المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب العتق ــ ‌ ‌[مغني المحتاج] [كِتَابُ الْعِتْقِ] ِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ لُغَةٌ مَأْخُوذَةٌ - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٦

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السير

- ‌[مَوَانِعِ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْل فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يَحْرُمُ]

- ‌[فَصْل فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[فَصْل فِي الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَاب عَقْد الْجِزْيَةِ لِلْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْل أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ]

- ‌[فَصْل فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ]

- ‌باب الهدنة

- ‌[فَصَلِّ فِي أَحْكَامِ الْهُدْنَةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الذَّابِحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الذَّبِيحُ]

- ‌[فَصْلٌ ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجَرْحُ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌[فَصَلِّ صِفَةُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

- ‌[كِتَابُ النَّذْرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ نَذْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌كتاب القضاء

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ]

- ‌[فَصَلِّ آدَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَصَلِّ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

- ‌باب القسمة

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَائِفِ وَبَيَانِ إلْحَاقِهِ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ]

- ‌كتاب العتق

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌فصل في الولاء

- ‌كتاب التدبير

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا]

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ]

- ‌كتاب أمهات الأولاد

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌ ‌كتاب العتق ــ ‌ ‌[مغني المحتاج] [كِتَابُ الْعِتْقِ] ِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ لُغَةٌ مَأْخُوذَةٌ

‌كتاب العتق

ــ

[مغني المحتاج]

[كِتَابُ الْعِتْقِ]

ِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ، وَهُوَ لُغَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: عَتَقَ الْفَرَسُ إذَا سَبَقَ، وَعَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[مغني المحتاج]

وَاسْتَقَلَّ، فَكَأَنَّ الْعَبْدَ إذَا فُكَّ مِنْ الرِّقِّ خَلَصَ وَاسْتَقَلَّ. وَشَرْعًا: إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَوْله تَعَالَى: {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] وقَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37]- أَيْ بِالْإِسْلَامِ - {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 37] أَيْ بِالْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد

ص: 445

إنَّمَا يَصِحُّ مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ

ــ

[مغني المحتاج]

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءَهُ مِنْ النَّارِ» وَخُصَّتْ الرَّقَبَةُ بِالذِّكْرِ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ؛ لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ الرَّقِيقَ كَالْغُلِّ فِي رَقَبَتِهِ، فَهُوَ مُحْتَبَسٌ بِهِ كَمَا تُحْبَسُ الدَّابَّةُ بِالْحَبْلِ فِي عُنُقِهَا، فَإِذَا أَعْتَقَهُ أَطْلَقَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغُلِّ الَّذِي كَانَ فِي رَقَبَتِهِ.

فَائِدَةٌ: أَعْتَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا وَسِتِّينَ نَسَمَةً، وَنَحَرَ بِيَدِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً، وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ تِسْعًا وَسِتِّينَ، وَعَاشَتْ كَذَلِكَ، وَأَعْتَقَ أَبُو بَكْرٍ كَثِيرًا، وَأَعْتَقَ الْعَبَّاسُ سَبْعِينَ، وَأَعْتَقَ عُثْمَانُ وَهُوَ مُحَاصَرٌ عِشْرِينَ، وَأَعْتَقَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ مِائَةً مُطَوَّقِينَ بِالْفِضَّةِ، وَأَعْتَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَلْفًا، وَاعْتَمَرَ أَلْفَ عُمْرَةٍ، وَحَجَّ سِتِّينَ حَجَّةً، وَحَبَسَ أَلْفَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَعْتَقَ ذُو الْكَلَاعِ الْحِمْيَرِيُّ فِي يَوْمٍ ثَمَانِيَةَ آلَافٍ، وَأَعْتَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثَلَاثِينَ أَلْفًا. وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْ سَلْسَلِ الْجَنَّةِ» رضي الله عنهم وَحَشَرَنَا مَعَهُمْ آمِينَ. وَالْعِتْقُ الْمُنْجَزُ مِنْ الْمُسْلِمِ قُرْبَةٌ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْمُعَلَّقُ، فَفِي الصَّدَاقِ مِنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَيْ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ، بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ الْعَارِي عَنْ قَصْدِ مَا ذُكِرَ كَالتَّدْبِيرِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرٌ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: مُعْتِقٌ، وَعَتِيقٌ، وَصِيغَةٌ. وَقَدْ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (إنَّمَا)(يَصِحُّ مِنْ) مَالِكٍ (مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ وَالْوَلَاءِ مُخْتَارًا، وَمِنْ وَكِيلٍ أَوْلَى فِي كَفَّارَةٍ لَزِمَتْ مُوَلِّيهِ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ بِلَا إذْنٍ، وَلَا مِنْ غَيْرِ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ، وَلَا مِنْ مُبَعَّضٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُكْرَهٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَيُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ بِحَقٍّ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَيَصِحُّ مِنْ سَكْرَانَ، وَمِنْ كَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا، وَيَثْبُتُ وَلَاؤُهُ عَلَى عَتِيقِهِ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ أَعْتَقَهُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مَوْقُوفٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ يَبْطُلُ بِهِ حَقُّ بَقِيَّةِ الْبُطُونِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْحَافِ (وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ) بِصِفَةٍ مُحَقَّقَةِ الْوُقُوعِ وَغَيْرِهَا كَالتَّدْبِيرِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْسِعَةِ لِتَحْصِيلِ الْقُرْبَةِ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِعِوَضٍ أَيْضًا، وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ فِي الْبَسِيطِ: وَكَذَا وَقْتُهُ نَفَذَ وَلَغَا التَّوْقِيتُ اهـ.

وَإِذَا عَلَّقَ الْإِعْتَاقَ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ فِيهِ بِالْقَوْلِ وَيَمْلِكُهُ بِالتَّصَرُّفِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَإِذَا بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ (عَلَّقَ الْإِعْتَاقَ عَلَى صِفَةٍ) لَمْ تَعُدْ الصِّفَةُ، وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ فَمَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَبْطُلْ الصِّفَةُ.

تَنْبِيهٌ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَدْ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ إطْلَاقِ التَّصَرُّفِ فِي تَعْلِيقِ الْإِعْتَاقِ، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ عَلَى صِفَةٍ تُوجَدُ بَعْدَ الْفَكِّ، أَوْ يُحْتَمَلُ وُجُودُهَا

ص: 446

وَإضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ.

وَصَرِيحُهُ تَحْرِيرٌ وَإِعْتَاقٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَذَا مِنْ مَالِكِ الْعَبْدِ الْجَانِي الَّتِي تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ، وَمِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ رِدَّةٍ (وَ) تَصِحُّ (إضَافَتُهُ إلَى جُزْءٍ) مُعَيَّنٍ مِنْ الرَّقِيقِ كَيَدِهِ أَوْ شَائِعٍ مِنْهُ كَرُبُعِهِ (فَيَعْتِقُ كُلُّهُ) سِرَايَةً كَنَظِيرِهِ فِي إطْلَاقٍ وَسَوَاءٌ الْمُوسِرُ وَغَيْرُهُ لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ غُلَامٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَازَ عِتْقَهُ وَقَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» هَذَا إذَا كَانَ بَاقِيهِ لَهُ. فَإِنْ كَانَ بَاقِيهِ لِغَيْرِهِ فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ دَفْعَةً، وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيحٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى مَا أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَلَى الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَمَا سَبَقَ فِي الطَّلَاقِ، وَلِذَا حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ الدَّمِيرِيُّ أَصَحُّهُمَا يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَكَأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ. وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِبْهَامُكِ حُرٌّ، فَقَطَعَ إبْهَامَهُ ثُمَّ دَخَلَ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُعْتِقُ رَقِيقًا فَأَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقٍ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا.

