المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل ضابط الغائب المحكوم عليه] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٦

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السير

- ‌[مَوَانِعِ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْل فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يَحْرُمُ]

- ‌[فَصْل فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[فَصْل فِي الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَاب عَقْد الْجِزْيَةِ لِلْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْل أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ]

- ‌[فَصْل فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ]

- ‌باب الهدنة

- ‌[فَصَلِّ فِي أَحْكَامِ الْهُدْنَةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الذَّابِحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الذَّبِيحُ]

- ‌[فَصْلٌ ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجَرْحُ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌[فَصَلِّ صِفَةُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

- ‌[كِتَابُ النَّذْرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ نَذْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌كتاب القضاء

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ]

- ‌[فَصَلِّ آدَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَصَلِّ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

- ‌باب القسمة

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَائِفِ وَبَيَانِ إلْحَاقِهِ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ]

- ‌كتاب العتق

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌فصل في الولاء

- ‌كتاب التدبير

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا]

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ]

- ‌كتاب أمهات الأولاد

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[فصل ضابط الغائب المحكوم عليه]

لَا فَيَدَّعِيهَا فَقَالَ غَصَبَ مِنِّي كَذَا، فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ، وَقِيلَ لَا بَلْ يَدَّعِيهَا وَيُحَلِّفُهُ ثُمَّ يَدَّعِي الْقِيمَةَ وَيَجْرِيَانِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبًا لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ، أَمْ أَتْلَفَهُ فَقِيمَتَهُ أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ حَيْثُ أَوْجَبْنَا الْإِحْضَارَ فَثَبَتَ لِلْمُدَّعِي اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَهِيَ وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي.

[فَصْلٌ] الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهِيَ

ــ

[مغني المحتاج]

لَا فَيَدَّعِيهَا) أَيْ الْعَيْنَ نَفْسَهَا (فَقَالَ) فِي صِفَةِ دَعْوَاهُ (غَصَبَ مِنِّي) فُلَانٌ (كَذَا، فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ) إلَيَّ (وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا يَلْزَمُهُ (سُمِعَتْ دَعْوَاهُ) مَعَ التَّرَدُّدِ لِلْحَاجَةِ، ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ فَذَاكَ، وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْعَيْنِ وَلَا بَدَلُهَا، فَإِنْ نَكَلَ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى التَّرَدُّدِ أَوْ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ؟ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ (وَقِيلَ: لَا) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى التَّرَدُّدِ (بَلْ يَدَّعِيهَا) أَيْ الْعَيْنَ (وَيُحَلِّفُهُ) عَلَيْهَا (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ (يَدَّعِي الْقِيمَةَ) أَوْ الْمِثْلَ وَيُحَلِّفُهُ عَلَى ذَلِكَ (وَيَجْرِيَانِ) أَيْ هَذَانِ الْوَجْهَانِ (فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبًا لِدَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ) فَطَالَبَهُ بِهِ (فَجَحَدَهُ) الدَّلَّالُ (وَشَكَّ) الدَّافِعُ (هَلْ بَاعَهُ) الدَّلَّالُ (فَيَطْلُبُ) مِنْهُ (الثَّمَنَ، أَمْ أَتْلَفَهُ فَقِيمَتَهُ) يَطْلُبُهَا (أَمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ) مِنْهُ فَعَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ يَدَّعِي عَلَى الدَّلَّالِ رَدَّ الثَّوْبِ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَتْلَفَهُ، وَيَحْلِفُ الْخَصْمُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُ الثَّوْبِ وَلَا ثَمَنِهِ وَلَا قِيمَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَدَّعِي الْعَيْنَ فِي دَعْوَى، وَالثَّمَنَ فِي أُخْرَى، وَالْقِيمَةَ فِي أُخْرَى، فَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَلَفَ ثَلَاثَةَ أَيْمَانٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى التَّرَدُّدِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا مَرَّ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَقَدْ يَكُونُ الدَّلَّالُ بَاعَهُ، وَلَمْ يُسَلِّمْهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ، وَالدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ جَامِعَةً لِذَلِكَ، وَالْقَاضِي إنَّمَا سَمِعَ الدَّعْوَى الْمُتَرَدِّدَةَ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْإِلْزَامَ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ، فَلَوْ أَتَى بِبَقِيَّةِ الِاحْتِمَالَاتِ لَمْ يَسْمَعْهَا الْحَاكِمُ، فَإِنَّ فِيهَا مَا لَا إلْزَامَ بِهِ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ (وَ) إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ عَنْ الْمَجْلِسِ (حَيْثُ أَوْجَبْنَا) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْإِحْضَارَ) لِلْمُدَّعَى بِهِ فَأَحْضَرَهُ (فَثَبَتَ لِلْمُدَّعِي)(اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ) أَيْ الْإِحْضَارِ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِتَعَدِّيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي (فَهِيَ) أَيْ مُؤْنَةُ الْإِحْضَارِ (وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ) لِلْمَالِ إلَى مَحَلِّهِ (عَلَى الْمُدَّعِي) لِتَعَدِّيهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِمُدَّةِ الْحَيْلُولَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ لَوْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الطَّرِيقِ بِانْهِدَامِ دَارٍ وَنَحْوِهِ، قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُدَّعِي بِلَا خِلَافٍ.

