المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب] - مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج - جـ ٦

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب السير

- ‌[مَوَانِعِ الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْل فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ وَمَنْ يَحْرُمُ]

- ‌[فَصْل فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينَ]

- ‌[فَصْل فِي الْأَمَانِ]

- ‌[كِتَاب عَقْد الْجِزْيَةِ لِلْكُفَّارِ]

- ‌[فَصْل أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ لِكُلِّ سَنَةٍ]

- ‌[فَصْل فِي أَحْكَامِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ الزَّائِدَةِ]

- ‌باب الهدنة

- ‌[فَصَلِّ فِي أَحْكَامِ الْهُدْنَةِ]

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الذَّابِحُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الذَّبِيحُ]

- ‌[فَصْلٌ ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَجَرْحُ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ الصَّيْدَ]

- ‌[كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ]

- ‌كِتَابُ الْمُسَابَقَةِ

- ‌كتاب الإيمان

- ‌[فَصَلِّ صِفَةُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَلِفِ عَلَى السُّكْنَى لَا يُقِيمُ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْحَلِفِ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ]

- ‌[فَصَلِّ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ]

- ‌[كِتَابُ النَّذْرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ نَذْرِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هَدْيٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌كتاب القضاء

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِضُ لِلْقَاضِي مِمَّا يَقْتَضِي عَزْلَهُ أَوْ انْعِزَالَهُ]

- ‌[فَصَلِّ آدَابِ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]

- ‌بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ

- ‌[فَصَلِّ الدَّعْوَى بِعَيْنٍ غَائِبَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا]

- ‌[فَصَلِّ ضَابِطِ الْغَائِبِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ]

- ‌باب القسمة

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ شَهَادَةُ الرِّجَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]

- ‌كتاب الدعوى

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَالتَّغْلِيظِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَائِفِ وَبَيَانِ إلْحَاقِهِ النَّسَبَ بِغَيْرِهِ]

- ‌كتاب العتق

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْإِعْتَاقِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ]

- ‌فصل في الولاء

- ‌كتاب التدبير

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْمِ حَمْلِ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا]

- ‌كِتَابُ الْكِتَابَةِ

- ‌[فَصَلِّ فِي لُزُومِ الْكِتَابَةِ وَجَوَازِهَا وَمَا يَعْرِضُ لَهَا]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْكِتَابَةِ الْبَاطِلَةِ وَالْفَاسِدَةِ]

- ‌كتاب أمهات الأولاد

- ‌[خَاتِمَة]

الفصل: ‌[فصل في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب]

[فَصْلٌ] نِسَاءُ الْكُفَّارِ وَصِبْيَانُهُمْ إذَا أُسِرُوا رَقُّوا، وَكَذَا الْعَبِيدُ.

وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ، وَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ، لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ قَتْلٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ بِأَسْرَى أَوْ مَالٍ وَاسْتِرْقَاقٍ،

ــ

[مغني المحتاج]

فِيهَا، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ تُدْفَعَ إلَيْهِ وَلَا تُتْلَفَ، وَإِنْ كَانَ الْخِنْزِيرُ يَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَجَبَ إتْلَافُهُ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. قَالَ: فِي الْمَجْمُوعِ: ظَاهِرُ نَصَّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُتَخَيَّرُ. قَالَ: الزَّرْكَشِيُّ: بَلْ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَدُوٌّ.

[فَصْل فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ]

[فَصْلٌ] فِي حُكْمِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (نِسَاءُ الْكُفَّارِ) أَيْ النِّسَاءِ الْكَافِرَاتُ وَالْخَنَاثَى (وَصِبْيَانُهُمْ) وَمَجَانِينُهُمْ (إذَا أُسِرُوا رَقُّوا) بِفَتْحِ الرَّاءِ: أَيْ صَارُوا أَرِقَّاءَ بِنَفْسِ الْأَسْرِ، فَالْخُمْسُ مِنْهُمْ لِأَهْلِ الْخُمْسِ، وَالْبَاقِي لِلْغَانِمِينَ،؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقَسِّمُ السَّبْيَ كَمَا يُقَسِّمُ الْمَالَ، وَالْمُرَادُ بِالسَّبْيِ النِّسَاءُ وَالْوِلْدَانُ

تَنْبِيهٌ: مَنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ، الْعِبْرَةُ فِيهِ بِحَالِ الْأَسْرِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِمَامُ وَصَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ (وَكَذَا الْعَبِيدُ) لِلْكُفَّارِ، وَلَوْ كَانُوا مُرْتَدِّينَ أَوْ مُسْلِمِينَ صَارُوا أَرِقَّاءَ لَنَا.