تَنْبِيهٌ أُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي إعْتَاقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَ الْوَكِيلُ نِصْفَهُ فَقَطْ مَثَلًا فَالْأَصَحُّ عِتْقُ ذَلِكَ النِّصْفِ فَقَطْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْقَطْعَ بِعِتْقِ الْكُلِّ، وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمُ السِّرَايَةِ بِأَنَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ شَرِيكَهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ النِّصْفَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْمُوَكَّلِ. قَالَ: فَإِذَا حُكِمَ بِالسِّرَايَةِ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فِي الْعِتْقِ الصَّادِرِ مِنْ الْوَكِيلِ، فَلَأَنْ يَسْرِيَ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ أَوْلَى، فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ خَالَفَ مُوَكِّلَهُ فِيمَا مَرَّ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَدَمُ النُّفُوذِ بِالْكُلِّيَّةِ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَى الْعِتْقِ نَفَّذْنَاهُ فِيمَا أَعْتَقَهُ الْوَكِيلُ وَلَمْ تَتَرَتَّبْ السِّرَايَةُ عَلَى مَا يَثْبُتُ عِتْقُهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ عِتْقَ السِّرَايَةِ قَدْ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبَاشَرَةِ فَيَفُوتُ غَرَضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ فِي عِتْقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ، فَلَوْ نَفَّذْنَا عِتْقَ بَعْضِهِ بِالسِّرَايَةِ لَمَا أَجْزَأَ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَكَانَ الْمَالِكُ يَحْتَاجُ إلَى نِصْفِ رَقَبَةٍ أُخْرَى، بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يُعْتِقَ النِّصْفَ فَقَطْ، فَإِنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ يُمْكِنُ عِتْقُهُ بِالْمُبَاشَرَةِ عَنْ الْكَفَّارَةِ. وَأَمَّا الْمُسْتَشْكَلُ بِهِ فَقَدْ وَافَقَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَهُوَ إذَا أَعْتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِنَفْسِهِ سَرَى الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ.

وَالرُّكْنُ الثَّانِي الْعَتِيقُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ. أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ عِتْقٍ يَمْنَعُ بَيْعَهُ كَمُسْتَوْلَدَةٍ وَمُؤَجَّرٍ، بِخِلَافِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ ذَلِكَ كَوَقْفٍ كَمَا مَرَّ وَكَرَهْنٍ عَلَى تَفْصِيلٍ مَرَّ بَيَانُهُ.

وَالرُّكْنُ الثَّالِثُ: الصِّيغَةُ وَهِيَ. إمَّا لَفْظٌ صَرِيحٌ، وَإِمَّا كِنَايَةٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. فَقَالَ (وَصَرِيحُهُ تَحْرِيرٌ وَإِعْتَاقٌ) وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا كَأَنْتَ مُحَرَّرٌ أَوْ حَرَّرْتُكَ أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ لِوُرُودِهِمَا فِي الْقُرْآنِ

ص: 447

وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا كِنَايَتُهُ، وَهِيَ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ، لَا سُلْطَانَ، لَا سَبِيلَ، لَا خِدْمَةَ، أَنْتَ سَائِبَةٌ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالسُّنَّةِ مُنَكَّرَيْنِ، وَيَسْتَوِي فِي أَلْفَاظِهِمَا الْهَازِلُ وَاللَّاعِبُ؛ لِأَنَّ هَزْلَهُمَا جِدٌّ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ (وَكَذَا فَكُّ رَقَبَةٍ) وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ كَمَفْكُوكِ الرَّقَبَةِ صَرِيحٌ (فِي الْأَصَحِّ) لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَالثَّانِي: هُوَ كِنَايَةٌ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْعِتْقِ وَغَيْرِهِ، فَقَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: 13] أَيْ مِنْ الْأَسْرِ، وَقِيلَ بِاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «فَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي ثَمَنِهَا» .

تَنْبِيهٌ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَمَا اُشْتُقَّ مِنْ التَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْفَكِّ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتَ تَحْرِيرٌ أَوْ إعْتَاقٌ أَوْ فَكٌّ كَانَ كِنَايَةً كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَلَاقٌ.

فُرُوعٌ: لَوْ كَانَ اسْمُ أَمَتِهِ قَبْلَ إرْقَاقِهَا حُرَّةَ فَسُمِّيَتْ بِغَيْرِهِ، فَقَالَ لَهَا: يَا حُرَّةُ عَتَقَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ النِّدَاءَ لَهَا بِاسْمِهَا الْقَدِيمِ، فَإِنْ كَانَ اسْمُهَا فِي الْحَالِ حُرَّةَ لَمْ تُعْتَقْ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ خَوْفًا مِنْ أَخْذِ الْمَكْسِ عَنْهُ إذَا طَالَبَهُ الْمُكَّاسُ بِهِ وَقَصَدَ الْإِخْبَارَ لَمْ يُعْتَقْ بَاطِنًا، وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَلَا ظَاهِرًا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ يَحِلُّهَا مِنْ وَثَاقٍ. ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَهَا مِنْ الْوِثَاقِ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ إخْبَارٌ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ، وَلَا يَسْتَقِيمُ كَلَامُهُ مَعَهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَنَظِيرُ مَسْأَلَةِ الْوِثَاقِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يُقَالَ لَهُ أَمَتُك قَحْبَةٌ، فَيَقُولُ بَلْ هِيَ حُرَّةٌ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الصِّفَةِ لَا الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَاحَمَتْهُ تَأَخَّرِي يَا حُرَّةُ فَبَانَتْ أَمَتُهُ لَمْ تُعْتَقْ، وَإِنَّمَا أَعْتَقَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَمَتَهُ بِذَلِكَ تَوَرُّعًا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اُفْرُغْ مِنْ عَمَلِكَ وَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ أَرَدْتُ حُرًّا مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ، وَلَوْ قَالَ: اللَّهُ أَعْتَقَك عَتَقَ أَوْ أَعْتَقَك اللَّهُ فَكَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا، وَرَأَى الْبُوشَنْجِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ الْإِنْشَاءِ وَالدُّعَاءِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ مِثْلُ هَذَا الْعَبْدِ، وَأَشَارَ إلَى عَبْدٍ آخَرَ لَهُ لَمْ يُعْتَقْ ذَلِكَ الْعَبْدُ كَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّمَا يُعْتَقُ الْأَوَّلُ فَقَطْ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدِي حُرٌّ عَتَقَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهِ لَا إنْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ تَظُنُّ أَوْ تَرَى، وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِضَارِبِ عَبْدِهِ: عَبْدُ غَيْرِكَ حُرٌّ مِثْلُك لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ (وَلَا يَحْتَاجُ) الصَّرِيحُ (إلَى نِيَّةٍ) لِإِيقَاعِهِ كَسَائِرِ الصَّرَائِحِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَحْتَجْ لِتَقْوِيَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَلِأَنَّ هَزْلَهُ جَدٌّ كَمَا مَرَّ فَيَقَعُ الْعِتْقُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَهُ. أَمَّا قَصْدُ لَفْظِ الصَّرِيحِ لِمَعْنَاهُ، فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِيَخْرُجَ أَعْجَمِيٌّ تَلَفَّظَ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ احْتِيَاجِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةِ مَعْلُومٍ مِنْ حُكْمِ الصَّرِيحِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ تَمْهِيدًا لِقَوْلِهِ (وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا) أَيْ النِّيَّةِ (كِنَايَتُهُ) بِهَاءِ الضَّمِيرِ أَيْ الْعِتْقِ، وَإِنْ احْتَفَتْ بِهَا قَرِينَةٌ لِاحْتِمَالِهَا غَيْرَ الْعِتْقِ، فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّمْيِيزِ كَالْإِمْسَاكِ فِي الصَّوْمِ (وَهِيَ) أَيْ الْكِنَايَةُ (لَا مِلْكَ لِي عَلَيْكَ، لَا سُلْطَانَ) لِي عَلَيْكَ، وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الْأَمْثِلَةِ، وَهِيَ (لَا سَبِيلَ، لَا خِدْمَةَ) لَا يَدَ لَا أَسْرَ وَنَحْوُهَا (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ بِخَطِّهِ (سَائِبَةٌ،