[فَصَلِّ ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

[فَصْلٌ] فِي ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَبَيَانِ غَيْبَتِهِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَمَا يُذْكَرُ مَعَهُ (الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ) عَلَيْهِ (وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ) بِمُوجَبِهَا (مَنْ) هُوَ كَائِنٌ (بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ، وَهِيَ

ص: 320

الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا، وَقِيلَ مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ كَحَاضِرٍ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَيُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ.

وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنْعُهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى.

وَلَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا

ــ

[مغني المحتاج]

الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إلَى مَوْضِعِهِ) الَّذِي بَكَّرَ مِنْهُ (لَيْلًا) بَعْدَ فَرَاغِ الْمُحَاكِمِ كَمَا بَيَّنَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِمَا فِي إيجَابِ الْحُضُورِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِمُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ فِي اللَّيْلِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْهَا، يَعُودُ عَلَى الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَسَافَةُ الْبَعِيدَةُ لَيْسَتْ الَّتِي لَا يَرْجِعُ مِنْهَا، بَلْ الَّتِي لَا يَصِلُ إلَيْهَا لَيْلًا مَنْ يَخْرُجُ بُكْرَةً مِنْ مَوْضِعِهِ إلَى بَلَدِ الْحَاكِمِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ قَالَ: مُبَكِّرٌ مِنْهَا لَاسْتَقَامَ، وَهُوَ مُرَادُهُ.

تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: لَيْلًا يُرِيدُ أَوَائِلَ اللَّيْلِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا (وَقِيلَ) هِيَ (مَسَافَةُ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ اعْتَبَرَهَا فِي مَوَاضِعَ فَمَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَمَنْ بِقَرِيبَةٍ) وَهِيَ دُونَ الْبَعِيدَةِ بِوَجْهَيْهَا بِحُكْمِهِ (كَحَاضِرٍ) فِي الْبَلَدِ (فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) عَلَيْهِ (وَ) لَا (يُحْكَمُ) عَلَيْهِ (بِغَيْرِ حُضُورِهِ إلَّا لِتَوَارِيهِ أَوْ تَعَزُّرِهِ) وَعَجْزُ الْقَاضِي حِينَئِذٍ عَنْ إحْضَارِهِ بِنَفْسِهِ وَبِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُضُورِهِ وَبِغَيْرِ نَصْبِ وَكِيلٍ يُنْكِرُ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ كَالْغَائِبِ وَإِلَّا لَاتَّخَذَ النَّاسُ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ، وَهَلْ يَحْلِفُ لَهُ الْمُدَّعِي يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ كَالْغَائِبِ أَوْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُضُورِ؟ وَجْهَانِ صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ هَذَا احْتِيَاطٌ لِلْقَضَاءِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ ذَلِكَ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ كَمَا صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.

