الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ
وَالْمُنَاضَلَةِ
هُمَا سُنَّةٌ:
ــ
[مغني المحتاج]
[كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ]
ِ. كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا، مِنْ السَّبْقِ بِالسُّكُونِ مَصْدَرُ سَبَقَ أَيْ تَقَدَّمَ، وَبِالتَّحْرِيكِ الْمَالُ الْمَوْضُوعُ بَيْنَ أَهْلِ السِّبَاقِ (وَالْمُنَاضَلَةِ) عَلَى السِّهَامِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَامَاةُ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمُغَالَبَةِ، يُقَالُ نَاضَلْته فَنَضَلْته كَغَالَبْتُه فَغَلَبْته وَوَزْنًا وَمَعْنًى وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ النِّضَالُ فِي الرَّمْيِ، وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْلِ، وَالسِّبَاقُ يَكُونُ فِي الْخَيْلِ وَالرَّمْيِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: 17] . قِيلَ مَعْنَاهُ نَنْتَضِلُ بِالسِّهَامِ، فَعَلَى هَذَا، التَّرْجَمَةُ بِالْمُسَابِقَةِ كَافٍ لِشُمُولِ الْأَمْرَيْنِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّنْبِيهِ، وَهَذَا الْبَابُ لَمْ يَسْبِقْ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه أَحَدٌ إلَى تَصْنِيفِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ (هُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلرِّجَالِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرِ ذَوِي الْأَعْذَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَعْرَجِ يَقْصِدُ التَّأَهُّبَ لِلْجِهَادِ (سُنَّةٌ) أَيْ مَسْنُونٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْقُوَّةَ بِالرَّمْيِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَالَ ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» .
وَلِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنِ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ» قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا فَرْضَ كِفَايَةٍ، لِأَنَّهُمَا مِنْ وَسَائِلِ الْجِهَادِ، وَمَا
وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا.
وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ، وَكَذَا مَزَارِيقَ وَرِمَاحٍ وَرَمْيٍ بِأَحْجَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ، وَكُلِّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
لَا عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ
ــ
[مغني المحتاج]
لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَالْأَمْرُ بِالْمُسَابَقَةِ يَقْتَضِيهِ، قَالَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَسَاوِيهِمَا فِي مُطْلَقِ السُّنَّةِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُنَاضَلَةُ آكَدَ، فَفِي السُّنَنِ مَرْفُوعًا «ارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ السَّهْمَ يَنْفَعُ فِي السِّعَةِ وَالضِّيقِ كَمَوَاضِعِ الْحِصَارِ بِخِلَافِ الْفَرَسِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِي الضِّيقِ، بَلْ قَدْ يَضُرُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُكْرَهُ لِمَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ تَرْكُهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا، أَوْ قَدْ عَصَى» فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ غَيْرَ الْجِهَادِ فَهُوَ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ قَصَدَ بِهِمَا مُحَرَّمًا كَقَطْعِ الطَّرِيقِ حَرُمَا، أَمَّا النِّسَاءُ فَصَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِمَنْعِ ذَلِكَ لَهُنَّ وَأَقَرَّاهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ لَا مُطْلَقًا، فَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها سَابَقَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم» .
(وَيَحِلُّ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَيْهِمَا) بِالْوَجْهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْغِيبًا لِلِاسْتِعْدَادِ لِلْجِهَادِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ فِي خَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْمَارِّ، وَهُوَ لَا سَبَقَ إلَخْ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَهُوَ الْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ السَّابِقُ.
(وَتَصِحُّ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى سِهَامٍ) عَرَبِيَّةٍ، وَهِيَ النُّبَلُ وَعَجَمِيَّةٍ، وَهِيَ النُّشَّابُ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ أَوْ نَصْلٍ (وَكَذَا مَزَارِيقَ) جَمْعُ مِزْرَاقٍ، وَهُوَ رُمْحٌ صَغِيرٌ (وَرِمَاحٍ) هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ (وَرَمْيٍ) بِالْجَرِّ بِخَطِّهِ (بِأَحْجَارٍ) بِمِقْلَاعٍ أَوْ يَدٍ (وَمَنْجَنِيقٍ) أَيْ الرَّمْيِ بِهِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ عَكْسُ الْمُتَقَدِّمِ (وَكُلِّ نَافِعٍ فِي الْحَرْبِ) غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِمَّا يُشْبِهُهُ كَالرَّمْيِ بِالْمِسَلَّاتِ وَالْإِبَرِ، وَالتَّرَدُّدِ بِالسُّيُوفِ وَالرِّمَاحِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ امْتِنَاعُ ذَلِكَ فِي الْإِبْرَةِ، وَجَوَازُهُ فِي الْمِسَلَّةِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ بِرَمْيِهَا النِّكَايَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ السَّهْمِ اهـ.
وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ آلَةِ الْحَرْبِ وَوَرَدَ وَقُطِعَ بِالْأَوَّلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَرَمْيٍ بِأَحْجَارٍ الْمُدَاحَاةِ بِأَنْ يَرْمِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَجَرَ إلَى صَاحِبِهِ فَبَاطِلَةٌ قَطْعًا وَإِشَالَةُ الْحَجَرِ بِالْيَدِ، وَيُسَمَّى الْعِلَاجَ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَأَمَّا النَّقَافُ فَلَا نَقْلَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَعُ فِي حَالِ الْمُسَابَقَةِ، وَقَدْ يُمْنَعُ خَشْيَةَ الضَّرَرِ؛ إذْ كُلٌّ يَحْرِصُ عَلَى إصَابَةِ صَاحِبِهِ كَاللِّكَامِ،.
وَ (لَا) تَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ بِعِوَضٍ (عَلَى كُرَةِ صَوْلَجَانٍ) وَالْكُرَةُ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَتُجْمَعُ عَلَى كُرَيْنِ وَهَاؤُهَا عِوَضٌ عَنْ وَاوٍ جِسْمٌ مُحِيطٌ بِهِ سَطْحٌ فِي دَاخِلِهِ نُقْطَةٌ، وَالصَّوْلَجَانُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَلَامٍ مَفْتُوحَتَيْنِ عَصًا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ، هُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ؛ لِأَنَّ الصَّادَ وَالْجِيمَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ
وَبُنْدُقٍ وَسِبَاحَةٍ وَشِطْرَنْجٍ وَخَاتَمٍ، وَوُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ، وَمَعْرِفَةِ مَا فِي يَدِهِ، وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَى خَيْلٍ، وَكَذَا فِيلٌ وَبَغْلٌ وَحِمَارٌ فِي الْأَظْهَرِ، لَا طَيْرٌ وَصِرَاعٌ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهُمَا، لَازِمٌ
ــ
[مغني المحتاج]
وَتُجْمَعُ عَلَى صَوَالِجَةَ (وَ) لَا عَلَى (بُنْدُقٍ) يُرْمَى بِهِ إلَى حُفْرَةٍ وَنَحْوِهَا (وَ) لَا عَلَى (سِبَاحَةٍ) فِي الْمَاءِ (وَ) لَا عَلَى (شِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ (وَ) لَا عَلَى (خَاتَمٍ) بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَيُقَالُ أَيْضًا خَيْتَامٌ وَخَاتَامٌ (وَ) لَا عَلَى (وُقُوفٍ عَلَى رِجْلٍ، وَ) لَا عَلَى (مَعْرِفَةِ مَا فِي يَدِهِ) مِنْ شَفْعٍ وَوَتْرٍ، وَكَذَا سَائِرُ أَنْوَاعِ اللَّعِبِ كَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْأَقْدَامِ وَبِالسُّفُنِ وَالزَّوَارِقِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ هَذَا إذَا عُقِدَ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ، وَإِلَّا فَمُبَاحٌ، وَأَمَّا الرَّمْيُ بِالْبُنْدُقِ عَلَى قَوْمٍ فَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْحَاوِي الْجَوَازُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ وَهُوَ أَقْرَبُ (وَتَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ) بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ (عَلَى خَيْلٍ) لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ «لَا سَبَقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ» .
