المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في لزوم الكتابة وجوازها وما يعرض لها] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٦

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السير

- ‌[مَوَانِعِ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْل فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يَحْرُمُ]

- ‌[فَصْل فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[فَصْل فِي الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَاب عَقْد الْجِزْيَةِ لِلْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْل أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ]

- ‌[فَصْل فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ]

- ‌باب الهدنة

- ‌[فَصَلِّ فِي أَحْكَامِ الْهُدْنَةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الذَّابِحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الذَّبِيحُ]

- ‌[فَصْلٌ ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجَرْحُ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌[فَصَلِّ صِفَةُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

- ‌[كِتَابُ النَّذْرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ نَذْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌كتاب القضاء

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ]

- ‌[فَصَلِّ آدَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَصَلِّ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

- ‌باب القسمة

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَائِفِ وَبَيَانِ إلْحَاقِهِ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ]

- ‌كتاب العتق

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌فصل في الولاء

- ‌كتاب التدبير

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا]

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ]

- ‌كتاب أمهات الأولاد

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[فصل في لزوم الكتابة وجوازها وما يعرض لها]

[فَصْلٌ] الْكِتَابَةُ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْأَدَاءِ، وَجَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ، فَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ، فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ وَالْفَسْخُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ، وَلِلْمُكَاتَبِ الْفَسْخُ فِي الْأَصَحِّ.

وَلَوْ اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبُ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ اُسْتُحِبَّ إمْهَالُهُ، فَإِنْ أَمْهَلَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عُرُوضٌ أَمْهَلَهُ لِيَبِيعَهَا، فَإِنْ عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا أَمْهَلَهُ إلَى

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ ذَلِكَ مَا إذَا قَالَ أَعْتِقْهُ وَأَطْلَقَ. أَمَّا إذَا قَالَ أَعْتِقْهُ عَنِّي عَلَى كَذَا، فَقَالَ: أَعْتَقْتُهُ عَنْكَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ عَنْ السَّائِلِ وَيَعْتِقُ عَنْ الْمُعْتِقِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ.

تَتِمَّةٌ: لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ عَلَى صِفَةٍ فَوُجِدَتْ عَتَقَ. وَيَتَضَمَّنُ الْإِبْرَاءَ عَنْ النُّجُومِ حَتَّى تَتْبَعَهُ أَكْسَابُهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَاءَ لَكَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ وَاقِعٍ عَنْهَا فَلَا تَتْبَعُهُ الْأَكْسَابُ. قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ. قَالَ وَالْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ قَصْدًا وَيَقْبَلُهُ ضِمْنًا.

[فَصَلِّ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا]

[فَصْلٌ] فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ فَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ وَبَيَانِ حُكْمِ تَصَرُّفَاتِ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهَا.

(الْكِتَابَةُ) الصَّحِيحَةُ (لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ) أَيْ جَانِبِ (السَّيِّدِ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا) ؛ لِأَنَّهَا عُقِدَتْ لِحَظِّ مُكَاتَبِهِ لَا لِحَظِّهِ فَكَانَ فِيهَا كَالرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَيْهِ. أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَهِيَ جَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِ اللُّزُومِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَعْجِزَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ الْأَدَاءِ) عِنْدَ الْمَحِلِّ لِنَجْمٍ أَوْ بَعْضِهِ غَيْرِ الْوَاجِبِ فِي الْإِيتَاءِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ فِي ذَلِكَ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: قَدْ عَجَزْتُ عَنْ الْأَدَاءِ أَوْ يَقُولَ السَّيِّدُ فَسَخْتُ الْكِتَابَةَ، وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى حَاكِمٍ؛ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ.

تَنْبِيهٌ: يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ الِاسْتِثْنَاءَ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا: مَا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْأَدَاءِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. فَإِنْ قِيلَ: إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ، فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ؟ .