تَنْبِيهٌ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخَصْمُ الْخَارِجُ عَنْ الْبَلَدِ فِي مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهَا فَالْبُعْدُ وَالْقُرْبُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَيَجُوزُ أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ، وَيُحْكَمَ وَيُكَاتَبَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

(وَالْأَظْهَرُ) وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْمَشْهُورِ (جَوَازُ)(الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي) عُقُوبَةٍ لِآدَمِيٍّ نَحْوِ (قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ) ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَأَشْبَهَ الْمَالَ (وَمَنْعُهُ فِي حَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى) أَوْ تَعْزِيرٍ لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالدَّرْءِ لِاسْتِغْنَائِهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّضْيِيقِ لِاحْتِيَاجِهِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْعَى فِي دَفْعِهِ وَلَا يُوَسَّعُ بَابُهُ، وَالثَّالِثُ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَالْأَمْوَالِ، وَمَا اجْتَمَعَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِآدَمِيٍّ كَالسَّرِقَةِ يُقْضَى فِيهَا عَلَى الْغَائِبِ بِالْمَالِ دُونَ الْقَطْعِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةِ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ.

(وَلَوْ)(سَمِعَ) قَاضٍ (بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ) أَوْ عَلَى صَبِيٍّ فَبَلَغَ عَاقِلًا أَوْ عَلَى مَجْنُونٍ فَأَفَاقَ (قَبْلَ الْحُكْمِ) فِي الْجَمِيعِ (لَمْ يَسْتَعِدْهَا) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِيدَهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الْأَصْلِ إذَا حَضَرُوا بَعْدَ شَهَادَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ بَدَلٌ

ص: 321

بَلْ يُخْبِرُهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ جَرْحٍ.

وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وُلِّيَ وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ.

وَإِذَا اُسْتُعْدِيَ عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ أَحْضَرَهُ

ــ

[مغني المحتاج]

وَلَا حُكْمَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ (بَلْ يُخْبِرُهُ) أَيْ مَنْ ذُكِرَ بِالْحَالِ (وَيُمَكِّنُهُ) بَعْدَ ذَلِكَ (مِنْ جَرْحٍ) فِيهَا وَمَا يَمْنَعُ شَهَادَتَهَا عَلَيْهِ كَعَدَاوَةٍ وَيُمْهَلُ لِذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَأَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ، فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ بِالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ، وَالْجَرْحُ يَوْمَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْجَرْحَ اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَاهُ وَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِهِ يَوْمَ الشَّهَادَةِ، بَلْ لَوْ جَرَحَهَا قَبْلَهَا وَلَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ مَضَتْ لَمْ يُؤَثِّرْ الْجَرْحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ سَفِيهًا لِدَوَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَلَغَ مَجْنُونًا.

(وَلَوْ)(عُزِلَ) قَاضٍ (بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ وُلِّيَ)(وَجَبَتْ الِاسْتِعَادَةُ) قَطْعًا، وَلَا يَحْكُمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ لِبُطْلَانِهِ بِالْعَزْلِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، ثُمَّ عَادَ فَلَهُ الْحُكْمُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ لِبَقَاءِ وِلَايَتِهِ.

