الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَشَرْطُ ذَابِحٍ وَصَائِدٍ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ،
ــ
[مغني المحتاج]
بِذَكَاةِ أُمِّهِ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الذَّكَاةِ اسْتِقْلَالًا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْجَنِينِ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. .
[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الذَّابِحُ]
ثُمَّ شَرَعَ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي، وَهُوَ الذَّابِحُ. فَقَالَ (وَشَرْطُ ذَابِحٍ) أَيْ وَعَاقِرٍ (وَصَائِدٍ) لِغَيْرِ سَمَكٍ وَجَرَادٍ لِيَحِلَّ مَذْبُوحُهُ وَمَعْقُورُهُ وَمَصِيدُهُ (حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ) لِلْمُسْلِمِينَ بِكَوْنِهِ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ. قَالَ تَعَالَى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " إنَّمَا أُحِلَّتْ ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ " رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَسَوَاءٌ اعْتَقَدُوا إبَاحَتَهُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ أَمْ تَحْرِيمَهُ كَالْإِبِلِ. وَأَمَّا سَائِرُ الْكُفَّارِ كَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ فَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ وَلَا مَصِيدُهُمْ وَلَا مَعْقُورُهُمْ لِعَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ.
وَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: إنْ قُلْنَا: تَحِلُّ مُنَاكَحَةُ الْجِنِّ حَلَّتْ ذَبِيحَتُهُمْ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ، وَبَقِيَّةُ الْحَيَوَانَاتِ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهَا لَوْ عَلِمَتْ الذَّبْحَ فِي الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّائِدِ كَوْنَهُ بَصِيرًا؛ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الذَّابِحِ كَوْنَهُ لَيْسَ مُحَرَّمًا فِي الْوَحْشِيِّ أَوْ الْمُتَوَلَّدِ مِنْهُ، وَفِي الْمَذْبُوحِ كَوْنَهُ غَيْرَ صَيْدٍ حَرَمِيٍّ عَلَى حَلَالٍ أَوْ مُحَرَّمٍ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ ذَلِكَ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ، وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ مُبَاحُ الذَّبِيحَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَكِنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّيْدِ الْبَرِّيِّ. أَمَّا صَائِدُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ مَيْتَتَهُمَا حَلَالٌ، فَلَا عِبْرَةَ بِالْفِعْلِ، وَلَا أَثَرَ لِلرِّقِّ فِي الذَّابِحِ (وَ) حِينَئِذٍ (تَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) وَإِنْ حُرِّمَ مُنَاكَحَتُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ
وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ، وَلَوْ أَرْسَلَا كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَ أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ، وَلَوْ انْعَكَسَ أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا أَوْ جُهِلَ أَوْ مُرَتَّبًا وَلَمْ يُذَفِّفْ أَحَدُهُمَا حَرُمَ.
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَذْكُورَةِ، وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُ ذَابِحٍ حِلُّ مُنَاكَحَتِهِ، وَاسْتَثْنَى الْإِسْنَوِيُّ أَيْضًا زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُنَّ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُنَّ وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُنَّ.
قَالَ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الضَّابِطِ مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ لِنَقْصِهِ، وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَانَ يَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَ أَنْ نَكَحَهُنَّ، فَالتَّحْرِيمُ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَيْهِ، وَهُوَ رَأْسُ الْمُؤْمِنِينَ صلى الله عليه وسلم. قَالَ فَلَا يُورِدُ ذَلِكَ إلَّا قَلِيلُ الْبَصِيرَةِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَحَّحَ الِاسْتِثْنَاءُ بِأَنْ يُقَالَ زَوْجَاتُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْرُمُ نِكَاحُهُنَّ وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُنَّ اهـ.