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ. الثَّانِيَةُ: إذَا حَلَّ النَّجْمُ وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ وَلَمْ يَبْعَثْ الْمَالَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَمَّا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يُحَطُّ عَنْهُ أَوْ يُبْذَلُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ وَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ غَيْرِهِ. لَكِنْ يَرْفَعُ الْمُكَاتَبُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُلْزِمَ السَّيِّدَ بِالْإِيتَاءِ وَالْمُكَاتَبَ بِالْأَدَاءِ (وَ) الْكِتَابَةُ (جَائِزَةٌ لِلْمُكَاتَبِ، فَلَهُ تَرْكُ الْأَدَاءِ،

ص: 500

إحْضَارِهِ إنْ كَانَ دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا.

وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ، فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ مِنْهُ.

وَلَا تَنْفَسِخُ بِجُنُونِ الْمُكَاتَبِ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ) أَيْ مَا يَفِي بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهَا لَهُ فَأَشْبَهَ الْمُرْتَهِنَ كَذَا قَالُوهُ، وَاعْتُرِضَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يُبْطِلُ حَقَّ السَّيِّدِ مِنْ النُّجُومِ، بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُعْتِقِ كَالْمُضْمَحِلِّ فَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ (فَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ) أَيْ قَالَ: أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي مَعَ تَرْكِ الْأَدَاءِ (فَلِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ) عَلَيْهِ (وَ) لَهُ (الْفَسْخُ) لِلْكِتَابَةِ عَلَى التَّرَاخِي إنْ شَاءَ (بِنَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا لِاجْتِهَادٍ فِيهِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْحَاكِمُ (وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ) إنْ ثَبَتَتْ الْكِتَابَةُ عِنْدَهُ، وَحُلُولُ النُّجُومِ وَالْعَجْزُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَمَتَى فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فَازَ السَّيِّدُ بِمَا أَخَذَهُ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا يَتَمَلَّكَ لُقَطَتَهُ، كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ (وَلِلْمُكَاتَبِ) أَيْضًا (الْفَسْخُ) لَهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ، كَمَا أَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي بَقَائِهَا.

(وَلَوْ)(اسْتَمْهَلَ الْمُكَاتَبُ) سَيِّدَهُ (عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ) لِعَجْزٍ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (إمْهَالُهُ) إعَانَةً لَهُ عَلَى تَحْصِيلِ الْعِتْقِ (فَإِنْ)(أَمْهَلَ) السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ (ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ) لِسَبَبٍ مِمَّا مَرَّ (فَلَهُ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْحَالَّ لَا يَتَأَجَّلُ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَقَدْ غَلِطَ مَنْ فَهِمَ عَنْ الْمُصَنِّفِ رُجُوعَ الضَّمِيرِ لِلْعَبْدِ (وَإِنْ كَانَ مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (عُرُوضٌ) وَكَانَتْ الْكِتَابَةُ غَيْرَهَا، وَاسْتَمْهَلَ لِبَيْعِهَا (أَمْهَلَهُ) وُجُوبًا (لِيَبِيعَهَا) ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ، وَلَوْ لَمْ يُمْهِلْهَا لَفَاتَ مَقْصُودُ الْكِتَابَةِ (فَإِنْ) لَمْ يَكُنْ بَيْعُهَا فَوْرًا كَأَنْ (عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ، وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِمْهَالِ، فَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَوَازُ الْفَسْخِ وَصَحَّحَاهُ (وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا) وَاسْتَمْهَلَ لِإِحْضَارِهِ (أَمْهَلَهُ) السَّيِّدُ وُجُوبًا (إلَى إحْضَارِهِ إنْ كَانَ) غَائِبًا فِيمَا (دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ (فَلَا) يَجِبُ الْإِمْهَالُ لِطُولِ الْمُدَّةِ.

تَنْبِيهٌ: يُمْهَلُ لِإِحْضَارِ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَإِحْضَارِ مَالٍ مُودَعٍ.