تَنْبِيهٌ سَكَتَ كَالْمُحَرَّرِ عَنْ الْإِبِلِ، وَهِيَ كَالْخَيْلِ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَالْعَرَبُ تُقَاتِلُ عَلَيْهَا أَشَدَّ الْقِتَالِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَعَجَبٌ سُكُوتُهُمَا عَنْهَا مَعَ قَوْلِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَسَبْقُ إبِلٍ بِكَتِفٍ، وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَجْهَانِ فِي اخْتِصَاصِ الْخَيْلِ بِمَا يُسْهَمُ لَهُ، وَهُوَ الْجَذْعُ أَوْ الثَّنِيُّ أَوْ يَطَّرِدُ فِي الصَّغِيرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا جَوَازُهَا عَلَى مَا يُعْتَادُ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا قَالَ أَمَّا غَيْرُهَا فَالْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا لَا تُظْهِرُ فَرُوسِيَّةً، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ السَّبَقِ عَلَيْهَا (وَكَذَا فِيلٌ وَبَغْلٌ وَحِمَارٌ) تَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمَارِّ قَالَ الْإِمَامُ وَيُؤَيِّدُهُ الْعُدُولُ عَنْ ذِكْرِ الْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ إلَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ، وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ غَيْرُ قَصْدِ التَّعْمِيمِ وَالثَّانِي قَصْرُ الْحَدِيثِ عَلَى الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ؛ لِأَنَّهَا الْمُقَاتَلُ عَلَيْهَا غَالِبًا أَمَّا بِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْكِلَابِ، وَمُهَارَشَةِ الدِّيَكَةِ، وَمُنَاطَحَةِ الْكِبَاشِ بِلَا خِلَافٍ لَا بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ سَفَهٌ، وَمَنْ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ، وَ (لَا) عَلَى (طَيْرٍ) جَمْعُ طَائِرٍ كَرَاكِبٍ وَرَكْبٍ (وَصِرَاعٍ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَوَهِمَ مَنْ ضَمَّهَا، فَلَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَيْهَا بِعِوَضٍ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ آلَاتِ الْقِتَالِ وَالثَّانِي تَجُوزُ أَمَّا الطَّيْرُ فَلِلْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الْحَرْبِ لِإِنْهَاءِ الْأَخْبَارِ، وَأَمَّا الصِّرَاعُ «فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَارَعَ رُكَانَةَ عَلَى شِيَاهٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الطَّيْرِ تَافِهَةٌ فَلَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ أَوْ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ مُصَارَعَةِ رُكَانَةَ أَنْ يُرِيَهُ شِدَّتَهُ لِيُسْلِمَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا صَرَعَهُ فَأَسْلَمَ رَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ؛ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا عِوَضٍ جَازَ جَزْمًا، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْحَرْبِ كَالشِّبَاكِ وَالْمُسَابَقَةِ عَلَى الْبَقَرِ فَتَجُوزُ بِلَا عِوَضٍ، وَأَمَّا الْغَطْسُ فِي الْمَاءِ، فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ فِي الْحَرْبِ فَكَالسِّبَاحَةِ فَيَجُوزُ بِلَا عِوَضٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَقْدَهُمَا) أَيْ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ (لَازِمٌ) أَيْ لِمَنْ الْتَزَمَ الْعِوَضَ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا فَجَائِزٌ فِي حَقِّهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا مِنْ جَانِبٍ
لَا جَائِزٌ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ، وَلَا تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَبَعْدَهُ، وَلَا زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ فِيهِ، وَلَا فِي مَالٍ.
وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ عِلْمُ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، وَتَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا، وَتَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ وَيَتَعَيَّنَانِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَجَائِزًا مِنْ جَانِبٍ كَالرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ (لَا جَائِزٌ) لِيُصَرِّحَ بِمُقَابِلِ الْأَظْهَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ كَعَقْدِ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ مَبْذُولٌ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَا يُوثَقُ بِهِ كَرَدِّ الْآبِقِ.
تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقْدُ بِعِوَضٍ مِنْهُمَا بِمُحَلِّلٍ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي وَإِلَّا فَجَائِزٌ قَطْعًا، وَقِيلَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَزَيْفٌ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْعَقْدِ اعْتِبَارُ الْإِيجَازِ وَالْقَبُولِ لَفْظًا، وَعَلَى لُزُومِهِ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) إذَا الْتَزَمَا الْمَالَ، وَبَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ (فَسْخُهُ) لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ نَعَمْ إنْ بَانَ بِالْعِوَضِ الْمُعَيَّنِ عَيْبٌ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا فِي الْأُجْرَةِ (وَلَا تَرْكُ الْعَمَلِ قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِيهِ (وَ) لَا (بَعْدَهُ) فَاضِلًا كَانَ أَوْ مَفْضُولًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ إطْلَاقُهُ، لَكِنَّ مَحِلَّهُ فِي الْفَاضِلِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَهُ الْآخَرُ وَيَسْبِقَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَرَةُ اللُّزُومِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُدْرِكَهُ وَيَسْبِقَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حَقَّ نَفْسِهِ (وَلَا زِيَادَةٌ وَ) لَا (نَقْصٌ فِيهِ) أَيْ الْعَمَلِ (وَلَا فِي مَالٍ) مُلْتَزَمٍ بِالْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَفْسَخَا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ وَيَسْتَأْنِفَا عَقْدًا جَدِيدًا إنْ وَافَقَهُمَا الْمُحَلِّلُ، وَعَلَى الْجَوَازِ يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَلِغَيْرِهِ الْفَسْخُ بِلَا عَيْبٍ كَالْمُحَلِّلِ.
(وَشَرْطُ الْمُسَابَقَةِ) أَيْ شُرُوطُهَا بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا عَشَرَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ عُدَّةً لِلْقِتَالِ كَمَا مَرَّ. ثَانِيهَا (عِلْمُ الْمَوْقِفِ) الَّذِي يَبْتَدِئَانِ الْجَرْيَ مِنْهُ (وَ) عِلْمُ (الْغَايَةِ) الَّتِي يَجْرِيَانِ إلَيْهَا.
تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ الْغَايَةَ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ إمَّا بِتَعْيِينِ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ، وَإِمَّا مَسَافَةٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهَا مَذْرُوعَةٍ أَوْ مَشْهُورَةٍ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُعَيِّنَا الِابْتِدَاءَ وَالِانْتِهَاءَ، وَيَقُولَا إنْ اتَّفَقَ السَّبْقُ عِنْدَهَا فَذَاكَ، وَإِلَّا فَغَايَتُنَا مَوْضِعُ كَذَا فَيَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنَا غَايَةً وَشَرَطَا الْمَالُ لِمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ (وَ) ثَانِيهمَا (تَسَاوِيهِمَا فِيهِمَا) أَيْ الْمَوْقِفِ وَالْغَايَةِ، فَلَوْ شُرِطَ تَقَدُّمُ مَوْقِفِ أَحَدِهِمَا أَوْ تَقَدُّمُ غَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ فَرُوسِيَّةِ الْفَارِسَيْنِ وَجَوْدَةُ جَرْيِ الدَّابَّةِ، وَهُوَ لَا يُعْرَفُ مَعَ تَفَاوُتِ الْمَسَافَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السَّبْقُ لِقُرْبِ الْمَسَافَةِ لَا لِحِذْقِ الْفَارِسِ وَلَا لِفَرَاهَةِ الدَّابَّةِ (وَ) ثَالِثُهَا (تَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ) مَثَلًا لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ سَيْرِهِمَا، وَهِيَ تَقْتَضِي التَّعْيِينَ، وَيَكْفِي وَصْفُهُمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ كَمَا فِي السَّلَمِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يَكْفِي وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ (وَيَتَعَيَّنَانِ) بِالتَّعَيُّنِ، فَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا وَلَا أَحَدِهِمَا لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ، فَإِنْ وَقَعَ هَلَاكٌ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَوْتِ الْفَرَسِ الْمَوْصُوفِ كَالْأَجِيرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ
وَإِمْكَانُ سَبْقِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ.
وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ: مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا.