وَالْأَوْلَى عَدَمُ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ عَلَى غَيْرِهِ صلى الله عليه وسلم لَا لِشَيْءٍ فِيهِنَّ، وَإِنَّمَا هُوَ تَعْظِيمًا لَهُ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ فَإِنَّهُ لِأَمْرٍ فِيهَا، وَهُوَ رِقُّهَا مَعَ كُفْرِهَا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حِلُّ ذَكَاةِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا، وَقِيلَ تُكْرَهُ ذَكَاةُ الْمَرْأَةِ الْأُضْحِيَّةَ، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى (وَلَوْ شَارَكَ مَجُوسِيٌّ) أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى (مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ) يَحْتَاجُ لِتَذْكِيَةٍ كَأَنْ أَمَرَّا سِكِّينًا عَلَى حَلْقِ شَاةٍ أَوْ قَتَلَا صَيْدًا بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ (حَرُمَ) الْمَذْبُوحُ وَالْمُصَادُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَلَوْ أَرْسَلَا) أَيْ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ (كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ) أَوْ أَحَدُهُمَا كَلْبًا وَالْآخَرُ سَهْمًا عَلَى صَيْدٍ (فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ) آلَةَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ السَّهْمَيْنِ أَوْ كَلْبُ الْمُسْلِمِ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ الْكَلْبَيْنِ (فَقَتَلَ) الصَّيْدَ (أَوْ) لَمْ يَقْتُلْهُ بَلْ (أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ) ثُمَّ أَصَابَهُ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ أَوْ سَهْمُهُ (حَلَّ) وَلَا يَقْدَحُ مَا وُجِدَ مِنْ الْمَجُوسِيِّ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُسْلِمُ شَاةً فَقَدَّهَا مَجُوسِيٌّ، فَلَوْ أَدْرَكَهُ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ أَوْ سَهْمُهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَقَتَلَهُ حَرُمَ وَضَمِنَهُ الْمَجُوسِيُّ لِلْمُسْلِمِ.
(وَلَوْ انْعَكَسَ) مَا ذُكِرَ بِأَنْ سَبَقَ آلَةُ الْمَجُوسِيِّ فَقَتَلَ أَوْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ (أَوْ) لَمْ يَسْبِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (جَرَحَاهُ مَعًا) وَحَصَلَ الْهَلَاكُ بِهِمَا (أَوْ جُهِلَ) ذَلِكَ، وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ (أَوْ) جَرَحَاهُ (مُرَتَّبًا) بِأَنْ سَبَقَ آلَةُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (وَ) لَكِنْ (لَمْ يُذَفِّفْ أَحَدُهُمَا) بِإِعْجَامِ الذَّالِ وَإِهْمَالِهَا: أَيْ لَمْ يُقْتَلْ سَرِيعًا فَهَلَكَ بِهِمَا (حَرُمَ) الصَّيْدُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ.
تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ سَبَقَ كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ فَأَمْسَكَ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَمْ يَجْرَحْ أَنَّهُ إذَا قَتَلَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ يَحِلُّ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ هُوَ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمْسَكَهُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، فَلَا يَحِلُّ بِقَتْلِ كَلْبِ الْمُسْلِمِ، وَلَوْ أَثْخَنَ مُسْلِمٌ بِجِرَاحَتِهِ صَيْدًا فَقَدْ زَالَ امْتِنَاعُهُ وَمِلْكُهُ، فَإِذَا جَرْحَهُ مَجُوسِيٌّ وَمَاتَ بِالْجُرْحَيْنِ حَرُمَ، وَعَلَى الْمَجُوسِيِّ قِيمَتُهُ مُثْخَنًا؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَهُ بِجَعْلِهِ مَيْتَةً، وَلَوْ أَكْرَهَ مَجُوسِيٌّ مُسْلِمًا عَلَى ذَبْحٍ وَلَوْ أَمْسَكَ لَهُ صَيْدًا فَذَبَحَهُ أَوْ شَارَكَهُ فِي قَتْلِهِ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ وَهُوَ فِي حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ أَوْ شَارَكَهُ فِي رَدِّ الصَّيْدِ عَلَى كَلْبِ الْمُسْلِمِ بِأَنْ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يَحْرُمْ، إذْ
وَيَحِلُّ ذَبْحُ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ، وَكَذَا غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ فِي الْأَظْهَرِ
وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى، وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ فِي الْأَصَحِّ.
وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ،
ــ
[مغني المحتاج]
الْمَقْصُودُ الْفِعْلُ، وَقَدْ حَصَلَ مِمَّنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَلَا غَيْرُهُ بِمَا ذُكِرَ، وَيَحِلُّ مَا اصْطَادَ الْمُسْلِمُ بِكَلْبِ الْمَجُوسِيِّ قَطْعًا، وَلَوْ أَرْسَلَ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ سَهْمَهُ عَلَى صَيْدٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَوَقَعَ بِالصَّيْدِ، لَمْ يَحِلَّ نَظَرًا إلَى أَغْلَظِ الْحَالَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مُسْلِمًا فِي حَالَتَيْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَتَخَلَّلَتْ الرِّدَّةُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَحِلَّ أَيْضًا.
فَائِدَةٌ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّبْحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِمَا وَتَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ لِبَقَاءِ دَمِهَا.
(وَيَحِلُّ ذَبْحُ) وَصَيْدُ (صَبِيٍّ) مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ (مُمَيِّزٍ) ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا، فَانْدَرَجَ تَحْتَ الْأَدِلَّةِ كَالْبَالِغِ، (وَكَذَا) صَبِيٌّ (غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ) يَحِلُّ ذَبْحُهُمْ (فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ، لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ خَوْفًا عَنْ عُدُولِهِمْ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِهِ، فَلَوْ قَالَ: وَيُكْرَهُ كَأَعْمَى كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ، وَالثَّانِي لَا تَحِلُّ لِفَسَادِ قَصْدِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تَمْيِيزٌ أَصْلًا، فَإِنْ كَانَ لَهُمَا أَدْنَى تَمْيِيزٍ حَلَّ قَطْعًا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ، وَمَحَلُّ حِلِّ ذَبْحِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذَا أَطَاقَ الذَّبْحَ، فَإِنْ لَمْ يُطِقْ لَمْ يَحِلَّ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، بَلْ الْمُمَيِّزُ إذَا لَمْ يُطِقْ الْحُكْمَ فِيهِ كَذَلِكَ، وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ.
(وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ أَعْمَى) لِمَا مَرَّ (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ أَوْ كَلْبٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ جَوَارِحِ السِّبَاعِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَصْدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الصَّيْدَ فَصَارَ كَاسْتِرْسَالِ الْكَلْبِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ بِنَفْسِهِ، وَالثَّانِي يَحِلُّ كَذَبْحِهِ.
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُهُ عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِ الْأَعْمَى يَقْتَضِي أَنَّ صَيْدَ مَنْ قَبْلَهُ حَلَالٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، وَلَيْسَ بِشَيْءِ اهـ.
وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْأَعْمَى يَجْرِيَانِ فِي اصْطِيَادِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ فِي التَّرْجِيحِ وَإِنْ جَرَى ابْنُ الْمُقْرِي عَلَى الِاتِّحَادِ، وَحَكَى الدَّارِمِيُّ فِي ذَبْحِ النَّائِمِ وَجْهَيْنِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ عَدَمُ حِلِّهِ. وَأَمَّا ذَبِيحَةُ الْأَخْرَسِ فَتَحِلُّ وَإِنْ لَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ كَالْمَجْنُونِ. فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا: أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّكَاةِ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، ثُمَّ الصَّبِيُّ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْكِتَابِيُّ، ثُمَّ الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ. انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا: وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فِي مَعْنَى الْأَخِيرَيْنِ.
(وَتَحِلُّ مَيْتَةُ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ) بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ نَظِيرُ الْأَوَّلِ فِي الْبَرِّ مُحَرَّمًا كَكَلْبٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وَلِخَبَرِ «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ» وَلِخَبَرِ «هُوَ: أَيْ الْبَحْرُ: الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَلِأَنَّ ذَبْحَهُمَا
وَلَوْ صَادَهُمَا مَجُوسِيٌّ.
وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ وَفَاكِهَةٍ إذَا أُكِلَ مَعَهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَلَا يَقْطَعُ بَعْضَ سَمَكَةٍ حَيَّة، فَإِنْ فَعَلَ
ــ
[مغني المحتاج]
لَا يُمْكِنُ عَادَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ سَوَاءٌ مَاتَا بِسَبَبٍ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ طَافِيًا أَمْ رَاسِبًا، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الطَّافِي؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَكَلَ مِنْ الْعَنْبَرِ، وَهُوَ الْحُوتُ الَّذِي طَفَا، وَكَانَ أَكْلُهُ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَوْ صَادَهُمَا) أَيْ السَّمَكَ وَالْجَرَادَ (مَجُوسِيٌّ) ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِيهِ أَنْ يُجْعَلَ مَيْتَةً وَمَيْتَتُهُمَا حَلَالٌ كَمَا مَرَّ، وَلَا اعْتِبَارَ بِفِعْلِهِ. قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ: وَلَوْ ذَبَحَ مَجُوسِيٌّ سَمَكَةً حَلَّتْ أَيْضًا، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ قَتَلَهُمَا مَجُوسِيٌّ لَكَانَ أَوْلَى.
وَأَمَّا قَتْلُ الْمُحْرِمِ الْجَرَادَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا عَلَى غَيْرِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُسَنُّ ذَبْحُ كِبَارِ السَّمَكِ الَّذِي يَطُولُ بَقَاؤُهُ إرَاحَةً لَهُ، وَيُكْرَهُ ذَبْحُ صِغَارِهِ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَتَعَبٌ بِلَا فَائِدَةٍ.
تَنْبِيهٌ: شَمَلَ حِلُّ مَيْتَةِ السَّمَكِ مَا لَوْ وُجِدَتْ سَمَكَةٌ مَيِّتَةً فِي جَوْفِ أُخْرَى فَتَحِلُّ: كَمَا لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُتَغَيِّرَةً وَإِنْ لَمْ تَتَقَطَّعْ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالرَّوْثِ وَالْقَيْءِ.
(وَكَذَا الدُّودُ الْمُتَوَلِّدُ مِنْ طَعَامٍ كَخَلٍّ) وَجُبْنٍ (وَفَاكِهَةٍ إذَا أُكِلَ مَعَهُ) مَيْتًا يَحِلُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِعُسْرِ تَمْيِيزِهِ، وَأَلْحَقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اللَّحْمَ الْمُدَوِّدَ بِالْفَاكِهَةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا سَهُلَ تَمْيِيزُهُ كَالتُّفَّاحِ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَكْلُهُ مَعَهُ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ: أَيْ إذَا كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَهُ أَكْلُهُ مُنْفَرِدًا فَيَحْرُمُ لِنَجَاسَتِهِ وَاسْتِقْذَارِهِ، وَكَذَا لَوْ نَحَّاهُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى آخَرَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، أَوْ تَنَحَّى بِنَفْسِهِ ثُمَّ عَادَ بَعْدَ إمْكَانِ صَوْنِهِ عَنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهُ. وَالثَّالِثُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ.
تَنْبِيهٌ: حَقُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تُذْكَرَ فِي بَابِ الْأَطْعِمَةِ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَثُرَ مِنْ الدُّودِ أَوْ لَا، وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَنَّهُ إذَا كَثُرَ وَغَيَّرَ يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُنَجِّسُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ وُقُوعَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَائِعِ عَنْ كَثْرَتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَيُقَاسَ بِالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الطَّعَامِ التَّمْرُ وَالْبَاقِلَاءُ الْمُسَوِّسَانِ إذَا طُبِخَا وَمَاتَ السُّوسُ فِيهِمَا، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ: وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالْفُولِ بِأَنَّ التَّمْرَ يُشَقُّ عَادَةً وَيُزَالُ مَا فِيهِ، بِخِلَافِ الْفُولِ لَكَانَ مُتَّجَهًا، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْعَسَلِ نَمْلٌ وَطُبِخَ جَازَ أَكْلُهُ، بِخِلَافِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي تَنْقِيَتِهِ عَنْهُ، وَلَوْ وَقَعَتْ نَمْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ ذُبَابَةٌ فِي قِدْرِ طَبِيخٍ وَتَهَرَّتْ أَجْزَاؤُهَا فِيهِ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُ ذَلِكَ الطَّبِيخِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَقْذَرُ، وَمِثْلُ الْوَاحِدَةِ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقِدْرِ جُزْءٌ مِنْ لَحْمِ آدَمِيٍّ وَإِنْ قَلَّ. قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: حُرِّمَ أَكْلُ مَا فِيهَا لَا لِنَجَاسَتِهِ، بَلْ لِحُرْمَتِهِ، وَخَالَفَهُ فِي الرَّوْضَةِ فَقَالَ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِاسْتِهْلَاكِهِ.
(وَلَا يَقْطَعُ) شَخْصٌ عَلَى جِهَةِ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (بَعْضَ سَمَكَةٍ حَيَّةٍ) أَوْ جَرَادَةٍ حَيَّةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ عَيْشَهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ: كَمَا يُكْرَهُ قَلْيُهُ حَيًّا فِي الزَّيْتِ الْمَغْلِيِّ لِمَا ذُكِرَ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ
أَوْ بَلِعَ سَمَكَةً حَيَّةً حَلَّ فِي الْأَصَحِّ.
وَإِذَا رَمَى صَيْدًا مُتَوَحِّشًا، أَوْ بَعِيرًا نَدَّ، أَوْ شَاةً شَرَدَتْ بِسَهْمٍ، أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ جَارِحَةً فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ.
وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْ قَطْعُ حُلْقُومِهِ فَكَنَادٍّ.
ــ
[مغني المحتاج]
قَطَعَ بَعْضَ مَا ذُكِرَ وَبَلِعَ ذَلِكَ الْمَقْطُوعَ (أَوْ بَلِعَ) بِكَسْرِ اللَّامِ فِي الْأَشْهَرِ (سَمَكَةً) أَوْ جَرَادَةً (حَيَّةً حَلَّ) مَا ذُكِرَ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُبَانَ كَالْمَيْتَةِ، وَمَيْتَةُ هَذَا الْحَيَوَانِ حَلَالٌ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ قَتْلِهَا وَهُوَ جَائِزٌ. وَالثَّانِي لَا يَحِلُّ الْمَقْطُوعُ كَمَا فِي غَيْرِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، وَلَا الْمَبْلُوعُ لِمَا فِي جَوْفِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ.
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْأُولَى إنَّمَا هُوَ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أُبِينَ مَعَ بَقَاءِ حَيَاةِ السَّمَكَةِ أَوْ الْجَرَادَةِ. أَمَّا لَوْ قَطَعَ وَلَمْ يَبْقَ فِي الْبَاقِي حَيَاةٌ حَلَّ قَطْعًا، وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ، فَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِلتَّدَاوِي جَازَ قَطْعًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
ثَانِيهَا: لَوْ أُكِلَ مَشْوِيُّ صِغَارِ السَّمَكِ بِرَوْثِهِ حَلَّ وَعُفِيَ عَنْ رَوْثِهِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِهِ. وَأَمَّا كِبَارُهُ فَلَا يَجُوزُ أَكْلُ الرَّوْثِ مَعَهُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
ثَالِثُهَا: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَيَّةً قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمَيْتَةِ بِلَا خِلَافٍ وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً امْتَنَعَ لِعَدَمِ الْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ رَوْثِهَا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شُهْبَةَ فِي الْكَبِيرَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الصَّغِيرَةِ.
(وَإِذَا رَمَى) بِسَهْمٍ (صَيْدًا مُتَوَحِّشًا، أَوْ) رَمَى (بَعِيرًا) إنْسِيًّا تَوَحَّشَ كَأَنْ (نَدَّ) بِفَتْحِ النُّونِ أَوَّلَهُ: أَيْ ذَهَبَ عَلَى وَجْهِهِ شَارِدًا (أَوْ) رَمَى (شَاةً) إنْسِيَّةً تَوَحَّشَتْ كَأَنْ (شَرَدَتْ بِسَهْمٍ) فِيهِ نَصْلٌ أَوْ لَهُ حَدٌّ، أَوْ بِسَيْفٍ، أَوْ رُمْحٍ، أَوْ نَحْوِهِ (أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ) أَيْ الصَّيْدِ (جَارِحَةً) مِنْ سِبَاعٍ أَوْ طُيُورٍ (فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ) حَلْقًا أَوْ لَبَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ (وَمَاتَ فِي الْحَالِ حَلَّ) فِي الْجَمِيعِ. أَمَّا فِي الْمُتَوَحِّشِ فَبِالْإِجْمَاعِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا فِي الْبَعِيرِ النَّادِّ فَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ بَعِيرًا نَدَّ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ: أَيْ قَتَلَهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: إنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: وَمَاتَ فِي الْحَالِ مَا لَوْ أَدْرَكَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَأَمْكَنَهُ ذَبْحُهُ وَلَمْ يَذْبَحْهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ كَمَا سَيَأْتِي.
