بَلْ جَوَازُهُ عِنْدَ سَبَبِهِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إنَّمَا هُوَ الْتِزَامٌ لِكِفَايَةِ الشَّرِّ حَالَةَ الضَّعْفِ، فَلِغَيْرِهِ بَعْدَهُ أَنْ يَنْظُرَ هَلْ السَّبَبُ يَقْتَضِي ذَلِكَ فَيُبْقِيهِ أَوْ لَا فَيَنْقُضُهُ وَيُبْطِلُهُ.
النَّوْعُ التَّاسِعَ عَشَرَ: عَقْدُ الْجِزْيَةِ لِلْكُفَّارِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ، لَكِنْ لَيْسَ لِكَوْنِهِ حُكْمًا إنْشَائِيًّا كَالْقَضَاءِ بِصِحَّةِ الْعُقُودِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَلْ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَ هَذَا الْعَقْدَ مُوجِبًا لِلِاسْتِمْرَارِ فِي حَقِّ الْمَعْقُودِ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقَعَ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي النَّقْضَ كَعَقْدِهِ لِأَهْلِ دِينٍ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، نَحْوِ الزَّنَادِقَةِ وَالْمُرْتَدِّينَ وَنَحْوِهِمْ.
النَّوْعُ الْعِشْرُونَ: تَقْدِيرُ الْخَرَاجِ عَلَى الْأَرَضِينَ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تُجَّارِ الْحَرْبِيِّينَ لَيْسَ بِحُكْمٍ، إنَّمَا هُوَ تَرْتِيبُ مَا تَقْتَضِيهِ الْأَسْبَابُ الْحَاضِرَةُ، فَإِنْ ظَهَرَ لِغَيْرِهِ أَنَّ السَّبَبَ عَلَى خِلَافِ مَا اعْتَقَدَهُ كَمَا إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِالْبَخْسِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ.
[فَصْلٌ مَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ]
(فَصْلٌ) :
وَمِمَّا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ تَفْلِيسُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَى الْمِدْيَانِ الْقَضَاءُ بِإِفْلَاسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ الْحَجْرُ بِنَاءً عَلَيْهِ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ حَجْرُهُ مِنْ غَيْرِ الْقَضَاءِ بِإِفْلَاسِهِ بِالْإِجْمَاعِ " مِنْ الذَّخِيرَةِ ".
وَكَذَلِكَ بَيْعُ مَنْ أَعْتَقَهُ الْمِدْيَانُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ لِتَعَارُضِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ وَحَقِّ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ الْحُدُودُ فَإِنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَتْ مَقَادِيرُهَا مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهَا لِجَمِيعِ النَّاسِ يُؤَدِّي إلَى الْفِتَنِ وَالشَّحْنَاءِ وَالْقَتْلِ وَفَسَادِ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْعَبْدِ إلَّا بِالْحُكْمِ لِتَعَارُضِ حَقِّ اللَّهِ فِي الْعِتْقِ وَحَقِّ السَّيِّدِ فِي الْمِلْكِ وَحَقِّ الْعَبْدِ فِي تَخْصِيصِ الْكَسْبِ وَقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي التَّمْلِيكِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْحُكْمِ وَكَذَلِكَ التَّطْلِيقُ عَلَى الْغَائِبِينَ مِنْ الْمَفْقُودِينَ وَغَيْرِهِمْ فَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ.
وَكَذَلِكَ قِسْمَةُ الْغَنَائِمِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْمَقَادِيرِ، وَأَسْبَابُ الِاسْتِحْقَاقَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَاكِمِ، وَلَوْ فُرِضَتْ لِجَمِيعِ النَّاسِ لَدَخَلَهُمْ الطَّمَعُ وَأَحَبَّ كُلُّ إنْسَانٍ لِنَفْسِهِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ مَا يَطْلُبُهُ غَيْرُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْفِتَنِ.
وَكَذَلِكَ جِبَايَةُ الْجِزْيَةِ وَأَخْذُ الْخَرَاجَاتِ مِنْ أَرَاضِي الْعَنْوَةِ لَوْ جُعِلَتْ إلَى الْعَامَّةِ لَفَسَدَ الْحَالُ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحَاكِمِ.
وَكَذَلِكَ مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى كَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَحْكَامِ يَطُولُ تَتَبُّعُهَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي: لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ كَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَالْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ كَتَحْرِيمِ السِّبَاعِ، وَكَذَلِكَ وَفَاءُ الدُّيُونِ وَرَدُّ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ وَأَحْكَامُ الْعِبَادَاتِ، فَالْمُبَادَرَةُ بِهَا مُتَعَيِّنَةٌ، وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ اسْتِقْلَالًا، وَأَمَّا بِطَرِيقِ الْعَرْضِ فَيَدْخُلُهَا حُكْمُ الْحَاكِمِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، هَلْ يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ أَوْ لَا؟ مِثَالُ ذَلِكَ: فَسْخُ الْبَيْعِ بَعْدَ تَخَالُفِ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، وَكَذَلِكَ فَسْخُ النِّكَاحِ بَعْدَ التَّخَالُفِ، فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ الْيَتِيمُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِوَصِيٍّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ هَلْ يَكْفِي إطْلَاقُهُ لِلْيَتِيمِ مِنْ الْحَجْرِ دُونَ مُطَالَعَةِ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْذَانِ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ إطْلَاقُ الْوَصِيِّ لَهُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.