ص: 448

أَنْتَ مَوْلَايَ، وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ لِلطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ لِعَبْدٍ: أَنْتِ حُرَّةٌ، وَلِأَمَةٍ أَنْتَ حُرٌّ صَرِيحٌ، وَلَوْ قَالَ عِتْقُكَ إلَيْك أَوْ خَيَّرْتُك وَنَوَى تَفْوِيضَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ،

ــ

[مغني المحتاج]

أَنْتَ مَوْلَايَ) وَنَحْوُ ذَلِكَ كَأَزَلْت مِلْكِي أَوْ حُكْمِي عَنْكَ لِإِشْعَارِ مَا ذُكِرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا سَيِّدِي هَلْ هُوَ كِنَايَةٌ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ: رَجَّحَ الْإِمَامُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السُّؤْدُدِ وَتَدْبِيرِ الْمَنْزِلِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي الْعِتْقَ، وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِغَيْرِ الْوَاقِعِ أَوْ خِطَابٌ بِلَفْظٍ وَلَا إشْعَارَ لَهُ بِالْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هِيَ كَقَوْلِهِ كَمَا فَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهَمَ الْحَصْرُ. قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ: وَضَابِطُ الْكِنَايَةِ هُنَا كُلُّ لَفْظٍ يَتَضَمَّنُ زَوَالَ الْمِلْكِ أَوْ يُنْبِئُ عَنْ الْفُرْقَةِ كَالْأَمْثِلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَكَذَا كُلُّ صَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ لِلطَّلَاقِ) لِإِشْعَارِهَا بِإِزَالَةِ قَيْدِ الْمِلْكِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَنَوَى إعْتَاقَهُ عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً لَمْ يُعْتَقْ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَشْمَلُ الزَّوْجَيْنِ، وَالرِّقَّ خَاصٌّ بِالْعَبْدِ، وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: اعْتَدَّ أَوْ اسْتَبْرِئْ رَحِمِكَ وَنَوَى الْعِتْقَ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ فَوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْعِتْقُ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ لِلطَّلَاقِ يُخْرِجُ صَرَائِحَ وَكِنَايَاتٍ غَيْرَهُ، لَكِنْ الظَّاهِرُ صَرَائِحُهُ وَكِنَايَاتُهُ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ، وَلَيْسَ صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا خَوَاجَا لَمْ يُعْتَقْ. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: وَفِي الْإِحْيَاءِ أَنَّ الزُّهْرِيَّ قَالَ مَنْ قَالَ: لِعَبْدِهِ جَزَاهُ اللَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ اهـ.

وَلَعَلَّ هَذَا مَذْهَبُ الزُّهْرِيِّ، وَفِي الْكَشَّافِ فِي سُورَةِ يس: إذَا قَالَ الرَّجُلُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي قَدِيمٍ حُرٌّ أَوْ كَتَبَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّةٍ عَتَقَ مِنْهُمْ مَنْ مَضَى لَهُ حَوْلٌ وَأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْقَدِيمَ هُوَ الْمَحْمُولُ اهـ.

(وَقَوْلُهُ لِعَبْدٍ) لَهُ (أَنْتِ) بِكَسْرِ التَّاءِ بِخَطِّهِ (حُرَّةٌ وَلِأَمَةٍ) لَهُ (أَنْتَ) بِفَتْحِ التَّاءِ بِخَطِّهِ أَيْضًا (حُرٌّ)(صَرِيحٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِي التَّذْكِيرِ وَالتَّأْنِيثِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ عَلَى الْعِبَارَةِ، ثُمَّ شَرَعَ فِي مُشَابَهَةِ الْعِتْقِ لِلطَّلَاقِ فِي التَّعْوِيضِ وَالتَّعْلِيقِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ)(قَالَ) شَخْصٌ لِرَقِيقِهِ (عِتْقُكَ إلَيْك) أَيْ جَعَلْتُهُ (أَوْ خَيَّرْتُك) فِي إعْتَاقِك بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مِنْ التَّخْيِيرِ، وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: حَرَّرْتُكَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ مِنْ التَّحْرِيرِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ صَرِيحَةٌ، وَصَوَابُهُ حُرِّيَّتكَ مَصْدَرًا مُضَافًا كَاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَهُوَ الْعِتْقُ (وَنَوَى تَفْوِيضَ الْعِتْقِ إلَيْهِ فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ عَتَقَ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ يَتَقَارَبَانِ، فَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ يَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا.

تَنْبِيهٌ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ: وَجَعَلْتُ عِتْقَكَ إلَيْكَ، وَحَذْفُ الْمُصَنِّفِ الْعَامِلَ يُوهِمُ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

وَلِهَذَا قَيَّدْتُ الْعَامِلَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَتَعْبِيرُهُ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ النِّيَّةِ مَعَ التَّفْوِيضِ بِالصَّرِيحِ، لَكِنْ صَرَّحَا فِي

ص: 449

أَوْ أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَجَابَهُ عَتَقَ فِي الْحَالِ، وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ، وَلَوْ قَالَ بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ فَقَالَ اشْتَرَيْت فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ الْأَلْفُ.

وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ.