وَمِنْ أَحَدِهِمَا فَيَقُولُ إنْ سَبَقَتْنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا أَوْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ عَلَيْك فَإِنْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ فَرَسُهُ كُفْءٌ لِفَرَسَيْهِمَا،
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: فِي مَعْنَى الْمَوْتِ ذَهَابُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْعَمَى (وَ) رَابِعُهَا (إمْكَانُ سَبْقِ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْ الْفَرَسَيْنِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ضَعِيفًا يُقْطَعُ بِتَخَلُّفِهِ، أَوْ فَارِهًا يُقْطَعُ بِتَقَدُّمِهِ لَمْ يَجُزْ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِالْإِمْكَانِ الْغَالِبُ، فَإِنْ أَمْكَنَ نَادِرًا لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَلَا بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَأَمَّا بَيْنَ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ فَيَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَقَارُبِهِمَا، وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا فِي النَّوْعِ كَعَتِيقٍ وَهَجِينٍ مِنْ الْخَيْلِ، وَنَجِيبٍ وَبُخْتِيٍّ مِنْ الْإِبِلِ، وَخَامِسُهَا أَنْ يَرْكَبَا الْمَرْكُوبَيْنِ وَلَا يُرْسِلَاهُمَا، فَلَوْ شَرَطَا إرْسَالَهُمَا لِيَجْرِيَا بِأَنْفُسِهِمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْفِرَانِ بِهِ وَلَا يَقْصِدَانِ الْغَايَةَ بِخِلَافِ الطُّيُورِ إذَا جَوَّزْنَا الْمُسَابَقَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهَا هِدَايَةً إلَى قَصْدِ الْغَايَةِ، وَسَادِسُهَا أَنْ يَقْطَعَ الْمَرْكُوبَانِ الْمَسَافَةَ، فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُمَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُهَا بِلَا انْقِطَاعٍ وَتَعَبٍ، وَإِلَّا فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَسَابِعُهَا تَعَيُّنُ الرَّاكِبَيْنِ، فَلَوْ شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يُرْكِبَ دَابَّتَهُ مَنْ شَاءَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَتَعَيَّنَ الرَّاكِبَانِ قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ فِي الرَّاكِبِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَثَامِنُهَا الْمَالُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (وَالْعِلْمُ بِالْمَالِ الْمَشْرُوطِ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً كَسَائِرِ الْأَعْوَاضِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا أَوْ بَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا كَفَتْ رُؤْيَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، فَلَا يَصِحُّ عَقْدٌ بِغَيْرِ مَالٍ كَكَلْبٍ، وَلَا مَالٌ مَجْهُولٌ كَثَوْبٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ، فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مَالٌ فِي ذِمَّتِهِ وَجَعَلَاهُ عِوَضًا جَازَ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ.
(وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ) أَيْ إخْرَاجُهُ فِي الْمُسَابَقَةِ (مِنْ غَيْرِهِمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ (بِأَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ) وَأَخْصَرُ وَأَشْمَلُ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ (مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ) كَذَا هَذَا مَقُولُ الْإِمَامِ، وَيَكُونُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ (أَوْ) مَنْ سَبَقَ مِنْكُمَا (فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا) هَذَا مَقُولُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ، وَإِنَّمَا صَحَّ هَذَا الشَّرْطُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْرِيضِ عَلَى تَعَلُّمِ الْفُرُوسِيَّةِ وَإِعْدَادِ أَسْبَابِ الْقِتَالِ؛ وَلِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ فِي طَاعَةٍ.
(وَ) يَجُوزُ أَيْضًا شَرْطُ الْمَالِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ (فَيَقُولُ إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ عَلَيْك) لِانْتِفَاءِ صُورَةِ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمَةِ وَتَاسِعُهَا: الْمُحَلِّلُ إذَا كَانَ الْمَالُ مِنْهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ شَرَطَ) أَيْ شَرَطَا فِي عَقْدِ الْمُسَابَقَةِ (أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا فَلَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا لَمْ يَصِحَّ) هَذَا الشَّرْطُ (إلَّا بِمُحَلِّلٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ بِخَطِّهِ مَنْ أَحَلَّ جَعَلَ الْمُمْتَنِعَ حِلًّا؛ لِأَنَّهُ يُحِلُّ الْعَقْدَ يُخْرِجُهُ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ الْمُحَرَّمِ (فَرَسُهُ كُفْءٌ لِفَرَسَيْهِمَا) يَغْنَمُ إنْ سَبَقَ، وَلَا يَغْرَمُ إنْ
فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ، وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ، وَإِنْ جَاءَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَمَالُ هَذَا لِنَفْسِهِ، وَمَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَلِلَّذِي مَعَهُ، وَقِيلَ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ، وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ ثُمَّ الْآخَرُ فَمَالُ الْآخَرِ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ.
وَإِنْ تَسَابَقَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا، وَشُرِطَ لِلثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ فَسَدَ، وَدُونُهُ يَجُوزُ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[مغني المحتاج]
سُبِقَ، فَيَجُوزُ لِخُرُوجِهِ بِذَلِكَ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَفَرَسَيْهِمَا عَمَّا لَوْ كَانَ ضَعِيفًا عَنْهُمَا أَوْ أَفْرَهَ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَالْكُفْءُ مُثَلَّثُ الْكَافِ الْمُسَاوِي وَالنَّظِيرُ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ مُحَلِّلٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، بَلْ يَكْفِي الْمُحَلِّلُ لِجَمَاعَةٍ وَإِنْ كَثُرُوا، وَقَوْلُهُ فَرَسُهُ مِثَالٌ، فَإِنَّ كُلَّ مَا تَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، وَاقْتَصَرَ عَلَى شَرْطٍ وَاحِدٍ لِلْمُحَلِّلِ، وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَهُ أَرْبَعَةٌ، هَذَا، وَأَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ مُعَيَّنًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَفَرَسَيْهِمَا، وَأَنْ لَا يُخْرِجَ شَيْئًا، وَأَنْ يَأْخُذَ إنْ سَبَقَ، فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَأْخُذَ لَمْ يُخْرِجْ، وَهَذَا الرَّابِعُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ الْمَالَيْنِ) سَوَاءٌ أَجَاءَا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا لِسَبْقِهِ لَهُمَا (وَإِنْ سَبَقَاهُ وَجَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لِأَحَدٍ) لِعَدَمِ سَبْقِهِ لَهُمَا وَعَدَمِ سَبْقِ أَحَدِهِمَا لِلْآخِرِ (وَإِنْ جَاءَ) الْمُحَلِّلُ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ وَتَأَخَّرَ الْآخَرُ (فَمَالُ هَذَا لِنَفْسِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ (وَمَالُ الْمُتَأَخِّرِ لِلْمُحَلِّلِ وَلِلَّذِي مَعَهُ) عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ (وَقِيلَ هُوَ لِلْمُحَلِّلِ فَقَطْ) اقْتِصَارًا لِتَحْلِيلِهِ عَلَى نَفْسِهِ (وَإِنْ جَاءَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ الْمُحَلِّلُ ثُمَّ الْآخَرُ فَمَالُ الْآخَرِ لِلْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ) لِسَبْقِهِ الِاثْنَيْنِ، وَالثَّانِي لَهُ وَلِلْمُحَلِّلِ لِسَبْقِهِمَا الْآخَرَ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْأَوَّلَ يَجُوزُ مَا أَخْرَجَهُ.
تَنْبِيهٌ: الصُّوَرُ الْمُمْكِنَةُ فِي الْمُحَلِّلِ ثَمَانِيَةٌ: أَنْ يَسْبِقَهُمَا وَيَجِيئَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ يَسْبِقَاهُ وَيَجِيئَانِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، أَوْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَكُونَ مَعَ أَوَّلِهِمَا أَوْ ثَانِيهِمَا أَوْ يَجِيءَ الثَّلَاثَةُ مَعًا، وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ.
(وَإِنْ تَسَابَقَ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا) وَبَاذِلُ الْمَالِ غَيْرُهُمْ (وَشُرِطَ لِلثَّانِي) مِنْهُمْ (مِثْلُ الْأَوَّلِ فَسَدَ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجْتَهِدُ فِي السَّبْقِ لِوُثُوقِهِ بِالْمَالِ سَبَقَ أَوْ لَمْ يَسْبِقْ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجْتَهِدُ وَيَسْعَى أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا أَوْ ثَانِيًا، فَإِنْ شُرِطَ لِلثَّانِي أَكْثَرُ مِنْ الْأَوَّلِ، أَوْ الْكُلُّ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَأَمَّا الْفِسْكِلُ وَهُوَ الْأَخِيرُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَاوِيَ مَنْ قَبْلَهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُشْرَطَ لَهُ دُونَ مَا شُرِطَ لِمَنْ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ (وَ) إنْ شُرِطَ لِلثَّانِي مِنْهُمْ (دُونَهُ) أَيْ أَقَلُّ مِنْ الْأَوَّلِ (يَجُوزُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْعَى وَيَجْتَهِدُ لِيَفُوزَ بِالْأَكْثَرِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِأَنَّهُ يَكْسَلُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَفُوزُ بِشَيْءٍ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْعَقْدِ، وَيُقَاسُ بِمَا ذُكِرَ مَا لَوْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَلَوْ كَانُوا عَشَرَةً مَثَلًا وَشُرِطَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِوَى الْفِسْكِلِ مِثْلُ الْمَشْرُوطِ لِمَنْ تَقَدَّمَهُ جَازَ فِي الْأَصَحِّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَامْتَنَعَ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ، وَعَاشِرُهَا اجْتِنَابُ شَرْطٍ مُفْسِدٍ، فَإِنْ قَالَ
وَسَبْقُ إبِلٍ بِكَتِفٍ، وَخَيْلٍ بِعُنُقٍ، وَقِيلَ بِالْقَوَائِمِ فِيهِمَا.
وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ مُبَادَرَةٌ
ــ
[مغني المحتاج]
إنْ سَبَقْتَنِي فَلَكَ هَذَا الدِّينَارُ بِشَرْطِ أَنْ تُطْعِمَهُ أَصْحَابَك فَسَدَ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِشَرْطٍ يَمْنَعُ كَمَالَ التَّصَرُّفِ، فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ.
تَنْبِيهٌ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَا فِي الرَّوْضَةِ لِأَسْمَاءِ خَيْلِ السِّبَاقِ، وَعَدَّهَا الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ عَشَرَةً، نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ
وَهِيَ مُجَلٌّ وَمُصَلٍّ تَالِي
…
وَالْبَارِعُ الْمُرْتَاحُ بِالتَّوَالِي
ثُمَّ حَظِيٌّ عَاطِفٌ وَمُؤَمَّلُ
…
ثُمَّ السُّكَيْتُ وَالْأَخِيرُ الْفِسْكِلُ
وَقَالَ بَعْضٌ آخَرُ:
وَجُمْلَةُ خَيْلِ السَّبْقِ تُسْمَى بِحِلْيَةٍ
…
وَتَرْتِيبُهَا مِنْ بَعْدِ ذَا أَنَا وَاصِفُ
مُجَلٌّ مُصَلٍّ ثُمَّ تَالٍ فَبَارِعُ
…
فَمُرْتَاجُهَا ثُمَّ الْحَظِيُّ فَعَاطِفُ
مُؤَمَّلُهَا ثُمَّ اللَّطِيمُ سُكَيْتُهَا
…
وَالْآتِي أَخِيرًا فُسْكُلٌ وَهُوَ تَائِفُ
وَالْفِسْكِلُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَالْكَافِ، وَيُقَالُ بِضَمِّهِمَا، وَيُقَالُ فِيهِمَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ زَادَ حَادِيَ عَشَرَ سَمَّاهُ الْمُقَرْدِحَ، وَالْفُقَهَاءُ قَدْ يُطْلِقُونَهَا عَلَى رِكَابِ الْخَيْلِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ السَّبْقُ، فَقَالَ (وَسَبْقُ إبِلٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَفِيَلَةٍ عِنْدَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (بِكَتِفٍ) وَعَبَّرَ فِيهَا كَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلنَّصِّ، وَالْجُمْهُورُ بِكَتَدٍ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَفَتْحُهَا أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا، وَهُوَ مَجْمَعُ الْكَتِفَيْنِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالظَّهْرِ، يُسَمَّى الْكَاهِلَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ عَنْ الرُّبَيِّعِ أَنَّهُ الْكَتِفُ وَلِكَوْنِهِ أَشْهَرَ مِنْ الْكَتَدِ، عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْكَتَدُ هُوَ مَا بَيْنَ الْكَاهِلِ وَالظَّهْرِ، وَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّعْبِيرُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَ) سَبْقُ (خَيْلٍ) أَيْ وَنَحْوِهَا كَبِغَالٍ (بِعُنُقٍ) فَمَتَى سَبَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِكَتِفِهِ أَوْ عُنُقِهِ أَوْ بَعْضِهِ عِنْدَ الْغَايَةِ فَهُوَ السَّابِقُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرْفَعُ أَعْنَاقَهَا فِي الْعَدْوِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهَا، وَالْخَيْلُ تَمُدُّهَا فَاعْتُبِرَ بِهَا
تَنْبِيهٌ: هَذَا إذَا اسْتَوَى الْفَرَسَانِ فِي خِلْقَةِ الْعُنُقِ طُولًا وَقِصَرًا، فَإِنْ اخْتَلَفَا وَسَبَقَ الْأَقْصَرُ عُنُقًا أَوْ الْأَطْوَلُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الزِّيَادَةِ فَهُوَ السَّابِقُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ رَفَعَتْ الْخَيْلُ أَعْنَاقَهَا فَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا كَالْإِبِلِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيِّ وَالْفُورَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (وَقِيلَ) يُعْتَبَرُ السَّبْقُ (بِالْقَوَائِمِ فِيهِمَا) أَيْ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ أَيْ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَدْوَ بِالْقَوَائِمِ، وَهُوَ الْأَقْيَسُ عِنْدَ الْإِمَامِ، أَمَّا إذَا لَمْ يُطْلِقَا الْعَقْدَ بَلْ شَرَطَا فِي السَّبْقِ أَقْدَامًا مَعْلُومَةً، فَإِنَّ السَّبْقَ لَمْ يَحْصُلْ بِمَا دُونَهَا، وَلَوْ سَبَقَ وَاحِدٌ فِي وَسَطِ الْمَيْدَانِ وَالْآخَرُ فِي آخِرِهِ فَهُوَ السَّابِقُ، وَلَوْ عَثَرَ أَحَدُ الْمَرْكُوبَيْنِ أَوْ وَقَفَ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَتَقَدَّمَ الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ سَابِقًا أَوْ بِلَا عِلَّةٍ فَمَسْبُوقٌ لَا إنْ وَقَفَ قَبْلَ أَنْ يَجْرِيَ، وَيُسَنُّ جَعْلُ قَصَبَةٍ فِي الْغَايَةِ يَأْخُذُهَا السَّابِقُ لِيَظْهَرَ سَبْقُهُ.