تَنْبِيهٌ: عَطْفُ الْعَبِيدِ هُنَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَرِقُّ، فَالْمُرَادُ اسْتِمْرَارُهُ لَا تَجْدِيدُهُ، وَمِثْلُهُمْ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُونَ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ.

تَنْبِيهٌ: لَا يُقْتَلُ مَنْ ذُكِرَ لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ، وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُمَا. فَإِنْ قَتَلَهُمْ الْإِمَامُ وَلَوْ لَشَرِّهِمْ وَقُوَّتِهِمْ ضَمِنَ قِيمَتَهُمْ لِلْغَانِمِينَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ.

(وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ) أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ (فِي) أَسْرَى الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ (الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ) وَهُمْ الذُّكُورُ الْبَالِغُونَ الْعَاقِلُونَ (وَيَفْعَلُ) فِيهِمْ وُجُوبًا بَعْدَ أَسْرِهِمْ (الْأَحَظَّ) لِلْإِسْلَامِ كَالْمَنِّ عَلَيْهِمْ، وَالْأَحَظَّ (لِلْمُسْلِمِينَ) مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ مَذْكُورَةٍ فِي قَوْلِهِ (مِنْ قَتْلٍ) بِضَرْبِ رَقَبَةٍ لَا بِتَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ (وَمَنٍّ) عَلَيْهِمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ (وَفِدَاءٍ) بِكَسْرِ الْفَاءِ مَعَ الْمَدِّ وَبِفَتْحِهَا مَعَ الْقَصْرِ (بِأَسْرَى) مُسْلِمِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ رِجَالٌ أَوْ غَيْرِهِمْ أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ كَمَا بَحَثَهُ شَيْخُنَا (أَوْ مَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ مَالِهِمْ أَوْ مِنْ مَالِنَا فِي أَيْدِيهمْ (وَاسْتِرْقَاقٍ) لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَقَالَ: تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَقَالَ: تَعَالَى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وَقَالَ: تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: 4] أَيْ بِالِاسْتِرْقَاقِ

تَنْبِيهٌ: شَمَلَ إطْلَاقُهُ الِاسْتِرْقَاقَ اسْتِرْقَاقَ كُلِّ شَخْصٍ، وَكَذَا بَعْضُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ: الرَّافِعِيُّ: بِنَاءً عَلَى تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِي وَلَدِ الشَّرِيكِ الْمُعْسِرِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَإِذَا مَنَعْنَا اسْتِرْقَاقَ

ص: 38

فَإِنْ خَفِيَ الْأَحَظُّ حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ.

وَقِيلَ لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ وَكَذَا عَرَبِيٌّ فِي قَوْلٍ.

وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ عَصَمَ دَمَهُ وَبَقِيَ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي،

ــ

[مغني المحتاج]

بَعْضِهِ فَخَالَفَ رِقَّ كُلِّهِ، وَعَلَى هَذَا يُقَالُ لَنَا صُورَةٌ يَسْرِي فِيهَا الرِّقُّ كَمَا يَسْرِي فِيهَا الْعِتْقُ (فَإِنْ خَفِيَ) عَلَى الْإِمَامِ (الْأَحَظُّ) السَّابِقُ (حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الِاجْتِهَادِ لَا إلَى التَّشَهِّي فَيُؤَخَّرُ لِظُهُورِ الصَّوَابِ.

لَوْ بَذَلَ الْأَسِيرُ الْجِزْيَةَ فَفِي قَبُولِهَا وَجْهَانِ. قَالَ: صَاحِبُ الْبَيَانِ: الَّذِي يَقْتَضِيه الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا الْوَجْهَانِ فِي الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَالٌ أَوْ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَأَنْ يَجُوزَ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْلَى. قَالَ: فِي الشَّامِلِ: إذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ حَرُمَ قَتْلُهُ وَتَخَيَّرَ الْإِمَامُ فِيمَا عَدَا الْقَتْلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ، وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ. ثُمَّ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّخْيِيرِ هُوَ فِيمَنْ لَهُ كِتَابٌ. أَمَّا غَيْرُهُ فَأَشَارَ إلَى خِلَافٍ فِي اسْتِرْقَاقِهِ بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ لَا يُسْتَرَقُّ وَثَنِيٌّ) كَمَا لَا يَجُوزُ تَقْرِيرُهُ بِالْجِزْيَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْ جَازَ أَنْ يُمَنَّ عَلَيْهِ وَيُفَادَى جَازَ أَنْ يُسْتَرَقَّ كَالْكِتَابِيِّ (وَكَذَا عَرَبِيٌّ) لَا يَجُوزُ أَيْضًا اسْتِرْقَاقُهُ (فِي قَوْلٍ) قَدِيمٍ لِحَدِيثٍ فِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ، وَقَدْ سَبَى صلى الله عليه وسلم بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَقَبَائِلَ مِنْ الْعَرَبِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ الرِّقَّ كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