تَنْبِيهٌ: الِاعْتِبَارُ بِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِصَابَةِ، فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَصَارَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ ثُمَّ أَصَابَ غَيْرَ الْمَذْبَحِ حَرُمَ أَوْ بِالْعَكْسِ حَلَّ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُتَوَحِّشًا عَنْ الصَّيْدِ الْمُسْتَأْنَسِ، فَهُوَ كَالْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي اعْتِبَارِ ذَبْحِهِ.
(وَلَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ (بَعِيرٌ وَنَحْوُهُ فِي بِئْرٍ) أَوْ نَحْوِهَا (وَلَمْ يُمْكِنْهُ قَطْعُ حُلْقُومِهِ) وَمَرِيئِهِ (فَكَنَادٍّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ: أَيْ شَارِدٍ فِي حِلِّهِ بِالرَّمْيِ، وَكَذَا بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ فِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ الْبَصْرِيُّونَ فَتَصِيرُ أَجْزَاؤُهُ كُلُّهَا مَذْبَحًا. أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ مَوْضِعُ الذَّبْحِ ظَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ إلَّا فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ. وَلَمَّا
قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ. وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَالشَّاشِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ فَمَقْدُورٌ عَلَيْهِ، وَيَكْفِي فِي النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي جُرْحٌ يُفْضِي إلَى الزُّهُوقِ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ مُذَفِّفٌ.
وَإِذَا أَرْسَلَ سَهْمًا أَوْ كَلْبًا أَوْ طَائِرًا عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ بِأَنْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ أَوْ امْتَنَعَ بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ حَلَّ،
ــ
[مغني المحتاج]
كَانَ مُقْتَضَى تَشْبِيهِ الْمُحَرَّرِ الْمُتَرَدِّيَ بِالنَّادِّ أَنَّهُ يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ، وَفِي مَعْنَاهُ السَّهْمُ اسْتَدْرَكَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: الْأَصَحُّ لَا يَحِلُّ) الْمُتَرَدِّي (بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ) عَلَيْهِ (وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ) وَهُوَ بِغَيْرِ هَمْزَةٍ نِسْبَةً لِرُويَانَ مِنْ بِلَادِ طَبَرِسْتَانَ عَبْدُ الْوَاحِدِ أَبُو الْمَحَاسِنِ شَافِعِيُّ زَمَانِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، الْقَائِلُ: لَوْ احْتَرَقَتْ كُتُبُ الشَّافِعِيِّ أَمْلَيْتُهَا مِنْ حِفْظِي (وَالشَّاشِيُّ) فَخْرُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٌ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ صَاحِبُ الْحِلْيَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُ نَقَلَ عَدَمَ حِلِّ الْمُتَرَدِّي بِمَا ذَكَرَ عَنْ الرُّويَانِيِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) . وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ، وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ حَتَّى نَفَذَ مِنْهُ إلَى الثَّانِي حَلَّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي، قَالَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى لَمْ يَحِلَّ، وَلَوْ دَخَلَتْ الطَّعْنَةُ إلَيْهِ وَشَكَّ هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِالثِّقَلِ لَمْ يَحِلَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ (وَمَتَى تَيَسَّرَ لُحُوقُهُ) أَيْ النَّادِّ (بِعَدْوٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَنُونٍ بِخَطِّهِ مِنْ الْعَوْنِ، وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِمُعْجَمَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ مِنْ الْغَوْثِ (بِمَنْ يَسْتَقْبِلُهُ) مَثَلًا (فَمَقْدُورٌ) أَيْ حُكْمُهُ كَحَيَوَانٍ مَقْدُورٍ (عَلَيْهِ) لَا يَحِلُّ إلَّا بِالتَّزْكِيَةِ فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ. تَنْبِيهٌ: كَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَ وَتَعَسَّرَ ذَلِكَ كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْعَجْزِ عَنْهُ فِي الْحَالِ (وَيَكْفِي فِي) الْحَيَوَانِ (النَّادِّ وَالْمُتَرَدِّي) السَّابِقَيْنِ، وَفِي الْوَحْشِيِّ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ (جُرْحٌ يُفْضِي) غَالِبًا (إلَى الزُّهُوقِ) أَيْ الْمَوْتِ سَوَاءٌ أَذُفِّفَ الْجُرْحُ أَمْ لَا، وَهَذَا مَا نَسَبَهُ الرَّافِعِيُّ لِلْمُعْظَمِ وَالْمُصَنِّفُ لِلْأَكْثَرِينَ (وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) فِي الرَّمْيِ بِسَهْمٍ جُرْحٌ (مُذَفِّفٌ) وَهُوَ الْمُسْرِعُ لِلْقَتْلِ، وَحَكَى هَذَا الْإِمَامُ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْمُحَقِّقِينَ. أَمَّا إرْسَالُ الْكَلْبِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَذْفِيفٌ جَزْمًا.
(وَإِذَا أَرْسَلَ) الصَّائِدُ آلَةَ صَيْدٍ (سَهْمًا أَوْ كَلْبًا) مُعَلَّمًا (أَوْ طَائِرًا) مُعَلَّمًا (عَلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَمَاتَ) نَظَرْتَ (فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ فِيهِ) أَيْ الصَّائِدُ فِي الصَّيْدِ (حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً أَوْ أَدْرَكَهَا) أَيْ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ فِيهِ (وَتَعَذَّرَ ذَبْحُهُ بِلَا تَقْصِيرٍ) مِنْ الصَّائِدِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (سَلَّ السِّكِّينَ) عَلَى الصَّيْدِ، أَوْ ضَاقَ الزَّمَانُ، أَوْ مَشَى لَهُ عَلَى هَيْنَتِهِ وَلَمْ يَأْتِهِ عَدْوًا، أَوْ اشْتَغَلَ بِتَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ، أَوْ بِتَحْرِيفِهِ وَهُوَ مُنْكَبٌّ أَوْ بِطَلَبِ الْمَذْبَحِ، أَوْ بِتَنَاوُلِ السِّكِّينِ، أَوْ مَنَعَ مِنْهُ سَبُعٌ (فَمَاتَ قَبْلَ إمْكَانٍ) مِنْهُ لَذَبْحِهِ (أَوْ امْتَنَعَ) مِنْهُ (بِقُوَّتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ) عَلَيْهِ (حَلَّ) فِي الْجَمِيعِ، كَمَا لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُدْرِكْ حَيَاتَهُ. نَعَمْ يُسَنُّ ذَبْحُهُ إذَا وَجَدَ فِيهِ حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ.
وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونُ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ نَشِبَتْ فِي الْغِمْدِ حَرُمَ.
وَلَوْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ حَلَّا، وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ، أَوْ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا حُرِّمَ الْعُضْوُ وَحَلَّ الْبَاقِي، فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ حَلَّ الْجَمِيعُ،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَأَصَابَهُ وَمَاتَ لَا يَسْتَقِيمُ جَعْلُهُ مَوْرِدًا لِلتَّقْسِيمِ، فَإِنَّ مِنْهَا إدْرَاكَهُ بِالْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَالْمَيْتُ لَا حَيَاةَ فِيهِ، وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ: فَأَصَابَ ثُمَّ أَدْرَكَ الصَّيْدَ حَيًّا، وَلِلْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ قَرَائِنُ وَأَمَارَاتٌ تُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءَ الْحَيَاةِ فَيُدْرَكُ ذَلِكَ بِالْمُشَاهَدَةِ، وَمِنْ أَمَارَاتِهَا الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ وَانْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْحَرَكَةَ الشَّدِيدَةَ تَكْفِي وَحْدَهَا، فَإِنْ شَكَكْنَا فِي حُصُولِهَا وَلَمْ يَتَرَجَّحْ ظَنٌّ فَالْأَصَحُّ التَّحْرِيمُ (وَإِنْ مَاتَ لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الصَّائِدِ (بِأَنْ) أَيْ كَأَنْ (لَا يَكُونَ مَعَهُ سِكِّينٌ) أَوْ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً، أَوْ ذَبَحَ بِظَهْرِهَا خَطَأً (أَوْ غُصِبَتْ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَوَّلَهُ: أَيْ أَخَذَهَا مِنْهُ غَاصِبٌ (أَوْ نَشِبَتْ) بِفَتْحِ النُّونِ أَوَّلَهُ، وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: أَيْ عَسُرَ إخْرَاجُهَا بِأَنْ تَعَلَّقَتْ (فِي الْغِمْدِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ، وَهُوَ الْغِلَافُ كَمَا سَبَقَ تَفْسِيرُهُ فِي الْإِقْرَارِ (حَرُمَ) الصَّيْدُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِلتَّقْصِيرِ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ مَنْ يُعَانِي الصَّيْدَ أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْآلَةَ فِي غِمْدٍ يُوَافِقُ، وَسُقُوطُهَا مِنْهُ وَسَرِقَتُهَا تَقْصِيرٌ. نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَ لِلسِّكِّينِ غِمْدًا مُعْتَادًا فَنَشِبَتْ لِعَارِضٍ حَلَّ كَمَا يُفْهِمُهُ التَّعْبِيرُ بِالتَّقْصِيرِ؛ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ شَكَّ بَعْدَ مَوْتِ الصَّيْدِ هَلْ قَصَّرَ فِي ذَبْحِهِ أَمْ لَا؟ حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْصِيرِ.
فَائِدَةٌ: فِي السِّكِّينِ لُغَتَانِ: التَّذْكِيرُ، وَالتَّأْنِيثُ، وَقَدْ اسْتَعْمَلَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا حَيْثُ قَالَ: مَعَهُ سِكِّينٌ، ثُمَّ قَالَ غُصِبَتْ، وَاسْتَعْمَلَ التَّذْكِيرَ فَقَطْ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَسَقَطَ.
(وَلَوْ رَمَاهُ) أَيْ الصَّيْدَ (فَقَدَّهُ) أَيْ قَطَعَهُ (نِصْفَيْنِ) مَثَلًا (حَلَّا) أَيْ النِّصْفَانِ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا لِحُصُولِ الْجُرْحِ الْمُذَفِّفِ؛ لَكِنْ إنْ كَانَتْ الَّتِي مَعَ الرَّأْسِ فِي صُورَةِ التَّفَاوُتِ أَقَلَّ حَلَّا بِلَا خِلَافٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى الذَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسُ حَلَّا أَيْضًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا سَلَّمَهُ (وَلَوْ أَبَانَ مِنْهُ) أَيْ الصَّيْدِ (عُضْوًا) كَيَدِهِ (بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ) أَيْ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ (حَلَّ الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ) أَيْ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ ذَكَاةِ الصَّيْدِ كُلُّ الْبَدَنِ (أَوْ) أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا (بِغَيْرِ) أَيْ بِجُرْحٍ غَيْرِ (مُذَفِّفٍ ثُمَّ ذَبَحَهُ، أَوْ) لَمْ يَذْبَحْهُ بَلْ (جَرَحَهُ جُرْحًا آخَرَ مُذَفِّفًا) وَلَمْ يُثْبِتْهُ بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ فَمَاتَ (حُرِّمَ الْعُضْوُ) فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ (وَحَلَّ الْبَاقِي) لِوُجُودِ الذَّكَاةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَقِيَامِ الْمُذَفِّفِ مَقَامَهَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ الْأَوَّلُ مُثْبِتًا بِغَيْرِ ذَبْحِهِ فَلَا يُجْزِئُ الْجُرْحُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ (فَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ) الْأَوَّلِ (حَلَّ الْجَمِيعُ) الْعُضْوُ وَالْبَدَنُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ السَّابِقَ