(وَلَوْ)(حَلَّ النَّجْمُ وَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ (غَائِبٌ) وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ (فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ) لِلْكِتَابَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِالْغَيْبَةِ بَعْدَ الْمَحِلِّ، وَالْإِذْنُ قَبْلَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ فِي اسْتِمْرَارِهَا إلَى مَا بَعْدَهُ، وَيَفْسَخُ بِنَفْسِهِ وَيُشْهِدُ، لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ الْفَسْخُ بِالْحَاكِمِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ بِالْعَجْزِ لَكِنْ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْكِتَابَةِ بِحُلُولِ النَّجْمِ وَالتَّعَذُّرِ لِتَحْصِيلِ النَّجْمِ، وَحَلِفِ السَّيِّدِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا أَنْظَرَهُ فِيهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْعِرَاقِيُّونَ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ وَالتَّحْلِيفُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ غَرِيبٌ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ أَرَ لَهُمْ تَعَرُّضًا لِحَدِّ هَذِهِ الْغَيْبَةِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبَةِ

ص: 501

وَيُؤَدِّي الْقَاضِي إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَلَا بِالْحَجَرِ.

بِجُنُونِ السَّيِّدِ، وَيَدْفَعُ إلَى وَلِيِّهِ، وَلَا يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ.

وَلَوْ قَتَلَ سَيِّدَهُ فَلِوَارِثِهِ قِصَاصٌ، فَإِنْ عَفَا عَلَى دِيَةٍ أَوْ قَتَلَ خَطَأً أَخَذَهَا مِمَّا مَعَهُ،

ــ

[مغني المحتاج]

وَالْبَعِيدَةِ، وَقَيَّدَهَا فِي الْكِفَايَةِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قِيَاسُ تَنْزِيلِ غَيْبَتِهِ كَغَيْبَةِ الْمَالِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: وَالْقِيَاسُ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى اهـ.

وَالْأَوْجَهُ مَا فِي الْكِفَايَةِ (فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي الْأَدَاءُ) لِلنَّجْمِ (مِنْهُ) وَيُمَكِّنُ الْقَاضِي السَّيِّدَ مِنْ الْفَسْخِ، وَإِنْ عَاقَ الْمُكَاتَبَ عَنْ حُضُورِهِ مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ فِي الطَّرِيقِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ، وَرُبَّمَا فَسَخَ الْكِتَابَةَ فِي غَيْبَتِهِ. فَإِنْ قِيلَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَهَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِتَحْلِيفِهِ لَا يَجْتَمِعَانِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ يُمَكِّنُ الْقَاضِي السَّيِّدَ: أَيْ لَا يَعْتَرِضُهُ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا وَفَّى أَوْ أَذِنَ فِيهِ يَحْتَاطُ كَمَا قَالُوا فِي الْحَاضِنَةِ يَكْفِي فِيهَا الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ، فَإِنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَلَوْ أَنْظَرَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ وَسَافَرَ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى إنْظَارِهِ لَمْ يُفْسَخْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ، وَرُبَّمَا اكْتَسَبَ فِي السَّفَرِ مَا يَفِي بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ، فَلَا يَفْسَخُ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْلِمَهُ بِالْحَالِ. بَلْ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضِي بَلَدِ سَيِّدِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ، فَإِنْ عَجَّزَ نَفْسَهُ كَتَبَ بِهِ قَاضِي بَلَدِهِ إلَى قَاضِي بَلَدِ السَّيِّدِ لِيَفْسَخَ إنْ شَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِبَلَدِ السَّيِّدِ قَاضٍ وَبَعَثَ السَّيِّدُ إلَى الْمُكَاتَبِ مَنْ يُعْلِمُهُ بِالْحَالِ وَيَقْبِضُ مِنْهُ النُّجُومَ فَهَلْ هُوَ كَكِتَابِ الْقَاضِي فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ؟ فِيهِ خِلَافٌ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ.