ثُمَّ اسْتَطْرَدَ الْمُصَنِّفُ لِذِكْرِ مَا لَا يَخْتَصُّ بِهَذَا الْبَابِ. فَقَالَ (وَإِذَا اُسْتُعْدِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَعْدَى يُعْدِي: أَيْ يُزِيلُ الْعُدْوَانَ، وَهُوَ الظُّلْمُ: كَأَشْكَاهُ أَزَالَ شَكْوَاهُ (عَلَى) خَصْمٍ صَالِحٍ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ عَنْهَا (حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ) أَيْ طَلَبَ مِنْ الْقَاضِي إحْضَارَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاضِي كَذِبَهُ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ عُرِفَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً أَمْ لَا (أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا إقَامَةً لِشِعَارِ الْأَحْكَامِ وَلَزِمَهُ الْحُضُورُ رِعَايَةً لِمَرَاتِبِ الْحُكَّامِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: إذَا اسْتَحْضَرَهُ الْقَاضِي وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لَا أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ يَقْضِيَ الْحَقَّ إلَى الطَّالِبِ اهـ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَعَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ يُحْضِرُ ذَوِي الْمُرُوآتِ فِي دَارِهِ لَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْإِحْضَارِ مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَكَانَ يَتَعَطَّلُ بِحُضُورِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ فِي التَّفْلِيسِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ بِعَدَمِ حَبْسِ مَنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ. وَقَالَ: لَا يُعْتَرَضُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى إحْضَارِهِ الْبَرْزَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَوْ حَبْسِهَا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَهَا أَمَدٌ يُنْتَظَرُ، وَهُوَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَفِي الزَّوَائِدِ عَنْ الْعُدَّةِ أَنَّ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَانَةِ وَالْمُرُوءَةِ وَتَوَهَّمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمُسْتَعْدِيَ يَقْصِدُ ابْتِذَالَهُ وَأَذَاهُ لَا يُحْضِرُهُ، وَلَكِنْ يُنْفِذُ إلَيْهِ مَنْ يُسْمِعُ الدَّعْوَى تَنْزِيلًا لِصِيَانَتِهِ مَنْزِلَةَ الْمُخَدَّرَةِ وَجَزَمَ بِهِ سُلَيْمٌ فِي التَّقْرِيبِ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ كَغَيْرِهِ فِي إحْضَارِ الْخَصْمِ، لَكِنْ لَا يُحْضِرُ إذَا صَعِدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ حَتَّى تَفْرُغَ الصَّلَاةُ بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ يَوْمَ السَّبْتِ، فَإِنَّهُ يُحْضِرُهُ وَيَكْسِرُ عَلَيْهِ سَبْتَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُقَاسُ عَلَيْهِ النَّصْرَانِيُّ فِي الْأَحَدِ. أَمَّا إذَا دَعَاهُ الْخَصْمُ إلَى حَاكِمٍ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ فَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ، بَلْ الْوَاجِبُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ كَانَ عَلَيْهِ، وَفِي الْحَاوِي وَالْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى:{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النور: 51] ، وَحَمَلَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ الْأَوَّلَ، عَلَى مَا إذَا قَالَ: لِي عَلَيْك كَذَا فَاحْضُرْ مَعِي إلَى الْحَاكِمِ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ وَفَاءُ الدَّيْنِ. وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا

ص: 322

بِدَفْعِ خَتْمٍ طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ، فَإِنْ امْتَنَعَ بِلَا عُذْرٍ أَحْضَرَهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَعَزَّرَهُ.

ــ

[مغني المحتاج]

قَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَك مُحَاكَمَةٌ وَلَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا لِيَخْرُجَ عَنْهَا فَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ اهـ.

وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَظْهَرُ، وَيُحْضِرُ الْقَاضِي الْخَصْمَ الْمَطْلُوبَ إحْضَارُهُ لِمَجْلِسِ الْحُكْمِ (بِدَفْعِ خَتْمٍ) أَيْ مَخْتُومِ (طِينٍ رَطْبٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِلْمُدَّعِي يَعْرِضُهُ عَلَى الْخَصْمِ وَلْيَكُنْ نَقْشُ الْخَتْمِ: أَجِبْ الْقَاضِي فُلَانًا، وَكَانَ هَذَا أَوَّلًا عَادَةُ قُضَاةِ السَّلَفِ، ثُمَّ هُجِرَ وَاعْتَادَ النَّاسُ الْآنَ الْكِتَابَةَ فِي الْكَاغَدِ وَهُوَ أَوْلَى (أَوْ) أَحْضَرَهُ إنْ لَمْ يُجِبْ بِمَا مَرَّ (بِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ) مِنْ الْأَعْوَانِ بِبَابِ الْقَاضِي يُسَمَّوْنَ فِي زَمَانِنَا بِالرُّسُلِ صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ، وَمُؤْنَةُ الْعَوْنِ عَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ مُرَادًا وَلِذَا قَدَّرْت فِي كَلَامِهِ إنْ لَمْ يُجِبْ بِمَا مَرَّ، فَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ يُرْسِلُ الْخَتْمَ أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعَثَ إلَيْهِ الْعَوْنَ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَتَضَرَّرُ بِأَخْذِ أُجْرَتِهِ مِنْهُ - أَيْ فَإِنَّ أُجْرَةَ الْعَوْنِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُرْزَقْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ. نَعَمْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنْ يَكُونَ مُؤْنَةُ مَنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْحُضُورِ يَبْعَثُ الْخَتْمَ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَفِي الْحَاوِي لِلْقَاضِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ خَتْمِ الطِّينِ وَالْمُرَتَّبِ إنْ أَدَّى اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ مِنْ قُوَّةِ الْخَصْمِ وَضَعْفِهِ (فَإِنْ)(امْتَنَعَ) الْمَطْلُوبُ مِنْ الْحُضُورِ (بِلَا عُذْرٍ) أَوْ سُوءِ أَدَبٍ بِكَسْرِ الْخَتْمِ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ بِقَوْلِ الْعَوْنِ الثِّقَةِ (أَحْضَرَهُ) وُجُوبًا (بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ) وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ مُؤْنَتُهُمْ لِامْتِنَاعِهِ (وَعَزَّرَهُ) بِمَا يَرَاهُ مِنْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْ تَعْزِيرِهِ إنْ رَآهُ، فَإِنْ اخْتَفَى نُودِيَ بِإِذْنِ الْقَاضِي عَلَى بَابِ دَارِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سُمِّرَ بَابُهُ أَوْ خُتِمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَطَلَبِ الْخَتْمِ سَمَّرَهُ أَوْ خَتَمَهُ إجَابَةً إلَيْهِ إنْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ أَنَّهَا دَارُهُ، وَلَا يُرْفَعُ الْمِسْمَارُ وَلَا الْخَتْمُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْحُكْمِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنَّ مَحَلَّ التَّسْمِيرِ أَوْ الْخَتْمِ إذَا كَانَ لَا يَأْوِيهَا غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا سَبِيلَ إلَى ذَلِكَ وَلَا إلَى إخْرَاجِ مَنْ فِيهَا، فَإِنْ عَرَفَ مَوْضِعَهُ بَعَثَ إلَيْهِ النِّسَاءَ، ثُمَّ الصِّبْيَانَ، ثُمَّ الْخُصْيَانَ يَهْجُمُونَ الدَّارَ وَيُفَتِّشُونَ عَلَيْهِ، وَيَبْعَثُ مَعَهُمْ عَدْلَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ فَإِذَا دَخَلُوا الدَّارَ وَقَفَ الرِّجَالُ فِي الصَّحْنِ وَأَخَذَ غَيْرُهُمْ فِي التَّفْتِيشِ. قَالُوا: وَلَا هُجُومَ فِي الْحُدُودِ إلَّا فِي حَدِّ قَاطِعِ الطَّرِيقِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا تَعَذَّرَ حُضُورُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ حَكَمَ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ، وَهَلْ يُجْعَلُ امْتِنَاعُهُ كَالنُّكُولِ فِي رَدِّهِ الْيَمِينَ؟ الْأَشْبَهُ نَعَمْ، لَكِنْ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ إعَادَةِ النِّدَاءِ عَلَى بَابِهِ ثَانِيًا بِأَنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ بَعْدَ النِّدَاءِ الثَّانِي حُكِمَ بِنُكُولِهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْحُضُورِ لِعُذْرٍ: كَخَوْفِ ظَالِمٍ أَوْ حَبْسِهِ، أَوْ مَرَضٍ بَعَثَ إلَيْهِ نَائِبَهُ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ، أَوْ وَكَّلَ الْمَعْذُورُ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ، وَيَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يُحَلِّفُهُ إنْ وَجَبَ تَحْلِيفُهُ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَيَظْهَرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا سَمِعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَحَكَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ كَالْغَيْبَةِ فِي سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ فَكَذَا فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَقَدْ

ص: 323

أَوْ غَائِبٍ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ، أَوْ فِيهَا وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ لَمْ يُحْضِرْهُ بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَةً وَيَكْتُبُ إلَيْهِ، أَوْ لَا نَائِبَ فَالْأَصَحُّ يُحْضِرُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَقَطْ، وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ لَيْلًا.

