الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع:
استحضار ما ورد في فضل كظم الغيظ من الثواب، وما ورد في عاقبة الغضب من الخذلان العاجل والآجل، عن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:((من كظم غيظاً وهو قادرٌ على أن ينفذه دعاه اللَّه عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيِّره اللَّه من الحور ما شاء)) (1). وهذه الأنواع أدلة ثبوتها واضحة من الكتاب والسنة.
وإذا أراد الداعية أن يزداد حلمه، وتعظم حكمته، فليحرص على الأسباب التي تدعو إلى الحلم، فليعمل بها، وهي عشرة:
1 -
الرحمة بالجهال، فإنها من أوكد أسباب الحلم.
2 -
القدرة على الانتصار؛ وذلك من سعة الصدر، وحسن الثقة.
3 -
الترفع عن السباب، وذلك من شرف النفس وعلو الهمة.
4 -
الاستهانة بالمسيء:
إذا نطق السفيه فلا تجبه
…
فخير من إجابته السكوت
5 -
الاستحياء من جزاء الجواب، وهذا من صيانة النفس وكمال المروءة.
(1) سنن أبي داود في كتاب الأدب، باب من كظم غيظاً 4/ 248 (رقم 4777)، والترمذي، كتاب صفة القيامة، باب حدثنا عبد بن حميد، 4/ 656، (رقم 3495)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب الحلم، 2/ 1400، (رقم 4186)، وانظر: صحيح الترمذي، 2/ 305، وصحيح ابن ماجه، 2/ 407، وصحيح الجامع، 5/ 353، وصحيح أبي داود، 3/ 907.
6 -
التفضل على السّاب، وهذا من الكرم وحب التآلف.
7 -
قطع السباب، وهذا من الحزم، كما قال الشاعر:
وفي الحلم ردع للسفيه عن الأذى
…
وفي الخرق إغراء فلا تك أخرقا
8 -
الخوف من العقوبة على الجواب، وهذا مما يقتضيه الحزم، فقد قيل: الحلم حجاب الآفات.
9 -
الرعاية ليد سالفة، وحرمة لازمة، وهذا من الوفاء وحسن العهد، قال الشاعر:
إن الوفاء على الكريم فريضة
…
واللؤم مقرون بذي الإخلاف
10 -
المكر وتوقع الفرص الخفية، وهذا من الدهاء، وقد قيل: من ظهر غضبه قل كيده.
وقال بعض الشعراء:
ولَلْكفّ عن شتم اللئيم تكرماً
…
أضر له من شتمه حين يشتم (1)
فإذا راعى الداعية الوقاية من الغضب، والعلاج، وهذه الأسباب العشرة كان حليماً بإذن اللَّه - تعالى - وبهذا يحقق ركناً من أركان الحكمة، التي من أوتيها فقد أُوتي خيراً كثيراً.
وينبغي أن يعلم أن الغضب للَّه يكون محموداً، ولا يدخل في الغضب المذموم، فالغضب المحمود يكون من أجل اللَّه، عندما ترتكب حرمات اللَّه، أو تترك أوامره ويستهان بها، وهذا من علامات
(1) انظر: أدب الدنيا والدين لأبي الحسن الماوردي، المتوفى سنة 450هـ، ص214.