(وَيُشْتَرَطُ لِلْمُنَاضَلَةِ) أَيْ لِصِحَّتِهَا (بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ) فِيهَا (مُبَادَرَةٌ) ،
وَهِيَ أَنْ يَبْدُرَ أَحَدُهُمَا بِإِصَابَةِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ، أَوْ مُحَاطَّةٌ، وَهِيَ أَنْ تُقَابَلَ إصَابَاتُهُمَا، وَيُطْرَحَ الْمُشْتَرَكُ فَمَنْ زَادَ بِعَدَدِ كَذَا فَنَاضِلٌ، وَبَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ، وَمَسَافَةِ الرَّمْيِ،
ــ
[مغني المحتاج]
وَهِيَ أَنْ يَبْدُرَ أَيْ يَسْبِقَ (أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُتَنَاضِلَيْنِ (بِإِصَابَةِ الْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ) مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ وَالرَّمْيِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ، فَمَنْ أَصَابَهُ نَاضِلٌ لِمَنْ أَصَابَ أَرْبَعَةً مِنْ عِشْرِينَ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ، وَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهَا خَمْسَةً فَلَا نَاضِلَ مِنْهُمَا (أَوْ) بَيَانُ أَنَّ الرَّمْيَ فِي الْمُنَاضَلَةِ (مُحَاطَّةٌ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ (وَهِيَ أَنْ تُقَابَلَ إصَابَاتُهُمَا) مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ كَأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَرْمِي عِشْرِينَ مَثَلًا (وَيُطْرَحَ الْمُشْتَرَكُ) أَيْ مَا اشْتَرَكَا فِيهِ مِنْ الْإِصَابَاتِ (فَمَنْ زَادَ) فِيهَا (بِعَدَدِ كَذَا) كَخَمْسٍ (فَنَاضِلٌ) لِلْآخَرِ فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ، وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً وَلَمْ يُصِبْ الْآخَرُ شَيْئًا، فَهَلْ يُقَالُ الْأَوَّلُ نَاضِلٌ أَوْ لَا؟ إنْ قِيلَ نَعَمْ انْتَقَضَ حَدُّ الْمُحَاطَّةِ لِكَوْنِهَا لَا تُقَابَلُ وَلَا طَرْحَ، وَإِنْ قِيلَ لَا اُحْتِيجَ إلَى نَقْلٍ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا لَوْ شَرَطَا النَّضْلَ بِوَاحِدَةٍ وَطُرِحَ الْمُشْتَرَكُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مِنْ صُوَرِ الْمُحَاطَّةِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ وَلَيْسَ مُرَادًا
تَنْبِيهٌ: مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَرُّضِ لِكَوْنِ الرَّمْيِ مُبَادَرَةً أَوْ مُحَاطَّةً تَبِعَ فِيهِ الْمُحَرَّرَ وَهُوَ وَجْهٌ، وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهُمَا فِي الْعَقْدِ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ مِنْ الْمُنَاضَلَةِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ عَدَدِ الرَّمْيِ فِي عَقْدِ مُحَاطَّةٍ أَوْ مُبَادَرَةٍ إلَّا إذَا تَوَافَقَا عَلَى رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَرَطَا الْمَالَ لِمُصِيبِهَا فَيَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ (وَ) يُشْتَرَطُ فِي الرَّمْيِ مُبَادَرَةً أَوْ مُحَاطَّةً (بَيَانُ عَدَدِ نُوَّابِ الرَّمْيِ) بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ لِيَنْضَبِطَ الْعَمَلُ وَهِيَ أَنَّ الْمُنَاضَلَةَ كَالْمَيْدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَا رَمْيَ سَهْمٍ سَهْمٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَا تَقَدُّمَ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ سِهَامِهِ، وَلَوْ أَطْلَقَا صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى رَمْيِ سَهْمٍ سَهْمٍ. كَذَا قَالَاهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ بَيَانَ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ مُسْتَحَبٌّ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَرْمِيَا سَهْمًا سَهْمًا صَحَّ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ أَيْضًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ (وَ) بَيَانُ عَدَدِ (الْإِصَابَةِ) كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِصَابَةِ، وَبِهَا يَتَبَيَّنُ حِذْقُ الرَّامِي وَجَوْدَةُ رَمْيِهِ
تَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ إمْكَانُ الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ إنْ امْتَنَعَتْ الْإِصَابَةُ عَادَةً لِصِغَرِ الْغَرَضِ أَوْ كَثْرَةِ الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ كَعَشَرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ أَوْ نَدَرَتْ كَإِصَابَةِ تِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ تُيُقِّنَتْ كَإِصَابَةِ حَاذِقٍ وَاحِدٍ مِنْ مِائَةٍ، وَاشْتِرَاطُ بَيَانِ عَدَدِ الْإِصَابَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَا نَرْمِي عَشَرَةً، فَمَنْ أَصَابَ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ فَنَاضِلٌ لَا يَكْفِي، وَجَزَمَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَكْفِي وَهُوَ الظَّاهِرُ (وَ) بَيَانُ (مَسَافَةِ الرَّمْيِ) وَهِيَ مَا بَيْنَ مَوْقِفِ الرَّامِي وَالْغَرَضِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهَا، وَبَيَانُهَا إمَّا بِالذُّرْعَانِ أَوْ الْمُشَاهَدَةِ.
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَادَةٌ غَالِبَةٌ، وَإِلَّا فَيَنْزِلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهَا كَمَا
وَقَدْرِ الْغَرَضِ طُولًا وَعَرْضًا إلَّا أَنْ يَعْقِدَ بِمَوْضِعٍ فِيهِ غَرَضٌ مَعْلُومٌ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ، وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الرَّمْيِ مِنْ قَرْعٍ، وَهُوَ إصَابَةُ الشَّنِّ بِلَا خَدْشٍ، أَوْ خَزْقٍ وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَهُ وَلَا يَثْبُتَ فِيهِ، أَوْ خَسْقٍ وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ، أَوْ مَرْقٍ، وَهُوَ أَنْ يَنْفُذَ،
ــ
[مغني المحتاج]
هُوَ الْمُرَجَّحُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ لِأَبْعَدِهِمَا رَمْيًا، وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا صَحَّ الْعَقْدُ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُرَاعَى لِلْبُعْدِ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي شِدَّةِ الْقَوْسِ وَرَزَانَةِ السَّهْمِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْوُصُولُ إلَى الْغَرَضِ مُمْكِنًا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْإِصَابَةُ فِيهَا نَادِرَةً عَلَى الْأَرْجَحِ قَالَا: وَقَدَّرَ الْأَصْحَابُ الْمَسَافَةَ الَّتِي يَقْرُبُ تَوَقُّعُ الْإِصَابَةِ فِيهَا بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا، وَمَا يَتَعَذَّرُ فِيهَا بِمَا فَوْقَ ثَلَاثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَمَا يَنْدُرُ فِيهَا بِمَا بَيْنَهُمَا قَالَ الدَّمِيرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ ذِرَاعُ الْيَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي مَسَافَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (وَ) بَيَانُ (قَدْرِ الْغَرَضِ طُولًا وَعَرْضًا) وَسُمْكًا وَارْتِفَاعًا مِنْ الْأَرْضِ (إلَّا أَنْ يَعْقِدَ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بِخَطِّهِ (بِمَوْضِعٍ فِيهِ غَرَضٌ مَعْلُومٌ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ) وَلَا يُحْتَاجُ لِبَيَانِ قَدْرِ الْغَرَضِ كَمَا مَرَّ فِي الْمَسَافَةِ
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَلَيْهِ يَنْبَغِي عَوْدُهُ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَعْنِي مَسَافَةَ الرَّمْيِ وَقَدْرَ الْغَرَضِ لِيُوَافِقَ تَرْجِيحَ الرَّوْضَةِ الْمُتَقَدِّمَ، وَالْغَرَضُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُرْمَى إلَيْهِ مِنْ خَشَبٍ أَوْ جِلْدٍ أَوْ قِرْطَاسٍ، وَالْهَدَفُ مَا يُرْفَعُ وَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْغَرَضُ وَالرُّقْعَةُ عَظْمٌ وَنَحْوُهُ يُجْعَلُ وَسَطَ الْغَرَضِ، وَالدَّارَةُ نَقْشٌ مُسْتَدِيرٌ كَالْقَمَرِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ قَدْ يُجْعَلُ بَدَلَ الرُّقْعَةِ فِي وَسَطِ الْغَرَضِ أَوْ الْخَاتَمِ وَهُوَ نَقْشٌ فِي وَسَطِ الدَّارَةِ، وَقَدْ يُقَالُ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالرُّقْعَةُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ الْإِصَابَةِ مَعْلُومًا هَلْ هُوَ الْهَدَفُ وَالْغَرَضُ أَوْ الدَّارَةُ؟ فَإِنْ أُغْفِلَ ذَلِكَ كَانَ جَمِيعُ الْغَرَضِ مَحِلًّا لِلْإِصَابَةِ، وَإِنْ شُرِطَتْ الْإِصَابَةُ فِي الْهَدَفِ وَهُوَ تُرَابٌ يُجْمَعُ أَوْ حَائِطٌ يُبْنَى سَقَطَ اعْتِبَارُ الْغَرَضِ، وَلَزِمَ وَصْفُ الْهَدَفِ فِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ، أَوْ فِي الْغَرَضِ لَزِمَهُ وَصْفُهُ أَوْ فِي الدَّارَةِ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْغَرَضِ، وَلَزِمَ وَصْفُ الدَّارَةِ اهـ.
وَلَوْ شَرَطَ إصَابَةَ الْخَاتَمِ أُلْحِقَ بِالنَّادِرِ (وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الرَّمْيِ) أَيْ كَيْفِيَّتَهُ وَإِصَابَةَ الْغَرَضِ (مِنْ قَرْعٍ) بِقَافٍ مَفْتُوحَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَرْعِهِ الْغَرَضَ (وَهُوَ إصَابَةُ الشَّنِّ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا نُونٌ وَهُوَ الْغَرَضُ الَّذِي تُقْصَدُ إصَابَتُهُ، وَأَصْلُهُ الْجِلْدُ الْبَالِي، وَقِيلَ هُوَ جِلْدَةٌ تُلْصَقُ عَلَى وَجْهِ الْهَدَفِ (بِلَا خَدْشٍ) لَهُ (أَوْ) مِنْ (خَزْقٍ) بِخَاءٍ وَزَايٍ مُعْجَمَتَيْنِ (وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَهُ) أَيْ السَّهْمُ الشَّنَّ (وَلَا يَثْبُتَ فِيهِ) بِأَنْ يَعُودَ (أَوْ) مِنْ (خَسْقٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ، ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ (وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ) وَلَوْ مَعَ خُرُوجِ بَعْضِ النَّصْلِ أَوْ مَعَ وُقُوعِهِ فِي ثُقْبٍ قَدِيمٍ، وَلَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَخْرِقُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا (أَوْ) مِنْ (مَرْقٍ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (وَهُوَ أَنْ يَنْفُذَ) وَيَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ: وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشَّنِّ الْمُعَلَّقِ اهـ.