ــ

[مغني المحتاج]

الطَّلَاقِ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي التَّفْوِيضِ بِالْكِنَايَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: وَنَوَى قَيْدًا فِي الْأَخِيرَةِ خَاصَّةٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَجْلِسِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ، لَكِنْ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ اشْتِرَاطُهُ حَيْثُ قَالَا: فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْحَالِ عَتَقَ وَاعْتُذِرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُرَادَهُ، مَجْلِسُ التَّخَاطُبِ لَا الْحُضُورِ (أَوْ) قَالَ لِعَبْدِهِ فِي الْإِيجَابِ (أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ) مَثَلًا فِي ذِمَّتِك (أَوْ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَ) فِي الْحَالِ (أَوْ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ) فِي الِاسْتِيجَابِ (أَعْتِقْنِي عَلَى أَلْفٍ) مَثَلًا (فَأَجَابَهُ) فِي الْحَالِ (عَتَقَ فِي الْحَالِ وَلَزِمَهُ الْأَلْفُ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَالْخُلْعِ بَلْ أَوْلَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى تَخْلِيصِ الرَّقَبَةِ دُونَ الْفِرَاقِ فَهُوَ مِنْ جَانِبِ الْمَالِكِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ، وَمِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدْعِي مُعَاوَضَةٌ نَازِعَةٌ إلَى الْجَعَالَةِ، وَلَا يَقْدَحُ كَوْنُهُ تَمْلِيكًا، إذْ يُغْتَفَرُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقْصُودِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ فِي الْحَالِ تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَلَا فَائِدَةَ لَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرَاهُ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَاهُ بَعْدَ هَذِهِ الصُّورَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى كَذَا إلَى شَهْرٍ فَقَبِلَ عَتَقَ فِي الْحَالِ وَالْعِوَضُ مُؤَجَّلٌ، وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، فَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا كَانَ فِي يَدِ عَبْدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ اكْتَسَبَهَا، فَقَالَ السَّيِّدُ أَعْتَقْتُكَ عَلَى هَذَا الْأَلْفِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: يُعْتَقُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَالْأَلْفُ مِلْكُ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهَا كَسْبُ عَبْدِهِ. وَثَانِيهَا: يُعْتَقُ وَيَتَرَاجَعَانِ بِالْقِيمَةِ كَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ. وَثَالِثُهَا: يُعْتَقُ وَالْأَلْفُ مِلْكُ السَّيِّدِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ عَتَقَ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ (وَلَوْ) (قَالَ) لِرَقِيقِهِ (بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِأَلْفٍ) فِي ذِمَّتِك حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً تَرُدُّهَا بَعْدَ حُرِّيَّتِك (فَقَالَ: اشْتَرَيْت) (فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ) كَالْكِتَابَةِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ أَثْبَتُ وَالْعِتْقَ فِيهِ أَسْرَعُ (وَيَعْتِقُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ الْأَلْفُ) عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ لَا بَيْعٍ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَثَبَتَ فِيهِ.

(وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) لِعُمُومِ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهَذَا عِتْقٌ غَلَبَ فِيهِ شَائِبَةُ الْعِتْقِ، وَقِيلَ: لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ. هَذَا إذَا بَاعَهُ نَفْسَهُ جَمِيعًا، فَلَوْ بَاعَهُ بَعْضَ نَفْسِهِ سَرَى عَلَى الْبَائِعِ إنْ قُلْنَا الْوَلَاءُ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا وَلَاءَ لَهُ لَمْ يَسْرِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِهِ. قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.

تَنْبِيهٌ أَفْهَمَ سُكُوتُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا عَنْ حَطِّ شَيْءٍ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي الْإِعْتَاقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَوْ قَالَ لِرَقِيقِهِ: وَهَبْتُكَ نَفْسَكَ وَنَوَى الْعِتْقَ عَتَقَ، أَوْ التَّمْلِيكَ فَكَذَلِكَ إنْ قَبِلَ فَوْرًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ.

ص: 450

وَلَوْ قَالَ لِحَامِلٍ أَعْتَقْتُكِ أَوْ أَعْتَقْتُكِ دُونَ حَمْلِكَ عَتَقَا، وَلَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ دُونَهَا، وَلَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ وَالْحَمْلُ لِآخَرَ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ الْآخَرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

(وَلَوْ)(قَالَ لِحَامِلٍ:) أَيْ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ بِمَمْلُوكٍ لَهُ (أَعْتَقْتُكِ) وَأَطْلَقَ (أَوْ أَعْتَقْتُكِ دُونَ حَمْلِكَ)(عَتَقَا) أَيْ عَتَقَتْ وَتَبِعَهَا فِي الْعِتْقِ حَمْلُهَا، وَلَوْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَانِ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَعِتْقُهُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا بِالسِّرَايَةِ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ فِي الْأَشْقَاصِ لَا فِي الْأَشْخَاصِ، وَلِقُوَّةِ الْعِتْقِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْأَخِيرَةِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ مَعًا لَا مُرَتَّبًا وَالتَّعْلِيلُ يَقْتَضِيهِ، لَكِنْ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَهَا فِي مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَفِي بِهَا دُونَ الْحَمْلِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا تُعْتَقُ دُونَهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْتَقْتُ سَالِمًا، ثُمَّ غَانِمًا، وَكَانَ الْأَوَّلُ ثُلُثُ مَالِهِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرَتِّبَ هُوَ الْعِتْقَ أَوْ يُرَتِّبَهُ الشَّرْعُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِيَّةِ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ. وَهُوَ الظَّاهِرُ.

تَنْبِيهٌ شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي وَفِيهَا فِي الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَقُ الْحَمْلُ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَ الْمَيِّتِ لَا يَسْرِي وَأَصَحُّهُمَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ كَعُضْوٍ مِنْهَا (وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْحَمْلَ الْمَمْلُوكَ لَهُ (عَتَقَ دُونَهَا) حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ. وَقِيلَ: تُعْتَقُ بِعِتْقِهِ كَعَكْسِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ بِعِتْقِ الْأُمِّ تَبَعًا لَهَا وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَيْهَا بِعِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا عِتْقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا مَرَّ فِي مَحِلِّهِ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ صِحَّةِ إعْتَاقِهِ وَحْدَهُ إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ، فَإِنْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ كَمُضْغَةٍ كَأَنْ قَالَ: أَعْتَقْت مُضْغَتَك فَهُوَ لَغْوٌ كَمَا حَكَاهُ قُبَيْلَ التَّدْبِيرِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَأَقَرَّاهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا قَالَاهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ كَمَا يَجُوزُ إعْتَاقُهُ، ثُمَّ الشَّرْطُ أَنْ يَنْفَصِلَ لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُشَبَّهِ لَا يُعْطِي حُكْمَ الْمُشَبَّهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَبِالْمَعْدُومِ وَبِالنَّجَسِ تَوَسَّعُوا فِيهَا فَلَمْ يَشْرِطُوا فِي الْحَمْلِ نَفْخَ الرُّوحِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ: مُضْغَةُ هَذِهِ الْأَمَةِ حُرَّةٌ، فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِانْعِقَادِ الْوَلَدِ حُرًّا وَتَصِيرُ الْأُمُّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تَصِيرَ حَتَّى يُقِرَّ بِوَطْئِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حُرٌّ مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ بِشُبْهَةٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ وَصَوَابُهُ حَتَّى يُقِرَّ بِوَطْئِهَا، وَبِأَنَّ هَذِهِ الْمُضْغَةَ مِنْهُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: مُضْغَةُ أَمَتِي لَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِقْرَارِ فَقَدْ تَكُونُ لِلْإِنْشَاءِ كَقَوْلِهِ: أَعْتَقْتُ مُضْغَتَهَا أَيْ فَلَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ، وَمَا صَوَّبَهُ غَيْرُ كَافٍ أَيْضًا؛ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: عَلَقَتْ بِهِ فِي مِلْكِي أَوْ نَحْوَهُ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ (وَلَوْ كَانَتْ) تِلْكَ الْأَمَةُ الْحَامِلُ (لِرَجُلٍ، وَالْحَمْلُ لِآخَرَ) كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ (لَمْ يَعْتِقْ أَحَدُهُمَا بِعِتْقِ الْآخَرِ) وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِتْبَاعٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَالِكَيْنِ.