(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْكِتَابَةُ (بِجُنُونِ الْمُكَاتَبِ) كِتَابَةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ مَا كَانَ لَازِمًا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ لَا يَنْفَسِخُ بِجُنُونِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالرَّهْنِ، وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ كَالْوَكَالَةِ وَالْقِرَاضِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ فَسْخَهَا حَالَ جُنُونِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَفْسَخْ بِنَفْسِهِ بَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِجَمِيعِ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْفَسْخَ عَلَى الْغَائِبِ (وَ) حِينَئِذٍ (يُؤَدِّي الْقَاضِي إنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا) لِيُعْتَقَ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ أَهْلًا لِلنَّظَرِ لِنَفْسِهِ فَنَابَ الْحَاكِمُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الْغَائِبِ كَمَا مَرَّ.

تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ تَأْدِيَةِ الْقَاضِي عَنْهُ إذَا رَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ بِهَا لَمْ يُؤَدِّ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: وَهَذَا حَسَنٌ، لَكِنَّهُ قَلِيلُ النَّفْعِ مَعَ قَوْلِنَا إنَّ السَّيِّدَ إذَا وَجَدَ مَالَهُ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْأَخْذِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ الْقَاضِي مَالًا فَسَخَ السَّيِّدُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَعَادَ بِالْفَسْخِ قِنًّا لَهُ، فَإِنْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَأَنْ حَصَّلَهُ مِنْ قَبْلِ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ، وَنَقَضَ التَّعْجِيزَ وَعَتَقَ. قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَأَحْسَنَ الْإِمَامُ إذْ خَصَّ نَقْضَ التَّعْجِيزِ بِمَا إذَا ظَهَرَ الْمَالُ بِيَدِ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَهُوَ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ حِينَ تَعَذُّرِ حَقِّهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَحَضَرَ بَعْدَ

ص: 502

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَاقْتِصَاصُهُ وَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ.

وَلَوْ قَتَلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَطَعَهُ فَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ خَطَأً أَخَذَ مِمَّا مَعَهُ وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ

ــ

[مغني المحتاج]

الْفَسْخِ اهـ.

قَالَ فِي الْخَادِمِ: وَهَذَا مَعَ مُصَادَمَتِهِ لِإِطْلَاقِهِمْ مُصَادِمٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِ ثُمَّ حُضُورِهِ، بِخِلَافِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ، وَإِذَا قُلْنَا يَعْتِقُ يُطَالِبُهُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ نَقْضِ التَّعْجِيزِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّعْ عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ بِمَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيِّنٌ، نَعَمْ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا فَلَا يُطَالِبْهُ بِذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ مَا أَفَاقَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ قَدْ أَدَّى النُّجُومَ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَ وَأَنْفَقَ عَلَى عِلْمٍ بِحُرِّيَّتِهِ مُتَبَرِّعًا، فَلَوْ قَالَ: نَسِيتُ الْأَدَاءَ فَهَلْ يُقْبَلُ لِيَرْجِعَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ: الصَّحِيحُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا.

(وَلَا) تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ (بِالْحَجْرِ) عَلَى الْمُكَاتَبِ بِسَفَهٍ وَارْتِفَاعُ الْحَجْرِ عَنْهُ كَإِفَاقَتِهِ مِنْ الْجُنُونِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ تَعْيِينَ الْقَاضِي فِي صِحَّةِ الْأَدَاءِ وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَوْ أَدَّاهُ الْمَجْنُونُ لَهُ أَوْ اسْتَقَلَّ هُوَ بِأَخْذِهِ عَتَقَ؛ لِأَنَّ قَبْضَ النُّجُومِ مُسْتَحَقٌّ.

وَلَا تَنْفَسِخُ (بِجُنُونِ السَّيِّدِ) وَلَا بِمَوْتِهِ لِلُزُومِهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَا بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ كَالرَّهْنِ (وَيَدْفَعُ) الْمُكَاتَبُ وُجُوبًا النُّجُومَ (إلَى وَلِيِّهِ) إذَا جُنَّ، وَإِلَى وَارِثِهِ إذَا مَاتَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ شَرْعًا (وَلَا يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ، وَلِلْمُكَاتَبِ اسْتِرْدَادُهُ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ آخَرُ يُؤَدِّيهِ فَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيزُهُ، وَلَا يَنْفَسِخُ بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ، وَلَا الْمُكَاتَبِ.