وَكَذَلِكَ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: بِتَمَامِ التَّحَالُفِ تَقَعُ الْفُرْقَةُ دُونَ حُكْمِ الْحَاكِمِ، نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا حَتَّى يُفَرِّقَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ.
وَكَذَلِكَ الْقَاضِي: هَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ فِسْقِهِ أَوْ لَا حَتَّى يَعْزِلَهُ الْإِمَامُ؟ فِيهِ خِلَافٌ.
الْقِسْمُ الرَّابِعُ: فِي بَيَانِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ اسْتِقْلَالًا أَوْ تَضَمُّنًا مُلَخَّصًا مِنْ كَلَامِ سِرَاجِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيِّ، وَبَعْضُهُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، فَالطَّهَارَةُ لَا يَدْخُلُهَا شَيْءٌ مِنْ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَلَا بِالْمُوجَبِ اسْتِقْلَالًا لَكِنْ يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ كَتَعْلِيقِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ عَلَى طَهَارَةِ مَاءٍ أَوْ نَجَاسَتِهِ، فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الصِّفَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ بِمُوجَبِ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُعَلِّقِ وَوُجُودِ صِفَتِهِ كَانَ ذَلِكَ مُتَضَمِّنًا لِلْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ أَوْ بِالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةُ يَدْخُلُهَا الْحُكْمُ بِالتَّضَمُّنِ، مِثْلُ مَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ بِوُضُوءٍ خَالٍ عَنْ النِّيَّةِ، أَوْ مَعَ وُجُودِ مَسِّ الذَّكَرِ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّةَ الصَّلَاةِ مَعَ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِعَدَالَةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَالْحَاكِمُ مُعْتَقِدٌ صِحَّةَ ذَلِكَ كَانَ حُكْمُهُ مُتَضَمِّنًا صِحَّةَ وُضُوئِهِ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ الصَّلَاةِ الْخَالِيَةِ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ عَنْ الطُّمَأْنِينَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَلَقَدْ عَجِبْت مِنْ قَاضٍ حَضَرَ عِنْدَ أَمِيرٍ وَوَقَعَ الْكَلَامُ فِي صِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ بِجَامِعٍ بَنَاهُ ذَلِكَ الْأَمِيرُ، فَلَمَّا تَكَلَّمُوا فِي الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي يَحْكُمُ بِصِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهِ.
قُلْت: وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَدْخُلَ ذَلِكَ وَلَا نَحْوُهُ تَحْتَ الْحُكْمِ اسْتِقْلَالًا وَلَا تَضَمُّنًا عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنْ يَدْخُلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى صِحَّةِ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ، فَالْحُكْمُ فِيهِ إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْمُعَلِّقِ بِمَا الْتَزَمَهُ يَتَضَمَّنُ صِحَّةَ إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي هَذَا الْمَكَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى إلْزَامِ الشَّخْصِ لَا مُطْلَقًا.
وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَيَدْخُلُهَا الْحُكْمُ، وَذَلِكَ مِثْلُ مَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِجَوَازٍ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ بِصِحَّةِ الْإِخْرَاجِ أَوْ بِمُوجَبِ الْإِخْرَاجِ عِنْدَهُ وَهُوَ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِذَلِكَ كَانَ الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ وَالْمُوجَبِ فِي ذَلِكَ سَوَاءً، وَلَيْسَ لِلسَّاعِي إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا مَذْهَبَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمَالِكَ بِإِخْرَاجِ الْوَاجِبِ عِنْدَهُ سَوَاءً حَكَمَ بِالصِّحَّةِ أَوْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ: فَيَدْخُلُهُ أَيْضًا، وَذَلِكَ إذَا صَامَ الْوَلِيُّ الْوَارِثُ عَنْ الْمَيِّتِ وَطَلَبَ الْوَصِيُّ أَنْ يُخْرَجَ الطَّعَامُ فَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنْهُ وَتَرَافَعَا إلَى حَاكِمٍ يَرَى صِحَّةَ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِمُوجَبِهِ فَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ حِينَئِذٍ وَلَا أَنْ يُطَالِبَ الْوَارِثَ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ: فَيَدْخُلُهُ الْحُكْمُ اسْتِقْلَالًا وَتَضَمُّنًا.
أَمَّا اسْتِقْلَالًا: فَفِي مَسَائِلَ مِنْهَا: مَنْ اعْتَكَفَتْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَلَهُ مَنْعُهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَكَذَلِكَ إذَا اعْتَكَفَ الْمِدْيَانُ هَرَبًا مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَأَمَّا التَّضَمُّنُ: فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ وَأَمَّا الْحَجُّ: فَإِنَّهُ لَوْ فَسَخَ حَنْبَلِيٌّ حَجَّهُ إلَى الْعُمْرَةِ حَيْثُ يَسُوغُ عِنْدَهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَلَيْسَ مُعْتَقَدُهَا ذَلِكَ فَامْتَنَعَتْ مِنْ تَمْكِينِهِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ فَارْتَفَعَا إلَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ فَحَكَمَ عَلَيْهَا بِصِحَّةِ مَا فَعَلَ زَوْجُهَا الْحَنْبَلِيُّ أَوْ حَكَمَ