ــ

[مغني المحتاج]

صَرَّحَ بِذَلِكَ الْبَغَوِيّ.

(أَوْ) كَانَ الِاسْتِعْدَاءُ عَلَى (غَائِبٍ فِي غَيْرِ) مَحَلِّ (وِلَايَتِهِ) أَيْ الْقَاضِي (فَلَيْسَ لَهُ إحْضَارُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ، بَلْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَنْهَى السَّمَاعَ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَ بَعْدَ تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي عَلَى مَا سَبَقَ وَإِنْ كَانَ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ (أَوْ) عَلَى غَائِبٍ (فِيهَا) أَيْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ لَمْ يُحْضِرْهُ) الْقَاضِي لِمَا فِي إحْضَارِهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ هُنَاكَ (بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَةً) عَلَيْهِ بِذَلِكَ (وَيَكْتُبُ) بِسَمَاعِهَا (إلَيْهِ) أَيْ نَائِبِهِ لِيَحْكُمَ بِهَا لِإِمْكَانِ الْفَصْلِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَلَا يُكَلَّفُ الْحُضُورَ.

تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لِمَا مَرَّ أَنَّ الْكِتَابَ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى (أَوْ لَا نَائِبَ) لَهُ هُنَاكَ (فَالْأَصَحُّ يُحْضِرُهُ مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَقَطْ) لَكِنْ بَعْدَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَصِحَّةِ سَمَاعِهَا (وَهِيَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ) إلَى مَوْضِعِهِ (لَيْلًا) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُعَدِّي لِمَنْ طَلَبَ خَصْمًا مِنْهَا لِإِحْضَارِ خَصْمِهِ - أَيْ يُقَوِّيهِ أَوْ يُعِينُهُ. وَالثَّانِي: إنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ حُكْمُ الْحَاضِرِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ. وَالثَّالِثُ يُحْضِرُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ، وَهَذَا مَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا تَرْجِيحَهُ وَعَلَيْهِ الْعِرَاقِيُّونَ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي؛ لِأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَدْعَى الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فِي قَضِيَّةٍ مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلِئَلَّا يُتَّخَذَ السَّفَرُ طَرِيقًا لِإِبْطَالِ الْحُقُوقِ، وَمَعَ هَذَا فَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْمَتْنِ، وَلَيْسَ فِي قَضِيَّةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَحْضَرَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ فِي إحْضَارِهِ. وَيَبْعَثُ الْقَاضِي إلَى بَلَدِ الْمَطْلُوبِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ إحْضَارِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَائِبٌ وَمَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يَتَوَسَّطُ وَيُصْلِحُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحْضِرْهُ بَلْ يَكْتُبُ إلَيْهِ أَنْ يَتَوَسَّطَ وَيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، وَاشْتَرَطَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَابْنُ يُونُسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْقَضَاءِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الْحُسْبَانِيُّ: يُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ الْقَضِيَّةُ مِمَّا تَنْفَصِلُ بِصُلْحٍ فَيَكْفِي وُجُودُ مُتَوَسِّطٍ مُطَاعٍ يُصْلِحُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْفَصِلُ بِصُلْحٍ فَلَا بُدَّ مِنْ صَالِحٍ لِلْقَضَاءِ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ لِيُفَوِّضَ إلَيْهِ الْفَصْلَ بَيْنَهُمَا بِصُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: لَيْلًا يَتَنَاوَلُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الضَّابِطُ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ اللَّيْلِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَكَذَا هُوَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي النِّكَاحِ فِي سَوَالِبِ الْوِلَايَةِ اهـ. ثُمَّ اسْتَثْنَى الْمُصَنِّفُ فِي الْمَعْنَى مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ

ص: 324

وَأَنَّ الْمُخَدَّرَةَ لَا تُحْضَرُ، وَهِيَ مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ.