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِهَا وَأَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْخَرْمَ بِالرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ أَنْ
فَإِنْ أَطْلَقَا اقْتَضَى الْقَرْعَ، وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ يَجُوزُ عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ وَبِشَرْطِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْم، فَإِنْ عُيِّنَ لَغَا، وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ بِالرَّمْيِ.
ــ
[مغني المحتاج]
يُصِيبَ طَرَفَ الْغَرَضِ فَيَخْرِمَهُ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلْيُبَيِّنَا صِفَةَ الْإِصَابَةِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَإِنَّ مَا ذُكِرَ صِفَةٌ لَهَا لَا لِلرَّمْيِ فَعَجَبٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ عَبَّرَ فِي التَّنْبِيهِ كَمَا فِي الْكِتَابِ، فَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّحْرِيرِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَعَيُّنُ هَذِهِ الصِّفَاتِ بِالشَّرْطِ، وَلَيْسَ مُرَادًا مُطْلَقًا، بَلْ كُلُّ صِفَةٍ يُغْنِي عَنْهَا مَا بَعْدَهَا، فَالْقَرْعُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَزْقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَالْخَزْقُ يُغْنِي عَنْهُ الْخَسْقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَهَكَذَا إلَى آخِرِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ الْخَزْقِ وَالْخَسْقِ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ حَيْثُ جَعَلَا الْخَازِقَ بِالزَّايِ لُغَةً فِي الْخَاسِقِ بِالسِّينِ، فَهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَلَعَلَّ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ هُوَ عُرْفُ الرُّمَاةِ (فَإِنْ أَطْلَقَا) الْعَقْدَ كَفَى، وَ (اقْتَضَى الْقَرْعَ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ (وَيَجُوزُ عِوَضُ الْمُنَاضَلَةِ مِنْ حَيْثُ) أَيْ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي (يَجُوزُ) مِنْهَا (عِوَضُ الْمُسَابَقَةِ) فَيُخْرِجُ عِوَضَ الْمُنَاضَلَةِ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ، أَوْ أَحَدُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ أَوْ كِلَاهُمَا فَيَقُولُ الْإِمَامُ أَوْ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ ارْمِيَا كَذَا، فَمَنْ أَصَابَ مِنْ كَذَا فَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَيَّ كَذَا، أَوْ يَقُولُ أَحَدُهُمَا نَرْمِي كَذَا فَإِنْ أَصَبْت أَنْتَ مِنْهَا كَذَا فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا، وَإِنْ أَصَبْتهَا أَنَا فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبِشَرْطِهِ) إلَى أَنَّ الْعِوَضَ إذَا شَرَطَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِمُحَلِّلٍ يَكُونُ رَمْيُهُ كَرَمْيِهِمَا فِي الْقُوَّةِ وَالْعَدَدِ الْمَشْرُوطِ يَأْخُذُ مَالَهُمَا إنْ غَلَبَهُمَا وَلَا يَغْرَمُ إنْ غُلِبَ (وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْمُنَاضَلَةِ (تَعْيِينُ قَوْسٍ وَسَهْمٍ) لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرَّامِي بِخِلَافِ الْمَرْكُوبِ فِي الْمُسَابَقَةِ (فَإِنْ عُيِّنَ) شَيْءٌ مِنْهُمَا (لَغَا) ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ (وَجَازَ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ) مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ سَوَاءٌ أَحَدَثَ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَرْكُوبِ كَمَا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " بِمِثْلِهِ " عَنْ الِانْتِقَالِ مِنْ نَوْعٍ إلَى نَوْعٍ كَالْقِسِيِّ الْفَارِسِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالرِّضَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ أَرْمَى (فَإِنْ شُرِطَ مَنْعُ إبْدَالِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ فَاسِدٌ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَأَفْسَدَهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ عَلَى الرَّامِي، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تُحْوِجُهُ إلَى الْإِبْدَالِ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ نَوْعٍ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِي الْمُنَاضَلَةِ عَلَى الرَّامِي كَمَا مَرَّ، فَإِذَا أَطْلَقَا صَحَّ الْعَقْدُ، ثُمَّ إنْ تَرَاضَيَا عَلَى نَوْعٍ فَذَاكَ، أَوْ نَوْعٍ مِنْ جَانِبٍ وَآخَرَ مِنْ جَانِبٍ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ تَنَازَعَا فُسِخَ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ يَنْفَسِخُ، وَلَا تَتَنَاوَلُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الصُّورَةَ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيعَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ لَغَا وَمَا بَعْدَهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي تَعْيِينِ النَّوْعِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ النَّوْعَ، أَمَّا اتِّحَادُ الْجِنْسِ فَيُشْتَرَطُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ كَسِهَامٍ مَعَ رِمَاحٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ (وَالْأَظْهَرُ اشْتِرَاطُ بَيَانِ الْبَادِئِ) مِنْ الْمُتَنَاضِلَيْنِ (بِالرَّمْيِ) لِاشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا فِيهِ حَذَرًا مِنْ اشْتِبَاهِ الْمُصِيبِ بِالْمُخْطِئِ كَمَا لَوْ رَمَيَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَالثَّانِي، لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ
وَلَوْ حَضَرَ جَمْعٌ لِلْمُنَاضَلَةِ فَانْتَصَبَ زَعِيمَانِ يَخْتَارَانِ أَصْحَابًا جَازَ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْيِينِهِمَا بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ اخْتَارَ غَرِيبًا ظَنَّهُ رَامِيًا فَبَانَ خِلَافُهُ
ــ
[مغني المحتاج]
وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَعَلَيْهِ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَةٍ لَهُ تَأَخَّرَ عَنْ الْآخَرِ فِي الْأُخْرَى، وَلَوْ شُرِطَ تَقْدِيمُهُ أَبَدًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْمُنَاضَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي وَالرَّمْيُ فِي غَيْرِ النَّوْبَةِ لَاغٍ، وَلَوْ جَرَى بِاتِّفَاقِهِمَا فَلَا تُحْسَبُ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ أَصَابَ، وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا كَمَا سَبَقَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَوْقِفِ، فَلَوْ شُرِطَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ لِلْغَرَضِ فَسَدَ الْعَقْدُ.
(وَلَوْ حَضَرَ جَمْعٌ لِلْمُنَاضَلَةِ فَانْتَصَبَ زَعِيمَانِ) تَثْنِيَةُ زَعِيمٍ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَوْمِ (يَخْتَارَانِ) قَبْلَ عَقْدِهِمَا مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ (أَصْحَابًا) أَيْ حِزْبًا، وَكَانَ انْتِصَابُهُمَا بِرِضَا ذَلِكَ الْجَمْعِ (جَازَ) وَيَكُونُ كُلُّ حِزْبٍ فِي الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا أَحَدَ الْجَمَاعَةِ، وَلِلْجَوَازِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حِزْبٍ زَعِيمٌ، فَلَا يَكْفِي زَعِيمٌ وَاحِدٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى وَاحِدٌ طَرَفَيْ الْبَيْعِ. الثَّانِي تَعْيِينُ الْأَصْحَابِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَيَخْتَارَانِ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْعَدَدُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جَمْعَ حِزْبِهِ أَوَّلًا لِئَلَّا يَأْخُذَ الْحُذَّاقَ. الثَّالِثُ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الْحِزْبَيْنِ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيّ، وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ لَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ، بَلْ لَوْ رَمَى وَاحِدٌ سَهْمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ اثْنَيْنِ جَازَ. الرَّابِعُ إمْكَانُ قِسْمَةِ السِّهَامِ عَلَيْهِمْ بِلَا كَسْرٍ، فَإِنْ تَحَزَّبُوا ثَلَاثَةً اُشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ لِلسِّهَامِ ثُلُثٌ صَحِيحٌ كَالثَّلَاثِينَ، وَإِنْ تَحَزَّبُوا أَرْبَعَةً فَرُبُعٌ صَحِيحٌ كَالْأَرْبَعِينَ، وَيَجُوزُ شَرْطُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَمَنْ أَحَدِهِمَا، وَمِنْهُمَا، لَكِنْ بِمُحَلِّلٍ، وَهُوَ حِزْبٌ ثَالِثٌ يُكَافِئُ كُلَّ حِزْبٍ فِي الْعَدَدِ وَالرَّمْيِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ تَعْيِينِهِمَا) أَيْ الْأَصْحَابِ (بِقُرْعَةٍ) وَلَا أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدٌ جَمِيعَ الْحِزْبِ أَوَّلًا، لِأَنَّ الْقُرْعَةَ أَوْ الَّذِي اخْتَارَهُ قَدْ يَجْمَعُ الْحُذَّاقَ فِي جَانِبٍ وَضِدَّهُمْ فِي الْآخَرِ فَيَفُوتُ مَقْصُودُ الْمُنَاضَلَةِ، وَلَوْ تَنَازَعَ الزَّعِيمَانِ فِيمَنْ يَخْتَارُ أَوَّلًا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ ضُمَّ حَاذِقٌ إلَى غَيْرِهِ فِي كُلِّ جَانِبٍ وَأُقْرِعَ فَلَا بَأْسَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ رَضِيَا بِمَنْ أَخْرَجَتْهُ، وَعَقَدَا عَلَيْهِ يَنْبَغِي جَوَازُهُ اهـ.