(وَلَوْ)(قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (سَيِّدَهُ) عَمْدًا (فَلِوَارِثِهِ قِصَاصٌ) كَجِنَايَةِ عَمْدِ غَيْرِهِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى دِيَةٍ، أَوْ قَتَلَ) سَيِّدَهُ (خَطَأً أَخَذَهَا) أَيْ الدِّيَةَ (مِمَّا مَعَهُ) حَصَّلَهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مَعَ الْمُكَاتَبِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَكَذَلِكَ. فِي الْجِنَايَةِ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ الدِّيَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِثْلَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَكْثَرَ، وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ وَهَلْ يَجِبُ تَمَامُ الْأَرْشِ أَوْ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ وُجُوبُ الْأَقَلِّ، وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وُجُوبَ الدِّيَةِ مُطْلَقًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْكِتَابِ، وَحَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ، وَقَالَ: إنَّ الْقَوَاعِدَ تَأْبَى الْأَوَّلَ وَبَسَطَ ذَلِكَ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَجَرَى عَلَيْهِ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ، وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَعْتِقُهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَهَا، وَفِي يَدِهِ وَفَاءٌ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَقْطُوعِ بِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي يَدِهِ مَالٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَفِ بِالْأَرْشِ (فَلَهُ) أَيْ وَارِثِ سَيِّدِهِ (تَعْجِيزُهُ فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَّزَهُ وَرَقَّ سَقَطَ عَنْهُ الْأَرْشُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالثَّانِي: لَا يُعَجِّزُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَّزَ سَقَطَ مَالُ الْجِنَايَةِ، فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعْجِيزِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ الرَّدَّ إلَى الرِّقِّ الْمَحْضِ (أَوْ)

ص: 503

شَيْءٌ وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقُّ تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي وَبِيعَ بِقَدْرِ الْأَرْشِ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ.

وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ وَإِبْقَاؤُهُ مُكَاتَبًا، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ، وَلَوْ قَتَلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ وَمَاتَ رَقِيقًا.

وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ الْمُكَافِئِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ.

ــ

[مغني المحتاج]

(قَطَعَ) الْمُكَاتَبُ (طَرَفَهُ) أَيْ سَيِّدِهِ (فَاقْتِصَاصُهُ وَالدِّيَةُ) لِلطَّرَفِ (كَمَا سَبَقَ) فِي قَتْلِهِ سَيِّدَهُ، وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ.

تَنْبِيهٌ: جِنَايَتُهُ عَلَى طَرَفِ ابْنِ سَيِّدِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، فَإِنْ قَتَلَهُ فَلِلسَّيِّدِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ عَمْدٍ فَكَجِنَايَتِهِ عَلَى السَّيِّدِ.

(وَلَوْ)(قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (أَجْنَبِيًّا أَوْ قَطَعَهُ) عَمْدًا (فَعُفِيَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ بِخَطِّهِ: أَيْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ (عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَ) قَتْلُهُ لَلْأَجْنَبِيِّ (خَطَأً) أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ (أَخَذَ) الْمُسْتَحَقَّ (مِمَّا مَعَهُ) الْآنَ (وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ) بَعْدَ (الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ، وَإِذَا عَجَّزَهَا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِسِوَى الرَّقَبَةِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ جِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِذَا كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ وَجَبَ جَمِيعُ الْأَرْشِ مِمَّا فِي يَدِهِ كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ، بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ.

تَنْبِيهٌ: فِي إطْلَاقِ الْأَرْشِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ تَغْلِيبٌ فَلَا يُطَالِبُ بِأَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ وَلَا يَفْدِي بِهِ نَفْسَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيَفْدِي نَفْسَهُ بِالْأَقَلِّ بِلَا إذْنٍ، وَقَوْلُهُ مِمَّا سَيَكْسِبُهُ لَيْسَ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ. قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لَكِنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ هُنَاكَ، وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا، وَالْمُرَادُ بِمَا سَيَكْسِبُهُ مَا بَقِيَتْ كِتَابَتُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْقِصَاصِ هُنَا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ بِوُجُوبِهِ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ سَكَتَ عَنْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَفِي يَدِهِ وَفَاءٌ فَالْمَنْصُوصُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ لَهُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ.