ــ

[مغني المحتاج]

عَلَى حَاضِرٍ.

قَوْلَهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ) الْحَاضِرَةَ (لَا تُحْضَرُ) لِلدَّعْوَى بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مُضَارِعُ أُحْضِرَ - أَيْ لَا تُكَلَّفُ الْحُضُورَ لِلدَّعْوَى عَلَيْهَا صَرْفًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهَا كَالْمَرِيضِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَلَمْ يَطْلُبْهَا لِكَوْنِهَا مُخَدَّرَةً، وَرَجَمَ الْغَامِدِيَّةَ ظَاهِرًا لِكَوْنِهَا بَرْزَةً، كَذَا اُسْتُدِلَّ بِهِ وَنُظِرَ فِيهِ، وَلَا تُكَلَّفُ أَيْضًا الْحُضُورَ لِلتَّحْلِيفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْيَمِينِ تَغْلِيظٌ بِالْمَكَانِ فَإِنْ كَانَ أُحْضِرَتْ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الدَّعَاوَى، بَلْ تُوَكِّلُ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهَا نَائِبَهُ فَتُجِيبُ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ إنْ اعْتَرَفَ الْخَصْمُ أَنَّهَا هِيَ، أَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ مَحَارِمِهَا أَنَّهَا هِيَ، وَإِلَّا تَلَفَّعَتْ بِنَحْوِ مِلْحَفَةٍ وَخَرَجَتْ مِنْ السِّتْرِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ وَعِنْدَ الْحَلِفِ تَحْلِفُ فِي مَكَانِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْمُخَدَّرَةُ (مَنْ لَا يَكْثُرُ خُرُوجُهَا لِحَاجَاتٍ) مُتَكَرِّرَةٍ كَشِرَاءِ خُبْزٍ وَقُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهَا بِأَنْ لَمْ تَخْرُجْ أَصْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ إلَّا قَلِيلًا لِحَاجَةٍ كَزِيَارَةٍ وَحَمَّامٍ وَعَزَاءٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهَا تَحْضُرُ كَغَيْرِهَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ، وَغَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ وَهِيَ الْبَرْزَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يُحْضِرُهَا الْقَاضِي، لَكِنْ يَبْعَثُ إلَيْهَا مَحْرَمًا لَهَا أَوْ نِسْوَةً ثِقَاتٍ لِتَخْرُجَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ

تَنْبِيهٌ لَوْ كَانَتْ بَرْزَةً ثُمَّ لَزِمَتْ التَّخَدُّرَ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَاسِقِ يَتُوبُ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ سَنَةٍ فِي قَوْلٍ، أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي قَوْلٍ اهـ.

وَفَرَّقَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ بِرِفْعَةِ بَعْلِهَا وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلتَّخْدِيرِ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ اهـ.

وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْدِيرِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي أَنَّ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ نِسَائِهِمْ التَّخْدِيرُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا، وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ - أَيْ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، وَهَذَا أَوْلَى.

خَاتِمَةٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ مُهِمَّةٍ: لِلْقَاضِي أَنْ يُشْهِدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ، وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا، وَقَوْلُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلِ فِي الْخُصُومَةِ: كُنْت عَزَلْت وَكِيلِي قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، لَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ، بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ لَهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْحُكْمَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ.

وَلَيْسَ لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً بِكِتَابٍ حُكْمِيٍّ أَرْسَلَهُ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ، وَخَرَجَ بِهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ فِي الطَّرِيقِ عَنْ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ إلَّا إنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ بِالْكِتَابِ وَيَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ أَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ فَيَضْمَنُهُ وَيَكْتُبُ بِهِ لِلْقَاضِي الْمَقْصُودِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَاضِيًا وَلَا شُهُودًا وَطَلَبَ أُجْرَةً لِخُرُوجِهِ إلَى الْقَاضِي الْمَقْصُودِ لَمْ يُعْطَ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَكِرَاءَ الدَّابَّةِ، بِخِلَافِ سُؤَالِهِ الْأُجْرَةَ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُعْطَاهَا

ص: 325