فُرُوعٌ: لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ: إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ حَيًّا عَتَقَ، وَإِنْ وَلَدَتْ مَيِّتًا، ثُمَّ حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ حَيًّا لَمْ يُعْتَقْ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِحَائِلٍ فَحَمَلَتْ وَوَضَعَتْ حَيًّا عَتَقَ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ

ص: 451

وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بَقِيَ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ، وَإِلَّا سَرَى إلَيْهِ، أَوْ إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَدْت أَوَّلًا ذَكَرًا فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ وَلَدْت أَوَّلًا أُنْثَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا، ثُمَّ أُنْثَى أَعْتَقَ الذَّكَرَ فَقَطْ، أَوْ بِالْعَكْسِ عَتَقَتْ الْأُمُّ وَالذَّكَرُ؛ لِأَنَّهُ حَالُ عِتْقِ الْأُمِّ كَانَ جَنِينًا فَتَبِعَهَا، وَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا أَوْ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ مَعًا فَلَا عِتْقَ، وَلَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ الدَّارَ أَوَّلًا مِنْ عَبِيدِي فَهُوَ حُرٌّ فَدَخَلَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَتَقَ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْهَا أَحَدٌ بَعْدَهُ، وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ ثُمَّ ثَالِثٌ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إذْ لَا يُوصَفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ أَوَّلٌ.

وَأُجِيبَ عَمَّا ذُكِرَ فِي الْمُسَابَقَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ يُطْلَقُ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ بِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ مِنْ الْإِطْلَاقِ ثَمَّ، إذْ لَا يَلْزَمُ الْمُخْرِجَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ بِخِلَافِهِ هُنَا إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ زِيَادَةُ عِتْقٍ لَمْ يَلْتَزِمْهَا، فَإِنْ كَانَ قَالَ فِي هَذِهِ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ وَحْدَهُ حُرٌّ عَتَقَ الثَّالِثُ، وَلَوْ قَالَ: آخِرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ فَدَخَلَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ بَعْضٍ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَى أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَتَبَيَّنَ الْآخَرُ.

(وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَمْ مُخْتَلِفَيْنِ (عَبْدٌ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ) أَوْ بَعْضَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ (عَتَقَ نَصِيبُهُ) وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا (فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا) عِنْدَ الْإِعْتَاقِ (بَقِيَ الْبَاقِي) مِنْ الْعَبْدِ (لِشَرِيكِهِ) وَلَا يَسْرِي لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ الْآتِي (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا (سَرَى) الْعِتْقُ عَلَيْهِ (إلَيْهِ) أَيْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمُعْسِرِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَاضِلًا ذَلِكَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَدَسْتُ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ وَسُكْنَى يَوْمٍ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْفَلَسِ وَيُصْرَفُ إلَى ذَلِكَ كُلُّ مَا يُبَاعُ، وَيُصْرَفُ فِي الدُّيُونِ (أَوْ) سَرَى (إلَى مَا أَيْسَرَ بِهِ) مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ مَا عَتَقَ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ» وَأَمَّا رِوَايَةُ «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ يُسْتَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي قِيمَتِهِ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» فَمُدْرَجَةٌ فِي الْخَبَرِ كَمَا قَالَهُ الْحُفَّاظُ، أَوْ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَسْعَى لِشَرِيكِ الْمُعْتِقِ أَيْ يَخْدُمُهُ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَظُنَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِخْدَامُهُ.

تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مُسْتَوْلَدًا بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَا سِرَايَةَ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ السِّرَايَةَ تَتَضَمَّنُ النَّقْلَ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ اسْتَوْلَدَهَا أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ، ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْآخَرُ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا، وَلَوْ كَانَتْ حِصَّةُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ مَوْقُوفَةً لَمْ يُسْرِ الْمُعْسِرُ الْعِتْقَ قَوْلًا وَاحِدًا. قَالَ فِي الْكِفَايَةِ: وَبِهِ شَمِلَ إطْلَاقُهُ مَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمْ نَصِيبَهُمَا مَعًا وَأَحَدُهُمَا مُعْسِرٌ وَالْآخَرُ مُوسِرٌ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ جَمِيعُ نَصِيبِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ عَلَى هَذَا الْمُوسِرِ كَمَا جَزَمَا بِهِ وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي، فَإِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَإِنْ خَرَجَ جَمِيعُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ

ص: 452

وَعَلَيْهِ قِيمَةُ ذَلِكَ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ، وَتَقَعُ السِّرَايَةُ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، وَفِي قَوْلٍ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، وَقَوْلٍ إنْ دَفَعَهَا بَانَ أَنَّهَا بِالْإِعْتَاقِ، وَاسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ يَسْرِي، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَعَتَقَ جَمِيعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا نَصِيبُهُ عَتَقَ بِلَا سِرَايَةٍ (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُوسِرِ عَلَى كُلِّ الْأَقْوَالِ الْآتِيَةِ (قِيمَةُ ذَلِكَ) الْقَدْرِ الَّذِي أَيْسَرَ لَهُ (يَوْمَ) أَيْ وَقْتَ (الْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِتْلَافِ أَوْ وَقْتُ سَبَبِهِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ إذَا سَرَتْ لِنَفْسِهِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْجِنَايَةِ.

تَنْبِيهٌ لِلشَّرِيكِ مُطَالَبَةُ الْمُعْتِقِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ وَإِجْبَارِهِ عَلَيْهَا، فَلَوْ مَاتَ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الشَّرِيكُ فَلِلْعَبْدِ الْمُطَالَبَةُ، فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ طَالَبَهُ الْقَاضِي، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْعِتْقِ وَرَجَعَ أَهْلُ التَّقْوِيمِ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ أَوْ طَالَ الْعَهْدُ صَدَقَ الْمُعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (وَتَقَعُ السِّرَايَةُ) الْمَذْكُورَةُ (بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ) فَتَنْتَقِلُ الْحِصَّةُ إلَى مِلْكِ الْمُعْتِقِ، ثُمَّ تَقَعُ السِّرَايَةُ بِهِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ " نَفْسِ " كَمَا حَذَفَهَا بَعْدُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ كَانَ أَوْلَى.