(فَإِنْ)(لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ (شَيْءٌ) أَوْ كَانَ وَلَمْ يَفِ بِالْوَاجِبِ (وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقُّ) لِلْأَرْشِ الْقَاضِيَ (تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي) الْمَسْئُولُ (وَبِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ الْأَرْشِ) فَقَطْ إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْفِدَاءِ، وَإِلَّا فَكُلُّهُ. هَذَا كَلَامُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: كَلَامُ التَّنْبِيهِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّعْجِيزِ. بَلْ يَتَعَيَّنُ بِالْبَيْعِ انْفِسَاخُ الْكِتَابَةِ، كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمَرْهُونِ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ اهـ.

وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعْجِزَ جَمِيعُهُ، ثُمَّ يَبِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْأَرْشِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاَلَّذِي يُفْهِمُهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يَعْجِزُ الْبَعْضُ، وَلِهَذَا حَكَمُوا بِبَقَاءِ الْبَاقِي عَلَى كِتَابَتِهِ، وَلَوْ كَانَ يَعْجِزُ الْجَمِيعُ لَمْ يَأْتِ ذَلِكَ لِانْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ فِي جَمِيعِهِ فَيُحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ عَقْدٍ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَيُغْتَفَرُ عَدَمُ التَّجْدِيدِ لِلضَّرُورَةِ اهـ.

وَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ هُوَ الظَّاهِرُ، وَهَذَا إذَا كَانَ يَتَأَتَّى مِنْهُ بَيْعُ بَعْضِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ لِعَدَمِ رَاغِبٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَالْقِيَاسُ بَيْعُ الْجَمِيعِ لِلضَّرُورَةِ وَمَا فَضَلَ يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ بِالنِّسْبَةِ

ص: 504

وَيَسْتَقِلُّ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ وَلَا خَطَرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَيَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ.

وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ صَحَّ، فَإِنْ عَجَزَ وَصَارَ لِسَيِّدِهِ عَتَقَ،

ــ

[مغني المحتاج]

لِلْقِنِّ (فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُقُوقِ، فَإِنْ أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَهَلْ يَسْرِي بَاقِيهِ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُوسِرًا؟ . قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فِيهِ وَجْهَانِ. قَالَ وَفِي الْبَحْرِ لَا يَسْرِي قَوْلًا وَاحِدًا اهـ وَمَا فِي الْبَحْرِ هُوَ الظَّاهِرُ.

(وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ) بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ (وَإِبْقَاؤُهُ) عَلَى حَالِهِ (مُكَاتَبًا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ حُقُوقِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ قَبُولُ الْفِدَاءِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ) السَّيِّدُ (بَعْدَ الْجِنَايَةِ) وَنَفَّذْنَاهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (أَوْ أَبْرَأَهُ) بَعْدَهَا مِنْ النُّجُومِ (عَتَقَ وَلَزِمَهُ) أَيْ السَّيِّدَ (الْفِدَاءُ) بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الرَّقَبَةَ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَ بِأَدَاءِ النُّجُومِ بَعْدَهَا فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فِدَاؤُهُ، وَلَوْ جَنَى جِنَايَاتٍ وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ فَدَى نَفْسَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ تَبَرُّعًا لَزِمَهُ فِدَاؤُهُ (وَلَوْ)(قَتَلَ الْمُكَاتَبُ) بَعْدَ اخْتِيَارِ سَيِّدِهِ الْفِدَاءَ لَزِمَ السَّيِّدَ فِدَاؤُهُ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَ (بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ فِي الْحَالَيْنِ (وَمَاتَ رَقِيقًا) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، وَفَائِدَةُ الْحُكْمِ بِرِقِّهِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ مَا يَتْرُكُهُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا الْإِرْثِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ تَجْهِيزُهُ، وَسَوَاءٌ خَلَفَ وَفَاءً بِالنُّجُومِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا.

(وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ) الْمُتَعَمِّدِ (الْمُكَافِئِ) لَهُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُكَافِئًا أَوْ كَانَ الْقَتْلُ غَيْرَ عَمْدٍ (فَالْقِيمَةُ) هِيَ الْوَاجِبَةُ لَهُ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى عَبْدِهِ.

تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ مَا ذَكَرَ إذَا قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَإِنْ قَتَلَهُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةَ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هَذَا إذَا قَتَلَهُ، فَإِنْ قَطَعَ طَرَفَهُ ضَمِنَهُ. قَالَ الْجُرْجَانِيِّ: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ لَا يَضْمَنُ شَخْصًا وَيَضْمَنُ طَرَفَهُ غَيْرُهُ، وَالْفَرْقُ بُطْلَانُ الْكِتَابَةِ بِمَوْتِهِ، وَبَقَاؤُهَا مَعَ قَطْعِ طَرَفِهِ وَالْأَرْشُ مِنْ أَكْسَابِهِ.

فَرْعٌ: لَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ أَبَاهُ بِوَصِيَّةٍ، ثُمَّ جَنَى عَلَى أَبِيهِ فَقَطَعَ طَرَفَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْأَبِ كَحُكْمِ الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَجُعِلَتْ حُرِّيَّتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى حُرِّيَّتِهِ. قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ: ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُعْرَفُ لِلشَّافِعِيِّ مَسْأَلَةٌ يُقْتَصُّ فِيهَا مِنْ الْمَالِكِ لِلْمَمْلُوكِ إلَّا هَذِهِ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ هَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ثُمَّ قَالَ: فَأَوْجَبَ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقَتْلِ مَمْلُوكِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ مِلْكَهُ شُبْهَةً وَهُوَ غَرِيبٌ اهـ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ.

(وَيَسْتَقِلُّ) الْمُكَاتَبُ (بِكُلِّ تَصَرُّفٍ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ) عَلَى غَيْرِ السَّيِّدِ (وَلَا خَطَرَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ بِحَظِّهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَإِجَارَةٍ بِعِوَضِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ فِيهِ تَبَرُّعٌ كَصَدَقَةٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ فِيهِ خَطَرٌ كَقَرْضٍ وَبَيْعٍ نَسِيئَةً (فَلَا) يَسْتَقِلُّ بِهِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الرِّقِّ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي مَنْعِ بَيْعِهِ نَسِيئَةً بَيْنَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ قَدْ يُفْلِسُ وَالرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ وَيَحْكُمُ الْقَاضِي الْمَرْفُوعُ إلَيْهِ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ. هَذَا مَا ذَكَرَاهُ هُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. الْجَوَازَ بِالرَّهْنِ وَالْكَفِيلِ. مَا إذَا تَبَرَّعَ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ كَمَا يَأْتِي.

ص: 505

أَوْ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ بِلَا إذْنٍ، وَبِإِذْنٍ فِيهِ الْقَوْلَانِ، فَإِنْ صَحَّ فَمُكَاتَبٍ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَكِتَابَتُهُ بِإِذْنٍ عَلَى الْمَذْهَبِ.

[فَصْلٌ] الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ لِشَرْطٍ أَوْ عِوَضٍ، أَوْ أَجَلٍ فَاسِدٍ كَالصَّحِيحَةِ فِي اسْتِقْلَالَةِ بِالْكَسْبِ، وَفِي أَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَمَهْرِ شُبْهَةٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