تَنْبِيهٌ: لَا تُرَدُّ أَسْلِحَتُهُمْ الَّتِي بِأَيْدِينَا عَلَيْهِمْ بِمَالٍ يَبْذُلُونَهُ لَنَا: كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نَبِيعَهُمْ السِّلَاحَ وَنَرُدَّهَا لَهُمْ بِأُسَارَى مِنَّا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ: اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِمْ وَلِأَنَّ مَا نَأْخُذُهُ خَيْرٌ مِمَّا نَبْذُلُهُ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ يُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ الرَّدُّ بِمَالٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا الْكُفَّارَ الْأَصْلِيِّينَ الْمُرْتَدُّونَ فَيُطَالِبُهُمْ الْإِمَامُ بِالْإِسْلَامِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا فَالسَّيْفُ.

فَرْعٌ: مَنْ اسْتَبَدَّ بِقَتْلِ أَسِيرٍ، إنْ كَانَ بَعْدَ حُكْمِ الْإِمَامِ بِقَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى التَّعْزِيرِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِنْ أَرَقَّهُ الْإِمَامُ ضَمِنَهُ الْقَاتِلُ بِقِيمَتِهِ وَيَكُونُ غَنِيمَةً، وَإِنْ مَنَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ حُصُولِهِ فِي مَأْمَنِهِ ضَمِنَ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ بَعْدَهُ هُدِرَ دَمُهُ، وَإِنْ فَدَاهُ فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ قَبْضِ الْإِمَامِ فِدَاءَهُ ضَمِنَ دِيَتَهُ لِلْغَنِيمَةِ، أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ وَإِطْلَاقِهِ إلَى مَأْمَنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَوْدِهِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَسْرِهِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا وَصَلَ إلَى مَأْمَنِهِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ دِيَتَهُ لِوَرَثَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَوْ أَسْلَمَ أَسِيرٌ) مُكَلَّفٌ لَمْ يَخْتَرْ الْإِمَامُ فِيهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ مَنًّا وَلَا فِدَاءً (عَصَمَ) الْإِسْلَامُ (دَمَهُ) فَيَحْرُمُ قَتْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» وَقَوْلُهُ: وَأَمْوَالَهُمْ " مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْأَسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: " إلَّا بِحَقِّهَا ".

وَمِنْ حَقِّهَا أَنَّ مَالَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَسْرِ غَنِيمَةٌ (وَبَقِيَ) فِيهِ (الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي) مِنْ خِصَالِ التَّخْيِيرِ السَّابِقَةِ، وَهُوَ الْمَنُّ وَالْإِرْقَاقُ وَالْفِدَاءُ؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ بَيْنَ أَشْيَاءَ إذَا سَقَطَ بَعْضُهَا لِتَعَذُّرِهِ لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي كَالْعَجْزِ عَنْ الْعِتْقِ فِي الْكَفَّارَةِ.

تَنْبِيهٌ: إنَّمَا تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ إذَا كَانَ عَزِيزًا فِي قَوْمِهِ، أَوْ لَهُ فِيهِمْ عَشِيرَةٌ وَلَا يَخْشَى الْفِتْنَةَ فِي

ص: 39

وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ وَإِسْلَامُ كَافِرٍ قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ، يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ وَصِغَارَ وَلَدِهِ

لَا زَوْجَتَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ اسْتَرَقَّتْ انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا اُنْتُظِرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تَعْتِقُ فِيهَا.

وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ، وَكَذَا عَتِيقُهُ فِي الْأَصَحِّ.