تَنْبِيهٌ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ كَاتَبَهُ الشَّرِيكَانِ، ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَإِنَّا نَحْكُمُ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ، فَإِنَّ فِي التَّعْجِيلِ ضَرَرًا عَلَى السَّيِّدِ بِفَوَاتِ الْوَلَاءِ (وَفِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ تَقَعُ السِّرَايَةُ (بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ) أَوْ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا؛ لِأَنَّ فِي إزَالَةِ مِلْكِ الشَّرِيكِ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ الْعِوَضُ إضْرَارًا بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَفُوتُهُ لِهَرَبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ، فَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَ) فِي (قَوْلٍ) السِّرَايَةُ مَوْقُوفَةٌ (إنْ دَفَعَهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (بَانَ أَنَّهَا) أَيْ السِّرَايَةَ (بِالْإِعْتَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ يَضُرُّ السَّيِّدَ، وَالتَّأْخِيرَ إلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ يَضُرُّ بِالْعَبْدِ وَالتَّوَقُّفُ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ وَرِعَايَةِ الْجَانِبَيْنِ، وَلَا تُخَصُّ السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ (وَ) حِينَئِذٍ (اسْتِيلَادُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرِ) الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا (يَسْرِي) إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَالْعِتْقِ، بَلْ أَوْلَى مِنْهُ بِالنُّفُوذِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ، وَلِهَذَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ دُونَ عِتْقِهِمَا. وَإِيلَادُ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِعْتَاقُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَخَرَجَ بِالْمُوسِرِ الْمُعْسِرُ فَلَا يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ كَالْعِتْقِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْمُسْتَوْلِدُ أَصْلًا لِشَرِيكِهِ سَرَى كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ الَّتِي كُلُّهَا لَهَا (وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ) لِلْإِتْلَافِ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ (وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (حِصَّتُهُ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِلِاسْتِمْتَاعِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ، وَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لَوْ كَانَتْ بِكْرًا، وَهَلْ يُفْرَدُ أَوْ يَدْخُلُ فِي الْمَهْرِ؟ خِلَافٌ اضْطَرَبَ التَّرْجِيحُ فِي نَظَائِرِهِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الدُّخُولِ، وَهَذَا إنْ تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ حِصَّةُ مَهْرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ.

نَعَمْ إنْ أَنْزَلَ مَعَ الْحَشَفَةِ وَقُلْنَا بِمَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ يَنْتَقِلُ مَعَ الْعُلُوقِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ كَمَا

ص: 453

وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ فِي وَقْتِ حُصُولِ السِّرَايَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ، وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ، وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ إنْ قُلْنَا يَسْرِي بِالْإِعْتَاقِ، وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ، وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَ نَصِيبِك

ــ

[مغني المحتاج]

فِي الْمَطْلَبِ الْوُجُوبُ، وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُوسِرِ عَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَسْرِي كَالْعِتْقِ، فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي وَهُوَ مُعْسِرٌ فَفِي مُسْتَوْلَدَتِهِمَا لِمُصَادَفَةِ مِلْكِهِ الْمُسْتَقَرُّ، وَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِهَا لِلْآخَرِ وَيَأْتِي فِيهِ أَقْوَالُ التَّقَاصِّ (وَتَجْرِي الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (فِي وَقْتِ حُصُولِ السِّرَايَةِ) وَالْعُلُوقُ هُنَا كَالْإِعْتَاقِ (فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْأَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّهَا تَحْصُلُ بِنَفْسِ الْعُلُوقِ (وَ) عَلَى (الثَّانِي) وَهُوَ التَّبَيُّنُ (لَا تَجِبُ قِيمَةُ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّا جَعَلْنَا أُمَّهُ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْحَالِ فَيَكُونُ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ، فَلَا تَجِبُ قِيمَةُ الْوَلَدِ. أَمَّا عَلَى الثَّانِي الْقَائِلِ بِحُصُولِ السِّرَايَةِ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ فَتَجِبُ، وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ التَّدْبِيرِ (وَلَا يَسْرِي تَدْبِيرٌ) فَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ لَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِتْلَافٍ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِهِ، فَلَا يَقْتَضِي السِّرَايَةَ وَلَا يَسْرِي أَيْضًا إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ مُعْسِرٌ، وَلَا يَسْرِي أَيْضًا مِنْ بَعْضِهِ إلَى بَاقِيهِ فِيمَنْ مَلَكَهُ كُلَّهُ (وَلَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ)(فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا فِي يَدِهِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ نَفَذَ. وَالثَّانِي تَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُوسِرٍ.

تَنْبِيهٌ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ يَسْرِي عَلَيْهِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ بَعْدَ أَنْ عَلَّقَ عِتْقَ حِصَّتِهِ عَلَى صِفَةٍ ثُمَّ وُجِدَتْ حَالَ الْحَجْرِ فَلَا سِرَايَةَ، وَفِي نَظِيرِهِ فِي حَجْرِ السَّفَهِ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ نَفَّذْنَا عِتْقَهُ أَضْرَرْنَا بِالْغُرَمَاءِ، بِخِلَافِ السَّفِيهِ.

(وَلَوْ)(قَالَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ (لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: أَعْتَقْت نَصِيبَك فَعَلَيْك قِيمَةُ نَصِيبِي فَأَنْكَرَ) الشَّرِيكُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي (صُدِّقَ) الْمُنْكِرُ (بِيَمِينِهِ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ (فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ) إنْ حَلَفَ (وَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِهِ إنْ قُلْنَا) بِالرَّاجِحِ مِنْ أَنَّهُ (يَسْرِي بِالْإِعْتَاقِ) فِي الْحَالِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ (وَلَا يَسْرِي إلَى نَصِيبِ الْمُنْكِرِ) وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْشِئْ عِتْقًا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِرَجُلٍ: إنَّك اشْتَرَيْتَ نَصِيبِي فَأَعْتَقْتَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نَصِيبَ الْمُدَّعِي وَلَا يَسْرِي وَلَا يَعْتِقُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ الْقِيمَةَ وَلَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُ الْمُنْكِرِ أَيْضًا بِهَذَا الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ لِأَجْلِ الْقِيمَةِ، وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا مَا تَوَجَّهَتْ الدَّعْوَى نَحْوَهُ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلدَّعْوَى عَلَى إنْسَانٍ أَنَّكَ أَعْتَقْتَ عَبْدَكَ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْعَبْدِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: الْمُوسِرِ عَنْ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ إذَا أَنْكَرَ وَحَلَفَ لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ، فَلَوْ اشْتَرَى الْمُدَّعِي نَصِيبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا سِرَايَةَ فِي الْبَاقِي (وَلَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ:) وَلَوْ مُعْسِرًا (إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ فَنَصِيبِي حُرٌّ بَعْدَ نَصِيبِك،

ص: 454

فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى نَصِيبِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا: السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَالَ فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَهُ، فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ عَنْهُ، وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ مُوسِرًا وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ، وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ.

وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ لِرَجُلٍ نِصْفُهُ، وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ، وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ نَصِيبَيْهِمَا

ــ

[مغني المحتاج]

فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ) الْمَنْقُولُ لَهُ نَصِيبُهُ (وَهُوَ مُوسِرٌ)(سَرَى إلَى نَصِيبِ) الشَّرِيكِ (الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا: السِّرَايَةُ) تَحْصُلُ (بِالْإِعْتَاقِ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ نَصِيبِ الْمُعَلِّقِ وَلَا يُعْتَقُ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ عَلَى النِّصْفِ تَعْلِيقٌ وَسِرَايَةٌ وَالسِّرَايَةُ أَقْوَى؛ لِأَنَّهَا قَهْرِيَّةٌ لَا مَدْفَعَ لَهَا، وَمُوجِبُ التَّعْلِيقِ قَابِلٌ لِلدَّفْعِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: بَعْدَ نَصِيبِكَ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ قَوْلَهُ: فَنَصِيبِي حُرٌّ كَانَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُخَالِفُهُ أَنْ لَوْ قَالَ قَبْلَهُ، وَقَوْلُهُ: إنْ قُلْنَا السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ، وَكَذَا إنْ قُلْنَا بِالتَّبْيِينِ وَأُدِّيَتْ الْقِيمَةُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُوسِرِ عَنْ الْمُعْسِرِ فَلَا سِرَايَةَ عَلَيْهِ وَيَعْتِقُ عَلَى الْمُعَلِّقِ نَصِيبُهُ (وَلَوْ) (قَالَ) لِشَرِيكِهِ: إنْ أَعْتَقْت نَصِيبَكَ (فَنَصِيبِي حُرٌّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِ نَصِيبِكَ (فَأَعْتَقَ الشَّرِيكُ) الْمَقُولُ لَهُ نَصِيبَهُ (فَإِنْ كَانَ الْمُعَلِّقُ مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (عَنْهُ) الْمُنْجَزُ فِي الْحَالِ، وَالْمُعَلِّقِ قَبْلَهُ بِمُوجَبِ التَّعْلِيقِ وَلَا سِرَايَةَ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ الْمُعَلِّقَ بِالْمُعْسِرِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْآخَرِ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ (وَالْوَلَاءُ لَهُمَا) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِتْقِ (وَكَذَا إنْ كَانَ) الْمُعَلِّقُ (مُوسِرًا وَأَبْطَلْنَا الدَّوْرَ) وَهُوَ الْأَصَحُّ فَيَعْتِقُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ صَحَّحْنَا الدَّوْرَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ (فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ) عَلَى أَحَدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَذَ إعْتَاقُ الْمَقُولِ لَهُ فِي نَصِيبِهِ لَعَتَقَ نَصِيبُ الْقَائِلِ. قَبْلَهُ، وَلَوْ عَتَقَ لَسَرَى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى تَرْتِيبِ السِّرَايَةِ عَلَى الْعِتْقِ، وَلَوْ سَرَى لَبَطَلَ عِتْقُهُ، فَيَلْزَمُ مِنْ نُفُوذِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ، وَفِيمَا ذُكِرَ دَوْرٌ، وَهُوَ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَهُوَ دَوْرٌ لَفْظِيٌّ.

تَنْبِيهٌ لَوْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ: نَصِيبِي حُرٌّ مَعَ عِتْقِ نَصِيبِك، أَوْ فِي حَالِ عِتْقِ نَصِيبِكَ فَأَعْتَقَهُ وَقُلْنَا: السِّرَايَةُ بِالْإِعْتَاقِ فَفِي الْأَصَحِّ يَعْتِقُ عَلَى كُلٍّ نَصِيبُهُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ الْمَعِيَّةِ الْمَانِعِ لِلسِّرَايَةِ.

حَادِثَةٌ: سُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا فَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ عَوَّضَهَا إيَّاهُ مِنْ صَدَاقِهَا وَأَنَّهَا أَعْتَقَتْهُ فَهَلْ يَعْتِقُ وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهِ أَوْ لَا؟ فَقَالَ: يَعْتِقُ وَلَا يَسْرِي؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِإِعْتَاقِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ. وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْمُؤَاخَذَةَ فِي نَصِيبِهَا وَعَدَمَ السِّرَايَةِ وَالثَّانِي: يَقْتَضِي السِّرَايَةَ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ عَدَمُهَا، وَتُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهَا فِي إسْقَاطِ صَدَاقِهَا.

وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُعْتِقُ (وَلَوْ) مَعَ التَّفَاوُتِ كَأَنْ (كَانَ عَبْدٌ) مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ (لِرَجُلٍ) مِنْهُمْ (نِصْفُهُ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَلِآخَرَ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَ الْآخَرَانِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ بِخَطِّهِ (نَصِيبَهُمَا) بِالتَّثْنِيَةِ كَانَ

ص: 455

مَعًا عِتْقًا، فَالْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ.

وَشَرْطُ السِّرَايَةِ إعْتَاقُهُ بِاخْتِيَارِهِ، فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ لَمْ يَسْرِ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَلَفُّظًا بِالْعِتْقِ (مَعًا) بِحَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا بِالْفَرَاغِ مِنْهُ، أَوْ وَكَّلَا وَكِيلًا فَأَعْتَقَهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، أَوْ عَلَّقَاهُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَدُخُولِ الدَّارِ وَهُمَا مُوسِرَانِ (عِتْقًا) بِقَدْرِ الْوَاجِبِ (فَالْقِيمَةُ) لِلنِّصْفِ الَّذِي سَرَى الْعِتْقُ (عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ) عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمَا لَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ التَّلَفِ يَسْتَوِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ: كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَاتِهِمَا الْمُخْتَلِفَةِ، وَكَمَا لَوْ وَضَعَ رَجُلَانِ فِي مَاءٍ لِغَيْرِهِمَا نَجَاسَةً فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ وَضَعَ فِيهِ جَرْوًا وَالْآخَرُ جَرْوَيْنِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الشُّفْعَةِ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ وَمَرَافِقِهِ كَالثَّمَرَةِ، وَهَذَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ.

تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ كَمَا قَدَّرْتُهُ فِي كَلَامِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا فَقَطْ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ قَطْعًا، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ بِدُونِ الْوَاجِبِ سَرَى إلَى ذَلِكَ الْقَدْرِ بِحَسَبِ يَسَارِهِمَا، فَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ سَرَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مَا يَجِدُ، وَإِنَّمَا ضَبَطَ الْمُصَنِّفُ الْآخِرَانِ بِكَسْرِ الْخَاءِ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْمُحَرَّرِ فَأَعْتَقَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ: فَأَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ.

