الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (1).
5 - عدم مواجهة الداعية أحداً بعينه
عندما يريد أن يؤدبه أو يزجره، مادام يجد في الموعظة العامة كفاية، وهذا من السياسة البالغة في منتهى الحكمة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلك هذا الأسلوب الحكيم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:((ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه، فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليفعل هكذا))، ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض (2).
وفقد صلى الله عليه وسلم ناساً في بعض الصلوات، فقال:((والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً يؤم الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ [يتخلفون عنها] فأحرق عليهم بيوتهم)) (3).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في
(1) سورة التوبة، الآية:128.
(2)
مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد، 1/ 389، (رقم 550).
(3)
البخاري مع الفتح، كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، 2/ 125، (رقم 644)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، 1/ 451، (رقم 651)، وما بين المعقوفين من رواية مسلم.
الصلاة))، فاشتد قوله في ذلك حتى قال:((لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم)) (1).
وصنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً فرخص فيه، فتنزه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخطب، فحمد اللَّه، ثم قال:((ما بال أقوام يتنزهون عن شيءٍ أصنعه، فواللَّه إني لأعلمهم باللَّه وأشدّهم له خشية)) (2).
وقال: ((ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) (3).
وبلغه شرط أهل بريرة رضي الله عنه أن الولاء لهم بعد بيعها، ثم خطب الناس فقال:((ما بال أناس يشترطون شروطاً ليست في كتاب اللَّه، من اشترط شرطاً ليس في كتاب اللَّه فليس له، وإن شرط مائة مرة، شرط اللَّه أحق وأوثق)) (4).
وهذا يدل الداعية على أن من الحكمة عدم مواجهة الناس
(1) البخاري مع الفتح، كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، 2/ 233، (رقم 750).
(2)
البخاري مع الفتح، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب، 10/ 513، (رقم 6101)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب علمه صلى الله عليه وسلم بالله تعالى وشدة خشيته، 4/ 1829، (رقم 2356).
(3)
مسلم، في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، 2/ 1020، (رقم 1401).
(4)
البخاري مع الفتح، كتاب المكاتب، باب ما يجوز من شروط المكاتب، 5/ 187، (رقم 2561)، ومسلم، كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، 2/ 1142، (رقم 1504).