ــ

[مغني المحتاج]

دِينِهِ وَلَا نَفْسِهِ. أَمَّا إذَا اخْتَارَ الْإِمَامُ قَبْلَ إسْلَامِهِ الْمَنَّ أَوْ الْفِدَاءَ انْتَهَى التَّخْيِيرُ وَتَعَيَّنَ مَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ (وَفِي قَوْلٍ يَتَعَيَّنُ الرِّقُّ) بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ أَسِيرٌ يَحْرُمُ قَتْلُهُ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْمَنُّ وَالْفِدَاءُ كَالصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الصِّبْيَانَ وَالنِّسَاءَ لَمْ يَكُنْ مُخَيَّرًا فِيهِمْ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ (وَإِسْلَامُ كَافِرٍ) مُكَلَّفٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً فِي دَارِ حَرْبٍ أَوْ إسْلَامٍ (قَبْلَ ظَفَرٍ بِهِ) وَهُوَ أَسْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْمُخْتَصَرِ، وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ قَبْلَ أَسْرِهِ وَالظَّفَرِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (يَعْصِمُ دَمَهُ وَمَالَهُ) لِلْخَبَرِ الْمَارِّ (وَ) يَعْصِمُ (صِغَارَ وَلَدِهِ) الْأَحْرَارِ عَنْ السَّبْيِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتْبَعُونَهُ فِي الْإِسْلَامِ، وَالْحَدُّ كَذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا لِمَا مَرَّ، وَوَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ، وَلَوْ طَرَأَ الْجُنُونُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا مَرَّ أَيْضًا، وَيَعْصِمُ الْحَمْلَ تَبَعًا لَهُ، لَا إنْ اُسْتُرِقَّتْ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِ الْأَبِ فَلَا يُبْطِلُ إسْلَامُهُ رِقَّهُ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ. أَمَّا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَلَا يَعْصِمُهُ إسْلَامُ الْأَبِ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْإِسْلَامِ.

وَ (لَا) يَعْصِمُ إسْلَامُ الزَّوْجِ (زَوْجَتَهُ) عَنْ الِاسْتِرْقَاقِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) الْمَنْصُوصِ لِاسْتِقْلَالِهَا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ لَا تَسْتَرِقُّ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ النِّكَاحِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ.

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِحَالٍ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ مَنَعَ إرْقَاقَ زَوْجَتِهِ وَابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ فَكَانَ الْإِسْلَامُ أَوْلَى.

أُجِيبَ بِأَنَّ مَا يُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ الشَّخْصِ بِهِ لَا يَحْصُلُ فِيهِ تَابِعًا لِغَيْرِهِ، وَالْبَالِغَةُ تَسْتَقِلُّ بِالْإِسْلَامِ وَلَا تَسْتَقِلُّ بِبَذْلِ الْجِزْيَةِ (فَإِنْ اسْتَرَقَّتْ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِأَنَّ زَوْجَةَ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الظَّفَرِ أَنَّهَا تَرِقُّ (انْقَطَعَ نِكَاحُهُ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالِ السَّبْيِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ؛ لِامْتِنَاعِ إمْسَاكِ الْأَمَةِ الْكَافِرَةِ لِلنِّكَاحِ كَمَا يَمْتَنِعُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ «أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ» وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَهَا زَوْجٌ (وَقِيلَ إنْ كَانَ) اسْتِرْقَاقُهَا (بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا اُنْتُظِرَتْ الْعِدَّةَ فَلَعَلَّهَا تَعْتِقُ فِيهَا) فَيَدُومُ النِّكَاحُ كَالرِّدَّةِ، وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْفَرْقِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الرِّقِّ يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَأَشْبَهَ الرَّضَاعَ.

(وَيَجُوزُ إرْقَاقُ زَوْجَةِ ذِمِّيٍّ) إذَا كَانَتْ حَرْبِيَّةً: أَيْ تَرِقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ وَيَنْقَطِعُ بِهِ نِكَاحُهُ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ عَصَمَ نَفْسَهُ وَزَوْجَتَهُ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الزَّوْجَةُ الْمَوْجُودَةُ حِينَ الْعَقْدِ فَيَتَنَاوَلَهَا الْعَقْدُ عَلَى جِهَةِ التَّبَعِيَّةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا الزَّوْجَةُ الْمُتَجَدِّدَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلُهَا، أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ زَوْجَتُهُ دَاخِلَةً تَحْتَ الْقُدْرَةِ حِينَ الْعَقْدِ، وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ (وَكَذَا عَتِيقُهُ) الْحَرْبِيُّ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتَرَقَّ فَعَتِيقُهُ أَوْلَى. وَالثَّانِي الْمَنْعُ

ص: 40

لَا عَتِيقَ مُسْلِمٍ

وَزَوْجَتُهُ الْحَرْبِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ إنْ كَانَا حُرَّيْنِ قِيلَ أَوْ رَقِيقَيْنِ.

وَإِذَا أُرِقَّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَسْقُطْ

ــ

[مغني المحتاج]

لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهُ مِنْ الْوَلَاءِ.