(وَشَرْطُ السِّرَايَةِ) أَيْ شُرُوطِهَا أَرْبَعَةٌ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُوهَمَ الْحَصْرُ فِيمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهَا كَمَا سَتَرَاهُ. أَحَدُهَا (إعْتَاقُهُ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ بِنَائِبِهِ (بِاخْتِيَارِهِ) كَشِرَاءِ حُرٍّ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ وَقَبُولِ هِبَتِهِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بِهِ.

تَنْبِيهٌ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ مُقَابِلَ الْإِكْرَاهِ، بَلْ الْمُرَادُ السَّبَبُ فِي الْإِعْتَاقِ، وَلَا يَصِحُّ الِاحْتِرَازُ بِالِاخْتِيَارِ عَنْ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يُعْتَقُ فِيهِ الشِّقْصُ وَالْإِكْرَاهُ لَا عِتْقَ فِيهِ أَصْلًا، وَخَرَجَ بِاخْتِيَارِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ وَرِثَ بَعْضَ وَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ، أَوْ بَعْضَ أَصْلِهِ، وَإِنْ عَلَا (لَمْ يَسْرِ) عَلَيْهِ عِتْقُهُ إلَى بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَعِنْدَ انْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ لَا صُنْعَ مِنْهُ يُعَدُّ إتْلَافًا، وَمَا لَوْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ اشْتَرَى جُزْءَ بَعْضِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْرِ سَوَاءٌ أَعَجَزَ بِتَعْجِيزِ نَفْسِهِ أَمْ بِتَعْجِيزِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ. فَإِنْ قِيلَ: هُوَ مُخْتَارٌ فِي الثَّانِيَةِ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ التَّعْجِيزَ وَالْمِلْكُ حَصَلَ ضِمْنًا، وَمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْ اتَّهَبَ الْمُكَاتَبُ بَعْضَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ وَعَتَقَ بِعِتْقِهِ لَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ بِاخْتِيَارِهِ، بَلْ ضِمْنًا، وَمَا لَوْ مَلَكَ شَخْصٌ بَعْضَ ابْنِ أَخِيهِ وَبَاعَهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا وَمَاتَ فَوَرِثَهُ أَخُوهُ وَرَدَّ الْأَخُ الثَّوْبَ بِعَيْبٍ وَجَدَهُ فِيهِ وَاسْتَرَدَّ الْبَعْضَ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْرِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَالرَّافِعِيِّ قُبَيْلَ الْخَاصَّةِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ رَدُّ الثَّوْبِ لَا اسْتِرْدَادُ الْبَعْضِ، وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَلَكِنْ الْمُصَحَّحُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا السِّرَايَةُ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي مِلْكِهِ بِالْفَسْخِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي

ص: 456

وَالْمَرِيضُ مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ، وَالْمَيِّتُ مُعْسِرٌ، فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ لَمْ يَسْرِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَعْجِيزِ السَّيِّدِ مُكَاتَبَهُ بِأَنَّ الرَّدَّ يَسْتَدْعِي حُدُوثَ مِلْكٍ فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ بِخِلَافِ التَّعْجِيزِ، وَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ كَالْإِرْثِ وَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ مَثَلًا بِبَعْضِ ابْنِ أَخِيهِ فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ الْقَبُولِ وَقَبِلَهُ الْأَخُ عَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَلَمْ يَسْرِ؛ لِأَنَّهُ بِقَبُولِهِ يَدْخُلُ الْبَعْضُ فِي مِلْكِ مُوَرِّثِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ.

ثَانِي شُرُوطِ السِّرَايَةِ: أَنْ يَكُونَ لَهُ يَوْمَ الْإِعْتَاقِ مَالٌ يَفِي بِقِيمَةِ الْبَاقِي أَوْ بَعْضِهِ كَمَا مَرَّ، وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَغَيْرِهِمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْفَلَسِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مَدْيُونًا وَاسْتَغْرَقَتْ الدُّيُونُ مَالَهُ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَتَّى يُضَارِبَ الشَّرِيكُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمُضَارَبَةِ مَا بَقِيَ بِقِيمَةِ جَمِيعِ نَصِيبِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ حِصَّتَهُ وَيَعْتِقُ جَمِيعُ الْعَبْدِ بِنَاءً عَلَى حُصُولِ السِّرَايَةِ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ فَلَا يَسْرِي عَلَى مُعْسِرٍ (وَالْمَرِيضُ) أَيْضًا (مُعْسِرٌ إلَّا فِي ثُلُثِ مَالِهِ) فَإِنَّهُ إذَا عَتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ نَصِيبُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُهُ فَلَا سِرَايَةَ، فَإِنْ خَرَجَ نَصِيبُهُ وَبَعْضُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَلَا سِرَايَةَ فِي الْبَاقِي (وَالْمَيِّتُ) أَيْضًا (مُعْسِرٌ) مُطْلَقًا (فَلَوْ) (أَوْصَى) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فِي رَقِيقٍ (بِعِتْقِ نَصِيبِهِ) مِنْهُ فَأَعْتَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ (لَمْ يَسْرِ) إلَى بَاقِيهِ وَإِنْ خَرَجَ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ إلَى الْوَارِثِ. ثَالِثُ شُرُوطِ السِّرَايَةِ: أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهَا قَابِلًا لِلنَّقْلِ، فَلَا سِرَايَةَ فِي نَصِيبِ حُكْمٍ بِالِاسْتِيلَادِ فِيهِ، وَلَا إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْقُوفَةِ، وَلَا إلَى الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَزِمَ إعْتَاقُهُ بِمَوْتِ الْمَرِيضِ، أَوْ الْمُعَلِّقِ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا كَانَ أَعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مُعْسِرًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ سَرَى إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ لَا يَسْرِي إلَيْهِ بِعَكْسِهِ مَمْنُوعٌ، وَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى بَعْضٍ مَرْهُونٍ، وَإِلَى بَعْضٍ مُدَبَّرٍ، وَإِلَى بَعْضٍ مُكَاتَبٍ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ.

رَابِعُ شُرُوطِ السِّرَايَةِ: أَنْ يَعْتِقَ نَصِيبُهُ أَوَّلًا لِيَعْتِقَ ثُمَّ يَسْرِيَ الْعِتْقُ إلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ، فَلَوْ أُعْتِقَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لَغَا، إذْ لَا مِلْكَ وَلَا تَبَعِيَّةَ، فَلَوْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ سَرَى إلَى حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَقَعُ الْعِتْقُ عَلَى النِّصْفِ شَائِعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّهُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مِلْكِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إنَّمَا يَعْتِقُ مَا يَمْلِكُهُ؟ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَعْتِقُ جَمِيعُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَكَادُ يَظْهَرُ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ إلَّا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ.

تَتِمَّةٌ

أَمَةٌ حَامِلٌ مِنْ زَوْجٍ اشْتَرَاهَا ابْنُهَا الْحُرُّ وَزَوْجُهَا مَعًا وَهُمَا مُوسِرَانِ، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَوْصَى سَيِّدُهَا بِهَا لَهُمَا وَقَبِلَا الْوَصِيَّةَ مَعًا فَتُعْتَقُ الْأَمَةُ عَلَى الِابْنِ، وَالْحَمْلُ يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُقَوَّمُ.

ص: 457