تَنْبِيهٌ: اُسْتُثْنِيَ مِنْ التَّبَرُّعِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ لَحْمٍ وَخُبْزٍ مِمَّا الْعَادَةُ فِيهِ أَكْلُهُ وَعَدَمُ بَيْعِهِ لَهُ أَوْ إهْدَائِهِ لِغَيْرِهِ عَلَى النَّصِّ فِي الْأُمِّ، وَمِمَّا فِيهِ خَطَرٌ مَا الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ وَيُفْعَلُ لِلْمَصْلَحَةِ كَتَوْدِيجِ الْبَهَائِمِ، وَقَطْعِ السِّلَعِ مِنْهَا، وَالْفَصْدِ، وَالْحِجَامَةِ، وَخَتْنِ الرَّقِيقِ، وَقَطْعِ سِلَعِهِمْ الَّتِي فِي قَطْعِهَا خَطَرٌ، لَكِنْ فِي بَقَائِهَا أَكْثَرُ، وَلَهُ اقْتِرَاضٌ، وَأَخْذُ قِرَاضٍ، وَهِبَةٌ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ نَقْدًا وَعَشْرَةٍ نَسِيئَةً، وَشِرَاءُ النَّسِيئَةِ بِثَمَنِ النَّقْدِ، وَلَا يَرْهَنُ بِهِ، وَلَا يُسْلِمُ الْعِوَضَ قَبْلَ الْمُعَوَّضِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَلَا يَقْبَلُ هِبَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَّا كَسُوبًا كِفَايَتُهُ فَيُسَنُّ قَبُولٌ ثُمَّ يُكَاتَبُ عَلَيْهِ وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَالْفَاضِلُ لِلْمُكَاتَبِ، فَإِنْ مَرِضَ قَرِيبُهُ أَوْ عَجَزَ لَزِمَ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنْ جَنَى بِيعَ فِيهَا وَلَا يَفْدِيهِ بِخِلَافِ عَبْدِهِ (وَيَصِحُّ) مِمَّا مَنَعْنَاهُ مِنْهُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَغَيْرِهِ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ كَالْمُرْتَهِنِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ غَرَضَ الْعِتْقِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنٍ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبٍ آخَرَ وَقَبِلَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ.

تَنْبِيهٌ: اُسْتُثْنِيَ مِنْ إطْلَاقِهِ الصِّحَّةُ الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ كَمَا سَيَأْتِي.

(وَلَوْ اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ (صَحَّ) وَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُكَاتَبِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعَبِيدِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ لِضَرُورَةِ الْحَاجَةِ لِلِاسْتِرْبَاحِ (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ وَرَقَّ (وَصَارَ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ أَصْلِ سَيِّدِهِ أَوْ فَرْعِهِ (لِسَيِّدِهِ عَتَقَ) عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ.

تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ كُلُّهُ، فَإِذَا اشْتَرَى بَعْضَهُ ثُمَّ عَجَّزَ نَفْسَهُ أَوْ عَجَّزَهُ سَيِّدُهُ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ وَلَا يَسْرِي كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فِي الْعِتْقِ (أَوْ) اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يَعْتِقُ (عَلَيْهِ) لَوْ كَانَ حُرًّا مِنْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ (لَمْ يَصِحَّ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْعِتْقَ وَإِلْزَامِهِ النَّفَقَةَ (وَبِإِذْنٍ فِيهِ الْقَوْلَانِ) السَّابِقَانِ فِي تَبَرُّعِهِ بِالْإِذْنِ أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ (فَإِنْ صَحَّ) شِرَاءُ الْمُكَاتَبِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (فَكَاتَبَ عَلَيْهِ) فَيَرِقُّ بِرِقِّهِ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ (وَلَا يَصِحُّ) (إعْتَاقُهُ) عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ (وَ) لَا (كِتَابَتُهُ بِإِذْنٍ) لَهُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَلَاءَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ عَمَلًا بِالْإِذْنِ وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْأَوَّلِ. أَمَّا إعْتَاقُهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ.

تَتِمَّةٌ: وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ عَنْ الدُّيُونِ وَلَا هِبَتُهُ مَجَّانًا وَلَا يُشْتَرَطُ الثَّوَابُ، وَلِأَنَّ فِي قَدْرِهِ

ص: 506