(لَا عَتِيقَ مُسْلِمٍ) الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَسْتَرِقُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَرْتَفِعُ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا حَالَ الْعِتْقِ أَمْ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِ الْعَتِيقِ. قَالَ: الْبُلْقِينِيُّ: وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا الْفَرْعِ: أَيْ وَهُوَ مَا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْأَسْرِ، وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ اسْتِرْقَاقَهُ، إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ لَيْسَ عِتْقَ مُسْلِمٍ.

(وَ) لَا (زَوْجَتُهُ) أَيْ الْمُسْلِمِ (الْحَرْبِيَّةُ) فَلَا تَسْتَرِقُّ إذَا سُبِيَتْ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحَيْنِ الْجَوَازَ فَإِنَّهُمَا سَوِيًّا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَةِ الْحَرْبِيِّ إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الْأَصْلِيَّ أَقْوَى مِنْ الْإِسْلَامِ الطَّارِئِ. قَالَ: ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ تَزَوَّجَ بِذِمِّيَّةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْتَحَقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تَسْتَرِقُّ قَوْلًا وَاحِدًا (وَإِذَا سُبِيَ زَوْجَانِ) مَعًا (أَوْ أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (انْفَسَخَ النِّكَاحُ) بَيْنَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَمْ بَعْدَهُ (إنْ كَانَا حُرَّيْنِ) لَمَّا رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُمْ لَمَّا امْتَنَعُوا يَوْمَ أَوْطَاسٍ مِنْ وَطْءِ السَّبَايَا؛ لِأَنَّ لَهُنَّ أَزَوْجًا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] أَيْ الْمُتَزَوِّجَاتُ {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] فَحَرَّمَ الْمُتَزَوِّجَاتِ إلَّا الْمَمْلُوكَاتِ بِالسَّبْيِ، فَدَلَّ عَلَى ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ، وَإِلَّا لَمَا حَلَلْنَ، وَلِعُمُومِ خَبَرِ «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ» إذَا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهِ بَيْنَ الْمَنْكُوحَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّ الرِّقَّ إذَا حَدَثَ زَالَ مِلْكُهَا عَنْ نَفْسِهَا، فَلَأَنْ تَزُولَ الْعِصْمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ أَوْلَى.

تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَحِلُّ الِانْفِسَاخِ فِي سَبْيِ الزَّوْجِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ كَامِلًا، وَاخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ، فَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ أَوْ الْمَنَّ عَلَيْهِ اسْتَمَرَّتْ الزَّوْجِيَّةُ، وَمَحِلُّهُ فِي سَبْيِ الزَّوْجَةِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَافِرًا، فَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ هَلْ تُسْبَى أَوْ لَا؟ ثَانِيهمَا: التَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِمَا حُرَّيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخِرُ رَقِيقًا، وَلَيْسَ مُرَادًا، فَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَهُوَ رَقِيقٌ وَسُبِيَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَهُ انْفَسَخَ أَيْضًا، وَالْحُكْمُ فِي عَكْسِهِ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ أَوْ مُكَلَّفًا وَأَرَقَّهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْ نَفْسِهِ فَزَوْجَتُهُ كَذَلِكَ (قِيلَ: أَوْ رَقِيقَيْنِ) فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لِحُدُوثِ السَّبْيِ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ إذْ لَمْ يَحْدُثْ رِقٌّ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ مِنْ مَالِكٍ إلَى آخَرَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَالْخِلَافُ جَارٍ سَوَاءٌ أَسْلَمَا أَمْ لَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمٌ حَرْبِيًّا فَاسْتَرَقَّ أَوْ دَارِهِ فَغَنِمَتْ كَانَ لَهُ اسْتِيفَاءُ مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْأَمْوَالِ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا تَامًّا مَضْمُونَةً بِالْيَدِ كَأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ، وَكَمَا لَا تُغْنَمُ الْعَيْنُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْمُسْلِمِ لَا تُغْنَمُ الْمَنَافِعُ الْمَمْلُوكَةُ لَهُ، بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَإِنَّهَا تُسْتَبَاحُ وَلَا تُمْلَكُ مِلْكًا تَامًّا، وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْيَدِ.

(وَإِذَا أُرِقَّ) حَرْبِيٌّ (وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ (لَمْ يَسْقُطْ) ؛ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ قَدْ حَصَلَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي إسْقَاطَهُ. أَمَّا إذَا كَانَ لِحَرْبِيٍّ فَيَسْقُطُ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ، وَإِذَا لَمْ يَسْقُطْ

ص: 41