وَبَعْدَ تَمْيِيزِ الْأَصْحَابِ وَتَرَاضِي الْحِزْبَيْنِ يَتَوَكَّلُ كُلُّ زَعِيمٍ عَنْ أَصْحَابِهِ فِي الْعَقْدِ وَيَعْقِدَانِ قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْ يَرْمِي مَعَهُ بِأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا يَعْرِفُهُ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مَعْرِفَةُ الزَّعِيمَيْنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَعْرِفَ الْأَصْحَابُ بَعْضَهُمْ بَعْضًا، وَابْتِدَاءُ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ كَابْتِدَاءِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْحِزْبِ فُلَانٌ وَيُقَابِلَهُ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ كُلِّ حِزْبٍ إلَى زَعِيمِهِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ
تَنْبِيهٌ: أَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّعِيمِ مَعْرِفَةُ كَوْنِ الْحِزْبِ رَامِيًا، بَلْ تَكْفِي الْمُشَاهَدَةُ، وَلِهَذَا قَالَ (فَإِنْ اخْتَارَ) زَعِيمٌ (غَرِيبًا ظَنَّهُ رَامِيًا فَبَانَ خِلَافُهُ) أَيْ لَمْ يُحْسِنْ رَمْيًا
بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ، وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ، وَفِي بُطْلَانِ الْبَاقِي قَوْلَا الصَّفْقَةِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا فَلَهُمْ جَمِيعًا الْخِيَارُ، فَإِنْ أَجَازُوا وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ يَسْقُطُ بَدَلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ.
وَإِذَا نَضَلَ حِزْبٌ قُسِمَ الْمَالُ بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ، وَقِيلَ بِالسَّوِيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّضْلِ،
ــ
[مغني المحتاج]
أَصْلًا (بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ وَسَقَطَ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ وَاحِدٌ) بِإِزَائِهِ لِيَحْصُلَ التَّسَاوِي، كَمَا إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَفِي بُطْلَانِ الْبَاقِي) مِنْ الْحِزْبَيْنِ (قَوْلَا) تَفْرِيقِ (الصَّفْقَةِ) أَظْهَرُهُمَا تُفَرَّقُ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِيهِ (فَإِنْ صَحَّحْنَا) الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي، وَهُوَ الْأَصَحُّ (فَلَهُمْ جَمِيعًا الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ لِلتَّبْعِيضِ (فَإِنْ أَجَازُوا) الْعَقْدَ (وَتَنَازَعُوا فِيمَنْ) أَيْ فِي تَعْيِينِ مَنْ (يَسْقُطُ بَدَلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) لِتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ، هَذَا إذَا قُلْنَا سَقَطَ وَاحِدٌ عَلَى الْإِبْهَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَلَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ، وَالشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ، وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ الَّذِي عَيَّنَهُ الزَّعِيمُ فِي مُقَابَلَتِهِ، لِأَنَّ أَحَدَ الزَّعِيمَيْنِ يَخْتَارُ وَاحِدًا، وَيَخْتَارُ الْآخَرُ وَاحِدًا فِي مُقَابَلَتِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ لِأَنَّ الْإِبْطَالَ مَعَ الْإِبْهَامِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ عُذْرٌ عَظِيمٌ اهـ.
وَعَلَى هَذَا لَا فَسْخَ وَلَا مُنَازَعَةَ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ مُقَابِلُهُ، أَمَّا إذَا بَانَ ضَعِيفَ الرَّمْيِ أَوْ قَلِيلَ الْإِصَابَةِ فَلَا فَسْخَ، وَلَوْ بَانَ فَوْقَ مَا ظَنُّوهُ فَلَا فَسْخَ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ، وَلَوْ اخْتَارَ مَجْهُولًا ظَنَّهُ غَيْرَ رَامٍ فَبَانَ رَامِيًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا. .
تَنْبِيهٌ لَوْ تَنَاضَلَ غَرِيبَانِ لَا يَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ جَازَ، فَإِنْ بَانَا غَيْرَ مُتَكَافِئَيْنِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَوْ لَا؟ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي الْبُطْلَانُ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الشَّرْطِ (وَإِذَا نَضَلَ) أَيْ غَلَبَ فِي الْمُنَاضَلَةِ (حِزْبٌ) مِنْ الْحِزْبَيْنِ الْآخَرَ (قُسِّمَ الْمَالُ) الْمَشْرُوطُ (بِحَسَبِ الْإِصَابَةِ) لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا بِهَا، فَمَنْ لَا إصَابَةَ لَهُ لَا شَيْءَ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ أَخَذَ بِحَسَبِ إصَابَتِهِ (وَقِيلَ) يُقْسَمُ الْمَالُ (بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِأَنَّهُمْ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ كَمَا أَنَّ الْمَنْضُولِينَ يَغْرَمُونَ بِالسَّوِيَّةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَشْبَهَ الْأَوَّلُ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي الْمُحَرَّرِ سَبْقُ قَلَمٍ
تَنْبِيهٌ: مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ شَرَطُوا أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى الْإِصَابَةِ فَالشَّرْطُ مُتَّبَعٌ، وَلَوْلَا أَنَّ الْخِلَافَ مُحَقَّقٌ لَأَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِ الْمَتْنِ عَلَى هَذَا (وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ أَنْ تَحْصُلَ بِالنَّضْلِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ لَا بِالْفَوْقِ مَثَلًا وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَتَرِ مِنْ السَّهْمِ، فَإِنْ أَصَابَ حُسِبَ عَلَيْهِ، لَا لَهُ
فَلَوْ تَلِفَ وَتَرٌ أَوْ قَوْسٌ أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ وَأَصَابَ بِهِ حُسِبَ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ.
وَلَوْ شُرِطَ خَسْقٌ فَثَقَبَ وَثَبَتَ ثُمَّ سَقَطَ، أَوْ
ــ
[مغني المحتاج]
تَنْبِيهٌ: النَّضْلُ بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ بِخَطِّهِ، وَفِي الرَّوْضَةِ بِالْمُهْمَلَةِ: أَيْ بِطَرَفِ النَّصْلِ، وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتُشَوِّشُهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّهْمَ مَتَى وَقَعَ مُتَبَاعِدًا عَنْ الْغَرَضِ تَبَاعُدًا مُفْرِطًا إمَّا مُقَصِّرًا عَنْهُ أَوْ مُجَاوِزًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِسُوءِ الرَّمْيِ حُسِبَ عَلَى الرَّامِي وَلَا يُرَدُّ إلَيْهِ السَّهْمُ لِيَرْمِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِنَكْبَةٍ عَرَضَتْ أَوْ خَلَلٍ فِي آلَةِ الرَّمْيِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ (فَلَوْ تَلِفَ وَتَرٌ) بِانْقِطَاعِهِ حَالَ رَمْيِهِ (أَوْ قَوْسٌ) بِانْكِسَارِهِ حَالَ رَمْيِهِ، لَا بِتَقْصِيرِهِ وَسُوءِ رَمْيِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ (أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ) كَحَيَوَانٍ (انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ وَأَصَابَ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْغَرَضَ (حُسِبَ لَهُ) لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ وَقُوَّتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ) لِعُذْرِهِ فَيُعِيدُ رَمْيَهُ، فَإِنْ قَصَّرَ أَوْ أَسَاءَ رَمْيَهُ حُسِبَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ نِصْفَيْنِ بِلَا تَقْصِيرٍ فَأَصَابَ إصَابَةً شَدِيدَةً بِالنِّصْفِ الَّذِي فِيهِ النَّصْلُ حُسِبَ لَهُ؛ لِأَنَّ اشْتِدَادَهُ مَعَ الِانْكِسَارِ يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ وَغَايَةِ الْحِذْقِ بِخِلَافِ إصَابَتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لَا يُحْسَبُ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ انْكِسَارٌ، وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِالشَّدِيدَةِ أَنَّ الضَّعِيفَةَ لَا تُحْسَبُ.
وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهَا تُحْسَبُ، وَإِنْ أَصَابَ بِالنِّصْفَيْنِ حُسِبَ ذَلِكَ إصَابَةً وَاحِدَةً كَالرَّمْيِ دَفْعَةً بِسَهْمَيْنِ إذَا أَصَابَ بِهِمَا، وَلَوْ أَصَابَ السَّهْمُ الْأَرْضَ فَانْدَلَقَ وَأَصَابَ الْغَرَضَ حُسِبَ لَهُ، وَإِنْ أَخْطَأَ فَعَلَيْهِ.
وَلَوْ سَقَطَ السَّهْمُ بِالْإِغْرَاقِ مِنْ الرَّامِي بِأَنْ بَالَغَ بِالْمَدِّ حَتَّى دَخَلَ النَّصْلُ مِقْبَضَ الْقَوْسِ، وَوَقَعَ السَّهْمُ عِنْدَهُ فَكَانْقِطَاعِ الْوَتَرِ وَانْكِسَارِ الْقَوْسِ، لِأَنَّ سُوءَ الرَّمْيِ أَنْ يُصِيبَ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا (وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ) فِيمَا إذَا كَانَ 973 الشَّرْطُ الْقَرْعَ (فَأَصَابَ) السَّهْمُ (مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ) عَنْ إصَابَتِهِ الْمَشْرُوطَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعَهُ لَأَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْخَزْقَ فَثَبَتَ السَّهْمُ وَالْوَضْعُ فِي صَلَابَةِ الْغَرَضِ حُسِبَ لَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُصِبْ مَوْضِعَهُ (فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الْعَارِضِ قَالَ الشَّارِحُ وَمَا بَعْدُ لَا مَزِيدَ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَوْ أَصَابَ الْغَرَضَ، فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ، لَا لَهُ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمِنْهَاجِ اهـ.
دُفِعَ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَوَجْهُ الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَ إصَابَةِ الْغَرَضِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ يُحْسَبُ عَلَيْهِ حُسِبَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى إذَا لَمْ يُصِبْهُ وَوَجْهُ الدَّفْعِ إمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا طَرَأَتْ الرِّيحُ بَعْدَ رَمْيِهِ فَنَقَلَتْ الْغَرَضَ فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَقْصِيرٌ، وَالرَّوْضَةِ عَلَى مَا إذَا نَقَلَتْهُ قَبْلَ رَمْيِهِ فَنُسِبَ إلَى تَقْصِيرٍ، فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ، أَوْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ مِنْ تَلَفِ وَتَرٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَرَضَ شَيْءٌ انْصَدَمَ بِهِ السَّهْمُ بِخِلَافِ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.
(وَلَوْ شُرِطَ خَسْقٌ) فَرَمَى أَحَدُ الْمُتَنَاضِلَيْنِ السَّهْمَ (فَثَقَبَ وَثَبَتَ، ثُمَّ سَقَطَ أَوْ
لَقِيَ صَلَابَةً فَسَقَطَ حُسِبَ لَهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
لَقِيَ صَلَابَةً فَسَقَطَ) وَلَوْ بِلَا ثَقْبٍ (حُسِبَ لَهُ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، فَلَوْ خَدَشَهُ وَلَمْ يَثْقُبْهُ فَلَيْسَ بِخَاسِقٍ، وَكَذَا إنْ ثَقَبَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْأَظْهَرِ.
خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَإٍ، وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ، وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ، وَتَنْفَسِخُ الْمُنَاضَلَةُ بِمَوْتِ الرَّامِي كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَيَنْفَسِخُ عَقْدُ الْمُسَابَقَةِ بِمَوْتِ الْفَرَسِ، لَا بِمَوْتِ الْفَارِسِ؛ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهَا عَلَى الْفَرَسِ، وَيَتَوَلَّى الْمُسَابَقَةَ الْوَارِثُ عَنْهُ الْخَاصُّ، وَإِلَّا فَالْعَامُّ، وَيُؤَخَّرُ الرَّمْيُ فِي الْمُنَاضَلَةِ لِلْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَنْضُولُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ حُبِسَ عَلَى ذَلِكَ وَعُزِّرَ، وَكَذَا النَّاضِلُ إنْ تَوَقَّعَ صَاحِبُهُ إدْرَاكَهُ، وَيُمْنَعُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ رَمْيِ صَاحِبِهِ مِنْ التَّبَاطُؤِ بِالرَّمْيِ، وَلَا يُدْهَشُ اسْتِعْجَالًا، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْمُسَابَقَةُ أَوْ الْمُنَاضَلَةُ بِالصَّبِيِّ بِمَالِهِ وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهِمَا التَّعَلُّمَ نَعَمْ إنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ وَقَدْ رَاهَقَ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَوَازُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ، لِمَا فِيهِ مِنْ
الْمَصْلَحَةِ
، لَوْ عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ وَدَفَعَا الْعِوَضَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَالْعِوَضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَالْأُجْرَةِ، أَوْ عَقَدَا فِي الْمَرَضِ بِعِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً فَعِوَضُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا وَلَا مُحَابَاةَ فِيهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً فَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ، وَلَا يَجُوزُ بَذْلُ مَالٍ عَلَى حَطِّ الْفَضْلِ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ، وَلَا عَقْدُ الشَّرِكَةِ فِي الْمَالِ الْمَشْرُوطِ لِأَجْنَبِيٍّ فِيمَا غَرِمَ الْمُنَاضِلُ أَوْ غَنِمَ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ وَالْغُنْمَ فِي ذَلِكَ مُسَبَّبَانِ عَنْ الْعَمَلِ، وَهَذَا الْأَجْنَبِيُّ لَا يَعْمَلُ، وَلَا أَنْ تُحْسَبَ لِأَحَدِهِمَا الْإِصَابَةُ بِإِصَابَتَيْنِ، وَلَا أَنْ يُحَطَّ مِنْ إصَابَتِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي، وَلَوْ سَأَلَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ الْمَالِ الْمُلْتَزَمِ عِنْدَ عَدْلٍ وَالْآخَرُ تَرْكَهُ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ عَيْنٌ.
أُجِيبَ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ اخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَدْلًا اخْتَارَ الْحَاكِمُ عَدْلًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ، وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ أَوْ لَا؟ . وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - الثَّانِي، وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَدْلِ وَإِنْ جَرَتْ بِهَا عَادَةٌ كَمَا فِي الْخَيَّاطِ وَالْغَسَّالِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْمُحَلِّلِ لَزِمَ تَوَسُّطُهُ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْمُتَسَابِقَانِ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَيُمْنَعُ أَحَدُهُمَا مِنْ أَذِيَّةِ صَاحِبِهِ بِالتَّبَجُّحِ وَالْفَخْرِ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ حَمْلِ أَحَدِهِمَا فِي يَدِهِ مِنْ النَّبْلِ أَكْثَرَ مِمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَثُّ الْفَرَسِ فِي السِّبَاقِ بِالسَّوْطِ وَتَحْرِيكِ اللِّجَامِ، وَلَا يَجْلُبُ عَلَيْهِ بِالصِّيَاحِ لِيَزِيدَ عَدْوُهُ، لِخَبَرِ «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» . قَالَ الرَّافِعِيُّ وَذُكِرَ فِي مَعْنَى الْجَنَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْنُبُونَ الْفَرَسَ حَتَّى إذَا قَارَبُوا الْأَمَدَ تَحَوَّلُوا عَنْ الْمَرْكُوبِ الَّذِي كُرِهَ بِالرُّكُوبِ إلَى الْجَنِيبَةِ فَنَهَوْا عَنْهُ.